الموضوع: تخاريف الشتاء.
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-21-2010, 11:30 PM
نصرة مسلمة نصرة مسلمة غير متواجد حالياً
" مزجت مرارة العذاب بحلاوة الإيمان فطغت حلاوة الإيمان "
 




افتراضي تخاريف الشتاء.

 

تخـاريف ُ الشّتاء
أروى المرشدي .

عندما أكون وحدي أحاول مراراً استبعاد لحظات الحزن تلك التي تباغتني كلما اختليت بنفسي ،
لاأدري لِم َ أشعر أنّها تتحين الفرص لتنقض على سويعات الصفاء ولحظات السعادة اليتيمة التي قد تكون مرت على بابي يوما ً مــا ، متوهمة أنها قد تجد لها سكناً عندي ، ربّما ترى أنه قد يكون للجبل غطاء يحميه من عواصف ورياح الأيام الهوجاء التي لاترحم ، ربما يصمد الجبل ولايتزحزح لكنه حتماً سيؤلمه تناثر بعض من حباته هنا وهناك ،
وربما سقطت على رأس أحدهم فرماه بدعوة ظالمة ظنا ً منه كعادة الجميع أنه تعمد رميه بها ...
وهنا يبدأ الألم بالنزف مخلفاً أخاديد في الأرض لن تطمرها كثبان كل براكين التمرد الناجم عن ثورات الغضب الحانق على كل ماحوله .

وقفت عند الجبل وسألته مرة ألا تتألم ؟؟

هل لأنك جبل ٌ عليك أن تبقى بعيداً عن الهموم أم لأنك جبار ستحضن الهموم داخلك وأنت صامد

تمنيت أن أكون مثله لكني ماتمنيت أن يكون داخلي حجارة

فأنا بدون المشاعر المتحركة لاشيء ،

من السذاجة أن أنظر إلى نفسي والعالم وأبحث عن المثالية

لمْ توجد ولنْ توجد ...

ربما هناك من اقترب منها قليلاً لكنه أبداً لم ينلها كاملة ،
إذن لِم َنكون دائما ً في موقف المتهم أمام من نحب ؟؟
لِم َيطالبنا الغير بكل برود أن نكون فوق كل شيء ، فوق الهموم والأحزان وأكبر من كلمة عطاء وأعمق من معنى الوفاء ومانحن إلا بشر ، لِمَ يجب أن نكون أقوى من كل شيء وهل نحن كذلك ؟ وهل هم كذلك ؟
لكن يبقى حبنا للآخرين يحركنا ويمد ّنا بالقوة ِ على تضميد جرحاتنا النازفة جراء غدرهم ،،
وعلى جبر ماتكسر فينا من مشاعر جميله كنّا نكنّها لهم ذات يوم فتحطمت تحت وطأة التحليق بعيداً أبعد من مساحاتها الخضراء وخارج أسوار الوفاء !
لاأعلم لِم َيؤلمني الغدر أكثر من غيره ؟!
الطعنات كثيرة ومتفاوتة في درجاتها ...
لكن للوفاء عندي شيء آخر ... لم يتحسسه أحدٌ مثلما أتحسسه أنا !
أتحسسه حد المرض ،

حدّ أني أتمنى لو أطالب الآخرين بوضع دستور له تحكمه بنود الأخوّة
ومن يخرقها !! عليه أن يهاجر إلى بلاد لايسكنها سوى الجليد ...
فهو وحده يجمد المشاعر لفترة حتى يطأها شعاع الشمس فتسيل وكأن شيئا لم يكن
وعندما تتحول إلى ماء
يفرح بها صاحبها
فللماء فائدة مهما كان مصدره أو طريقة حصوله عليه !
أما أنا فأرفض وبشدة أن يتحول أي إحساس أعيشه إلى حاله لامرئية لالون لها ولا طعم ولارائحة .
للوفاء رائحة زكية ،
تصلنا ولو عن بعد وإن باعدتنا السنين والهموم
وإن افترقنا
يوماً ما سيستقل زورق النجاة ويصلنا ليقول لنا
هنا كنا ..هنا لعبنا .. هنا كبرنا ....هنا أحببنا ...هنا افترقنا !
وقتها سأعلم أنها لم تكن بِحاراً تلك التي فصلتني عن أحبتني
فمن كان بحّاراً سيصل !!!
لكن عليه أولا ً
أن يجيد سبر أغوار البحر
ويعتلي منصة الوفاء بجدارة
ويسلمني رساله كتب عليها :
وإن كنت ِ بلاوطن
فسأزرع البحر نخيلاً كي لاتشعري بالغربة

ربما تجدون ماكتبته حالة هذيان في لحظة حزن
أو هلوسات قلم مطعون
لكن خبّروني بربّكم ...
كيف يكون من اغتالوا وطنه في ليلة عرس الشهيد ؟؟
بينما الناس مشغولون بالحفل
ذبحوه وعلقوا لحمه للكلاب
كيف يكتب من هجر الإخوة وهجروه ؟
ولمْ يجمعه بهم سوى إشارات غير مرئية تصله بصوت متقطع تتعب أعصابه المتعبة كل ليلة
ولاتبّل شوقه القاتل لرؤيتهم ؟؟!!
كيف يكتب من يعيش الغربة داخل الغربة ؟؟!!
من اغترب وهو في غربته
"تبدو غريبه هذه العبارة " أعلم ذلك
لكن ألستم معي بأن كل ماحولنا غريبٌ ؟؟!!!
فلاتلوموا قلماً
عبثت بأوراقه تخاريف الشتاء
فأبى إلّا أن يدونها قبل رحيله !!


أروى المرشدي
التوقيع

ياليتني سحابة تمر فوق بيتك أمطرك بالورود والرياحين
ياليتني كنت يمامة تحلق حولك ولاتتركك أبدا

هجرة







رد مع اقتباس