انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2014, 03:37 PM
نور الماجد نور الماجد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي تفسير جزء عم - الدرس الأول : الشيخ زيد البحري

 

تفسير جزء عم ( الدرس الأول )
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري



بسم الله الرحمن الرحيم



والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته وسلم تسليماَ كيراً إلى يوم الدين أما بعد
فإن أنفع وأنفس ما تبذل فيه الأنفاس و الأوقات هو التمعن والتدبر في كلام الله عزوجل وذلك لأنه هو النور والبرهان العظيم من تمسك به نجا ومن تركه خسر وهلك ولذا كان من جملة ما خطب به النبي عليه الصلاة و السلام في حجة الوداع كما جاء في صحيح مسلم قال( تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا بعدي كتاب الله ) ولكم تسعد القلوب حينما تتأمل هذا الكتاب العظيم وتنظر فيه ولذا تخشع القلوب وتدمع العيون إذا تليت آيات هذا القرآن قال عزوجل [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ] {الأنفال:2}[اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ] {الزُّمر:23} ولو ظل المسلم يتحدث عن عظم هذا القرآن لأخذ معه الوقت المديد لأنه من لدن حكيم عليم وكلام الله عزوجل لا يحصى ولذا بَيَّن فقال [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ]
{لقمان:27} ولو كان علم هذا القرآن محصوراً لما رأيتم هذه الكتب التي تعنى بتفسير كلام الله المتنوعة منها ما هو متعلق بالأحكام ومنها ما هو متعلق ببيان الكلمات ومنها ما هو متعلق بتفسير القرآن بحديث النبي عليه الصلاة و السلام ومنها ما هو متعلق باللغة ومنها ما هو متعلق بالقراءات ومنها ما هو متعلق بالبلاغة أشياء لا تحصى ونحن بصدد تفسير جزء من أجزاء هذا القرآن وهو الجزء الثلاثون (جزء عم) ولتعلم أن هذه الأجزاء ليست موجودة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هذه محدثة في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي واستقر العلماء على إبقائها وعلى الاعتماد عليها وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجزئون القرآن ويحزبونه على أن يختموا في الأسبوع مرة كما جاء في السنن أنهم كانوا يقرؤن في اليوم الأول ثلاث سور(البقرة, وآل عمران , والنساء ) اليوم الذي يليه يأخذون خمساً ثم سبعاً ثم تسعاً ثم إحدى عشرة ثم ثلاث عشرة سورة ثم المفصل.(المفصل من ق إلى الناس ) فيكون الابتداء من سورة النبأ يكون هذا من أوساط المفصل وسمي بالمفصل لكثرة فصل سوره بالبسملة ولقصر سوره وطوال المفصل من ق إلى النبأ وأوساط المفصل من عم إلى الضحى وقصار المفصل من الضحى إلى الناس ولذا فسنته عليه الصلاة و السلام الغالبة في صلاة المغرب أنه يقرأ بقصار المفصل و العشاء من أوساطه والفجر من طواله وكان ينوع عليه الصلاة و السلام فهذه تنبيهه يسيرة ومقدمة يسيرة لما نحن بصدد تفسيره وهو تفسير جزء عم
[عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ(1) عَنِ النبأ العَظِيمِ(2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ(3) ]. {النَّبأ}.
معاني الآيات
· (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) يعني عن أي شيء يتساءل كفار قريش.
· (النبأ) القرآن الذي اشتمل على البعث وغيره.
· (مُخْتَلِفُونَ) أي أختلف قول بعضهم في هذا القرآن فمن قائل يقول إنه سحر و من قائل يقول إنه أضغاث أحلام ومن قائل يقول إنه أساطير الأولين إلى غير ما ذكروه.
من فوائد هذه الآيات

