الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
شعبان يريد .. تيت تيت
أثار إعجابَنَا في مصر وغيرها من بلدان العالم ذاك الهتافُ الشهير الذي تعالت به صيحات أسود ميدان التحرير في الخامس والعشرين من يناير ....... «الشعب يريد إسقاط النظام». وبعد الخطاب الشهير للرئيس السابق حسني مبارك، والذي استفز به مشاعر الملايين حينما خيَّرَهم – بلغة أقرب إلى التهديد - بين بقائه وبين الفوضى انقلب هذا الهتاف إلى: «الشعب يريد إعدام الرئيس». ولعلنا لا نختلف كثيرا حول شرعية هذا الهتاف؛ فقد كان معلوما بطبيعة الحال أن رحيل مبارك ونظامه من سُدَّة الحكم ليس مطلبا لشباب الميدان فحسب، بل كان مطلبا لجموع المصريين المُتَرَاصِّين في بيوتهم أمام شاشات الفضائيات. ولكن بنظرة يسيرة إلى الأحداث التي تَلَتْ تحقيق أول المطالب الثورية نجد هذا الهتاف «الشعب يريد ....» لم يتخذ له مكانا تاريخيا كغيره من الهتافات، وإنما تَحَوَّل إلى واقعٍ متجددٍ يأبَى الخضوع لمرحلة التأريخ!! ففي المظاهرات الفئوية أمام المصالح والمؤسسات وجدنا الهتاف نفسه ينطلق على ألسنة المتظاهرين بشتى أطيافهم. فإن كان هناك من يتظاهر لخلع رئيسه في العمل نسمعه يقول: «الشعب يريد إقالة فُلَان»!! فإن كنتَ قارئَنا العزيز لا تريد إقالة هذا الـ «فُلَان» فلعلك قد سقطتَ سهوًا من سجلات الشعب، أو سقطَتْ إرادتُك، وإن لم يكن هذا ولا ذاك فلا شكَّ إذن أنك لست من الشعب وإنما أنت من «الهنولولو»!! وإن رجعنا لمرحلة الثورة نفسها نجد أن مظاهرات الثورة المضادة التي اتخذت قاعدة انطلاقها من ميدان «مصطفى محمود» قد أطلقت نفس الشعار فقالت: «الشعب يريد بقاء الرئيس»!! فصار عندنا شَعْبَان، أحدهما شعب ميدان التحرير، والآخر شعب ميدان مصطفى محمود، وكلاهما ينطق باسم الشعب، فأيهما هو الشعب؟!! نفس الأمر في مرحلة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فحينما انقلبَتْ مصر إلى قُطْبَيْنِ سِيَاسِيَّيْنِ أحدهما يؤيد التعديلات والآخر يرفضها – في هذه المرحلة أيضا فاجأنا «شعبان باشا» بأنه ما زال حيًّا يُرزَق وأنه ما زال يؤدي دوره بنجاح، فسمعنا النخبة السياسية في مصر تتحدث بلسان الشعب (المقطوع) وتخبرنا عن رفض شعب مصر (القاصر) للتعديلات الدستورية، ثم جاءت نتيجة الاستفتاء على نقيض كلامهم وكانت الأغلبية الساحقة تَصُبُّ في محيط قبول التعديلات، فعَلِمْتُ بطبيعة الحال أن الموجود على الساحة الآن ليس شعبا واحدا، وإنما هو الصَّدِيق شعبان!! والغريب وقتها تمثل في ارتفاع الأصوات التي تصف نسبة الرافضين للتعديلات (22.8%) بأنها هي نسبة المثقفين أو أصحاب الوعي في مصر!! متهمين كل من لم توافق إرادتُهُ إرادتَهُمْ بالجهل وانعدام الوعي واضمحلال الثقافة!! وربما ذكَّرَني هذا بأمرَيْنِ: أولهما: كان موقف عمر سليمان النائب السابق للرئيس المخلوع، حينما سُئِلَ عن أحقية الشعب المصري في التمتع بالديمقراطية، فكان جوابه متمثلا في عدم صلاحية الشعب المصري حاليا لمثل هذا!! الأمر الثاني: يتمثل في موقف فرعون قديمًا كما حكاه الله تعالى في كتابه حيث قال: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29]. أنا لا أحكي تاريخا مضى ولستُ من القُصَّاص والحكَّائين، وإنما هذه الصورة يتم رسمُها كل يوم بطريقة أو بأخرى، وما زالت تتجدد بتجدد متطلبات الحراك السياسي في مصر، فإن فُتِحَ النقاش حول طبيعة النظام الجديد المنشود قال قائل: «الشعب يريده نظاما رئاسيا»، أو قال آخر: «الشعب يريده برلمانيا»، أو كما قال أحد مرشحي الرئاسة: «الشعب يريده برلمانيا ولكن بعد فترة أو فترتين من الحكم بالنظام الرئاسي»!! فهذه اللهجة هي نفس لهجة النائب عمر سليمان، ومعناها: أنا أخبركم عن الشعب أنه غير صالح لهذا حاليا!! ونفس الحال في طبيعة الحاكم وانتمائه، هل هو مدني؟ هل هو عسكري؟ في كل المواقف لا يتردد المسؤول عن الإدلاء بالجواب مسبوقا بهذه المقولة الشَّعْبَانِيَّةِ التي حفظناها: «الشعب يريد .. تيت تيت»!! وإذا أضفنا لرصيد إنجازات الحاج شعبان مظاهرات أمناء الشرطة التي خرجت تنادي بإقالة «اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية» نجدهم كانوا ينسبون مطلبهم هذا للشعب بأكمله، وفي المقابل قام شباب الفيس بوك بتأسيس صفحة بعنوان: «الشعب يريد اللواء منصور العيسوي»!! وفي برنامج العاشرة مساء في حلقة الثلاثاء 12 إبريل تحدث المهندس نجيب ساويرس عن نظام الانتخابات البرلمانية القادمة هل يكون بالانتخاب الفردي أم بالقائمة النسبية، اختار المهندس ساويرس القائمة النسبية، وهذا حقه، ولكن ما ليس من حقه نهائيا هو التحدث باسم جموع المصريين دون تفويض منهم بذلك، فربما كان ينبغي عليه أن يقول: «أنا أريد القائمة النسبية»، لا أن يُقحِمَ العَمَّ (شعبان) في الأمر ويقول: «احنا الشعب واحنا اللي نقرر»!! المقصود من المقال أنَّ تحويل الطموحات الفردية إلى نداء عامٍّ باسم العقل الجمعِيِّ للشعب صار ظاهرةً تستحق الدراسة بالفعل، بل وتستحق التقويم، فالفارق كبير جدا بين أن تقول: «أنا أريد» وأن تقول: «كلنا .. كلنا نريد»!! فمخطئٌ كل الخطأ من يظن أن الشعب المصري مسلوب الإرادة أو محتاج لِمَن يتكلم بلسانه ويخبر عن طموحاته، وعن نفسي لست أرى مثل هذا التصرف إلا دكتاتورية في ثوبٍ ديمقراطيٍّ أنيقٍ!! فالذي يحدث في الساحة حاليا ليس سوى قفزٍ على الإرادة الشعبية الحقيقية، مع كامل احترامي لكل من يفعل هذا الأمر، فربما لا يقصد، وربما يظن أن اختياره هو اختيار الشعب، ولكن بغض النظر عن النوايا ينبغي العلم أن شعبنا له إرادة يستطيع التعبير عنها، فالشعب ليس مكبَّلَ الأيدي ولا مُكمَّمَ الأفواه!! خَاطَبْتَنَا بِالجَمْعِ دُونَ تَفَهُّمٍ .:. لِمَطَالِبِ الشَّعْبِ الَّذِي أَهْمَلْتَهْ هَلَّا سَأَلْتَ الشَّعْبَ عَنْ أَحْلَامِهِ .:. قَبْلَ الهِتَافِ وَقَبْلَ مَا أَوْرَدْتَهْ أَنَا إِنْ أَرَدْتُ لَقُلْتُ هَذَا مَطْلَبِي .:. فَارْجِعْ عَنِ الحَدِّ الَّذِي جَاوَزْتَهْ *********** محمد الزهيري التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 04-16-2011 الساعة 07:22 AM |
الكلمات الدلالية (Tags) |
.., بيت, يريد, شعبان |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|