عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 02-03-2012, 09:08 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

مسألة ترشح المرأة في الانتخابات :
نختم الحديث عن هذه المسألة لِما لها من أهمية في هذه الفترة التي نمرّ بها , هذه المسألة صار فيها الجدل منذ سنين , وتجدد الحديث حولها الآن , والكلام عن هذه المسألة سيكون من خلال أمرين : الأمر الأول : حكم ترشح المرأة , والمسألة الثانية : حكم تصويت المرأة في الانتخابات .
المسألة الأولى : حكم ترشح المرأة :
إذا قلنا بجواز ترشيح المرأة , فهذا يلزم منه أن تكون رئيسًا لمجلس الشعب , وهذه ولاية عامة , وبعض أهل العلم ألَّف في ذلك مؤلَّفًا حرَّم فيه ذلك , ومنع فيه من ترشح المرأة , ومن الانتخاب أيضًا , واستدل بعضهم باستدلال ضعيف يمنع فيه خروج النساء , وهو قوله تعالى : ] وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [[الأحزاب: 33] ؛ لأنه يمكن أن يجاب عليه بأن التصويت ممكن أن يكون عن طريق الكمبيوتر , وحتى ذهابها لمجلس الشعب سيكون عن طريق الدوائر المغلقة , فهذه ليست العلة التي يدور عليها الأمر .
لكننا نناقش الآن الذين منعوا بكلام معتبر , فالمانعوان أداروا هذا المنع على دليلين :
الدليل الأول ( دليل إجمالي ) : وهو أن دخول المرأة في هذا المعترك لسياسي , هذا ما يريده العلمانيون ؛ لأن العلمانية ( اللادينية ) قائمة على عزل الدين , ومِن ضمن عزل الدين أن لا يكون ثمة فارق بين الرجل والمرأة , وترشح المرأة للانتخابت يلزم منه خروج المرأة للشوارع , وكشف وجهها , وسفرها , للإجابة عن الاستفسارات التي توجَّه إليها .
ودور المرأة في الشرع هو تربية الأجيال , فإذا رجعنا إلى عظماء الأمة كأحمد بن حنبل وصلاح الدين سنجد أن الشيء المؤثر في حياتهم هو أمهم , لكن العلمانيين يحاولون أن يقنعوا المسلمين بأن الأم عبارة عن خادمة , وهذا تحقير لشأنها , والعجيب أن الراجح في الشرع وهو مذهب الجمهور , أنَّ المرأة لا تجب عليها الخدمة ؛ فالذي يريدون أن يقنعوا به المرأة ليس من الدين , وإنما دور المرأة فقط في رعاية الأبناء ؛ كما قال النبي r : وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا .
بل حتى المهر الذي يدفعه الرجل للمرأة , ذهب البعض إلى أن هذا مقابل الاستمتاع , وهذا الكلام ضعيف ولا يقوم على أدلة , ولو كان صحيحًا للزم منه أن تدفع المرأة أيضًا مقابل الاستمتاع , والقول بأن النفقة على الزوجة مقابل الاستمتاع , يلزم منه أنه لا ينفق عليها إذا وصلت إلى سن اليأس .
فكما قلنا : إن دخول المرأة إلى هذا المعترك السياسي سوف يشغلها عن دورها الأساسي , وبالفعل هذا استدلال صحيح .
فاعترض المجيزون على هذا الاستدلال بأنه يمكن أن تكون المرأة كبيرة في السن , أو غير متزوجة أو ليس عندها ارتباطات ... الخ .
وهذا الكلام فيه مغالطة شديدة , ومعناه أن نقول : لا نرشح إلا مَن كان حالها كذلك , والقانون أصلاً يشترط أن لا يقل سن الترشح عن 23 سنة , فهذا نوع من تسطيح الأمور , ولا يصح أن نقول هذا .
الدليل الثاني : أن ترشح المرأة للانتخابات يؤدي بها إلى أن تكون على رأس السلطة أو الحي أو المدينة بأكملها , وهذا مما يمنعه الشرع طبعًا .
الدليل الثالث : قوله تعالى : ] الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [[النساء: 34] , فالرجل هو الذي يقوم على أمر المرأة , وهو الذي له الكلمة , وترشح المرأة للانتخابات يؤدي إلى أن تكون رئيسته ورئيسة مَن عيَّنه .
والأهم من ذلك أن المرأة بالإجماع لا تؤم الرجال في الفرائض , ولا زوجها ولا ولدها , فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لها أيضًا بقياس اللأولى أن تكون وليَّة في أشياء أخرى .
وهذا القياس قياس صحيح وقوي , وإن خالف فيه البعض وقال : هذه مسألة تعبدية , فالمرأة لا تستطيع أن تعقد النكاح لابنتها , لكنها تستطيع في شرع الله أن تديرَ أموالَها ولو عمَّت الأرض كلها , ولها في شرع الله ذمة مستقلة .
فمسألة أنه ليس لها ولاية في النكاح والصلاة , يمكن أن يعارض بأن هذا أمر تعبدي , وليس لزوجها ولاية عليها في تجارتها , وإنما هو وكيل فقط , فممكن أن نقول : قوامة الرجل محدودة وليست مطلقة , فمن الممكن للمرأة أن تخلعه .
لكننا لا نستطيع أن نقول نفس الكلام عند قوله r في الحديث الصحيح لَمَّا هَلَكَ كِسْرَى قَالَ : مَنْ اسْتَخْلَفُوا ؟ قَالُوا : ابْنَتَهُ . فَقَالَ النَّبِيُّ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً .
بعض أهل العلم قالوا : هذا مخصوص بهؤلاء , ولكن الصحيح أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب , ومما يدل على ذلك : ما فهمه الصحابيّ راوي الحديث ( أبو بكرة ) عندما لم يخرج في موقعة الجمل وقَالَ : عَصَمَنِي اللَّهُ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r , وذكر الحديث .
وعائشة أيضًا ندمت على خروجها هذا , عندما وصلت إلى مياه الحَوْأَب , فتذكرت قول النبي r : أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ؟ يعني : كأنه r يعرِّض بأن هذا الخروج فقط , فلمَّا وصلت إلى هذا المكان وسمعت نباح الكلاب , بَكَت .
لكن الظاهر من الحديث أنه يتكلم على الولاية العامة ؛ لأن المرأة لها ولاية في أنشطة كثيرة , ولها ذمة مالية منفصلة , ولم يمنعها الشرع من مثل هذه الأشياء .
المسألة الثانية : حكم أن تنتخب المرأة :
ذكر المانعون أدلة كثيرة لترشح المرأة في الانتخابات ؛ وبناءً عليه منعوا من أن تنتخب , لكن في الحقيقة لمَّا ننظر إلى كلام الطرفين سنجد أن أدلة المانعين ليس لها علاقة بالامتناع عن الترشيح ؛ فإذًا إجراء هذه الأدلة على منع انتخاب المرأة غير صحيح , بل نحن نقول العكس أن خروج المرأة للانتخابات أصبح واجبًا , وقد قال بذلك سابقًا الشيخ صالح بن عثيمين ولجنة الفتوى وعلماء آخرون ؛ لأن هذه شهادة لله , ولابد أن تقيم المرأة الشهادة لله , وإن لم تُعط صوتها إلى الرجل الصالح , سيفوز عليه العلماني الآخر , وتكون بذلك ساعدت على المنكر .
فإذًا ذهابها هذا واجب , لكن يبقى الإشكال في مسألة ترشيح المرأة , وفي الحقيقة هذا إشكال والأدلة تعارضه , فالأدلة على ظاهرها تمنع من ذلك .
فنقول : لا يجوز ترشح المرأة من الجهة النظرية , لكن إذا نظرنا إلى ذلك في واقعنا , سنجد أن ترشح المرأة شرط في الانتخابات أن تكون المرأة في القائمة , ولا يُشترط – والحمد لله – ترتيب معيَّن في القائمة , فمن الممكن أن توضع في آخر القائمة ؛ لأنه لا يفوز في القائمة إلا الأول والثاني , ولا يمكن أبدًا أن نترك الأمر بالكلية لمَن لا يحكم بشرع الله , أو حتى لمَن يؤخر شرع الله , وطبعًا وقتها لن يبقى أمامنا إلا رفع السلاح , وهذا الحل مرفوض جملة وتفصيلاً .
فإذًا إدخال اسم المرأة وترشيحها , هذه ضرورة , وهذه الضرورة هي نفس الضرورة التي جعلتنا ندخل في النظام البرلماني رغم أننا نعلم أنه لا يُحكِّم شرع الله , وإنما قلنا بذلك لأنه سوف يوقف الفساد أو يقلله , فأصبح وجودنا في هذا المكان فرض .
وأمَّا القول بأن المرأة مأمورة بأن تَقَرَّ في بيتها , فأمر المرأة بأن تقرَّ في بيتها , لا يعارضه أن المرأة كانت على عهد النبي r تحافظ على صلاة الجماعة , وتخرج لسؤال النبي r مع إمكان أن ترسل مَن يسأل لها من أهل بيتها من الرجال , وكذا كانت تخرج المرأة إلى الأسواق التي فيها المسلمين واليهود , ومعلوم أن اليهودي الذي راود المرأة على كشف وجهها كان في السوق , بل كانت المرأة تخرج إلى الغزوات ويحملن الأسلحة على عهد النبي r .

انتهي
وكتبه الشيخ ممدوح جابر حفظه الله
لاتنسونا من دعواتكم

التعديل الأخير تم بواسطة هجرة إلى الله السلفية ; 02-03-2012 الساعة 09:35 PM
رد مع اقتباس