انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 04-09-2008, 04:17 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15

ضيّعت الشباب في الغفلة

يا هذا، كم لك على المعاصي مصر؟ متى يكون منك المتاب؟ جسمك باللهو عامر، وقلبك من التقوى خراب، ضيّعت الشباب في الغفلة، وعند الكبر تبكي على زمان الشباب. في المجلس تبكي على الفائت، واذا خرجت عدت للانتهاب. لا حيلة لوعظي فيك وقد غلق في وجهك الباب. كم لي أحدّث قلبك، وأرى قلبك غائبا مع الغيّاب، يا من قلبه مشغول، كيف تفهم الخطاب. وافرحة ابليس اذا طردت عن الباب! هذا مأتم الحزن، هذا المجلس قد طاب.

رحلت رفاق التائبين الى رفاق الأحباب. يا وحشة المهجور المبعد عن الباب اذا لم يجد للقرب والدنو سببا من الأسباب. يا منقطعا عن الرفاق الأحباب، تعلق بأعقاب الساقة بذلّ وانكسار ودمع ذي اسكاب، وقل: تائه في بريّة الحرمان، مقطوع فيه تيه الشقاء، مسبول دونه الحجاب، كلما رام القيام، أقعده وأبعده بذنوبه الحجّاب، لا زاد ولا راحلة ولا قوة، فأين الذهاب؟ عسى عطفة من وراء ستر الغيب تهون عليك صعاب المصاب.

لله درّ أقوام شاهدوا الآخرة بلا حجاب، فعاينوا ما أعدّ الله للمطيعين من الأجر والثواب. ترى لماذا أضمروا أجسادهم وأظمؤوا أكبادهم، وشرّدوا رقادهم، وجعلوا ذكره بغيتهم ومرادهم؟!. وأنشدوا:

يا رجال الليل مهلا عرّسوا انني بالنوم عنكم مشتغل

شغلتني عنكم النفس التي تقطع الليل بنوم وكسل

أنا بطّال وأنتم ركّع زاد تفريطي وزدتم في العمل

قلت مهلا سادتي أهل الوفا حمل القوم وقالوا لا مهل
:ozkorallah:

قال وهب بن منبه: أوحى الله الى نبي من الأنبياء: أن اذا أردت أن تسكن معي في حظيرة القدس، فكن وحيدا في الدنيا، فريدا مهموما حظينا، كالطير الوحيد يظل في أرض الفلاة، يرد ماء العيون، ويأكل من أطراف الشجر، فاذا جنّ عليه الليل، آوى وحده استوحاشا من الطير، واستئناسا لربه.

ويروى عن سفيان الثوري رضي الله عنه أنه قال: مرّ عابد براهب، فقال له: يا راهب، كيف ذكرك للموت؟ قال: أرفع قدما ولا أضع أخرى، الا خشيت أن قد مت.

قال: كيف كان نشاطك للصلاة؟ قال: ما سمعت أحدا سمع بالجنة، فأتت عليه ساعة الا صلى ركعتين.

قال العابد: يا راهب، مالكم تلبسون هذه الخرق السود؟ قال الراهب: لأنها من لباس أهل المصائب.

فقال له العابد: أكلكم معشر الرهبان قد أصيب بمصيبة. قال الراهب: يا أخي وأي مصيبة أعظم من مصيبة الذنوب على أهلها؟.

قال العابد: فما تذكرت هذا الكلام، الا وبكيت.

قال العتبي: أنشد رجل من أهل الزهد هذه الأبيات:

ويوم ترى الشمس قد كوّرت وفيه ترى الأرض قد زلزلت

وفيه ترى كل نفس غدا اذا حشر الناس ما قدّمت

أترقد عيناك يا مذنبا وأعمالك السوء قد دوّنت

فاما سعيد الى جنة وكفاه بالتور قد خضّبت

واما شقي كسى وجهه سوادا وكفاه قد غللت

:anotherone:

خرج عمر بن عبد العزيز في بعض أسفاره، فلما اشتد الحرّ عليه، دعا بعمامة فتعمم بها، فلم يلبث أن نزعها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، لم نزعتها؟ لقد كانت تقيك الحرّ. قال: ذكرت أبياتا قالها الأول، وهي هذه:

من كان حين تمسّ الشمس جبهته أو الغبار يخاف الشين والشعثا

ويألف الظل كي تبقى بشاشته فسوف يسكن يوما راغما جدثا

في قعر مظلمة غبراء موحشة يطيل تحت الثرى في جوفها اللبثا

وقد خرج عيسى بن مريم عليه السلام على الحواريين وعليهم آثار الغبار، وعلى وجوههم النور، فقال: يا بني الآخرة، ما تنعّم المتنعمون الا بفضل نعمتكم.

