انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 05-03-2008, 02:05 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

جزاكم الله خيرا
ونسأل الله الإخلاص والقبول وحسن الخاتمة
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 05-03-2008, 02:07 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

السماء لا تمطر ..!!
.....

بنو إسرائيل .. أصابهم قحط على عهد موسى عليه السلام .. فاجتمع الناس إليه ..
فقالوا : يا كليم الله .. ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ..
فقام معهم .. وخرجوا إلى الصحراء .. وهم سبعون ألفاً أو يزيدون ..
اجتمعوا بين يديه .. وقاموا يدعون .. وهم شعث غبر .. عطاش جوعى ..
وقام كليم الله يدعو : إلهي .. اسقنا غيثك .. وانشر علينا رحمتك .. وارحمنا بالأطفال الرضع .. والبهائم الرتع .. والمشايخ الركع ..
فما زادت السماء إلا تقشعاً .. والشمس إلا حرارة ..
فقال موسى : إلهي .. اسقنا ..
فقال الله : كيف أسقيكم ؟ وفيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة .. فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم .. فبه منعتكم ..
فصاح موسى في قومه : يا أيها العبد العاصي .. الذي يبارز الله منذ أربعين سنة .. اخرج من بين أظهرنا .. فبك منعنا المطر ..
فنظر العبد العاصي ..ذات اليمين وذات الشمال ..فلم ير أحداً خرج ..فعلم أنه المطلوب ..
فقال في نفسه : إن أنا خرجت من بين هذا الخلق .. افتضحت على رؤوس بني إسرائيل .. وإن قعدت معهم منعوا المطر بسببي .. فانكسرت نفسه .. ودمعت عينه ..
فأدخل رأسه في ثيابه .. نادماً على فعاله .. وقال :
إلهي .. وسيدي .. عصيتك أربعين سنة ..وسترتني وأمهلتني .. وقد أتيتك طائعاً فاقبلني .. وأخذ يبتهل إلى خالقه ..
فلم يستتم الكلام .. حتى ارتفعت سحابة بيضاء ..فأمطرت كأفواه القرب ..
فعجب موسى وقال : إلهي .. سقيتنا .. وما خرج من بين أظهرنا أحد ..
فقال الله : يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم ..
فقال موسى : إلهي .. أرني هذا العبد الطائع ..
فقال : يا موسى .. إني لم أفضحه وهو يعصيني .. أأفضحه وهو يطيعني ..
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 05-03-2008, 02:12 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

القرار الشجاع ..
....

الطفيل بن عمرو ..
كان سيداً مطاعاً في قبيلته دوس ..
قدم مكة يوماً في حاجة .. فلما دخلها .. رآه أشراف قريش .. فأقبلوا عليه ..
قالوا له : من أنت ؟ قال : أنا الطفيل بن عمرو .. سيد دوس ..
فنظر بعضهم إلى بعض .. وخافوا أن يراه النبي عليه الصلاة والسلام فيدعوه إلى الإسلام .. فإن أسلم هذا السيد .. قوي به الإسلام ..
فاجتمعوا عليه وقال له أحدهم : إن ههنا رجل في مكة يزعم أنه نبي .. فاحذر أن تجلس معه أو تسمع كلامه .. فإنه ساحر .. إن استمعت إليه ذهب بعقلك ..
ثم قال له الآخر مثل ذلك .. وزاد الثالث عليهما .. وأكثروا الكلام ..
قال الطفيل : فوالله ما زالوا بي يخوفونني منه .. حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئاً .. ولا أكلمه .. بل حشوت في أذنيَّ كرسفا - وهو القطن – خوفاً من أن يبلغني شيء من قوله .. وأنا مارّ به ..
فغدوت إلى المسجد ..
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة ..
فقمت منه قريباً .. فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ..
فسمعت كلاماً حسناً ..
فقلت في نفسي : واثكل أمي ! والله إني لرجل لبيب .. ما يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح .. فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول .. فإن كان الذي به حسناً قبلته .. وإن كان قبيحاً تركته ..
فمكثت حتى قضى صلاته .. فلما قام منصرفاً إلى بيته تبعته ..
حتى إذا دخل بيته دخلت عليه .. فقلت : يا محمد .. إن قومك قالوا لي كذا وكذا ..
ووالله ما برحوا يخوفونني منك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك .. وقد سمعت منك قولاً حسناً .. فاعرض عليَّ أمرك ..
فابتهج النبي عليه الصلاة والسلام .. وفرح ..وعرض الإسلام على الطفيل .. وتلا عليه القرآن ..
فتفكر الطفيل في حاله .. فإذا كل يوم يعيشه يزيده من الله بعداً ..
وإذا هو يعبد حجراً .. لا يسمع دعاءه إذا دعاه .. ولا يجيب نداءه إذا ناداه ..
وهذا الحق قد تبين له ..
ثم بدأ الطفيل يتفكر في عاقبة إسلامه ..
كيف يغير دينه ودين آبائه !!.. ماذا سيقول الناس عنه ؟!
حياته التي عاشها .. أمواله التي جمعها .. أهله .. ولده .. جيرانه .. خلانه ..
كل هذا سيضطرب ..
سكت الطفيل .. يفكر .. يوازن بين دنياه وأخراه ..
وفجأة إذا به يضرب بدنياه عرض الحائط ..
نعم سوف يستقيم على الدين ..
وليرض من يرضى .. وليسخط من يسخط ..
وماذا يكون أهل الأرض .. إذا رضي أهل السماء ..
ماله ورزقه بيد من في السماء ..
صحته وسقمه بيد من في السماء ..
منصبه وجاهه بيد من في السماء ..
بل حياته وموته بيد من في السماء ..
فإذا رضي أهل السماء .. فلا عليه ما فاته من الدنيا ..
إذا أحبه الله .. فلبيغضه بعدها من شاء .. وليتنكر له من شاء .. وليستهزئ به من شاء ..
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
نعم .. أسلم الطفيل في مكانه .. وشهد شهادة الحق ..
ثم ارتفعت همته .. وثارت عزيمته .. فقال :
يا نبي الله .. إني امرؤ مطاع في قومي .. وإني راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام ..
ثم خرج الطفيل من مكة .. مسرعاً إلى قومه .. حاملاً همَّ هذا الدين ..
يصعد به جبل .. وينزل به واد ..
حتى وصل إلى ديار قومه .. فلما دخلها .. أقبل إليه أبوه .. وكان شيخاً كبيراً ..
فقال الطفيل : إليك عني يا أبت .. فلست منك ولست مني ..
قال : و لم يا بني ؟
قال : أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم ..
قال : ديني هو دينك ..
قال : فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك .. ثم ائتني حتى أعلمك مما علمت ..
فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه .. ثم جاء فعرض عليه الإسلام فأسلم ..
ثم مشى الطفيل إلى بيته .. فأقبلت إليه زوجته ..
فقال : إليك عني .. فلست منك ولست مني ..
قالت : ولم ؟ بأبي أنت وأمي ..
قال : فرَّق بيني وبينك الإسلام .. وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم ..
قالت : فديني دينك ..
قال : فاذهبي فتطهري .. ثم ارجعي إليَّ .. فولّته ظهرها ذاهبة ..
وكان لهم صنم اسمه ذو الشرى .. يعظمونه ويرون أن من ترك عبادته أصابه الصنم بعقوبة ..
فخافت المسكينة إن أسلمت أن يضرها أو يضر أولادها ..
فرجعت إليه وقالت : بأبي أنت وأمي .. أما تخشى على الصبية من ذي الشرى .. ؟
وذو الشرى صنم عندهم يعبدونه .. وكانوا يرون أن من ترك عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى ..
فقال الطفيل : اذهبي .. أنا ضامن لك أن لا يضرهم ذو الشرى ..
فذهبت فاغتسلت .. ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت ..
ثم جعل الطفيل يطوف في قومه .. يدعوهم إلى الإسلام بيتاً بيتاً .. ويقبل عليهم في نواديهم .. ويقف عليهم في طرقاتهم ..
لكنهم أبو إلا عبادة الأصنام ..
فغضب الطفيل .. وذهب إلى مكة ..
فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله .. إن دوساً قد عصت وأبت .. يا رسول الله .. فادع الله عليهم ..
فتغير وجه النبي عليه الصلاة والسلام .. ورفع يديه إلى السماء ..
فقال الطفيل في نفسه .. هلكت دوْس ..
فإذا بالرحيم الشفيق صلى الله عليه وسلم .. يقول : " اللهم اهد دوساً .. اللهم اهد دوساً ..
ثم التفت إلى الطفيل وقال : ارجع إلى قومك .. فادعهم .. وارفق بهم ..
فرجع إليهم .. فلم يزل بهم .. حتى أسلموا ..
ومرت الأيام .. ومات النبي عليه الصلاة والسلام ..
فخرج الطفيل مع ولده والمسلمين لقتال مسليمة الكذاب في اليمامة ..
فرأى في منامه رؤيا و هو متوجه إلى اليمامة أن رأسه حلق .. وأنه خرج من فمه طائر .. وأنه لقيته امرأة فأدخلته فيها .. وأرى ابنه يطلبه طلباً حثيثاً ثم رأيته حبس عنه ..
فلما أصبح أخبر أصحابه بالرؤيا .. وقال فإني قد عبرتها : قالوا : بمَ ..
قال : أما حلق رأسي فوضعه .. وأما الطائر الذي خرج منه فروحي ..
وأما المرأة التي أدخلتني فيها فالأرض تحفر لي فأغيب فيها ..
وأما طلب ابني إياي ثم حبسه عني فإني أراه سيجتهد أن يصيبه من الشهادة ما أصابني ..
فقتل رضي الله عنه شهيداً باليمامة .. وجرح ابنه جراحه شديدة .. لكنه نجى من الموت ..
ثم استشهد في معركة اليرموك زمن عمر رضي الله عنه ..
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 05-03-2008, 02:19 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

