عرض مشاركة واحدة
  #200  
قديم 01-05-2012, 12:30 AM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الثلاثون
(32)
وبعض آيات من سورة العصر


الإنسان بين الحاضر والمصير


وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3


العصر : ويعني الزمان بتوالي الليل والنهار , فهو محل أفعال العباد وأعمالهم...
ومن هنا ندرك أهمية الوقت في الإسلام ..فالوقت يمثل عمر الإنسان..فإن اليوم يقول للإنسان أنا يوم جديد على عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا ذهبت لا أعود إلي يوم القيامة..

إنه على امتداد الزمان في جميع الأعصار , وامتداد الإنسان في جميع الأدهار , ليس هنالك إلا منهج واحد رابح , وطريق واحد ناج . هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده , وهو هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه ( طريق الإيمان ).. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار . .

وبهذا الإعجاز تلخص سورة العصر كل معالم الحياة على وجه الأرض..في ثلاث أيات ..نقف بين أنوارها مدهوشين من أين نبدأ وكيف نأتي بالمجلدات لتفسير تلك المعاني الكبيرة التي تشمل الحياة من أولها إلى أخرها والمصير الذي ينتظر الإنسان يوم القيامة..

******

الإنسان والإيمان

ولكي ندرك أهمية الإيمان للإنسان يجب عقد مقارنة بين الإنسان المؤمن والإنسان الغير مؤمن...

1- فالمؤمن واسع الأفق لأنه يؤمن بالله خالق السماوات والأرض
رب العالمين , فهو لا يستغرب شيئا بعد هذا الإيمان ...

2 - والمؤمن عزيز النفس فهو يعلم أنه لا ضار ولا نافع إلا هو سبحانه,
بينما غير المؤمن والمشرك والملحد والكافر يطأطئ رأسه لمخلوق مثله .

3 - والمؤمن مع عزة نفسه متواضع لأنه يعلم أن الكبرياء لله تعالى وحده, بينما ترى المشرك متكبر بغير الحق ...

4 - والمؤمن حريص على تزكية نفسه بالصالحات لأنه يعلم أن الإيمان
ليس بالتمني ولكن بالعمل الصالح , فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
بينما الكافر والمشرك يمني نفسه بالأماني الكاذبة ....

5 - والمؤمن لا يتسرب الى قلبه اليأس فهو يعلم أن الله له ملك السماوات والأرض , فهو يبذل الجهد متوكلا على الله الواحد الذي بيده خزائن السماوات والأرض .
بينما المشرك والملحد سرعان مايتسرب اليأس إلي قلبه, فتتحطم نفسيته وقد يقدم على الإنتحار ...

6 - والمؤمن ثابت العزم قوي الإرادة ليقينه بأنه يعتمد على مالك الملك .
وليس لغير المؤمن والمشرك هذا اليقين ...

7 - والمؤمن لا يلوث نفسه بالطمع والدناءة وقبيح الأعمال ,
لأنه يعلم أن الأمر كله لله يرزق من يشاء بغير حساب .
بينما المشرك والكافر لا يعبأ من أي شئ يحصل على المال .

8 - والمؤمن يسير حياته وفق شريعة الله التي تحدد له الحلال والحرام
فهو أمن في الدنيا والأخرة بإذن الله تعالى .
بينما الغير مؤمن والمشرك منفلت لشهواته ورغباته لا يخاف إلا من الشرطي.
وبهذه المقارنة السريعة نلاحظ قيمة الإيمان في حياة الإنسان..


وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3




إن مقومات الإيمان هي بذاتها مقومات الإنسانية الرفيعة الكريمة . . .
التعبد لإله واحد , يرفع الإنسان عن العبودية لسواه , ويقيم في نفسه المساواة مع جميع العباد , فلا يذل لأحد , ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار . .
ومن هنا الانطلاق التحرري الحقيقي للإنسان . الانطلاق الذي ينبثق من الضمير ومن تصور الحقيقة الواقعة في الوجود . إنه ليس هناك إلا قوة واحدة وإلا معبود واحد . فالانطلاق التحرري ينبثق من هذا التصور انبثاقا ذاتيا , لأنه هو الأمر المنطقي الوحيد .

إن الإيمان دليل على صحة الفطرة وسلامة التكوين الإنساني , وتناسقه مع فطرة الكون كله , ودليل التجاوب بين الإنسان والكون من حوله . فهو يعيش في هذا الكون , وحين يصح كيانه لا بد أن يقع بينه وبين هذا الكون تجاوب .
ولا بد أن ينتهي هذا التجاوب إلى الإيمان , بحكم ما في الكون ذاته من دلائل وإيحاءات عن القدرة المطلقة التي أبدعته على هذا النسق .
فإذا فقد الإنسان هذا التجاوب أو تعطل , كان هذا بذاته دليلا على خلل ونقص في الجهاز الذي يتلقى , وهو هذا الكيان الإنساني . وكان هذا دليل فساد لا يكون معه إلا الخسران . ولا يصح معه عمل ولو كان في ظاهره مسحة من الصلاح ...
قال تعالى:
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ -18 إبراهيم

يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: بالرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل.....

والإيمان المطلوب في الإسلام هو المقترن بالعمل الصالح
وهذا ما نتحدث عنه في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى

******
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس