انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-13-2009, 03:36 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي ففروا الى الله

 


حقيقة الفرار الهروب من شيءٍ إلى شيء ، من شيءٍ مخيف إلى شيءٍ آمن ، من شيءٍ مزعج إلى شيءٍ مُطَمْئِن .

والفرار أيها الإخوة نوعان ؛ فرار السعداء وفرار الأشقياء ، فرار السعداء إلى الله عزَّ وجل، وفرار الأشقياء فرارٌ منه لا إليه ، فرارٌ منه إلى الدنيا ، إلى المعاصي ، فرار السُعداء فرارٌ من الدنيا إلى الله ، أما فرار السعداء الفرار منه إليه ، ففرار أوليائه ، قال ابن عباس في قوله تعالى: ( ففروا الى الله ) ...

أي فروا منه إليه ، من عقابه إلى جنَّته ، من معصيته إلى طاعته ، فروا مما سوى الله إلى الله ، فروا من الأغيار إلى الله ، فروا من الشُركاء إلى الله ، وقال آخرون : اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة، عملية فرار من شيء مخيف إلى شيء مُسْعِد .


فالفرار منزلةٌ من منازل السالكين إلى الله عزَّ وجل .

هناك معنى آخر للفرار ، فرارٌ من الجهل إلى العلم ، عقداً وسعياً ، من الجهل إلى العلم ، أن تعتقد وأن تسعى ، ومن الكسل إلى التشمير ، جِدَّاً وعزماً ، ومن الضيق إلى السَعَةِ ، ثقةً ورجاءاً ، من الجهل إلى العلم اعتقاداً وسعياً ، من الكسل إلى التشمير جداً وعزماً ، ومن الضيق إلى السعة ثقةً ورجاءاً ، يقول عليه الصلاة والسلام :

" شمروا فإن الأمر جد "

شمروا هذه منزلة الفرار .

" تأهبوا فإن السفر قريب "

" تزودوا فإن السفر بعيد "

" أخلصوا النية فإن الناقد بصير "

" أكثروا الزاد فإن المسافة بعيدة "

" خففوا الأثقال فإن في الطريق عقبةً كؤود "

" جدد السفينة يا أبا ذر فإن البحر عميق "

" شمروا فإن الأمر جد "

عملية الفرار عملية فيها درجة عالية من الاهتمام والجدية والعزيمة


يتبع
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-13-2009, 03:38 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

من معاني الفرار إلى الله : أن تهرب من ضيق الصدر بالهم والغم والحزن والمخاوف التي تعتري الإنسان في هذه الدار ؛ إلى سعة الإيمان وأُفُقِ الإسلام ورحابة طاعة الرحمن .

الفرار مما يتعلق بأسباب مصالحه ، الإنسان له مصالح متشابكة ؛ في أرض لم تسجَّل ، في بيت لم يتم بيعه ، في شركة لم يتخالص فيها الشركاء ، في إرث لم يوزَّع ، هذه كلها هموم ساحقة وضاغطة وماحقة ، فالإنسان يهرب من هذه المصالح وما يتعلَّقُ بها من ماله وبدنه وأهله وعدوه ، يهرب من ضيق صدره إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى ، وكأن الإنسان إذا حج بيت الله الحرام يقول : لبيك اللهم لبيك ، استجابةً لك يا رب بعد استجابة ، وكأن الله يدعوه ويقول: تعال إلي يا عبدي ، تعالَ اخرج من همومك ، ومن ضيق صدرك ، ومن ثقل مصالحك ، تعال إلي ، حُطَّ همومك عندنا .

إذاً المؤمن يفر من ضيقٍ يعتريه ، من ضيق الهم ، وضيق الغم ، وضيق الحزن ؛ إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى ، وصدق التوكل عليه ، وحسن الرجاء لجميل صنعه به ، وتوقع المرجو من لطفه وبره ، ومن أحسن كلام العامة : لا هم مع الله ، أي أنه على كل شيء قدير ، كل من حولك بيد الله ، الأقوياء بيده ، والضُعفاء بيده ، وأهلك بيده ، أعضاؤك بيده ، أجهزتك بيده ، خلاياك بيده ، نمو الخلايا بيده ، أعضاؤك النبيلة بيده، لا هم مع الله ، من عرف الله ليس له هم ، الأمر كله عائدٌ إليه ، وقال تعالى :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لايحتسب )

يارب نازلةٍ ضاق بها الفتى ذرعا وعنـد الله مـنها المخـرج

نزلت فلما استحكمت حلقاتهـا فرجت وكان يظن أنها لا تفرج

أحد العلماء في تفسير قوله تعالى :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )

قال : يجعل له مخرجاً من كل ما ضاق على الناس .

وقال بعضهم : مخرجاً من كل شدة ، وهذا جامعٌ لشدائد الدنيا والآخرة ، ومضائق الدنيا والآخرة ، فإن الله جلَّ جلاله يجعل للمتقي من كل ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجاً .

وقال بعضهم والإمام الحسن منهم : مخرجاً مما نهاهم عنه ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه .

الآن كلما كان العبد حسن الظن بالله ، حسن الرجاء له ، صادق التوكُّل عليه ، فإن الله لا يخيب أمله فيه البَتَّة ، سبحانه لا يخيِّبُ أمل آمل، ولا يضيع عمل عامل ، وعبر عن الثقة وحسن الظن بالسعة فإنه لأشرح للصدر وأوسع له بعد الإيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به ، هذا معنى :
( ففروا الى الله )

من الضيق إلى السَعَة ، من الخوف إلى الطمأنينة ، من هموم الدنيا إلى التطلع للآخرة .

الآن لو تعمقنا قليلاً ، هناك فرار من الرسوم إلى الأصول ، من مظاهر الدنيا ، من قصورها ، من بيوتها ، من نسائها ، من مركباتها ، من تجارتها ، من أموالها ، من حدائقها ، من بساتينها ، من الرسوم إلى الأصول ، ومن الحظوظ إلى التجريد ، أرباب العزائم لا يقنعون برسوم الأعمال وظواهرها ؛ بل يعتدَّون بأرواحها وحقائقها ، فلا يرضى أن يصلي صلاة جوفاء، ولا أن يصوم صياماً لا معنى له ، ولا أن يحج البيت سائحاً، ولا أن ينفق ماله رئاءاً ، الصور لا تعنيه كثيراً تعنيه الحقائق ، وهم حينما عملوا بهذه الحقائق جعلوها هي المطلوبة ، ولم يجعلوا هذه الصور من مقصدهم ولا منتهى آمالهم بل جعلوا حقائقها هي المطلوبة .

يتبع
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-13-2009, 03:39 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

أيها الإخوة ... الفرق بين واقع المسلمين اليوم أنهم تعلقوا بالصور ، وتعلقوا بالمظاهر ، وتعلقوا بالألقاب العلمية ، وتعلقوا بالكتب، ولكن الإيمان الحقيقي أن تتعلق بالله جل جلاله ، وأن تصل إليه ، من الممكن أن تقيس إيمانك بقدرتك على الاتصال بالله عزَّ وجل ، فالذي لا يقدر أن يتصل بالله فمعنى ذلك أن عنده مشكلة ، في عقبات ، هناك عقبات كأداء تحول بينه وبين أن يتصل بالله عزَّ وجل ، هذه العقبات ينبغي أن تُزال ، فالمؤمن حكيم نفسه ، فإذا صلى ولم يشعر بشيء ، وقرأ القرآن فلم يشعر بشيء ، وذكر الله ولم يشعر بشيء ، فهنالك مشكلة كبيرة ، معنى هذا أن الطريق إلى الله غير سالك ، معناه في سوء ظن بالله ، أو في شبهة ، أو في معصية ، أو في مخالفة ، والإنسان حكيم نفسه .

فمن يومين زارني أخ ، وقال لي : لصوص اقتحموا بناء لي وأخذوا حاجات بمئة ألف ، أعجبني منه هذا الورع ، قال لي : والله لم آسف على ما ضاع مني ، ولكنني قلقٌ على مكانتي عند الله ، لعل هذا عقابٌ أستحقه بذنبٍ لا أعلمه ، فقلقه لا من ضياع هذا المبلغ ؛ ولكن خوف أن تكون مكانته عند الله مهزوزة ، قلت له : والله إني أكبرتك ، أكبرت فيك هذا الورع ، وذاك الحرص .

فالمؤمن الصادق يقلقه ألا يكون الله راضياً عنه ، ولو رضي عنه كل الناس ، الأصل أن يرضى الله عنك ، الأصل أن يحبك الله ، الأصل أن يقبلك الله ، الأصل أن يقبل عملك ، فهؤلاء الذين ـ أنا اقول مما يعمل في الحقل الديني ، رواد المساجد ، المؤمنون ، طلاب العلم ـ هؤلاء ينبغي ألا تعنيهم المظاهر ، يجب أن تعنيهم الحقائق ، ينبغي ألا تعنيهم الرسوم ، ينبغي أن تعنيهم الحقائق .


فِر ، حركة سريعة ، حركة فيها عزيمة ، حركة فيها جِد ، حركة فيها اهتمام ، حركة فيها بطوله ، فروا إلى الله ، فهل من الممكن أن تحاسب نفسك قبل عشرين سنة عن شيء أكلته ولم تدفع ثمنه في مطعم ؟ ممكن ، من الفرار ، هل من الممكن أن تحاسب نفسك حساب عسير عن كلمة قلتها لا ترضي الله ، عن درهمٍ أنفقته في ما لا يرضي الله ؟ فهذا الذي فر إلى الله له اهتمامه الشديد ، وعزيمته الصادقة ، وإقباله على الله ، ولا تعنيه الرسوم .

" رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره " .

( كنز العمال : عن " أبي هريرة " )

" رب درهمٍ سبق ألف درهم درهمٌ أنفق في إخلاص خيرٌ من مئة ألف درهم أنفقت في رياء "

والعبرة أن تبتغي الرفعة عند الله ، الرفعة عند الناس سهلة ، كن غنياً يعظمك الناس ، كن قوياً يخافك الناس ، كن وسيماً ينظر الناس إليك بكل عيونهم ، أعطهم سؤلَهُم يحبك الناس ، العبرة أن تبتغي الرفعة عند الله، هذا معنى الفرار إلى الله ..

الفرار فيه سرعة ، لا إنسان يفر ببطء ، هارب من عدو وماشٍ خطوة خطوة ، ليس هذا هو الفرار ، الفرار فيه سرعة ، والفرار من شيء مخيف إلى شيء مسعد ، من مكان مقلق إلى مكان آمن ، الفرار من ضيق إلى سَعَة ، من خوف إلى طمأنينة ، من قهر إلى سيطرة ، الفرار الذهاب من هَم إلى سعادة ، هذا هو الفرار ، فروا إلى الله ، فروا منه إليه، فروا من معصيته إلى طاعته ، فروا من شركائه إليه ، من الأغيار إليه ، الفرار إلى الله منزلة من منازل السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

والحمد لله رب العالمين
المصدر : مدارج السالكين
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-13-2009, 03:55 PM
أنس الاسلام أنس الاسلام غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


بارك الله فيك اختي
وإن شاء الله في موازين حسناتك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-13-2009, 06:00 PM
رحمتك يارب رحمتك يارب غير متواجد حالياً
(رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
 




افتراضي

جُزيتي خيراً
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-13-2009, 09:19 PM
منةمحمود منةمحمود غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بارك الله في عمرك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-21-2009, 02:06 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا جميعا ووفقكم الله
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:20 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.