د. محمد خليل: الجيل الحالي مصاب بحالة قلق جماعي.. والشباب فقدوا الخيال
كتب فاروق الجمل ٨/٦/٢٠٠٨
الدكتور محمد مصطفي خليل.. طبيب نفسي عاصر جيلين من الشباب، أحدهما جيل الثمانينيات والآخر هو الجيل الحالي، بالإضافة إلي إشرافه علي خط ساخن متخصص في تلقي الشكاوي المتعلقة بالأمراض النفسية، وموقع يهتم بالأمر نفسه.
في السطور التالية يحدد لنا الدكتور محمد مصطفي خليل أمراض جيل ٨١ النفسية.
* في البداية ما الفرق بين الأمراض النفسية التي يعاني منها شباب هذا الجيل وشباب السبعينيات؟
ـ الفرق كبير ومذهل، فالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية أدت إلي مزيد من الضغط النفسي، مما ساعد علي خلق حالة عامة من الإحباط والإحساس بعدم المسؤولية وانعدام الأمل في كل شيء.
* ما التغيرات التي طرأت علي الحالة النفسية للشباب؟
ـ تغيران «كمي ونوعي» فهناك أمراض جديدة ظهرت بالإضافة إلي تطور الأمراض القديمة المتعارف عليها بشكل جعلها أكثر خطورة فالتوتر والقلق والأفكار الوسواسية أصبحت أمراضا طبيعية ومنتشرة بشكل مخيف، كذلك الإحباط أصبح مسيطرا علي الشباب باختلاف طبقاتهم.
* وبماذا تسمي هذه الحالة؟
ـ نستطيع أن نفسرها بأنها حالة من القلق العام الجماعي أصابت هذا الجيل بأكمله.
* هل كان الجيل السابق يتمتع باستقرار نفسي أكثر من هذا الجيل؟
ـ بالرغم من الظروف السيئة التي كان يمر بها الجيل السابق فإنه كان يحتفظ بالأمل في التغيير، لكن الجيل الحالي أكثر إحباطا، فمن المفترض أن يكون الشاب رومانسيا ويعيش دائما في خيال جميل، لكن هذا لا يحدث، فالشباب الآن فقدوا الخيال وأصبحوا أكثر واقعية للدرجة التي أصابتهم بالإحباط واليأس.
* هل اختفاء الإخصائي النفسي من المدارس والجامعات له دور في ظهور كل هذا العنف؟
ـ لا.. حتي لو كانوا متواجدين فهم غير مدربين علي التعامل مع الشباب والمراهقين والأطفال.
* كبت الحريات هو السبب؟
ـ نعم، ولابد أن تتحمل الحكومة نفقات علاج كل المرضي النفسيين، لأنها السبب في وصولهم لهذه الحالة النفسية السيئة.
* أليس للتكنولوجيا أي أضرار نفسية؟
ـ لها أضرار نفسية بسيطة، منها أنها خلقت حالة من الانعزال ولكن ليست التكنولوجيا وحدها السبب في هذا فالظروف المحيطة أيضا هي السبب، فالشباب يعيش في حالة الإنترنت حياة افتراضية لا يستطيع أن يعيشها في حياته الحقيقية، لأنه في هذا العالم الافتراضي يحاول الوصول إلي كل أحلامه وطموحه، لكنني أستطيع أن أقول إن التكنولوجيا حالت دون انفجار الشباب،.
* من خلال عملك كطبيب نفسي ما أكثر الأمراض التي يعاني منها الشباب الآن؟
ـ الأفكار الوسواسية، فالشك في كل شيء أصبح من أهم سمات شخصية شباب هذا الجيل، وربما يرجع هذا إلي فشلهم في تحقيق أحلامهم وكثرة الوعود الكاذبة التي تطلقها الحكومة وممثلوها.
* ما نتيجة هذا؟
ـ الأفكار العدوانية، والرغبة في الثورة والانتقام والغضب علي كل شيء.
* هل لذلك نتائج سلبية علي المجتمع؟
ـ بالطبع، هناك ظاهرة منتشرة الآن تعد من أكبر نتائج هذا وهي الطلاق المبكر فالدراسات الحديثة تشير إلي أن هناك حالة طلاق كل ٦ دقائق في مصر خلفت ٥.١ مليون مطلقة، بالإضافة إلي أن أعلي نسبة طلاق توجد بين سن ٢٠ و٣٠، كذلك يحدث الطلاق في السنوات الأولي من الزواج.
* هل لذلك علاقة بالأفكار الوساسية؟
ـ بالطبع، الشباب الآن أصبح يشك في أن الزواج مؤسسة اجتماعية ناجحة وأصبح يراه فكرة فاشلة جداً، كما أن الزواج في حد ذاته نوع من أنواع الهروب، ونستطيع أن نقول إنه وسيلة لحل مشاكل وهدف، للاستقلال أكثر منه رغبة في تكوين أسرة وكيان اجتماعي.
* ما المشاكل النفسية الأخري التي تواجه هذا الجيل؟
ـ يقينه بأنه يبدأ حياته متأخرا ويموت مبكرا.
* قبل أن نتحدث عن أسباب انتشار الاكتئاب نريد تعريفا واضحا له؟!
ـ الاكتئاب له أعراض هي الحزن الشديد وعدم الاستمتاع بأي شيء وعدم وجود طاقة أو رغبة في فعل أي شيء، بالإضافة إلي قلة النوم، وظهور أعراض القلق، والرغبة في الهروب من الواقع بأي طريقة، وضعف التركيز والذاكرة.
* ما أسباب انتشاره بين شباب هذا الجيل؟
ـ في البداية يجب أن أقول إن الاكتئاب كان منتشراً في الماضي بين الشباب بنسبة لاتزيد علي ٢٠% لكنها الآن تزيد علي ٤٥%، بالإضافة إلي أن علاجه أصبح صعباً أما عن أسبابه فتتلخص في الواقع المتدهور وكثرة أكاذيب الحكومة، ويجب أن أشير إلي أن علاج الاكتئاب الآن أصبح أصعب من الماضي بكثير.
* هناك مقولة منتشرة بين الشباب بشكل خاص تقول «كلنا مرضي نفسيون».. ما تعليقك؟
ـ أوافق علي هذه المقولة، لكن مع تعديل بسيط فما يعاني منه الشباب الآن ليس مرضا نفسيا بالمعني الكامل لكنها حالة من التشتت و فقدان الهوية وفقدان الإحساس بالآدمية، ويمكن أن نطلق عليها «حالة من القلق العام».
* أخيرا ما المشكلة النفسية الرئيسية التي يعاني منها الشباب الآن؟
ـ التشاؤم.