عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 12-28-2009, 09:05 AM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الرابع عشر
( 2 )
بعض آيات من سورة الحجر


قد يتسائل إنسان عن سبب إعراض بعض الناس عن أخلاق الإسلام الفاضلة وآدابه والمعاملات الحضارية التي وردت ؟
هناك أسباب عديدة منها النفس الأمارة بالسوء وإتباع الأهواء الباطلة والتربية إلى غير ذلك من عوامل, ولكن الذي يحرك كل هذه العومل السلبية شياطين الإنس أو الجن , ولكن الإنسان يمكن دفع أذى شياطين الإنس والجن بكل سهوله حيث أنها ليست عوامل إجبار وقهر , فالإنسان بما وضع الله تعالى فيه من إدراك وحرية إختيار يميز بين الخير والشر , قادر على تجنب طرق الشيطان واتباع الطريق المستقيم .
والدليل على ذلك ما أورده الله تعالى لنا عنه خطاب إبليس يوم القيامة للذين اتبعوه:

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ -22 سورة إبراهيم

أما في الدنيا فإن الله تعالى هدانا لطرق الدفاع عن أنفسنا من الشيطان الرجيم.
قال تعالى:

وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 200 إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ - 201 وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ‏ - 202 الأعراف

وقال تعالى:

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ - 98 إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - 99 إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ – 100 النحل

ورد في الحديث الشريف
استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه ، مغضبا قد احمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم كلمة ، لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) . فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لست بمجنون .
الراوي: سليمان بن صرد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6115
خلاصة الدرجة: [صحيح]


وقال تعالى:

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - 36 فصلت

*******

ونعود إلى سورة الحجر و موقف إبليس من أمر السجود لأبينا أدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لكي ندر مدى العداوة من الشياطين للإنسان.

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ -29 فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ -30 إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -31

*****
نعيش اليوم مع بيان تكريم الله تعالى للإنسان من بداية نشئته حيث أمر الله تعالى الملائكة للسجود لأدم فسجدوا إلا إبليس إستكبر وأبى .
ومن تلك اللحظة يتبين لنا مدى العداوة من إبليس للإنسان ,
ومع وضوح تلك الحقيقة إلا أن كثيرا من الناس يقع فريسة للشيطان بطاعته في معصية الله تعالى وترك مبادئ الأخلاق الفاضلة التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى,
قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ – 60 وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ – 61 وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ – 62 يس

أي لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له،

*******

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -26 وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ -27 وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ -29 فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ -30 إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -31 قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -32 قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -33 قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ -34 وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ -35 قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ -36 قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ -37 إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ -38 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ -39 إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ -40 قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ -41 إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ – 42 وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ -43 لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ -44

يذكر تعالى نعمته وإحسانه على أبينا آدم عليه السلام، وما جرى من عدوه إبليس، وفي ضمن ذلك التحذير لنا من شره وفتنته فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ﴾ أي آدم عليه السلام ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ أي: من طين قد يبس بعد ما خمر حتى صار له صلصلة وصوت، كصوت الفخار، والحمأ المسنون: الطين المتغير لونه وريحه من طول مكثه.
﴿وَالْجَانَّ﴾ وهو: أبو الجن أي: إبليس ﴿خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ﴾ خلق آدم ﴿مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ أي: من النار الشديدة الحرارة، فلما أراد الله خلق آدم قال للملائكة: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ جسدا تاما ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ فامتثلوا أمر ربهم.
﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ تأكيد بعد تأكيد ليدل على أنه لم يتخلف منهم أحد، وذلك تعظيما لأمر الله وإكراما لآدم حيث علم ما لم يعلموا.
﴿إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ وهذه أول عداوته لآدم وذريته، قال الله: ﴿يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال: أنا خير من آدم.
﴿قَالَ﴾ الله معاقبا له على كفره واستكباره ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ أي: مطرود مبعد من كل خير، ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ أي: الذم والعيب، والبعد عن رحمة الله، ﴿إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ ففيها وما أشبهها دليل على أنه سيستمر على كفره وبعده من الخير.
﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي﴾ أي: أمهلني ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.
﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ﴾ أي: أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى، حتى يكونوا منقادين لكل معصية. ﴿وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم، ﴿إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ أي: الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم، وإيمانهم وتوكلهم.
قال الله تعالى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ أي: معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.
﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات، بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره أعانهم الله وعصمهم من الشيطان.
﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ فرضي بولايتك وطاعتك بدلا من طاعة الرحمن، ﴿مِنَ الْغَاوِينَ﴾ والغاوي: ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه، والضال: الذي تركه من غير علم منه به.
﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: إبليس وجنوده، ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ كل باب أسفل من الآخر، ﴿لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ﴾ أي: من أتباع إبليس ﴿جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ بحسب أعمالهم. قال الله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ سورة اشعراء
ولما ذكر تعالى ما أعد لأعدائه أتباع إبليس من النكال والعذاب الشديد ذكر ما أعد لأوليائه من الفضل العظيم والنعيم المقيم فقال:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ -45 ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ -46 وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ -47 لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ -48

********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس