كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله
عفوا اخوانى على الانقطاع ونسألكم الدعاء بتيسير الاحوال وجزاك ربى اخى الكريم والغالى أبو انس على هذه الكلمات المباركه وجعلها الله فى ميزان حسناتك وجعلها الله شاهد لك لا عليك وغفر الله لك ذنبك نسأل الله لنا ولك الفردوس الاعلى نسألكم الدعاء |
#12
|
|||
|
|||
قصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه ....
((عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب رضي الله عنه من بنيه حين عمي، قال سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يحدث بحديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنه، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها. وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة؛ والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد بذلك الديوان) قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفىبه ما لم ينزل فيه وحي من الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معه فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت! ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا
ممن عذر الله تعالى من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك؛ فقال وهو جالس في القوم بتبوك: <ما فعل كعب بن مالك؟> فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه! فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه: بئس ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <كن أبا خيثمة> فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعب: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب وأقول بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعا وثمانين رجلا، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال <تعال> فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: <ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟> قال قلت: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله يسخطك علي، وإن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل؛ والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك> وسار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا! لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المخلفون. فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي. ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالامثل ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك. قال: قلت من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي. قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة، قال فمضيت حين ذكروهما لي. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال فاجتنبنا الناس، أو قال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان، وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قرأتها: و هذه أيضا من البلاء! فتيممت بها التنور فسجرتها، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين و استلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: <لا ولكن لا يقربنك> فقالت: إنه والله ما به من حركة إلى شيء، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيهاوأنا رجل شاب؟ فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا، ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا، قد ضاقت علي نفسي و ضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، فخررت ساجدا و عرفت أنه قد جاء فرج، فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، و ركض رجل إلي فرسا، و سعى ساع من أسلم قبلي وأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، و الله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة، ويقولون لي لتهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: <أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك أمك!> فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: <لا بل من عند الله عز وجل> و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر، و كنا نعرف ذلك منه. فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك> قلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر، وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فوالله ما علمت أحدا من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا و إني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي، قال: فأنزل الله تعالى (التوبة 117، 118، 119): {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} حتى بلغ {إنه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} حتى بلغ: {اتقوا الله و كونوا مع الصادقين} قال كعب: و الله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا؛ إن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال الله تعالى (التوبة 95، 96): {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم؛ إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم، فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله تعالى فيه بذلك، قال الله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} وليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرناعمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.)) ذكر فى رياض الصالحين فى باب التوبة وهو متفق عليه. منقول |
