بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن تبع هُداه .. أما بعد
اليوم بمشيئة الله تعالى معنا الحديث الثالث عشر :
عن أبي حمزة أنس بن مالك رضى الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُ لنفسه "
رواه البخاري ومسلم
لا يؤمن أحدكم : النفى هنا للكمال والتمام ، يعني نفى كمال الإيمان الواجب وليس نفياً لأصل الإيمان ، بدليل أن ذلك العمل لا يخرج به الإنسان من الإيمان وبالتالي يكون النفى هنا نفياً لكمال الإيمان .
لا يؤمن أحدكم : الإيمان فى اللغة : التصديق ، وقيل : الإقرار ( إقرار القلب لِما يردُ عليه )
وشرعاً : هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان ، فإن أقرَّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن ، وعلى هذا فاليهود والنصارى اليوم ليسوا بمؤمنين لأنهم لم يقبلوا دين الإسلام ولم يُذعنوا ، وكذلك أبو طالب كان مُقراً بنبوة النبى صلى الله عليه وسلم ويُعلن ذلك ، وقد قال شعراً :
ولقد علمتُ بأن دين محمدٍ من خير أديان البرية ديناً
لولا الملامة أو خوفَ مسبةٍ لرأيتنى سمحاً لذاكَ مُبيناً
فهذا إقرار واضح ودفاع عن النبى صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك أبو طالب ليس بمؤمن لأنه فقدَ القبول والإذعان .. ( قاله بن عثيمين – رحمه الله تعالى )
والإيمان محله القلب واللسان والجوارح ، فالإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح ، بدليل قوله تعالى { وما كان اللهُ ليضيعَ إيمانكم } قال المفسرون : إيمانكم : أى صلاتكم إلى بيت المقدس .. وقول النبى صلى الله عليه وسلم " الإيمان بضعٌ وسبعون شُعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ""
أعلاها ( قول ) لا إله إلا الله : وهذا قول لسان
وأدناها ( إماطة الأذى عن الطريق ) وهذا فعل جوارح
وأما مَن يقولون أن الإيمان محله القلب فقط فهذا غلط كبير..
لا يؤمن أحدكم :
هذه الكلمة تدل على أن ما بعدها مأمورٌ به فى الشريعة إما ( أمر إيجاب ) أو ( أمر إستحباب)
قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله فى كتابه الإيمان : النفى هنا نفى لكمال الإيمان الواجب وهذا دليل على وجوب ما نُفى الإيمان بسببه ( يعنى دليل على أن محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة لأن الإيمان لا يُنفى لنفى شئ مستحب – يعنى من ترك مستحباً لا يُنفى عنه الإيمان )
( لا يؤمن أحدكم ) له نظائر كثيرة فى السُنة :
1)" لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين "
2)" لا يؤمن مَن لا يأمن جاره بوائقه "
3)" لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه "
4)" مَن أحب أن يُزحزح عن النار ويُدخل الجنة فلتأتِ منيتهُ وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأتِ إلى الناس مما يُحب أن يُؤتى إليه "