#1
|
|||
|
|||
أسئلة عن الإعتكاف من موقع الإسلام سؤال وجواب
أريد أن أعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف
الحمد لله كان هديه صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف أكمل هدي وأيسره . اعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط يلتمس ليلة القدر ، ثم تبين له أنها في العشر الأخير فداوم على اعتكاف العشر الأخير حتى لحق بربه عز وجل . وترك مرة اعتكاف العشر الأخير فقضاه في شوال فاعتكف العشر الأول منه . رواه البخاري ومسلم . ولما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً . رواه البخاري (2040) . "قِيلَ : السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْم بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ لِيُبَيِّنَ لأُمَّتِهِ الاجْتِهَادَ فِي الْعَمَل إِذَا بَلَغُوا أَقْصَى الْعَمَل لِيَلْقَوْا اللَّهَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِمْ , وَقِيلَ : السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ جِبْرِيل كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلّ رَمَضَانَ مَرَّةً , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ فَلِذَلِكَ اِعْتَكَفَ قَدْرَ مَا كَانَ يَعْتَكِف مَرَّتَيْنِ. وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا اِعْتَكَفَ فِي ذَلِكَ الْعَام عِشْرِينَ لأَنَّهُ كَانَ الْعَام الَّذِي قَبْلَهُ مُسَافِرًا , وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْر الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَان , فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِف , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ اِعْتَكَفَ عِشْرِينَ " اهـ من فتح الباري . وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بخباء ( على مثل هيئة الخيمة ) فيضرب له في المسجد ، فيمكث فيه ، يخلو فيه عن الناس ، ويقبل على ربه تبارك وتعالى ، حتى تتم له الخلوة بصورة واقعية . واعتكف مرة في قُبَّة تركية (أي خيمة صغيرة) وجعل على بابها حصيراً . رواه مسلم (1167) . قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/90) : "كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ، ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الحديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون" اهـ . وكان دائم المكث في المسجد لا يخرج منه إلا لقضاء الحاجة ، قال عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها : (وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا ) رواه البخاري (2029) ومسلم (297) . وفي رواية لمسلم : ( إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ ) . وَفَسَّرَهَا الزُّهْرِيُّ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِط . وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته فكان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة فتغسل له رأسه صلى الله عليه وسلم وتسرحه . روى البخاري (2028) ومسلم (297) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ (أي : معتكف) فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ . وفي رواية للبخاري ومسلم : (فَأَغْسِلُهُ) . وترجيل الشعر تسريحه . قال الحافظ : "وَفِي الْحَدِيث جَوَاز التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْغَسْلِ وَالْحَلْقِ وَالتَّزَيُّن إِلْحَاقًا بِالتَّرَجُّلِ , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ فِيهِ إِلا مَا يُكْرَه فِي الْمَسْجِدِ" اهـ . وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ، وذلك من أجل التركيز الكلي لمناجاة الله تعالى ، وتحقيق الحكمة من الاعتكاف وهي الانقطاع عن الناس والإقبال على الله تعالى . قالت عائشة : (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً ، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا ، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ ) . رواه أبو داود (2473) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . "وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا " تريد بذلك الجماع . قاله الشوكاني في "نيل الأوطار" . وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف صلى الله عليه وسلم فلما قامت لتذهب قام معها ليوصلها ، وكان ذلك ليلاً . فعن صَفِيَّةَ زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا . أي : ليردها إلى منزلها . رواه البخاري (2035) ومسلم (2175) . وخلاصة القول كان اعتكافه صلى الله عليه وسلم يتسم باليسر وعدم التشدد ، وكان وقته كله ذكراً لله تعالى وإقبالاً على طاعته التماساً لليلة القدر . انظر : "زاد المعاد" لابن القيم (2/90) ، "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو هل يصح للمعتكف أن يقوم بتعليم أحد أو إلقاء درس ؟ الجواب : الحمد لله "الأفضل للمعتكف أن يشتغل بالعبادات الخاصة كالذكر والصلاة وقراءة القرآن وما أشبه ذلك ، لكن إذا دعت الحاجة إلى تعليم أحد أو التعلم فلا بأس ، لأن هذا من ذكر الله عز وجل " انتهى . فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله . "رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص43) هل يجوز للمعتكف الاتصال بالتليفون لقضاء حوائج المسلمين ؟ الحمد لله "نعم ، يجوز للمعتكف أن يتصل بالتليفون لقضاء بعض حوائج المسلمين ، إذا كان في المسجد الذي هو معتكف فيه ، لأنه لم يخرج من المسجد ، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك ، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان رجلاً معنياً بها فلا يعتكف ، لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف ، لأن نفعها متعدٍ ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر ، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته" انتهى . فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله . "رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 35 سمعت حديثاً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ، فهل هذا الحديث صحيح ؟ الحمد لله أولاً : هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البيهقي (4/315) عن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما : مررت على أناس عكوف بين دارك ، ودار أبي موسى ، ( يعني في المسجد ) وقد علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ) . فقال عبد اللّه بن مسعود : لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا . صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2876) . ثانياً : وأما حكم المسألة فذهب جماهير العلماء إلى أن الاعتكاف لا يشترط له أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187. ولفظ المساجد في الآية عام فيشمل كل المساجد ، إلا ما دل الدليل على عدم صحة الاعتكاف فيه كالمسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إذا كان المعتكف ممن تجب عليه صلاة الجماعة . انظر السؤال رقم : ( 48985 ) وقد أشار الإمام البخاري رحمه الله إلى الاستدلال بعموم الآية ، فقال : "بَاب الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )" اهـ. ولم يزل عمل المسلمين على الاعتكاف في مساجد بلدانهم . كما ذكره الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" ( 4/205) . وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : عن حكم الاعتكاف في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وجزاكم الله خيراً ؟ فأجاب : "الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى مشروع في وقته ، ولا يختص بالمساجد الثلاثة ، بل يكون فيها وفي غيرها من المساجد ، هذا قول أئمة المسلمين أصحاب المذاهب المتبوعة كالإمام أحمد ، ومالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله لقوله تعالى : ( وَلاَ تباشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ) ولفظ المساجد عام لجميع المساجد في أقطار الأرض ، وقد جاءت هذه الجملة في آخر آيات الصيام الشامل حكمها لجميع الأمة في جميع الأقطار ، فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم ، ولهذا ختمت هذه الأحكام المتحدة في السياق والخطاب بقوله تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) . ومن البعيد جداً أن يخاطب الله الأمة بخطاب لا يشمل إلا أقل القليل منهم ، أما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكمال ، يعني أن الاعتكاف الأكمل ما كان في هذه المساجد الثلاثة ، وذلك لشرفها وفضلها على غيرها . ومثل هذا التركيب كثير، ـ أعني أن النفي قد يراد به نفي الكمال ، لا نفي الحقيقة والصحة ـ مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة طعام ) وغيره . ولا شك أن الأصل في النفي أنه نفي للحقيقة الشرعية أو الحسية ، لكن إذا وجد دليل يمنع ذلك تعين الأخذ به ، كما في حديث حذيفة. هذا على تقدير سلامته من القوادح ، والله أعلم" اهـ . "فتاوى الصيام" (ص 493) . وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما صحة الحديث ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ؟ فأجاب : يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد الذي يعتكف فيه إقامة الجماعة فيه ، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح الاعتكاف فيه ، إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها وفاء لنذره" اهـ . "مجموع فتاوى ابن باز" (15/444) . أريد الجلوس للاعتكاف. ستكون هذه هي المرة الثالثة لي. الدورة الشهرية ستكون في وقت بالعشر الأواخر لرمضان. هناك حبوب موجودة لوقف الدورة الشهرية . لقد استخدمتها في أول مرة وأنا في الاعتكاف عندما كانت عادتي في تلك الفترة. لكن هذه المرة أنا أخاف استخدامها لأن عندي السرطان واستخدمت علاج الكيماوي. عندما شُخصت حالتي بالسرطان عقدت النية أن الله سيعافيني وأنني سأجلس في الاعتكاف. ماذا يجب علي أن أفعل ؟ هل يجب أن أستشير الطبيب حتى أعرف هل الحبوب تؤذيني أو لا أجلس في الاعتكاف ؟. الحمد لله أولا : نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية ، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا . ثانيا : يجوز أخذ حبوب منع الدورة للتمكن من أداء العبادة كالاعتكاف والعمرة والحج ، ولكن بشرط ألا تكون مضرة بالبدن ، وحيث إنك تعانين من المرض الذي ذكرت ، فلابد من استشارة الطبيب قبل أخذ هذه الحبوب ، للتأكد من عدم معارضتها لعلاجك ، وعدم إضرارها بك ، والمسلم مأمور بالمحافظة على بدنه ، وعدم إلحاقه الضرر به ؛ لقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء/29 ، وقوله : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/195 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه . وقال في الآداب الشرعية" (2/463) : " وتحرم المداواة بكل مضر " انتهى . وعلى هذا ، فإن كانت هذه الحبوب مضرة فلا يجوز لك تناولها ، ويمكنك البدء في الاعتكاف ثم إذا حصل الحيض خرجت من المسجد وقطعت الاعتكاف وهذا عذر لك في قطعه بل هذا هو الواجب عليك لأن الحائض لا يجوز لها أن تبقى في المسجد . أما إن كانت غير مضرة فلا حرج عليك في تناولها . والله أعلم ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟. الحمد لله اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف . فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) . قال النووي في المجموع (6/514) : وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار . واستدلوا على هذا بعدة أدلة : 1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة . قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) . 2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة . وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية . وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) : "الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ . أريد أن أعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وأريد أن أعرف متى أدخل المسجد ومتى أخرج منه ؟. الحمد لله أولاً : أما دخول المعتكف فذهب جمهور العلماء ( منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ) إلى أن من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها : 1- أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان . متفق عليه . وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام ، لأن العشر تمييز لليالي ، قال الله تعالى : ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) الفجر/2. والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين . فعلى هذا ، يدخل المسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين . 2- وقالوا : إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر ، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر ، فينبغي أن يكون معتكفا فيها . قاله السندي في حاشيتة النسائي . وانظر : "المغني" (4/489) . لكن روى البخاري (2041) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ . وقد قال بظاهر هذا الحديث بعض السلف وأنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر . وبه أخذ علماء اللجنة الدائمة (10/411) ، والشيخ ابن باز (15/442) . لكن أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأحد جوابين : الأول : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر . قال النووي : ( إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه ) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول : يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار , وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ , وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ , وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد : يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر , وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف , وَانْقَطَعَ فِيهِ , وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح , لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف , بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد , فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ اهـ . الجواب الثاني : أَجَابَ به الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَة بِحَمْلِ الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل ذَلِكَ فِي يَوْم الْعِشْرِينَ . قال السندي : وَهَذَا الْجَوَاب هُوَ الَّذِي يُفِيدهُ النَّظَر ، فَهُوَ أَوْلَى وَبِالاعْتِمَادِ َأَحْرَى اهـ . وسئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 501) :متى يبتدئ الاعتكاف ؟ فأجاب : "جمهور أهل العلم على أن ابتداء الاعتكاف من ليلة إحدى وعشرين لا من فجر إحدى وعشرين ، وإن كان بعض العلماء ذهب إلى أن ابتداء الاعتكاف من فجر إحدى وعشرين مستدلاًّ بحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري : ( فلما صلى الصبح دخل معتكفه ) لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام انفرد من الصباح عن الناس ، وأما نية الاعتكاف فهي من أول الليل ، لأن العشر الأواخر تبتدىء من غروب الشمس يوم عشرين" اهـ . وقال أيضاً (ص 503) : "دخول المعتكِف للعشر الأواخر يكون دخوله عند غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، وذلك لأن ذلك وقت دخول العشر الأواخر، وهذا لا يعارضه حديث عائشة لأن ألفاظه مختلفة ، فيؤخذ بأقربها إلى المدلول اللغوي، وهو ما رواه البخاري (2041) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ . فقولها : ( وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ ) يقتضي أنه سبق مكثُه دخولَه ( أي سبق مكثُه في المسجد دخولَه مكان الاعتكاف ) ، لأن قولها: ( اعتكف ) فعل ماض ، والأصل استعماله في حقيقته اهـ . ثانياً: وأما خروجه : فإنه يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام رمضان . سئل الشيخ ابن عثيمين : متى يخرج المعتكف من اعتكافه أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد ؟ فأجاب : "يخرج المعتكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان ، وينتهي رمضان بغروب الشمس ليلة العيد" اهـ فتاوى الصيام (ص 502) . وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/411) : "وتنتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه" اهـ . وإذا اختار البقاء حتى يصلي الفجر ويخرج من معتكفه إلى صلاة العيد فلا بأس ، فقد استحب ذلك بعض السلف . قال الإمام مَالِك رحمه الله إنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ . قَالَ مَالِك : وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ . وقال النووي في "المجموع" (6/323) : "قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ : وَمَنْ أَرَادَ الاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ , لِكَيْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْهُ , ويَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ , سَوَاءٌ تَمَّ الشَّهْرُ أَوْ نَقَصَ , وَالأَفْضَلُ أَنْ يَمْكُثَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ , أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلاةِ الْعِيدِ إنْ صَلُّوهَا فِي الْمُصَلَّى" اهـ . وإذا خرج من الاعتكاف مباشرة إلى صلاة العيد فيستحب له أن يغتسل قبل الخروج إليها ويتجمل ، لأن هذا من سنن العيد . راجع تفصيل ذلك في السؤال (36442) . لماذا ترك المسلمون الاعتكاف ، مع أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما هو الهدف من الاعتكاف ؟. الحمد لله أولاً : الاعتكاف من السنن المؤكدة التي واظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم . وانظر الأدلة على مشروعيته في إجابة السؤال رقم (48999). وقد اختفت هذه السنة من حياة المسلمين إلا من رحم ربي شأنها في ذلك شأن كثير من السنن التي أماتها المسلمون أو كادوا . ولذلك أسباب ، منها : 1- ضعف الجانب الإيماني في كثير من النفوس . 2- الإقبال المتزايد على ملذات الحياة الدنيا وشهواتها ، والذي أدى إلى عدم القدرة على الابتعاد عنها ولو لفترة قليلة . 3- هوان الجنة في نفوس كثير من الناس ، وميلهم إلى الراحة والدعة ، فلا يريدون تحمل مشقة الاعتكاف ولو كان ذلك في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى . ومن علم عظم قدر الجنة ونعيمها بذل في الحصول عليها النفس والنفيس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي وصححه الألباني (2450) . 