فالمرأة المسلمة تتَّقي ربَّها في جسدها و في نفسها وفي غيرها
فتحرص على عدم ظهور القليل اليسير من ذراعيها من فتحة أكمام جلبابها
وعلى ألاَّ تبدو ساقيها أسفل جلبابها القصير ، فمن العجب أن تجد المرأة وقد غطَّت جسدها بالثياب و أطالت الخمار
ولكن تحت الخمار الطويل الجلباب القصير إلى كعبيها ظاهرة منه قدميها وقد تظهر جزء من ساقيها
و كأنَّها ملتزمة بسنة الرِّجال في اللِّباس .
فثياب الرجل كما جاء في الحديث:
عن أبي سعيد الخدري قال :سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول :" إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه
فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النَّار".قالها ثلاث مرات "
ولا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرَّ إزاره بطرًا". رواه أبو داود وابن ماجه و إسناده صحيح ، المشكاة 4331
وفيه دليل على أنَّ الأمر واسع .
فمن أراد من الرِّجال أن يكون ثوبه إلى نصف الساق أو إلى ما دون الكعبين فلا شيء في ذلك .
و عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النَّار". فتح الباري 5787
هذا عن لباس الرَّجل، أمَّا لباس المرأة فيجب أن يُجر
وذلك لحديث أم سلمة قالت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين ذكر الإزار :" فالمرأة يا رسول الله ؟ قال :تُرخي شبرًا.
فقالت: إذًا تنكشف عنها ، قال :فذراعًا لا تزيد عليه ".رواه مالك و أبو داود والنسائي وابن ماجه، المشكاة 4334
وفي رواية الترمذي والنسائي عن ابن عمر فقالت :" إذًا تنكشف أقدامهنَّ ، قال :فيُرخين ذراعًا لا يزدنَّ عليه ".المشكاة 4335
فيجب أن تحتاط المرأة فلا تلبس من الثِّياب ما يُظهر قدماها أو بعض ساقيها
بدعوى أنَّها إذا اطالتها انكفأت على وجهها فهذه دعوى باطلة
أو بدعوى السير في الطريق القذر وخشية نجاسة الثوب فهذه أيضًا دعوى باطلة
لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت لها امرأة : إنِّي أطيل ذيلي و أمشي في المكان القذر
قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" يُطهره ما بعده ".
رواه مالك و أحمد والترمذي و أبو داود والدارمي ، المشكاة 504
وسنده ضعيف لجهالة المرأة ،لكن الحديث صحيح وله شاهد بسند صحيح في المشكاة 512.
ومن العجيب أيضًا أن ترى المرأة وقد ارتدت الحذاء الملون على الجورب المزكرش
وجلباب إلى الكعبين فبالله عليك ماذا تظني أن يكون عليه الحال ؟
لا بدَّ أن يكون هذا مدعاة للنظر والفتنة
فتجد النَّاظر إليها و كأنَّه يتلصص على بعض عوراتها وهي تتعجب لماذا ينظر إليها؟
ومن الأمور المحزنة أيضًا أن ترى المرأة المنتقبة وقد ارتدت نقابًا تضعه على أنفها بادية عيناها وحاجباها
بل قد يبدو أكثر من هذا كالجبهة وجزء من الوجه فتصبح بذلك اكثر فتنة.
فقد تكون تلك المرأة قد حباها الله بعيون جميلة فإذا هي تستر ما دونها وما فوقها
وكأنَّما هي تبرز هذا الموطن من الجمال وتوضحه بل قد تزيد بأن تكتحل
وهذا في الواقع ليس بحجاب وهذا ما جعل بعض الشيوخ الأجلاء يحرمون هذا الشكل الذِّي يسمونه كذبًا وزورًا نقابًا وما هو بذلك .
فقد قال فضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية
:[ النِّقاب الذِّي تعمله كثير من النِّساء اليوم نوع من السفور،بل هو تدرج إلى ترك الحجاب
فالواجب على المرأة المسلمة أن تبقى على حجابها الشرعي الساتر و تترك هذا العبث الذِّي تفعله بعض السفيهات من النِّساء
اللَّاتي تضايقن من الحجاب الشرعي فأخذنَّ يتحيَّلن على التخلص منه ] ا.هـ.
وقال الشيخ / محمد بن صالح العثيمين :[ إنَّه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز و إنَّ ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد ]ا.هـ.
وهذا لاشك فيه فتنة عظيمة وخاصة أنَّ من الرجال من لا يغُض بصره
فتراه ينظر في هاتان العينان الظاهرتان من وجه المرأة التِّي سترت كلَّ بدنها و أظهرت هذا الجزء اليسير
فيركز بصره فيه فإذا وقع بصر المرأة على الرجل وهو يمعن النظر ويحدق فيها
فلا شكَّ أنَّ هناك بعض السِّهام التِّي ستصيب القلوب عندئذ إمَّا غضبًا و تأذيًا من نظرة الرجل لها
و إمَّا سرورًا إن كان هناك مرض في قلبها
والمرأة المسلمة التقية لا تفرح لنظر الأجانب لها بل تستاء وتُفكر لماذا ينظرون إليها؟
و تسُد كل ما يؤدي إلى ذلك ، فالشيطان يحاول أن يُنقص من دينك على قدر ما يستطيع
فيقع منك إفراط في ثيابك ولو يسير، فالحرص كل الحرص ولا تُمكِنيه أبدًا من هذا .
أمَّا هذا الذِّي يدَّعون أنَّه نقاب فهو في الحقيقة ليس نقاب من الناحية الشرعية ،
وما هو إلاَّ قطعة من القماش وضعت على جزء من الوجه تستر بعضه وتكشف أكثر ممَّا تستر ليكون فتنة
أمَّا النِّقاب الشرعي فهو ما يكون من الخمار يستر الوجه بحيث يكون فيه شق يسير للعين اليسرى لتنظر منه المرأة طريقها.
قال ابن سيرين : سألتُ عبيدة السَّلماني عن قول الله عزَّ وجلَّ :{يُدْنينَ عليهنَّ من جلابيبهنَّ} الأحزاب 59
فغطَّى وجهه ورأسه و أبرز عينه اليسرى.
فالمرأة التِّي تنتقب لابدَّ أن تقيم ذلك الوجه الذِّي يحبه الله و يرضاه
فلابدَّ من ستر الوجه كما حدَّد الشرع امتثالاً لأمر الله فتُغلق أبواب الفتنة.
قال الشيخ / عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ
[ لا يجوز لأي امرأة تؤمن بالله واليوم واليوم الآخر أن تتساهل في هذا الأمر ـ غطاء الوجه ـ
لما في ذلك من المعصية لله و لرسوله و لأنَّ ذلك يُفضي إلى الفتنة بها ] ا.هـ.
قال الشيخ / صالح الفوزان
:[ الواجب على المرأة المسلمة التزام الحجاب الساتر على وجهها وسائر بدنها.
و يُقصد من التَّستر والاحتجاب منع الغير من التَّطلع ومدِّ النظر]ا.هـ.
و أحب في هذا المقام أن أنبِّه أخواتي و بناتي إلى عدم التهاون في الحجاب
و خاصة في الشرفات و أمام مداخل البيت و درج المنزل و ما شابه،
فيجب في هذه الأماكن ارتداء الحجاب كاملاً لأنَّ مثلها كمثل الطريق تمامًا ،
و لأنَّ الأجانب يمكن أن يروكِ دون أن تشعري
فلا تخرجي بدون قفاز بدعوى أنَّه يعوقك عن قيامك بمهام البيت التِّي تستلزم الخروج للشرفة
ولا تتعلِّلي بأنَّ الوقت ليلاً أو أنَّ لا احد سيصعد أو يهبط الدرج في هذا الوقت
واتَّقي الله أختي المسلمة ولا تجعلي الشيطان يُزيِّن لك هذا الباطل فتقعي في الأثم.
ومن الأمور المحزنة خروج المرأة الساترة لجميع بدنها المطيعة لأوامر ربِّها،
المستجيبة لما يأمرها به مع المرأة العاصية لربِّها البارزة لعوراتها جنبًا إلى جنب ممَّا يدعو إلى الدهشة
فهذا المسلك لا يليق ولا يتناسب مع المرأة المسلمة حتَّى و إن كانت هذه هي أختها أو ابنتها أو أي ما كانت .
لكن عليها أن تدعوها و تُنكر عليها ، فإن استجابت أعانتها على الخير
و إن لم تستجب قاطعتها في الله وتبرَّأت منها لكي لا تجُر عليها الفساد
للحديث عن أبي موسى قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
:[ إنَّما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير
فحامل المسك إمَّا أن يحذيك و إمَّا أن تبتاع منه
وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيبًا، و نافخ الكير إمَّا أن يحرق ثيابك و إمَّا أن تجد منه ريحًا خبيثة] صحيح الجامع 2364.
فالعبد يتأثر بقرينه وصاحبه بل إنَّ المرأة التِّي بها عوج تؤثر أيمَّا تأثير على التِّي استقامت وليس العكس دائمًا و الواقع يشهد بذلك .