أن الاستفهام هنا يراد منه التفخيم ففيه تفخيم ورفعة لهذا القرآن الكريم .
· أن التباحث والتناقش في الحق الواضح مذموم ولذا قال عزوجل [يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ] {الأنفال:6}
· أن التساؤل والتناقش فيما يراد منه الوصول إلى الحق محمود لو أخذ به هؤلاء الكفار ولذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء [قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ{ما هي هذه الواحدة} أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ] {سبأ:46} .
· أن أعظم ما يفسر به القرآن هو القرآن وهذا شيء كثير في كلام الله عزوجل فلو أن المسلم تأمل فيه حق التأمل لوجد فيه آيات كثيرة يفسر بعضها بعضاً ولكن هي ترجع إلى أن يكون لدى الإنسان معرفة بمعاني القرآن فإذا علم المعاني وأصبح يقرأ بتدبر وتمعن عرف أن هذه الآية تفسر الآية التي في السورة الأخرى أو التي في السورة نفسها , ولذا فسر التساؤل هنا عن ماذا؟ عن النبأ العظيم.
· بيان عِظَم هذا القرآن إذ وصفه الله عزوجل بأنه عظيم ما عظمته ؟ في القراءة ؟ في التدبر؟ في العمل ؟ في التحاكم إليه ؟ في الحكم به ؟ في الاستشفاء به ؟ في السعادة به لا يمكن أن تحصى عظمته لأنه من عظيم جل و علا.
· أن الاختلاف مذموم وأن الاجتماع محبوب وأهل الاجتماع هم أهل الرحمة وأهل الاختلاف هم أهل العذاب قال عزوجل [وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ] {هود:119} فدل على أن أهل الاجتماع هم أهل الرحمة فخليق بالأمة الإسلامية أن تكون يداً واحدة حتى يُرْحَموا ولذا صح عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال (الجماعة رحمة والفرقة عذاب) وابن مسعود لما صلى خلف عثمان في منى في الحج وأتم تابعه ابن مسعود رضي الله عنه فلما سلم استرجع ابن مسعود فقال ألا تخالف عثمان فقال رضي الله عنه كما جاء عند أبي داود (إن الخلاف شر) والإمام أحمد يرى أن القنوت في الفجر من غير نازلة تنزل بالمسلمين بدعة ولما سئل رحمة الله عليه- أنظر إلى سعة الأفق وبعد النظر منه رحمه الله - لما سأل عن شخصٍ يصلي خلف من يقنت في الفجر قال يؤمِّن على دعائه لمَ لا ينصرف ؟ لو انصرف هو وغيره حصل في الأمة اختلاف وأين موضع هذا الاختلاف موضعه في عبادة حرص الإسلام على أن يجتمع المسلمون فيها بقلوبهم وجوارحهم حينما نصلي نسوي الصفوف وهذا واجب من أجل أن لا يكون هناك اختلاف حينما نركع معاً ونسجد معاً بعد الإمام هذا يدل على الاجتماع.
· أن الاختلاف الحاصل هنا إما أن يكون من الكفار فيما بينهم في هذا القرآن كما قال تعالى [بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ] {الأنبياء:5} أو أن هذا الاختلاف فيما بين الكفار فمن مصدق بهذا القرآن ومكذب.
· أن سبب الاختلاف هو الإعراض وأعطيكم مثالاً لو دار بينك وبين زميلك نقاش من نوعٍ ما دنيوي أو أخروي فقام الاختلاف بينكما تجد أن هذا الاختلاف قائم بسبب إعراضكما عن قبول الحق أو إعراض أحدكما عنه. فهؤلاء لما أعرضوا اختلفوا ولذا قال عزوجل [قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ] {ص:67-68} ومما يدل على أعراضهم أن بعضهم يوصي بعض بأن لا يستمع لهذا القرآن [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآَنِ {ولو حصل أن سمعتموه} وَالغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ] {فصِّلت:26}.
قوله تعالى :

[كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(5) ]. {النَّبأ}.

معاني الآيات

كَلَّا: كلمة ردع وزجر.
سَيَعْلَمُونَ: أي مغبة قولهم وتساؤلهم .
ثُمَّ: حرف عطف يراد منه التوكيد المعنوي.
من فوائد هاتين الآيتين

· الوعيد الشديد الذي ينتظر هؤلاء الكفار- إذ سيعلمون مغبة اختلافهم- من العقاب في الدنيا والقبر والآخرة ولذا أطلق (سيعلمون) والآيات في هذا كثيرة قال تعالى [وَقُلِ الحَمْدُ للهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا] {النمل:93} قال تعالى [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ ] {فصِّلت:53}
وأنا اذكر آيتين أو أكثر وإلا هناك آيات كثيرة لكن هي منطلق للكل ليتأمل و يتدبر.
· أن الآية الثانية (ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) ليس توكيداً لفظياً على عرف أهل النحو إنما هو توكيد معنوي يكون الزجر والوعيد فيه أبلغ من الوعيد الأول (كلا سيعلمون) وعيد ما أشدَّه وأبلغ منه (ثم كلا سيعلمون) .
· أن مثل هذه الآيات التي في الكفار هي بمثابة التنبيه لمن بعدهم من هذه الأمة حتى يحذروا من الوقوع فيما وقع فيه أولئك, ولو سألت هل وقع لهم شيء من هذا الوعيد في الدنيا؟ نعم وقع في غزوة بدر فقد قتل معظم صناديدهم.
ثم ذكر جل و علا الدلائل والبراهين الساطعة النيرة على البعث الذي ذكر في هذا النبأ .(القرآن)
[أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا(6) وَالجِبَالَ أَوْتَادًا(7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا(8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا(9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا(10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا(11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا(12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا(13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا(14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا(15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا(16) ]. {النَّبأ}.
معاني الآيات

