عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-13-2010, 09:47 AM
أم سلمى أم سلمى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه :
حتى : تفيد الغاية ، يعنى إلى أن يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه
المحبة هى المحبة ولا تُفسر بلفظ آخر خير من ذلك اللفظ
لأخيه : المسلم – المؤمن
ما يُحب لنفسه : من الخير ودفع الشر والدفاع عن العِرض وغير ذلك ، وهذا يشمل جميع الأعمال الصالحة من المعتقدات والأفعال والأقوال ، يعنى يشمل أن يُحب لأخيه أن يكون مُعتقده صحيحاً ، ويعنى أن يحب لأخيه أن يكون مُصلياً ، وأن يحب لأخيه أن يكون حسن اللسان ، ويحب لأخيه أن يكون ذو سعةً فى المال ، وذو وجاهة ... وهكذا فى سائر المعتقدات والأقوال والأعمال ، فمحبة الخير لأخيه تشمل أمور الدين والدنيا ..
ومن العلماء من فرّق بين أُمور الدين وأُمور الدنيا فقال :
-أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدين ( فهذه محبة واجبة ) يعنى يجب عليه أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه ، وهذا هو الذى يُنفى عنه كمال الإيمان فى الحديث ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) يعنى من أُمور الدين التى يُرغب بها الشارع وأمر بها أمر إيجاب ، وكذلك المنهيات : فيُحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ، ويُحب لأخيه أن يأتى الواجبات ..
-أما فى أُمور الدنيا : فهذه محبة مستحبة يعنى لو فرّط فيه لم يُنفى عنه كمال الإيمان الواجب

فوائد من الحديث :
1)جواز نفى الشئ لإنتفاء الكمال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه ) ، ومثله : قول النبى صلى الله عليه وسلم : لا صلاة بحضرة طعام ( أى : لا صلاة كاملة ، لأن هذا الذى يُصلى سينشغل قلبه بالطعام .... والأمثلة كثيرة
2)وجوب محبة المرء لأخيه ما يُحب لنفسه ، لأن نفى الإيمان عمن لا يُحب لأخيه ما يحب لنفسـه دليل على وجوب ذلك ، إذ لا يُنفى الإيمان إلا بفوات واجبٍ فيه أو لوجود ما يُنافيه .
3)فى هذا الحديث : التحذير من الحسد ، لأن الحاسد لا يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه ، بل يحب أن يُزيل الله النعمة عن أخيه . وقد قال بعض العلماء فى تفسير معنى الحسد :
-الحسد : تمني زوال نعمة الله على الغير
-وقال بعضهم : الحسد هو كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمنى الزوال ( وهذا إختيار شيخ الإسلام بن تيمية )
4)أنه ينبغى صياغة الكلام بما يحملُ على العمل به ، ونأخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم ( لأخيه ) ، لأن هذا يقتضى العطف والحنان والرقة والمحبة
وقد يرى البعض أن مسألة ( حب الإنسان لأخيه ما يُحب لنفسه ) مسألة صعبة ، فقد يصعب ذلك على الكثيرين ، ولكن نقول : هذا لا يصعُب إذا مرّنتَ نفسكَ عليه ، ولا تُطع نفسك فى هواها .
ولو قال تلميذ من التلاميذ : أنا أحب زميلي وسوف أُعطيه إجابة الإمتحان لأنى أحب أن أنجح وأحب أن ينجح هو أيضاً
نقول : هذا غلط وحرام لأنه ( غش ) وهو فى الحقيقة ليس محبة لأخيك بل هو إساءة إليه ، لأنك إذا عوّدته الخيانة إعتاد عليها ، فأنت بذلك تساعده على الإثم والعدوان وليس على البر والتقوى ، ستساعده أن يحصل على شهادة لم يكن من حقه الحصول عليها

هذا والله أعلى وأعلم .. وصلى اللهم على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم .. والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس