الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يُسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ،
ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كُربة من كُرب يوم القيامة ،
ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث : ( وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم
ممن ليس معروفا بالأذى والفساد ،
فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يُستر عليه ، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر
إن لم يخف من ذلك مفسدة ، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله ،
هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت ، وأما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها
فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ، ولا يحل تأخيرها ،
فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ) انتهى من " شرح مسلم "
وروى أبو داود بإسناد صحيح من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود "
قال ابن القيم رحمه الله في بيان معنى ذوي الهيئات : ( قال ابن عقيل : المراد بهم الذين دامت طاعتهم وعدالتهم ،
فزلت بعض الاحايين أقدامه بورطة ،
قلت ( القائل ابن القيم رحمه الله ) :
ليس ما ذكره بالبين ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعبرعن أهل التقوى والطاعة والعبادة بأنهم ذوو الهيئات ، ولا عُهد بهذه العبارة في كلام الله ورسوله للمطيعين المتقين ،
والظاهر أنهم ذوو الأقدار بين الناس من الجاه والشرف والسؤدد ،
فإن الله تعالى خصهم بنوع تكريم وتفضيل على بني جنسهم ،
فمن كان منهم مستورا مشهورا بالخير حتى كبا به جواده ونبا عَضَب صبره وأُديل عليه شيطانه فلا تسارع إلى تانيبه وعقوبته ، بل تُقال عثرته ، ما لم يكن حدا من حدود الله ،
فإنه ينبغي استيفاؤه من الشريف ) انتهى من " بدائع الفوائد "
قال الفقير إلى عفو ربه : فالستر على المسلم واجب بعد تحقق شروط أربعة :
الأول : أن يكون من ذوي الهيئات
الثاني : أن يكون من المشهورين بالخير والصلاح
الثالث : ألا يكون من المجاهرين بالمعاصي
الرابع : ألا يكون ذنبه في حد من حدود الله ما لم يرفع أمره للسلطان
وعليه فإن كان صاحب هذا المنتدى من ذوي الهيئات المشهورين بالصلاح وفعل الخيرات فستره أولى ، ولكن مع زجره ووعظه ، وتحذيره من إفشاء سره وفضح امره ،
فإن لم يرتدع عن فعله ، وتؤمن فتنته وتعديه على أخواته ،
فالواجب على السائلة حفظها الله أن تحذر منه في الحال ،
لئلا يتسبب في فتنة أخواتنا في الله بأنواع المراوغة والاحتيال ،
والله أسأل أن يهدينا وإياه إلى ما يحب ويرضى ، وأن يحفظ أخواتنا في الله من ضعاف القلوب والمرضى ،
فإنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه ،
ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحارث الشافعي ; 08-08-2008 الساعة 08:57 PM
|