عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-24-2008, 03:37 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الكلمة الثالثة في حكم ستر القدمين والساقين
الأصل في هذا قوله تعالى : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِن)(النور: من الآية31) وقد ذكر الشيخ الألباني رحمه الله أن هذا النص : (يدل على أن النساء يجب عليهن أن يسترن أرجلهن أيضا وإلا لاستطاعت إحداهن أن تبدي ما تخفي من الزينة ( الخلاخيل ) ولاستغنت بذلك عن الضرب بالرجل ولكنها كانت لا تستطيع ذلك لأنها مخالفة للشرع مكشوفة ولذلك كانت إحداهن تحتال بالضرب بالرجل لتعلم الرجال ما تخفي من الزينة فنهاهن الله تعالى عن ذلك ) الجلباب ص80 وقد ذكر ابن حزم في المحلى أنها (نص على أن الرجلين والساقين مما يخفى ولا يحل إبداؤه) المحلى (3/216) ويشهد لهذا من السنة ما رواه الترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة :( فكيف يصنعن النساء بذيولهن ؟ قال : ( يرخين شبرا ) فقالت : (إذا تنكشف أقدامهن )ـ وفي رواية عند أحمد ( لا يستر من عورة) وفيها ضعف ـ قال : ( فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه ) وقال الترمذي : ( هذا حديث حسن صحيح )
وروى أحمد (6/299) والترمذي (1732) وغيرهما عن أم سلمة (أن النبي صلى الله عليه وسلم شبر لفاطمة شبرا من نطاقها). قال الحافظ : (للنساء حالان حال استحباب وهو ما يزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الشبر ،وحال جواز بقدر ذراع).الفتح(11/431/الفكر).
وقال الحافظ أيضا في حديث ابن عمر: (سألت عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال من أجل ستر العورة لأن جميع قدمها عورة )الفتح (10\259) وقال ابن عبد البر في التمهيد( 24 \148): (في ذلك دليل على أن قدم المرأة عورة ) وقال البيهقي : (وفي هذا دليل على وجوب ستر قدميها) وقال ابن قدامة في المغني (\1349) :(وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين ) وهو مذهب الشوكاني في نيل الأوطار، ووجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أم سلمة على اعتقادها وجوب ستر القدمين فقد قالت للنبي صلى الله عليه وسلم (إذا تنكشف أقدامهن )
فلو لم تكن عورة لكان بين لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه في مقام البيان ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما هو معلوم في الأصول.
فائدة:
مذهب مالك في هذا موافق لما قلناه، وإليه أشار ابن عاشر رحمه الله في المرشد المعين بقوله :
وما عدا وجه وكف الحرة يجب ستره كما في العورة
ومفهوم كلامه هذا أن القدمين عورة عند المالكية ,وهو الأشبه بمذهب مالك كما قال أبو الحسن ابن القطان الفاسي في (النظر في أحكام النظر /ص67)ووافقه.
وقد صارت النساء اليوم يبدين سوقهن قصدا, وقد كان الصحابيات يكرهن إبداءهن كما روى مسلم (2942/دار إحياء التراث العربي )في قصة فاطمة بنت قيس وتأيمها من حديثها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (قال انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين).!!
