عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 02-21-2008, 07:54 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

النجاسات المعنوية


......


نجاسة المشركين


ثم اعلموا رحمكم الله -وقد تكلمنا عن هذه النجاسات الحسية- أن الكلام يذكرنا بالنجاسات المعنوية التي هي أشد وأسوأ من النجاسات الحسية، فمثلاً: الكفار نجس، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28] فهل عندما تقابل كافراً -يا عبد الله- تحس باشمئزاز لنجاسته في شركه؟ لأنه جاحد لله، ومشرك مع الله، ومستهزئ بالله، وتارك لكل ما فرض الله، وهل يكون اشمئزازك من الكافر أشد من اشمئزازك من البول والغائط؟ لا يلزم أن تظهر له ذلك خصوصاً إذا كنت في مقام الدعوة، ولكن هل تشعرون أيها الموظفون المخالطون للكفار بالاشمئزاز منهم عند رؤيتهم أشد من اشمئزازكم من العذرة والبول؟ قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28] أي: لما حرم دخول الكفار إلى الحرم، قال بعض المسلمين: ذهبت التجارات، وستكسد أموالنا لأن الرواد سيقلون. مثلما يقول الآن عدد من الناس في بعض بلدان المسلمين، إذا قال لهم العلماء والدعاة: امنعوا السائحين من الكفار من دخول مساجدكم وأماكنكم، وفيهم قذر وأمراض، قالوا: هذا ينقص الدخل القومي، والله يقول: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً [التوبة:28] أي: فقراً أو نقصاً في الدخل فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [التوبة:28]. وقد أغنى الله الصحابة لما اتقوا الله بأموال الجزية أضعاف أضعاف ما كان يأتيهم من أموال الكفار إذا دخلوا الحرم.


أعلى الصفحة

نجاسة المنافقين


وقال الله في المنافقين: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ [التوبة:95] أي: خبثاء أنجاس البواطن والمعتقدات، وقال الله عز وجل: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:125]. لقد كان هذا الشعور عند المسلم في العصر الأول شعوراً متأصلاً؛ فعندما قدم أبو سفيان رضي الله عنه قبل أن يسلم إلى المدينة يريد أن يجدد عهد الحديبية ، دخل على ابنته أم حبيبة ، وهي رملة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ذهب أبوها ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، طوته عنه، فقال: يا بنية! ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني؟ يقول: هل أنا أقل من الفراش فطويتيه عني، أم الفراش أقل من مستواي فطويتيه عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس، ولا أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول لأبيها: أنت رجل مشرك نجس، هكذا كان شعورهم، ومن كان هذا شعوره أنى له أن يقلد الكافر أو يحبه ويتأثر به؟! ولكن انظر إلى الناس الآن ماذا يفعلون، لأنهم لا يشعرون أن الكفار نجس، ولذلك يحبونهم ويقلدونهم، وقصة رملة عند ابن إسحاق بإسناد حسن.


أعلى الصفحة

نجاسة الميسر والأوثان والمعاصي


ومن النجاسات المعنوية نجاسة الميسر والأوثان وسائر المعاصي لقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30] نجاسة المعاصي والآثام، قال بعض السلف: لو كان للذنوب رائحة ما طاق الجلوس إلي منكم أحد، وهذا من تواضعه، فالذنوب لو كان لها رائحة، ماذا يكون حالنا نحن؟ لو كان للذنوب رائحة كرائحة العذرة التي تخرج من الدبر، ماذا يكون حالنا نحن؟ وكيف تكون روائحنا أيها المسلمون؟ إن بعض الناس قطعاً متلطخ بالآثام والأوزار ما يكون أشدَّ من تلطخ الإنسان بالبول والعذرة من رأسه إلى أخمص قدميه لكن من الذي يحس بالقاذورات المعنوية؟ الناس يتخلصون من القاذورات الحسية، وبعضهم لا يتخلص حتى من القاذورات الحسية، فيعملون هذه المراحيض المعلقة على الجدران لقضاء الحاجة، يبول ثم يرفع أحدهم الثوب والبنطلون كما يفعل الكافر، وهؤلاء يضع أحدهم أماكن قضاء الحاجة والشطاف بجانبه، وتعجب معي كيف ينتقل من كرسي قضاء الحاجة إلى الشطاف، حتى الفرنجة في أماكن قضاء الحاجة فعلناها كما فعلوها. فالشاهد -أيها المسلمون- وجوب النظافة من القذارات الحسية والمعنوية: الكذب، والنظر الحرام، شهادة الزور، أكل المال الحرام، ونحو ذلك من القاذورات، كم يا ترى على آكل الربا من القاذورات وهو لا يشعر؟ نسأل الله السلامة والعافية، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن أعنتهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اجعلنا ممن أصلحت بواطنهم وظواهرهم، اللهم اجعلنا من المتطهرين، واجعلنا من عبادك المخلصين، وانصر المجاهدين، واقمع أعداء الدين، واجعلنا في بلداننا آمنين يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك الأمن في الأوطان والدور، والإرشاد للأئمة وولاة الأمور، والمغفرة لنا يا عزيز يا غفور! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين،

والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس