عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 09-30-2010, 03:58 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذا ؟ المجتمع لا يرحب بالعملية ، والزواج الثاني يعتبر عار وتعدي وغير ذلك ، وحقوق المرأة والكلام الضخم الذي يقولونه والعناوين الكبيرة ، أليس من حق هذه المرأة أن تسعد ، وترتدي فستان الفرح وغير ذلك ، أليس هذا من حقها ؟ أليست إنسانه لها مشاعر ، ما معني طلقت ؟ ليست هي آخر امرأة طلقت في الدنيا ، ولا نعرف حقيقة الأمر من الذي أخطأ ، لكن هي طلقت والسلام ,فموضوع السر هذه يكون الرجل لما يتزوج المرأة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لا يهنأ بالزواج ، وكثير جدًا يعملها في السر ، وأنت تعرف المرأة عندها قرون استشعار ، أول ما تعمل تعرف أنه متزوج ولاسيما إذ لم يكن ذكياً، كان غبي أو الثانية ترسل له رسالة وهو ينسى أن يمسحها ، ونحن نقول لكم حاجات تساوي فلوس ، ثمنها غالي ، تأتي الثانية وتبحث في المحمول ، والزوجة فضولية تجد الثانية أرسلت له جواب غرامي ملتهب ، حتى لو هي تعلم أنه متزوج قصة التعدد أنا أرجو أن ينظر فيها المجتمع كله نظرة اعتبار ، لأنه سيحل لنا مشاكل لا آخر لها وإن كان فيه ألم فعلاً ن ويكون فيه أيضًا كسر نفس للمرأة لكن أين البيت الذي يخلو من المشاكل ، يكونا هم الاثنين فقط ويكونوا بينهم جنون ، وأنا أريد أن تذهب إلى المحاكم في قسم الأحوال الشخصية وانظر إلى الخلع ، والطلاق الموجود في المحاكم لن تجد نسبة عشر في الألف إن فيه ناس معددين عاملين ذلك ، عشر في الألف لن تجد ، من الذي يرفع على الثاني خلع وطلاق رجل مع امرأة بمفردهم .فلا يأتي واحد ويقول أن التعدد فيه مشاكل ، هل تخلوا من المشاكل ، أنت تقضي يومكم على المقهى لأنك خائف تذهب وتفتح فصل النكد حتى الصبح وبدل ما نذهب للبيت ونتعجل النكد نجلس على المقهى ، وأذهب بالليل أجدها نائمة ، وبعض النساء الذين انتبهوا لحركات الزوج ، تعرف أن لا يأتي إلا الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، فكانت تنام له من بعد العشاء ، لكي أول ما يأتي تتهجد وتقوم الليل فيه ، الاثنين خاليين من المشاكل ، لا ، لا يخلون من المشاكل ,فلا تقول لي إن التعدد سيكون فيه مشاكل وأن المرأة ستنظر للضرة وغير ذلك ، ما هو هذا موجود ، تكون المرأة بمفردها وتغير من أم الزوج ، أو من أخته أو من أخ الزوج ، وتغير من زوجة أخوا الزوج ، وعلى رأى من يقول مركب الضرائر سارت ومركب السلائف غارت ، الضرائر ممكن يجتمعوا على الخير ، ويرضون بالمسألة غير السلايف ، والسبب في ذلك أن الضرائر لرجل واحد يريدون أن يحركوا الدنيا حتى لا يخرب البيت ويهدم عليهم جميعًا إنما السلائف لماذا يجمعوها ، لا يجمعوها .المسألة هذه فيها كلام كثير ، وكما أن بن الجوزي له تجارب في هذه المسألة أنا لي تجارب مع المجتمع ومع الناس المعددين والذين يريدون التعدد ، والحقيقة أن أنصح بخلاف ما بعض النساء يتصور أنني أتيت على النساء في هذه المسألة لا ، أنا لا آتي على النساء في هذه المسألة لكن أنا عندي دوافع وعندي الخبرة والمعطيات التي تجعلني أقول هذا الكلام ،.فالقصد أن الرجل لو تزوج بأكثر من امرأة ومفتوح باب الجهاد وعندنا الإماء والسراري وغير ذلك فأكثر الرجل من ذلك ، فهذا لا يدل علي أنه منكب على الدنيا ، لا ، لماذا ؟لأن بن الجوزي يقول: ( لِلأَولَادِ فَهو الغَايَة في التَّعَبُدِ )وإن كان للتلذذ فمباح وحسبك حديث أبو هريرة الذي رواه بن ماجة وأحمد وبن أبي شيبة وغيرهم من حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود وعاصم هذا هو صاحب القراءة المشهورة ، حفص عن عاصم عاصم بن أبي النجودعن أبي صالح عن أبي هريرة وهذا سند جيد ، أن النبي- صلي الله عليه وسلم-قال:" إن الله ليرفع الرجل الدرجة في الجنة فيقول يارب أنى لي هذه ، فيقول: باستغفار ولدك لك " ، وكثرة النساء مظنة كثرة الرجال ، وأنت لا تدري من الولد البار الذي أنت ستنتفع به .
يَسْرُدُ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ قِصَّةَ أَحَدٌ الْآَبَاءُ الْنَّادِمُ عَلَيْ عَدَمِ إِنْجَابِ عَدَدَا أَكْثَرَ مِمَّا أَنْجَبَهُفيه واحد كلمني قابلني مرة وقال أنا أريد منك أن تضربني بحذائك ، فقلت له لماذا ؟ قال: أخطأت غلطة عمري ، قلت له: ما هي غلطتك ؟ قال: سمعت كلامهم في تنظيم الأسرة وأنجبت عدداً من الأولاد والبنات ، وزوجتي كانت حامل فقلت لها أما أن تسقطيه أو تكوني طالق ,البنات تزوجوا وبقي الولد الولد عاق لا يسمع كلام أبوه ، والأب حتى اليوم بالرغم من أنه عمره ستين ويزيد هو الذي ينزل إلى السوق ويأتي بالخضار وغير ذلك ، والولد لا يعجبه نظام الروشنة والمحمول الذي سعره أربعة ألاف وستة ألاف وهذه الحدوتة ، ويقول لدرجة أن الولد وأنا أكلمه ذات مرة فغضب مني وأنا خارج أغلق الباب ورائي وأغلقه على رجلي فيقول: أنا أخطأت غلطة عمري لو كان عندي ولدين أو ثلاثة كان إذا عقني هذا برني ذاك ، لكن أنا لا أري إلا العقوق كَثْرَةِ الْأَوْلادُ هِيَ مَظِنَّةُ الْبَرِّ، لِذَلِكَ هَذَا يَدْخُلُ فِيْ الْتَّعَبُّدِ :كما قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كما روا بن أبي الدنيا في كتاب العيال ( إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله من صلبي نسمة توحده )، فيكون عندي أولاد بررة وعندي أولاد متعبدون ، والولد من كسب أبيه ، امتداد لأبيه ، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾(الطور:21).
انتهي الدرس الخامس عشر
المحاضرة السادسة عشر
قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-:وهو يتكلم عن الاستمتاع بالدنيا على الوجه المشروع لا يذم صاحبه بل يمدح وذكر المال ثم ذكر النكاح .قال: (وإنَّ أكثر من النِّكاحِ والسَّرَارِي كان مَمدُوحًا لا مَذمُومًا ، فقد كان للنبي- صلى الله عليه و سلم- زوجاتٌ وسَرَارِي وجمهُور الصَّحابةِ كَانُوا على الإِكثَارِ من ذلك وكان لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه - أربَعُ حَرائِر وسَبعَ عشرة أَمة وتَزوجَ وَلدُه الحَسن نَحوًا من أربعِمَائة , فَإن طَلبَ التَّزُوجَ لِلأَولَادِ فَهو الغَايَة في التَّعَبُدِ ، وإِن أَرَادَ التَّلَذُذَ فَمُبَاح يَندَرج فِيه مِن التَّعَبُد مَا لا يُحصَى مِن إِعفَافِ نَفسِهِ والمرأةَ إِلَى غَيرِ ذَلِك وقَد أَنفَقَ مُوسى- عَليهِ السَّلامِ- مِن عُمرِهِ الشَّريفِ عَشرَ سِنينَ في مَهرِ ابنَةِ شُعَيب وذلك كما حكاه الله- عز وجل- في سورة القصص لما قالت المرأة لأبيها: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ(القصص:26) ، ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾(القصص:27) .
هنا يقول بن الجوزي- رحمه الله- أن والد المرأة هو شعيب النبي وهذا قال به طوائف من أهل التفسير ولكن لا دليل عليه ، بل لعل الدليل على خلاف ذلك ، وأنه رجل صالح وليس شعيب النبي ، لأن شعيباً- عليه السلام- قال لقومه:﴿ وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ(هود:89) ، ونحن نعلم أن لوطاًكان في زمان إبراهيم- عليه السلام- وهو بن أخي إبراهيم- عليهما السلام- ،وبين إبراهيم- عليه السلام- وبين موسى أكثر من أربعمائة سنة كما ذهب إليه بعد أهل التأريخ ,فلما يقول: ﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ، أي أن العهد قريب ، قوم نوح أبعد وقوم هود أبعد وقوم صالح أبعد ، وأقرب الناس إلى شعيب النبي قوم لوط ، فبعيد جداً أن يدرك موسى- عليه السلام- شعيبب النبي- عليه السلام- ، ولذلك هو رجل صالح ، وليس شعيب النبي يقول: مما يدل علي فضل النكاح أن مُوسى- عَليهِ السَّلامِ- أنفق مِن عُمرِهِ عَشر سِنينَ ، أجرَّ نفسه ، عمل بالأجرة عشر سنين ، هو طبعاً اشترطوا ثمانية على سبيل الجزم قَالَ:﴿ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾ وفي صحيح البخاري أن رجلاً من اليهود سأل سعيد بن جبير- رحمه الله- عن أي الأجلين قضى موسى- عليه السلام- فقال له: لا حتى أقدم على حبر العرب وهو بن عباس ، وحبر العرب ، وبن عباس كان في مكة فلقيه سعيد بن جبير فسأله أي الأجلين قضى موسى ؟ فقال أطيبهما وأوفاهما ، أو أطيبهما أو أكثرهما . إن رسول الله إذا قال فعل ، وهذا كلام بن عباس ويقصد برسول الله موسى- عليه السلام- ، وأنه لا يعد ثم يُخلف ، لأننا كما ذكرنا في المرة الماضية أن إخلاف الوعد لؤم والأنبياء منزهون عن هذا .يقول بن الجوزي: (فَلولَا أنَّ النِّكاحَ مِن أَفضَل الأشيَاء لَمَا ذَهبَ كَثيرٍ مِن زَمَانِ الأَنبيَاءِ فِيه)وكما قال تعالى:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾(الرعد:39) ، وتعلمون حديث أنس الذي فيه أن ثلاثةً من المسلمين ذهبوا إلى بيوتات النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فكأنهم تقالوها ، لأن النبي- صلي الله عليه وسلم- كان أحسن الناس خلقاً مع المرأة ، والذي ينظر إلى حياته الخاصة لا يتصور الأعباء التي ألقيت عليه- صلى الله عليه وسلم- عندما يلاطف نساءه وأولاده يقول القائل ليس عليه عبء على الإطلاق ليس هذا هو الذي يحمل عبء نشر الإسلام في العالم ، لكنه - صلي الله عليه وسلم- كان يعطي القدوة من نفسه .
الْنَّبِيِّ_ صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يُسابقُ عَائِشَةَ أَمَامَ الْجَيْشِ:ولك أن تتخيل هذا المنظر ، وفي الحديث الصحيح عن عائشة– رضي الله عنها- لما قالت:" كنافي غزاة مع النبي- صلي الله عليه وسلم- فقال للجيش تقدموا ، فتقدموا ، فقال تعالي أسابقك ، قالت: فسَابَقتَهُ فَسَبَقتُهُ ، قالت حتى إذا مضى زمان ونسيت وحملت اللحم ،_ أي صارت بدينة أكثر_ ، وكنا في غزاة فقال للجيش تقدموا ، فتقدموا ، فقال تعالي أسابقك ، قالت: فسَابَقتَهُ فَسَبقَني ، فجعل يضحك ويقول هذه بتلك " .
ضَيْقٍ عَطَنْ الْرَّجُلُ أَحَدٌ أَسْبَابِ فَسَادِ الْمَرْأَةُ وَتَحَوُّلِ خَلَقَهَا :هل يوجد أحد عنده سعة صدر يعمل كما فعل النبي- صلي الله عليه وسلم ، بكل أسف الشكاوى التي تأتيني كل يوم بالعشرات ، كثيرًا ما أسأل نفسي هل يوجد بيت سعيد ؟ من كثرة المشاكل التي تكون على أقل الأسباب وأنا أريد أن أقول كلامًا صحيحًا من جهة النص ومن جهة التجربة ، ضيق عطن الرجل أحد أسباب فساد المرأة وتحول خلقها ، الرجل الله عز وجل وسع قلب الرجل حتى أنه ليستوعب أربع حرائر وعشرات الإماء ,والأمة تعرف أن ليس لها حق ولا تغاضب الرجل لأنها لو غاضبته لباعها ، لكن المشكلة في الحرائر وسع الله قلب الرجل حتى يستطيع أن يستوعب أربع نساء وضيق قلب المرأة حتى أنها لا تسع إلا رجلاً واحداً ، فلو قال الرجل لكل امرأة من نساءه إني أحبك فهو صادق ، ولو قالت المرأة لغير زوجها أني أحبك فهي كاذبة ، ليس كاذبة على الرجل ، هي كاذبة إما لأنها خانت زوجها ، قلبها لا يتسع إلا لرجل واحد .وسبحان الله إذا تزوج الرجل أربعة نسوة ضاق قلبه وصار كقلب المرأة ، لا يستطيع أن يحب خامسة ، فقلبه يغلق ويضيق إذا وصل إلى النصاب الشرعي تجده غض طرفه وأغلق قلبه لم يعد يسمع هكذا أو هكذا ، حتى لو تمني والنساء التي معه فضليات وتقيات ويراعين العشرة ، ماذا سيفعل فيهن ؟ ، لا يقدر أن يعمل شيء ، لا يستطيع أن يطلق ، ولا أن يسيء العشرة إلى آخره ,فهذا القلب قلب الرجل الذي يسع أربع نساء ، كيف ضاق عن امرأة واحدة وأنت عندك فراغ ومساحة في القلب هذا سوء استغلال المساحة الخالية في القلب من قبل الرجل ، وكما نعلم أن المسافات التي جعلها الله عز وجلَّ بين العباد رتب عليها أحكامًا ، فيه مسافات بين الناس ، فمثلاً مع الرجل وامرأته قال الله- عز وجل-:﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾(البقرة:228) ، يكون الرجل مكانه فوق ، والمرأة مكانها تحت ، وتحت هذا ليس عيب .
اخْتِصَارِ الْمَسَافَاتِ هُوَ الْسَّبَبُ فِيْ فَسَادٍ الْعَالَمَ كُلَّهُ:حتى لا يأتي الجماعة المدافعون عن المرأة ويقولون كيف المرأة التي نعمل على أن نأتي بحقوقها الضائعة تجعل مكانها تحت ، هذا هو مكانها ، اليوم لما يكون واحد صاحب شركة استيراد وتصدير وواحد عامل ينظف المكتب ، نستطيع أن نضع الاثنين ونبدل الكراسي ، لا أحد يقبلها ، حي هذا المحتج الذي يتكلم عن حقوق المرأة لا يستطيع أن يختصر المسافات التي بين العباد ، وليس المرأة والرجل حتى المسافات التي بين العباد لا يستطيع أن يختصرها . فصلاح العالم أن تكون المرأة في مكانها ، وأن يكون الرجل في مكانه ، فأصبح هناك مسافة بين الاثنين ، إذا واحد منهم اختصر المسافة كأن ينزل الرجل أو تصعد المرأة فسد العالم ، اختصار المسافات هو السبب في فساد العالم كله المسافة بين الأب والابن ، والنبي- صلى الله عليه وسلم- جعل مسافة بين الرجل وولده ، حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى الولد أن يمشي أمام أبيه أو أن يحد النظر إليه أو أن يسميه باسمه ، اختصار المسافات ضيع عاطفة البنوة وضيع عاطفة الأبوة ، ويقولون إن كبر ابنك اجعله أخ لك ,فكانت النتيجة أن الولد يقول لأبيه يا عم الحاج واذهب يا عم الحاج وتعالي يا عم الحاج ، وغير ذلك من هذا الكلام ، وهناك بعض الشباب أن سمعته يقول لوالده والله يا عم الحاج أنت تلعب بذيلك وشكلك ليس منضبط فقلت له يا بني كيف تتكلم بهذا الكلام ، كيف تخاطب أباك ، والأب يضحك اختصار المسافة ضيع الكثير.
فَأَيُّ مَسَافَةٌ جُعِلْتُ فِيْ الْشَّرْعِ يَنْبَغِيْ أَنْ تَظَلَّ كَمَا هِيَ: رجعنا إلى المرأة وإلى الرجل ن اختصار المسافة هو الذي أفسد البيوت الآن إذا لم يقوم الرجل بحق القوامة على المرأة نشزت المرأة عليه ، والمرأة حتى لو كانت شخصيتها قوية تحب الرجل القوي ، حتى لو خالف أهواءها ، ممكن تغاضبه وتخاصمه لكنها معجبة به ، وهذا الكلام أنا لم أعرفه إلا من التجارب تخاصمه لكنها معجبة به ومعجبة بأخلاقه ورجولته .
فَيَكُوْنُ كُلُّ فَسَادِ إِنَّمَا سَبَبُهُ فِيْ الْأَصْلِ أَنَّ الْرَّجُلَ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّ الْقَوَّامَةُ عَلَيَّ الْمَرْأَةُ :قال الله- عز وجل-:﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ(النساء:34) ، اتساع قلب الرجل هو الذي يجعل المرأة تستقل ، والمرأة قلبها في أذنها تحب تسمع الكلام الجميل الكلام الطيب ، نقول: والمرأة قلبها في أذنها ، بمعني أنها لو تحمل جبل ونقلته من مكان إلى مكان ثم جئت وشكرتها , التعب كله يزول ، لكن فيه ضيق حدث عند الرجال ، لا يريد أن ينطق ، لا يريد أن يتكلم ، لأن الخَرَص الزوجي له أسباب ، لماذا يصاب الرجل بالبكم ؟ لأن المرأة إذا الرجل تكلم تعمل على كل جملة مشكلة ، فيقول الرجل أهون الشرين أسكت ,أنا لا أجعل المسألة على الرجل كلها ، لكن أنا أضع علامات ، أريد أن أقول أن الرجل عنده ضيق عطن ، يريد أن يتكلم لا يستطيع أن يتكلم ، والنبي- عليه الصلاة والسلام- كان يتكلم ، وكانت عائشة- رضي الله عنها- كما في حادثة الإفك لما وقعت الحادثة وأحست بأشياء ما كانت تراها من النبي- صلي الله عليه وسلم- حتى علمت بالخبر ، فقالت( وكان يَريبُنِي أني لا أجد اللطف الذي أجده منه حين أشتكي ).ليس من عادته- صلي الله عليه وسلم- لما كانت تمرض تحس بلطفٍ شديد في معاملة النبي- صلي الله عليه وسلم- ، وفي هذه المرة مرضت شهرًا لم تشعر بهذا اللطف ووضعت علامة استفهام لماذا ذلك ؟ لا تعرف لما ، وحتى عرفت الخبر وأن القوم خاضوا في حديث الإفك .الذين جاءوا يسألون عن حياة النبي- صلي الله عليه وسلم- في بيوتاته لم يجدوه فعل شيئًا كبيراً، فقالوا: هذا رسول اله - صلي الله عليه وسلم- غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، وهذا غض من عبادته ، كأنهم يريدون أن يقولوا عبد أم لم يعبد هو سيدخل الجنة ، بخلافنا نحن ، نحن لابد أن نعمل جيدًا ، لا نتكل على عمل رسول الله- صلي الله عليه وسلم- لأنه مغفور له ، فيكون في هذا تعريض بقلة عبادته أم لا ، لذلك النبي- صلي الله عليه وسلم- لم يترك هذا الأمر ، إنما جمع المسلمين وقال: " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أما إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية ولكني أقوم وأنام ، وأتزوج النساء ، وأصوم وأفطر ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .
كُلِّ إِشْكَالَ فِيْ بُيُوَتِنَا سَبَبُهُ أَنَّنَا لَمْ نَقُمْ الْإِسْلَامِ : أنا أريد الأخوة والأخوات يدرسوا حياة النبي- صلي الله عليه وسلم- وحياة أزواجه حتى تنتهي المشاكل من البيوت . لما تأتي لتحقق المشاكل لا تجد مشكلة ، مشكلة تافهة جدًا ، كل إشكال في بيوتنا سببه أننا لم نقم الإسلام ، الإسلام إذا دخل في شيء يعدله ، أي إشكال ما بين اثنين ، ما بين رجل وامرأة سببه أنهما لم يقيما الإسلام ، لو أقاما الإسلام لانتهت كل المشاكل .صبر الأنبياء على النساء ، وصبر الأنبياء علي أقوامهم ، لأن الاثنين مرتبطين ببعض .
ِإذَا اسْتَطَاعَ الْمَرْءِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْنَّاسُ فِيْ الْخَارِجِ اسْتَوْعَبَ امْرَأَتَهُ :وإذا استطاع أن يستوعب نسائه استوعب الناس ، لأن الناس لن يعملوا معه أكثر مما يعمله معه النساء النساء يلاعبوه ، وكل واحدة لها مذهب ، وكل واحدة تلف وتدور وتريد أن تصل إلى المعلومة بستمائة سؤال ، وكل سؤال يختلف عن أخيه ، كل سؤال شكل ,حتى اذكر وأنا أقرأ في تاريخ الرومان أنهم ما كانوا يولون الرجل الملك إلا إذا زوجوه ، فإن نجح مع امرأته ولوه الملك ، مما يدل أن كون الرجل يقيم المرأة على الجادة هذا يحتاج إلى بصر ويحتاج إلى يقظة .يقول بن الجوزي: ( فَلولَا أنَّ النِّكاحَ مِن أَفضَل الأشيَاء لَمَا ذَهبَ كَثيرٍ مِن زَمَانِ الأَنبيَاءِ فِيه )وأنت تعرف أن أعبد الناس هم الأنبياء ، فكيف عشر سنوات من عمر موسى تُنفق كمهر للمرأة ، وهذا فيه تقدير للمرأة أيضاً، أن المرأة أخذت من عمر موسى- عليه السلام- عشر سنوات .يقول: وقد قال بن عباس رضي الله عنهما:" خِيارُ هذه الأمة أكثرها نساءً " وهذا الحديث رواه البخاري ، وهذا الحديث يحتمل معنيين أحدهما أقوى من الآخر .المعني الأول: أن الرجل كلما أكثر من النساء كان أفضل من الذي يقتصر على واحدة ، لماذا ؟ لأن نفعه متعدي ، فيه الإنفاق على المرأة وفيه إعفافها ، وفيه أيضًا رعاية أسرتها ، والواحد لما يتزوج المرأة لا يتزوجها بمفردها ، هو يتزوج المرأة وأهلها ، لأن مطلوب منه صله ، ومطلوب إذا وقع أصهاره في مشكلة لابد أن يقف ، أي أصبح عليه عبء المرأة وعبء الأسرة حتى لو كانت الأسرة لا تأخذ منه فلوس ، لكن هناك عبء أدبي ، الجماعة الذين يتكلمون ويقولون أن الرجل إذا تزوج بأكثر من امرأة ، يتزوج لكي يتمتع ونحن أجبنا عن هذه المسألة من قبل ذلك وقلنا أنه لا جناح .لكن تعالوا لنتكلم بالعدل الرجل إذا أراد أن يفتح بيتاً آخر ، تعالوا نري في هذا الزمان الواحد لو عنده أسرة مكونة من امرأة وأربع أولاد مثلاً ، هذا كم يحتاج من الجنيهات في الشهر ، نحن عندنا هنا إيجار الشقة لوحده ستمائة جنيه وكهرباء وماء ونور وغاز ولو عنده سيارة بنزين ، نقول في الموسط لكي الرجل يعيش عيشة كريمة يحتاج ألفين جنيه ، الموظف الذي يعمل منذ ثلاثين سنة كم مرتبه ؟ ستمائة جنيه بالتمام والكمال , فمطلوب إذًا بعد أن يقضي العمل ، يخرج ويعمل في عمل آخر ، لكي يستطيع أن يعوض هذا الفاقد من المرتب .يخرج الساعة الثانية من العمل ولن ينزع ملابسه سيخرج من العمل علي العمل الخاص ، وسنفترض أن الرجل في العمل الخاص سيعطيه ألف وأربعمائة جنيه ، وهذه مسألة ليست موجودة إلا في وظائف معينة وسنفترض أنه سيجدها ، سيعود إلى البيت الساعة الثانية عشر بالليل ، خرج من الساعة الثامنة صباحاً ورجع الساعة الثانية عشر بالليل لكي ينفق على بيت واحد والرجل إذا أراد أن يتزوج لكي يفتح بيت آخر ، ولتكن المرأة ليس معها أولاد ، نقسم المسألة نصفين فنجعلها ألف جنيه لكي يأتي بالسكن وغير ذلك هذه الألف جنيه لو افترضنا أنه عنده الألفين جنيه جاهزين من عمل واحد فقط وسيعمل بعمل آخر لكي يأتي بألف جنيه ، هذا العمل سيأخذ كم ساعة في اليوم ؟ .ثماني ساعات في اليوم ، ستة في ثمانية تساوي ثمانية وأربعون ساعة في الأسبوع فيكون عنده في الأربع أسابيع قرابة مائة وتسعون ساعة مثلاً لكي يأتي بالألف جنيه ، الجماعة الذين يتكلمون ، أحياناً المرء يضطر أن يتكلم بكلام لا يريد أن يتكلمه ، لكن ماذا تعمل وهم يجعلونك تمشي على حد الموس ، لابد أن تتكلم ؟، لكي تسد هذه الأفواه المغالطة التي تتكلم هذا الكلام ، لما يقول الرجل أساساً يتزوج لكي يتمتع ، وأنا الآن عندي مائة وتسعون ساعة أعمل فيها بكل قوة لكي أحضر فيها ألف جنيه . هو الرجل لو أراد أن يتمتع مع المرأة يتمتع بكم ساعة ، ساعة ، ساعتين ، ثلاثة ، عشرة ، في مقابل مائة وتسعين ساعة لنقص عشر ساعات مقابل عشر ساعات ، يبقى مائة وثمانون ساعة يعمل فيها دون راحة ، فمن الذي يتعب ؟ أين المتعة التي يتكلموا عليها ، ثم كما نقول الرجل لما يتزوج المرأة فيه عبء أدبي على الأقل ، وليس عبء مادي فقط ، مسألة المواساة ، وأنه لابد أن يذهب إلى الأفراح والأعياد والجنائز وأي مناسبات لابد أن يكون موجود فيها ، أليس هذا كله عبء عليه ؟ عبء بدني وقد يكون عبء مالي لأن سيترك عمله الذي يحضر منه الفلوس ، لكي يجامل وغير ذلك .الزواج تبعة ثقيلة جداً لاسيما في هذا العصر ، فدعوى التمتع وهذا الكلام الغريب الذي يقولوه ، الحقيقة عندما نتكلم بصراحة ونتكلم بإنصاف دعوة لا تثبت أمام البرهان الصحيح ,بن عباس رضي الله عنهما:" خِيارُ هذه الأمة أكثرها نساءً " الرجل يتزوج أكثر من امرأة أفضل من الذي يتزوج امرأة واحدة وهذا هو المعني الأول على أساس أن نفعه متعدي لأكثر من أسرة وقد يكون الرجل غنياً وأصهاره فقراء فيكون أيضًا استطاع أن يحمل هذه الأسرة .مثلاً لما واحد أراد أن يتزوج على امرأته ثم قالت له أنت لما ستتزوج ، الذي أنت ستنفقه عليها لما تكون زوجه أنفقه عليها بدون زواج ، طالما أن قلبك رقيق وخفيف وتريد أن تخدم أنظر أنت من وأعطها الألف جنيه ، وهذا الكلام لا يستقيم ، لأن أنا لما أتزوج المرأة أحمل أسرتها بالكامل وصارت عبء علي لا أستطيع أن أتخلص منه ، إنما المرأة الذي أنفق عليه وعلى أهلها وحدث لي إملاق وأريد أن أوسع في حياتي أذهب في فسحة ، أقول لهم معذرة يا جماعة أنا متأسف لن أستطيع أن أعطيكم شيء ، لأن الحمل الأدبي غير موجود ، وهذا المعني الأول .المعني الثاني: وهذا المعني هو الأقوى ، بن عباس سأل سعيد بن جبير ، قال له: "أتزوجت يا سعيد ؟ قال له: لا ، قال له: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً " ، وهو يقصد النبي- صلي الله عليه وسلم- وهذا هو المعني الأقوى ، وأنا قلت فيه معنيين واحد أقوى من الثاني ، المعني الأقوى أن خير هذه الأمة يقصد بن عباس بهذا الكلام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وإنما قال من هذه الأمة حتى لا يُعترض بداود وسليمان ، وأنت تعرف داود وسليمان مثلاً داود كان له تسعون امرأة ، وفي رواية سبعون ، وسليمان كان كذلك كما في الحديث في الصحيحين حديث أبو هريرة ، أن سليمان- عليه السلام- قال:" لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلهن يلد فارسًا يقاتل في سبيل الله ، فقال له الملك: قل إن شاء الله ، فلم تلد منهن امرأة إلا امرأة واحدة ولدت نصف إنسان " _ولدت مولودًا غير مكتمل نصف إنسان قال - معقبًا على هذه الحكاية " فو الذي نفسي بيده لو استثني _ أي لو قال إن شاء الله_، لولدت كل امرأة فارسًا يقاتل في سبيل الله ، ولكان دركًا لحاجته " ، فيكون تقييده في هذا لكلام وهو( هذه الأمة ) حتى يخرج ذكر داود وابنه سليمان عليهما السلام ,يقول: (وقالت سُرِيَةِ الربيع بن خُثَيم: كان الرُبَيعُ يَعزِل .)بن الجوزي يأتي بالفضلاء وعلى رأسهم الأنبياء ثم الصالحون ، الذي لو كان التجافي عن الدنيا عن مثل هذا في الدنيا لكانوا هم أولى الناس بترك ذلك فطالما أنهم قبة الفضل وفعلوا ذلك دلَّ على أن ذلك ممدوح ، وليس بمذموم .سرية الربيع: هي كما قلنا أمة الربيع بن خثيم- رحمه الله- ، قالت كان الربيع يعزل ، أختم درس اليوم بكلام ذكي عن الربيع ، لأني أعلم أن أغلب الجلوس لا يعلمون من هو الربيع بن خثيم .
نُبْذَةً عَنْ الْرُّبَيِّعِ بْنِ خُثَيْمٍ:الربيع بن خثيم: هو أحد تلاميذ بن مسعود- رضي الله عنه- وهذا يدلك على أنه متقدم ، من التابعين القدامى الكبار ، لماذا ؟ لأن بن مسعود توفي في خلافة عثمان ، توفي قديمًا ، أظن سنة ثلاثة وثلاثين أو قريب منها وأنا لم أضبط تاريخ الوفاة . يقول بن مسعود عن الربيع: إذا رآه قال: يا أبا يزيد والله لو رآك رسول الله- صلي الله عليه وسلم لأحبك ، وما رأيتك إلا قلت: وبشر المخبتين وهذا كلام بن مسعود ، وهذه شهادة عظيمة ، أعظم شهادة ومنقبة للربيع وكان يغض طرفه حتى أن جارية بن مسعود كانت إذا فتحت الباب ووجدت الربيع قالت له: صاحبك الأعمى بالباب ، من شدة غضه لبصره وأن طرفه لا يفارق الأرض حياءًا من الله- عز وجل- فقد رأيت أن أعطر هذا المجلس بذكر شيءٍ من كلام الربيع بن خُثيم- رحمه الله تعالي ، ويروي منذر الثوري قال وهذا الأثر أخرجه بن سعد في كتاب الطبقات الكبرى وأخرجه أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء .كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله يقول له:( اتق الله فيما علمت وما استؤثر به عليك فَكِلهُ إلي عالمه ) مثل مسائل القضاء والقدر والحكمة من مسألة القضاء والقدر التي لا تعرف أن تصل إليها ، إذا استأثر الله- عز وجل- بشيء كما قال إبراهيم الحربي فَالهُ عنه ، إِلهِ عنه أي كِلهُ إل عالمه( لا أنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ ، وما خَيرِكُم اليوم بِخَير ولكنه خيرٌ من أخر شر منه )أي المسألة أن المفاضلة في الضعف والهوان ، وليست المفاضلة في الفضائل كما قال القائل: أننا قوم أوتينا من العجز والهوان أضعاف أضعاف ما أوتي أسلافنا من الجد والقوة ، كانوا يتفاضلون قديمًا بالعلم ، فيقال: فلانًا أعلم من فلان ونحن اليوم نتفاضل بالجهل فيقال: فلان أخف جهلاً من فلان .ومثلما بعض العلماء راقب الفرق ما بين القرون الخوالي التي كان فيها الإسلام والسنة وغير ذلك ، قال: (كانوا قديمًا يدورون ما بين سنة وبدعة والآن يدورون بين بدعةٍ ورِدَة ،) أي أن المسألة في النازل . (وما خَيرِكُم اليوم بِخَير ولكنه خيرٌ من أخر شر منه ، وماتتبعون الخير حق إتباعه ، وما تفرون من الشر حق فراره ، ولا كل ما أنزل الله على محمد- صلي الله عليه وآله وسلم- أدركتم ، ولا كل ما تقرئون تدرون ما هو ، ثم يقول السرائر ن السرائر _ أي نقوا السرائر_ اللاتي يًخفَينَ من الناس وهم لله بوادٍ ، التمسوا دوائهن ، وما دوائهن إلا أن يتوبا ثم لا يعود .)وروى منصور بن المعتمر: عن إبراهيم قال: قال فلان: ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلام منذ عشرين سنة إلا بكلمة تصعد﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾(فاطر:11) ،بكلمة تصعد أي من الكلام الصالح التي لا ترد علي صاحبها . وعن بعضهم قال: صحبت الربيع عشرين عاماً سمعت منه كلمةً تُعَاب وقال آخر: جالست الربيع بن خثيم سنين فما سألني عن شيء مما فيه الناس إلا أنه قال لي مرةً أمك حية ، هذا هو الذي أخرجه عن الذكر ، أما عدا ذلك فكان الربيع مشغول بالذكر . وروي الثوري عن أبيه:_ سعيد بن مسروق _،( كان الربيع بن خثيم إذا قيل له كيف أصبحتم ؟ قال: ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا )، وهذا قمة التواضع والإخبات وهضم النفس . هذه الأمة أمة عظيمة ، واحد مثل الربيع بن خثيم لو وجد عند غيرنا لاتخذوه حبرًا ، وهذا واحد من ملايين في هذه الأمة المجيدة التي تمتلئ بالفضل .ابنة الربيع قالت لأبيها: ( يا أبتاه ألا تنام ؟ لأنه كان كثير السهر ، كثير الصلاة فيقول: يا بنيتي كيف ينام من يخاف البَيَات)_، والبيات : معناه أن العدو يُبَيتُه ، فأي واحد يعرف أن العدو سيهجم عليه مستحيل يعرف ينام ، وهو يقصد بذلك الموت .قالت سرية للربيع: إنه إذا كان دخل عليه الداخل وفي حجره مصحف يغطيه وهذا كان دأباً لبعض السلف أيضاً، كانوا يخفون أعمالهم خشية أن يدخل عليها رياء ، كان أيوب السختياني إذا ذكر النبي- صلي الله عليه وسلم- بكى ، فكان الربيع يقول سبحان الله ما أشد الزكام ، وكان الأوزاعي يصلي فإذا دخلت أمه إلى مسجده وجدت مكان سجوده رطباً من دموعه .وأنت تعرف الإنسان إذا كان بكاء أجفانه تذبل ، فكان إذا أراد أن يخرج اكتحل حتى يشد جفنه ، وحتى لا يُقال له لما هذا الذبول فيكشف عمله فكانوا يتعاملون مع العمل الصالح كأنه عورة ، كانوا يجتهدون في إخفائها كما فعل الربيع بن خُثيم ، والربيع له مجاهدات وهو مشهور بالزهد وحسبك قول بن مسعود فيه: (وبشر المخبتين)، ومع ذلك كان الربيع يتسرى ، كان له أكثر من سُرية ، وهذا لو كان شيئًا مذموماً لكان هؤلاء الفضلاء أبعد خلق الله- تبارك وتعالى- عنه ،وأما المطعم الذي هو المحور الثالث الذي ذكره بن الجوزي على أساس أنه من الدنيا ، فهذا إن شاء الله نستوفي عليه الكلام اليوم بإذن الله تعالي .
انتهي السادس عشر
المحاضرة السابعة عشر
فلا زال حديثنا موصولاً مع هذه الخاطرة من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو كان في سبيل الرد على الذين ذموا الدنيا بإطلاق ، فبين أن الدنيا ليست مذمومة بإطلاق ، أنما يذم فيها فعل الجاهل والعاصي ، أما ما خلقه الله- تبارك وتعالى- للناس ليستعينوا به على عبادته- تبارك وتعالي ، فإن المرء لو استعمله على الوجه المشروع ، كان ممدوحاً لا مذمومًا إذ أن الله عز وجل أذن له في استعماله .وذكر أشياء ضرورية لا يستغنى المرء عنها ، فذكر المال ، وذكر النكاح وتكلمنا عن هذين فيما سبق واليوم نتكلم عن المحور الثالث الذي اختاره بن الجوزي وهو من الدنيا للدلالة علي أنه لا يذم ، بل التقعر في تركه هو المذموم كما سيأتي في كلامه- رحمه الله تعالي بعد ذلك قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: ( وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لخدمَةِ الله- عز وجل- )وبن الجوزي يكرر لفظ الخدمة وأنا أتحاشاه إنما أقول لعبادة الله- عز وجل- لأن لفظ الخدمة فيه نظر ، ولم يجري علي لسان أحد من السلف فيما أعلم ، وأنا إذا وجدت لفظ الخدمة أنا سأبدلها للعبادة يقول: (وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لعبادة الله- عز وجل- وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله ).ويقصد بالناقة هنا البدن لأن البدن هو الذي يحمل الروح ، والبدن مطية الآدمي في حياته ، حتى إذا مات دخلت الروح في بدن آخر يناسب الخلود إما الخلود في الجنة نسأل الله غنمها ، أو في النار نسأل الله أن يجنبنا غرمها ، فالبدن مطية الروح ، هذه الروح تركب هذا البدن في مدة الحياة الدنيا ولذلك إذا مات فنيت هذه المطية ، ثم تبدل الأجساد بأجساد أخرى فهذه الناقة التي تحمل روحك أو هذه المطية التي تحمل روحك حق عليك أن تكرمها لكي تحمل هذه الروح ، وفي زمان اختفاء سفيان الثوري- رحمه الله- كان يختفي بين الناس حول الكعبة ، أخته علمت أن بعض تلاميذه وهو أبو شهاب الحنَّاط ذاهب إلى مكة ، فأعطته طعامًا ، أعطته سويقاً وسمناً وكعكاً، قال، فبحثت عن سفيان وكان مختفيًا في الناس ، فلما ألقيت عليه السلام ما رد عليَّ ، لماذا خائف أن يكون عين ، أي خشي أن يكون جاسوس ، وهو هارب ويختفي في الناس . فعندما قال له: أنا جئتك من عند أختك بزاد ، قال: فهب وقال: قرِّب تعالي بسرعة ، قال: فأكل أكلاً جيداً ثم قام يصلي إلي الفجر قال: ثم ألتفت إليَّ وقال : ( أعلِف الحمار ثم كُدَهُ )أكله وشغله هذا مثل ضربه سفيان ، قال: أعلف الحمار ثم كُدَه ، أي الذي منعه من القيام الجوع يريد أن يقوم لكن من شدة الجوع بدنه أو قدماه لا تحملانه .
فَالإِنْسَانُ الَّذِيْ يُفْهَمُ لِمَاذَا خَلَقَ ؟ لَا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يُعَذِّبَ هَذِهِ الْمَطِيَّةُ :ولا أن يقلل من قوتها لأنها هي التي تحمل الروح ، وأعظم الناس عذاباً من رُزق همه عالية مع بدن ضعيف ، يريد أن يفعل كل شيء لكن بدنه لا يساعده .وكانت حفصة بنت سيرين- رحمها الله - تقول: ( يا معشر الشباب أعبدوا الله في الشباب فإني رأيت العبادة في الشباب) وهذا الأثر لحفصة- رحمها الله - قرأته قديمًا في أول عهدي للطلب ، ما أحسست بهذه الكلمة إلا بعد ما وصلنا إلى الشيخوخة وكبرنا ، وعجز المرء أن يوفي ما يريده من العلم .أحيانًا كان مثلاً الإنسان ينشط فأظل مثلاً أكثر من خمسة عشر ساعة لا أَكِل ولا أَمِل ولا أشعر إطلاقًا أنني جالس علي الكرسي ، ولا أن أنني في تعب ، حديث " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم " أنا أذكر أنني لما أخرجته في بذل الإحسان الجزء الثاني في بذل الإحسان في تقرير سنن النسائي أبي عبد الرحمن ، هذا الحديث طال بحثي فيه أكثر من عشرة أيام ، وخرجت في النهاية بجزء كبير يعني يقارب السبعين صفحة من طرق هذا الحديث وعلل هذه الطرق ، ومناقشة وبسط أهل العلم فيه ، وما شعرت ، وهذا الحديث خاصة أنا أذكره مع حديث القلتين ومع حديث عائشة - رضي الله عنها- " كنت أغتسل مع النبي- صلي الله عليه وسلم- من إناء واحد تختلف فيه أيدينا فأقول له : دعلي دعلي " مع حديث " لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك " أربعة أحاديث ؟ أذكر أن أقل حديث أخذ حوالي خمسة أيام أو أربعة أيام ,كان فيه همة وكان أيضًا فيه صحة أنك تستطيع أن تقف عشر ساعات ، لأن طالب العلم الذي يعمل في التحقيق والتحرير وليس في النقل يكون يعمل كحامل الأحجار يمكن يمشي في الليلة اثنين أو ثلاثة كيلو وهي مسافة الغرفة أو مسافة المسكن ، الذي هو خصصه للمكتبة ، نفترض أنها أربعة متر مثلاً ، تظل لمدة عشر ساعات طوال الليل تذهب وتأتي وتحمل الكتب وتضعها على المكتب ، والكتب كثيرة تأخذ ما تحتاجه منها ثم تضعها على الأرفف مرة أخرى ، وتأتي بالكتب مرة أخرى .تحمل الصف كبير ووجهك لا يرى منه وتعمل وتذهب وتأتي ، وهذا الذي يعمل بالتحرير ، طبعاً هناك فرق بين تحرير العلم وبين النقل .
إِنَّمَا يُعْرَفُ قَدْرٌ الْمَرْءِ بِتَحْرِيْرِ مَوَاضِعَ الْخِلَافِ:كما قال الشافعي- رحمه الله-: إنما العلم هو معرفة اختلاف الناس ، يعرف ما هذا القول ، وما هذا القول ، وفي الأخر ما هو الصواب من ذلك كله هذا هو العلم ,لكن لما تضعف مُنة الطالب الذي لم يذاكر ، وقلة مرحلة الخمول ، ومرحلة الخمول التي هي مرحلة الطلب ، لا أحد يعرفه ، لما يخرج من الباب لا أحد ينتظره ولا أحد يقول له عندي مشكلة ، ولا أحد يقول له هات لي علاج ، ولا أحد يقول أنا أريد أن أسألك سؤال أو غير ذلك ، لا يفطن له ولم يكمل ولم يَبرُز ، فمستريح ، يصلي في الجماعة ممكن لا تجد أحد يقول له السلام عليكم ويخرج من المسجد هادئ ورائق وتمام التمام ، أنا أحسدهم على الذي هم فيه .فمرحلة الخمول ممكن تكون مرحلة قصيرة في حياة الطالب ، ثم دخل في صلب العمل ومطلوب منه محاضرة هنا ومحاضرة هناك وثلاث محاضرات في اليوم ، ويذهب إلى البلاد لكي يعطي خطبة الجمعة ، ويعطى الدرس ، لم يهنأ بمرحلة الخمول ، فليس عنده علم ، هو أخذ قليل من العلم .لما يتصدر للتأليف ليس عنده شيء ما الذي سيحرره ؟ فهو لم يدرس الأصول ولا تذوق الأصول ولم يستطع أن يفعل شيء ، ومطلوب منه كتب لأنه أصبح شيخًا ويذهب إلي كل مكان ولابد أن يكون مؤلف ، وحتى وإن قلت له أن يعمل مصحح في دار نشر ، يقول: مصحح ؟ كيف أعمل مصحح ؟ أنا مؤلف ، مع أنه لم يكن يتصدر لتصحيح الكتب إلا أفذاذ العلماء ، لأن من الذي يعرف خطأ المؤلف إلا واحد عالم علمه أعلم من المؤلف .
كَانَ الْشَّيْخُ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَ الْمُعَلِّمِيَّ الْيَمَانِيَ:قدره إلا من درس الحديث ، كان مصححاً للكتب في حيدر أباد في الهند ، وهو الذي أخرج لنا التاريخ الكبير للبخاري ، أخرج لنا الجرح والتعديل لأبي حاتم ، وأخرج لنا جزء من سنن البيهقي حتى الجزء الرابع أظن ، وأخرج كتاب الكفاية في علوم الرواية ، وأخرج الإكمال لأبن مأكوله ، أخرج الأنساب للسمعاني ، أخرج تاريخ جرجان لحمزة السهمي ، أخرج كتب كل كتاب سبيكة ذهب ، هذا كله غير كتاب التنكيل ، وكتاب التنكيل هذا جوهرة ، هذا الكتاب أنا نسخته لنفسي عندما كنت فقيرًا ، لذلك هذا الكتاب أحفظه ، التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ، كتاب جوهرة وهذا كان مصححًا . اليوم لما هان العلم الذي يصحح كتبي كان في بيروت آنذاك عندما كنت بطبع كتبي في بيروت بعض البنات ، بنات لماذا ؟ لأن العمالة مرتب البنات صغير قليل ، فيأتي لي الكتاب في تجارب الطبع فيه العجر والبجر التي كانت موجودة لماذا لم تصحح هذا ؟ يقول: أنا آسف لأن البنات لم يأخذوا بالهم ، بنات من ؟ البنات المصححات ، بنات تصحح كتب الحديث وأسماء رواة الحديث ؟ أنا أقول لك تقول له: تعمل مصحح ؟ يقول: لا مصحح ، أنا مؤلف علي أساس أنه رمح . أيها المؤلف أرني كتابك ؟ يدخل ، فهو يريد أن يقلب في خلال أسبوع يكون أشتغل له كتاب أو شيء لكي يأتي بالفلوس لكي يستعين بهم علي الحياة فيأتي لك من كتب الناس والآن ماكينة التصوير أصبحت مبذولة ، كان زمان عندما يقول: قال بن القيم ، سينقل عشرة أوراق لابن القيم كثير ، يده سوف تؤلمه ، ليس فارغاً يريد أن يدخل في مؤلف ثاني لأنه تعاقد مع هذه الدار والأخرى ، والأخرى ، فيكون المؤلف قص والصق . قال بن القيم يقص بن القيم ويلصق يقص ويلصق قال بن تيمية ، قال بن حجر ، قال السيوطي وإذا به يخرج في خلال أسبوع مثلاً يخرج كتاب مائة وستين صفحة ، ويظن أنه طالما أسمه نزل في الأسواق و أصبح موجودًا على الأرصفة أنه أصبح تعاظم في نفسه ، لا ، العلم ليس هكذا ، إنما العلم هو التحرير ، أن تحرر مواضع النزاع . فنرجع إلي ما كان بن الجوزي يقوله ، الإنسان العاقل هو الذي يكرم هذا البدن طالما لديك صحة ، و أنت تخدم العلم وتخدم الدعوة ، فلا يأتي واحد يقلل من أكله وشربه بحيث أنه كما ذكر بن الجوزي رجل كان يصلي قاعدًا بسبب ماذا ؟ لا يريد أن يأكل ، ما الفائدة ؟ يصلي قاعدًا كيف تصلي قاعدًا وأنت قادر علي القيام ؟ تكون الصلاة باطلة ، لكن هذا جاهل لا يعرف شيء لو أنه مشي علي قانون الفقهاء لعلم أن ترك الأكل في هذه الحالة إثم ، وأنه لا يمدح به بل يذم .فكلام حفصة بنت سيرين يوضع أمامكم ، أي الشباب يعرف أن مرحلة الشباب هذه أعظم وأفضل المراحل التي يبذل فيها الطالب حُشاشة نفسه في سبيل طلب العلم .خلاصة الكلام:أن هذا البدن أمانة حملك الله- عز وجل- حفظها فحفظها لتتم لك عبادة الله - تبارك وتعالي - إنما تُجَوِع نفسك وغير ذلك قال الله عز وجل ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾(النساء:147) هي مسألة أنه يعنِّيك لا بالعكس ينزل لك الرخص أيضاً لماذا نزل الرخص ؟ ليضع عنك العذاب ، لأن تعذيب البشر ليس مراداً ، إنما المراد أنه إذا لابث العمل مشقة أصبر علي المشقة لكن لا تعذب نفسك ابتداءًا ، لأن الله عز وجل قال:﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(البقرة:185) .فيقول بن الجوزي: (وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله. وقد كان النَّبيُ- صلى الله عليه وسلم- يأكُل ما وجَدَ .)بمعني أنه لا يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً، وما عاب طعاماً قط ، إن اشتهاه أكله وإن عافته نفسه تركه ، وكان بعض الناس الأذكياء عندما تطهوا له زوجته أكل ويكون الطبخ غير منضبط يقول: ما عاب النبي- صلي الله عليه وسلم- طعاماً قط ، فهو يريد أن يقول لها أنت لم تطهي جيدًا ، لكن بأسلوب رفيق ، أي أنه لو عاب لعبت أنا لكنه كان متبعاً ، فما كان يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً.بل أنه- صلي الله عليه وسلم- كان إذا دخل البيت فسأل عن الطعام لم يجده فينوي الصيام ، لأجل هذا كان مريحاً ، فيه بعض الناس عندهم بسبب هذه المسألة يعملوا إزعاج لا آخر له ، طبق معين غير موجود ، وصنف معين غير موجود تكون مشكلة ، إنسان غير مريح ، تكون المرأة تدور حول نفسها ماذا أفعل له ؟ يكون متعب لا ، النبي- عليه الصلاة والسلام - كان مربحاً جداً، وما صاحبه أحد قط فأخذ عليه مثقال ذرة من المؤاخذة . أنظر هل هناك أكثر من أن أنس- رضي الله عنه- يخدمه تسع سنين ، يقول أنس: ما قال لي قط لشيء فعلته لما فعلته ؟ ولا لشيء تركته لما تركته ؟ تسع سنين واحد يخدم واحد ، وفي كتاب أخلاق النبي لأبي الشيخ يقول أنس كلاماً معناه ، ولم أكن علي مستوي الخدمة ، أي لم أكن أفعل مثل ما يريد بالضبط ، ومع ذلك ما عاب قط ، هذا الصبر ما له آخر أنه لا يعاتب قط أحدًا ، لماذا ؟ لأن العتاب كثيرًا ما يفسد الود ، عندما تقول لماذا لم تفعل ؟ ، لماذا أتيت ؟ ، لماذا ذهبت ؟ ، لماذا جلست ؟ ، لماذا قمت ؟ ، الإنسان يتضجر من كثرة العتاب وأفضل الناس من ترك المعاتبة إلا ما كان في أمر الشرع ، إنما إذا كان في أمر الدنيا وكان الأمر محتملاً فأنه يترك المعاتبة ، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يأكل ما وجد ، فإن وجد اللحم أكله (وكان يَأكُلُ لَحمَ الدَّجاج )كما في حديث أبي موسي الأشعري في الصحيحين ( وأحبُ الأشيَاءَ إِلَيهِ الحَلوَى والعَسَل ).وهذا كما في حديث عائشة رضي الله عنها (وما نُقِلَ عَنه أنَّه امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ).وهذا الكلام أريد أن أعقب عليه حتى لا يتعقب بعض الناس بن الجوزي فيه ، الحديث الذي ذكرته " أنه كان إذا اشتهته نفسه أكله وإلا تركه " ، فهذا يدل على أنه ترك مباحًا ، أليس ذلك مثل الضب ، كان الصحابة يأكلون الضب والنبي- صلى الله عليه وسلم- لا يأكله ، فقيل له في ذلك قال:" ليس بأرض قومي " أي لما شبَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكن الضب يؤكل في مكة ولم يتعود عليه ، والذي يعرف الضب ممكن يبغضه .أنا لما ذهبت إلى السعودية ذات مرة وبعض الناس اصطاد ضباً من الجبل ووضعه في الإناء وأوقد عليه النار والماء يغلي ، وظل الضب يتحرك في الإناء حتى أخر لحظة ، وممكن يظل ثلاث ساعات في الإناء والماء يغلي وهو يتحرك فأنت إذا لم تكن متعود على الضب فلا من الممكن أن تقترب منه ، وممكن نفسك تتركه تماماً ، وهم ما شاء الله يأكلونه جيدًا وليس عنده مشكلة في ذلك ، لماذا ؟ لأنه طلع فوجده في الجبل ويجري خلفه ويصطاده .الرسول عليه- صلى الله عليه وسلم- ما كان يأكل الضب وكان أصحابه يأكلونه ، فهو مباح .لكن بن الجوزي يريد أن يقول في كلمة:(وما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ) ، يرد على أهل التصوف الذين جعلوا الجوع رياضة وجعلوه مذهباً ، بحيث لو رأى واحد أخر يأكل يقول له استمر في الأكل لن تنفع ولن ترد ، هو يرد على هؤلاء ، ولم يقصد بن الجوزي ظاهر الكلام أنه ما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ، لا ، امتنع من بعض المباحات التي عافتها نفسه - صلى الله عليه وسلم- . قال: ( وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج .)الفالوذج: شيء مثل العصيدة وكانت طبعًا محببة وكانت هذه أكل الملوك يوضع على موائد الملوك ، مثل الملوخية ، هي كان اسمها ملوكية وليس ملوخية ، لماذا ؟ لأنها لم يكن يأكلها إلا الملوك .قال: (وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج فَأكَلَ منه وقال: ما هذا ؟ قالوا: يوم النَورُوز ) والنوروز: هذا أحد أعياد الكفار . قال: ( فقال: نَورُوزُنا كل يوم ). هكذا نقل بن الجوزي- رحمه الله-وَلَمَّا فَتَّشْتِ عَنْ هَذَا الْأَثَرِ ، الْحَقِيقَةِ وُجِدِتْ بْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ الْلَّهُ- أَخْطَأَ فِيْ نَقْلِ هَذَا الْأَثَرُ هُنَا .أولاً: الذي روى هذا الأثر البيهقي في سننه الكبير ووضعه تحت عنوان باب كراهية مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومهرجاناتهم ، تقريباً هذا هو التبويب ، وأورد فيه أثرًا لعبد الله بن عمر بن العاص ينهى فيه المسلمين أن يشاركوا غيرهم في أعيادهم ، وقال: من بني داراً في بلاد الكفر أو شاركهم في أعيادهم حشر يوم القيامة معهم ، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب ولا أظنه يصح من جهة الإسناد عن عمر بن الخطاب أنه نهى أيضاً عن مشاركة الكافرين في أعيادهم .وهذا الأثر الذي أورده البيهقي تحت النهي ، وطبعًا
رد مع اقتباس