وروى أبو داود (4106)عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها قال: وعلى فاطمة رضي الله عنها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال : (إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك) وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (2868) قال ابن كثير في التفسير (3/286): (وقد ذكر الحافظ بن عساكر في تاريخه في ترجمة خديج الحمصي مولى معاوية أن عبد الله بن مسعدة الفزاري كان أسود شديد الأدمة وأنه قد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهبه لابنته فاطمة فربته ثم أعتقته)
قال الشيخ الألباني بعد تخريجه للحديث : (وفي الحديث دليل واضح على جواز كشف البنت عن رأسها ورجليها أمام أبيها ، بل و غلامها أيضا) وقال شمس الحق آبادي في عون المعبود (11/111): (والحديث فيه دليل على أنه يجوز للعبد النظر إلى سيدته وأنه من محارمها يخلو بها ويسافر معها وينظر منها ما ينظر إليه محرمها وهو قول أكثر السلف وذهب الجمهور إلى أن المملوك كالأجنبي بدليل صحة تزوجها إياه بعد العتق وحمل الشيخ أبو حامد هذا الحديث على أن العبد كان صغيرا لإطلاق لفظ الغلام ولأنها واقعة حال)
وخالف هذا السيوطي في الأشباه والنظائر فقال (ص262): (قال الشيخ أبو حامد: الصحيح عند أصحابنا أن لا يكون محرما لها لأن الحرمة إنما تثبت بين الشخصين لم تخلق بينهما شهوة كالأخ والأخت وغيرهما وأما العبد وسيدته فشخصان خلقت بينهما الشهوة. قال: وأما الآية وهي قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهن فقال أهل التفسير فيها المراد بها الإماء دون العبيد وأما الخبر وهو ما رواه أبو داود والبيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد وقد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك فيحتمل أن يكون الغلام صغيرا قال: وهذا الذي صححه الشيخ أبو حامد هو الصواب بل لا ينبغي أن يجري فيه خلاف بل يقطع بتحريمه وكيف يفتح هذا الباب للنسوة الفاسقات مع حسان المماليك الذين الغالب من أحوالهم الفسق بل العدالة فيهم في غاية القلة وكيف يستجيز الإنسان الإفتاء بأن هذا المملوك يبيت ويقيل مع سيدته مكررا ذلك مع ما هما عليه من التقصير في الدين وكل منصف يقطع بأن أصول الشريعة تستقبح هذا وتحرمه أشد تحريم)
وقال القاري في مرقاة المفاتيح (6/261 و262) : (كونه دليلاً غير صحيح فضلاً عن أنه صريح ولعله يحمل على أن العبد كان غير محتلم أو على أنه لم يكن من مظنة الشهوة)
وهذا اختيار ابن قدامة في المغني (7/76) قال : (ولنا ما روى ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سفر المرأة مع عبدها ضيعة رواه سعيد ولأنها لا تحرم عليه على التأبيد ولا يحل له استمتاعها فلم يكن محرما كزوج أختها ولأنه غير مأمون عليها إذ ليست بينهما نفرة المحرمية والملك لا يقتضي النفرة الطبيعية بدليل السيد مع أمته وإنما أبيح له من النظر ما تدعو الحاجة إليه كالشاهد والمبتاع ونحوهما وجعله بعض أصحابنا كالأجنبي لما ذكرناه والصحيح ما قلنا إن شاء الله تعالى)
وناقض هذا مثل ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة (ص690) فقال: (إنما كان العبد بمنزلة المحارم لأنه لا رغبة له في سيدته لجلالتها في عينه ولا لسيدته فيه لحقارته عندها ويعسر التستر بينهما وهذه الصفات كلها معتبرة في المحارم فان القرابة القريبة المحرمة مظنة قلة الرغبة واليأس أحد أسباب قطع الطمع وطول الصحبة يكون سبب قلة النشاط وعسر التستر وعدم الالتفات فلذلك جرت السنة أن الستر عن المحارم دون الستر عن غيرهم)
قلت: ما ذكره من أنها لا رغبة لها فيه لحقارته عندها مردود بما حصل من امرأة العزيز وسيدنا يوسف على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء صلاة الله وسلامه.وكذلك ما ذكره من عدم رغبته فيها لجلالتها. فإن جلالتها عنده تختفي عند أول فرصة تتيحها له, وكم يحكى في هذا من أمور صارت مما يتنادم به الأدباء والشعراء ويطرز به أهل التاريخ تواريخهم.
وممن صرح بكون آية (إلا ما ملكت أيمانكم) خاصة بالإماء سعيد بن المسيد فقد روى مصنف ابن أبي شيبة (4/11)قال : حدثنا أبو أسامة عن يونس بن أبي إسحاق عن طارق عن سعيد بن المسيب قال: (لا تغرنكم هذه الآية (إلا ما ملكت أيمانكم )إنما عنى بها الإماء ولم يعن بها العبيد)
وبعيدا عن هذا كله, فإن له محلا آخر في كتب الخلاف العالي. فإن في الحديث دليلا على عدم جواز أن تظهر المرأة قدميها لأجنبي عنها .لقوله لها: (ليس عليك بأس) فمفهومه : (عليك بأس إن أبديت رأسك وقدميك لغير محارمك وغلامك ) وهذا ما يخص كلمتنا هذه والله أعلم.
ـ تنبيه :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 22 \147 و148) :
( ليس الضابط في ذلك لباسا معينا من جهة نص النبي  أو من جهة عادة الرجال والنساء على عهده بحيث يقال إن ذلك هو الواجب وغيره يحرم فإن النساء على عهده كن يلبسن ثيابا طويلات الذيل بحيث ينجر خلف المرأة إذا خرجت... ثم إن هذا ليس معينا للستر فلو لبست المرأة سراويل أو خفا واسعا صلبا كالموق وتدلى فوقه الجلباب بحيث لا يظهر حجم القدم لكان هذا محصلا للمقصود بخلاف الخف اللين الذي يبدى حجم القدم ) وراجعي للمزيد جلباب المرأة المسلمة للألباني .
فائدة
قد يسأل سائل عن مقدار طول الجلباب الذي تلبسه المرأة أمام الأجانب.هل يجب أن يكون قطعة واحدة سابغا إلى القدمين أو يجوز أن يكون فوق الدرع السابغ إلى الركبتين أو أعلى قليلا بحيث يغطي عجيزة المرأة وفخذيها ويمنع من ظهور حجمها, ويكون الباقي مستورا ببقية الدرع أو بسروال واسع فضفاض غير شفاف ولا وصاف كأنه تنورة ؟ والجواب على هذا على لسان الشيخ الألباني كالتالي : (الجلباب أمر شرعي لكنه معقول المعنى وليس تعبديا محضا , وأريد بهذا الكلام أن أقول أن الجلباب في لغة العرب هو الثوب الواحد الذي يستر البدن كله, فإذا جعل هذا الجلباب قطعتين ,كما هو موجود في بعض البلاد, قسم أعلى وقسم أدنى, قطعتين, ما يضر هذا, لأن الغاية من الجلباب هو ستر بدن المرأة من أن يُرى شيء من عورتها, أو يُحجم بشيء من ثيابها, فلا عليها بعد ذلك أن يكون الجلباب قطعة واحدة أو قطعتين .فإذا فرضنا أن امرأة تلبس سروالا فضفاضا ووضعت الخمار على رأسها ثم ألقت الجلباب عليه وخرجت والسروال تغطي ظاهر قدميها فقد قامت بواجب السترة .) اهـ (من الشريط رقم 400 من سلسلة الهدى والنور ) هذا كلام الشيخ الألباني وعليه هدى ونور !
تنبيه :
تستدل بعض النساء على جواز الاقتصار على السراويل والخمار دون لبس الجلباب والدرع أو القميص كما يفعل كثير من الفتيات والنساء المتزوجات أيضا ظنا منهن أن المقصود بالستر هو ستر الشعر فقط بما روي عن النبي  من حديث أبي هريرة وغيره :( رحم الله المتسرولات من النساء) والحديث رواه عبد الرزاق عن مجاهد بلاغا والدارقطني في الأفراد والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة وهو ضعيف لا يصح كما قال الألباني في صحيح الجامع رقم (3102)، ثم إنه لو صح الحديث لدل على أن تلك السراويل إنما تلبس تحت الجلباب الذي يصل إلى الأرض زيادة في التستر كما في سبب الورود في بعض روايات هذا الحديث إن لم يكن سروالا فضفاضا واسعا كأنه غير مخيط ومفصل!.
لطيفة :
ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (54/50) أنه لما هرب النميري من الحجاج إلى الخليفة عبد الملك بن مروان أنشده أبياتا منها قوله :
يخمرن أطراف البنان من التقى *** ويخرجن جنح الليل معتجرات
فقال له عبد الملك بن مروان :( صدقت هكذا تفعل المرأة الحرة الصالحة المسلمة.)
فانظر كيف جعل عبد الملك بن مروان مبالغة المرأة في تغطية بنان يديها وقدميها دليلا على صلاحها وعلو قدرها.هذا كلام الخلفاء فلا عليك بعد ذلك من كلام السوقة والساقط من بني البشر.


الكلمة الرابعة في حكم لبس الأحذية ذات الكعب العالي
من المخالفات التي ترتكبها كثير من النساء اليوم استعمال ما يسمى بالكعب العالي ، وهو سنة يهودية سلكتها امرأة يهودية قصيرة لتبدو طويلة فيراها عشيقها، فقد روى مسلم (2252) عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة ،فصنعت رجلين من خشب ،فكانت تسير بين امرأتين قصيرتين ،واتخذت خاتما من ذهب ، وحشت تحت فصه أطيب الطيب :المسك ،فكانت إذا مرت بالمجلس ؛حركته فنفح ريحه) والحديث بهذا اللفظ مخرج في الصحيحة للشيخ الألباني برقم (486)
وفي رواية في الصحيحة أيضا (رقم : 591) (إن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصيغ -أو قال :من الصيغة-ما تكلف امرأة الغني.فذكر امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة،واتخذت رجلين من خشب وخاتما له غلق وطبق وحشته مسكا وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين فبعثوا إنسانا يتبعهم فعرف الطويلتين ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب )
وروى عبد الرزاق (3/149/المكتب الإسلامي) عن عائشة قالت كان نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشرفن للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد وسلطت عليهن الحيضة) وصححه الحافظ في الفتح (2/350) وقال : (هذا وإن كان موقوفا فحكمه حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي).
وقد أصبح ضررها اليوم معروفا في الأوساط العلمية والمثقفة . ومما قاله الأطباء عنه أنه يؤدي إلى تصلُّب عضلات الساقين ، وإلى مرض الشَيْرَمان وهو : تشوهات في العمود الفقري ، وانقلاب في الرحم ، والإجهاض ، وإلى جلطة في الوريد أثناء الحمل أو بعد الولادة , وارتخاء عضلات الصدر فيتسبب في تدلي الثديين , وبروز البطن , وآلام أسفل الظهر , وإلى الانزلاق الغضروفي ..) أنظر مجلة الدعوة العدد ( 1206)


الكلمة الخامسة في حكم تغطية الأذنين
هذه من غرائب الفروع في هذا الباب، فإن بعض أهل العلم يرى أن الأذنين ليستا عورة،ومنهم الشيخ المودودي رحمه الله تعالى,علامة باكستان والهند,وأحد رموز الأحزاب الإسلامية المعاصرة المسماة بالحركات والجماعات الإسلامية, وكان هو رئيس إحداها. فقد قال بعد أن ذكر أن الوجه ليس عورة : (أما الوجه فلا يراد به قرص الوجه فقط,بل هو شامل للأذنين أيضا بموجب العرف العام).اهـ منقولا من جلباب المرأة المسلمة لشيخ شيخنا الألباني.وكان الأقرب أن يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم (سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ...) كما فعل الإمام الزهري.نسبه إليه ابن عبد البر في التمهيد (4/37)وغيره . فقد أضاف النبي صلى الله عليه وسلم السمع إلى الوجه, فدل على أن الأذنين من الوجه, والحقيقة أن الإضافة ليست على حقيقتها, إنما هي من قبيل الإضافة بالمجاورة كما قال الشيخ الشنقيطي في شرحه لزاد المستقنع. فما جاور شيئا أعطي حكمه. ويؤيد هذا ما رواه ابن ماجه (رقم 44 3 - 445 ) من حديث عبد الله بن زيد وأبي أمامة وأبي هريرة مرفوعا :( الأذنان من الرأس)، ففي هذا الحديث دليل على أن الأذنين من الرأس، فلا يجوز أن يعطيا حكم الوجه، فكان الواجب على النساء تغطيتهن والله الموفق.

