عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 09-20-2008, 06:40 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

الفضيل بن عياض

أبو على التائب النادم العابد القائم.
كان في أول أمره قاطع طريق، وكان يعشق جارية، فبينما هو ذات ليلة يتسور عليها جداراً إذ سمع قارئاً يقرأ:{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ }[الحديد:16].
فقال: بلى يا رب قد آن، وتاب وصار جبلاً في العبادة.
فكأنما قد نودى:

قل للذي ألف الذنوب وأجرما وغَـدَا عـلى زلاتـه متندما
لاتيأسن واطلب كريماً دائمـا يُولى الجمـيل تَفَضُّلاً وتكرما
يا معشر العاصين جودٌ واسع عند الإله لمـن يتـوب ويندما
يا أيها العبد المسيء إلى متى تفني زمانك في عسـى ولربما
بادر إلى مولاك يا مَن عُـمْرُهُ قد ضاع في عصيانه وتصرما
وأسأله توفيقاً وعـفواً ثم قـل يارب بصِّرني وزِلْ عني العما
أجاب الفضيل ولبى نداء ربه، فارتفع شأنه وعلا قدره حتى إن أمير المؤمنين في الحديث في زمانه سفيان بن عيينة كان إذا التقى به قبَّل يده.
ولم يكن أحد يحسن ما يحسنه الفضيل حتى إن عبد الله بن المبارك الإمام العلم كان إذا سمع وعظ الفضيل قبَّل جبهته وقال: يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك.
كان رحمه الله يقول: " أدركت أقواماً يستحيون من الله سواد الليل من طول الهجعة إنما هو على الجنب فإذا تحرك قال: ليس هذا لك قومى خذى حظك من الآخرة ".
ويسأله بعضهم النصيحة فيخرج لهم من كوة في الدار، والدموع تتقاطر من لحيته، ويقول لهم:
عليكم بالقرآن عليكم بالسنة عليكم بالصلاة
اخف مكانك واحفظ لسانك وعالج بالليل.
هذه نصيحة الفضيل وكأنما جاء من أرض غير التي نعرفها، وخلقٍ صنعوا على عين الله ما رأيناهم وأنى نراهم.
أخذ الفضيل رحمه الله بيد الحسين بن زياد وقال: يا حسين: ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول الرب: { كذب من ادعى محبتي فإذا جنَّه الليل نام عني ؟! أليس كل حبيب يحبُ خلوة حبيبه ؟! ها أنذا مُطَّلِعٌ على أحبائى إذا جَنَّهم الليل، مثلت نفسي بين أعينهم فخاطبوني على المشاهدة، وكلموني على حضورى، غداً أُقِرُّ أعين أحبائى في جناتى }
لقد تاب الفضيل رحمه الله في الليل، فظل قلبه متعلقاً بهذه الساعات الطيبات، يناجي ربه ويدعوه ويبكى ويرتجف .

وهكذا كان الفضيل وعشقه، ولقد جعل من توبته أن يجاور بيت الله الحرام، ولقد صدق الله تعالى فصدقه الله، وأجرى الحكمة على لسانه، وانتفع بعلمه فرحمه الله ورضى عنه.
يتبع ان شاء ربى
رد مع اقتباس