05-19-2008, 03:18 AM
|
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
|
|
|
|
صفــة العمرة
بسم الله الرحمن الرحيم
صفــة العمرة
ويليها
آداب السـفر
بقلم
سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية / رفحاء
الموقع على الانترنت
www.almotaqeen.net
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فهذه مذكرة جمعت فيها ( صفة العمرة ) مستدلاً لذلك بالكتاب والسنة .
وحيث أن من يريد العمرة لا بد أن يسافر إلى مكة ، فقد ذكرت في نهايتها بعض آداب السفر لكي يتأدب بها المسافر ويكون سفرة من حيث خروجه إلى عودته على نهج النبي .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
بقلم
سليمان بن محمد اللهيميد
الموقع على الإنترنت
www.almotaqeen.net
بســم الله الرحمن الرحيم
صفة العمــرة
فضــل العمرة
العمرة تمحق الذنوب .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) . رواه مسلم
قال النووي :
[ هذا ظاهر في فضيلة العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين ] .
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله : ( تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ) . رواه الترمذي
قال المباركفوري :
( قوله : " فإنهما ينفيان الفقر " أي يزيلانه وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد ، والفقر الباطن بحصول غنى القلب .
قوله : " كما ينفي الكير " وهو ما ينفخ فيه الحداد لإشعال النار للتصفية .
قوله : " خبث الحديد والذهب والفضة " أي وسخهما ) .
قوله : ( تابعوا . . . )
قال ابن القيم :
( ولم يكن في عمره عمرة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وإنما كانت عمره كلها داخلاً إلى مكة ) .
عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي .
عن ابن عباس قال : قال رسول الله : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) وفي رواية : ( حجة معي ) متفق عليه
قال النووي :
( أي تقوم مقامها في الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء ، فإنه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزئه عن الحجة ) .
قال الحافظ ابن حجر :
( قال ابن العربي : حديث العمرة هذا صحيح ، وهو فضل من الله ونعمة ) .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
( وهذا يشمل أول رمضان وآخره ، وأما تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة فهذا من البدع ) .
وقال رحمه الله تعالى :
( فالعمرة في رمضان تعدل حجة كما جاء به الحديث ، ولكن ليس معنى ذلك أنها تجزئ عن الحجة بحيث لو اعتمر الإنسان في رمضان وهو لم يؤد الحج سقطت عنه الفريضة ، لأنه لا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه ) .
العمرة واجبة مرة واحدة في العمر .
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت يا رسول الله ، أعلى النساء جهاد ؟ قال : ( نعم ، عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ) . رواه أحمد وابن ماجه ، قال ابن حجر : إسناده صحيح
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
( فقوله [ عليهن ] ظاهرة في الوجوب ، لأن [ على ] من صيغ الوجوب كما ذكر ذلك أهل أصول الفقه ) .
سنن الإحـرام
الاغتســال .
عن زيد بن ثابت : ( أن النبي تجرد لإهلاله واغتسل ) . رواه الترمذي
والغسل لكل مريد الإحرام ، الذكور والإناث ، الجنب وغير الجنب ، الحائض والنفساء .
الطيب في البدن .
عن عائشة قالت : ( كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) . متفق عليه
الإحرام عقب صلاة فرض .
عن ابن عمر : ( أن النبي أهل دبر صلاة ) . رواه مسلم
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
( ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها ، فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام ، لأنه لم يثبت عن النبي أن للإحرام سنة ) .
التجرد من الملابس المخيطة ولبس ملابس الإحرام .
وهي للرجال رداء يلف به النصف الأعلى من البدن دون الرأس ، وإزار يلف به النصف الأسفل منه .
عن ابن عباس قال : ( انطلق رسول الله من بعد ما ارتحل ، وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ) . رواه البخاري
وقال : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) .
الحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء :
1. أن يبعد عن الترفه .
2. أن يتصف بصفة الخاشع الذليل .
3. أن يتذكر به الموت ولباس الأكفان .
4. أن يتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة .
أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة .
والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين .
لحديث ابن عباس قال : قال رسول الله : ( البسوا من ثيابكم البياض وكفنوها موتاكم فإنها من خير ثيابكم ) . رواه الترمذي
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
السنة أن يتطيب في بدنه ، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها ، وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها .
ليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة ، بل تلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين .
يجوز للمرأة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى ، سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة .
لا بأس بغسل ملابس الإحرام ، ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة .
من أخطاء بعض الناس عند الإحرام الاضطباع ( وهو إخراج الكتف الأيمن وجعل طرفي الرداء تحت ابط اليد اليسرى ) وهذا خطأ فالاضطباع خاص بالطواف وليس أي طواف بل في طواف القدوم خاصة وطواف العمرة .
المواقيـت
الميقات : هو المكان الذي يحرم منه الحجاج .
والمواقيت هي :
[ ذو الحليفة : لأهل المدينـة ] ، [ الجحفة : لأهل الشـام ] ، [ قـرن المنازل : لأهل نجد ] [ يلملم : لأهل اليمن ] ، [ ذات عرق : لأهل العراق ] .
عن ابن عباس أن رسول الله : ( وقت لأهل المدينة ذو الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ) . متفق عليه
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي : ( وقت لأهل العراق ذات عرق ) . رواه أبو داود
هذه المواقيت لأهلها ولمن مرّ عليها من غير أهلها .
لقوله : ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق عليه
من كان منزله دون الميقات فميقاته من منزله .
لقوله : ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ) .
( وأما من كان في مكة وأراد العمرة فميقاته من الحل ، لأن النبي أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة إلى الحل لتحرم منه ) . متفق عليه
يجب الإحرام من هذه المواقيت لمن يريد الحج والعمرة .
لقوله : ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق عليه
( أن من جاوز الميقات وهو يريد الإحرام : فإنه يجب عليه أن يرجع ويحرم من الميقات ولا شيء عليه ، فإن لم يرجع إلى الميقات فإنه يحرم من مكانه ويذبح فدية في مكة يوزعها على فقراء مكة ) .
من كان بمكة فميقاته للعمرة من الحل .
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله دعا بعبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ( أخرج باختك من الحرم فلتهل بعمرة ) . متفق عليه
قال النووي :
( إنه دليل لما قاله العلماء أن من كان بمكة وأراد العمرة فميقاته لها أدنى الحل ولا يجوز أن يحرم بها من الحرم . . . قال العلماء : وإنما وجب الخروج إلى الحل ليجمع في نسكه بين الحل والحرم كما أن الحاج يجمع بينهما فإنه يقف بعرفات وهي في الحل ثم يدخل مكة للطواف وغيره ) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
العمرة ليس لها ميقات زمني ، تفعل في أي يوم من أيام السنة ، لكنها في رمضان تعدل حجة .
من جاء عن طريق الجو فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .
في تقدير النبي هذه المواقيت وتحديدها معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته ، فقد حددها ووقتها وأهلها لم يسلموا ، إشعاراً منه بأن أهل هذه الجهات سيسلمون ويحجون ويحرمون منها وقد كان ولله الحمد .
محظــورات الإحــرام
وهي ما يحرم على المحرم فعله .
أولاً : ما يختص بالذكر :
لبس المخيط : وهو كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه أو على عضو منه .
عن ابن عمر قال : قال رسـول الله : ( لا يلبس المحـرم القميص ولا البرانس ، ولا السراويل ) . متفق عليه
[ القميص ] جمع قميص ، وهو ما يفصل على هيئة البدن مخيطاً أو غير مخيطاً .
[ البرانس ] جمع برنس ، وهو ثوب رأسه منه ملصق به ، يلبسه الآن المغاربة .
تغطية الرأس بملاصق :
لحديث ابن عمر السابق قال : قال رسول الله : ( لا يلبس المحرم العمائم . . . ) . متفق عليه
قوله ( بملاصق ) يشمل الطاقية والغترة .
أما غير الملاصق كالخيمة والشجرة والشمسية فلا بأس .
ثانياً : ما يحرم على الذكر والأنثى :
إزالة شعر الرأس : ( وألحق العلماء به بقية شعر البدن ) .
قال تعالى : ﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ .
( وألحق العلماء به إزالة الظفر من اليدين أو الرجلين ) .
استعمال الطيب في بدنه أو ثوبه :
عن بن عباس قال : ( وقصت رجل محرم ناقته فقتلته ، فأتي به رسول الله فقال : اغسلوه بماء وسدر ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب ) . متفق عليه
قال النووي :
( وسبب تحريم الطيب أنه داعية إلى الجماع ، ولأنه ينافي تذلل الحاج ، فإن الحاج أشعث أغبر ، وسواء في تحريم الطيب الرجل والمرأة ) .
لبس القفازين : ( وهما شراب اليدين ) .
قال رسول الله في المرأة المحرمة : ( ولا تلبس القفازين ) . رواه البخاري
فدية هذه المحظورات على التخيير بين :
صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاة .
عن كعب بن عجرة قال : ( حملت إلى رسول الله والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الوجع بلغ بك ما أرى ، فقال : احلق رأسك ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو اذبح شاة ) . متفق عليه
ثالثاً : ما يحرم على الأنثى :
النقاب : ( وهو ستر الوجه مع وضع فتحة لعينها تنظر منها ) .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله : ( ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) . متفق عليه
ومن محظورات الإحرام :
عقد النكاح . ( وليس فيه فدية ) .
عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله : ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ) . متفق عليه
الجماع في الفرج .
إذا وقع الجماع قبل الطواف تفسد العمرة باتفاق أهل العلم ، نص على ذلك ابن رشد وابن عبد البر والشنقيطي .
قتل الصيد :
والصيد : كل حيوان بري حلال متوحش طبعاً كالضباع والأرانب والحمام .
لقوله تعالى : ﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً ﴾ .
وقوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ .
فاعل المحظورات لا يخلو من ثلاث حالات :
1. أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر : فهذا عليه الإثم والفدية .
2. أن يفعله لحاجة : فهذا ليس عليه إثم وعليه فدية .
3. أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان : فهذا لا إثم عليه ولا فدية .
لقوله تعالى : ﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ .
وقال رسول الله : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
لا بأس للمحرم أن يلبس الخاتم ، والساعة ، ونظارة العين ، وسماعة الأذن وغيرها .
ثم يقول : لبيك عمرة ، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك . . .
التـلبيــة
صفتها :
عن ابن عمر أن تلبية رسول الله : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) . متفق عليه
وهذه التلبية عظيمة جداً .
أطلق عليها جابر بن عبد الله التوحيد في قوله في صفة حج النبي : ( حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد ) . رواه مسلم
يلبي إذا استوت به راحلته .
عن ابن عمر أن النبي : ( كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : لبيك اللهم لبيك . . . ) . متفق عليه
يستحب رفع الصوت بالتلبية .
عن السائب بن خلاد قال : قال رسول الله : ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ) . رواه أبو داود
وعن ابن عمر : ( أن النبي سئل أي الحج أفضل فقال : العج والثج ) . رواه ابن ماجه
ولأن رفع الصوت بها إظهار لشعائر الله وإعلان بالتوحيد .
العج : رفع الصوت بالتلبية . الثج : نحر الهدي .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
والمرأة تلبي سراً بقدر ما تسمع رفيقتها [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
ويستمر في التلبية من الإحرام إلى أن يشرع في الطواف .
من الأخطاء في التلبية أن تكون جماعية بصوت واحد ، وهذا لم يرد في الشرع .
ومن أخطاء بعض المعتمرين عدم الاهتمام في التلبية إما كسلاً أو جهلاً بفضلها .
لا يجوز أن يقول عند النية : اللهم إني أريد العمرة ، فلا يجـوز التلفظ بالنية ، لأن هذا لم يرد عن النبي .
دخول المسجد الحرام والطواف
يسن أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول .
عن أنس بن مالك قال : ( من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى ، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ) . رواه الحاكم
وأن يقول الدعاء الوارد عند دخول المسجد .
عن أبي أسيد بن حضير قال : قال رسول الله : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك ) . رواه أبو داود
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي أنه كان إذا دخل المسجد قال : ( أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسـلطانه القديم من الشـيطان الرجيم ، قال : فإذا قال ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم ) . رواه أبو داود
ثم يبدأ بالطواف ويكون على وضوء .
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ( أن النبي أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت ) . متفق عليه
قال النووي :
( فيه دليل لإثبات الوضوء للطواف ، لأن النبي فعله ثم قال : " لتأخذوا عني مناسككم " ، وقد أجمعت الأئمة على أنه يشرع الوضوء للطواف ، ولكن اختلفوا في أنه واجب وشرط لصحته أم لا ، فقال مالك والشـافعي وأحمد والجمهور : هو شـرط لصحة الطواف واحتجوا بهـذا الحديث مع حديث " خذوا عني مناسككم " يقتضيان أن الوضوء واجب ، لأن كل ما فعله هو داخل في المناسـك ، فقد أمـرنا بأخـذ المناسـك ... ) .
ثم يقصد الحجر الأسود .
[ فيستلمه ويقبله ] ، فإن لم يتمكن [ يستلمه بيده ويقبل يده ] فإن لم يتمكن [ يشير إليه ولا يقبل يده ]
عن جابر بن عبد الله في صفة حج النبي قال : ( حتى إذا أتينا البيت استلم الركن اليماني ) . رواه مسلم
وعن أبي الطفيل قال : ( رأيت رسول الله يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجنٍ معه ، ويقبل المحجن ) . رواه مسلم
وعن عمر أنه قبل الحجر الأسود فقال : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك ) . متفق عليه
( في هذه فائدة : وهي أن مشروعية تقبيل الحجر الأسود واستلامه تعظيماً لله واتباعاً للرسول لا لكونه حجراً )
يقول عند الحجر الأسود الوارد .
عن نافع قال : كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال : ( بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، واتباعاً لسنة نبيك محمد ) . رواه الطبراني
( أما بقية الأشواط فإنه يكبر كلما حاذى الحجر اقتداءً بالنبي ) .
يبدأ بالطواف جاعلاً البيت عن يساره ( سبع مرات ) .
لحديث جابر في صفة حج النبي : ( أن رسول الله لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يساره ) . رواه مسلم
يستلم الحجر والركن اليماني في كل شوط .
عند استلام الركن اليماني لا يقل شيئاً ، لا تكبير ولا غيره ، لأن ذلك لم يرد .
ليس للطواف ذكر خاص ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(وليس فيه ذكر محدد عن النبي لا بأمره ولا بقوله، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ).
إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول الوارد .
عن عبد الله بن السائب قال : سمعت رسول الله يقول ما بين الركنين :
( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . رواه أبو داود
يسن في الطواف الاضطباع .
وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .
عن ابن عباس : ( أن رسول الله وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت أباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى ) . رواه أبو داود
ويسن في الطواف الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى .
عن جابر في صفة حج النبي قال :( أن رسول الله لما قدم مكة أتى الحجر فاسـتلمه ثم مشـى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشـى أربعاً ) . رواه مسلم
ويكون من الحجر إلى الحجر .
عن ابن عمر : ( أن رسول الله رمل من الحجر إلى الحجر ) . رواه مسلم
يحرم أن يطوف عريان .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( لا يطوف بالبيت عريان ) . متفق عليه
قال النووي :
( هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة ) .
يحرم على الحائض أن تطوف بالبيت .
لقوله لعائشة لما حاضت : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) . متفق عليه
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
إذا أقيمت الصلاة والإنسان يطوف سواء طواف عمرة ، أو طواف حج ، أو طواف تطوع فإنه ينصرف من طوافه ويصلي ، ثم يرجع ويكمل الطواف ، ولا يستأنفه من جديد ، ويكمل الطواف من الموضع الذي انتهى إليه من قبل ، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد ، لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليل شرعي [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
من أخطاء بعض المعتمرين الحرص على تقبيل الحجر الأسود لا بقصد التأسي برسول الله ولكن لاعتقاد أنه ينفع أو يضر ، وهذا شرك .
ومن الأخطاء في الطواف تخصيص كل شوط بدعاء معين وهذا لا أصل له .
ومن الأخطاء مزاحمة الناس لأجل الوصول إلى الحجر لتقبيله مما يؤدي إلى الأذية والسب والشتم وذهاب الخشوع .
الصلاة خلف مقام إبراهيم
بعد الانتهاء من الشوط السابع يصلي ركعتين خلف المقام .
قال جابر في صفة حج النبي : ( . . . ثم أتى مقام إبراهيم فصلى . . . ) . رواه مسلم
ثم يقرأ في الأولى بالكافرين والثانية بالإخلاص .
قال جابر في صفة حج النبي : ( . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، فجعل المقام بينه وبين البيت وقرأ في الركعتين : قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون ) . رواه مسلم
ثم يرجع إلى الركن فيستلمه إن تيسر له ذلك .
قال جابر في صفة حج النبي : ( ثم رجع إلى الركن فاستلمه ) . رواه مسلم
ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منه .
عن جابر : ( أن النبي رمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر ، وصلى ركعتين ثم عاد إلى الحجر ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ) . رواه أحمد
وقد قال في ماء زمزم :
( ماء زمزم لما شرب له ) . رواه أحمد
وقال أيضاً :
( إنها مباركة وهي طعام طعم ) . رواه مسلم
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
من أخطاء بعض المعتمرين اعتقاد أن ركعتي الطواف لا تصح إلا خلف مقام إبراهيم فيتزاحمون لأجل أدائها في هذا الموضع .
ومن الأخطاء التمسح بمقام إبراهيم بعد أداء ركعتي الطواف .
الســعي
ثم بعد ذلك يعود أدراجه ليسعى بين الصفا والمروة ويبدأ من الصفا .
قال جابر في صفة حج النبي : ( . . . ثم خرج إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقى عليه حتى رأى البيت ، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ) . رواه مسلم
ثم ينزل ليسعى .
قال : ( اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي ) . رواه أحمد
فإذا بلغ العلم الأول سعى سعياً شديداً إلى العلم الآخر الذي بعده ، ثم بعد العلم الثاني يمشي مشياً عادياً حتى يأتي المروة .
فإذا أتى المروة صـعد عليها ويصـنع فيها ما صـنع على الصـفا من اسـتقبال القبلة والتكبير والتوحيد والدعاء ـ وهذا شوط .
ثم بعد ذلك يعود حتى يرقى على الصفا ـ وهذا شوط ثاني ، ثم يعود إلى المروة ، حتى يتم له سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة .
ويدعو أثناء السعي بما يريد .
لقوله : ( إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله ) . رواه الترمذي
وإن دعا بقوله :
( ربِّ اغفر وارحم ، إنك أنت الأعز الأكرم ) فلا بأس .
يشترط أن يبدأ بالصفا .
فإن بدأ بالمروة لم يعتد بذلك الشوط .
لأن النبي بدأ بالصفا وقال : ( نبدأ بما بدأ الله به ) . رواه مسلم
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
لا تشترط الطهارة للسعي .
من أخطاء بعض المعتمرين الاضطباع حال السعي ، وهذا خطأ ، فالاضطباع خاص بالطواف .
ومن الأخطاء الاستمرار في السعي حتى ولو أقيمت الصلاة ، وهذا خطأ ، فالواجب أداء الصلاة مع الجماعة والوقوف عن السعي وإكماله بعد الصلاة .
الحلق أو التقصير
فإذا أتم الإنسان سعيه فإنه يحلق رأسه أو يقصر .
والحلق أفضل من التقصير .
لحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : وللمقصرين ) متفق عليه
ولأن الله بدأ به في قوله تعالى : ﴿ محلقين رؤوسكم ومقصرين ﴾ .
قال النووي :
( ووجه فضيلة الحلق على التقصير أنه أبلغ لله تعالى ، ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذي هو زينة ، والحاج مأمور بترك الزينة ، بل هو أشعث أغبر ) .
والتقصير لا بد أن يعم جميع شعر الرأس .
لقوله تعالى : ﴿ محلقين رؤوسكم ومقصرين ﴾ .
ومن المعلوم أن الإنسان إذا قصر ثلاث شعرات من جانب الرأس لم يعد مقصراً ، ولأن حلق بعض الرأس دون بعض منهي عنه شرعاً [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وأما المرأة فتقصر من شعر رأسها بقدر أنملة فقط .
من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ، ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر ، فإنه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما .
طواف الوداع
يسن أن يطوف طواف الوداع عند خروجه .
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( أمر الناس أن يكون |آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض ) . متفق عليه
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
( . . . من أراد السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ، ولا يجب عليه لعدم الدليل ، وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات وإلى أبعد من عرفات لرعي إبلهم ولم يؤمروا بطواف الوداع ) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
أن الحائض ليس عليها طواف وداع .
أن طواف الوداع آخر شؤون المسافر ، لأن هذا معنى الوداع .
شراء بعض الأشياء اليسيرة في طريقه ، أو انتظار الرفقة ، أو نحو ذلك من التأخر ، اليسير لا يضر .
أركان العمرة
1. الإحرام : نية الدخول في النسك . 2. الطواف . 3. السعي .
واجبات العمرة
1. الإحرام من الميقات المعتبر له . 2. الحلق أو التقصير .
بعض الأدعية الواردة في الكتاب والسنة
﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ﴾
﴿ ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ﴾
﴿ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك لا تخلف الميعاد . ربنا إنك جامع الناس
ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ﴾
﴿ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ﴾
﴿ ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ﴾
﴿ ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ﴾
﴿ ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين ﴾
﴿ ربِّ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ﴾
﴿ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ﴾
﴿ ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ﴾
﴿ ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ﴾
( اللهم إني أســألك الهـدى ، والتقى ، والعفاف ، والغنى )
( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ) .
( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) .
( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر ) .
( اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والجبن ، والهرم ، والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) .
( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم ) .
( اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل ) .
( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والبخل والهرم ، وعذاب القبر ، اللهم آتي نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها ) .
( اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال ، والأهواء ) .
( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .
آداب الســفر
مقدمة :
سمي السفر سفراً لأمرين :
لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ، أي يظهر أحوالهم .
وقيل : سمي سفراً من البروز والظهور ، ومنه أسفر الصباح إذا لمع .
1 ـ استحباب قول دعاء السفر .
عن ابن عمر : أن رسول الله كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى السفر ، كبر ثلاثاً ثم قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا ، واطو عنّا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل )
[ مقرنين ] : مطيقين أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا .
[ وعثاء السفر ] شدته ومشقته .
[ الكآبة ] تغير النفس والانكسار من الحزن والهم .
[ المنقلب ] المرجع ، ومعناه : أن يرجع من سفره فيجد أهله أصيبوا بمصيبة .
وفي هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء الأسفار كلها .
2 ـ استحباب التبكير في السفر
عن صخر الغامدي عن النبي قال : ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار ، وكان صخر تاجراً ، وكان يبعث تجارته أول النهار فأثرى وكثر ماله ) رواه أبوداود .
[ في بكورها ] : أي صباحها وأول نهارها .
[ وكان يبعث تجارته ] : أي ماله .
[ فأثرى ] : أي صار ذا ثروة ، أي مال كثير .
3 ـ استحباب التأمير في السفر
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله : ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) رواه أبو داود
ويجب عليهم أن يطيعوا الأمير :
لقوله : ( من يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) .
إلا في معصية الله فلا يطيعوه :
لقوله : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، إنما الطاعة في المعروف ) .
[ فليؤمروا أحدهم ] إنما أمر بذلك ليكون أمرهم جميعاً ولا يتفرق بهم الرأي ، ولا يقع بينهم الاختلاف .
4 ـ يشرع للمسافر التنفل بأنواع النوافل
عن ابن عمر ( أنه كان يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت ، وذكر أن النبي كان يفعله ) . متفق عليه
وعنه قال : ( كان النبي يوتر على بعيره ) . أي في السفر
وعن أم هانئ : ( أن النبي صلى ثمان ركعات ضحىً عام الفتح ) . متفق عليه
يستثنى من ذلك : سنة الظهر ، والمغرب ، والعشاء ، فإنه لا يشرع للمسافر أن يصليها .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ” والمسافر يصلي من النوافل ما شاء ، إلا سنة الظهر والمغرب والعشاء “ .
5 ـ استحباب طلب الرفقة في السفر
عن ابن عمر عن النبي قال : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ) . رواه البخاري
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله : ( الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب ) . رواه أبو داود
[ ما أعلم ] أي الذي أعلمه من الآفات التي تحصل بذلك .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
( وهذا في الأسفار التي تتحقق فيها الوحدة ، وأما ما يكون في الخطوط العامرة التي لا تكاد تمر فيها دقيقة واحدة إلا وتمر بك سيارة ، فهذا وإن كان الإنسان في سيارة وحده ، فليس من هذا الباب ، يعني ليس من السفر وحده ) .
6 ـ التكبير عند الصعود والتسبيح عند الهبوط
عن جابر قال : ( كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا ) . رواه البخاري
تكبيره عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل ، لأن الإنسان إذا علا يرى نفسه في مكان عال فقد يستعظم نفسه ، فناسب أن يقول الله أكبر ، فيرد نفسه إلى الاستصغار .
وأما تسبيح الله تعالى عند النزول ، لأن التسبيح هو التنزيه فناسب تنزيه الله عن السفول والنزول ، لأنه سبحانه وتعالى فوق كل شيء .
7 ـ استحباب مراعاة مصلحة الدواب في السير
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( إذا سافرتم في الخصيب فأعطوا الإبل حقها من الأرض ، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير ، وبادروا بها نقيها ، وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق ، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل ) . رواه مسلم
[ أعطوا الإبل حقها من الأرض ] أي ارفقوا بها السير لترعى في حال سيرها .
[الخصيب ] أي زمان كثرة العلف والنبات .
8 ـ استحباب التجمع عند النزول للراحة
عن أبي ثعلبة الخشني قال : ( كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشـعاب والأودية ، فقال رســول الله : إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان ) . رواه أبو داود
[ إنما ذلكم من الشيطان ] أي تفرقكم .
9 ـ استحباب السفر ليلاً
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : ( عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوى بالليل ) . رواه أبو داود
[ عليكم بالدلجة ] بضم فسكون اسم من أدلج القوم إذا ساروا أول الليل ، ومنهم من جعل الإدلاج سير الليل كله ، وكأنه المعنى به في الحديث لأنه عقّبه بقوله : " فإن الأرض تطوى بالليل ، بصيغة أي تقطع بالسير في الليل ) .
10 ـ عدم المرور بأرض المعذبين إلا أن يكون باكياً
عن ابن عمر أن رسول الله قال لأصحابه ـ يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود ـ : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم ) . متفق عليه
فيه الحث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين ومواضع العذاب ، ومثله الإسراع في وادي محسر لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك ، فينبغي للمار في مثل هذه المواضع المراقبة والخوف والبكاء والاعتبار بهم وبمصارعهم ، وأن يستعيذ بالله من ذلك .
11 ـ يستحب أن يقول الدعاء الوارد إذا نزل منزلاً
عن خولة بنت حكيم قالت : قال رسول الله : ( من نزل منزلاً ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) . رواه مسلم
12 ـ استحباب قول دعاء القرية عند دخولها
عن صهيب أن محمداً لم يكن يرى قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها :
( اللهم ربّ السموات السبع وما أضللن ، وربّ الأرضين السبع وما أقللن ، وربّ الشياطين وما أضللن ، وربّ الرياح وما ذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها ) . رواه النسائي
13 ـ قول بسم الله إذا عثرت دابته
عن أبي المليح عن رجل قال : ( كنت رديف النبي فعثرت ناقته فقلت : تعس الشيطان ، فقال : لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب ) . رواه أبو داود
14 ـ استحباب الدعاء في السفر
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده ) . رواه أبو داود
ينبغي للمسلم أن يغتنم فرصة الدعاء في السفر ، وإذا كان السفر سفر طاعة كعمرة وحج ، فإنه يزداد ذلك قوة في إجابة الدعاء .
15 ـ بيان ما يقوله إذا خاف قوماً
عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله كان إذا خاف قوماً قال : ( اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم ) . رواه أبو داود
16 ـ استحباب تعجيل الرجوع من السفر
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( السـفر قطعة من العـذاب ، يمنع أحـدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله ) . متفق عليه
[ نهمته ] أي الحاجة .
والمقصـود في هذا الحديث اسـتحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد قضاء شـغله ولا يتأخر بما ليس له بمهم .
17 ـ النهي عن الطروق ليلاً
عن أنس قال : ( كان النبي لا يطرق أهله ، وكان يأتيهم غدوة أو عشية ) . متفق عليه
وعن جابر قال : قال رسول الله : ( إذا أطال أحدكم المغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ) . متفق عليه
وقد بين النبي السبب في ذلك :
فقال : ( لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة ) .
[ الطروق ] هو الإتيان في الليل ، وكل آت في الليل فهو طارق .
[ تستحد المغيبة ] أي تزيل شعر عانتها ، والمغيبة : التي غاب زوجها .
ومعنى هذه الروايات أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلاً بغتة ، فأما من كان سفره قريباً تتوقع امرأته إتيانه ليلاً فلا بأس كما قال في إحدى الروايات : " إذا أطال الرجل الغيبة " .
فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا مثلاً ، لا يتناوله هذا النهي .
18 ـ استحباب ابتداء القادم من السفر بالمسجد
عن كعب بن مالك : ( أن رسول الله كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ) . متفق عليه
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ( وما أظن أحداً من الناس إلا قليلاً يستعمل هذه السنة ، وهذا لجهل الناس بهذا ، وإلا فهذا سهل والحمد لله ، وسواء صليت في مسجدك الذي كنت تصلي فيه القريب من بيتك ، أو صليت في أدنى مسجد من مساجد البلد الذي أنت فيه ) .
19 ـ المعانقة عند الرجوع من السفر
عن أنس قال : ( كان أصـحاب النبي إذا تلاقوا تصـافحوا ، وإذا قـدموا من سـفر تعانقـوا ) . رواه الطبراني في الأوسط
20 ـ تحريم سفر المرأة من غير محرم
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) . متفق عليه
وعن ابن عباس أنه سمع النبي يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقال له رجل : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ؟ قال : انطلق فحج مع امرأتك ) . متفق عليه
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
( لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، سواء كان السفر بعيداً أو قريباً ، وسواء كان للحج أو لغيره ، وسواء كانت شابة جميلة أم عجوزاً شوهاء ، وسواء أغلب الظن سلامتها أم لا ، وسواء كان ذلك في طهارة أم غيره ) .
21 ـ دعاء ما يقوله إذا رجع ورأى بلدته
عن أنس قال : ( أقبلنا مع النبي حتى إذا كنا بظهر المدينة قال : " آيبـون تائبـون عابـدون لربنا حامدون ، فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة ) . رواه مسلم
فوائـــد الســفر :
أشار إليه الشافعي فيما روي عنه من قوله :
تغرب عن الأوطان تكتسب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرُجُ همٍّ ، واكتسـابُ معيشـةٍ وعلمٌ ، وآدابٌ ، وصـحبةُ ماجدِ
الأولى / انفراج هم :
إن الله أجرى العادة أن الملازم لمكان واحد وطعام واحد يسأم منه لا سيما إذا كان في هم كثير ، فانتقل عن تلك الحالة أو تشاغل عن غيرها ، تصرف عنه الهم على التدريج .
الثانية : اكتساب المعيشة :
فإنها لا تكون إلا بالتحرك ، وقد قالت العرب : البركات مع الحركات .
الثالثة : حصول العلم والأدب :
فقد كان السلف يرحلون في طلب الحديث ، فقد رحل جابر بن عبد الله في طلب حديث واحد .
الرابعة : وهي الآداب :
وذلك لما يرى من الأدباء ولقاء العلماء العقلاء الذين لا يريدون قطره ، فيكتسب من أخلاقهخم ويتحلى بفوائدهم ، كما قيل :
إذا أعجبتك خلال امرئ فكنه ، يكن فيك ما تعجب
فليس على المجد والمكرمات إذا رمتها حاجب يحجب
الخامسة : صحبة الأمجاد :
فإن صحبة الأمجاد ترفع المنقوص ، وترقيه إلى رتبة أهل الخصوص ، وتدخله في زمرتهم .
|