عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-31-2009, 03:28 AM
أم مريم* أم مريم* غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

4 - الضرورة العقلية :

لا تجد العقول بداً من الإقرار بأن لهذا الكون خالقاً عظيماً؛ لأن العقل يرى الكون مخلوقاً محدثاً، وأنه لم يوجد نفسه، والمحدَث لا بدله من مُحْدِث.
والإنسان يعلم أنه تمر به أزمات ومصائب، وحينما لا يقدر البشر على دفعها فإنه يتجه بقلبه إلى السماء ويستغيث بربه ليفرج همه، ويكشف غمه، وإن كان في سائر أيامه ينكر ربه ويعبد صنمه، فهذه ضرورة لا تدفع، ولابد من الإقرار بها، بل إن الحيوان إذا ألمت به مصيبة رفع رأسه وشخص ببصره إلى السماء. وقد أخبر الله عن الإنسان أنه إذا أصابه ضر أسرع إلى ربه يسأله أن يكشف ضره قال تعالى: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً}([1])، وقال تعالى مخبراً عن حال المشركين: {هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون}([1]

وقال عز من قائل: {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}([2]).
هذا الإله الذي أوجد الكون من عدم، وخلق الإنسان في أحسن تقويم، وركز في فطرته عبوديته والاستسلام له، وأذعنت العقول لربوبيته وألوهيته، وأجمعت الأمم على الاعتراف بربوبيته... لابد أن يكون واحداً في ربوبيته وألوهيته، فكما أنه لا شريك له في الخلق؛ فكذلك لا شريك له في ألوهيته

([1]) سورة يونس، الآية 22،23

([2]) سورة لقمان، الآية 32.



* ينظر لمزيد من التوسع كتاب التوحيد تأليف الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-.
([1]) سورة الزمر، الآية 8.

رد مع اقتباس