عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 04-07-2012, 01:33 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

من أكبر الكبائر"

السؤال:

أنا فتاةعمري 29 عامًا، تقدم لخطبتي ابن عمي، وهو شابٌّ هادئ وطيِّب، ولكنالمشكلة أنه يقضيحكمًا بالسجن 25 عامًا في قضية قتل، لكن معروف للجميع أنه مظلوم في هذهالقضية.

ولكني أعلم أن هناك قضية أخرى قد ارتكبها فعلاً، فقد أقام علاقة غيرشرعية مع إحدى النساء عندما كان عمره حوالي 18 عامًا.

فأنا حائرة: ماذاأفعل؟ لقد أصبح سنِّي 29 عامًا، وكلما تقدَّم أحدٌ لى يخرج دون عودة؛ فهل هذا الحكمرحمة من ربي به؟

فهو قد تاب وندم على ما فعل، وهو قد أوشك على الخروج وإتمامالزواج، هل أوافق أو أنتظر من هو دون كبائر؟

الجواب:

الحمد للهوالصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
نسأل الله أن ييسِّر لكِ الخير، وأن يرزقكالزوج الصالح الذي يعينك على الخير ويحضُّك عليه، وأن يفرِّج همَّكِ ويزيلكربَكِ.

ونذكِّرُكِ - أيتها الأخت الكريمة - بأن هذه الدنيا دار ابتلاءواختبار، لابد أن يمرَّ فيها الإنسان بأنواع البلايا والاختبارات؛ فهذا يُبتلىبالفقر، وهذا يُبتلى بالمرض، وهذا يُبتلى بموت القريب والحبيب، ومنهم مَنْ هو فيمثل حالِكِ؛ يُبتلى بتأخُّر الزَّواج وإعراض الخُطَّاب لأي سببٍ يُنفِذ الله بهقَدَرَه.

والعاقل مَنْ عرف قيمة الدنيا، وأيقن أنها دار عبور وممرٍّ، ومهماكثرت منغِّصاتها وعظمت مصائبها؛ فإنها مع ذلك لا تستحقُّ أن يتألَّم الإنسان منأجلها، وعلى العاقل أن ينظر إلى حال غيره ممَّن هو أشدُّ بلاءً منه، فإذا فعل ذلك؛فلا شكَّ أنه سيحمد الله على حاله.

وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولاتنظروا إلى مَنْ هو فوقكم؛ فإنه أَجْدَرُ أَلاَّ تزدروا نعمة الله عليكم))؛ رواهابن ماجه وغيره؛ وهو صحيحٌ.

فإذا عملتِ بهذا الحديث؛ ستجدين نفسك - يقينًا - أحسن حالاً من غيرك، وأن كثيرًا من الناس أسوأ حالاً منكِ.

ولذا؛ فإن وصيتنالكِ:
أن تصبري وتحتسبي، وأن تعلمي أن الأمور بيد الله - عزَّ وجلَّ - وأنَّتأخُّر الزواج كغيره من الابتلاءات، ربما يكون خيرًا أعدَّه الله لمَنِ ابتلاه به؛فإن العبد لا يدري أيُّ الأمور خيرٌ: ما يحبُّ، أم ما يكره؟ ولذلك قال الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّواشَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

فلربَّما أحبَّ المرءُ شيئًا وكان فيه هلاكه وعطبه، ولربَّماكره شيئًا وكان فيه نجاته وفوزه؛ لأننا نحكم بمجرَّد علمنا القاصر، والله يقضيبعلمه المحيط الواسع.

وإذا كان عندكِ همٌّ أو وساوس؛ فأكثري من ذكر الله - عزَّ وجلَّ - واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأقبلي على العبادة والأعمالالصالحة الأخرى قدرَ وسعك وطاقتك؛ حتى يزيل الله همَّكِ بقدرته ورحمته.

ومماورد في ذلك؛ الدعاء المشهور المزيل للهمِّ والغمِّ، وهو: ((اللهم إني أَمَتُكَ بنتعبدكَ بنت أَمَتِكَ، ناصيتي بيدكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤكَ. أسألكاللهم بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيْتَ به نفسكَ، أو أنزلته في كتابكَ، أو علَّمته أحدًامن خلقكَ، أو استأثرت به في علم الغيب عندكَ - أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي،ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي وغمِّي))؛ رواه أحمد وابن حبان والحاكم،وصحَّحه الألباني في (السلسلة الصحيحة: 199).

وغير ذلك من الأدعية المأثورةالمبثوثة في كثيرٍ من كتب الأذكار الصحيحة المطبوعة، فذلك يزيل عنكِ ما تجدين منالهموم والغموم - إن شاء الله.