.. اتخذوه مهجوراً ..
.....

قالت :
كنت في الحرم المكي .. في قسم النساء .. وإذا بامرأة تطرق على كتفي .. وتردد بلكنة أعجمية : يا حاجة !! يا حاجة !!..
إلتفت إليها .. فإذا امرأة متوسطة السن .. غلب على ظني أنها تركية ..
سلمت علي .. وقعت في قلبي محبتها !
سبحان الله الأرواح جند مجندة ..
كانت تريد أن تقول شيئاً .. تحاول استجماع كلماتها ..
أشارت إلى المصحف الذي كنت أحمله .. ثم قالت بعربية مكسرة :
أنت تقرأ في قرآن ..؟!
قلت : نعم ! .. وإذا بالمرأة ..
يحمر وجهها .. وتمتلئ عيناها بالدموع ..
قد هالني منظرها .. بدأت في البكاء !!
قلت لها : ما بك !؟
قالت بصوت مخنوق وهي تنظر بخجل ..
قالت : أنا ما أقرأ قرآن ..
قلت : لماذا ؟
قالت : ما أعرف .. ومع انتهاء حرف الفاء .. انفجرت باكية ..
ظللت أربت على كتفيها وأهديء من روعها ..
قلت : أنت الآن في بيت الله .. اسأليه أن يعلمك .. وأن يعينك على قراءة القرآن ..
كفكفت دموعها ..
وفي مشهد لن أنساه ما حييت .. رفعت المرأة يديها تدعو الله قائلة : اللهم افتح قلبي .. اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن .. اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن ..
ثم التفتت إليَّ وقالت : أنا أموت وما قرأت قرآن ..
قلت لها : لا.. إن شاء الله سوف تقرأينه كاملاً وتختميه مرات ومرات ..
سألتها : هل تقرأين الفاتحة ؟
فاستبشرت .. وقالت : نعم ..
ثم بدأت ترتل : الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم ..
حتى ختمتها ..
ثم جلست تعدد صغار السور التي تحفظها ..
كنت متعجبة من عربيتها الجيدة إلى حد ما.. وهي تتكلم عن حياتها .. وما تبذله لتتعلم القرآن ..
وفجأة تغير وجهها .. وقالت : إذا أنا أموت ما قرأت قرآن .. أنا في نار !!
أنا والله أسمع شريط .. بس لازم في قراءة !!
هذا كلام الله .. كلام الله العظيم ! وبدأت المسكينة تدافع عبراتها وهي تتكلم عن عظمة الله .. وحق كتابه علينا ..
لم أتمالك نفسي من البكاء ! امرأة أعجمية .. في بلاد علمانية .. تخشى أن تلقى الله ولم تقرأ كتابه ..
منتهى أملها في الحياة أن تختم القرآن ..
تبكي .. وتحزن .. وتضيق عليها نفسها .. لأنها لا تستطيع تلاوة كتاب الله ..
فما بالنا قد هجرناه ؟
قد أوتيناه فنسيناه ؟
ما بالنا والسبل ميسرة لحفظه وتلاوته وفهمه ؟
بالله .. على أي شيء تحترق قلوبنا ؟ وما الذي يثير مدامعنا ويهيج أحزاننا ؟

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 05-03-2008, 02:24 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

.. المغني ..
.....

