عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-17-2008, 02:32 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




Islam شرح كتاب الأيمان

 


السلام عليكم
هذا تفريغ لمحاضرات شرح كتاب الأيمان للشيخ الدكتور سيد العربي حفظه الله وبارك له في اهله
قام بتفريغها بعض من طالبات العلم المجتهدات بارك الله فيهم وجعل عملهم خالصا لوجهه الكريم
نسأل الله ان يتقبل منهم عملهم ويجعله في موازين حسناتهم
اترككم مع المحاضرة


بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرات للدكتور الشيخ

السيد العربى بن كمــــــــال
في شرح
كتاب الإيمان للدكتور / محمد نعيم ياســين



الأثنين 6 ذى الحجة 1422 هـ 17 فبراير 2002 م

درس رقم ( 1 )

هذا الدرس هو مبتدأ درس فى العقيدة على وجه مبسـّــط بما يٌيسر لمن يتعلم ولمن يلتمس سبيل دعوة فيما يتعلق بتقريب العقيدة الإسلامية من خلال شرح لكتاب مبسط هو ( كتاب الإيمان ) للدكتور ( محمد نعيم ياسين ) أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية بالأردن وهو كتاب بالرغم من بساطته إلا أنه كتاب منضبط يقرّب أركان الإيمان ويقرب أيضاً بعض ما يتعلق بالمسائل الأخرى للإيمان حيث أن الكتاب ينقسم الى قسمين 0

قبل الشروع فى الكتاب مباشرة ً أقرب لبض الأمور كتعريف وتقريب وسأحاول بقدر الإمكان من خلال هذا الدرس أن يكون درسنا مٌـبسّــط دون إخلال علمى - أى تبسيط غير مخل ، وتقريب بفضل الله تعالى بحيث يكون منهجاً متكاملاً فيما يتعلق بهذا الجزء من العقيدة المتعلق بالإيمان 00

إبتداءً لابد أن تعرف أن العقيدة كعلم وفن تشتمل على ثلاثة فنون أو مباحث للعقيدة :
المبحث الأول : - الإيمـــان وهذا هو صلب القضية العقدية من حيث الكلام على حقيقة الإيمان وتركيب الإيمان وكون الإيمان قول وعمل ، وكون الإيمان يزيد وينقص ، وكون الإيمان منه أصل ومنه كمال ، وكون الإيمان يخالف الإسلام مخالفة غير تعارضية ولا تضادية 0 ثم الكلام على أركان الإيمان0

ثم المبحث الثانى فى العقائد وهو مبحث الفِـــــــرق سواء كان من جهة أصولهم أو من جهة ما يخالفون فيه أهل السٌـنة ، وإن كان مبحث الإيمان فى بعض الأحيان يتعرض المتكلمون فيه والباحثون فيه الى ما يكون عند الفرق فى الأيمان فقط وليس فى كل ما
عندهم 0
المبحث الثالث فى العقيدة هو الأسماء والصفات والغيبيات0
والكلام فى درسنا سوف يشمل المبحث الأول والثالث ، سنتعرض لكثير من القضايا المتعلقة بالمبحث الأول والثالث لأن مبحث الفِرق لايهم طالب العلم ولا المتربى ولا المتعبد ، إنما يهم المتخصص الذى يريد أن يميز مذهب أهل السنة وتفصيل مذاهب الفِرق الأخرى وما عندها من أصول متفرقة فى هذه القضايا ، لكن العقيدة عموماً فى هذه المحاور الثلاثة :إما تجد كتاب فى الأسماء والصفات والغيبيات ، والمقصود بالغيبيات : الجنة والنار والميزان والعرش والحساب والحوض00 إلخ وبالطبع يدخل فيها رؤية الله تبارك وتعالى وما يتعلق بهذه المسألة 0 والإيمان عرفت الإيمان فيما يتعلق بحقيقته وماهيته وكونه يزيد وينقص ، والفِرق لن نتعرض لها فى الكلام الذى ندرسه ولن يدخل فى كلامنا وإنما سيكون فى الجزئين الآخرين ، وإن كان كلامنا فى الصفات سيكون كلام عارض ، أى لن نتعرض له على سبيل التفصيل سيكون كلامنا عن الجزء الأول الذى هو المبحث الأول الذى هو الفن الأول من فنون العقيدة وهو الكلام عن الإيمان من حيث كل ما يتعلق به على وجه التقريب خاصةً هذه المسألى يكثر فيها الجدل وفى الغالب معظم الناس قد تسمع فى اللغة العربية ، قد تسمع فى الفقه 00 فى التفسير وعلوم القرآن 00 وقلما تسمع فى العقيدة 0

الحمد لله ، وشكر الله سعى الإخوان وأعانهم على الإستمرار وأخلص الله نياتهم وجعل سعينا وإياهم فى رضاه 0 لابد أن تعرف أن أشرف الخطى عند الله خطى تسعى لطلب العلم وأن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً بما يصنع طالب العلم 0 قال أهل العلم :
والملاكة تضع أجنحتها لما يصنع طالب العلم رضاً بذلك لأنها اٌسجدت لآدم ، وما أسجد الله الملائكة لآدم إلا لتفضله عليهم بالعلم 0 أى لماذا أسجد الله الملائكة لآدم ؟ ليس لفضل الخلقة ولا لكثير العبادة إنما لما علم الله آدم الأسماء كلها كان عند آدم من العلم ما ليس عند الملائكة فكان الشرف الذى شـّرف الله به آدم هو العلم فسجدت الملائكة فتربت الملائكة من وقتها على الخضوع لطالب العلم ، لماذا ؟ لأنه يسعى الى الشرف الذى شرف الله به آدم 0 هذه نقطة هامة أن تستحضر أنك تسعى فى أمر له شرف ، ففى بعض الأحيان نتعامل مع درس العلم على أنه مسألة من المسائل الزائدة أو من نافلة الفعل أو من كرامات الأمور ، وبالطبع لما يكون تعاملك معها من هذا المقياس والتصور تكون النتيجة أن تزهد فيها عندما تتعارض مع ما يشغلك وتتعارض مع أمورك ومع مطالبك فى الدنيا لأنها مكارم ولما أنشغل يمكننى التنازل عن المكارم ، لكن لما تعرف أن هذه من باب الضرورات بمكان وأنها من أعظم ما يرفع العبد عند ربه سوف تسعى إليها ولو حبواً لأنها أمر عظيم وعظم الأمر سوف يجعلك تسعى إليها مهما كلفك الأمر 0 فأسأل الله تعالى أن يعين الإخوان على الإستمرار لأنى ما قصدت من هذا الدرس - مع وجود درسى عقيدة لهما من السنين الطوال وفيهم بفضل الله من التفصيل والتأصيل شغل الوقت ولا من باب تكرار الكلام أبداً -

ولكن لأنى أستشعر أن الدروس القائمة مطولة ولا تسعف الطالب الذى يحتاج الى إسعاف قريب فى مسألته وحاجته فكانت تراودنى فكرة من مدة وحدثنى فيها كثير من الإخوان وهى : لماذا لا يكون على وزن مبحث الإرجاء أو غيره مجموعة من الدروس القريبة التى تكون منهج متقارب بسيط بعيد عن الأبحاث المطولة يسع طالب العلم المبتدىء ويسعف من يريد دعوة غيره وتكون مادة متكاملة قريبة بدلاً من أن تكون فى مئات الدروس كما هو الحال فى شرح كتاب فتح المجيد والذى قمت بإعادته مرة أخرى بعد الإنتهاء منه ووصلنا الى الآن على ما أذكر الى درس رقم تسعين بعد المائة أو مايقرب من ذلك ،وفى شرح العقيدة الطحاوية قرابة شىء وسبعين بعد المئتين ، وبالطبع هذا على مدار سنوات طوال ، وإذا أعطيت إنسان منهج فى مئات الدروس سيصعُب عليه ويمل ويصُده الشيطان خاصة مع العقيدة ، أضف الى ذلك أن أكثر ما يصُدك الشيطان عن درس العقيدة ان كان الشيطان يصُدك عن درس العلم عموماً لأن العلم هو المفتاح الذى يُخرج العبد من حبائل الشيطان وشباكه 0 الشيطان دائماً يحبسك فى قفص ، عندما يريد الصياد صيد حيوان ضخم كبير يُنصب له شراك لا يصطاده وجهاً لوجه بحيث وهو مار مثلاً فيرمى عليه أقفاص متينة تحبسه 00 الشيطان يفعل مع ابن آدم هكذا 0 لأن الشيطان يستشعر قوة بنى آدم بما جبله الله عليه ، فدائماً يقذفك فى أقفاص يضيق عليك بها سُـبل الهـُـدى 0 المفتاح الوحيد الذى يخرج به العبد من حبائل الشيطان وشراكه هو العلم ، يحضرنى فى هذا أثر لأبن عباس أخرجه صاحب جامع بيان العلم وفضله بسند صحيح فى بيان الفرق ما بين العلم والجهل حتى ولو كان الجاهل عابداً متنسـكاً ، الأثر أن أبن عباس يحكى لأصحابه أن الشيطان سأله ذريته أو أتباعه يوماً فقالوا له : لماذا يا سيدنا إذا مات العالم رأيناك فرحت فرحاً لا تفرحه بموت ألف عابد ؟؟ قال : إنطلقوا معى لاُريكم لماذا أفرح بموت العالم 0 فأتى عابداً فى محرابه يتنسك ويذكر ثم قال له : أسألك يا سيدى هل يستطيع ربك أن يجعل الكون فى بيضة ؟
فقال العابد بجهله : كيف يكون هذا الكون الفسيح المترامى فى بيضة ؟
فقال الشيطان لآتباعه : أرأيتم لقد كفر فى كلمة - لأنه أعجز الله عز وجل -
فأنطلق ثم أتى عالماً فى مجلسه فى صورة سائل فقال له : أسألك يا سيدى هل يستطيع ربك جل وعلا سبحانه أن يجعل الكون فى بيضة ؟
قال : ولم لا فإنما أمره بين الكاف والنون ، إذا أراد شيئاً قال له كُـن فيكون ولا يحوله شىء
قال : أرأيتم لقد فسد علىّ -
بالطبع هى شبهة يُلقيها الشيطان فى عقل الإنسان أو قلبه بحيث يتفاعل معها فيهلك 0
العالم دون تردد هذه الشبهة معه مفتاحها 0 فيرد له على خاطره ، أو يوسوس له أو يسأله السؤال أو يُلقى إليه بشبهة معينة فيغرق الإنسان بشبهة أو ينجو 00 المفتاح الوحيد أو المركب الوحيدة التى ينجو بها الإنسان من فيضان الجهل وســـيْـله هو العلم لا شىء آخر، فلا يوجد مفتاح آخر وهذا أحسن وهذا أجود لكن العلم فقط 0
فقال لهم أرأيتم لقد فسد علىّ - لم تنطلى عليه الحيلة والشبهة - وكذلك يفسد علىّ خلقاً كثيراً0
هذا العالم هو يفسد أى لا يقع فى حبائل الشيطان المهلكة التى هى شبهات تكفـّـر أو تجعل الإنسان يضلّ وفى نفس الوقت بعلمه هذا يُعلم الآخرين فيفسدوا على الشيطان 0
أرأيتم فلذلك إذا مات فرحت فرحاً شديداً 0 ويحضرنى فى هذا المعنى طالب ماجستير فى الأزهر كان يحضّـر دراسة فى العقيدة - ماجستير يعنى رجل المفترض أن الإنسان يجلس يتعلم منه - فجائنى وقال : أنا عُرض سؤال علىّ- وطبعاً هالنى لما عرفت أنه ماجستير
فالمسألة فعلاً 00 مسألة الشهادة والكتب والعلم من غير تعلم ودراسة والتعلق بالعلم من باب طلب الفهم وشرح الصدر مسألة مهمة 00 - فقال : عُرض سؤال علىّ ولا أعرف له إجابة مطلقاً ومتحرج منه جداً

، ماهو السؤال ؟ السؤال :
هل يستطيع الله تعالى بما له من قدرة مطلقة أن يخلق إلهاً آخر ؟
نفس الشبهة - هو رجل طالب لكن لم يستطع الإجابة على هذا السؤال ولا الدكتور بتاعه يستطيع أن يجيب على هذا السؤال لأنه لا يتخيل مسألة معينة ، أنت نفسك لما شخص يسألك هذا السؤال أنت نفسك قد لا تتخيل معنى هذا السؤال 0 هذا السؤال لو أى شخص عابد وسُئل هذا السؤال : هل يستطيع ربك أن يخلق إلهاً غيره ؟ سيقول : نعم الله قادر على كل شىء 0 ويهلك 00 يكفر فى هذا 00 لكن كيف تجيب على هذا السؤال ؟
الإجابة ببساطة : لو كان الله مخلوق لخلق إلهاً 00 إثنين 00 وثلاثة 00 لأن ما يخلقه الله مخلوق ، ولكن الله ليس بمخلوق 00 ركيزة علمية تنطلق منها 00 لكن الشبه لما تأتى لا بد أن تعرف بغير مفتاح العلم لا يمكن أن تستطيع أن تفك 00 لا يمكن أبداً بأى معيار أن تستطيع بغير مفتاح العلم أن تفك 0
الغرض : هو التقريب ، ولو لأفراد بحيث أكون قد قمت بما علىّ أسأل الله عز وجل أن يعيننى أن أقوم بما علىّ بما يُرضيه جل وعلا وأن يقبلنى وإياكم 0 أرجو على الله تعالى أن يُيسر للإخوان دوام سعيهم فهو شىء طيب أن تجتمع الناس من باب الحرص على التعلم ، لكن إعلم أن الشيطان قد تفلت منه مرة لكن مع دوام الدرس وإستمرار مجيئك سوف يقول لك اليوم إستريح وغداً المواصلات بعيدة واليوم غصب عنك وماذا تفعل وسوف تسمع إن شاء الله الشريط ، ويصُدك لأن أشد ما يقعد الشيطان للعبد على الصراط وإن كان يقعد على الصراط فى كل الأمور حتى فى درس اللغة العربية ولكن فى درس العقيدة أشد ، أى إذا كان يرسل عدد ما من جنده يقعدون يصدون العبد عن درسه فى كذا أو سعيه فى كذا فإنه فى العقيدة يُرسل جيشاً 0 لماذا ؟

لأنه يعلم أنك إذا تعلمت وفهمت وإن كنت صاحب معاصى إلا أنك على الأقل ستكون صاحب عقيدة صحيحة ، ومعنى صاحب عقيدة صحيحة : أنه على الأقل وإن حتى كثرت ذنوبك سوف تكون كصاحب البطاقة يوم القيامة لك ذنوب كثيرة جداً لكن عقيدتك راسخة مفهومة 0 غلبتك شهواتك ، غلبتك أهواءك لكن فهمك وتصورك وأنضباطهما هذا هو المهم ، وأعلم تماماً أن من الممكن أن يُقيم إنسان الليل والنهار ونحن نرى الآن فى العشر من ذى الحجة اُناس يبتدعون ويتعمدون القيام فى المساجد ويصلوا ركعات طويلة ويتصدقوا و00و00 وهم فراغ عقدى يمكن أن يصطاده الشيطان بكلمة ، بفهم ، بسؤال معين فيقول لك رداً على أى مسألة عقدية مثلاً تقول له أن الأمر فيها كذا ، فيقول : لا يا أخى لا تقل هذا ، هذا إفتراء وكذب ، ويكون القرآن هو الذى ينطق بذلك ويتكلم فيه فيقع فى تكذيب القرآن وهو يعتقد أن ذلك بر وطيبة ، ولذلك تجد فى الدعوة كثير من الناس يقولون لك دعك من هذا ولا تتدخل فيه إنشغل بذكر ، سورة تحفظها ، ركعة تصليها ، وبالطبع هذا بر عظيم لكن البر لا بد أن يكون فرع عن الشجرة ، فإذا كانت أفرع مقطعة بدون شجرة سيكون الأمر صعب وبدون قيمة ، لكن العقيدة بالنسبة لجميع أمور العبادة والدين هى الأصل ، ولذلك ضرب الله تعالى مثال للإيمان كله بالشجرة " ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت (وهو المعتقد) وفرعها فى السماء " فالمعتقد هو الجذر وأصل الشجرة وما كان من ذكر وتلاوة وعبادة وصلاة فهو فروعها 00
ليس المقصود التطويل فى المقدمات لكن هذه أمور لا بد منها ، لكن يا إخوان شرط المجلس بيننا هو أن يكون معك كتاب وكراس ، ومعنى شرط المجلس أى ما يجوز أن يشترطه المعلم على المتعلم حتى وإن لم أكن أهل أن أكون معلم ، لكن هذا واقع أنى معلم وأنت تتعلم ، فهذا واقع ونحن نتكلم من خلال الواقع وليس الأهلية : فالواقع أن هناك تعلم ، أنى أعلمك وأنت تتعلم كواقع وإن كانت الأهلية أقل من ذلك لكن هذا هو الواقع0 ويمكن للمعلم أن يشترط على المتعلم شروطاً لا تحرم ولا تُخالف أمر الله ، ويلزم المتعلم أن يقبلها دون إذن منه ودون موافقة منه ، موسى عليه السلام لما صاحب الخضر ليتعلم منه بأمر رب العالمين قال له المعلم- رغم أن المعلم كان أدنى من المتعلم لأن موسى كان نبياً ورسولاً من أولى العزم ، والخضر كان أقل من لكن صار متعلماً فى مجلس تعلم - هذا واقع -

فقال له : لا تسألنى عن شىء حتى أحدث لك منه ذكراً - مع أنه جاء ليتعلم منه لكن لم يراجعه ولزمه بشرطه ، ولما سأله مرة وأثنين جاء فى الثالثة وألزم موسى نفسه بالشرط قال : فإن سألتك عن شىء بعدها ف تُصاحبنى ، وبالطبع هو ألزم نفسه بهذا ، وهو بهذا يحرم نفسه من أمر هو يحتاج إليه لكن هذا وفاء بالشرط ، فشرط المجلس أن يكون معك الكتاب والكراس ، وبالطبع إذا خالفت أنت الشرط فإن مسئوليتك على نفسك بينك وبين ربك ، لكن هذا شرط المجلس لأن هذا ليس درس موعظة ولا تذكرة للأحباب ولا من باب كلام الخير ولا من باب قضاء الوقت فيما هو ذكر 00 لا 00 لكن هذا تعليم ، والتعليم قد تكون تجهل أسباب التعلم فتلتزم بما يمكن أن يكون سبباً لنفعك أنت تلزم بذلك 0 وحتى لا أكررها مرات ومرات هذا شرط المجلس وجود الكتاب والكراس ، أما الكراس فلكتابة الملاحظات سواء ما يمكن أن أمليه حسب ما يُيسر رب العالمين وأرى إمكانية إملاءه أو تكتب أنت ملاحظات أثناء بيان عبارات الكتاب وسوف يكون الأمر بإذن الله ســهل 0

أول شىء نبدأ به إن شاء الله تعالى أبدأ مُستعيناً بالله تعالى سائلين الله العون والسداد والرشاد والتوفيق ، وما توفيقى إلا به جل وعلا أسأله سبحانه وتعالى فى هذه البدءة أن تكون بدءة خير وأن تكون سبباً لعلمنا وهداية لقلوبنا وفهمنا العقيدة الصحيحة التى تـُرضى الله جل وعلا بغير شطط ولا غُلو ولا إبتداع ولا ضلال ، وأن تكون سبباً لهداية قلوبنا وإنتفاعنا عنده سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم0
والقلب السليم هو الذىحوى العقيدة الصحيحة 0 أبدأ مستعيناً بالله جل وعلا 00
إكتب هذه الأشياء التى سوف أمليها عليك لأنها غير مكتوبة بالكتاب تحت عنوان " مقدمات لابد منها " وأكتب تاريخ كل درس عندك 00

الدرس الأول
مقدمات لابـُـد منهــــا

العقيدة لغة ً : من العقد وهو نقيض الحل - الفك - وعقده بعقدة عقداً ، ويُقال عقده يـُعقـّده عقدا ً وعقـّـده 0
العقد : الجمع بين أطراف الشىء ويستعمل ذلك - المعنى - فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل - ( الحبل يكون عبارة عن خيوط رفيعة يُـجمع بينها فتصير حبلا فتقول عقد الحبل أى فتله ، جمعه )
وعقد البناء ( قالب على قالب أو لبنة على لبنة ينعقد بعد أن كان لبـِــنات متفرقة )
ثم يُستعار ذلك للمعنى - ( أى أنه يُستعمل للحس وأستعمل فى المعنى ) - نحو عقد البيع وعقد النكاح ( عقد البيع جمع بين متفرقات ، بين ثمن ومثمون ، وعقد النكاح جمع بين متفرقات رجل وأمرأة متفرقين أليس كذلك ) والعهد وغيرهما فيُقال : عاقدته وعقـّدته وتعاقدنا 0
[ إكتب ولا يهمك أن يفوتك سطر وسطر يتركك ، لكن الداء الذى فيك أن تقول سوف أسجل الشريط ، سوف أكتب من الشريط ، فاتنى كلمة ، سوف أنقل من الذى بجوارى كل هذا تلبيس 0 أكتب وإذا كان عندك همة إسمع الشريط مرة أخرى وراجع وأنظر هل كتابتك صحيحة أم لا ، لكن على الأقل كتابتك فى المجلس نوع من السعى ونوع من البذل ، حركة يدك نوع من القربى لأنك تكتب علم ، لكن أن تقول سوف أفعل سوف أسمع الشريط سوف أفرغه 00 سوف 00 سوف 00 هذه هى " ولأمنينهم " 00 كلما تأتى لبر سوف ،

ثم يأتى الدرس الثانى فتقول عندما أكون غير منشغل لأسمع ، وبعد ثلاث وبعد أربع زهقت ومليت هذا كلام فارغ لا بد أن تفهم ذلك ]
وعقدت يمينه ' النساء 33 ' قال تعالى :" عقدت أيمانكم " وفى الآية الأخرى قال تعالى :" عقدتم الإيمان " ومنه قيل لفلان عقيدة أآ معاهد ، والعقدة أسم لما يعقد من نكاح أو يمين أو غيرهما قال تعالى :" ولا تعزموا عقدة النكاح " البقرة 235 ، وعقد لسانه إحتبس ، وبلسانه عقدة أى بكلامه حبسة - يُقال فلان فى كلامه عقدة أى فى لسانه حبسة لا ينطلق فى الكلام قال تعالى :" وأحلل عقدةً من لسانى " طه 27، وقال تعالى " النفاثات فى العقد " الفلق 4
والجمع عقد ، وهى ما تعقده الساحرة ، وأصله من العزائم ، ولذلك يقال لها عزيمة أى يُقال للعقدة عزيمة ، كما يُقال لها عقدة ، ومنه قيل للساحر مُعقــِّـــــد ذكره فى مفردات ألفاظ القرآن الكريم للأصفهانى ، وفى لسان العرب إعتقد الشىء : صلب وأشتدّ ، والبصيرة عقيدة القلب ، قال الليث : البصيرة إسم لماأعتقد فى الشىء وإسم لما أعتقد فى القلب من الدين وتحقيق الأمر 0 هذا معنى العقيدة لغة ً 0

العقيدة إصطلاحا ً : المعنى الذهنى الجازم أى ما ينجزم فى الذهن والوجدان والقلب بغير ريب أو تردد 0
فإن كان هذا المعنى حق كانت عقيدة حق ( إذا كان المعنى المنجزم فى الذهن حق مثل الإيمان بالله أنه واحد أحد كان حق ) وإن كان المعنى باطل كانت عقيدة باطلة ( شخص ينجم فى عقله أو وجدانه أن الصليب هو المنجى ، هذا عقيده باطل ، لكن المعنى الذهنى الجازم هو هذا الذى يُسمى عقيدة )0

العقيدة شرعا ً : هى الإيمان بكل ما يلزم الإيمان به على الوجه الشرعى الموافق لدليل الكتاب والسُـنة 0 فالعقيدة هى الإيمان والإسلام من حيث ما يربط عليه القلب ( أى المعانى القلبية ) من معانٍ وأحكام المعلوم الشرعية ( أى إعتقادك أن الصلاة واجبة ، الصلاة ركن من أركان الإسلام ، أعتقادك أن ترك الصلاة كفر أو ما شابه هذا يسمى أعتقاد يسمى عقيدة ) 00

التوحيد لغة ً : من وحـّـده توحيداً أى جعله واحداً ، ويقال : وَحِــدَ، ووحيدٌ ، ومُتَوحَّـد أى منفرد ويقال وَحَّـده وأحـَّده ، كما يُقال ثنّــاه وثلـّـثه ( أى تقول : أحد ربه أو وحد ربه أى جعله منفرد ، ثنـّـاه أى جعله إثنين ، ثلثه 00 ربعه 00 وهكذا 00 ) ذكره فى اللسان
والقاموس 0

التوحيد شرعاً : إفراد الله بما هو أهله من ربوبية وإلهية وأسماء وصفات ( مادام التوحيد هو الإفراد يكون شرعاً إفراده بماذا ؟ إفراده بما هو أهله ، وما هو هذا ؟ الربوبيــــــــــــة
والألهية والأسماء والصفات )

ملحوظة : العقيدة أعم والتوحيد أخص ، حيث أن العقيدة تشتمل على مقتضيات الإعتقاد فى الله والملائكة والرسل و 00 إلخ والتوحيد يختص بشأن الله ( لما نقول علم التوحيد يكون المقصد الكلام على الأسماء والصفات أقصد الكلام على الربوبية ، الإلهية ، حقيقة الوجود ،ذات الله سبحانه وتعالى ، لما أقول علم العقيدة يمكن أن يكون ما يتعلق بشأن الله أو بما يتعلق باليوم الآخر أو فيما يتعلق بالجنة والنار أو فيما يتعلق بالرسل والكتب 00 وهكذا 00ولذلك لفظ الإيمان يشمل العقيدة والتوحيد ) ولذلك لفظ الإيمان يشمل العقيدة والتوحيد 00
علم العقيدة : ( علم أصول الدين )

( تعود على أن تكتب وأن يكون لديك كراس ورتبها سوف يتكون عندك منهج وسيكون هذا الكشكول فى المستقبل يشتريه الناس منك بالذهب أى محاضرات تكتبها سيبحث عنها الجميع ويتمنوا أن يجدوها فنصيحة لله تعالى : لا تزهد فما تزهد فيه اليوم قد يكون أثمن ما تملكه )0
علم أصول الدين :
1 - فائدته وغايته : ( ما الفائدة التى ستعود علينا والى ماذا نصل به ؟ )
الترقى من حضيض التقليد الى ذروة الإيقان ( اليقين ) ( تجد أناس يقول ربنا كريم ورحمن - لكن لما تبحث فى يقينه تجد العملية مهزوزة لأنها بلا علم ، ولذلك تعريف اليقين : العلم ، والعلم : اليقين )0
الترقى : أى الإنتقال الصعود الى أعلى
من حضيض : أسفل
الترقى من حضيض التقليد الى ذروة الإيقان وإرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة لهم
(شخص يسألك وأنت بالطبع متعلم فتوضح له وتقول : الأمر كذا وكذا فتكون أرشدته وهديته
وإرشاد : غايتى من التعلم أصل إلى ذروة اليقين وأعلم غيرى وأهدى غيرى
المسترشدين : ليس أى أحد إنما الذى يطلب )
والزم المعاندين بإقامة الحجة عليهم 0( يأتى أحدهم ويقول عذاب القبر ماذا ؟ لا يوجد مثل هذا 00 عذاب قبر إيه ؟ وآخرة إيه ؟ هذا كلام 000 فتقول والله العظيم يوجد 0
يقول لك : لا00لا00 فتقسم له مرة أخرى وتقسم له سنة وتظل تقسم 00 لأ 00
إذن كيف ترد ؟ بالعلم ، فبالعلم تلزمه الحجة 0 وهذه ثالث فائدة وهدف أيضاً

أما الرابع : وذلك بدون ترقيم لكن للفهم )
وحفظ قواعد الدين على ألا تزلزلها بشبهة المبطلين :( ستجد أن هناك من يُشكك فى شىء ويرمى شبهة مثل ما رأينا فى الأثر الذى قدمت به لإذكّــر بقيمة العلم 0 إذا كنت صاحب علم وفاهم عقيدة وجاءك من يرمى بشبهة أو شىء من هذا كدواعى التنصير 0 بعلمك لن
تقول له والله العظيم إنك ضال ، والله العظيم إنك كاذب أبداً ، إنما تحفظ قواعد الدين من
ألا تزلزلها شبهة المبطلين 0 أى حفظهما من ألا يقع فى الزلزلة )0
وأن تبنى عليه العلوم الشرعية ( وهذه فائدة خامسة وأقف عند هذه من باب البيان ، نحن رأينا أناس تعلمت أحكام التجويد وصاروا سلاطين فى هذا الباب أى الناس تجلس تحت أقدامهم لا يتفوهون بكلمة ، ومن كان شأنه عظيم فى القراءة والتلاوة يجلس أمامهم 000
ومع ذلك لهم أسباب الشرك والهوى والضلال لأنه لم يتفرع مثل هذا العلم على العقيدة،
رأينا من الذين يحسنون أدوات اللسان حتى أن الشخص لما يتكلم أمامهم يشعر أنه لا يعرف لأن كل كلمة يقولها يطلعوا له فيها ملزمة أخطاء ( كل كلمة ) ومع ذلك تجد أفعالهم وأقوالهمالمنضبطة لغة والتى بالمسطرة على المسطرة تخر شركاً وضلالاَ وبدع لأن هذا العلم وإن أتقنوه لم يتفرع عن العقيدة 0
أنتم تعرفون أن النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يعرف أصحابه ويُعلمهم على ما ترتب فى منهج القرآن قبل أن يُعلمهم حكماً أو مسألة شرعية عملية قبل أن يُعلمهم ذلك ربـّـاهم على العقيدة والإيمان وعلمهم بكل مقتضى العلم ما يتحقق به سلامة المعتقد كانوا أئمة
خرجوا من حديد التقليد وصاروا على يقين تام ، وهى الفائدة التى بين أيدينا وكانوا مرشدين معلمين من خير المعلمين ، يُجادلون بالحسنى وبالتى هى أحسن ، ويُخاصمون بقوة قوة الحجة وسلطان العلم ، وكانوا يُلزمون المُعاند ويُخرصونه بقوة حجتهم التى تعلموها من إمام العقيدة عليه الصلاة والسلام ، وكانوا سبباً عظيماً لحفظ الدين وقواعده حتى وصلنا ،
فهم أئمة فى إرساء قواعد الدين بما كان عندهم من علم وحسن نقل كما بنوا أيضاً كل حكم
وكل مسألة علمية على هذا التأصيل العقدى ، فكانت صلواتهم خير صلوات ، وزكواتهم خير زكوات ، وأعمالهم خير أعمال ، لأنها تفرعت على العقيدة ولم تكن مجرد علم محض أجرد، فمن ضمن الأمور التى يبدأ الإنسان بها أن يؤصّـل عند نفسه قواعد المعتقد كهدف
وفائدة لعلم العقيدة أن يبنى عليها العلوم الأخرى بحيث أنه لما يتعلم أصول فقه ، فقه ، لغة 00 الخ يكون من باب أن يتم أصل الدين ، يتم الفروع فتحكمه عقيدته فى تقديس العلوم ،
فى السلامة ، فى إستعمال كل علم لتقوية جانب المعتقد وصلاح الدين )0
وأن تبنى عليه العلوم الشرعية فإنه أساسها ( الذى هو ماذا ؟ علم العقيدة )
وإليه يؤول أخذها وأساسها ( أى أن أى علم يرتكز أو جذوره مربوط فى العقيدة )0

يُجاهد طلباً فى رضاه ومحبته ، فالأمر كله موصول بالعقيدة 0 يتعلم القرآن حتى يتلو تلآوة
يُرضى بها الله ويسمعه بها الله سبحانه وتعالى 0 كل شىء مربوط بهذا ، لكن يتلو تلاوة لكى يأخذ إجازة أو شهادة أو يُقال عليه " تالى " أو مُحسن للكلام فسد إذن الأمر 0
فإنه ما لم يثبت وجود الله سبحانه وتعالى وعلمه وقدرته وكونه مكلف أى يفرض على عباده التكليف ، مرسل للرسل ، منزل للكتب ، لا يتصور علم تفسير ولا علم فقه وأصوله
أليس كذلك ؟ ما لم يكن العبد على إعتقاد من هذا وعلى إستبيان بوجود الله ومن علمه وقدرته وسائر شأنه وكونه مكلف ومرسل الرسل 00 لو لم تتعمق هذه الأمور وتستقر فى الوجدان فلن يتفرع فلن يكن هناك قيمة لا تفسير ولا فقه 000 إلخ 0 فكلها متوقفة على علم
العقيدة ، مُقتبسة منه ، فالأخذ فيها أى فى العلوم بدونه أى بدون علم العقيدة كبان ٍ على غيرأساس ، أنت ترجو ، تتعلم التلاوة ، تتعلم الفقه ، ضبط الأحكام لماذا ؟ كل هذا لتربط بعبادة الله ، تحقيق الرسالة ، تحقيق الغاية التى ما خلق الله الخلق إلا لها ، تحقيق العبودية ، إجابة الرسل وطاعتهم ، إمتثال أمر الله على ألسنة الرسل 00

2- غاية هذه الأمور كلها : - الفوز بسعادة الدارين : إن غاية تأصيل العقيدة وتأصيل فروع أخرى عليها عندك هو الفوز بسعادة الدارين ، أسأل الله أن يجعلنى وإياكم من السعداء0 ومن هذا تبين مرتبة العقيدة أى شرفها ، فإن شرف الغاية يستلزم شرف العلم،
أى شرف الشيء بما يُوصل إليه فإن كان شىء مُعين مثلاً يوصل الى كبيرة فهذا شىء دنىء نجس ، إذا كان شىء معين يصل إلى فهم شىء من الدين فهذا شىء مرفوع إذا كان شىء معين يُوصل الى الفوز بسعادة الدارين ويجعل العبد فى نجاة فهذا أشرف شىء على الإطلاق 0 وأيضاً فإن دلائل هذا العلم ، وهذه ميزة منفصلة لهذا العلم وليست لأى علم آخريقينية ، فليس فى هذا العلم دليل مرجوح والدليل هذا مشتبه أبداً كل أدلة العقيدة يقينية لأن الدليل يُثبت المسألة إما حق وإما باطل ، إما موجودة أو غير موجودة 0 بينما دلائل الفقه إن كان بعضها يقينى فكثير منها ظنى 00 الأصول نفسها إن كان بعضها يقينى أدلة قواعد أصولية كثير منها ظنى 0اللغة نفسها يعرف ذلك أهل اللغة والمتخصصون فيها يعرفوا أن كثير جداً مُختلف فيه ومدارس اللغة تعتبر بهذا الوجه وتبطل المقابل 0 إلا العقيدة دلائلها يقينية خاصية بهذا العلم ، ولذلك إذا قيل الله واحد هات لى دليل خذ عشرات مئات الأدلة 0 أدلة فاصلة وليست غير بينة بحيث تقول هذا له مُعارض، وهذا محتاج لترجيح أبداً 00 يحكم بها صريح العقل عندما ينظر للدليل يصل للحكم وبسهولة جداً " وإلهــــكـم إلــــه واحــد " هذا دليل على قضية أول ما تسمعه تحكم بالوحدانية وقد تأيـّـدت بالنقل أى تجد الدليل الواحد يوجد مثله عشرات بعبارات أخرى وأساليب بديعة متعددة وهى - أى شهادة العقل وتأييدها بالنقل - هى الغاية فى الوثاق 0أوثق شىء فى الدلالات أن يكون حكم عقلىبينى يكون مرتكز على دليل شرعى فتكون المسألة لا يوجد أوثق منها بهذا فإن كان أهل العقل الذين لا يعترفون بالدين سيجدون العملية واضحة إن كان أهل الإيمان الذى زادهم الدين سيجدون القضية على أوثق ما يكون0(أتم الوثاق ) والوثاق أى تثق بها فى الثبوت إذ لا تبقى حينئذ شبهة فى صحة الدليل 0

3- مسائل هذا العلم وهى المقاصـــد :
هى كل حكم نظرى لمعلوم 0 عندنا فى الصلاة مثلاً حكم نظرى وحكم عملى :
الحكم النظرى : كونها ركن من أركان الإسلام ، كونها واجبة من الواجبات ، كون الركوع ركن من أركان الصلاة ، هذا إسمه حكم نظرى0
تأتى للحكم العملى : بأن الركوع بأن ينتصب الظهر غير مطأطأ الرأس مستنداً بكفيه على ركبتيه قابضاً عليهما هذا إسمه حكم عملى ،

لما أتعامل مع الصلاة كحكم نظرى حكمها أى الجزء العقدى0 فالصلاة عند البعض" لهو"
يضحكون بها على الناس ، ليس لها داع ، عقيدته هكذا عفانا الله وإيّاكم0 والصلاة عندك هى ركن من أركان الإسلام ركن ركين هذا عقيدة أم عمل ؟
إذن مسائل هذا العلم هى كل حكم نظرى لمعلوم ليس لموهوم ، فمن الممكن أن تقول أنا أريد حُكم عصا موسى عليه السلام ماذا كان شكلها ؟ وأريد حكم الكلب المذكور فى قصة أصحاب الكهف ، وحكم سفينة نوح ومِمَ صُنعت من خشب زان أم ماذا ؟ 00 كل هذا كلام غير معلوم وليس له قيمة وليس له وجود 00 لكن نقول : حُكم الإيمان بالرسل ، حكم الصلاة ، حكم الزكاة ، حكم النقاب ، مثلاً حكم اللحية وليس كيفية اللحية وليس الحكم العملى فى اللحية0 لكن الحكم النظرى فكل حكم نظرى لمعلوم مثلاً " الحكم فى الله " الله خير معلوم إنه حقيقة لا مرية فيها من حيث الوجود ، له الكمال المطلق مسـتو على عرشه بائـن من خلقه له ذات مصونة غير وهمية لا تُماثل الأجساد ولا المخلوقات لأنها غير مخلوقة ، جاء من وصفها العين والساق والوجه واليد 00 مثلاً 00 كل هذه أحكام نظرية ليست عملية لمعلوم 0
والعقيدة هى العلم الأعلى أى الحكم العملى أم الحكم العقدى ؟ العقدى ، إذ تنتهى إليه العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاتها وحيثياتها أى تفاصيلها ، فليست له مبادىء تبين فى علم آخر ، كل علم لابد أن يكون راجع إليه ولا توجد مبادىء فى علم الفقه تكون أصول لعلم العقيدة بل هو مبادئه منه لأنه هو الأصل ، والأصل لا يستند ، لو إستند لكان الذى إستند عليه هو الأصل 0 فليست له مبادىء تبين فى علم آخر شرعى أو غيره من المقدمات العقلية واللسان ، بل مباديه إما مُبينة بنفسها أو مبينة فيه مباديه أى مبادئه ، فمن العقائد يُستمد غيره من العلوم الشرعية ، فهى رئيس العلوم الشرعية على الإطلاق ، وبالجملة فعلماء الإسلام قد دونوا إثبات العقائد الدينية المتعلقة بالصانع بالله سبحانه وتعالى أى الخالق وصفاته وأفعاله وما يتفرع عليها من مباحث النبوة والمعاد ، النبوة : أى الإيمان بالرسل، علماً يُتوصل به الى إعلاء كلمة الحق فيها ليس علم جدلى وليس علم سفسطى بل له غاية
مقصود هذه المسائل العقدية إعلاء كلمة الحق فيها ، ولم يرضوا أن يكونوا محتاجين فيه إلى علم آخر أصلاً فأخذوا موضوعه على وجه يتناول تلك العقائد أى موضوع العلم والمباحث النظرية التى تتوقف عليها تلك العقائد سواء كان توقفها عليها بإعتبار مواد أدلتها وإعتبار صورها 00

4 - مصنفاتــه : الكتب فى هذا العلم كثيرة جداً وأحسنها كتب المحدثين، أحسن كتب العقيدة كتب المحدثين مثل السنة للإمام أحمد ، السنة للألكائى ، الإيمان أبو يعلى ،
الإيمان ابن أبى شيبة 00 ابن تيمية بإعتبار أنه من المحدثين الفقهاء يقول أن أفضل الكتب بغض النظر عن أسماء كصنف ( أحسنها كتب المحدثين فى إثبات العقائد على الوجه المأثور من الكتاب والسنة ) هذا إشارة الى قلة شأن كتب علم الكلام المشهورة فى الأزهر وغيره ، إنما أفضل ما كتب فى العقيدة الكتب التى كتبها المحدثون المستمد مادتها من الكتاب والسـُـنة 0
وفى الرد على المتكلمين منها سواء كتبوها من حيث بيان أصول العقيدة أو كتبوها للرد على المتكلمين ، مثل كتاب النبوة لابن تيمية ، الصواعق المرسلة لابن القيم ، إجتماع الجيوش الإسلامية كلها كتب جُعلت للرد على المتكلمين 00
وأفضلها كتب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وكتب تلميذه الحافظ ابن القيم ، وكذلك
الروض الباسم فى الذب عن سُنة أبى القاسم عليه الصلاة والسلام ، أى الجنة الضاحكة الغنّـاء فى الرد عن سنة أبى القاسم للإمام ظ محمد بن أبراهيم الوزير اليمنى ، وهو من جيل الصنعانى أو قبل منه بشىء يسير 0 ومنها كتاب الإيمان للسفرينى ، وكتاب الإيمان لابن أبى شيبة وغيره 00 وهناك كتب كثيرة متنوعة فى هذا الفن ما بين مختصرات ومطولات،
مختصرة مثل : العقيدة الطحاوية ( قبل شرحه )0

5 - أسمائه : - أسماء هذا العلم :
سماه أبو حنيفة - رحمه الله - بالفقه الأكبر ، وسماه كثير من المحدثين بالسُـنة ، مثل السُـنة للإمام أحمد ، والسُـنة للألكائى ، هؤلاء أئمة المحدثين ، وسموا هذا العلم " السُنة " ، وفى مجمع السلوك قال يُسمى بعلم النظر والإستدلال بحيث تنظر فى مسألة النبوات ، وإفراد الله،
اليوم الآخر ، تنظر وتستدل بالكتاب والسـُنة ، ويسمى أيضاً " بعلم التوحيد والصفات " ، وفى كتاب شرح العقائد قال التفتازانى : العلم المتعلق بالأحكام الفرعية أى العلمية يُسمى "علم الشرائع والأحكام" مثل الفقه وغيره ، أما ما يتعلق بالأحكام الأصلية التى هى أصول الدين أى الأعتقادية يُسمى " علم التوحيد والصفات ، ولذلك نجد كتاب إسمه عقيدة كذا مثل
"العقيدة الطحاوية" ، العقيدة الواسطية ، العقيدة الأصفهانية ، العقيدة التبوكية ، على أساس
أنها كتب عقيدة ، ونجد كتاب بإسم التوحيد مثل التوحيد لابن خزيمة فى إثبات صفات الرب
أخذ الإسم الذى بعضهم سماه هكذا التوحيد وإثبات صفات الرب ، وبعض الكتب سمى الإيمان مثل الإيمان لأبى يعلى ، الإيمان للقاضى عياض ، الإيمان لابن تيمية ، كل هذا يُسمى به هذا العلم ، أبو حنيفة سماه الفقه الأكبر صنف كتاب فى أصول معتقد أهل السـُـنة
وسماه الفقه الأكبر0

لكن ملحوظة : هناك كتب تشعر أنها بأسم التوحيد وهى فيها عقيدة مثل كتاب " فتح المجيد" وهو أصلاً شرح لكتاب إسمه " التوحيد " لمحمد بن عبد الوهاب ، هو سماه التوحيد الذى هو حق الله على العبيد 0 مع أنه شرح فيه كثير من القضايا العقدية المتعلقة بالإيمان والكفر وبعيد جداً عن موضوع التوحيد بخلاف كتاب التوحيد لابن خزيمة تجد أنه إسم على مسمى تماماً بخلاف كتاب العقيدة الطحاوية إسم على مسمى لأنه شمل فى الكتاب
معظم مباحث العقيدة إلا الجزء الخاص بالفِـــرق دائماً يسموه ( الفِــرق ) مثل الفِــــــرق
للشهرستانى، والفصل فى الملل والنِــحل لابن حزم أو غيره من كتب الملل والنِحل لا يسمونها عقيدة أو توحيد إنما يسمونها الفِرق 0 وهناك كتب كثيرة فى الفِرق مثل : الفَرْق
بين الفـِـرق للبُغدادى ، الفـِـرق مقالات للإسلاميين لأبى الحسن الندوى وغيره ، كل هذه كتب متعلقة بالفـِـرق وليست متعلقة لا بالإيمان ولا بالتوحيد ( الأسماء والصفات ) وكما قلنا
أن هذه إصطلاحات وكلها عناوين وأى عنوان منها طالما يُستعمل فى العلم فلا إشكال 00

* * هذه مقدمات بسيطة لكى يكون درسنا درس علمى ويكون تعاملنا مع علم
ماهو هذا العلم ؟
ولابد أن تعرف أننا نحاول بقدر الإمكان بفضل رب العالمين أن يكون مستوى الدراسة فى المسجد وعلى الأرض أعلى من مستوى الدراسة فى أخص خصائص المعاهد العلمية بفضل رب العالمين 0 وهناك من يجلس فى دروس العقيدة الطحاوية من يقوم بتحضير دكتوراه أو ماجستير وكانوا يشهدوا أنهم لم يجدوا مستوى دراسة فى معاهدهم أو مع أساتذتهم مثل ما وجدوه بفضل رب العالمين فى المسجد لأنهم يتعاملون فى معاهدهم مع المادة من منطلق تعليمى محض ، فلا تظن أن درس العقيدة معناها أننا سنفعل مثل بعض الناس فيكون عبارة عن : الله جميل وكريم ، وأنظر : البقرة فيها لبن ، والنحلة فيها عسل،
00 لا 00 هذا كلام معذرة ً بالطبع يُقرب معانى ويذكر دلائل لكن دراسة علمية ، لذلك لابد أن تجاهد نفسك ، وأنا أعلم أنه سيُصيبك ملل كبير جداً لأن المادة الوحيدة التى يزهد فيها جمهور المسلمين هى مادة العقيدة ، وهذا سببه ثلاث أمور :
1 - جهلهم بها وبقيمتها خاصة ً أن كثير من الناس لبـّـسوا علينا وأفهمونا إن أنت طالما تقول " لا إله إلا الله محمد رسول الله " هذه هى العقيدة ، إتعلم كيف تُصلى ، أحكام القرآن،
00 أنا علمونى هذا وأنا صغير ، فلما قلت نريد أن نتعلم وندرس العقيدة قال : أليست العقيدة لا إله إلا الله فقط ، قابلنى شخص فقال لى عرفت أنك تدرس عقيدة منذ عشرين عاما ً ،
ما الذى تقوله طيلة هذه الأعوام ؟ إن درس العقيدة كله نقوله فى ساعتين فى جلسة مع الإخوان أو شهر بالكثير 0
2 - صد الشيطان لو كان يصدك عن أى درس قيراط سيصدك عن درس العقيدة 24 قيراط
ولاحظها مع نفسك0
3 - شـدة المادة : فهى مادة جافة غير مسلية ، وهذا لأنها مادة شديدة قوامها قوى 0 غير السيرة وغير أن تكون أحكام فقهية هذا يجوز وهذا لا يجوز ، فتشعر بشىء من النشاط الذهنى 0
هذه الأسباب الثلاثة لابد أن تنتصر عليهم وتجاهد نفسك وتصبر 0

ملحوظة : ماذكرته فى غاية المادة مختصر من أبى العلوم للقنوجى ، وهو مرجع معروف يشرح العلوم وقيمتها ومبادئها على جميع العلوم ، وهو كتاب مشهور يعرفه المتخصصون
وهو كتاب للبحث وليس للقراءة لأنه يعرض كل العلوم وقيمتها ومصنفاتها ومن كتب فيها مع تصريف وتحويل أى إضافة 00
إن شاء الله سيكون موضوع درسنا ومادته من الكتاب لكن هذه المقدمة فقط لتعريف التعريفات وقيمة العلم وهدفه وتشويق لذلك وتكون مقدمة علمية للمدخل إلى ذلك ، أقرأ معكم الآن مقدمة للمؤلف قال :" الفاتحة " سوف أقرأها فقط ولن أشرحها لأنى لو شرحتها سنمكث فيها مدة طويلة ونحن نحتاج الى المادة أكثر 0
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،
من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادى له ، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً 00
هذه المقدمة حوت أركان عظيمة من أركان العقيدة وتُعتبر من أغنى الألفاظ التى تحوى قضايا عقدية عظيمة ، ولذلك من السُـنة التقديم بها فى العمل ، وهى جزء مما يُعرف بخطبة الحاجة 0
أما بعد 00
فإن أصل الفساد مخالفة الحق تعريف ماهو الفساد ؟ ضد الحق ، ضد الصلاح وتنكب طريقه أى إن البشرية يفسد حالها إذا خالفت الحق وتنكبت طريق الحق ، وصلاح الأمر كله فى إتباع الحق وإلتزام طريقه وهذا فى المقابل0
هذه مقدمة عظيمة جداً تؤصل عندك الأصول - قيمة علم العقيدة - أى فساد فى الكون مخالفة الحق وعدم إتباع طريق الحق ، وأى صلاح فى الكون ليس له سبيل إلا بإتباع طريق الحق بحيث لا يظن أن هناك صلاح من عند غير الله فى قوميات أو إشتراكيات أو فى أيدلوجيات بشرية أو نُظم سياسية أو تحالفات عسكرية أو مناهج ديمقراطية يخترعها الخلق ، كل هذا لا يؤدى أبداً إلى صلاح وإن ظهر للناس بجهلهم وقصور فهمهم ذلك ، لكن الصلاح طريقه واحد وهو ما كان من عند الله سبحانه وتعالى 0
والحق هو الوضع الثابت الذى خلق الله عليه مخلوقاته ، الحق هو التركيب والإنسجام الكونى ما بين ما أمر الله به وما خلق ، ولذلك قال تعالى : " ألا له الخلق والأمر " 0
ولا يمكن أن يكون هناك صلاح إذا كان الأمر من عند غير خلق من عند غير من خلق
إذا أنت طلبت من عند غير صانع الماكينة أن يُشغل الماكينة لابُد أن يُفسدها فأفضل من يُشغل الماكينة هو من صنعها ، ولما كان الإنسان خالقه هو الله فلا يمكن أن يكون له صلاح إلا إذا كان آمره هو الله " ألا له الخلقُ والأمرُ " 0

وكل إنسان أخذ من أمر الله بعض وأخذ من غيره بعض - سواء كان غيره هذا الهوى أو الشيطان ، البشر ، العوائد ، التقاليد ، كلام الخلق ، جموع الناس ، آراء العقلاء ، أى كان الغير - لابُد أن تفسد هذه الآلةلأنها ائتمرت فى بعض شأنها بغير أمر صانعها ومركبها وهو الله الذى خلقها 0 أو أرادها أن تكون عليه التركيب الربانى ذلك أنه ليس من مخلوق فى الدنيا إلا وخلقه الله وحده لم يُشاركه أحد فى خلقه وليس من مخلوق فى الدنيا إلا وجعله الله سبحانه وتعالى على وضع مُعين وضع الهواء ، وضع الماء ، وضع الشجر ، وضع الحجر ، وضع الآدمى، وضع الحيوان ، وضع الأسماك ، وضع الميكروبات - ما من مخلوق إلا وضعه الله تعالى على وضع معين ونظم معين ، ولذلك أنتم ترون أن أحوال الخلق فسدت بسبب بُعدها عن أمر الرب تبارك وتعالى ، وكذلك نظم الكون من طعام وشراب ، مؤتمرات ولجان لمراقبة ما يحدث فى الكون من تغييرات ومنع زيادة أو إنبعاث غاز معين يؤثر على طبقة الأوزون ، وكثرة الفساد فى الهواء والماء بزيادة المبيدات والتغييرات ، كل هذا عبارة عن تدخل الناس بجهلهم وعقولهم القاصرة فى النظم الكونى الذى نظمه الرب ، فلا يمكن أن ينتج من هذا الفساد إلا فساداً
لأنهم غيروا ما نظمه الله تبارك وتعالى ولا يمكن أن يكون صلاح أو خير إلا على هذا النظم 0ودبر أمره بكيفية معينة والله سبحانه وتعالى كامل مُنزّه عن الخطأ ، نحن رأينا فيما تعلمنا فى العلوم الدنيوية أن المسائل تظل عشرة وعشرين وثلاثين وأربعين ومائة عام ثم يخرج الخارج بأن مامضى كان خطأ يستعمل الدواء على أنه من أنفع الأدوية وبعد عشرة أو عشرين عام يُقال : هذا دواء من أخطر مايكون ويُمنع على مستوى العالم
فى حين أنه حين ظهر كان العالم كله يُهلل لظهوره مثلاً كان فى الماضى يستعملون فى الحقول مادة تسمى ال د0د0ت0 كمطهـّـر للآفات ، الآن هذه المادة كما يقول النظام العالمى هى من أخطر ما يكون ويُجرّم إستعمالها ، وفى الماضى لما إنتشر الطاعون
والأوبئة المعوية ظهر دواء مشهور إسمه " الكلورمفنيكول " نوع من المضادات الحيوية
وكانت ثورة وهللت الدنيا كلها لما ظهر هذا الدواء الآن هذا الدواء يُحظر إستخدامه لأنه يؤثر تأثيراً شديداً جداً على تكوين الدم وضار للغاية ، وهكذا 000 أنا أضرب أمثلة قريبة لأسماء تعرفونها لكن فى الحقائق العلمية هناك أشياء كثيرة جداً ما بين أن يظهر شىء
والناس تقول هذا شىء عظيم هذا ثورة علمية ، العلم نفع الناس ثم يظهر خلافه بالرغم من أن هذه الأشياء إنما أوجدوها على سبيل الإصلاح لكنها دخلت فى النظام الذى ركبه ربنا جل وعلا ، لكن لماذا الأمر الربانى ليس فيه خطأ ؟ لأن الأمر الربانى ليس نظرية علمية وليس بحث أكاديمى من عند من لا يعزُب عن علمه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض لأنه حكيم ، عليم ، خبير ، إنتبه خبير كل شىء ماذا تحتاج إليه ؟ كيف نظمه ؟ كيف يكون شأنه على خير ما يكون ثم لما يقضى بشىء لا يقضى بشىء متعارض حكمته تمنع علمه أن يصل به الى المطلوب وخبرته تصل به الى النافع وحكمته تمنع التعارض فيكون القرار ، الحكم ، الأمر لا يظهر إلا بعد خمسين سنة ولا مائتى أو ثلاث مئة سنة خراب هذا الحكم وفساده ابداً بل كل يوم يشهد الناس بصلاح الأمر 0 لكن نرى أن الحقائق التى تأتى من العقلاء والحكماء والباحثين والعلماء بعد عشرات السنين يشهد أقرانهم وأمثالهم بفسادها وخرابها ،
فالصلاح كله فى خلقه وتدبيره كان الأوْلى أن يقول أوامره وكل شىء يحول عن الوضع الإلهى والتدبير الربانى يفسد أى إنحراف عن التركيب الربانى يحدث ماذا ؟ يفســــــــــد
فهذه السموات والأرض خلقهما الله بالحق ودبر أمرهما بحكمته فصلحتا بخلقه وتدبيره سبحانه قال تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ونحن نرى الفساد بسبب الآلهة غير الله عُبدت العقول ، عُبدت العلمانية ، عُبدت البحوث العلمية و التقدمات و صار ُيطلب الصلاح من الجهات العلمية و من البحوث ألاترى اليوم بحوث ينفق عليها مليارات . مليارات يمكن أن تجعل الناس جميعا أغنياء ، كل البشر هذه المليارات تنفق لكى يستنسخ قط ، و كلب املا ً أن يستطيعوا أن يصلوا إلى سر الحياه و يمنعوا الموت، أنظر إ لى السفة لماذا ؟ لأنهم يطلبون الصلاح من عند غير الله سبحانه و تعالى .. فلما وجدت اَلهه اَخرى بأسم العقول و الهوى و الحكمة و العلم عُبدت و أصبح يُنظر إليها على أنها حقائق علمية و مؤسسات علمية عريقة و مختبرات علمية متقدمة و انت تسمعها يرج .. ابدأ ..لن يأتى إلا الخراب حتى و إن كانت تصلح فى أمور فإنها تُفســـد فى كثير " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "0
والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل فأتى للإنسان على الخصوص وصلاح حياته مرهون بمعرفة الحق وإتباعه ، أنت كإنسان تعبان ، مُعقد ، زهقان ، مألوم ، مكلوم ، مصائب كثيرة ، شدائد ، وطأة الحياة ، أمراض ، أوجاع ، 00 لن ينصلح لك حال إلا إذا سرت على أمر من خلقك مثل الكون كله وهذا نظم فى الكون كله وفسادها أى فساد حالك نتيجة محتومة لجهله بالحق أو تمرده عليه وإن عرفه 0
ولما كان الله سبحانه هو الحق ومنه الحق وأمره وتدبيره هو الحق فإن سبب فساد الحياة البشرية كلها هو الكفر بالخالق والكفر بأمره وتدبيره وبما أنزل من الحق ، وسبب صلاح هذه الحياة كلها هو الإيمان بالله عز وجل وبما نزل منه والإلتزام بإرادته وأمره فى أوضاع الإنسان كلها ، ولذلك قال عز من قائل :" فمن إتبع هُداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى " طه 123 ،

124 - اُنظر الله عز وجل قارن بين مصيرين ، بين نتيجتين : " فمن إتبع هُداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى" البعض يظن أن الضنك هو شظف العيش وقلة الوجد وقلة ذات اليد فلان فقير فلان يلبس المرقع فلان يسكن داراً ضيقاً فلان لا يجد كثير من الطعام ، فيروا أن هذا ضنك أبداً 00 الضنك هو ضنك القلوب لطالما كنا نسمع من أجدادنا فيما يرووه لنا من حكايات أن فلاناً الفقير يضحك ويهنأ مع أولاده وفلان الغنى صاحب القصور مهموم يبكى حزين ، كان دائماً يحكون لنا قصص كثيرة أن فلان كانت لديه نعجة وفقير وآخر اليوم يضحك م' أولاده ، وفلان عنده ذهب لكنه حزين فيحسده ويتعجب ويقول أنه لا يجد الطعام ويأكل خبز بلا أدم ولكنه يضحك 0 هذه الحكايات أصلها التفريق ما بين الضنك وعدمه0
الضنك قال ابن عباس ليس الضنك فى قلة العيش وقلة الوجد إنما أن يكسب مالاً من حرام فيُنفقه فى حرام فيسود قلبه ، الضنك أن تكون فى مناصب ولا تشعر بأى راحة ،
تكون فى سلطان وتشعر بالرعب وعندك خَوَر فى نفسك ، لما تجلس مع نفسك تشعر بقبض 0 الضنك أن تتقلب فى وثير الثياب وفاِره الدواب وفسيح الدور وأنت مأزم نفسياً، تشعر أن لا طعم لحياتك 0 لو أحدكم عفانا الله وإياكم زار المصحات النفسية ومستشفيات الأمراض العقلية لوجد أن غالب نزلائها من ذوى الأموال ، ومن أبناء الطبقة العُليا ، حتى ترى المرأة وضيئة الجمال أو الشاب مُنـعـّـم وعنده لوثة نفسية : كيف؟ والرجل الذى ينام تحت السلم ولا يجد الطعام ويعمل طيلة النهار من كثرة أعبائه وصاحب البيت يخانقه لتأخره فى دفع الإيجار ، وصاحب العمل يذله ليعطيه جنيه فى اليوم ، ورغم ذلك لم يذهب لمصحة الأمراض النفسية لماذا ؟ لأن الرجل عنده من الإيمان 0
سائل يقول : معنى ذلك أن كل فقير سعيد ؟ 00 لا 00 كل مؤمن ، والغالب من المؤمنين من الفقراء " مانراك إتبعك إلا الذين هُم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل " أى لا نرى معك إلا قليل من الناس الغلابة وصنيعية وبوابين وناس حتى عائلتهم متواضعة 00 وأول من نصر النبى صلى الله عليه وسلم وكان معه بلال رضى الله عنه ، وعمار كانوا فقاء ، فضلاً عن أبى بكر هذا نجم من نجوم الهدى لكن العموم كانوا فقراء ، هم هؤلاء أتباع الأنبياء وهم هؤلاء السُعداء بدليل أن منهم من يتعرض لظروف تجعلنا نمزق ملابسنا ونشد شعورنا لكن هو مبسوط ويُسجن ويُعتقل ويُعذب ويُضغط عليه ويُطرد من عمله ويتعرض لمشاكل كثيرة جداً ومع ذلك يضحك 00 لماذا ؟ لأنه مشروح الصدر0
وفى المقابل الآخر فى الغرب مثلاً إذا صديقة الشاب غضبت منه يذهب لأعلى مبنى وينتحر مجرد أنها غضبت 0 لأنه أساساً جاهز للإنتحار 0
ما أقصده أن الضنك ليس ضيق العيش وضيق الوجد إنما هو أمر فى القلوب 00 فى الصدور 00 والذى يتحكم فى الصدور والقلوب هو الله سبحانه وتعالى 0
ولايتبع هُداه إلا من آمن به وذكره وأستشعر وجوده وصفاته وعظمته سبحانه ، ومن نسى ذكر الله أعرض عن هُداه ، والإنسان ممتحن فى هذه الدنيا بهذين الأمرين : ذكر الله وإتباع هُداه أو نسيانه والضلال ، فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما طريق الإيمان والهُدى والسعادة فى الدنيا والآخرة ، وطريق الكفر والضلال والشقاء فى الدارين 0

أنت مختبر بأن تؤمن بالله وتهتدى أو تكفر وتضل فتقف هكذا كأنك مسافر فى طريق الذى كان واحد فجأة أصبح طريقين ، هل يا ترى أسير فى هذا أم ذاك ؟ إلا أن السير فى طريق الهُدى محفوف بالمكاره ، والسير فى طريق الكفر والضلال محفوف بالشهوات ،
فقد يتعجل الإنسان فيهلك ويصبر فينجو ، ولذلك من أراد النجاة لا بُد أن يعلم أنه ليس هناك طريق للنجاة إلا الإيمان والهدى ويعلم أن الإيمان والهدى لا يتحقق إلا بفضل الله ، وبالتالى ينبغى أن يطلب أسبابه ومن أول أسبابه أن يتعلم مقتضى الإيمان بالله ومقتضى الهدى 0
نكتفى بهذا وأسأل الله أن يجعلها بداية خير وحُسن عهد مع الله سبحانه وتعالى 00

......................يتبع......................
**********************
رد مع اقتباس