أما بالنسبة للشخص الذي ذكرتِه؛ فلا نستطيعالحكم عليه إلا من خلال كلامكِ عنه، وأنت أدْرَى به منَّا، وإن كان ظاهر حاله لايجعل القلب يطمئنُّ إليه!!

فقد وقع في جريمتين من أعظم الجرائم التي حرَّمهاالله تعالى؛ فكلتاهما مما يتعلق به حقُّ الغَيْر، وعقوبتهما المقرَّرة شرعًا منأغلظ العقوبات.

أما الزِّنا؛ فقد نهى الله عن قرب أسبابه ودواعيه، فضلاً عنالوقوع فيه؛ فقال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَسَبِيلاً} [الإسراء: 32].

قال ابن كثير - رحمه الله -: "يقول تعالى ناهيًاعباده عن الزِّنا، وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَاإِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}؛ أي: ذنبًا عظيمًا، {وَسَاءَ سَبِيلاً}؛ أي: وبئس طريقًاومسلكًا".

وجاء القرآن الكريم بالوعيد الشديد لفاعلها؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَالَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَيَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِمُهَانًا} [الفرقان: 68 - 69].

وأوجب العقوبة في الدنيا على الزاني، فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍوَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَبِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْالْمُؤْمِنِينَ}[النور: 2]، وجاء في الحديث عن النبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((خذوا عنِّي، خذواعنِّي؛ قد جعل الله لهنَّ سبيلاً: البِكْرُ بالبِكْر؛ جَلْدُ مائةٍ ونفيُ سنةٍ،والثَّيِّبُ بالثَّيِّب؛ جَلْدُ مائةٍ والرَّجْمُ))؛ رواه مسلم.

وحرم الله - عزَّ وجلَّ - زواج الزَّاني - سواء كان رجلاً أم امرأةً - على المؤمنين؛ فقالتعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لايَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ}[النور: 3].

وأما القتل؛ فيكفي فيه قول الله تعالى: {وَمَنْيَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَاللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: 93].

هذا إذا كان قد قَتَل فعلاً، أما إذا كان ذلك مما نُسِب إليه كذبًاوزورًا؛ فالأمر يهون، ويجب عليه في هذه الحالة - إذا أردت أن تقبليه زوجًا - أنيتوب إلى الله تعالى؛ فإن الزاني إذا تاب إلى الله توبةً نصوحًا صادقًة، فإن الله - عزَّ وجلَّ - يتوب عليه، ويتجاوز عنه؛ قال الله تعالى بعد ذكر الوعيد لأهل الزِّنا: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُاللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَوَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}[الفرقان: 70 - 71].

فإذا حصلت له التوبة الصادقة، وتيقَّنْتِ منها؛ جاز الزواج منه بعدالإقلاع عن هذه الكبيرة، والندم على ما فات منها، والعزم على عدم العودةإليها.

فمن المعلوم أن الله - جلَّ وعلا - قد شرع لعباده التوبة والإنابةإليه، وحثَّهم عليها، ورغَّبهم فيها، ووعد التائب بالرحمة والغفران، مهما بلغتذنوبه؛ ومن جملة ذلك قوله - جلَّ وعلا -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواعَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىرَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَاتُنْصَرُونَ} [الزمر: 53 - 54]، وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

وإذا غفر الله للعبد، وقَبِلَتوبته، مع قدرته عليه وعلمه به - فينبغي علينا كذلك نحن - المكلَّفين - أن نعينعباد الله على التوبة والتخلُّص من الذنوب والمعاصي؛ بفَتْح أبواب الخير أماموجوههم، وتحفيزهم على العمل الصالح، وتثبيتهم على سبيل التوبة.

لكنناننبِّهُكِ إلى أن التأكُّد من توبته وحسن سلوكه أمرٌ لا بدَّ منه؛ وذلك بالسؤالعنه، وتفقُّد أحواله، والاطِّلاع على سلوكه، ويمكن كل ذلك عن طريق قرنائه أو بعضأقاربه؛ لتتيقَّني من صدق توبته.

أما سؤالكِ عن كون انصراف الخطَّاب عنكِ منرحمة الله بهذا الشخص الذي تحدِّثت عنه؛ فلا نستطيع أن نقول ذلك؛ بل مرجع الأمر إلىعلم الله تعالى - كما سبق وبيَّنا في صدر الجواب - والله الموفِّق والهادي إلى سواءالسبيل،، والله أعلم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس