التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
عُلماءُ الشام في حَضرةِ تيمورلنك !
فَيَصْبِغُون أَدِيْم الْأَرْض بِالْدِّمَاء أَمْثَال : الفِرْعَوْن.. وَالْإِسْكَنْدَر .. وَالْحَجَّاج .. وَهُولَاكِو .. ونَابِلِيُّون .. وَشَارُوْن .. و . ... .. وَيَتَجَلَّى عَلَيْهِم الْلَّه ُ سُبْحَانَه بِاسْم ( الْجَبَّار الْمُنْتَقِم ) كَمَا يَتَجَلَّى عَلَى الْكَثْيِر مِن خَلْقِه بِاسْم الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم الرَّؤُف العفو .. كَان لِتَيَمُوّر لَنَّك قَلْبٌ أَقْسَى مِن الْحَدِيْد .. وَأَصْلَب مِن الْجُلْمُود .. لَاتَأْخُذُه رَأْفَة .. وَلَا تَلُّجّه رَحْمَة . وَكَان لِتَيْمورلَنّك عَالِمٌ - ممن يُسَمّون علماءُ السَّلاطين - يَتْبَعُه أنّى حلَّ ..يَتَوَلَّى مُنَاقَشَة عُلَمَاء الْبُلْدَان الْمَفْتُوْحَة وَإِحِرَاجِهم هُو (عَبْدُالْجَبَّار الْخُوَارَزْمِي).. وَمِن ذَلِك أَنَّه لَما فَتَح حَلَب وَاسْتَوْلَى عَلَى قَلَّعْتُهَا دَعَا الْعُلَمَاءَ وَالْقُضَاة الَّذِيْن انْتَخِبُوا مِن بَيْنَهُم مَن يُجِيْب عَنْهُم - لَهُم أَو عَلَيْهِم - انْتَخِبُوا ( ابْن الْشِّحْنَة ) وَكَان عَالِما مَشْهُوْرا فِي حَلَب .. وانْعَقَدَ الْمَجْلِسُ : تَيْمُورلَنْك وَعَبْدِالْجَبَار الْخُوَارَزْمِي وَابْن الْشِّحْنَة عَلَى رَأْس عُلَمَاء حَلَب .. قَال عَبْدُالْجَبَّار : - بِالْأَمْس قُتِل مِنْكُم أَهْل الْشَّام وَقُتِل مِن رِجَال تِيَمُور لَنْك فَمَن الْشَّهِيْد قَتِيْلَكُم أَم قَتِيْلَنَا ؟ فَوَجَم جَمْع الْعُلَمَاء .. وَأُحِس ابْنُ الْشِّحْنَة بِالْحَرَج ِحَقّا .. أَيَقُولُ قَتِيْلَكُم فَيَكْذِب نَفْسَه وَيُغْضِب رَبَّه .. أَو يَقُوْلُ قَتِيْلَنَا وَسَيْف تَيْمُور عَلَى رَأْسِه ! وَلَكِنَّه كَان فَطِنا مُلْهَما فَقَال : - هَذَا سُؤَال سُئِل عَنْه رَسُوْل الْلَّه ( ص ) وَأَجَاب عَنْه ! فَبُهِت عُلَمَاء حَلَب وَظَنُّوٓا أَن الْشَيْخ أَدْرَكَه الْخَبَل .. وَغَضِب تَيْمُور وَقَال : - أَتَسْخَر مِن الْكَلَام يَا ابْن الْشِّحْنَة .. كَيْف سُئِل رَسُوْل الْلَّه وَكَيْف أَجَاب ؟ قَال : - ( جَاء أَعْرَابِي إِلَى رَسُوْل الْلَّه وَقَال : يَارَسُوْل الْلَّه إِن الْرَّجُل يُقَاتِل حَمِيَّة .. وَيُقَاتِل شَجَاعَة .. وَيُقَاتِل لِيُرَى مَكَانُه .. فَأَيُّنَا ف سَبِيِل الْلَّه ؟ قَال : مَن قَاتَل لِتَكُوْن كَلِمَة الْلَّه هِي الْعُلْيَا فَهُو فِي سَبِيِل الْلَّه ) فَأُعْجِب تَيْمُور بِهَذَا الْجَوَاب .. وَسِرَّه دَهَاء الْشَّيْخ وَلُطْف بَدِيهَتُه .. ثُم سَأَل تِيَمُور : مَاتَقُوْلُوْن فِي عَلِي وَمُعَاوِيَة وَيَزِيْد ؟ وَانْبَرَى الْقَاضِي عَلَم الْدِّيْن يُجِيْب : - الْكُل مُجْتَهِدُوْن وَالْكُل عَلَى صَوَاب ! فَغَضِب تَيْمُور غَضَبا شَدِيْدا وَسَب الْعُلَمَاء وَسَب حَلَب وَقَال : أَنْتُم حَلِبِيُّون تَابِعُون لِأَهْل دِمَشْق .. وَهُم يَزِيْدُوْن قَتَلُوَا الْحُسَيْن وَأَعَانُوْا يَزِيْد !! فَوَجَم الْقَوْم حَتَّى أُنْقِذ ابْن الْشِّحْنَة عَنَمَا قَال : - إِن الْشَّيْخَ عِلْمَ الَّديْن أَجَابَ بِشَيْءٍ وَجَدَهُ فِي كِتَابٍ لَّا يُعْرَفُ مَعْنَاه .. فَسُرِّى عَن تَيْمُور وَأعَادَ الَيْه بِشَرِّه .. ثُم فَتَح تِيَمُور لَنْك دِمَشْق وَوَقَف مَن عُلَمَائِهَا مَوْقِفِه فِي حَلَب .. أنتقلَ تيمور لنك إلىَ دمشق .. ووقفَ من علمائها موقفه في حلب .. فجاءَ إليهِ جماعةٌ من العلماءِ وعلى رأسهم ابنُ خلدون المؤرخُ .. ذهبَ إليهِ بلباسه المغربي الأنيق الرقيق .. وقد أنابه علماءُ دمشق أيضا في الكلام عنهم .. وعرفَ تيمور من شكله وزيه أنه ليس من أهل الشام . فدعاهم تيمور إلى الطعام ومدّ سِماطاً كومَ عليه اللحم تلالا .. قال ابنُ خلدون اللبق الحاذق : عرفتُ مشارق الارض ومغاربها .. وخالطتُ الملوكَ والسلاطين .. ولكنّ اللهَ - وله الحمدُ - قد منَّ عليَّ حتى رأيتُ ملكَ الملوك وأكلتُ عنده طعاما لايؤكل لسد الجوع إنما يؤكل للفخر والشرف !! واجتمعَ يوما علماءُ دمشق بحضرته فأثار مسألة عليِّ ومعاوية إذ هي أنسب المسائل التي يتذرع بها للتنكيل بأهل الشام فذكر يزيد ومقتل الحسين وقال : إنها كانت بمؤازرة أهل الشام .. فإن كانوا مستحليها فهم كفار .. وإن كانوا غير مستحليها فهم عصاة أشرار !! وقد هدأ من ثائرته أحد العلماء وهو محمد بن عمر المعروف بأبي الطيب فقال : إن نسبي يتصلُ بعمرَ وعثمان .. وكان جدي الأعلى حاضرا تلك الوقائع ولكنه توصل إلى رأس الحسين ونظفه وغسله ودفنه .. ولذلك سموه أبا الطيب .. وتلك فتنٌ أزاحها الله عنا .. ودماءٌ طهرَ الله سيوفنا منها .. فلا خير في نبش الماضي وإيقاظ الفتن . وقد أرضى ذلك الكلام تيمور لنك . ولعل ألطف مجلس عندما سأل تيمورُ : أيهما أعلى : العلم أم النسب ؟ وموضع الاحراج في هذا السؤال أن تيمور يعتز بالنسب .. والعلماء يعتزون بالعلم ! سمعَ العلماءُ هذا السؤال فوجموا وأحجموا عن الجواب .. ولكن الشيخ شمس الدين النابلسي الحنبلي تردد أن يسكت سكوتهم أو يجهر برأيه فقرر أن يكون صريحا كل الصراحة .. صادقا كل الصدق فصا ح في وجه تيمور : العلمُ أعلى من النسب !! وأضاف أن الصحابة قدموا أبا بكر على عليِّ .. لأن أبا بكر أعلم وإن كان نسب علي أشرف .. وما أتم الشيخ هذا حتى أدركَ خطورة مافعل .. فلم يتراجع بل صمم على إتمام فصول الرواية بفصل ظريف حقا .. إذ راح يفك أزرارهُ .. ويخلع إزاره ..فدهش تيمور والعلماء ماذا يصنع الرجل !! فقال : إني قلتُ ماقلتُ وأنا أعلمُ بالنتيجة .. فما تروني إلا استعد للسعادة ولأختم حياتي بالشهادة !! وعلا الجميعَ رهبة ٌ رهيبة ٌ .. وهم يعلمون أن تيمور يقتل بالظنة .. ويخسفُ بالناس الأرض للكلمة الخفيفة وللقول يحتمل التأويل فكيف بالشيخ شمس الدين النابلسي وقد بلغ الغاية في الإساءة .. وتجاوز الحد في الصراحة ؟ ولكن الله مقلب القلوب أجرى على لسان تيمور قولا واحدا لم يزد عليه : ( لا يدخلنَّ عليّ هذا بعد اليوم ) رحم الله الشيخ النابلسي رحمة واسعة وأجزل مثوبته فقد صدح بكلمة الحق في وجه الظالم وحسبه هذا .. العبّادي
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
!, الزام, تيمورلنك, حَضرةِ, عُلماءُ, في |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|