4- اقتصار محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من النفوس على الجانب اللفظي دون العملي والذي يتمثل في تطبيق جوانب السنة المحمدية المتعددة ومنها الاعتكاف ، قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21. قال ابن كثير رحمه الله (3/756) : هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله اهـ . وقد تعجب بعض السلف من ترك الناس للاعتكاف مع مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه . قال اِبْن شِهَاب الزهري : عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ , تَرَكُوا الاعْتِكَاف , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ . ثانياً : الاعتكاف الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ، وهذه الأيام المعدودة تعتبر –بحق- بمثابة دورة تربوية مكثفة لها نتائجها الإيجابية الفورية في حياة الإنسان في أيام وليالي الاعتكاف ، ولها أثرها الإيجابي على حياة الإنسان فيما يستقبله من أيام خلال حياته التي يحياها إلى رمضان آخر . فما أحوجنا معاشر المسلمين إلى إحياء هذه السنة وإقامتها على الوجه الصحيح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فيا فوز المتمسكين بالسنة بعد غفلة الناس وفساد الأمة . ثالثاً : كان الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم التماس ليلة القدر . روى مسلم (1167) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ (أي : خيمة صغيرة) عَلَى سُدَّتِهَا (أي : بابها) حَصِيرٌ . قَالَ : فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ ، فَدَنَوْا مِنْهُ ، فَقَالَ : إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي : إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ . وفي هذا الحديث من الفوائد : 1- أن الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم إلتماس ليلة القدر ، والاستعداد لقيامها وإحيائها بالعبادة ، وذلك لعظم فضل هذه الليلة ، وقد قال الله تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/3. 2- اجتهاده صلى الله عليه وسلم في تحريها قبل معرفته بوقتها ، فبدأ بالعشر الأول ثم الأوسط ، ثم استمر معتكفاً حتى آخر الشهر حينما أُعلم أنها في العشر الأواخر ، وهي القمة في الاجتهاد طلباً لليلة القدر . 3- متابعة الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ إنهم بدأوا الاعتكاف واستمروا معه حتى نهاية الشهر ، وذلك لشدة تأسيهم به صلى الله عليه وسلم . 4- شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه ورحمته بهم ، فلعلمه بمشقة الاعتكاف خَيَّرهم في الاستمرار معه أو الخروج فقال : ( فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ) . وللاعتكاف مقاصد أخرى ، منها : 1- الانقطاع عن الناس ما أمكن ، حتى يتم أُنسه بالله عز وجل . 2- إصلاح القلب بالإقبال على الله تبارك وتعالى بكليته . 3- الانقطاع التام للعبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة قرآن . 4- حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات . 5- التقلل من المباح من الأمور الدنيوية والزهد في كثير منها مع القدرة عليها . انظر كتاب "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو. هل يجوز للمرأة الاعتكاف عن والديها الأموات ؟ . الحمد لله ذهب بعض العلماء إلى جواز فعل أي عبادة وهبة ثوابها للأموات ، وذهب آخرون إلى أنه يقتصر على ما ورد به النص من العبادات . سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ما هي الأشياء التي يَنتفع بها الميت من قبَل الأحياء ؟ وهل هناك فرق بين العبادات البدنية وغير البدنية ؟ نرجو أن توضحوا لنا هذه المسألة وتضعوا لنا فيها قاعدة نرجع إليها كلما أشكل علينا مثل هذه المسائل ، أفتونا بارك الله فيكم . فأجاب : " ينتفع الميت من الحي بما دل عليه الدليل من الدعاء له والاستغفار له والتصدق عنه والحج عنه والعمرة عنه وقضاء الديون التي عليه وتنفيذ وصاياه الشرعية ، كل ذلك قد دلت الأدلة على مشروعيته . وقد ألحق بها بعض العلماء كل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها لمسلم حي أو ميت ، والصحيح الاقتصار على ما ورد به الدليل ، ويكون ذلك مخصصًا لقوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) النجم/39 ، والله أعلم " " المنتقى " ( 2 / 161) . وأما بخصوص الوالدين : فإن الشرع جعل الولد من كسب أبيه . فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ) . رواه ابن ماجه ( 242 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 4 / 121 ) وحسَّنه المنذري والألباني كما في " صحيح الترغيب " ( 1 / 18 ) . قال السندي – في حاشيته على "سنن ابن ماجه " : " عَدُّ الولد الصالح من العمل والتعليم حسنٌ ؛ لأن الوالد هو سبب في وجوده ، وسبب لصلاحه بإرشاده إلى الهدى ، كما جُعل نفس العمل في قوله تعالى : ( إِنَه عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح ) " انتهى . وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة فإن لوالديه مثل أجره ، دون أن ينقص من أجره شيءٌ ؛ لأن الولد من سعيهما وكسبهما ، والله عز وجل يقول : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) النجم /39 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه ) - رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الشيخ رحمه الله بشواهده – " انتهى . "أحكام الجنائز" (ص 126، 217) . وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ما هي الأعمال التي تنفع وتفيد الوالدين أحياءً وأمواتًا ؟ فأجاب : " الأعمال هي : برهما في حياتهما ، والإحسان إليهما بالقول والعمل ، والقيام بما يحتاجانه من النفقة والسكن وغير ذلك والأنس بهما ، والكلام الطيب معهما وخدمتهما ؛ لقوله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء/ 23 ، خصوصًا في كبرهما ، أما بعد الممات : فإنه يبقى من برهما أيضًا الدعاء ، والصدقة لهما ، والحج والعمرة عنهما ، وقضاء الديون التي في ذمتهما ، وصلة الرحم المتعلقة بهما ، وكذلك برُّ صديقهما ، وتنفيذ وصاياهما المشروعة " انتهى . " المنتقى " (2/162) . ثانيا ً : وأما بخصوص اعتكاف النساء : فإن الاعتكاف مستحب للرجال والنساء ، ولكن ينبغي تقييده في حق النساء بأن يكون بإذن أهلها أو زوجها ، وأن لا يكون في اعتكافها فتنة . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " فالمرأة تعتكف ما لم يكن في اعتكافها فتنة ، فإن كان في اعتكافها فتنة : فإنها لا تمكن من هذا ؛ لأن المستحب إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع ، كالمباح إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع ، فلو فرضنا أنها إذا اعتكفت في المسجد صار هناك فتنة كما يوجد في المسجد الحرام ، فالمسجد الحرام ليس فيه مكان خاص للنساء ، وإذا اعتكفت المرأة فلا بد أن تنام إما ليلاً وإما نهاراً ، ونومها بين الرجال ذاهبين وراجعين فيه فتنة . والدليل على مشروعية الاعتكاف للنساء : اعتكاف زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته ، وبعد مماته ، لكن إن خيف فتنة : فإنها تمنع ؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم منع فيما دون ذلك ، فإنه لما أراد أن يعتكف صلّى الله عليه وسلّم خرج ذات يوم ، وإذا خباء لعائشة ، وخباء لفلانة ، وخباء لفلانة ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : ( آلبر يرِدْن ؟! ) ثم أمر بنقضها ، ولم يعتكف تلك السنة ، وقضاه في شوال ، وهذا يدل على أن اعتكاف المرأة إذا كان يحصل فيه فتنة : فإنها تمنع من باب أولى " انتهى . "الشرح الممتع" (6/510، 511) . والخلاصة : أنه ينبغي للإنسان أن يكثر من الأعمال الصالحة عن نفسه ، قبل انقضاء أجله ، وانقطاع عمله . وسيكون لوالديه نصيب من أجور هذه الأعمال من غير أن تنقص أجور أولادهم ، والاعتكاف من الأعمال الصالحة ، ومن المرأة لا بدَّ أن يكون وفق ضوابط وشروط كما في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . والله أعلم . أسافر كل يوم لمسافة حوالي 122 كيلومتر للذهاب إلى العمل ، لكن أثناء رمضان أبقى في المدينة حيث أعمل ، وذلك من الاثنين إلى الجمعة ، ولا أذهب لرؤية أهلي طوال الأسبوع ، هل يجوز لي الصوم أثناء الرحلة لأنها ليست رحلة شاقة خلال هذه الأيام ؟ هل صومي صحيح ؟ إذا أخذت آخر عشرة أيام من رمضان إجازة من العمل فهل أعتكف في نفس المدينة أم أعتكف مع أسرتي التي لم أتمكن من قضاء وقت كثير معها ؟ وأيضًا لمساعدة زوجتي في أعمال البيت لأنها تتعب جدّاً ولا يمكنها أداء كثير من العبادة ، هل الأفضل لي الاعتكاف أم قضاء الوقت مع أسرتي والتعبد معاً ؟ الحمد لله أولاً : يجوز للمسافر أن يفطر في رمضان ، لقول الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 ، ولا فرق بين أن يكون السفر شاقاً أو سهلاً . وهل الأفضل له أن يصوم أو يفطر ؟ الجواب : الأفضل له الصيام إلا إذا وجد مشقة فالأفضل الفطر . وتجد تفصيل هذا في جواب السؤال رقم ( 65629 ) و ( 20156 ) . ثانياً : والأفضل لك أيها الأخ أن ترجع لأهل بيتك وتقيم بينهم لمساعدة زوجتك على شئون البيت ؛ ولإعانتها على القيام بالطاعة واستغلال العشر الأواخر ، وبقاؤك بين أهل بيتك لحثهم على الطاعة والعبادة خير من اعتكافك وحدك مع حرمانهم منها بسبب بعدك ، وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر ومنه : " أيقظ أهله " أي : أيقظهم للطاعة والعبادة والصلاة والدعاء ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليعتكف ويترك أهل بيته دون عناية ورعاية ، وقد ثبت أن صفية رضي الله عنها زارته وهو معتكف ، وثبت أنهن اعتكفن معه ، والاعتكاف عبادة خاصة غير متعدية ، وبقاؤك مع أهلك وحثهم على العبادة وحسن معاشرتهم هو من الأفعال المتعدية في نفعها لغيرك ، ولن تُحرم أجر طاعتهم ، ولن تَحرم نفسك من العبادة ، إذ يمكنك مصاحبة أهل بيتك لقيام الليل في أحد المساجد ، ويمكنك إيقاظهم آخر الليل للدعاء وقراءة القرآن ، وهذا خير يعمك ويعم أهل بيتك ، فننصحك بالرجوع إلى أهلك والبقاء في العشر الأواخر بينهم ، وحثهم على الطاعة والعبادة ، ويمكنك إذا رأيت استقامة حال أهلك ، والتزامهم بالطاعات أن تعتكف بعض الليالي في مسجد حيك ، فتجمع بين أنواع الطاعات ، وتصيب خيراً عظيماً إن شاء الله ، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يتقبل منك ومن أهل بيتك . والله أعلم أريد الجلوس للاعتكاف ، لكن عندي موعد مهم مع الدكتور ، فهل أستطيع الذهاب للدكتور في فترة الاعتكاف ، أو أنه لا يجب علي الاعتكاف ؟. الحمد لله الاعتكاف هو لزوم المسجد والمكث فيه . والاعتكاف سنة مستحبة لا سيما في العشر الأواخر من رمضان ، ولا يجب إلا إذا أو جبه المسلم على نفسه بالنذر ، أما بدون النذر فلا يجب . وانظر جواب السؤال رقم (48999) . والأصل أن المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا يستطيع فعلها في المسجد ، كالوضوء والاغتسال وقضاء الحاجة ، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ . رواه مسلم (297) . وإذا كنت في حاجة إلى الذهاب للطبيب ولا يمكن تأجيل هذا الموعد إلى ما بعد رمضان ، فالذي يظهر أنه لا حرج من الخروج من المسجد للذهاب للطبيب ثم تعود إلى المسجد ، فقد ذكر النووي رحمه الله في "المجموع" (6/545) أن المعتكف المريض مرضاً " يشق معه الإقامة في المسجد لحاجته إلى الفُرُش والخادم وتردد طبيب ونحو ذلك يباح له الخروج " انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "جلسات رمضانية" (لعام 1411هـ/المجلس السابع/144) : " من يحتاج إلى مراجعة الطبيب يَخرُج ، وإلاَّ فيبقى في المسجد " انتهى . والله أعلم . هل يجوز لي أن أعتكف الليالي الفردية من شهر رمضان لأنني لا أستطيع اعتكاف العشرة كاملة بسبب أني متزوج حديثا وزوجتي تبقى لوحدها في بيتي مع أنني أسكن بجوار أهلي ؟. الحمد لله الأفضل أن يعتكف المسلم العشر الأواخر كلها ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ . رواه البخاري (2025) ومسلم (1171) . وإذا لم يمكنه اعتكاف العشر الأواخر كلها ، واقتصر على بعض أيامها أو لياليها فلا حرج في ذلك ، وقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره . رواه البخاري (2042) ومسلم (1656) ففيه دليل على صحة اعتكاف ليلة . وقد سبق في جواب السؤال (38037) أن الاعتكاف لا حد لأقله ، ونقلنا فتوى الشيخ ابن باز في ذلك . والذي ينبغي هو الاجتهاد في العبادة في هذه العشر ، والتزود منها بقدر الاستطاعة . والله أعلم . ما حكم من لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة ؟ الحمد لله "الاعتكاف سنة ، وبر الوالدين واجب ، والسنة لا يسقط بها الواجب ، ولا تعارض الواجب أصلاً ، لأن الواجب مقدم عليها ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ؛ فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي ألا تعتكف لأنه محتاج إليك فيها ، فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك ، لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم ، وغير عدل ، لأنك تهوى الاعتكاف ، فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً ، وأبوك يرى أنها مبرر . والذي أنصحك به ألا تعتكف ، نعم ، لو قال لك أبوك : لا تعتكف ولم يذكر مبررات لذلك ، فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال ، لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه ضرر عليه في مخالفتك إياه ، وفيه تفويت منفعة لك" انتهى . فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله . "رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 31) . |
#2
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيراً أختى الحبيبة ونفع بكِ |
#3
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيرا أُخية و نفع بكِ |
#4
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيرا يا غالية ونفع بكِ
|
#5
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
|
#6
|
|||
|
|||
وجزاكم خيرا مثله .اللهم أمين |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|