*وقد ضعف الحديث بعض الفضلاء من علماء الحديث كالشيخ الحويني حفظه الله تعالى في (نوح الهديل بكشف ما في سنن أبي داود من التذييل). وعلى القول بضعفه فمن المعلوم أن الله تعالى قد منع من إظهار الزينة ويلزم من ذلك النهي عن إظهار مواضعها والأذنان من ذلك.ولم يستثنهما أحد من السلف والخلف المعروفين بالتحقيق .وقد صح هذا عن ابن عمر موقوفا عليه وهو قول الحسن البصري وقتادة وسعيد بن المسيب وروي ذلك عن أبي أمامة وابن عباس وهو مذهب مالك في المدونة.

*وذهب الإمام أبو محمد ابن حزم في المحلى (2/55) إلى أنهما ليستا من الرأس وإن كان يعتبرهما عورة من المرأة. فقال بعد الإشارة إلى ضعف ما ورد في ذلك على طريقته فإنه من الذين لا يرون التقوية بالمتابعات والشواهد : (لا يختلف أحد في أن البياض الذي بين منابت الشعر من الرأس وبين الأذنين ليس هو من الرأس في حكم الوضوء فمن المحال أن يكون يحول بين أجزاء رأس الحي عضو ليس من الرأس وأن يكون بعض رأس الحي مباينا لسائر رأسه, وأيضا فلو كان الأذنان من الرأس لوجب حلق شعرهما في الحج وهم لا يقولون هذا) وهذا كلام متين جدا .ومهما يكن فإن عدم كونهما من الرأس لا يلزم منه كونهما من الوجه .فلا يقال إنه يجوز إبداؤهما تبعا للوجه عند من يقال بجواز إظهاره.

*ومن طرائف الباب أن بعض الفقهاء كان يأخذ هذا بعين الاعتبار في وضوئه فيمسح أذنيه مع الرأس ثلاثا ويمسحهما وحدهما ثلاثا ويغسلهما مع الوجه ثلاثا خروجا من الخلاف.
قال ابن السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (3/30): (قال القاضي أبو علي البندنيجي في الذخيرة :(حكي عن أبى العباس ابن سريج أنه كان يوصل الماء إلى أذنيه تسع مرات يغسلهما ثلاثا مع الوجه ويمسح عليهما ثلاثا مع الرأس ويفردهما بالمسح ثلاثا)) وزعم الإمام النووي في روضة الطالبين أن ذلك كان منه (1/61) (احتياطا في العمل بمذاهب العلماء فيهما وفعله هذا حسن وقد غلط من غلطه فيه زاعما أن الجمع بينهما لم يقل به أحد ودليل ابن سريج نص الشافعي والأصحاب على استحباب غسل النزعتين مع الوجه مع أنهما يمسحان في الرأس والله أعلم) اهـ

*قال أبو عبد الله : الظاهر أنه اعتداء في الوضوء ومخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله : (هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم) .
وذكر ابن عبد البر في التمهيد (4/37)أن مذهب الشعبي والحسن بن حي وإسحاق بن راهويه أن ما أقبل منهما من الوجه وباطنهما من الرأس !

*وإنما جعلت لهذه المسألة بابا لما ذكرت من مذهب الأستاذ المودودي ولما رأيته من فعل كثير من المسلمات في الهند وباكستان وبعض بلدان جنوب شرق آسيا! فإنهن يلبسن حجابا تبدو منه الأذنان.ولعله أخذ بمذهبه فإنه واسع الانتشار هناك.والله الموفق.


رد مع اقتباس