هذا الحديث يتمسك به من يحتج بالقدر على فعل المعاصي .
ولكن كيف المخرج من هذا الحديث الذي في الصحيحين ؟
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية
إن آدم عليه الصلاة والسلام فعل الذنب ، وصار ذنبه سبباً لخروجه من الجنة ، لكنه تاب من الذنب ، وبعد توبته اجتباه الله وتاب عليه وهداه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ومن المحال أن موسى عليه الصلاة والسلام وهو أحد أولي العزم من الرسل يلوم أباه على شيء تاب منه ثم اجتباه الله بعد ، وتاب عليه وهداه ، وإنما اللوم على المصيبة التي حصلت بفعله ، وهي إخراج الناس ونفسه من الجنة ، فإن سبب هذا الإخراج هو معصية آدم ، على أن آدم عليه السلام لاشك أنه لم يفعل هذا ليخرج من الجنة حتى يلام ، فكيف يلومه موسى ؟
وهذا وجه ظاهر في أن موسى عليه السلام لم يرد لوم آدم على فعل المعصية ، إنما على المصيبة التي هي من قدر الله ، وحينئذ يتبين أنه لا حجة في الحديث لمن يستدل على فعل المعاصي ، إذ أنه احتج على المصيبة وهي الإخراج من الجنة ، ولهذا قال : أخرجتنا ونفسك من الجنة ولم يقل : عصيت ربك ، فهنا كلام موسى مع أبيه آدم على المصيبة التي حصلت ، وهي الإخراج من الجنة ، وإن كان السبب فعل آدم . وقال رحمه الله : اللوم على المصائب وعلى المعائب إن استمر الإنسان فيها .
|