السؤال : زوجي كثيراً ما يشرب الدخان ، وتنبعث رائحة خبيثة منه من فمه وشعره وملابسه ، وأنا امرأة أخاف ربي ، ولكن في لحظات حينما يقرب مني بالفراش أنفر منه ، وأخبره أن رائحته كريهة ، وأن هذا لا يرضي الله ، وأن الوضع لا يعجبني ، وأخليه ينام زعلان علي ، أنا في قصدي لا بد أن أضع حداً له ولست أنفر منه ، أنا أحبه ، ولكن أخاف عليه من النار ومن المرض ، لا بد أن أتخذ موقفاً حازماً ، وفي نفس الوقت أجد الرهبة من الموضوع ، أخاف أن الملائكة تلعنني لأنه نام زعلان ، فما الحكم في حالتي تلك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
يحرم شرب الدخان ؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال ، وينظر جواب السؤال رقم(
70305) .
ولا شك أن للدخان رائحة خبيثة ، يبقى أثرها في فم المدخن وجسده وملابسه ، كما تكون في بيته ومجلسه ، ولولا ما فيه من البلاء لأدرك ذلك ، ولعجب من نفسه كيف يرضى أن تكون رائحته بهذا الخبث والسوء .
ثانيا :
وكما أن للزوج منع زوجته " من أكل ما يتأذى من رائحته ، كبصل وثوم ، ومن أكل ما يُخاف منه حدوث المرض " [ ينظر : مغني المحتاج ، للخطيب الشربيني (3/189) ] ، فلها ـ أيضا ـ أن تطالبه بالامتناع من مثل ذلك ، كالدخان ونحوه ؛ لما يلحقها من التأذي برائحته المنتنة ، أو التضرر من دخانه ، إذا شربه بحضرتها . قال الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة /228 ، قال ابن كثير رحمه الله : " ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن ، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف " انتهى .
تفسير ابن كثير (1/609) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( إني لأحب أن أتزيَّن للمرأة ، كما أحب أن تتزين لي المرأة ؛ لأن الله يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ) رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، كما في تفسير ابن كثير (1/610) .
ثالثا :
إن امتنع الزوج من ترك ذلك ، فلها أن تطلب فراق زوجها المدخن ؛ لما في عشرته والبقاء معه من الضرر والأذى لها ولأولادها .
لكن إذا اختارت الصبر ، ورجت أن يهديه الله على يديها ، لزمها أن تعطيه حقوقه ، ومنها : حقه في الاستمتاع ، فلا يجوز أن تمتنع منه إذا أرادها ؛ لما روى البخاري (3237) ومسلم (1736) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) .
وأما الامتناع من فراشه ، بغرض حمله على ترك التدخين ، فهذا نوع من ولاية التأديب والقوامة التي للزوج على زوجته ، وليس العكس ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم ذكر أن للزوجة أن تؤدب زوجها ، أو أعطاها شيئا من هذه الولاية .
انظر : الموسوعة الفقهية (1/21-22) ، مصطلح : " تأديب " .
فاحرصي على أداء حقه ، واستمري في نصحه ، ولا تعيني الشيطان عليه ، فإن الرجل إذا منعته الزوجة حقه قد يفكر في طرق الحرام .
على أنه من الممكن أن تظهري التكره لذلك ، والتأفف من الرائحة الكريهة ، ومطالبته بإزالتها وتنظيف فمه ، وإظهار التغضب ـ بقدر ـ أحيانا ، مع الاستمرار في نصحه ، وإظهار الشفقة عليه ، لكن مع أداء حقه ، وألا يصل الأمر إلى حد الهجر ، أو الامتناع من الفراش ، ما دمت قد رضيت بالبقاء معه ، وتحمل ما تجدينه من الأذى ، وإياك أن تعيني الشيطان عليه ، أو تضجريه بحيث ينفر منك ومن فراشك ، فإن مثل ذلك غير مأمون العاقبة في حقه ، وربما أحدث ضررا ومفسدة ، فوق ما تطلبينه من امتناعه من التدخين .
نسأل الله أن يوفقك ويعينك ويهدي زوجك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تستعمل موانع الحمل دون علم زوجها مع أنه يرفضها ويختار العزل؟
السؤال : أنا امرأة لدي طفلتان الكبرى تبلغ من العمر سنتين والصغرى ثمانية أشهر ، واتفقنا أنا وزوجي على تأجيل الحمل لتكمل ابنتي رضاعتها ، وحتى أتمكن من خدمة طفلتيّ ، فأنا لا أريد أن أجلب خادمة ، كما أن صحتي لا تسمح بالحمل الآن ، ولكن زوجي يرفض أن أستخدم أي مانع من حبوب أو لولب ، لقوله بأنها لابد من أن لها تأثيرا علي ، ونحن نستخدم العزل ، ولكن هو غير آمن ، كما أني أشعر بأنه ظلم لي ، فهل يجوز أن أستخدم مانعا دون علم زوجي ، بما أنه موافق على التأجيل ، ولكن اختلافنا في الطريقة ، وهل أختار ما يناسبني ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
يجوز للزوجين أن يتفقا على تأجيل الإنجاب مدة من الزمن لمصلحة أو دفع مضرة ، كأن يشق الحمل المتوالي على الزوجة ، لضعف صحتها أو كثرة أولادها .
جاء في قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م :
" يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب ، بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين ، عن تشاور بينهما وتراضٍ ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" العدد 5 ج 1 ص 748 .
ثانيا:
استعمال موانع الحمل من الحبوب أو اللولب ، لا تخلو من مضار صحية ونفسية ، وأظهر مضارها ما يتعلق باضطراب الدورة الشهرية وطول مدتها ، وفي هذا ضرر على الزوج ، ولهذا كان له الحق في منعك من استخدامها .
وأما العزل فهو وسيلة خالية من الضرر ، لكن لا يجوز للرجل أن يعزل عن زوجته إلا بإذنها ؛ لما لها من حق في الإنجاب وكمال الاستمتاع .
ومن الوسائل الآمنة : استعمال العازل الطبي ، ومعرفة الأيام التي لا يتم فيها التخصيب .
والحاصل : أنه لا يجوز لك استعمال الموانع التي لا يرضاها زوجك ؛ لأن الضرر الذي يلحقك يعود عليه أيضا .
وعلى هذا ؛ فلابد من المصارحة بين الزوجين ، وأن يتطاوعا ولا يختلفا ، وأن يتعاونا على تحقيق ما فيه المصلحة لهما ولأولادهما ، مع الصحبة الحسنة ، والعشرة الكريمة ، كما أمر الله .
وإن استطعت إقناعه بأخف الوسائل ضررا فحسن .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب