انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


أرشيف قسم التفريغ يُنقل في هذا القسم ما تم الإنتهاء من تفريغه من دروس ومحاضرات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-08-2009, 03:37 AM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي تفريغ العقيدة 10 للفرقة 3 و4

 

بسم الله الرحمن الرحيم


تفريغ العقيدة 10 للفرقة 3 و4 بفضل الله تعالى




.. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

في البداية أنبه فقط على شيء . هو كان الإخوة لما سألوا عن الإنسان مصير أو مخير . يعني أنا تكلمت في الجملة لكني نسيت نقطة . والنقطة هذه مهمة جدا .
نحن قلنا بأن الإنسان بالنسبة للأفعال الاختيارية هو مخيَّر . لكن هناك أمر . ليس معنى أنه مخير يعني ما يقوله أو ما ينوي فعله يكون . هذا لا يُفهم من كلامي أبدا . ولكن نقول بأنه مخير في الأفعال الاختيارية ، طبعا بعد مشيئة الله تعالى .{وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } .
حتى تتزن الأمور وتكون واضحة . نحن فقط نؤصل المسألة . وعلى الاعتبار وإدخال التركيز في نقطة مشيئة الله عز وجل إذن لا نقول بإطلاق أن الإنسان مصير ولا نقول بإطلاق أن الإنسان مخير . (نقول أن الإنسان في الأفعال الاختيارية مخير بعد مشيئة الله تعالى) . هكذا تكون العبارة متزنة .

بعد الانتهاء من مباحث القدر بإذن الله في المرة القادمة آتيكم بملخص لمباحث الإيمان بالقضاء والقدر . وهذا الملخص سيكون من كتابين . كتاب الشيخ محمد إبن إبراهيم الحمد . وكتاب الشيخ عبد الرحمن المحمود . يعني سألخص من الكتابين . وسأختار أحدهما على تنسيقه وترتيبه . وأدخل المعلومات في أماكنها . ولكن في الغالب سأختار تنسيق الشيخ ابن إبراهيم الحمد .
وسأزيد بعض الإضافات بحيث يكون هناك أوراق يسيرة . تكون سهلة ميسرة عليكم بإذن الله تعالى . يعني ممكن أن نقول نغير كلمة المنهج . يكون هذا المطلوب منا أن نفهمه ونتعلمه .
لأننا لسنا في مجال للدراسة . الآن أصبحت كلمة الدراسة مختلطة بما هو معروف في الجامعات والمدارس . وهذا الذي نحن مرتبطون به قابل للمناقشة وقابل للتعديل بإذن الله تعالى .

سبق أن ذكرنا في مباحث الإيمان بالقضاء والقدر أن الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ في أكثر من موضع تكلم عن الإيمان بالقضاء والقدر . وقد جمعنا هذه المواضع التي كان يتكلم فيها عن القضاء والقدر . فنحن سنسير على سير المؤلف . وفي الموضع الذي يتكلم فيه عن القضاء والقدر سنحيل ... لكن سنشرح معنى كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ

وقفنا عند : خلق الخلْقَ بعلمه .
وهذه التي بدأنا فيها الكلام عن الحديث عن القضاء والقدر . فالله تبارك وتعالى علمه أزلي . لا ابتداء له .

ثم قال : وقدَّر لهم أقدارا .
فبعد الكلام على العلم ، بدأ يتكلم عن القدر . والعلم أول مراتب الإيمان بالقضاء والقدر .

قال : وقدر لهم أقدارا . وضرب لهم آجالا . لم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم . ( هذا من العلم ) . وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم . وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته .
فهنا قال : لم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم . وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم ، المسألة عِلْم . وليست إلزاما . ليس أنه ألزم العباد بشيء يفعلونه سبحانه وتعالى . وبناء على ذلك أمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته . وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته . ومشيئته تنفذ . لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم . فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن .
هنا قوله ـ رحمه الله ـ لم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم .
تعنِْونُ له بأن علم الله عز وجل سابق للمقادير . ونستفيد من هذه العبارة نقطتين :
النقطة 1 . وهي إثبات شمول علم الله للخلق .
النقطة 2 . وهي الرد على القدرية الذين أنكروا شمول علم الله لأفعال العباد . فكما ذكرنا أنهم نسبوا القدر إلى أنفسهم . إذن على مذهبهم الباطل أن الله لا يعلم ما سيفعلونه إلا بعد فعلهم له.
والأدلة على شمول علم الله تعالى ، قال الله تعالى :
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }الحج70

وقول الله تعالى :
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }الحديد22
وعندنا القدرية الأولى كانوا ينكرون العلم والكتابة . بخلاف القدرية الحديثة . فهم لا ينكرون العلم والكتابة وإنما يتكلمون في الخلق والمشيئة . لذلك الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ لما قال : ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصِموا . وإن أنكروا كفروا .
فهم تفطنوا إلى هذه المسألة . فهم لما نقول لهم أنتم تقولون بأن الله عز وجل لا يعلم الفعل إلا بعد ما تفعلونه . فتقول لهم : هل الله عز وجل لا يعلم عن خلقه شيئا ؟ . فإن قالوا : بل يعلم .
إذن فهم أقروا بقولك . وإن قالوا لا يعلم . فإنهم قد كفروا . لأنهم نسبوا الله عز وجل إلى الجهل نعوذ بالله من ذلك . .

س/ ...... ؟
ج / هم فطنوا لمسألة العلم فقالوا الله عز وجل يعلم كل شيء . لكن في هذه المسألة لم يعلمها. أو قالوا : هو يعلم . وهو كتب . لكن نحن الذين خلقنا أفعالنا .

ثم يقول المؤلف ـ رحمه الله ـ : وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته .
هنا ، هذه العبارة بعد الكلام عن القضاء والقدر والخلْق هذه توحي بشيء . كأن المؤلف يقول أن الله تبارك وتعالى إنما خلق الخلق لعبادته .والعبادة هذه متمثلة في الائتمار بأمر الله عز وجل. والانتهاء عن نهيه .

ثم قال : وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته :
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }الإنسان30
ومشيئته تنفذ . لا مشيئة للعباد . المعنى أنهم وإن أرادوا شيئا والله عز وجل أراد خلافه كان ما أراده الله . إلا ما شاء لهم . فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن . يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا . ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا .
يقول بعض أهل العلم ـ رحمهم الله ـ بأن مسألة الهداية والإضلال ، هذه قلب أو أساس أبواب القدر .وعليه يحصل خلاف بين الناس . والمؤلف ـ رحمه الله ـ أورد هذه العبارة للرد على القدرية والمعتزلة . فهم قالوا بأن الله عز وجل يجب عليه أن يفعل الأصلح للعباد .
فأورد المؤلف ـ رحمه الله ـ هذه العبارة ليرد عليهم . فقال : يهدي من يشاء . وهذه الهداية هذا تفضُّل . ويعصم ويعافي من الذنب والمعصية فضلا .( تفضلا منه سبحانه وتعالى ) . لا يجب عليه من ذلك شيء .

.. ويُضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدْلا .( بمقتضى العدل ) . لكن { وما ربك بظلام للعبيد } .

ثم نقول : الهداية عند المعتزلة ( طبعا لما نقول المعتزلة فهم القدرية ) :
عندهم الهداية هداية واحدة فقط . وهي هداية الدلالة والإرشاد . أما هداية التوفيق فهي تدخل في هداية البيان والإرشاد . فهداية التوفيق أن يهدي الله عز وجل إنسانا إلى طريق الحق والصواب . أما الدلالة والإرشاد فهي ما يفعله الأنبياء والرسل . {إن أنت إلا نذير} .
الأصل أنه يبلغ ويرشد الناس ويعلمهم . لكن المعتزلة لما قالوا أن الله يجب عليه أن يفعل الأصلح للعباد ، إذن الله عز وجل لا يأخذ أحدا من طريق الضلالة إلى طريق الخير . إنما يرشد فقط . فلذلك أبطلوا هداية التوفيق .

وهم أيضا يقولون أن أفعال العباد مخلوقة لهم . وليست مخلوقة لله عز وجل . إذن لما نأتي نعرف الهداية عندهم ، إذن هي بيان طريق الصواب ،فقط .
ولما تسألهم عن الإضلال ما هو ؟ . يقول لك : نسميه ضالا . تسمية العبد ضالا . {يهدي من يشاء ويضل من يشاء } .. قالوا يعني يسميه ضالا . يعني هو الذي قام بفعل الضلالة . طبعا دون مشيئة الله . ودون خلق الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

طيب الله عز وجل يقول : يضل . قال : يقصد بِيُضل يعني يسميه ضالا . لذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ يقول في شفاء العليل : وليس في لغة من الأمم فضلا عن أفصح اللغات وأكملها ، هداه بمعنى سماه مهتديا . وأضله سماه ضالا . وهل يصح أن يُقال : علمه . إذا سماه عالما . وفهمه إذا سماه فاهما . إذن هو الذي قام بتفهيمه . وهو الذي قام بتعليمه . إذن أضله هو الذي قام بإضلاله .
وهداه هو الذي قام بهدايته .

ثم يقول المؤلف ـ رحمه الله ـ :
"وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله . إذن لا ظلم . وهو متعال عن الأضداد والأنداد . ( متعال أي متنزِّه عن كل مخالف وكل مثيل . فلا شيء يستطيع أن يعادل الله ولا شيء يكون مثله سبحانه وتعالى . هو متنزه عن ذلك ) .. لا رادَّ لقضائه . ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره ـ سبحانه وتعالى ـ . آمنا بذلك كله وأيقنا أن كلا من عنده . ( فلا يستطيع أحد يرد قضاء الله عز وجل سواء بفضل أو بعدل ) .. ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره ( فلا يستطيع أحد أن يغير حكم الله عز وجل إلى غير ما أراده الله سبحانه وتعالى سواء كان بإشارة سواء كان بقوته سواء كان بأي شيء ، فلا غالب لأمره سبحانه وتعالى) .
وهنا قال : لا رادَّ لقضائه . فلا يرد قضاء الله أي أحد .
ولا معقب لحكمه : أي لا يؤخر حكمه أحد . وجعلها كلمة باقية في عقِبِه . أي في الآخر.
قال : ولا غالب لأمره . أي لا يقهر أمر الله عز وجل ولا يغيره أحد . {والله غالب على أمره}
قال : آمنا بذلك كله . أي كل ما سبق ذكره من العبارات ، سواء في حديثنا عن الصفات والأسماء أو في حديثنا عن القضاء والقدر . وأيقنا أن كلا من عنده . لكن على التفصيلات التي ذكرناها .

ثم قال : وإن محمدا عبده المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ونبيه المجتبى ورسوله المُرتضى . وإنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين . وكل دعوى نبوة بعده فغي وهوى . وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء . وإن القرآن كلام الله .

فسيكون معنا اليوم الحديث عن النبوة والنبوات .

لكن نُجمِل نقاط ما سبق من أول قول المؤلف : خلق الخلق بعلمه وقدر لهم أقدارا ...

ـ النقطة 1 : أن علم الله تعالى سبق الموجودات . وأحاط بكل شيء علما . ولا يكون إلا ما علِم سبحانه وتعالى .

ـ النقطة الموالية : أمر الله بطاعته ونهيه عن معصيته . وهذا بيان للمقصود من الخلق . {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } .

ـ النقطة الموالية : حركة المخلوق لا تخرج عن مشيئة الله . وللعبد مشيئة إلا أنها ليست مستقلة .
إذن فالله خلق العبد وخلق مشيئته وإرادته .

ـ الأدلة على إثبات مشيئة الرب : والآيات في ذلك كثيرة {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} . وقول الله تعالى :
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }الأنعام111
وكذلك قول الله تعالى :
{وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }هود34
وكذلك :
{مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الأنعام39

آيات كثيرة في هذا المعنى .

ـ النقطة الموالية : القدر يُحتجُّ به عند المصائب لا المعائب .( المعائب : الذنوب ) .
وهذه سبقت في كلامنا عن حديث احتجاج آدم وموسى عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام .

س/....... ؟
ج/ المفترض هو ملوم . يلوم نفسه . أنه فعل هذه المعصية ...... يعني.. المسألة فيها ضابط.
لكن نخرج من هذا كله أنه لا يقول ذلك . طبعا هو كل شيء بقضاء الله وقدره . لكن أنت تُلام على ذلك . ولا يكون في مقصدك حينما تقول : قضاء الله وقدره .. يعني لا دخل لي . ومثل هذه العبارات قد تشتبه على بعض الناس . أما إن كنت تقصد : هو الذنب ذنبي . والله عز وجل شاء ذلك وقدره . لكن أنا الملوم .. هذا ، لا إشكال .
لكن متى يحتج الإنسان بالقدر ؟ .. يحتج في حال المصائب ... هُدم بيته . يقول قدر علي ذلك .
لذلك آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قال : أتلومني على أمر قدره الله عز وجل علي ؟ .
إذن هو يتكلم عن الإخراج من الجنة .

ـ النقطة التي تليها أن علم الله عز وجل سابق للمقادير .
يعني سابق للمخلوقات وسابق للمقادير .

ـ النقطة التي تليها هي أن القدرية الأولى تنكر العلم والكتابة .

ثم ندخل في باب النبوات .
المؤلف ـ رحمه الله ـ عقَد هذا الباب لأمور :
1ـ الأمر الأول وهو تقرير مذهب أهل السنة والجماعة والرد على المخالفين .
طبعا سبب إيراد المؤلف الكلام عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والأنبياء بعد الكلام عن الله تبارك وتعالى أنك بعد معرفتك بالله تعالى ومعرفتك بأسمائه وصفاته وتؤمن بقضائه وقدره إذن تنتقل إلى معرفة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والأنبياء .وتؤمن بهم . الشهادة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ
إذن النقطة 1 تقرير مذهب أهل السنة والجماعة والرد على المخالفين .

2 ـ النقطة التي تليها : بيان خصائص النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ على معاشر الناس .
وطبعا لما نتكلم عن اعتقاد أهل السنة والجماعة نتلكم أيضا عن طريقتهم في إثبات النبوة . الفرق الأخرى تختلف مع أهل السنة والجماعة في ذلك . وسنتكلم عنهم بإذن الله تعالى .

ومن الفرق التي خالفت في ذلك ، الفلاسفة . فقالوا بأن النبوة بالاكتساب .
(يعني لما يصل العبد إلى مرحلة معينة من العبادة يصل إلى النبوة ) .
.. والمتكلمون قالوا بأن النبوة إنما تثبت بالمعجزات فقط . وتبعهم على ذلك الأشاعرة ومن وافقهم .( قالوا إن النبوة إذا النبي لا يأتي بمعجزة فليس بنبي . سنتكلم عن هذا بإذن الله تفصيلا ) .. المتصوفة قالوا بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خُلق من نور الله . والأنبياء من نور محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ...

بعد الصلاة .

نرجع .. يقول المؤلف ـ رحمه الله ـ : وأن محمدا عبده المصطفى .
فهنا قال بقوله " عبده " . ليرد على الغلاة من المتصوفة ومن وافقهم . الذين غلوا في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا بأنه خُلق من نور الله عز وجل .
وقال تعالى في كلام النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ }الكهف110
إصطفاه الله تعالى واختاره وهذه منة من الله تعالى .
.. إذن حقيقة النبوة هي واسطة بين الخالق والمخلوق في تبليغ شرعه . وهي في حق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إمتنان من الله يمتن به على من يشاء من عباده .

ما الفرق بين النبي والرسل ؟ .
يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي في كتابه " مذكرة التوحيد " ، كتيب صغير . قال :
النبي مشتق من النبأ بمعنى الخبر . فإن كان المراد أنه يخبر أمته بما أوحى الله إليه ، فهو فعيل بمعنى مفعول. لأنها نبيء . نبيء كما هي في قراءة ورش وما وافقه ، نبيء على وزن فعيل. وأحيانا فعيل تأتي بمعنى فاعل وتأتي بمعنى مفعول . فنبيء ، فعيل ، بمعنى فاعل.
إذن ينبئ الناس ويعلمهم . وبمعنى مفعول . أي إذن يأتيه الخبر إذن هو مُخبَر . يأتيه غيره بالخبر . ليخبر به الناس .

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ :
فإن كان المراد أنه يخبر ( فاعل) أمته بما أوحى الله إليه فهو فعيل نبيء . بمعنى فاعل يعني مخبِر . وإن كان المراد أن الله يخبره بما يوحي إليه فهو فعيل بمعنى مفعول ، أي مُخبَر .
ويصح أن يكون مأخوذا من النَّبْءِ أو النبوة أو النَّباوة .. وكلها بمعنى الارتفاع والظهور . وذلك لرفعة قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وظهور شأنه وعلو منزلته . هنا تكلم الشيء عن مسألة النبي لغة .

ثم قال ـ رحمه الله ـ :
والفرق بين النبي والرسول ...

س/ ............ ؟
ج/ هو قال الآن هي على معنيين : المعنى الأول ، مسألة الإخبار . والمعنى الثاني مسألة العلو. فبمعنى الإخبار إما أن يكون مخبِر أو مخبَر. وهو يحتمل المعنيين طبعا .
قال النبوة والنباوة وكلها بمعنى الارتفاع والظهور .


ثم قال ـ رحمه الله ـ :
والفرق بين النبي والرسول أن الرسول من بعثه الله إلى قوم . هذه النقطة الأولى . وأنزل عليه كتابا أو لم يُنزل عليه كتابا . . النقطة الثانية . لكن أوحى إليه بحكم لم يكن في شريعة مَن قبلَه .
والنبي من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة . دون أن يُنزل عليه كتابا .

إذن يريد الشيخ أن يقول أن النبي يقينا ليس معه كتاب . طبعا النبي بانفراد . والرسول قد يكون معه وقد لا يكون . إذن إذا كان يأتي بشريعة مَن قبلَه ومعه كتاب ، يكون نبيا رسولا .

قال : من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة . دون أن يُنزل عليه كتابا . أو يوحي إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ .( يعني يقصد دون أن يُنزل عليه كتابا ودون أن يوحي إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ . الشاهد أنه لا يأتي على هذه الشريعة بشيء جديد . إنما يُذكر بما قاله الأنبياء قبله .

يقول الشيخ :
وعلى ذلك فكل رسول نبي ولا عكس . وقيل هما مترادفان والأول أصح .
إذن الشيخ يميل إلى أن الرسول هو من أرسل إلى قومه . هذه النقطة الأولى . سواء كان معه كتاب أو لم يكن معه كتاب . لكن طبعا أوحي إليه بحكم جديد لم يكن موجودا قبل ذلك . لكن الشاهد قد يكون هذا الحكم معه كتاب أو لا يكون معه كتاب .
فيأتي بكتاب أو يأتي بحكم جديد إذن معه شيء جديد . إذن هذا رسول . ليس معه شيء جديد ، هذا نبي . هذا مفاد كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ .

أما مفاد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فلخصته وهو قريب من هذا المعنى . وسنزيد على ما قاله الشيخ عبد الرزاق عفيفي كلمة صغيرة . لكن أذكر مفاد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ

قال بأن النبي هو الذي ينبِّئه الله . وهو ينبئ بما أنبأه الله به .( هذه لا إشكال فيها ) .
فإن أُرسِل إلى من خالف الله ( وهذه هي النقطة التي لم يذكرها الشيخ عبد الرزاق عفيفي ) . وطبعا هذا ليس كلاما نصيا لكلام شيخ الإسلام . مفاد كلامه أن النبي هو الذي ينْبئه الله تعالى .
والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ينبئ بما أنبأه به الله عز وجل ، الذي هو المعنى الذي ذكرناه : فعيل بمعنى فاعل . وفعيل بمعنى مفعول .
فإن أرسل إلى من خالف الله ليُبلِّغه رسالة من الله فهو رسول . وأما إن كان يعمل بشريعة مَن قبلَه ولم يرسله الله عز وجل إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول .

نستطيع أن نقول في خلاصة ذلك كله : يقول بالنسبة للرسول أنه أرسل إلى قوم ، ولعل هذا ما أراده الشيخ عبد الرزاق من كلام شيخ الإسلام . وأصل كلامه مقتبس من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
فيقصد ب : أُرسل إلى قوم .. إي يخالفوا دعوة الله تبارك وتعالى .

الأمر الثاني وهو أن يكون معه كتاب ولا يكون معه كتاب . أو يأتي بحكم جديد ليس في شريعة من قبله . هذا بالنسبة للرسول .

أما النبي فهو يدعو إلى شريعة سابقة دون تغيير . ولا يوحى إليه بحكم جديد ينسخ ما سبق .
إذن النبي يقرر ما جاء به من قبله من الرسل . النبي يأتي ليعيد التذكير بما قاله الأنبياء قبله .
أما الرسول فهو الذي يأتي إلى قوم خالفوا دعوة الله سبحانه وتعالى ويأتي إليهم بأحكام جديدة . فنقول ، الذي يجمع ذلك كله ، يذكر بأحكام سابقة وينسخ ـ طبعا بأمر الله عز وجل ـ إلى أحكام جديدة .
ويأتي ومعه كتاب ، هذا جمع بين الرسالة والنبوة . هذا ملخص الكلام في هذه المسألة .

طيب ، نقول النبوة عند أهل السنة والجماعة إصطفاء واختيار .

والمخالفون لأهل السنة والجماعة ، ما هي النبوة عندهم ؟ .
الفلاسفة زعموا أن النبوة فيض يفيض على الإنسان بحسب استعداده . وهم ينفوا أن ينزل الملك بالوحي على النبي . وقالوا أيضا أن الوحي الذي ينزل على الأنبياء هذا كلام من الله يسمعه الشخص كمثل النائم يسمع بعض الكلمات . إذن الوحي عندهم يرد بالكلام النفسي . وهو جالس يأتيه في نفسه أن الله عز وجل أوحى إليه بكذا وكذا وكذا . هذا باطل .

الباطنية يقولون عن النبوة أنها نوع من أنواع السياسة العادلة . ويقولون بأن الله عز وجل وضعها لمصلحة العامة . وهم لا يؤمنون بأحوال النبوة مطلقا ( أحوال النبوة من وحي ورسالة وما إلى ذلك . لكن قد يؤمنوا ببعض ما يكون من أحوال النبوة ويتركون البعض . فهم ببعض ما أنزل في كتاب الله وتركوا بعضه . وفسروا القرآن والسنة على هواهم ) .

النبوة عند الأشاعرة . يجعلون النبوة صفة إضافية . ليست صفة ثبوتية . ما معنى هذا الكلام ؟ .
هم يُجوِّزوا أن كل مكلَّف أن يكون نبيا . لكن بشروط أنه يكون أولا مُدَّعي نبوة ، هذا أول شيء. ومع ادعائه للنبوة تكون معه معجزة . وهذه المعجزة تؤيد ما قال به . وتكون في وقت ادعائه هذا . ( سنتكلم عنها بإذن الله ) .
فإذن هو أضيفت إليه هذه الصفة وهي صفة النبوة . وهم عندهم أصل أن كل ممكن يجوز فعله .
طيب ، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشر . هم يقولون ذلك . ونحن نتفق معهم في ذلك . يقولون أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشر . وأصبح نبيا . إذن هذا الأمر ممكن . إذن يمكن أن يكون مع أي شخص آخر . لكن بالضوابط التي سنذكرها . لكن يقولون بشرط أن لا يكون فاجرا .
وعلى هذا فهم لم يفرقوا بين معجزات الأنبياء وكرامات أتباع الأنبياء من الأولياء وخوارق السحرة والكٌهَّان .
فإذن الساحر ،إذا لم يظهر لك أنه ساحر مثلا ، وادعى نبوة وأتى بشيء خارق للعادة لا يستطيع بشر أن يقوم به ولا يستطيع بشر أن يعارضه ( كل هذه من الشروط عندهم في المعجزة.
المعجزة أمر خارق للعادة . لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله . ولا يستطيع أحد أن يعارضه . يعين يوقف هذا .. ستأتي في الشروط السبعة للمعجزة معنا بإذن الله تعالى ) .. فهم يقررون أنه لا دليل على صدق النبي إلا المعجزة .
من أين أخذنا هذا الكلام من كلامهم ؟ .. قال الباقِلاَّني في " الإنصاف " في ص54 . قال : يجب أن يُعلَمَ أن صدق مدعي النبوة لم يثبت بمجرد دعواه . وإنما يثبت بالمعجزات .
(غالبا أصحاب المذاهب لا يستقرون على رأي ولا على قول . فستجد أحيانا هكذا وأحيانا هكذا)