مِهَادًا: أي ممهده كالمهد للطفل.
أَوْتَادًا: أي مثبتة و مرسية .
أَزْوَاجًا: أصنافاً ذكوراً وإناثا.
سُبَاتًا: قاطعاً عن الأشغال.
لِبَاسًا: ساتراً.
مَعَاشًا:وقتاً يطلبون رزقهم وما يعتاشون به.
سَبْعًا شِدَادًا:السموات السبع القوية .
سِرَاجًا: الشمس.
وَهَّاجًا: مضيئة منيرة.
المُعْصِرَاتِ: هي إما الرياح التي تعصر السحاب أو السحاب المعتصرة التي تكاد أن تنزل ماءها .
ثَجَّاجًا: أي متصببا .
حَبًّا: الحبوب من القمح والذرة والأرز ونحوه.
نَبَاتًا:من العشب والرياحين ونحو ذلك .
جَنَّاتٍ:بساتين.
أَلْفَافًا:ملتفة الأشجار .
من فوائد هذه الآيات
· أن الاستفهام هنا يراد منه التقرير فيكون المعنى (جعلنا) كقوله تعالى [أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ] {الشرح:1} يعني شرحنا لك صدرك.
· بيان لطف الله عزوجل إذ جعل هذه الأرض التي هي لنا بمثابة الفراش كما ذكر في آية أخرى في سورة البقرة أنه جعلها لنا سهلة ميسرة ليست صلبة فلا ينتفع منها وليست رخوة لا يستقر عليها فتكون مذللة إذا كانت بهذه الصورة قال تعالى [هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا] {الملك:15} أي في أطرفها مشيتم في الأطراف مشيتم في الوسط هي مسهله.
· أن الجبال بمثابة الوتد للخيمة لتثبيت الأرض ولذا في آيات كثيرة قال عزوجل [وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ] {النحل:15} ولذا إذا أراد الله عزوجل أن يغير هذا الكون بما فيه من أرض وسماء ماذا يحدث للجبال [وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ{ثم قال} صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ] {النمل:88} ولذا يقول بعض علماء الأرض- إن صحَ ما ذكروا- إن في باطن الأرض من هذه الجبال من الطول كما هو خارج الأرض فإذا رأيت الجبل في الطول يصل إلى 20 متراً فاعلم بأن الأسفل مثله وهذا يدل على تشعب جذور هذه الجبال الدالة على قدرة الله عزوجل ولذا في سورة الغاشية والآيات كثيرة قال [وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ] {الغاشية:19} فما يضعها بهذه الصورة إلا القدير العظيم جل و علا.
· أن الله عزوجل جعل من آدم أنثى للتناكح والتزاوج فهذا يدل على عظمة الله عزوجل ولذا قال تعالى في أول سورة النساء [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً] {النساء:1} قال تعالى [جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ] {الشُّورى:11} مثل الآلة يتوالدون ويتناسلون وهذا من لطف الله بابن آدم ومن دلائل وجوده وقدرته وعلامة على صحة وأحقية هذا النبأ الذي اختلف فيه هؤلاء قال تعالى [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا] {الرُّوم:21} قال تعالى [وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ] {الذاريات:49} للعظة والعبرة.
· أن النوم نعمة من الله عزوجل إذ بهذا النوم يسبت الإنسان فينقطع عن جميع مشاغله ولذا إذا استيقظ يستيقظ بنشاط وحيوية لأننا محتاجون إلى النوم وفي الآية التي قبلها (وجعلناكم أزوجا) وكل شيء له زوج إلا الله عزوجل ولذا من دلائل وجود الله عزوجل وقيوميته وكمال حياته لا تأخذه سنة ولا نوم [اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ {نعاس} وَلَا نَوْمٌ] {البقرة:255} وهذا لكمال حياته جل و علا .
· جعل هذا الليل لباساً للأرض واللباس يغطي البدن فكذلك هذا الليل يغطي هذه الأرض فوجود هذه الظلمة فيها من المنافع و المصالح للخلق مما لا يعلمه إلا الله عزوجل.
· أنه جعل النهار زمناً يتعايش فيه الناس بعضهم من بعض وهذا من رحمة الله كما في الآية الأخرى [وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ{هذا الليل} وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ{هذا النهار لمَ؟} وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {القصص:73} ولذا اجتمع هنا الليل والنهار وهذا يدل على أن هذا القرآن مثاني إذا ذكر الوعد ذكر الوعيد إذا ذكر أصحاب الجنة ذكر أصحاب النار فاجتمع الليل والنهار في أواخر سورة الفرقان [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً{أي يخلف أحدهم الأخر لمَ؟ } لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا] {الفرقان:62} أنظر آخر هذه الآية الشكر والآية التي ذكرتها قبل قليل (لعلكم تشكرون) وعلى هذا فقس لو نظرت بعين التأمل في كلام الله عز وجل لوجدت نفس التوافق والتطابق وكل آية تأتي لك بفائدة بل بفوائد لا توجد في الآيات الأخرى أو توجد بدلالة اللزوم .
