عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-31-2009, 09:16 PM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي كيفَ تصنعُ الأدبَ في كتاباتِك ؟

 




كيفَ تصنعُ الأدبَ في كتاباتِكَ ؟


كيفَ تكونُ أديبًا ؟


الأدبُ نعمةٌ عظيمةٌ من نعمِ اللهِ تعالى، وبلا شكَّ أنَّ مَنْ أُعطيها فقد أُعطى خيرًا كثيرًا، وقد قالَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ : " إنَّ مِنَ البيانِ لسحرًا ".

ولا زالَ النّاسُ يعرفونَ للأديبِ والناثرِ والشاعرِ أقدراهم، وَيُعلونَ ذكرهم، ويحفظونَ مكانتهم، وقديمًا قالوا في الأمثالِ: الشعرُ ديوانُ العربِ.




والكلامُ عن أصول ِ الكتابةِ، وتقويةِ الأسلوبِ طويلٌ ذو فصولٍ، ويحتاجُ إلى وقتٍ ذي فُسحةٍ، إلا أنّهُ باتفاقِ علماءِ الأدبِ، يأتي بالقراءةِ الواسعةِ، وبالممارسةِ وكثرةِ الكتابةِ، إضافةً إلى مُحاكاةِ أساليبِ الكُتّابِ الأقدمينَ، والسيرِ على طريقتهم، وانتهاجِ نهجهم، إلى أن تختصَّ بأسلوبٍ خاصٍّ بكَ.




وَمِنَ النّاسِ من لا يكونُ عندهُ ذلكَ الأسلوبُ الحسنُ، ولا الموهبةُ الكتابيّةُ، ولا الحسُّ الأدبيُّ، ولا تكونُ لديهِ ذخيرةٌ من المعلوماتِ حاضرةٌ لديهِ، ولكنّهُ مع كثرةِ البحثِ والقراءةِ وممارسةِ الكتابةِ، يصبحُ شخصًا مطبوعًا على الأدبِ وحسنِ الإنشاءِ.




وهناكَ العديدُ من الكتبِ النافعةِ في مجال ِ النثرِ وأصولهِ:
منها على سبيل ِ المثالِ :


كتابُ المثلِ السائرِ في أدبِ الكاتبِ والشاعرِ، لابنِ الأثيرِ، وهو كتابٌ عظيمُ النفعِ جدًّا، وفيهِ من الفوائدِ وحُسنِ الترتيبِ ما يجعلُ قارئهُ لا يملُّ أبدًا، بل لا أبالغُ لو قلتُ أنّهُ الكتابُ الأوحدُ في هذا البابِ، وعنهُ تتشعبُ بقيّةُ الكتبِ، ومن فَهِمَهُ فقد فُتِحَ عليهِ خيرٌ عظيمٌ في الأدبِ والكتابةِ والنقدِ.



كتابُ: الصناعتينِ، لأبي هلالٍ العسكري، وهو كتابٌ ممتعٌ جدًا، وفيهِ الكثيرُ من طرقِ الكُتَّابِ وطُرقِ استخراجِ المعاني، وكذلكَ كيفيّةُ ممارسةِ النقدِ، والتفضيلِ بينَ المعاني والألفاظِ.



كتابُ : البيانِ والتبيينِ، لأبي عثمان الجاحظِ، وهو كتابٌ فريدٌ في بابهِ، وقد جمعَ أصولاً هامّةً في البلاغةِ والأساليبِ، ولكنّهُ غيرُ مرتّبٍ، ومع ذلكَ فهو مهمٌّ للغايةِ.



أدبُ الكاتبِ، لابن قتيبةَ، وهو كتابٌ جليلُ القدرِ، وأحدُ أربعةِ كتبٍ هي أركانُ الأدبِ العربيِّ، ثانيها الكاملُ لابنِ المبرّدِ، وثالثها البيانُ والتبيينُ -المتقدّمِ ذكرهُ-، ورابعها النوادرُ لأبي علي القالي، وذلكَ بحسبِ كلامِ ابنِ خلدونَ في المقدّمةِ.



وهناك كتبُ الناثرينَ والكُتّابِ، والتي اعتنوا فيها بذكرِ مقالاتِهم وكُتاباتهم، وكانتْ لهم فيها أساليبُ خاصّةٌ، فالقراءةُ في كتبهم تُثري القاريءَ، وتجعلهُ مع مرورِ الوقتِ يكتسبُ من المهارةِ ما يمكنُ تطويرهُ إلى أن يُصبحَ إبداعًا منقطعَ النظيرِ.


ومن أمثلةِ تلكَ الكتبِ:


الإمتاعُ والمؤانسةُ لأبي حيّانٍ التوحيديِّ.


العقدُ الفريدُ لابن عبد ربّهِ.


عيونُ الأخبارِ لابنِ قتيبةَ.


زهرُ الآدابِ وثمرُ الألبابِ للحصريِّ القيروانيِّ.


رسائلُ الجاحظِ المختلفة ولا سيّما كتابُ الحيوانِ فهو ماتعٌ جدًا.


وحي القلم لمصطفى صادقٍ الرافعيِّ، وكذلكَ رسائلهُ إلى أبي ريّةَ، وهو كتابٌ مهمٌّ.


النظراتُ للمنفلوطي، وهو أحدُ العجائبِ في النثرِ، والقاريءُ فيها يقضي لهُ بالفضلِ والتقديمِ على غيرهِ.


من وحي الرّسالةِ لمحمّد حسن الزيّات.


مقالاتُ محمود الطناحي.


ذكرياتُ علي الطنطاوي، وكذلكَ بقيّةُ رسائلهِ ومؤلفاتهِ، ففيها من المتعةِ والأسلوبِ ما لا مزيدَ عليهِ.


في ظلال القرءانِ لسيّد قطب، وكذلكَ جميعُ مؤلفاتهِ وكتبهِ.




فالقراءةُ في هذه الكتبِ تنمّي في الشخص ِ المهارةَ، ولا بدَّ في البدايةِ من محاكاةِ أساليبهم، ومجاراتهم، ومن ثمَّ سوفَ يُصبحُ لديكَ ملكةٌ خاصّةٌ، وأسلوبٌ واضحٌ، وتظهرُ بصمتكَ في جميعِ المواضيعِ، وحتّى لو كانتْ بدايتُكَ ضعيفةً، فإنّكَ مع مرورِ الوقتِ سوفَ تتطوّرُ، وتزدادُ موهبتُكَ، ويوشكُ -عمّا قريبٍ- أن يجعلَ اللهُ لكَ شأنـًا ومكانةً.





وخذْ نصيحةَ الرّافعيِّ لطلاّبِهِ: إِقْرَأْ كُلَّ شَيءٍ يَقَعُ تَحْتَ يَدِكَ.




وزدْ على ذلكَ حفظَ ما تستطيعهُ من أبياتِ شعرٍ ومن حكمٍ ومن أمثالٍ، وَحِفظ القرءانِ أو كثيرٍ منهُ، وكذلكَ أحاديثُ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ فهو جميلٌ وحسنٌ.




ومن أفضلِ كُتبِ الشعرِ: كتبُ المختاراتِ، مثلُ الحماسةِ لأبي تمّامٍ، وللبحتريِّ، وكذلكَ ديوانُ المعاني لأبي هلال العسكريِّ، وكذلكَ مختاراتُ البارودي، وهي من أنفسِ وأجودِ المختاراتِ، وقد كانَ يمدحها الرافعيَّ كثيرًا، بل فضَّلَها على جميعِ كتبِ المختاراتِ الأخرى.




وهناكَ طريقةٌ لطيفةٌ، كانَ يصنعها ابنُ الأثيرِ، وسارَ على طريقتها الرافعيُّ والطنطاويُّ، وهي أن تأخذَ قطعةً صغيرةً، أو بيتَ شعرٍ، وتقرأهُ، ثمّ تحاولَ أن تعبِّرَ عنهُ بعباراتكَ الخاصّةِ بكَ، وهكذا حتى تحذقَ الكتابةَ.



الكلامُ طويلٌ، وذو شجونٍ، وحسبُكَ مِنَ القِلادةِ ما يُحيطُ بالعنقِ، ولعلّكَ مع مرورِ الوقتِ، والصبرِ، والتَّحَمُّلِ، سوفَ تُصبحُ كاتبًا ذا شأنٍ، ولكَ أسلوبٌ تحرصُ النّاسُ على احتذاءهِ والاقتداءَ بهِ، ولكن ما عليكَ سوى الصبرِ والجلدِ والتحمّلِ..




وَقَلَّ مَنْ جَدَّ في أَمْرٍ يُؤَمِّلُهُ ******** وَاسْتَعْمَلَ الْصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالْظَّفَرِ




منقول

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 01-05-2010 الساعة 03:34 AM
رد مع اقتباس