وهو يقول أيضا في كتاب آخر "البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحِيَل والكهنة والسحر " . يقول في ص 38 : وقد اتفِق على أنه لا دليل يفصل بين الصادق والكاذب في ادعاء الرسالة إلا الآيات والمعجزات . هذا هو الفاصل .
ويقول الجويني في " الإرشاد " ص331 : فصل لا دليل على صدق النبي غير المعجزة . فإن قيل هل في المقدور نصب دليل على صدق النبي غير المعجزة ، قلنا ذلك غير ممكن .( يعني هل يكون شيء يدل على النبوة غير المعجزة ؟ قال هذا شيء غير ممكن ) . فإنما يُقدَّر دليل على الصدق
لا يخلو إما أن يكون معتادا وإما أن يكون خارقا للعادة . فإن كان معتادا ، يستوي في البر والفاجر فيستحيل كونه دليلا . وإن كان خارقا للعادة يستحيل كونه دليلا دون أن يتعلق به دعوى النبوة .( فهو الآن إذا كان الأمر شيء معتاد يعني يفعله أي أحد ، فهذا الذي يفعله أي أحد ليس دليلا على النبوة . لكن الذي هو فوق عادة البشر وخرْق لعادة البشر هذا دليل . لكن لابد أن يصاحبه أن الذي حصلت منه هذا الشيء الخارق للعادة أن يكون مدعي نبوة ، دون أن يتعلق به دعوى نبوة . يستحيل كونه دليلا دون أن يتعلق فيه دعوى نبوة )... إذ كل خارق للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى . فإذا لم يكن بُدٌّ من تعلُّقٍ بالدعوة فهو المعجزة بعينها .
وهم يقررون بأن أفعال السحرة والكهنة من جنس المعجزات . تنظر في هذا في كلام الباقلاني وغيره .

يقول التَّفَتَزاني في تعريف المعجزة في " شرح المقاصد " : أمر خارق للعادة . مقرون التحدي ( يكون معه تحدي ) . وعدم المعارضة ( طبعا لما نقول مقرون التحدي يعني إذن لا يستطيع أحد أن يقوم به ) .
يقول للباقلاني ما خلاصته : لو ادعى الساحر أو الكاهن النبوة لسَلبه الله معرفة السحر رأسا وإلا كان هذا إضلالا من الله . وهو يمتنع عليه الإضلال . ( يعني أن الساحر والكاهن ، إذا ادعى النبوة ربنا تبارك وتعالى يسلب منه السحر . لكن إذا ادعى نبوة ووجدت عليه كرامة ،إذن فهو نبي . ستقول لي طيب ، فهو ساحر أصلا .. فنقول نحن ـ إذا كنا نجادل عنهم ـ نقول لهم : الأصل ما دام ساحرا لكن إدعى نبوة إذن ستُسلب منه القدرة على السحر) .

س/ ........... ؟
ج/ نحن نحكي أقوال فقط . ليس هذا معناه الإقرار . يعني أن هذه الأقوال حكايتها تُغني عن الرد عليها .

النبوة عند المعتزلة .
يقولون بأن إرسال الرسل واجب على الله . لأن عندهم أصل فيه التحسين والتقبيح العقلِيَّين . فهم عندهم أن العقل يوجب حُسْن الحَسَن وقبح القبيح . يعني مثلا ، إذا لم ينزل دليل بحرمة الزنا مثلا ، فهو بمجرد معرفته عن الزنا سيقول هذا حرام وإن لم يعلم قول الله تعالى . فعنده من العقل .. الذي يقبِّحه فهو قبيح عند الله عز وجل . والذي يحسنه العقل ، هو حسن عند الله تعالى.
( وليس هذا بحسن ) .

(الصلاة )

.. كنا بحول الله وقوته نتكلم عن النبوة عند الفِرَق . تكلمنا عن النبوة عند الفلاسفة وعند الباطنية وعند الأشاعرة . ووقفنا عند معنى النبوة عند المعتزلة . وبخلاصة قلنا بأنه عند الفلاسفة بأنه فيض . يفيض على الإنسان بحسب الاستعداد . ونفوا أن هناك ملك ينزل على هذا النبي . وقالوا بأن الوحي هذا خطاب نفسي . مثل النائم ، يشعر بأن أحدا يكلمه و يسمع صوتا . لكن مثله مثل النائم .

والنسبة للباطنية قالوا هي نوع من أنواع السياسة العادلة التي تكون من أجل مصلحة العباد . لكنهم يؤمنون ببعض أحوال النبوة ويكفرون ببعضها . أي ينكرونها .

والنبوة عند الأشاعرة قلنا بأنها ليست صفة ثبوتية وإنما هي صفة إضافية . أي أنه ممكن لأي أحد أن يكون نبيا بشروط . أن يكون مدعيا لنبوة . وتظهر على يديه معجزة .

وبالنسبة للمعتزلة هم يقولون بأن إرسال الرسل ، هذا واجب على الله تبارك وتعالى . وقلنا هذا راجع إلى مسألة التحسين والتقبيح العقليَّيْن . فما حسَّنه العقل فهو حسن عند الله . وما قبحه العقل فهو قبيح عند الله .

ج/ السرقة ؟ . هو دون أن يعلم الدليل ، يجد عقله مثلا يقول أن السرقة هذه قبيحة ، إذن الشريعة تقول بقبحها دون النظر في الدليل أصلا . لذلك فهم عندهم إن إرسال الرسل هذا أمر حسن .إذن فهو من الشريعة . وما دام هو من الشريعة إذن واجب على الله . (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ). لكن نقول أن إرسال الرسل هذا تفضُّل وامتنان من الله تبارك وتعالى على عباده .
لكنهم على خلاف الأشاعرة يجعلون النبوة صفة ثبوتية ليست إضافية .

نضع نقطة ، وهي حاجة الناس إلى النبوة والرسالة . فبمقتضى أننا قلنا بأن الرسالة هذا تفضُّل من الله تبارك وتعالى لأنه يريد الخير لعباده سبحانه وتعالى . إذن فالناس مضطرون إلى هذا الخير . فالناس لا يستطيعون أن يميزوا بين الطيب والخبيث إلا بمن يرشدهم . فيقول لهم هذا طيب وهذا خبيث . وإنما عرفوا ذلك عن طريق الرسل . إذن فالناس في حاجة ماسة إلى الرسل والرسالات .

ثم النقطة التي تليها وهي وظائف الرسل .
1 ـ دعوة الناس إلى عبادة الله وترك عبادة من سواه . {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }النحل36

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25

فدعوة الرسل كلها دعوة إلى توحيد الله وعبادته وترك عبادة من سواه .

2 ـ تبليغ الناس رسالة الله .{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }النحل44
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ }المائدة67

3 ـ كذلك الدلالة على الخير والتبشير بالثواب المعد للفعل إن فعلوه . هذا تجده في كلام النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : من فعل كذا فله كذا .. ومن فعل كذا فله كذا .. والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما ترك شيئا في خير لأمته أخبره الله عز وجل به إلا أخبر به أمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ

4 ـ وأيضا من وظائف الرسل إقامة شرع الله . وتطبيقه .

5ـ ومن وظائفهم أيضا شهادتهم على الأمم يوم القيامة .

إذن عرفنا أن هناك حاجة ضرورية للرسل والرسالات . وبينا ما هي وظائفهم . فما هي فوائد معرفة الأنبياء ؟ .

أولا النبي بالنسبة لنا هو الذي علمنا وربانا بما علمه الله عز وجل . فكيف يصح لك أن تجهل الذي علمك ؟ . هذا لا يصح بحال .

الأمر الثاني وهو أن نعرف صفاتهم وسيَرَهم وأحوالهم . {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} .

وكذلك معرفة الأنبياء يوجب عليك شكر نعمة الله عز وجل . فسبب الخير الذي أنت فيه من الطاعة والقرب من الله عز وجل هو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فلذلك تشكر الله عز وجل على أن تفضل عليك وامتن عليك بإرسال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ

وأيضا أنت تعرف النبي لتحبه حبا صادقا . لأن حبه من أركان الإيمان . أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، كما في الصحيحين من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ

كذلك لكي نتخذهم قدوة حسنة . طبعا معرفة سيرهم هذه عامة وشاملة . ومن فوائد معرفة السير أننا نتخذهم قدوة حسنة .

ثم بعد ذلك معرفة الآيات المنزَّلة عليهم . وفهم هذه الآيات .

فما هي طرُق إثبات النبوة ؟

(كل هذه المباحث التي ذكرتها لك هي مختصرة من شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي مع الزيادات . لاسيما النصوص عن الفرق الأخرى . فهي غير موجودة ).

طرق إثبات النبوة ، هل هي فقط مقتصرة على إثبات المعجزات ؟ .. لا . غير مقتصرة .
فأول هذه الطرق العلم بأحوالهم . فحالهم هذا لا يكون كحال الناس عموما . وإن كانوا هم من البشر . أنت أحيانا عندما يقول لك شخص : هذا الرجل أخلاقه ما هي أخلاق ما يُشتَهر عنه . فأنت بمعرفتك لحاله مثلا ، تحكم بكذا وكذا .
مثلا تسمع عن فلان الفلاني أنه شيخ كبير وكذا وكذا .. وعندما يحصل لك أن تعاشره وتجلس معه فتجد من أحواله ما لا يوافق ما اشتهر على ألسنة الناس . فتقول : هذا مخالف في أحواله .
فالنبي ،المفترض أن يكون حاله من أكمل الأحوال وأفضلها . وهذه دلالة تدل على أنه نبي . لذلك الصحابة بمقاربتهم للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ شهدوا له بالنبوة وإن لم يروا معجزة للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ

الأمر الثاني من طرق إثبات النبوة ، النصر على الأعداء وانتشار الدعوة . وليس المقصود بالنصر على الأعداء الانتصار الدائم . وانتشار الدعوة ، تجد أن الإسلام بدأ بالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والدليل على صدقه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن دينه باق إلى قيام الساعة . والآن مضى على وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرون وما زال دينه باقيا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

ثم معرفة حقيقة دعوتهم وما جاؤوا به .
فبسماعك لما يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما يأمرك به ، هذا يدل على صدقه . فلا يأمر بالفحشاء ولا يأمر بشر . إنما يأمر دائما بالخير .

وأيضا من طرق إثبات النبوة المعجزة .

ومن الطرق أيضا بشارة الأنبياء السابقين .
{وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} ـ عليه الصلاة والسلام ـ

وأيضا من طرق إثبات النبوة إخبار الأنبياء بما سيكون من أخبار وأحوال . إخبارهم ببعض الغيبيات مثلا .

أيضا من طرق إثبات النبوة استحالة الجمع بين الكذب والنصرة من الله عز وجل.
لقد نصر الله نبيه في أكثر من موضع . فيستحيل أن يجتمع كذب ونصرة .

المعجزة عند أهل السنة والجماعة آية الله الخارقة الدالة على النبوة الصادقة .
آية الله ، أي من الله عز وجل . والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ظهرت على يديه . لكن الله تبارك وتعالى هو الخالق .
قال الخارقة إذن التي على غير عادات البشر . كانشقاق القمر .الدالة على النبوة الصادقة .
ليست المسألة مسألة ادعاء فقط .

