الموضوع: اهل البدع
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-14-2008, 10:10 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

سبحان الله
وكأن شيخ الإسلام _رحمه الله_ يعيش الآن بين ظهرانينا ويوجه كلماته لفئة من الناس بعينها تتصدى بدون علم لمحاورة أهل الباطل والزيغ ، فيضرون الدين والعقيدة ويُفسِدون من حيث أرادوا الإصلاح ، وهذا إن طبقناه فإنما نطبقه على كل من يتصدى للرد على أهل البدع وعلى من يتصدى للرد على أهل الكفر والإلحاد ممن ليسوا على ملة الإسلام ، وعلى كل من تصدر لمحاورة من لديه خلل في دينه وعقيدته وإيمانه ، سواءً قلَّ الخلل لديه أو زادَ
فهذا قد تكون نيته بتصديه هي نصرة الإسلام ، ولكن بكل أسف تراه دائماً يكسِر نفسَه ويَكسِر ماوراءَه ، لافتقاده مقومات هذا التصدر .
ولذلك اشترط أهل العلم في من يقوم بهذا أمرَيْن :
الأول أن يتثبت من الإيمان لنفسه قبل أيِّ شيءٍ ؛ حتى لايَضلَّ هو ، والثاني أن يكون مُحيطاً عِلماً ودِرايةً بهذا الباب الذي سيتصدر له ، وبمقدماته ولواحقه وما يُحتَمَلُ أن يقعَ فيه .
وأذكر تقريباً أن في سياق هذه العبارة التي ذكرتموها قال شيخ الإسلام في ختامها : "ولا وَفَّى بمفهوم العِلم والإيمان ، ولا حصَلَ بكلامه الطمأنينة وانشراح الصدور"
ولعلّ كثيراً من أرباب الكلام في الماضي وقعوا في كثيرٍ مما وقعوا فيه بسبب هذا ، فمنهم من تعلم علوم الفلسفة والكلام _وقد ضل الطريقَ قطعاً_ ليذب عن الإسلام وأهله ويتصدى لأهل الكتاب وما إلى ذلك ، ولعلة الجهل ونقص العلم أوقعهم النصارى مثلاً في شبهةِ أن الله تعالى قال في كتابه :
[إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ] {النساء:171} وأن بهذا يكون عيسى هو كلمة الله ، وعليه فيكون عيسى هو الله _تعالى الله عن ذلك_ إذ أن القرآن أيضاً كلام الله ، فاختار أرباب الكلام القول بأن القرآن مخلوق حتى يخرجوا من إقرار النصارى على شركهم _وجهلوا كيف يردون فرية النصارى بقولة حق_ ، وظنوا أنهم بذلك أحسنوا صنيعاً ؛ ولكنهم على الحقيقة قد كلفوا أهل السنة عناءَيْن : عناءَ الرد على النصارى وعناءَ الرد عليهم هُم أنفسهم ودحض بدعتهم هذه .
فمن يتصدى لمثل هذه الأمور بدون عِلمٍ لايأتي من وراءه إلا الضرر للإسلام وأهله ، حيث بسبب تصدره فيما لايحسن قد يستفحل أمرُ أهل البدع والباطل أكثر مِمَّا كان ؛ فكأنه قد أهداهم بجهله مايُكَثِّرون به بِدعَتَهم ويَزيدون به التلبيس على الناس ، وفي هذه الحالة لايكون هناك أدنى وجهٍ تتحصل به الطمأنينة وانشراح الصدور الذي أشار إليه شيخ الإسلام في كلامه (رحمه الله رحمة واسعة) .

جزاكم الله خيراً أختنا الفاضلة وبارك لكم وبكم .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 08-14-2008 الساعة 10:16 AM
رد مع اقتباس