#13
|
|||
|
|||
ذنوب ....ورحمه رب غفور رحيم
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب وأشهد أن لا إلا الله القائل ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))آل عمران135
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد عبده ورسوله القائل : (أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول (( إن عبداً أصاب ذنباً فقال : يارب إني أذنبت ذنباً فاغفره لي . فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له , ثم مكث ماشاء الله , ثم أصاب ذنباً آخر , وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر فقال: يارب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي : قال ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له , ثم مكث ماشاء الله , ثم أصاب ذنباً آخر , وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر , فقال: يارب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي : قال ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فقال غفرت لعبدي فليعمل مايشاء)) رواه البخاري ومسلم. تباركت وتعاليت ياغفار الذنوب , وستار العيوب , فأنت الذي تقبل التوبة عن عبادك , وتعفو عن السيئات , ولاتنفعك طاعة المتعبدين , ولاتضرك معصية من أسر القول ومن جهر به , ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار , ولكنها الأعمال تحصيها لعبادك , ثم توفيها إياهم , فمن وجد خيراً فليحمد الله , ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه . سبحانك جل شأنك تبسط يدك بالليل ليتوب مسيء النهار وتبسط يدك بالنهار ليتوب مسيء الليل وتقول ولك الحمد ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )النور31 . وفي الحديث القدسي : (( يابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي . يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . يابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )) . وترغب العصاة في التوبة والإقبال عليك , وبأنك تبدل سيئاتهم حسنات إذا تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات وكان الله غفوراً رحيما. فبشرى لكم أيها المؤمنون , تحسنون فتثابون , وتسيئون فتستغفرون ويغفر الله لكم , قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * اُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }آل عمران136-135. وقد جعل الله التوبة مقبولة من عباده وإن عظمت سيئاتهم , وارتكبوا كبائر الآثام والفواحش , ولامعصية بعد الكفر مالم تطلع الشمس من مغربها , أو تبلغ الروح الحلقوم , قال تعالى {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ }الأنفال 38 . وفي الحديث القدسي (( أنا عند ظن عبدي بي , وأنا معه حيث يذكرني , والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة . ومن تقرب إلي شبراً , تقربت إليه ذراعاً . ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً . وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه هروله )) رواه مسلم . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر )) , لكن التوبة لها شروطاً لابد منها , والتائب ليس من استغفر الله بلسانه , واستمر في ذنوبه وعصيانه , غير نادم ولا مقلع , ولاعازم على الترك . وأهم تلك الشروط : رد المظالم إلى أهلها , والندم على ما فات من المعاصي والذنوب , والعزيمة على عدم العودة إلى المعاصي . فيا تاركأ ما أوجبه الله , ويا فاعلاً ما حرمه الله , تب إلى الله قبل أن يأتيك الموت فتندم ولات ساعة مندم , قال تعالى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء18. والله جل ذكره يدعوا عباده إلى رحمته , ويفتح لهم أبواب مغفرته, ويعدهم بما يرضيهم فيقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8 من قصص التائبين: 1-توبة امرأة بارعة الجمال أرادت أن تفتن الربيع بن خثيم . أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم لعلها تفتنه ، وجعلوا لها ، إن فعلت ذلك ، ألف درهم ، فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه ثم تعرضت له حين خرج من مسجده فنظر إليها فراعه أمرها ، فأقبلت عليه وهي سافرة ، فقال لها الربيع كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك ؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ أم كيف بك لو سألك منكر ونكير ؟ فصرخت صرخة فسقطت مغشياً عليها ، فو الله لقد أفاقت وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم تاتت كأنها جذع محترق . 2-توبة شاب مسرف على نفسه على يد إبراهيم بن ادهم . روي أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له : يا أبا إسحاق إني مسرف على نفس ، فأعرض على ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً لقلبي قال : إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة قال : هات يا أبا إسحاق ! قال : أما الأولى : فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه ، قال : فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه ؟ قال : يا هذا ! أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه ؟ قال : لا هات الثانية . قال : إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده قال الرجل : هذه أعظم من الأولى ! يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين اسكن ؟ قال : يا هذا! أفيحسن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه ؟ قال لا ، هات الثالثة . قال : إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له فاعصه فيه قال : يا إبراهيم ! كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر ؟ قال يا هذا أفيحسن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتصعيه وهو يراك ويرى ما تجاهر به ؟ قال : لا هات الرابعة . قال : إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فق له : أخرني حتى أتوب توبة نصوحاً واعمل لله عملاً صالحاً قال : لا يقبل مني ! قال يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب ، وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير ، فكيف ترجو وجه الخلاص ؟ قالت : هات الخامسة :قال : إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار فلا تذهب معهم قال : لا يدعونني ولا يقبلون مني قال : فكيف ترجو النجاة إذا ؟ قال له : يا إبراهيم حسبي حسبي أنا استغفر الله واتوب إليه ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما . أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا توبة نصوحاً , وأن يغفر لنا ذنوبنا, إنه جواد كريم , وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين منقول |
#14
|
|||
|
|||
قصص مع القلوب الحية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, و أشهد أن محمداً عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [ سورة آل عمران: 102] أخي المسلم: أريد أن انطلق أنا وأنت مع آية من كتاب الله, مع أصحاب تلك القلوب النيرة, حيث قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [سورة الأعراف: 201]. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "المؤمن يرى ذنوبه مثل الجبل يخشى أن يقع فيه, والمنافق يرى ذنوبه كذباب قام على أنفه فقال به هكذا" [رواه البخاري موقوفاً]. وريقات نتجول من خلالها في حياة الصالحين عندما يلم أحدهم بخطأ أو يفوته خير, ماذا كان يفعل؟ وبماذا كان يحس؟. إنه إحساس المؤمن من الذنب وفوات الخير, إنه شعور مرهف وقلق دائم, وغمٌ مطبق عندما يفعل ذنباً. أخي وأنت تقرأ هذه الصفحات عن أحوال الأخيار تساءل: لِمَ هذا الشعور وهذا الإحساس؟ وكيف وصلوا إلى هذه المرحلة من الإحساس والشعور؟ ثم قارن ذلك بحالنا – نحن المقصرين- محاولاً معرفة السبب الذي سنصل إليه أنا وأنت في النهاية. مطالب عالية عندما صلى العصر – ولم تفته ركعة ولا تكبيرة الإحرام- رجع إلى منزله وجلس مع أهله, أخبرهم بأنه في ضيق. فقيل له في ذلك, فقال: صليت فريضة الله بدون حضور قلب ولا تدبر, فلم أهتم بها ولم أؤدها كما ينبغي, فلا أحس بأثرها في قلبي, بل أحس بضيق... إنها فريضة. أستغفر الله.. أستغفر الله. ويذكرنا هذا الموقف بعلي بن الحسين (زين العابدين) حينما يتوضأ ويقوم للصلاة تأخذه رعدة فقيل له: ما لك؟ فقال: ما تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟ (1) تفيـض عـيونـي بالدمــوع السواكـب *** ومالي لا أبكي عل خير ذاهب علـى كـم ذنــوب كـم عيــوبٍ وزلـــةٍ *** وسيئـة مخشيـةٍ في العـواقـب علــى أننــي قـد أذكــر الله خالقــي *** بغير حضــور لازم ومصـاحـــــبِ أصلي الصلاة الخمس والقلب جائلٌ *** بأودية الأفكــار من كـل جـانــبِ (1) صفة الصفوة. قلوب حية وهذا كرز بن وبرة أخذ في البكاء: فقيل له: ما يبكيك؟ قال: منعت جزئي أن أقرأه البارحة, وما هو إلا من ذنب أذنبته (1). يبكي لأنه مضت عليه ليلة لم يقم يصلي ويقرا القرآن فيها, بل إنه اتهم نفسه مسنداً ذلك إلى ذنب منعه الخير. فهل خصصنا نحن جزءاً نقرأه كل ليلة من أجل أن نحزن أو لا نحزن إذا فات؟! إذا مضت الأوقات في غير طاعـةٍ *** ولم تك محزوناً فذا أعـظم الخـطبِ علامة مـوت القلب أن لا ترى به *** حراكاً إلى التقوى وميلاً عن الذنبِ (1) صفة الصفوة: ج3. بين الخوف والرجاء كنا في رفقةٍ في موسم الحج ومعنا ذاك الرجل الذي قد زار بيت الله الحرام, وأدى مناسك الحج, وقد كان يلهج بالدعاء ليلاً ونهاراً, وكم قد دمعت عيناه في تلك البقاع الطيبة متمنياً غفرات السيئات وإجابة الدعوات والقرب من رب الأرض والسموات. والعجب أنه قد ظهرت عليه سيما التقى والصلاح يقول: والله الذي لا إله إلا هو إني خائف ألا يقبل الله مني بسبب ما عندي من سوء النية والطوية, والله يعلم ذلك لكني أرجوا أن يتقبل مني برحمته وهو أرحم الراحمين. قال تعال: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [سورة المؤمنون: 60]. منذ أربعين سنة قال محمد بن سيرين: إني لأعرف الذنب الذي حُمل به علي الدين.قلت لرجل من أربعين سنة: يا مفلس. قال أبو سليمان الداراني: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون, وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندري من أين نؤتى؟ (1). (1) صفة الصفوة: ج3. إحساس طفل جاء إلى معلمه يشكو إليه شيئاً أرقه وآلمه قائلاً: إن أبي لا يصلي وقد نصحته كثيراً فتضايق مني حتى طردني. حاول المعلم أن يذكره ببعض الوسائل المفيدة في ذلك, وإذا بالغلام يقول: قد فعلت فلم تُجدِ شيئاً. حينها قال المعلم: إذا فعلتَ ما تستطيع, وحاولت فلم يستجيب فأنت معذور. لكن الغلام الصغير لم يقتنع بهذا الكلام عند هذا الحد, وتغير وجهه وأغرورقت عيناه فرد فوراً: لا. لا..لا أريد أن يكون أبي لا يصلي, لا أريد. أخي: كم نعرف الكثير من الأخطاء عند الأهل والأقرباء والأصدقاء, فهل أحسسنا وشعرنا بتقصيرنا تجاههم بعبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! سنة ونصف ذهبت الرفقة الصالحة في الطريق إلى رحلتها, وكان أحد الطلاب (في الأول الثانوي) يركب الحافلة الثانية, وفي الطريق تعطلت الحافلة الثانية, ووقفت الحافلة الأولى ومن فيها لمساعدتهم فوجدوا العطل يسيراً, فقالوا: نتقدمكم إلى المكان, وأثناء ذلك أوصى الطالب الأستاذ الذي يركب في الحافلة الأولى بألا يبدءوا بالصلاة حتى يحضر هو ورفاقه, وكررها مرة بعد أخرى, فلما وصلوا إلى المكان المناسب بدءُوا بالصلاة, فلما حضر الطلاب من الحافلة الثانية أدركوهم في الركعة الثانية, فلما انتهت الصلاة ذهب ذلك الطالب إلى الأستاذ قلقاً متحسراً قائلاً: لِمَ صليتهم وقد أوصيتك بألا تصلوا حتى نحضر؟ والوصية لم يحسب المعلم لها حساباً كبيراً. ثم أكمل الطالب قائلاً: لِمَ يا أستاذ فقد فاتتني تكبيرة الإحرام وقد كنت مستمراً متعهداً محافظاً عليها منذ سنة ونصف, وهاهي اليوم تفوتني. الله أكبر: بماذا يشعر؟ وماذا يقول من فاتته الركعات تلو الركعات إن لم يكن الصلوات والأوقات؟! من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لـجـرحٍ بميتٍ إيـلامُ لا يملك مالاً أخذ يتفكر ويتذكر أعمال الخير من أعمالٍ إغاثية ودعوية وخيرية كبناء للمساجد وطباعةٍ للمصاحف وكتب العلم, ومحاضراتٍ وبعثات دعوية, وحلقات للتحفيظ للرجال والنساء, وتجهيز للغزاة ودعوة غير المسلمين, وكفالة للأيتام وإطعام للمساكين, وقضاء للديون, ومساعدةٍ للراغبين في الزواج, وسقيا المسلمين وإفطار للصائمين, وتذكر المؤسسات الخيرية والمكاتب الدعوية والأوقاف الخيرية والمدارس التعليمية... إلخ أعمال الخير في جميع أنحاء الأرض. ثم تمنى من أعماق قلبه عازماً أن لو كان عنده مال يكفي جميع ما تقدم من الخيرات, بل وجميع خيرات الأرض لينفق هو عليها ويكون متسبباً فيها... ثم بكى مرة أخرى. كل ذلك أملاً أن يكون أعظم المسلمين أجراً.. ثم الدرجات العلى برحمة الله. إنه قلب حي, ونية طيبة, وعزيمة صادقة, وبكاءٌ, خوف فواتِ الخير. ومن المسلمين من يملك الأموال ويستطيع الإنفاق لكن... إلا من وفقه الله. وكم من نية صادقة سبقت أعمالاً كثيرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل بعلمه في ماله؛ ينفقه في حقه, ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً, فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء.. »الحديث. [رواه ابن ماجة, صحيح الترغيب والترهيب]. هذه قلوب الصالحين من خلال هذه القصص والمواقف نرى أن المؤمن: * صاحب إحساس وقلب حي تلومه نفسه, ويتألم عندما يفعل معصية صغيرة أم كبيرة, وكأنها جبل قد أثقله حتى يتوب توبة نصوحاً. * تلومه نفسه ويتألم عندما يفوته الخير والطاعة واجبة أم مستحبة. وكما قال تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [ سورة القيامة: 2]. وقال الحسن البصري: "إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه, ما أردت بكلمتي, ما أردت بأَكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدماً ما يعاتب نفسه". * وعندما تصيبه مصيبة يعلم أنها بسبب أفعاله متذكراً قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [سورة الشورى: 30]. فهل أنت أخي الحبيب ممن يلوم نفسه ويحاسبها فيكون من هؤلاء الصالحين؟ إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التقـى *** وأبصر بعد الموت من قد تزودا نـدمـت على أن لا تكـون كمثلـه *** وأنك لم ترصد كما كان أرصدا وهذه قلوب الغافلين - يأكلون الحرام ويسيرون في أموال الربا. - تفوتهم الصلاة أو بعض الركعات, إن لم يخرجوها عن الأوقات. -ينظرون إلى المحرمات في الأسواق والطرقات والشاشات. - يطلقون ألسنتهم وآذانهم للآثام. - بعيدون في هيئتهم ولباسهم عن أهل الإسلام. - يذهب اليوم واليومان فأكثر ولم يفتحوا كتاب رب الأرض والسموات. - بل قال بعضهم: لم أفتح المصحف سنة كاملة إلا في رمضان. - يرضون أو يتغافلون عما في بيوتهم وأهليهم من منكرات. - يغيب عن إحساسهم أهمية أداء الأمانات. وعندما يكون عند احدهم شيء من هذه الأخطاء لا يحس بالضيق ولا يأبه بذلك, وكان شيئاً لم يكن, كأنه ممن قال الله فيه: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [سورة القيامة: 5]. فهل أنت من هؤلاء؟ قال ابن مسعود: إنكم لتعملون أعمالاً كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات. روي أن ابن المنكدر بكى, فقيل: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن أكون أذنبت ذنباً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم. أخي: ما أجمل أن يعترف المقصر بتقصيره, فبداية الدواء معرفة الداء. أنا العبد الذي كســب الـذنـوبــا *** وغـرتـه الأمـانـي أن يتــوبــــا أنا العبد الذي أضحــى حـزينـــاً *** علـى زلـــة قـلـقــــاً كـئـيبــــا أنا العبد المسيء عصيت سـراً *** فمالي الآن لا أبــدي النحيبـا أنا العبد المخـلــف عـن أنـــاسٍ *** حووا من كل معروفٍ نصيبــــا أنا المقطوع فارحمني وصلنـي *** ويسر منك لي فرجــاً قريبــــا حديث عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عُوداً عوداً, فأي قلبٍ أشربها نكتت فيه نكتت سوداء, وأي قلبٍ أنكرها نُكتت فيه نُكتة بيضاء,حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا, لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض, والآخر أسود مربداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً, ولا ينكر منكراً, إلا ما أشرب من هواه » [رواه مسلم]. أسباب عدم تأنيب الضمير (الغفلة) 1- قلة المحبة لله. 2- ضعف تعظيم الله والخوف منه. 3- نسيان أضرار المعصية. 4- ضعف المحاسبة للنفس وقلة تذكر الآخرة. 5- عدم الاهتمام بضعف أو زيادة الإيمان. لكن إن ذكر المسلم نفسه بأنه يحب الله قولاً وفعلاً, وعظم الله في قلبه, وحاسب نفسه, وعمل للآخرة؛ حينها: يزيد الإيمان فيحيا القلب حياة الطيبين الصالحين, فيتألم لفوات الخيرات, ويندم لفعل المنكرات,ويتذكر عند وقوع النكبات أنها بعلم الحكيم الغفار. وفي الختام أخي الحبيب: إن كنت عرفت السبب الذي جعل أولئك الصالحين يعيشون بذلك الإحساس والشعور والقلب الحي؛ وإلا فعُد واقرأ هذه الكلمات, إن أردت الفائدة والنجاة. خل الذنوب صغيرهــا *** وكـبـيـرهـــا ذاك الــتقـــــى واصنع كمــاشٍ فــوق *** أرض الشوك يحذر ما يــرى لا تحقــرن صغيـــــــرةً *** إن الجبـــال مـن الـحـصـى أسأل الله أن يغفر لنا ما سلف وكان, وأن يجعلنا ممن إذا ذُكر تذكر, وإذا أذنب استغفر. وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً. منقول |
#15
|
|||
|
|||
أحسن الله إليكم أخانا الحبيب أبا عبيد الله ووالله لقد افتقدتك مع أني لم أرك
جزاك الله عنا خير الجزاء |
#16
|
|||
|
|||
نسأل الله الاخلاص فى القول والعمل
نسأل الله أن يرزقك الفردوس الاعلى اسأل الله ان يجمعنى بك فى الجنه أخى الحبيب |
#17
|
|||
|
|||
روحوا القلوب
روحوا القلوب قم فأنت حر جنى غلام لعمر بن عبدالعزيز جناية، فبطحه ليجلده، فقال العبد: يا مولاي لم تضربني؟ فقال: لأنك جنيت كذا، فقال: وهل جنيت أنت جناية غضب عليك بها مولاك؟ قال عمر: نعم. فقال: وهل عجل عليك العقوبة؟ قال: لا. قال الغلام: فلم تعجل عليَّ ولم يعجل عليك؟ فقال عمر: قم فأنت حر. وكانت سبب توبة عمر. خزائن الله قال أحد الصالحين: يا بن آدم لا تخش من ضيق الرزق ما دامت خزائن الله ملآنة، وخزائنه لا تنفد ابداً، ولا تأنس بغير الله فإن أنست بغيره تعالى فاتك الخير كله، وارض بما قسم الله لك ترح نفسك وبدنك، ولا تطالبه برزق غد، كما لا يطالبك بعمل غد، فإنه لا ينسى من عصاه فكيف ينسى من أطاعه وهو على كل شيء قدير. بشـر الحـافي يقال: إن بشر الحافي كان ذات ليلة في قصره، وعلى بابه عبيد له. وكان مقيماً على المعاصي. فأتى بابه رجل في الليل، فقال للعبد: سيد هذا القصر حر أم عبد؟ فقال: سيدي بشر حر. فقال صدقت، لو كان عبداً لحفظ مقام العبودية .. فلم يعص الله. فسمعه بشر، فخرج إليه حافياً، وسأله ماذا قلت؟ فأعاد عليه ما قال. فرجع بشر تائباً وانكبَّ على طلب العلم والعبادة، والصلاح. وظل حافياً طول عمره. ولما سئل لم لا تنتعل؟ فقال صالحني ربي وأنا »حافي«، فسأظل حافياً! سلنـي حاجــتك قال الخليفة هشام بن عبدالملك لسالم بن عبدالله بن عمر عند الكعبة: سلني حاجتك، فقال: والله اني لاستحي ان أسأل في بيته غيره، فلما خرج من المسجد قال هشام: الآن خرجت من بيت الله فاسألني، فقال: من حوائج الدنيا ام الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا. فقال سالم: ما سألتها ممن يملكها، فكيف أسألها ممن لا يملكها؟ شبهة ربا روي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كان له دَينٌ على رجل في بغداد فذهب اليه مع تلاميذه، وذلك في وسط النهار والحر شديد، فطرق الباب على الدائن، وابتعد عن الباب (لوجود سقيفة فوق الباب تقي من الحر). فقال أحد تلاميذه: لم ابتعدنا عن السقيفة ووقفنا في الشمس؟ فأجابه: لنا دين على صاحب السقيفة، ووقوفنا تحت السقيفة هو استفادة من الدين وهذه شبهة ربا!! إلى من تكلنا؟ قال حاتم الاصم لاولاده: اني أريد الحج، فبكوا وقالوا: الى من تكلنا؟ فقالت ابنته لهم: دعوه فليس هو برازق، فسافر فباتوا جياعاً وجعلوا يوبخون البنت فقالت اللهم لا تخجلني بينهم. فمر بهم أمير البلد وطلب ماءً فناوله أهل حاتم كوزاً جديداً وماءً بارداً، فشرب وقال دار من هذه؟ فقالوا: دار حاتم الاصم، فرمى فيها منطقة من ذهب، وقال لاصحابه: من احبني فعل مثلي، فرمى من حوله كلهم مثله، فخرجت البنت تبكي، فقالت امها: ما يبكيك وقد وسع الله علينا فقالت: مخلوق نظر الينا فاستغنينا، فكيف لو نظر الخالق الينا؟! النفس التواقة روىِ الطبري في تاريخه ان عمر بن عبدالعزيز امر وهو في خلافته رجلاً ان يشتري له كساء بثمانية دراهم، فاشتراه له، وأتاه به فوضع عمر يده عليه وقال: ما ألينه وأحسنه! فتبسم الرجل الذي احضره، فسأله عمر: لماذا تبسمت؟ فقال: لانك يا أمير المؤمنين أمرتني قبل ان تصل اليك الخلافة ان اشتري لك مطرف خز فاشتريته لك بألف درهم، فوضعت يدك عليه فقلت: ما اخشنه! وانت اليوم تستلين كساءً بثمانية دراهم؟. فقال عمر: ما احسب رجلاً يبتاع كساءً بألف درهم يخالف الله، ثم قال: يا هذا ... ان لي نفساً تواقة الى المعالي، فكلما حصلت على مكانة طلبت اعلى منها، حصلت على الامارة فتقت الى الخلافة، وحصلت على الخلافة فتاقت نفسي الى ما هو اكبر من ذلك وهي الجنة! أبكي فرحاً مرض احمد الحارون وكف بصره، واعتراه ألم لا يهدأ بالمسكنات، فدخل عليه احد تلاميذه، فوجده يبكي فبدأ يواسيه ويطلب منه الصبر على ما اصابه، فقال له: لا أبكي ضجراً من ألمي، ولكني أبكي فرحاً لان الله وجدني اهلاً لان يبتليني. وفي الحديث: »من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الى الناس«. مجاب الدعوة روي ان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كف بصره وكان مجاب الدعوة، يأتي الناس اليه ليدعو لهم فيستجاب له. فقال له احدهم: يا عم انك تدعو للناس فلو دعوت لنفسك فرد الله عليك بصرك. فقال رضي الله عنه: يا بني قضاء الله عندي أحسن من بصري. وسأل سعد بن ابي وقاص رسول الله صلى الله عليه وسلم: »اي الناس اشد بلاء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الانبياء ثم الامثل فالامثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فان كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك. وان كان صلب الدين، ابتلي على حسب ذاك. فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الارض وما عليه خطيئة«. سكينة النــفــس يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه القيم (الايمان والحياة) ان السكينة روح من الله، ونور يسكن اليه الخائف، ويطمئن عنده القلق، ويتسلى به الحزين، ويستروح به المتعب، ويقوى به الضعيف، ويهتدي به الحيران. السعادة .. في القليل لاحظ الطبيب الاسلامي الشهير (ثابت بن قرة) الطريق الموصل إلى السعادة، فصاغه في عبارة قليلة جليلة فقال: »راحة الجسم في قلة الطعام .. وراحة النفس في قلة الآثام .. وراحة القلب في قلة الاهتمام .. وراحة اللسان في قلة الكلام«. يقول فضيلة الشيخ أحمد الشرباصي: »وصدق الحكيم اللبيب: ان راحة الجسم في قلة الطعام، فالجسم آلة وقودها الطعام، والوقود يجب ان يعطى بمقدار، فان زاد كان أخبث من النار، والجسم حينما نطلق له العنان ليأخذ مشتهاه يكون نكبة على صاحبه .. يسلخه من الانسانية، ويلحقه بالبهيمية .. وربما عجل له بالتلف والدمار .. والنفس كالطفل ان تهمله شب على حب الرضاع وان تقطمه ينقطم وراحة القلب في قلة الاهتمام: اي في قلة الهم والخوف والحزن، لان القلب الضعيف الجبان يفتح على صاحبه دائماً ابواب الوهن والقلق، فيبيت في هم مقيم، فيندم على الماضي، ويضيق بالحاضر، ويخلق له من الناس اعداء بالحق والباطل، فيحسب لكلامهم الف حساب، ويطمع فيما لا ينال، ويتعلق حلمه بالخيال. اما صاحب القلب الثابت، فيؤمن بقضاء الله، ويؤمن بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: »عجباً لامر المؤمن ان امره كله خير، وليس ذلك لاحد الا للمؤمن، ان اصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وان أصابته ضراء صبر، فكان خير له«. فهذه نعمة لا يفوز بها الا صاحب القلب الثابت على الرضا بالله. ومن هنا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكثر من دعائه: كفاني ربي يروى ان احد الاغنياء خرج من المسجد وهو مشغول بالتسبيح، فسأله سائل صدقة، فلم ينتبه اليه، وبعد قليل تذكر انه لم يعط السائل، فرجع يفتش عليه ليعطيه، فوجده يأكل بضع كسيرات من الخبز، فاعتذر اليه وعرض عليه، فأبى ان يأخذ شيئاً، وقال: الآن قد كفاني ربي، فان احتجت طلبت!! منقول |
#18
|
|||
|
|||
اقتباس:
اللهم آمين
أحسن الله إليكم يا حبيب |
#19
|
|||
|
|||
وتلك هي بدايتي...
الحمد الله وكفى، وصلاة وسلام على عبده المصطفى ونبيه المجتبى نبينا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين، وبعــــد:
قال لي: أتعرف كيف كانت بدايتي؟ قلت: لا. قال: كانت حياتي عبثاً وضياعاً.. لهواً ولعباً..تقليداً وكنت لا أعرف لحياتي معنى للحياة.. ولا قيمة للحياة أو الفضيلة.. الكل عندي سواء. الحلال والحرام.. المعروف والمنكر..الكل عندي جائز.. سخرية.. كبراً وغروراً.. كنت أخدع المغفلات بكلام معسول.. وعبارات براقة.. وكلمات فاتنة خلابة.. تحمل بين حروفها السم القاتل والهلاك المحتم كنت ذئباً أعرف كيف أصل إلـى فريستي وأنال منها ما أريد ثم أنسحب من حياتها بكل سهولة تاركاً إياها أسيرة الندم والأحزان. أما في الصلاة: فلم تكن ضمن برنامجي اليومي.. صليت مرة أو مرتين في الأسبوع أو حتى في شهر.. أما في رمضان: كنت أصوم منه نصف ساعة فقط !! أتدري كيف؟ كنت أنام بعد الفجر ولا أستيقظ إلا قبيل المغرب لتناول الإفطار.. وفي الليل.. أعكف على صنم الفضائيات.. أنتقل من قناة إلى قناة.. ومن رقصة إلى أغنية.. ومن عري إلى خلاعة.. وضللت هكذا أسقط.. أسقط.. حتى وصلت إلى القاع.. كنت أسخر ممن يعظني وأصف الصالحين بالتخلف والرجعية.. كنت لا أقبل كلمة نصح.. أو همسة تذكير.. كنت مغتراً بشبابي وصحتي وقوتي وثرائي.. لـم أكن أرى إلا نفسي حتى أصدقائي الذين كنت أمارس معهم لعبة الضياع.. كنت أراهم أقزاماً ومرت الأيام وأنا على هذه الحال.. حتى هبت نسائم التغير.. ولكن كيف حدث هذا؟ بداية الهداية: في ذات يوم شعرت بصداع في رأسي.. لـم أعباْ به في أول الأمر.. ولكنه أخذ في الحدة والازدياد عرضت نفسي على أحد الأطباء وكنت موقناً بأنه سوف يكتب لي بعض أدوية الصداع.. وكان ما توقعته صحيحاً فقد كتب لي بعض الأدوية.. وأوصاني بالراحة التامة وعدم الجلوس أمام شاشة التلفاز فترات طويلة وكان ذلك أشق على نفسي لأنه حرمني متعتي الزائفة ولذتي التي أعيش لأجلها.. وبعد يومين شعرت بتحسن فظننت أنني شٌفيت فعدت إلـى برنامجي القديم.. وما هي إلا أيام معدودة حتى عاودني الألــم مرة أخرى ولكنه كان أشد هذه المرة من جميع المرات السابقة.. بدأ الخوف يلاحقني والقلق يسيطر على تفكيري ذهبت إلى كبرى المستشفيات الخاصة أجروا لي أشعة على الرأس.. وكانت الكــــارثة.. ورم بجوار المـخ.. ماذا يعني هذا؟.. هل أنا مصاب بالسرطان؟.. أنا.. أنا.. سوف أمـوت !! بدأ قلبي يركض من الفزع.. ويداي.. بل جسمي كله يهتز.. كدت أسقطت على الأرض إلا أن كرسياً قريباً من أحد المكاتب حملني.. خرجت من المستشفى وليس هناك أحد أكثر مني هماً.. كم بقي لي من أيام؟ ماذا قدمت لآخرتي؟ ما هو رصيدي من الأ عمال الصالحة؟.. كيف ألقى الله وأنا ملوثُ بالأوزار والمعاصي؟.. ماذا أفعل؟ سرت كثيراَ على قدمي.. لـم أشعر بنفسي إلا وصوت المؤذن ينادي لصلاة المغرب.. أول مرة في حياتي أنتبه إلى الأذان.. تذوقت كلماته.. نعم.. الله أكبر من كل شيء.. حتى من المرض.. هذا هو طريقي الجديد.. عزمت على التوبة من هذه الساعة ولسوء فعلي.. كنت شاكاً في أن الله يقبل توبة أمثالي.. ولكن الله تعالى لم يتركني في هذا الوقت العصيب.. أراد طمأنتي فأنطق إمام المسجد بآيات عجيبة أعادت إلى قلبي الأمن والطمأنينة والراحة: قل يعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إٍنه هو الغفور الرحيم (53) وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون [الزمر:،5453]. بكيت بكاءً شديداً في الصلاة.. وضللت أبكي حتى سلم الإمام.. وانصرف الناس من المسجد.. جلست في المسجد أتلو كلام الله تعالى حتى العشاء.. وأنا في بكاء متواصل.. وبعد الصلاة.. أتى إليّ إمام المسجد وسلم عليّ وقال لي: ما لي أراك يا بنيّ مهموماً؟ ما تشتكي؟ قلت له كثرة ذنوبي.. فقال لي: يا بنيَ، إن رحمة الله واسعة وإن رحمته سبحانه تغلب غضبه.. وإنه سبحانه يغفر الذنوب، ويعفو عن السيئات، كما قال في كتابه، وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون وقال سبحانه: وإني لغفارٌ لمن تاب واءمن وعمل صالحاً ثُمَ اهتدى . وقال النبيُ : { إن الله عزّ وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها } [رواه سلم]. فتوجّه يا أخي إلى الله بقلبك وجوارحك واركب سفينة التائبين، وسر في العائدين الذين يناديهم ربهم في الحديث القدسي: { يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم }. أتدري يا أخي أن إبليس اللعين هو الذي يريد أن يؤيسك من رحمة الله عزّ وجل، ويُقنطك من عفوه ومغفرته لتموت يائساً قانطاً سيئ الظن بربك.. أتدري أنه قال عز وجل: ( يارب، وعزتك، لا أزال أغويهم مادامت أرواحهم في أجسادهم ). قلت: فماذا قال الله له؟ قال: قال الله عز وجل له: { وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني } [رواه أحمد]. أتدري أن الله يفرح بتوبة التائب فرحاً يليق بجلاله وعظمته؟ يقول النبي عليه السلام: { لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فيأس منها فأتى الشجرة فاضطجع في ضلها، وقد أيس من راحلته فبينما هو كذالك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك.. أخطأ من شدة الفرح }. فقم يا بني.. واذهب إلى بيتك.. واعلم أنه سبحانه لا يعجزه شيء فتوجه إليه بقلبك ولسانك.. وادعه دعاء المضطر الذليل.. واعلم أنه سبحانه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: { من يدعوني فأستجيب له.. من يسألني فأعطيه.. من يستغفرني فأغفر له } [متفق عليه] فاغتنم هذه الساعة يا بني.. واسأل الله ما تريد.. وأدمن قرع الباب لعله يُفتح لك.. أدمن يا بني قرع الباب لعله يُفتح لك.. كانت كلمات إمام المسجد بلسماً شافياً لما اعتراني من قلق وخوف.. لا زال الطريق أمامي.. ولا زال هناك أمل في النجاة، وقد عرفت الطريق.. ولابد من السير فيه ما بقي لي من عمر.. المهم أن أموت على طاعة الله.. فالأعمال بالخواتيم. ذهبت إلى البيت وقد تغيرت في هذه الساعات القليلة مفاهيمي عن كل شيء.. عن الحياة.. والموت.. والشباب.. والفراغ.. الصحة.. والمرض.. كل شيء تغير.. رآني أهل البيت.. فقرؤا في وجهي تلك الأحداث التي مرت بي.. فلما أخبرتهم بخبري سُقط في أيديهم ولفّ السكون والدهشةُ أرجاء البيت فكنت أنا الذي أخفف عنهم وأقول لهم: إن فيما حدث خيراً لي.. لأنه عرفني طريق الطاعة والعبادة وحلاوة الدعاء والمنجاة.. ولو طال بي العمر ومت على ما كنت عليه لكنت من أخسر الخاسرين... فلله الحمد على هذه النعمة التي أنعم الله بها عليّ.. لم يصدق الجميع ما أقول.. وظنوا بي مساً من جنون.. أيُ النعمة تلك التي يتحدث عنها.. مصاب بورم في المخ ويقول نعمة !! قرأت ذلك في نظراتهم وإن لم يقولوه بألسنتهم.. أما والدتي.. فقد كانت تعرف حقاً ما أقول.. لأنها كانت قريبة من الله.. دائمة الدعاء لي بالهداية والصلاح.. ذهبت إلى غرفتي ولكن عينيّ لم تكتحل بنوم تلك الليلة.. وظل لساني يلهج بذكر الله وحمده والثناء عليه إلى قُبيل الفجــر.. فقمت وتوضّأت وصليت ما كتب الله لي أن أُصلي.. ثم أذن الفجر.. فذهبت إلى المسجد القريب.. فصليت وجلست أذكر الله حتى أشرقت الشمس.. ثم صليت ركعتين وعدت إلى البيت وأنا في غاية التعـب. سبحتُ في نوم عميق... مضت الأيـام وأنا أزداد طاعةً وقُرباً من الله يوماً بعد يوم.. وأقول في نفسي.. لعل هذا اليوم هو الذي سألقى الله فيه... عرف جميع أصدقائي بما أصابني.. فجاؤوا لزيارتي.. وجدت الفرصة لنصحهم وترغيبهم في الخير.. دعوتهم إلى طريق الاستقامة والرشاد... رفضوا نصيحتي وآذوني بالقول.. قالوا لي: لقد اخترت هذا الطريق لأنك في عداد الأموات..أما نحن فالحياة أمامنا طويلة وإذا شعرنا بأننا على وشك الموت مثلكَ سنتوب إلى الله.. تركوني وذهبوا.. كانت كلماتهم لا تزال تضرب أذني.. وتخترقُ كل أحاسيسي.. لقد اخترت هذا الطريق لأنك في عداد الأموات.. صرخت: يا إلهي، اشفني.. حتى يعلموا أن هذا هو طريقي إلى الأبــــد.. تمنيت الشفاء في هذه الساعة أكثر من أي وقت مضى.. مرّ أسبوعان وأنا على حالتي من الطاعة والعبادة والذكر والدعاء وتلاوة.. شعرت أخيراً بحلاوة الطاعة ولذة العبادة.. كنت أُحسن معاملة الجميع... بخاصة والدتي التي كنت أجلس معها طويلاً وأطلب منها الدعاء لي.. وفي الأسبوع الثالث أحسست براحة شديدة وشعرت بأنني أقوى من أي وقت مضى.. لـم أعد أشعر بأي ألـم طلبت مني والدتي أن أراجع المستشفى فقلت لها: يا والدتي، دعيني أعبد ربي حتى يأتيني أجلي.. لا أريد أن يشغلني شيء عن ربي.. لا أريد صدمات جديدة بكت والدتي.. وألحّت عليّ في الذهاب.. فذهبت إلى المستشفى.. وطلبت مراجعة طبيبي.. فأخبروني أنه في إجازة.. ثم أدخلوني على طبيب آخر.. فشرحت له حالتي.. وأخبرته أنني لم أعد أشعر بأي ألم في رأسي.. أخد الطبيب الأشعة وتفحصها.. وقال لي: ليس هناك أي ورم.. وأشعة سليمة.. قلت له: ماذا تقول؟ قال: أقول لك: إنك لست مريضاً... وليس هناك أي ورم ظاهر وقد أخطأ الطبيب في التشخيص.. لم أشعر بنفسي إلا وأنا ساجد على الأرض أغسلها بدموع الفرح والدهشة.. قاموا بعمل أشعة أخرى لي.. وأكد الجميع أنه ليس هناك أي ورم.. وأن آلام الصداع السابقة كانت بسبب السهر وإدمان النظر إلى إشاعات شاشة التلفاز.. لك الحمد يا رب العالمين... لقد كُتِب لي عمرٌ جديد.. ينبغي أن أغتنمه في طاعة الله ولا أُضيع منه ساعة بل لحظة في غير فائدة.. جاءني أصدقاء السوء بعد أن عرفوا حقيقة الأمر.. قالوا لي.. أين سنقضي الليلة سهرتنا يا رفيق الدرب؟ قلت: سأقضي الليلة بين يدي ربي ساجداً وقائماً ومستغفراً ونادماً على ما كان مني.. يا إخوتاه !! ألا تتوبوا إلى الله الذي أنعم عليكم بنعمة الشباب والصحة والمال والجمال؟ ألا تعودوا إلى ربكم وخالقكم قبل أن ينشب الموتُ أضفاره في أحدكم فيلقيه في صفائح القبور؟ قالوا: وطريقنا الماضي؟ قلت: أعود إلى الظلام بعد أن رأيت النور؟ أأعود إلى الموت بعد أن ذقت حلاوة الحياة؟ أأعود إلى الغفلة بعد أن تنسمت نسائم الذكر والشكر والمناجاة.. أأعود إلى سماع الألحان بعد أن عرفت طريق القرآن؟!! لقد كنت ميتاً فأحياني الله... وكنت غافلاً فذكرني الله... وكنت حائراً فهداني الله... وكنت شارداً فآواني الله... فكيف أخون العهد؟.. وأصْرِمُ حبل الودّ؟.وأقطع سبيل الوصل؟ أليس ذلك هو الجهل والغدر والخيانة بعينيها؟! يا إخوتاه !! سأضلُ سائراً على الدرب.. لن أحيد عنه أبداً.. لن أرجع إلى ذلّ المعصية بعد أن ذقتُ عزَ الطاعة.. لن أرجع إلى عبادة الهوى والنفس الأمّارة السوء.. لن أستسلم لحيل الشيطان ومكائده.. لقد أفقتُ من غفوتي.. وصحوتُ من غفلتي فهذا هو الطريق... هذا هو الطريق... وتلك هي بدايتي... |
#20
|
|||
|
|||
" التائب من الذنب كمن لا ذنب له "
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|