وقيل للحسن البصري رضي الله عنه: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها؟ فقال: خلوا بالرحمن، فألبسهم نورا من نوره.
:astagfor:

وروي عن أبو ماجد، قال: كنت أحب الصوفية، فاتبعتهم يوما الى مجلس عالم، فرأيت في المجلس شخصا تتمنى النفوس دوام النظر اليه، وهو يبكي كلما سمع العالم والقارئ يقول: الله، الله، فلم تنقطع له دمعة.

فتعجبت من توكّف عبراته، وترادف زفراته، مع صغر سنه، وغضّ شبابه، فسألت بعض الصوفية عنه فقال: انه تائب غزير الدموع، كثير السجود والركوع، رقيق القلب شفيق الحب.

فبينما نحن كذلك، اذا قرأ القرآن:{ فاذكروني أذكركم} البقرة 152، فقام قائما على قدميه، وهو يقول: سيّدي، خاب من في قلبه غير ذكرك. وهل في الأكوان غيرك حتى يذكر يا حبيب القلوب؟!.

وأنشدوا:

تهتّكي في الهوى حلا لي وعاذلي ما له وما لي

يلومني في الغرام جهلا وكلما لامني حلا لي

قالوا تسليّت قلت كلا يا قوم مثلي يكون سالي

قالوا تعشقت قل أهلا لقد تعشّقت لا أبالي
:astagfor:

قال أبو علي: الرّجال في هذا المقام على أربعة أقسام:

القسم الأول: رجل قد استولى على قلبه عظمة الله وكحبته، فاشتغل بذكره عن ذكر من سواه، ولم تلهه الأكوان عن الاستئناس بذكره، فهذا هو الذي وصفه الله تعالى، فقال:{ رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} النور 37.

والثاني: رجل عاهد الله تعالى بصدق الاجابة، وتحقق العبودية، واخلاص الورع، والقيام بالوفاء، فهو الذي وصفه الله تعالى بقوله:{ رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} الأحزاب 23.

والثالث: رجل يتكلم لله وفي الله وبالله ومن أجل الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر على سائر ضمائر الأسرار، ثم على ظواهر النفوس الأغيار، وهو الذي وصفه الله تعالى، فقال:{ وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} يس 20.

والرابع: رجل يتكلم سره عن نفسه وعن الملكين الموكلين، ولا يطّلع على سرّه الا مولاه، وهو الذي وصفه الله تعالى، فقال:{الله نزل أحسن الحديث}، الى قوله:{ الى ذكر الله} الزمر 23، فهذا هو في ظاهره كالسّليّ الخليّ، وفي باطنه كالمتوليّ الشجيّ.

وأنشدوا:

اليك والا لا يفيد سرى الساري ولا حرف الا ما تلاه لك القاري

فيا منيتي يا بغيتي بل ورحمتي ويا جنتي في كل حال ويا ناري

اذا صحّ منك الاعتقاد فكل ما على الأرض فان من شموس وأقمار

قال مالغيرة بن حبيب: كنت أسمع بمجاهدة المحبين، ومناجاة العارفين، وكنت أشتهي أن أطّلع على شيء من ذلك، فقصدت مالك بن دينار، فرمقته على غفلة وراقبته من حيث لا يعلم ليالي عدة، فكان يتوضأ بعد العشاء الآخرة، ثم يقوم الى الصلاة، فتارة يفني ليلة في تكرار آية أو آيتين، وتارة يدرج القرآن درجا، فاذا سجد وحان انصرافه من صلاته، قبض على لحيته، وخنقته العبرة، وجعل يقول: بحنين الثكلى وأنين الولهى، يا الهي، ويا مالك رقّي، ويا صاحب نجواي، ويا سامع شكواي، سبقت بالقول تفضلا وامتنانا، فقلت:{ يحبهم ويحبونه} المائدة 54، والمحبّ لا يعذب حبيبه، فحرم شيبة مالك على النار. الهي قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، فأيّ الرجلين مالك، وأي الدارين دار مالك؟.

ثم يناجي كذلك الى أن يطلع الفجر، فيصلي الصبح بوضوء العتمة رحم
ابن الجوزي
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 04-14-2008, 11:54 PM
شيماء المصرية شيماء المصرية غير متواجد حالياً
عضو جديد
 



Islam

بارك الله فيكم لقد تحرك فؤادى بهذه الكلمات المؤثرة ,انى استيقظ لصلاة الفجر كل يوم ,ادعو معى الله عزوجل ان يثبتنى على هذا وان يمن على بنعمة قيام اليلل:004111:
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 04-15-2008, 04:16 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكي الله خيراااا أختي شيماء المصرية :a7bak:
ادعو الله ان يثبتك ويثبتني علي صلاة الفجر ويرزقنا قيام الليل
الهي لاتعذبني فاني مقر بالذي قد كان مني ومالي حياة الارجائي في عفك عني
:astagfor:
أخوتى وأخواتى
أسألوا الله إن يرزقني ويرزقكم صلاة القيام
----------------

لذة قيام الليـل
عندما يفرح الناس بالعلاوات وزيادة الأموال .. عندما يفرحون بالدور
والقصور .. يفرح المؤمن بسجدةٍ خاشعة في ليلة ساكنة في وقت سحر
يناجي فيها ربه .. ويسكب دمعه .. ويتذلل بين يدي خالقه سبحانه وتعالى
" تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون "
كفى بلذة قيام الليل أنك تخلو بالله عز وجل ... فتدخل عليه بكل سهولة
وبساطة .. لقد كان لقيام الليل عند الصحابة والتابعين والسلف منزلة عظيمة ..
يقول أحد التابعين : أهل قيام الليل في ليلتهم أشد لذة من أهل اللهو في لهوهم ..








أصدر المولى بيانه أين أنت يا فلانة؟
افتحوا ديوانها وانظروا في كل خانة
موقف صعب رهيب أسأل الله الإعانة
حين أدنو من إلهي دون ستر أو بطانة
يحاكيني جهارا كيف أديت الأمانة
من يجيب الله عني؟ من سيعطيني لسانه
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 04-17-2008, 11:57 PM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




تعالوا نبكي على الذنوب
معاشر التائبين: تعالوا نبكي على الذنوب فهذا مأتم الأحزان، تعالوا نسكب المدامع. ونشتكي الهجران، لعل زمان الوصال يعود كما كان.

هذا بياض الشيب ينذر بخراب الأوطان، يا من تخلف حتى شاب، وقد رحلت الأظعان.

يا تائها في تيه، التخلف، يا حائرا في بريّة الحرمان، نهارك في الأسباب، وليلك في الرقاد، هذه الخسارة عيان، اذا ولى الشباب ولم يربح، ففي الشباب حتى ذبل من معاصي الرحمن، فعند اقبال المشيب، ندمت على ما قد كان. ان لم يشاهدك رفيق التوفيق، والا ففي الحرمان حرمان. وقد يرحم المولى من ضعف عن الأسباب{ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} الرعد 39.

وأنشدوا:

أتبني بناء الخالدين وانما بقاؤك فيها لو عقلت قليل

لقد كان في ظل الأراك مقيل لمن كل يوم يقتفيه رحيل

:astagfor:
ويروى عن الحسن البصري رضي الله عنه، أنه كان يقول: يا ابن آدم، انّ لك عاجلا وعاقبة، فلا تؤثر عاجلتك على عاقبتك، فقد، والله، رأيت أقواما آثروا عاجلتهم على عاقبتهم، فهلكوا وذلوا وافتضحوا.

يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا.

يا ابن آدم، لا يضرّك ما أصابك منشدة الدنيا اذا ادّخر لك خير الآخرة، وهل ينفعك ما أصبت من رخائها اذا حرمت من خير الآخرة.

يا ابن آدم، الدنيا مطيّة، ان ركبتها حملتك، وان حملتها قتلتك.

يا ابن آدم: انك مرتهن بعملك، وآت على أجلك، ومعروض على ربك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، وعند الموت يأتيك الخبر.

يا ابن آدم: لا تعلق قلبك بالدنيا فتعلقه بشر متعلق، حسبك أيها المرء ما بلّغك المحل.

ويروى عن مالك بن دينار رضي الله عنه، أنه كان ماشيا في بعض أزقة البصرة، اذا هو بجارية من جواري الملك، راكبة ومعها الخدم والمماليك، فسمع مالك حسّها خلفه، فالتفت اليها وهي راكبة، فرأى زهرتها وهيأتها وحالها، فنادى: أيتها الجارية هل يبيعك مولاك.

قال: فلما سمعت منه تلك الكلمة، نظرت اليه، فرأت عباءة خلقة بالية، وله هيأة حسنة وتواضع وسكينة لله عز وجل.

فقالت للخدم: أمسكوا مطيتي، فمسكوها، فردّت رأسها اليه، وقالت له: يا شيخ، أعد عليّ مقالتك. قال: قلت هل يبيعك مولاك. قالت: ويلي عليك، وهل لمثلك ما يشتريني به لو باعني؟!.

قال: فحفّ به المماليك، قال: خلوا عني أسير معكم، فسار معهم حتى أتت قصرها، فقام اليها حجبة الدار فأنزلوها، فدخلت، وبقي مالك بباب القصر حتى وصلت الى مولاها، فقالت: يا مولاي، ألا أحدثك بعجب؟!.

قال: وما هو يا حسنة؟.

قالت: يا مولاي لقيني شيخ كبير فقير عليه عباءة رثة بالية، فنظر الى حسني وجمالي وبهائي وكمالي ومماليكي، فأعجبه ما رأى من هيأتي، فقال: هل يبيعك مولاك، فضحك مولاها من ذلك، وقال لها: وأين هو ويلك؟! قالت: قد جئتك به معي، وها هو بباب القصر، فقال: أدخلوه عليّ.

فدخل مالك، ولم يعرفه الرجل، فلما وقف بباب مجلسه، اذ هو بيت مملوء بضروب من الوطأ، والمتكأ، واذا هو بصاحب القصر قاعد على مرتبة عظيمة، فجعل مالك ينظر اليه. فقال: مالك؟ أدخل أيها الشيخ.

فقال مالك: لا أدخل حتى ترفع هذا الوطاء، وتغيّب عني فنتنته، حتى لا أنظر اليه، ولا أطأ شيئا منه.

فألقى الله الهيبة والطاعة في قلب صاحب القصر، فأمر برفع الوطاء والبسط، حتى كشف عن الرخام، وقعد صاحب القصر على كرسي قال: اجلس أيها الشيخ كما أحببت.

قال: لا والله حتى تنول عن هذا الكرسي، وتجلس على هذا المرمر. قال: فجلس الرجل، وجلس مالك معه.

فقال رب البيت: قل حاجتك أيها الشيخ.

قال: جاريتك هذه التي دخلت عليك الساعة، أتبيعها لي؟.

فقال له صاحب القصر: وهل لك ما تبتاعها به مني؟.

قال: وما ثمنها؟.

قال له: ان من شأنها وقدرها وحالها ومالها، تساوي كذا وكذا ألفا.

فقال مالك: والله ما تساوي عندي نواتين مسوستين، فضحك الرجل، وضحكت الجارية، وضحك الجواري والخدم من وراء الستر من كلام مالك.

فقال مالك: وما الذي أضحككم؟.

قال صاحب البيت: وكيف كان ثمنها بهذه الخساسة عندك؟.

فقال مالك: لكثرة عيوبها.

قال: ومن أعلمك بعيوبها.

قال: أنا أعلم من عيوبها ما لم تعلم أنت.

قال: أعلمني بها، وأوقفني عليها.

قال: ان لم تتعطر تغيّرت، وان لم تستك بخرت، وان لم تغتسل بظرت، وان لم تمتشط قملت وشعثت، وان عمّرت عن قليل هرمت وهي ذات بخار، وبصاق، وحيض وبول وغائط أقذار جملة، وآفات بينة، ولعلها لا تريدك الا لنفسها، ولا تحبك الا لتمتعها بك، وتمتعك بها، فلا تفي بعهدك، ولا تصدق في ودّك وعهدك، ولا يتخلف عليها أحد من بعدك الا رأته مثلك. وأنا أجد بدون ما سألت جارية خلقت من سلالة الكافور، ولو مزج بريقها الأجاج لطاب، ولو دعي ميت بكلامها لأجاب، ولو بدا معصمها للشمس أظلمت دونه، ولو برز لسواد الليل لسطع نوره، ولو واجهت الآفاق بحليّها وحللها، لتزخرفت، ولو نفخ ريح ذوائبها على الأرض وما فيها لتعطّرت، فهي العطرة الشكلة المغنّجة المتنسقة، التي نشأت في رياض المسك والزعفران وغنيت بماء التنسيم، فلا يكسف بالها، ولا يحول حالها، ولا يخلف عهدها، ولا يتبدّل ودّها، ولا يتوقع ضدها. فأيهما أحق بالرفعة ايها المغرور؟.

قال: التي وصفت، فما ثمنها رحمك الله؟.

قال: اليسير المبذول، أن تتفرّغ ساعة عن ليلك، فتقوم فتصلي ركعتين تخلصهما لربك، وأن تضع طعامك بين يديك، فتذكر جائعا، فتؤثره على شهوتك، وأن تخطو الطريق فتلتقط منه حجرا ومدرا، وأن تحرّك لسانك بطيب الكلام، أو بذكر الرحمن، وأن تقطع أيامك باليسير من القوت، وترفع همّتك عن دار الغفلة، فتعيش في الدنيا عيش القنوع راسخا، وتأتي غدا يوم القيامة آمنا، وتنزل على الملك الأكبر مخلدا.

قال: فعند ذلك نادى: يا جارية.

قالت: لبيك يا مولاي.

قال: أسمعت ما قاله الرجل؟.

قالت: نعم.

قال لها: هل هو صادق، أم كاذب؟.

قالت: بل هو، والله صادق.

قال: فأنت اذن حرّة لوجه الله تعالى، وضيعة كذا وكذا عليك صدقة، وأنتم أيها الغلمان أحرار، وضياع كذا وكذا عليكم صدقة، وهذه الدار صدقة بجميع ما فيها من الأثاث والأموال على الفقراء والمساكين.

ومدّ يده على ستر كان على بعض أبوابه، فأخذه وستر به نفسه ورمى جميع ما كان عليه من اللباس.

قالت جارية: يا مولاي، لا عيش لي بعدك، فرمت بكسوتها ولبست ثوبا خشنا وخرجت معه، فودّعهما مالك بن دينار ودعا لهما وأخذا طريقا، وأخذ مالك طريقا آخر.

قال ناقل الحديث: فذكر أنها لم يزالا يعبدان الله عز وجل على تلك الحالة حتى لقياه. رحمة الله عليهم ونفعنا ببركاتهم.. آمين.
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 04-20-2008, 03:44 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15

لا يصبرون عنه لحظة
يا من أقعده الحرمان، هذه رفاق التائبين عليك عبور. لا رسالة دمع ولا نفس آسف، وما أراك الا مهجور. هذا نذير الشيب ينذر بالرحلة تهيأ لها منذور. كم أعذار؟ كم كسل؟ كم غفلة؟ ما أجدك يوم الحساب معذور. بيت وصلك خراب، وبيت هجرك معمور. بدر عساك تجبر بالتوبة وتعود مجبور، سجدة واحدة واصل بها السحر وتنجو من الأهوال، { ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدوّ والآصال} الرعد 15.

لله در أقوام قلوبهم معمورة بذكر الحبيب، ليس فيها لغيره حظ ولا نصيب، ان نطقوا فبذكره، وان تحرّكوا فبأمره، وان فرحوا فبقربه، وان ترحوا فبعتبته، أقواتهم ذكر الحبيب، وأوقاتهم بالمناجاة تطيب، لا يصبرون عنه لحظة، ولا يتكلمون في غير رضاه بلفظة.

وأنشدوا:

حياتي منك في روح الوصال وصبري عنك من طلب المحال

وكيف الصبر عنك وأي صبر لعطشان عن الماء الزلال

اذا لعب الرجال بكل شيء رأيت الحبّ يلعب بالرجال

:astagfor:

يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" اذا بلغ العبد أربعين سنة، ولم يغلب خيره على شرّه، قبّله الشيطان بين عينيه، وقال: فديت وجها لا يفلح أبدا، فان منّ الله عليه، وتاب اليه، واستنقذه من الضلالة، واستخرجه من غمرات الجهالة، يقول الشيطان لعنه الله: يا ويلاه، قطع عمره بالضلالة، فأقرّ بالمعصية عيني، ثم أخرجه الله من الجهالة بتوبته ورجوعه الى ربه" أورده الغزالي في الاحياء.

وذكر في بعض الأخبار أن رجلا كان من الفقهاء من أهل بغداد، وكان ممن يسار اليه في العلم والصلاح، وكان شيخا كبيرا فاضلا، وأراد الحج الى بيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيّه عليه الصلاة والسلام، فألّف من أصحابه جماعة من الذين كانوا يقرؤن عليه، فارتبط معهم على أنهم يخرجون متوكلين على الله عز وجل.

فلما ساروا في بعض الطريق، واذا بدير نصراني، وقد أعياهم الحرّ والعطش، فقالوا: يا أستاذنا، نسير لهذا الدير، فنستظل حتى يبرد النهار، ونرحل ان شاء الله تعالى، فقال لهم: افعلوا ما شئتم، فساروا الى ذلك الدير، ونزلوا عند جداره وقد أصابهم الإعياء والحر، فنام الطلبة، والشيخ لم ينم.

قال: فتركهم الشيخ نائمين، وخرج يطلب ماء لوضوئه، ولم يكن له همّ الا ذلك، فبينما هو يمشي في حومة الدير يطلب الماء، فرفع رأسه، فرأى جارية صغيرة السن، كأنها الشمس الضاحية، فلما رآها الشيخ تمكّن ابليس من قلبه، ونسي الوضوء والماء، ولم يكن له هم الا الجارية، فأقبل يقرع الباب قرعا عنيفا، فخرج اليه راهب وقال له: من أنت؟

قال له: أنا فلان العالم الفلاني، وعرّفه بنفسه واسمه.

فقال له الراهاب: ما تريد يا فقيه المسلمين؟.

قال له: يا راهب، هذه الصبية التي بدت من أعلى الدير، ما هي منك؟.

قال الراهب: هي ابنتي، فما سؤالك عنها؟.

قال له الشيخ: أريد أن تزوّجني اياها.

قال له الراهب: ان ذلك لا يجوز عندنا في ديننا، ولو كان جائزا، لكنت أزوّجها منك بغير مشورتها، ولكن قد جعلت لها على نفسها عهدا، أن لا أزوّجها الا من ترضى لنفسها، ولكن أنا أدخل عليها وأعلمها بخبرك، فان هي رضيتك لنفسها، زوّجتك منها.

قال له الشيخ: حبا وكرامة.

قال: فذهب الراهب الى ابنته، فأعلمها بالقصة، والشيخ يسمع.

فقالت: يا أبت، كيف تزوّجني منه، وأنا على دين النصرانية، وهو على دين الاسلام، انّ ذلك لا يتم له الا أن يدخل في دين النصرانية.

قال: فعند ذلك، قال لها الراهب: أرأيت ان دخل في دينك، تتزوجينه؟.

قالت: نعم.

والشيخ العالم في هذا كله يتضاعف به الأمر، وابليس يزيّنها في عينيه، وأصحابه رقود، ليس عندهم علم بما حلّ به.

قال: فعند ذلك، أقبل عليها الشيخ وقال لها: قد نبذت دين الاسلام، ودخلت في دينك.

قالت له الجارية: هذا زواج قدري، ولكن لا بد من حق الزوجية ودفع المهر، وأين الحق، وأراك رجلا فقيرا، ولكن أقبل منك في حقي أن ترعى هذه الخنازير عاما كاملا، ويكون ذلك صداقي.

قال لها: نعم، لك ذلك، ولكن أشترط عليك أن لا تجبي وجهك عني، لأنظر اليك غدوة وعشيا.

قالت: نعم.

فأخذ عصاه التي كان يخطب عليها، وأقبل بها على الخنازير، يزجرها لتمشي للمرعى.

وجرى هذا كله وأصحابه نيام، فلما استيقظوا من نومهم طلبوا الشيخ فلم يجدوه، فسألوا عنه الراهب، فأعلمهم بالقصة.

قال: فمنهم من خرّ مغشيا عليه، ومنهم من بكى وناح، ومنهم من تأسف على ما حلّ به.

ثم قالوا للراهب: وأين هو؟.

قال لهم: يرعى الخنازير.

قال: فمضينا اليه، فوجدناه متكئا على عصاه التي كان يخطب عليها وهو يزجر بها الخنازير، وقلنا له: يا سيّدنا، ما هذا البلاء الذي حلّ بك.

وجعلنا نذكّره فضل القرآن والاسلام، وفضل محمد صلى الله عليه وسلم، وقرأنا عليه القرآن والحديث.

فقال لنا: اليكم عني، فأنا أعلم بما تذكرونني به منكم، ولكن قد نزل بي البلاء من عند رب العالمين.

قال: فكلما عالجناه ليسير معنا، ما قدرنا عليه، فمضينا الى مكة وتركناه، وفي قلوبنا منه حسرة.

وقضينا حجنا ورجعنا نريد بغداد، فلما صرنا الى ذلك الموضع، فقلنا: تعالوا ننظر ما فعل الشيخ، لعله ندم وتاب الى الله عز وجلّ، ورجع عما كان فيه.

قال: فذهبنا اليه، فوجدناه على حالته، وهو يزجر الخنازير، فسلمنا عليه وذكّرناه، وقرأنا عليه القرآن، فما ردّ علينا شيئا، فانصرفنا عنه وفي قلوبنا منه حسرة عظيمة.

قال: فلما صرنا على بعد من الدير، واذا نحن بسواد قد أقبل علينا من ناحية الدير، وهو يصيح علينا، فوقفنا له، فاذا هو صاحبنا الشيخ قد لحق بنا.

وقال: اشهد أن لا اله الا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأنا قد تبت الى الله، ورجعت عما كنت فيه، وماكنت فيه، وما كان ذلك الا من ذنب كان بيني وبين ربي عاقبني به، فكان من البلاء ما رأيتم.

قال: فسررنا بذلك غاية السرور، وجئنا الى بغداد، وأقبل الشيخ على العبادة والاجتهاد أكثر مما كان عليه قبل ذلك، فبينما نحن في دار الشيخ نقرأ عليه، واذا نحن بامرأة قد قرعت الباب، فخرجنا اليها وقلنا لها: ما حاجتك أيتها المرأة.

قالت: أريد الشيخ وقولوا: ان فلانة بنت فلان الراهب قد جاءت لتسلم على يديك، فأذن لهابالدخول، فدخلت، وقالت: يا سيدي جئت لأسلم على يديك.

فقال لها الشيخ: وما كانت القصة.

قالت له: لما وليت عني، غلبتني عيناي، فنمت، فرأيت فيما يرى النائم علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وهو يقول: لا دين الا دين محمد صلى الله عليه وسلم، قال لي ذلك ثلاث مرّات، ثم قال لي بعد ذلك: ما كان الله ليبتلي بك وليا من أوليائه. وها أنا ذا قد جئت اليك، وأنا بين يديك، وأقول: أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

ففرح الشيخ بذلك، حيث منّ الله عليها بدين الاسلام على يديه، فتزوجها على كلمة الله وسنة رسوله.

قال: فسألناه عن ذلك الذنب الذي كان بينه وبين الله.

قال: كنت يوما ماشيا في بعض الأزقة، واذا برجل نصراني قد لصق بي، فقلت له: ابعد عني عليك لعنة الله. فقال: ولم ؟ قلت له: أنا خير منك.

فالتفت النصراني، وقال: ما يدريك أنك خير مني، وهل تدري ما عند الله تعالى حتى تقول هذا الكلام؟.

وقد بلغني بعد ذلك أن هذا الرجل النصراني قد أسلم وحسن اسلامه، ولزم العبادة، فعاقبني الله تعالى من أجل ذلك ما رأيتم.

نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.


ابن الجوزي
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 04-21-2008, 02:20 PM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




قف على الباب وقوف نادم
يا غافلا عن نصيره، يا واقفا مع تقصيره، سبقك أهل العزائم، وأنت في بحر الغفلة عائم، قف على الباب وقوف نادم، ونكّس رأس الذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار: مذنب وراحم، وتشبّه بالقوم وان لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم، وقم في الدجى نادبا، وقف على الباب تائبا، واستدرك من العمر ذاهبه، ودع اللهو جانبا، وطلّق الدنيا ان كنت للآخرة طالبا، يا نائما طوال الليل سارت الرفقة، ورحل القوم كلهم، وما انتبهت من الرقدة.

:astagfor:

ويروى عن اياس بن قتادة رضي الله عنه، وكان سيّد قومه، أنه نظر يوما الى شعرة بيضاء في لحيته، فقال: اللهم اني أعوذ بك من فجأة الأمور، أرى الموت يطلبني، وأنا لا أفوته، ثم خرج الى قومه، وقال لهم: يا بني سعد، قد وهبت لكم شبابي فلتهبوا لي شيبتي، ثم دخل داره، ولزم بيته حتى مات.
:ozkorallah:

وأنشدوا:

أمن بعد شيب أيها الرجل الكهل جهلت ومنك اليوم لا يحسن الجهل

تحكّم شيب الرأس فيك وانما تميل الى الدنيا ويخدعك المطل

دع المطل والتسويف انك ميّت وبادر بجدّ لا يخالطه هزل

سأبكي زمانا هدّني بفراقه فليس لقلبي عن تذكره شغل

عجبت لقلبي والكرى اذا تهاجرا وقد كان قبل اليوم بينهما وصل

أخذت لنفسي حتف نفسي بكفها وأثقلت ظهري من ذنوب لها ثقل

وبارزت بالعصيان ربا مهيمنا له المنّ والاحسان والجود والفضل





أخاف وأرجو عفوه وعقابه وأعلم حقا أنه حكم عدل
:anotherone:

وروي عن الحسن البصري أنه كان يقول: يا ابن آدم، هبطت صحيفتك، ووكّل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فالذي عن يمينك يكتب حسناتك، والذي عن يسارك يكتب سيئاتك، اعمل ما شئت، وأقلل أو أكثر، حتى اذا فارقت الدنيا، طويت صفحتك، وعلّقت في عنقك، فاذا كان يوم القيامة، أخرجت وقيل لك:{ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الاسراء 14.

يا أخي، عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.

يا ابن آدم، اعلم أنك تموت وحدك، وتدخل قبرك وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.

يا ابن آدم: لو أن الناس كلهم أطاعوا الله، وعصيت أنت، لم تنفعك طاعتهم.

وروي عن ابراهيم بن أدهم أنه لقى رجلا، فقال له: كيف حالك يا ابا اسحاق، فقال له:

نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقّع

فطوبى لعبد آثر الله ربّه وجاد بدنياه لما يتوقع

:astagfor:

ويروى أن عون بن عبدالله كان يقول: ويحي، كيف أغفل ولا يغفل عني.

وكيف يهنأ عيشي، واليوم ثقيل من ورائي؟ كيف لا أبادر بعملي، ولا أدري متى أجلي؟ أم كيف أسرّ بالدنيا ولا يدوم فيها حالي، أم كيف أؤثرها وقد أضرّت بمن آثرها قبلي؟ وهي زائلة ومنقطعة عني؟ أم كيف لا يطول حزني وربي لا أدري ما يفعل بي في ذنوبي.

ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كانت تأتي أربعون ليلة ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مصباح ولا نار. قيل لها: فيم كنتم تعيشون؟ قالت على الأسودين: الماء والتمر.

وعن عائشة بنت سليمان زوج يوسف بن أسباط أنها قالت: قال لي يوسف بن أسباط: اني لأشتهي من الله ثلاثة، قلت: وما هي؟ قال: أشتهي أن أكون حين أموت ليس في ملكي شيء، ولا يكون عليّ دين، ولا يكون على عظمي لحم.

ولقد أعطي من ذلك كله ولقد قال في مرضه: قالت: هل بقي عندك نفقة؟ قلت: لا، فقال: أي شيء تريدين؟ فقلت: أخرج هذه الخابية الى السوق للبيع، قال: فاذا فعلت ذلك، انكشف حالنا، فقال الناس: انما باعوها من الحاجة.

وكان عندنا خروف أهداه لنا بعض اخواننا، فأمر باخراجه الى السوق، فبيع بعشرة دراهم.

فقال لي: اعزلي درهما لحنوطي، وأنفقي سائرها.

قالت: فمات وما بقي من الدراهم الا الدرهم الذي أمر بعزله لحنوطه، رضي الله عنه ونفعنا ببركاته.

يا من تحدّثه الآمال، دع عنك هذه الوساوس، متى تنتبه لصلاحك أيها الناعس، متى تطلب الأخرى، يا من على الدنيا يتنافس. متى تذكر وحدتك اذا انفردت عن كل مؤانس، يا من قلبه قد قسا وجفنه ناعس.

وأنشدوا:

اني بليت بأربع ما سلّطت الا لعظم بليّتي وشقائي

ابليس والدنيا ونفسي والهوى كيف التخلص من يدي أعدائي

:astagfor:

وروي عن عبد الأعلى بن علي رضي الله عنه قال: صعدت على جبل لبنان، لأرى من أتأدب به وأتهذب بأخلاقه، فدلّني الله على أحدهم في مغارة، فوجدت فيها شيخا تلوح على وجهه الأنوار وقد علته السكينة والوقار، فسلمت عليه، فأحسن الرد، فبينما أنا قاعد عنده، واذا أنا بمطر عظيم وسيل شديد، فاستحييت أن ىوي الى المغارة من غير اذنه، فناداني وآواني، وأقعدني على صخرة بازائه، وكان يصلي على مثلها، وقد ضاق صدري من المطر، وتضييقي عليه في موضعه، فناداني، وقال لي: من شرائط الخدّام، التواضع والاستسلام. فقلت له: ما علامة المحبة؟

قال: اذا كان البدن كالحية يلتوي، والفؤاد بنار الشوق يكتوي، فاعلم أن القلب على المحبة منطو، وكل نقمة يشاهدها المحب دون الهجر فهي نعمة، فالكل عنه عوض الا المحبوب. ألا ترى الى آدم عليه السلام شاهد العتاب والنقمة، ولكنه لما لم يكن معه هاجر، كانت منحا ونعمة، وجعل يقول رضي الله عنه:

جسد ناحل ودمع يفيض وهم قاتل وقلب مريض

وسقام على التنائي شديد وهموم وحرقة ومضيض

يا حبيب القلوب قلبي مريض والهوى قاتلي ودمعي يفيض

ان يكن عاشق طويل بلاه فبلائي بك الطويل والعريض

قال: وصاح الشيخ صيحة، فسقط ميتا، فخرجت لأنظر معي من يدفنه وأجهزه، فما وجدت أحدا.

فرجعت الى المغارة، فطلبته، فما وجدته، فبقيت متحيّرا في أمره متفكرا، فسمعت هاتفا يقول:

رفع المحب الى المحبوب وفاز بالبغية والمطلوب

ونفعنا الله ببركاته ورضي الله عنه.


ابن الجوزي
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 05-22-2008, 07:52 AM
لمياء دياب لمياء دياب غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

اما ان الاوان ان تفيق اما ان الاوان ان تختار الرفيق فقم ليلا وذكر بذلك صديق تاخذه وياخذك الى اقضل طريق طريق القرب من الله قيام الليل
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 05-22-2008, 04:08 PM
نسمه الجنه نسمه الجنه غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركت

جزاكى الله خيرا اختى الفاضله الفارره الى الله واعزك ونفع بكى امه الاسلام والمسلمين
والله موضع كثر من رائع واعجبنى فى موضوعك الاستشهاد بالاحاديث لنبويه الشريفه وايات القران الكريم
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 05-25-2008, 02:42 PM
أم حُذيفة السلفية أم حُذيفة السلفية غير متواجد حالياً
اللهم إليكَ المُشتكى ,وأنتَ المُستعان , وبكَ المُستغاث , وعليكَ التُكلان
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكى الله خير اختنا
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 05-25-2008, 05:03 PM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




Icon15

جزاك الله خيرا اختي الفارة الى الله
والله موضووووع اكتر من رااااائع
كفيت فوفيت نفع الله بك
وجمعنا الله جميعا في جنة الخلد
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:02 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.