من طرائف البخلاء
البخل صفة مذمومة بلا شك عند الشعوب على اختلافها، حتى من شاعت عنه وذاعت صفة البخل. ويلاحظ عبر التاريخ الأدبي أن البخل والبخلاء مادة غنية للفكاهة، و لا يغفل غافل عن كتاب “البخلاء” للجاحظ الذي حفل بالطرائف والملح عن البخلاء ومواقفهم التي تنم عن ذكاء وظفه هؤلاء في خدمة خصيصتهم الأثيرة.. البخل.
مما قرأت من طرائف وأخبار البخلاء أن أحدهم نزل ضيفاً على صديق له من البخلاء، وما إن وصل الضيف حتى نادى البخيل ابنه وقال له: يا ولد عندنا ضيف عزيز على قلبي فأذهب وأشتر لنا نصف كيلو من اللحم.. من أحسن اللحم.
ذهب الولد، وبعد مدة عاد ولم يشتر شيئاً، فسأله أبوه: أين اللحم؟ فقال الولد: ذهبت إلى الجزار فقال: سأعطيك لحماً كأنه الزبد، فقلت لنفسي إن كان كذلك فلم لا أشتري زبداً بدل اللحم؟ فذهبت إلى البقال وقلت له: أعطني أحسن ما عندك من الزبد، فقال سأعطيك زبداً كأنه الدبس، فقلت إن كان الأمر كذلك فالأفضل أن أشتري الدبس، فذهبت إلى بائع الدبس فقلت: أعطني أحسن ما عندك من الدبس فقال الرجل: سأعطيك دبساً كأنه الماء الصافي، فقلت لنفسي: الماء الصافي عندنا في البيت! فعدت من دون أن أشتري شيئا.
قال الأب: يا لك من صبي ذكي! ولكن فاتك شيء.. لقد استهلكت حذاءك بالجري من دكان إلى دكان فأجاب الابن: لا يا أبي.. أنا لبست حذاء الضيف