عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-08-2009, 06:47 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

الفرق بين الحياتين

أيها الأحبة! شتان بين من هذه حياته وبين من حياته إنما هي لفرجه وجوفه ومشربه ومأكله، اسألوا الذين لا يعرفون للحياة معنى إلا في شهواتهم هل يشربون شراباً يبقى في أجوافهم لا يتحدق؟ وما الظن لو أن أحدهم شرب شربةً احتبست، وما الظن لو أن أحدهم أكل أكلةً احتبست، وما الظن لو أن أحدهم أُغلقت عليه سبل بدنه فلم يستطع أن يُخرج أو يُدخل شيئاً، أليست هذه حياةٌ قصيرة؟! بلى والله، حياة تافهة، فمن أراد أن يجعل الحياة بالجسوم والرسوم فهي حياة تافهة، سواء افتخر صاحب الحياة فيها بملكه فإن فرعون كان ملكاً ومع ذلك فهو من أهل النار، وإن افتخر فيها بوزارته فإن هامان كان وزيراً ومع ذلك فهو من أهل النار، ومن افتخر بحياته بماله فإن قارون كان من الأثرياء ومع ذلك عد من أهل النار، من افتخر بنسبه فإن أبا لهب من جرثومة قريش ومن عظمتها ومن وسطها وسوائها ومع ذلك قال الله فيه: سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ [المسد:3] إذاً الحياة إنما هي بالقلوب، إنما هي بالأرواح، إنما هي بالتعلق بالله جل وعلا، فـأبو لهب النسيب الرفيع من أهل قريش يقول الله فيه: سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ [المسد:3]، تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ [المسد:1-3] هذا أبو لهب من جرثومة قريش، وأما بلال بن رباح العبد الحبشي، كان مملوكاً اشتراه أبو بكر رضي الله عنه فأعتقه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (يا بلال أخبرني أي عمل ترجوه فإني سمعت دفي نعليك في الجنة) وهو بلال العبد الحبشي الأسود، فإن كانت معاني الحياة بالنسب فأهل لذلك أبو لهب، وإن كانت معاني الحياة بالملك فأهل لذلك الطواغيت من الذين سادوا وشادوا وملكوا، ولكنهم كانوا في كفر بالله وعصيان لأمر الله جل وعلا، لو كانت الحياة بالوزارات لكان هامان من أقرب أهل الأرض منازل، ولو كانت بالأموال لكان قارون والذين جمعوها على نحو ما جمع ملحدين منكرين نعم الله، واقفين بما أوتوا من هذه النعم في صراط الله يصدون عن صراط الله المستقيم لكانوا أسبق بذلك، لكن هذه ليست هي الحياة، إنما الحياة في قلب يتعلق بالله جل وعلا. قيل لـبلال بن رباح: كيف كنت تصبر على حر الرمضاء يا بلال ؟! كيف تصبر والحجر يوضع على ظهرك ويوضع على بطنك وتسحب في الرمضاء، والحجارة تنكب جسدك، كيف كنت تصبر؟ قال: [والله أما إني كنت أجد ألماً عظيماً، ولكني مزجت حرارة الألم بلذة الرضا في ما أرجوه من عند الله فغلب ذلك ما أجد من آلامها] إنه قلب، (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
رد مع اقتباس