عن نافع قال: سمع ابن عمر مزماراً،
قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي:
يا نافع هل تسمع شيئا؟
قال: فقلت: لا، قال:
فرفع أصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا،
فصنع مثل هذا
[رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4116)].
وقد زعم قوم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم، إذ لو كان كذلك لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه،
ولأمر ابن عمر نافعا كذلك!
فيجاب بأنه لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهناك فرق بين السامع والمستمع،
قال شيخ الإسلام:
" أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة،
ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا على السماع قالمستمع للقرآن يثاب عليه، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك،
إذ الأعمال بالنيات، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي، لو سمعه السامع بدون قصده لم يضره ذلك " [المجموع 10/78].
قال ابن قدامة:
" والمستمع هو الذي يقصد السماع، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما،
وإنما وجد منه السماع،ولأن بالنبي حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق، وسد أذنيه، فلم يكن ليرجع إلى الطريق،
ولا يرفع أصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه، فأبيح للحاجة "
[المغني 10/173].