عند أهل الكلام ومن وافقهم ، قالوا : أمر خارق للعادة .
إذن اتفقوا في أنه خارق للعادة . مقرون بالتحدي . ( يأتيه الناس ويقولون إن كنت صادقا فيما تدعيه فافعل كذا ) ... مع عدم المعارضة على يد من يدعي النبوة . ( عدم المعارضة من الناس)
يعني أنه يقول أنه مثلا يقول : أنا أحيي هذا . فهو يأتي ليحييه فيأتي واحد يوقف هذا الإحياء مثلا يعني .

فهي عندهم شروط سبعة .
طبعا يقصدون بأنه أمر خارق للعادة إذن هو من فعل الله هذه الأولى .
الشرط الأول عندهم أنه من فعل الله .

الأمر الثاني لما قالوا : خارق للعادة إذن فوق قدرة البشر . إذن هذا الفعل فوق قدرة البشر .

الأمر الثالث تَعذُّر المعارضة .

الأمر الرابع على يد مدعي نبوة .

الأمر الخامس على ِوفق الدعوة . لا يأتي بشيء يخالف ما يدعو إليه . ولا يأتي بشيء خلاف ما طلبوه منه . حتى وإن كان خارقا للعادة .

ثم النقطة السادسة ألا يكون مكذبا له ... لنفرض أنه يحيي فلان الفلاني ، مثل ما يفعل الدجال .
فيأتي ويظهر للناس أنه أحيى فلانا وأمات هذا الشخص ، كما جاء في الصحيح . فيأتي الرجل ويقول : ما ازددت فيك إلا بصيرة . فجاء من وقع عليه هذا الأمر الخارق ( وطبعا هو سيحصل حقيقة بأمر الله عز وجل . نحن نقول أنه حصل أو سيحصل حقيقة . لكن بأمر الله عز وجل ) فبعد ما حصل هذا وبعدما مات وأصبح حيا قال : ما ازددت فيك إلا بصيرة وأنت المسيح الدجال .
لو انقلب هذا الأمر الخارق للعادة إلى تكذيب له . الذي حصل معه الإحياء والإماتة قال له : ما ازددت فيك إلا بصيرة وأنت كذاب . قالوا هذا دليل على أنه ليس بنبي .

النقطة السابعة عندهم ألا يكون متقدما على الدعوى بل مقارنا لها . يعني ، لا يأتي هذا الإعجاز قبل دعواه وادعاءه النبوة .

طبعا نحن نقول هو من فعل الله عز وجل . وهو فوق قدرة البشر . ويتعذر المعارضة . و سواء كان يدعي نبوة أو لا يدعي نبوة ، لكن نقول الشاهد فيها أنه نبي صادق . أحواله تدل على ذلك . وقد تكون هناك معجزة وقد لا تكون . المهم أنه توجد طريقة تثبت أنه نبي ، من الطرق التي سبق أن ذكرناها .

ثم النقطة التي تليها وهي .. نحن بعد أن علمنا أننا مضطرون ونحتاج إلى الرسل والأنبياء لكي يعلمونا ويرشدونا إلى دين الله عز وجل . وبيَّنا فائدة الإيمان بهم . وطرق إثبات نبوتهم . وعليه فيجب علينا أن نحبهم . وحبهم هو بالاهتداء بهديهم والاقتداء بسيرهم .
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31

طبعا ولا يصاحب المحبة الإطراء والمبالغة في المدح . النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو الذي قال : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم . إنما أنا عبد الله ورسوله .
النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يُدعى ولا يُستغاث به . وإلى سوى ذلك من العبادات . ولا تطلب الشفاعة منه في الدنيا . أما في الآخرة ، فيأذن الله عز وجل له : إرفع رأسك واشفع تُسفَّع وسلْ تُعطى .
وأيضا هناك نقطة . نقول بأن كمال المخلوق في كمال عبوديته لله تبارك وتعالى .
فلا نقول بأن هذا المخلوق كمُل ، إذن فهو يستحق النبوة .

بالنسبة لقولهم سواء كان يدعي النبوة أو لا . طبعا نحن نقول أن النبي ، سواء ادعى أو لا ، ليس معناه أن النبي لا يقول : أنا نبي .
نحن نقول أن المعجزات والطرق الأخرى هي التي لها المكان الأكبر في إثبات النبوة ، سواء كانت معجزة أو بقية الأمور التي ذكرناها من طرق إثبات النبوة . فمقصدي في الكلام فليس هو الكلام الذي يُثبت أنه نبي . فسواء قال بأنه نبي أو ليس بنبي فالطرق هذه هي التي توضح أنه
نبي . لكن كل نبي يأتي ويقول : أنا نبي من الله عز وجل . أحذركم من كذا وأبشركم إن فعلتم كذا بكذا . هذا هو المقصِد . إذن فالإنسان نعرف أنه هكذا حقا ليس بكلامه وإنما بأحواله .

قلنا بأن كمال المخلوق في كمال عبوديته لله تبارك وتعالى . لكن لا يقصر الإنسان في العبودية ويكون مخلوقا كمُل ووصل إلى درجة عالية . فكلما ازداد الإنسان عبودية لله كلما زاد قربا من الله عز وجل وزاد منزلة عند الله تبارك وتعالى . لذلك فأعلى شيء بالنسبة للبشر ، هو إطلاق لفظة العبودية عليهم . لذلك قال الله تعالى :
{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ }الأنبياء26
يعني هم لما كانت لهم منزلة عالية ، لم يكونوا أولادا لله . ولكن عباد مكرمون . لا يسبقونه بالقول . فليس معنى أنه يزداد ، معناها أن يكون له منزلة غير منزلة العبودية . فكمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله تبارك وتعالى .

ثم نتكلم عن خصائص نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسنذكر ثلاثة :
ـ الأولى وهي ختم النبوة . قال الله تعالى : {وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } .
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا . فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة . فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له . ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة . قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فأنا اللبنة . وأنا خاتم النبيين" .

وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ " وأنه لا نبي بعدي " .
فلا تأتي واحدة من النسوة وتقول : إذن لا نبي بعدي إذن من الذكور . كما قالت امرأة ذلك .

ـ أيضا من خصائص النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عموم الرسالة . أي أن رسالة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ للجن والإنس . لجميع الأمم .
قال الله تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ }الأعراف 158 .
فهنا قال : إني رسول الله إليكم جميعا . فهي تشمل جميع الأمم والثقلين : الجن والإنس .
وجاء في الصحيح من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال :
" والذي نفسي بيده لأ يسمع بي أحد من هذه الأمة ( يقصد بالأمة ، أمة الدعوة . وليست أمة الرسالة ) يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " .

وأيضا الدليل على أنها للإنس والجن قال الله تعالى :
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا}
الأنعام130
إذن الخطاب للجن والإنس .

ـ النقطة الثالثة ، السيادة على الناس والشفاعة . فالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة ، قال : أنا سيد ولد آدم ولا فخر . وأنا أول من ينشق عنه القبر . وأول شافع ، وأول مشفع " .

والأنبياء كلهم يُحيلون على النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، كما في حديث الشفاعة الوارد في الصحيح ، حديث أبي هريرة وحديث سعيد الخضري .
هنا إشكال . يأتي واحد ويقول : طيب النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول : أنا سيد بني آدم ولا فخر . ويقول : لا تفضلوني على موسى . والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول : لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس إبن متى . طيب ، ما الجمع بين هذه الحديثين ؟ .
الجمع ، وهو ضابطه مسألة المفاخرة ومسألة العموم . فعلى العموم تقول أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل الخلق .هذا لا بأس . لكن تقول : النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ هكذا بالتعيين :
النبي عليه الصلاة والسلام أفضل من فلان ، لا تقله . ليس معناه أنك تنفي ذلك . ولكن هذا أدب أرشدنا إليه النبي عليه الصلاة والسلام .
ولنرجع إلى الحديث " لا تفضلوني على موسى " . جاء اليهودي وأخذ يمدح في نبي الله موسى. وقال : لا والذي اصطفى موسى على البشر ... فجاء رجل من صحابة رسول ـ صلى الله
ولطم الرجل . وقال : أتقول هذا والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حي بين أظهرنا؟ .
فقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : لا تفضلوني على موسى .
فهنا الشاهد في هذا الحديث أن المسألة لا تكون بالمقارنة مع فلان الفلاني . لا تقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل من فلان . لا تقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل من موسى أو أفضل من عيسى أو أفضل من يونس . ولكن تقول على العموم هو أفضل الخلق .
وكذلك النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال : أنا سيد ولد آدم قال : ولا فخر .
إذن ، لا يصاحبها افتخار وتكبر وكذلك تكون على العموم . فالإسلام نهى عن المفاخرة ونهى عن الاعتداد بالأحساب والأنساب . ونهى عن الحمية . أنك تقول مثلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل من موسى ،إذن ، تابع ذلك ما يظهر فيها من تنقُّص وإلى ذلك .
لكن التفضيل العام ، هذا لا إشكال فيه . وعليه لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا أفضل من يونس ابن متى .

إشكال آخر .
بعض الناس يقولون : أعطى الله عز وجل إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام الخلة . وأعطى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ المحبة . وطبعا هذا باطل . غير صحيح . فالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا .
والخلة أعلى درجات المحبة .

إشكال آخر .
الذي مضى سهل لا إشكال فيه . إشكال آخر .
هل الرسل تكون من الجن والإنس ؟ .. من الإنس . والمسألة فيها قولان لأهل العلم . ذكرهما الطبري ـ رحمه الله ـ . لكن الأرجح أنه من الإنس فقط . والذي مال إليه الطبري أيضا ، وهو أنه من الإنس فقط . وهو قول ابن عباس وجماعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وهو الذي ذهب إليه ابن جرير والقرطبي وابن كثير وجماعة من المفسرين .
فابن عباس قال : الرسل من بني آدم ومن الجن النُّذُر . واستدلوا بقول الله تعالى :
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }الأحقاف29

وقال الله تبارك وتعالى :
{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}العنكبوت 27 .
إذن ذريته ، أي من الإنس .

وأورد الطبري عن الضحاك ابن مزاحم أنه قال : من الجن والإنس .
واستدل بقول الله تعالى :
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ }الأنعام 130
فاستدلوا بهذه الآية .

والصواب : القول الأول . والعلم عند الله تعالى من أن الرسالة من الإنس فقط . وقول الله تعالى :
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } .. كما أشار إليه القرطبي ـ رحمه الله ـ ، استدل بقوله تعالى : {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ }الرحمن22 .. فهنا الكلام على البحر المالح والبحر العذب . ليس المقصود أنه يخرج من كل واحد منهم اللؤلؤ والمرجان . إنما يخرج من أحدهما .
هذا دليل على ما ذكره القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره .
إذن نستطيع أن نقول ، كما ذكر أخونا ، أنها من باب التغليب . إذن : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ }
أي من أحدكم . هذا هو المعنى . وهو المعنيُّ في قول الله تعالى :
{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}العنكبوت 27 .
إذن المعهود أنه يكون من الإنس .

وبهذا نكون قد انتهينا من كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ : وإن محمدا عبده مصطفى ونبيه المجتبى (وهي تحمل الاصطفاء ) ورسوله المُرتَضى ( الذي ارتضاه عز وجل ) وأنه خاتم الأنبياء ( وهذه من خصائصه ) وإمام الأتقياء ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( حيث تكون الشفاعة له يوم القيامة ) وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين ( طبعا أعلى درجات المحبة ، كما سبق ) وكل دعوى نبوة بعده فغيٌّ وهوى . لأنه خاتم النبيين . وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء ( ليس معناه أنه مخلوق من النور وإنما ما أرسل به النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو ضياء ونبراس للناس يعرفون به الخير من الشر .

وبهذا نكون إنتهينا من الكلام والحديث عن النبوات . باختصار موجز . ويليه بإذن الله تعالى في المحاضرة القادمة الكلام على :
وإن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا وأنزله على رسوله وحيا .

وصلى الله وسلم وبارك على محمد . والحمد لله رب العالمين .

التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته

 

الكلمات الدلالية (Tags)
10, 3, للفرقة, العقيدة, تفريغ, و4


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:01 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.