[SIZE=5] موقف من حياة النبى صلى الله علية وسلم عزيز المسلم تعالى نتعرف على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لنقتدي بها وتكون لنا مصابيح في ظلام الجهل والظلم . الحلقة الأولى ـ موقف من مواقف العدل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب روى أبو نعيم في (معرفة الصحابة ) (3133 ) عن حبان بن واسع ، عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفي يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار قال : وهو مستنتل من الصف( ) ، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه ، وقال : « استو يا سواد » فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالعدل ، فأقدني قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « استقد » قال : يا رسول الله إنك طعنتني وليس علي قميص قال : فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه ، وقال : « استقد » قال : فاعتنقه ، وقبل بطنه ، وقال : « ما حملك على هذا يا سواد ؟ » قال : يا رسول الله ، حضرني ما ترى ، ولم آمن القتل ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير ، وقاله ( )وذكره ابن القيم في زاد المعاد (3/627) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2835) فهذه أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وفي أحلك المواقف عند تسوية الصفوف للقتال ، وفعل صدر منه صلى الله عليه وسلم لا يقصد به أذى ، ولم يؤلم سواد ، ورغم ذلك من حقه أن يقتص حتى ولو كان الفاعل هو رسول اللهصلى الله عليه وسلم . فهل يوجد في تاريخ البشر مثل هذا ؟!!! موقف آخر من مواقف عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع يهودي ضد صاحبه : - عَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ : أَنَّهُ كَانَ لِيَهُودِيٍّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ لِي عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَيْهَا فَقَالَ : أَعْطِهِ حَقَّهُ ، قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا ، قَالَ : أَعْطِهِ حَقَّهُ ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا قَدْ أَخْبَرْتُهُ أَنَّكَ تَبْعَثُنَا إِلَى خَيْبَرَ فَأَرْجُو أَنْ تُغْنِمَنَا شَيْئًا فَأَرْجِعُ فَأَقْضِيهِ قَالَ : أَعْطِهِ حَقَّهُ ، قَالَ : وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ ثَلاثًا لَمْ يُرَاجَعْ . فَخَرَجَ بِهِ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةٌ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِبُرْدٍ ، فَنَزَعَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ فَاتَّزَرَ بِهَا وَنَزَعَ الْبُرْدَةَ فَقَالَ : اشْتَرِ مِنِّي هَذِهِ الْبُرْدَةَ فَبَاعَهَا مِنْهُ بِأَرْبَعَةِ الدَّرَاهِمِ فَمَرَّتْ عَجُوزٌ فَقَالَتْ : مَا لَكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَأَخْبَرَهَا ، فَقَالَتْ : هَا دُونَكَ هَذَا بِبُرْدٍ عَلَيْهَا طَرَحَتْهُ عَلَيْهِ.( ) فها هو صلى الله عليه وسلم ينصف يهودي ولو كان الخصم أحد أصحابه . موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع بني النضير وعدله معهم بعد غدرهم ونبذهم للعهد : ـ غدر اليهود من بني النضير ومعاملة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالعدل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود العهود والمواثيق بالأمان ولكن اليهود لا عهد لهم فحين " كتب كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ إِلَى الْيَهُودِ : إِنَّكُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ ، وَإِنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا ، وَلا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسَائِكُمْ شَيْءٌ ـ وَهِيَ الْخَلاخِيلُ ـ ، فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ بِالْغَدْرِ ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلاثِينَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ وَلْيَخْرُجْ مِنَّا ثَلاثُونَ حَبْرًا حَتَّى نَلْتَقِيَ بِمَكَانِ الْمَنْصَفِ فَيَسْمَعُوا مِنْكَ ، فَإِنْ صَدَّقُوكَ وَآمَنُوا بِكَ آمَنَّا بِكَ ، فَقَصَّ خَبَرَهُمْ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونِي عَلَيْهِ ، فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا ، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ ، ثُمَّ غَدَا الْغَدُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْكَتَائِبِ وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ فَعَاهَدُوهُ ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ ، وَغَدَا عَلَى بَنِي النَّضِيرِ بِالْكَتَائِبِ فَقَاتَلَهُمْ ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلاءِ فَجَلَتْ بَنُو النَّضِيرِ وَاحْتَمَلُوا مَا أَقَلَّتْ الإِبِلُ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ وَأَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ وَخَشَبِهَا ، فَكَانَ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَخَصَّهُ بِهَا فَقَالَ : (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) ، يَقُولُ : بِغَيْرِ قِتَالٍ ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَهَا لِلْمُهَاجِرِينَ ، وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ وَقَسَمَ مِنْهَا لِرَجُلَيْنِ مِنْ الأَنْصَارِ ، وَكَانَا ذَوِي حَاجَةٍ لَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ مِنْ الأَنْصَارِ غَيْرِهِمَا وَبَقِيَ مِنْهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي فِي أَيْدِي بَنِي فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ." ( ) وقد أخبر الله تعالى في كتابه عن العدل في القتال فقال سبحانه : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(البقرة: من الآية194) وقال سبحانه في عقاب الخصم : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل:126) فليس المسلم هو الذي يبدأ بالاعتداء على أحد ، ولو فعل فقد خرج عن شرع الله تعالى وصار ظالما . ولو طبق أهل الأرض هذه المبادئ السامية الرفيعة لما اعتدى أحد على أحد ، ولما قاتل الناس بعضهم بعضا . ولما ذهقت أرواح بريئة في حروب ليس فيها غير الدمار والخراب