· أن الله عز وجل جعل هذه السموات السبع قوية محكمة وذلك لبيان عظمته عزوجل ففي أول سورة تبارك [الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا [بعضها فوق بعض} مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ] {الملك:3} (من تشقق أو صدوع ) [ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ (مرة تلو الأخرى) يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا(يعني حقير) وَهُوَ حَسِيرٌ] {الملك:4} (يعني منقطع من أن يلحظ خلالاً أو نقصاناً) ولماذا جعلها محكمة قوية [وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا] {الأنبياء:32} (محفوظاً لأي شيء؟ لهذا الأرض التي نحن بحاجة ماسة اليها ) [أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالفُلْكَ تَجْرِي فِي البَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ (تتمة الآية) لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ] {الحج:65} ولو قال قائل كيف إحكامها وإتقانها ؟ إحكامها وإتقانها لا ينحصر في أذهاننا لكن من بين إتقانها أنها خلقت من غير عمد وهذا من العجب [خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا] {لقمان:10} بعض المفسرين يقول: إنها خلقت بعمد ولكننا لا نراها وهذا ليس بصحيح وإنما خلقت بغير عمد بدليل انه قال [ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ] {الحج:65} ما مضى كله وما سيأتي مجعول لمن؟ لنا نحن الخلق فإذا كان هذا الخلق والكون جعل لنا ولمصالحنا أفلا يجدر بنا أن نشكر الله عزوجل فهذه كلها تستدعي قلوب هؤلاء الكفار أن ينظروا بعين البصيرة إلى ما ذكر جل و علا مما يرونه حتى يلجئهم إلى إيمان به عزوجل.
· أن الله عزوجل جعل الشمس وهاجة مضيئة منيرة تصور لو أن الكون خلا من الشمس هل يحيى أحد هل تقوم منفعة للخلق ؟ كلا ولذا وصف الشمس بأنها سراج لكن السراج لا يكون نوره في بعض الأحيان أوفي بعض أنواعه لا يكون وهاجاًَ فوصف هذا السراج بأنه وهاج من باب بيان كمالها.
· أن هذا القرآن كما أسلفت مثاني ويتبين هذا بالآية التي بعدها فإنه جل و علا لما ذكر الحرارة ناسب أن يذكر البرودة تأتي من ماذا ؟ الماء , ولذلك قال [وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا] {النَّبأ:14}.
· أن المعصرات هي المزن المذكورة في سورة الواقعة [أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ] {الواقعة:68} [أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ(أي السحاب) أَمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ] {الواقعة:69}.
· أن هذا الماء به الحياة بل هو سبب الحياة ولذا قال جل و علا [وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (ختام الآية)أَفَلَا يُؤْمِنُونَ] {الأنبياء:30} لو نظرت إلى ما قبلها و ما بعدها فيها نفس أو بعض الدلائل والآيات المذكورة هنا وهذا يعود بنا إلى ما ذكرته مسبقاً من أن القرآن يفسر بعضه بعضا لكن نحتاج إلى فهم معاني الكلمات مع أمرٍ آخر وهو أهم من المهم وهو التدبر .
· أن في هذا الماء إخراجاًَ لطعام البشر ودوابهم [لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا] {النَّبأ:15 والآيات كثيرة ففي سورة عبس [فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ(24) أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا(25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا(26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا(27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا(28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا(29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا(30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا(31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ(32) ]. {عبس}. وفي سورة النازعات قال (مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) ما الذي قبلها [أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا(27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا(28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا(29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا(31) وَالجِبَالَ أَرْسَاهَا(32) ]. {النَّازعات}. هذه خطوة لكم للتأمل والتدبر في آيات كثيرة يفسر بعضها بعضا.
· أن كل حبٍ و نبات هو من المطر إما من هذا المطر الذي بقي على وجه الأرض أو من هذا المطر الذي خزنه جل و علا في باطن الأرض[فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ] {الحجر:22} [وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ] {المؤمنون:18} أقرأ ما بعدها تجد نفس مضمون ما ذكر هنا , يعني يمكن للإنسان أن يعرف تفسير جزء من أجزاء القرآن و يعرف معظم القرآن ولذا قرأت للشيخ السعدي رحمة الله عليه يقول ما كنت عامداً إلى إخراج تفسير هذا كله إنما أردت أن أخرج جزء منه لأن من فهم بعض سور القرآن فهم القرآن كله .

وللدرس تتمة بإذن الله تعالى في الدرس القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:38 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.