وقفت على النافذة تراقبني بعينين دامعتين .. تلوح بيديها اللتين أهزلهما مر السنين ..
كانت تدافع عبراتها .. حتى غلبها البكاء .. فبكت ..
وقفت أنظر إليها .. نشيجها يصل إلى مسمعي .. لكن المعاصي الجاثمة على صدري حالت بينه وبين الوصول إلى قلبي القاسي ..
لم أرحم توسلاتها بالبقاء معها .. والالتحاق بجامعة في نفس المدينة ..
أنانية .. حب للذات .. بحث عن حرية مزعومة .. و شخصية مستقلة بذاتها ..
بل شهوات وملذات .. وشياطين من الإنس والجن يؤازر بعضهم بعضا ..
هروب من نصائحها ومواعظها .. من عطفها وشفقتها .. وخوفها أن أنحرف ..
تركتها وهي واقفة تودعني .. غبت عنها وهي لم تفارق مكانها .. وداعاً أمي ..
وهناك .. لم أعد أسمع عند خروجي : في حفظ الله يا ولدي .. إلى أين تذهب يا ولدي ؟
وهناك : لم أعد أسمع : لماذا تأخرت يا ولدي ؟..
انطلقت في حياة اللهو والترف .. حياة الغفلة والخوض في المعاصي والآثام ..
صوتي الجميل أغرى رفقاء السوء الذين زينوا ليّ الغناء ..
بدأت أغني وشياطين الأنس يغدقون عبارات الثناء التي لامست قلبي ..
إلى أن جاء ذلك اليوم الذي دعوت فيه لكي أغني على المسرح .. عشت صراعاً رهيباً فلا زال الحياء يحتل من قلبي مساحة صغيرة .. فعشت بين الرفض والموافقة لحظات .. فقلبي يعاتبني : لا لست من يقف ليغني كما يفعل الفسقة .. لكن نفسي توبخني وتلومني : هذه فرصتك لا تضيعها سوف تصبح مشهوراً .. وبعد عناء وتردد وافقت ..
صعدت على المسرح ولازال للحياء بقية .. لكنه رحل مع أول كلمة تغنيت بها ..
اهتزت القاعة طرباً .. وتمايلت الأجساد نشوة .. عبارات الثناء والمديح تستحثني على المواصلة كلما سكت ..
لتمضي تلك الليلة ولتقضي على ماتبقى من إيمان ..
رفقاء السوء من حولي قد أزدادوا .. الدعوات كثرت .. تنقلت من قاعة إلى قاعة .. تنقلت بين أصناف المعاصي والآثام .. سهرات خاصة وعامة ..
قدمت ليّ دعوة للمشاركة في حفل غنائي في أحد القصور ..قدمت بعض الأغاني والتي تفاعل معها الجمهور وكنت بحق النجم القادم إلى الساحة الفنية ..
تلقيت بعد هذه الحفلة دعوة من أحد أهل الفن يعرض عليّ رغبته في أن يتبناني فنياً ويهتم بي ..
أخذت موعداً مع فنان مشهور عن طريق وكيل أعماله .. ليتم التنسيق بهذا الشأن .. وكان الموعد يوم الخميس ..
الأيام تمضي سريعة ..
قبل الموعد بيومين رجعت إلى أهلي .. لمشاركتهم في بعض المناسبات ..
حركة دائبة في المنزل فزواج أخي يوم الخميس .. ويوم الأربعاء سيتم عقد قران اثنتين من أخواتي ..
كانت أمي كالنحلة .. تنتقل من مكان إلى مكان .. لا تكاد الدنيا تسعها من الفرح .. تردد الدعوات والتبريكات ..
على شفتيها فرح لو قسم على العالم لابتسم .. تواصل الليل بالنهار ..
تعد العدة للفرح الكبير .. تطمئن على كل شيء .. لا تدع صغيرة ولا كبيرة إلا وتسأل عنها ..
وجاء يوم الأربعاء سريعاً ..
فإذا به يحمل الفاجعة التي غيرت مجرى حياتي .. الفاجعة التي أيقظتني من الغفلة ..
أحيت قلبي الذي قد مات ..
جاءت الفاجعة لتنتشلني من المستنقع القذر .. مستنقع الرذيلة .. مستنقع الغناء والطرب ..
ماتت أمي .. كيف !! لا أدري .. المهم أنها ماتت ..
بعد أن شاركتنا لحظات بسيطة من الفرح .. تنحت قليلاً ..
وألقت بجسدها المنهك على سريرها .. وكأنها تقول : وداعاً صغاري .. لقد كبرتم ..
تحول الفرح إلى حزن .. وجوه صامتة قد تملكتها الدهشة وألجمتها الفاجعة ..
لا ترى إلا دموعاً تنهمر .. وقلوباً ترتجف ..
ولا تسمع إلا نشيجاً ينطلق من كل زاوية في المنزل .. كل شيء كان يبكي وينوح .. إلا أمي فقد كانت على فراشها ساكنة .. لا تدري عما حولها ..
جهزوا جنازتها .. بدؤوا يغسلونها ..
دخلت عليها بعدما غسلت .. ألقيت عليها النظرة الأخيرة .. كان وجهها هادئاً .. كما كان في الحياة ..
نظرت إلى فمها .. عينيها .. يديها .. كانت بالأمس تنهاني عن مفارقتها خوفاً عليَّ من الفساد ..
قبلتها .. بكيت .. بكت أخواتي حولي .. أخرجوني من غرفة التغسيل ..
مضت الساعات سريعة .. لم أشعر إلا وأنا أقف في الصف أصلي عليها .. جثتها هامدة .. والإمام يردد الله : أكبر .. الله أكبر ..
دعوت لها بكل جوارحي .. دعوت الله أن يغفر لي تقصيري في حقها ..
حملت جنازتها مع من حملوا .. سرنا بها إلى القبر ..
جعلت أهيل عليها التراب .. اللهم ثبتها .. اللهم ثبتها ..
مضى النهار مع المعزين .. لكن كان لليل قول آخر ..
أويت إلى غرفتي مبكراً ..أطفأت الأنوار ..
ألقيت بجسدي على الفراش ..
صورٌ من الماضي بدأت تظهر لي .. صوتها يملأ المكان .. يا ولدي قم .. لا تفتك الصلاة .. زملائك في المسجد ينتظرونك ..
يا ولدي أبق معي .. واصل دراستك هنا .. لا تسافر .. يا ولدي أنتبه لنفسك ..
حسرات وندم .. هموم وغموم أطبقت على صدري .. لم استطع أن أتنفس ..
صور من العقوق .. شريط الذكريات يمر أمامي ..
كانت تسعدني وأشقيها.. تفرحني وأبكيها ..
تذكرت .. توسلاتها .. رجاءها .. لا تذهب .. لا تفعل .. زفرات وحسرات ..
آآآآآه كم كنت عاقاً ..
بكيت بكاءً مراً .. قمت أصلي لكنني لم استطع أن أصلي فقد استعجم لساني ..
كانت دموعي ساخنة فأذابت قسوة قلبي ..
سجدت لله بللت موضع سجودي بالدموع ..
النحيب مشفوع بدعوات صادقة تنطلق من الأعماق .. تؤمن عليها كل ذرة من ذرات جسدي ..
عاهدت ربي على البر بها بعد موتها ..
سألته أن يثبتني على ذلك .. رددت الدعاء : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ..
انتهيت من الصلاة ..
توجهت نحو الماضي الكئيب .. أقلب بين الدفاتر والأوراق ..
فهنا دفتر يحمل بعض الأغاني .. وهنا رسائل .. وهناك صور .. هذا شريط أغانٍ خاصة ..
وهذه أشرطة لبعض الفساق ..
عمدت إلى جيبي أخرجت ما فيه من بطاقات .. وجدت بطاقة الفنان الكبير .. تذكرت موعده .. يوم الخميس عصراً ..
صرخت : أعوذ بالله .. مزقته بيدي ..
جمعت كل شيء يذكرني بالمعاصي والآثام .. وضعتها في كيس وفي اليوم الثاني كان الفراق بيني وبينها ..
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 05-03-2008, 02:27 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

.. قال : معاذ الله ..
.....

كان شاباً فقيراً .. يعمل بائعاً .. يتجول في الطرقات ..
وكانت هي امرأة فارغة .. لا تكف عن التعرض للحرام .. كانت مصيدة للشيطان ..
مرّ ذات يوم بجانب بيتها .. أطلت من طرف الباب وسألته عن بضاعته فأخبرها ..
طلبت منه أن يدخل لترى البضاعة .. فلما دخل أغلقت الباب ..
ثم دعته إلى الحرام .. فصاح بها .. معاذ الله ..

وتذكر حاله عندما تذهب اللذات .. وتبقى الحسرات ..
تذكر يوم تشهد عليها أعضاؤه التي متعتها بالزنا ..
رجله التي مشى بها.. يده التي لمس بها.. لسانه الذي تكلم به..
بل تشهد عليه .. كل ذرة من ذراته .. وكل شعرة من شعراته ..
تذكر حرارة النيران .. وعذاب الرحمن ..

يوم يعلق الزناة في النار.. ويضربون بسياط من حديد .. فإذا استغاث أحدهم من الضرب.. نادته الملائكة : أين كان هذا الصوت وأنت تضحك.. وتفرح.. وتمرح.. ولا تراقب الله ولا تستحي منه..!!

تذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( يا أمة محمد.. والله إنه لا أحد أغير من الله.. أن يزنى عبده.. أو تزني أمته.. يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم.. لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) ..

تذكر يوم رأى النبي عليه الصلاة والسلام في منامه رجالاً ونساءً عراة في مكان ضيق مثل التنور .. أسفله واسع وأعلاه ضيق .. وهم يصيحون ويصرخون .. وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم .. فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا من شدة حره .. فقال صلى الله عليه وسلم : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء الزناة والزواني .. فهذا عذابهم إلى يوم القيامة ..
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .. نسأل الله العفو والعافية .

قالت له نفسه : افعل وتب .. قال .. أعوذ بالله .. كيف أهتكت ستر ربي .. كيف أنظر إلى امرأة لا تحل لي والله عز وجل من فوقنا .. ينظر إلينا .. كيف نختفي من الخلق .. ونفجر أمام الخالق ..
فبقي ساكناً يفكر في مخرج .. وينظر على الباب ..

فصاحت به الفاجرة : والله إن لم تفعل ما أريده منك صرخت .. فيحضر الناس فأقول : هذا الشاب.. هجم عليَّ في داري .. فما ينتظرك بعدها إلا القتل أو السجن ..
فأخذ الشاب العفيف يرتجف .. خوّفها بالله فلم تنزجر ..
فلما رأى ذلك .. فكر في حيلة يتخلص بها ..
فقال : أريد الخلاء .. الحمام .. فأشارت له إليه ..
فلما دخل الخلاء .. نظر إلى نوافذه فإذا هو لا يستطيع الهرب من خلالها ..
ففكر في طريقة يتخلص بها ..
فأقبل على الصندوق الذي يُجمع فيه الغائط ..
وجعل يأخذ منه ويلقي على ثيابه.. ويديه.. وجسده..
ثم خرج إليها.. فلما رأته صاحت .. وألقت في وجهه بضاعته .. وطردته من البيت ..
فمضى يمشي في الطريق .. والصبيان يصيحون وراءه : مجنون.. مجنون..
حتى وصل بيته.. فأزال عنه النجاسة.. واغتسل..
فلم يزل يُشمُّ منه رائحة المسك.. حتى مات..
( ذكر القصة ابن الجوزي في المواعظ ) ..
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 05-03-2008, 02:29 PM
الرميساء السلفية الرميساء السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

ماشاء الله لا قوة الا بالله
بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 05-03-2008, 02:31 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

.. الجبال الراسيات ..
.....

في أول بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان يدعو إلى الإسلام في مكة سراً .. وكان المسلمون يختفون بدينهم ..
فلما تكامل عددهم ثمانية وثلاثين رجلاً ..
ألحَّ أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور ..
فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر .. إنا قليل ..
فلم يزل أبو بكر يلح عليه حتى خرج صلى الله عليه وسلم .. إلى المسجد .. وخرج المسلمون معه.. وتفرقوا في نواحي المسجد .. كل رجل في عشيرته..
وقام أبو بكر في الناس خطيباً .. فكان أول خطيب دعا إلى الله .. فلما رأى المشركون من يسفه آلهتهم .. ويتنقص دينهم ..
ثاروا على أبي بكر وعلى المسلمين ..
فجعلوا يضرِبونهم في نواحي المسجد ضرباً شديداً ..
وأبو بكر يجهر بالدين .. فأحاط به جمع منهم ..
فضربوه .. حتى وقع على الأرض .. وهو كهل قد قارب عمره الخمسين سنة ..
ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة .. وجعل يطأ على بطنه وصدره .. ويضربه بنعلين مخصوفين .. ويحرفهما على وجهه .. حتى مزق لحم وجهه .. وجعلت دماؤه تسيل .. حتى ما يعرف وجهه من أنفه .. وأبو بكر مغمى عليه ..
فجاءت قبيلته بنو تيم يتعادون .. ودفعوا المشركين عنه ..
وحملوه في ثوب .. ولا يشكون في موته .. حتى أدخلوه منزله ..
وقعد أبوه وقومه عند رأسه .. يكلمونه فلا يجيب ..
حتى إذا كان آخر النهار .. أفاق .. وفتح عينيه .. فكان أول كلمة تكلم بها ان قال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ؟؟
فغضب أبوه وسبه .. ثم خرج من عنده ..
فقعدت أمه عند رأسه .. تجتهد أن تطعمه أو تسقيه .. وتلحّ عليه ..
وهو يردد : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقالت : والله مالي علم بصاحبك ..
فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب .. فسليها عنه .. وكانت أم جميل مسلمة تكتم إسلامها ..
فخرجت أمه حتى جاءت أم جميل فقالت :
إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟
فخافت أم جميل أن يكتشفوا إسلامها .. فقالت : ما أعرف أبا بكر .. ولا محمداً .. ولكن إن أحببت مضيت معك إلى ابنك ..
قالت : نعم .. فمضت معها ..
فلما دخلت على أبي بكر .. وجدته صريعاً دنفاً .. ممزق الوجه .. ودماؤه تسيل ..
فبكت وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر .. وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم ..
فالتفت إليها أبو بكر .. وما يكاد يطيق .. فقال : يا أم جميل .. ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فنظرت أم جميل إلى أم أبي بكر وكانت لم تسلم بعد .. فخشيت أن تخبر الكفار بأسرار المسلمين ..
فقالت أم جميل لأبي بكر : هذه أمك تسمع ..
قال : فلا شيء عليك منها ..
قالت : رسول الله صلى الله عليه وسلم سالمٌ صالحٌ .. قال : فأين هو ؟
قالت : في دار أبي الأرقم ..
فقالت أمه : قد عرفت خبر صاحبك .. فكل واشرب الآن ..
فقال : لا .. إن لله علي أن لا أذوق طعاماً أو شراباً .. حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأراه بعيني ..
فأمهلتاه .. حتى إذا أظلم الليل .. وهدأ الناس ..
حاول أن يقوم .. فلم يستطع .. خرجت به أمه وأم جميل يتكئ عليهما .. حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام .. أكب عليه يقبله ..
وأكبَّ عليه المسلمون .. ورق له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة ..
وأبو بكر يقول : بأبي وأمي أنت يا رسول الله .. ليس بي من بأس .. إلا ما نال الفاسق من وجهي ..
ثم قال أبو بكر : يا رسول الله .. هذه أمي برة بولدها .. وأنت رجل مبارك .. فادعها إلى الله عز وجل .. وادع الله لها .. عسى الله أن يستنقذها بك من النار ..
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم دعاها إلى الله .. فأسلمت ..
فانظر إلى هذا الجبل الراسي .. أبي بكر رضي الله عنه .. وتأمل في حرصه على الدعوة إلى الله .. واعجب من قوة ثباته على الدين ..
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 05-03-2008, 02:37 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

وغدراتي وفجراتي !!
.....

ربنا أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ..
ومن سعة رحمته .. أنه عرض التوبة على كل أحد ..
مهما أشرك العبد وكفر .. أو طغى وتجبر ..
فإن الرحمة معروضة عليه .. وباب التوبة مشرع بين يديه ..
وانظر إلى ذاك الشيخ الهرم .. الذي .. كبر سنه .. وانحنى ظهره .. ورق عظمه ..
أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهو جالس بين أصحابه يوماً ..
يجر خطاه .. وقد سقط حاجباه على عينيه .. وهو يدّعم على عصا ..
جاء يمشي .. حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال بصوت تصارعه الآلام ..
يا رسول الله .. أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها .. فلم يترك منها شيئاً ..
وهو في ذلك لم يترك حاجة .. ولا داجة .. أي صغيرة ولا كبيرة .. إلا أتاها ..
لو قسّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم .. فهل لذلك من توبة ؟
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه .. فإذا شيخ قد انحنى ظهره .. واضطرب أمره ..
قد هده مر السنين والأعوام .. وأهلكته الشهوات والآلام ..
فقال له صلى الله عليه وسلم : فهل أسلمت ؟
قال : أما أنا .. فأشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلم: تفعل الخيرات .. وتترك السيئات .. فيجعلهن الله لك خيرات كلهن ..
فقال الشيخ : وغدراتي .. وفجراتني ..
فقال : نعم ..
فصاح الشيخ : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
فما زال يكبر حتى توارى عنهم ..
الحديث : رواه الطبراني والبزار ، وقال المنذري : إسناده جيد قوي ،وقال ابن حجر هو على شرط الصحيح .
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 05-03-2008, 02:39 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Arrow الله المستعان

.. في بطن الحوت ..
.....
كل الناس يذكرون الله عند الشدائد ..
لكن منهم من يذكره ويطيعه .. فإذا زالت الشدة عصاه ونساه ..
ومنهم من يستمر صلاحه وتوبته ..
يونس عليه السلام .. دعا قومه إلى الإيمان .. فأعرضوا وتكبروا .. فغضب .. وركب البحر مع سفينة .. فلما ثقلت بهم خافوا أن يغرقوا جميعاً .. فعلموا أنه لا بد أن يخففوا الحمل بإلقاء أحد ركابها إلى البحر .. عملوا القرعة مراراً فوقعت على يونس .. ألقوه في البحر .. فالتقمه الحوت .. ثم نزل به إلى الأعماق ..
كل شيء حدث بسرعة .. يونس في الظلمات ..
تسمع حوله .. فإذا به يسمع تسبيح الحصى الذي في قعر البحر ..
فانتفض .. ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ..
فقرعت كلماته أبواب السماء .. فنزل عليه الفرج ..
هذا خبر يونس النبي عليه الصلاة والسلام ..
أما يونس اليوم فيقول :
كنت شاباً أظن أن الحياة .. مال وفير .. وفراش وثير .. ومركب وطيء ..
وكان يوم جمعة .. جلست مع مجموعة من رفقاء الدرب على الشاطئ ..
وهم كالعادة مجموعة من القلوب الغافلة ..
سمعت النداء حي على الصلاة .. حي على الفلاح ..
أقسم أني سمعت الأذان طوال حياتي .. ولكني لم أفقه يوماً معنى كلمة فلاح ..
طبع الشيطان على قلبي .. حتى صارت كلمات الأذان كأنها تقال بلغة لا أفهمها ..
كان الناس حولنا يفرشون سجاداتهم .. ويجتمعون للصلاة ..
ونحن كنا نجهز عدة الغوص وأنابيب الهواء ..
استعداداً لرحلة تحت الماء..
لبسنا عدة الغوص .. ودخلنا البحر .. بعدنا عن الشاطئ ..
حتى صرنا في بطن البحر ..
كان كل شيء على ما يرام .. الرحلة جميلة ..
وفي غمرة المتعة .. فجأة تمزقت القطعة المطاطية التي يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه لتحول دون دخول الماء إلى الفم .. ولتمده بالهواء من الأنبوب .. وتمزقت أثناء دخول الهواء إلى رئتي .. وفجأة أغلقت قطرات الماء المالح المجرى التنفسي... وبدأت أموت ..
بدأت رئتي تستغيث وتنتفض .. تريد هواء .. أي هواء ..
أخذت اضطرب .. البحر مظلم .. رفاقي بعيدون عني ..
بدأت أدرك خطورة الموقف .. إنني أموت ..
بدأت أشهق .. وأشرق بالماء المالح..
بدأ شريط حياتي بالمرور أمام عيني ..
مع أول شهقة .. عرفت كم أنا ضعيف ..
بضع قطرات مالحة سلطها الله علي ليريني أنه هو القوي الجبار ..
آمنت أنه لا ملجأ من الله إلا إليه... حاولت التحرك بسرعة للخروج من الماء .. إلا أني كنت على عمق كبير ..
ليست المشكلة أن أموت .. المشكلة كيف سألقى الله ؟!
إذا سألني عن عملي .. ماذا سأقول ؟
أما ما أحاسب عنه .. الصلاة .. وقد ضيعتها ..
تذكرت الشهادتين .. فأردت أن يختم لي بهما ..
فقلت أشهـ .. فغصَّ حلقي .. وكأن يداً خفية تطبق على رقبتي لتمنعني من نطقها ..
حاولت جاهداً .. أشهـ .. أشهـ .. بدأ قلبي يصرخ : ربي ارجعون .. ربي ارجعون .. ساعة .. دقيقة .. لحظة .. ولكن هيهات..
بدأت أفقد الشعور بكل شيء .. أحاطت بي ظلمة غريبة ..
هذا آخر ما أتذكر ..
لكن رحمة ربي كانت أوسع ..
فجأة بدأ الهواء يتسرب إلى صدري مرة أخرى ..
انقشعت الظلمة .. فتحت عيني .. فإذا أحد الأصحاب ..
يثبت خرطوم الهواء في فمي ..
ويحاول إنعاشي .. ونحن مازلنا في بطن البحر ..
رأيت ابتسامة على محياه .. فهمت منها أنني بخير ..
عندها صاح قلبي .. ولساني .. وكل خلية في جسدي ..
أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمد رسول الله .. الحمد لله ..
خرجت من الماء .. وأنا شخص أخر ..
تغيرت نظرتي للحياة ..
أصبحت الأيام تزيدني من الله قرباً .. أدركت سرَّ وجودي في الحياة .. تذكرت قول الله ( إلا ليعبدون ) ..
صحيح .. ما خلقنا عبثاً ..
مرت أيام .. فتذكرت تلك الحادثة ..
فذهبت إلى البحر .. ولبست لباس الغوص ..
ثم أقبلت إلى الماء .. وحدي وتوجهت إلى المكان نفسه في بطن البحر ..
وسجدت لله تعالى سجدة ما أذكر اني سجدت مثلها في حياتي ..
في مكان لا أظن أن إنساناً قبلي قد سجد فيه لله تعالى ..
عسى أن يشهد علي هذا المكان يوم القيامة فيرحمني الله بسجدتي في بطن البحر ويدخلني جنته اللهم أمين ..

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:12 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.