انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة

ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 12-01-2012, 01:53 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

أبو بكر الصديق يخرج على الشرعية الشعبية! نصرة للشريعة 27

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام في الحلقة الماضية بينا أن "سيادة الشعب" تعني ربوبية الشعب. اليوم سنناقش ستة آثار لمفهوم "سيادة الشعب" على عقائد المسلمين ومواقفهم لنرى أننا لم نبالغ حينما وصفناه بأنه دين جديد غير دين سيادة الله عز وجل
. 1) أول هذه الآثار الاعتراف بما يسمى "الشرعية الشعبية"، والتي تعني لدى الكثيرين إضفاء الشرعية على نظام الحكم أو الحاكم لمجرد أن الشعب اختاره بغض النظر عما يحكم به. وأركز هنا على عبارة "بغض النظر عما يحكم به" حتى لا يُشوَّش علينا بأنا لا نقر بسلطة الشعب، وقد وضحت في الحلقة الماضية أن الشعب المسلم له سلطة اختيار الإمام الذي يحكمه بالشريعة. كلامنا عمن يرى أن نظام الحكم أو الرئيس يصبح شرعيا بمجرد اختيار الشعب له دون نظر لالتزامه بالشريعة، ثم بعد ذلك يستخدم نصوص الشريعة الإسلامية في تطويع الناس لهذا الحاكم، فنقول له: حدد موقفك: ما مصدر الشرعية عندك؟ هل المصدر هو كتاب الله القائل: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))؟ إن كان كذلك فكتاب الله يقول أيضا: ((ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)). فإن كان الاحتكام إلى الله ورسوله، فليكن احتكاما كليا صادقا وإلا أصابكم قوله تعالى: ((وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (48) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) )) (النور). أم أن مصدر الشرعية عندك هو اختيار الشعب لهذا الرئيس بغض النظر عما يحكم به؟ إن كان كذلك عندك فمن لم يطع أمر الله بالحكم بشريعته فليس له أن يُطوِّع الناس لحكمه باسم الله. فشريعة الله عقد ملزم للحاكم كما هو ملزم للمحكوم. أصدر أزهري فتوى فيها تخاليط بين دين الله ودين سيادة الشعب. فهو يحذر في فتواه من "الخروج" على الرئيس الفلاني، معللا ذلك بأن الأمة اختارته بـ"بيعة" مباشرة متمثلة في الانتخابات الحرة. فاستنتج أن: الرئيس "الشرعي" الآن هو فلان. ثم قال: فهؤلاء –الخارجون عليه- يقومون بـ"الحرابة الكبرى"، وثورتهم هي "ثورة خوارج وردة على الديمقراطية والحرية". ثم استخدم هذا الأزهري نصوصا شرعية في كيفية التعامل معهم. تناقض وتخبط وتخليط عجيب و تردد بين جعل المرجعية للشريعة وجعلها للشعب! إما أن تكون الشرعية مستمدة من شريعة الله، وحينئذ فالرئيس ملزم بتطبيق الشريعة والشعب ملزم بطاعته بنص كلام الله وكلام رسوله. أو أن تكون الشرعية عندكم مستمدة من اختيار الشعب فحسب، وحيئنذ فلا تلجأوا إلى قال الله وقال رسوله، بل كونوا منسجمين مع أنفسكم وقولوا: دين الديمقراطية يقول وجان جاك روسو يقول. ثم إن كانت الشرعية مستمدة من اختيار الشعب للرئيس فحسب، فيلزم من ذلك أن الشعب إن اختار رئيسا علمانيا فهو رئيس شرعي، وبمنطق هذه الفتوى يحق له أن يطبق حد الحرابة على الخارجين عليه لأنهم ارتدوا عن الحرية والديمقراطية! فمثل هذه الفتاوى يلزم منها لوازم في غاية الفساد.


2) من الآثار المشؤومة لشيوع مفهوم سيادة الشعب أن من الناس من يحكم على فعل بالخطأ لمخالفته أمر الحاكم الذي يتمتع بـ"الشرعية الشعبية"، حتى وإن كان عمله هذا يتمتع بالشرعية الإلهية! فأصبحنا نسمع من يعارض قتال اليهود من خلال الحدود المصرية وتفجير خطوط الغاز لأن ذلك خروج عن سياسات الرئيس الذي يتمتع بالـ"شرعية الشعبية"! نعود فنقول: هل وجه انتقادكم أن هذا ولي أمر شرعي؟ وهل منعُه من قتال اليهود مستند إلى نصوص شرعية؟ فليظهر هذه النصوص لنا. ثم إن أظهرها فهل هو ملتزم بالشريعة التي يطوِّع الناس بها. أم أن الأدلة الشرعية ليست لغتكم؟ بل ترون أن من أعطاه الشعب الشرعية له الحق أن يعاقب من يقوم بأفعال أعطاها الله الشرعية؟! حددوا لنا تعريف هذا المفهوم المشوه الهجين "الشرعية الشعبية" الذي تحاكمون به الأفراد والأفعال؟ إذن فالشريعة لم تعد هي المعيار الأوحد في الحكم على الأفعال والأشخاص لدى هؤلاء. فإنك إن سألت أحدهم: (أنت عندما تعارض جهاد اليهود لأن النظام المنتخب "الشرعي" يمنع من ذلك، فهل تعني بذلك أن جهادهم محرم شرعا في هذه الحالة؟)، فلعله يتردد في أن يجيب بــ (نعم). لكن لو سألته: (هل تعني أن جهادهم خطأ) فلن يتردد وسيقول: نعم خطأ! إذن أصبح هناك معيار آخر لتصويب وتخطئة الأفعال غيرُ الشريعة!

3) من آثار مفهوم سيادة الشعب ترويج العلمانية بعباءة "إسلامية"! فما هي العلمانية؟ أن تعبد الله في أحوالك الشخصية كما تشاء لكن تحتكم في السياسات العامة إلى القوانين التي صيغت بالأغلبية الشعبية، ولا تتحدثَ بعد ذلك عن فرض سلطان الإسلام وتطويع الناس لربهم. جَهِد خفافيش العلمانية في ترويج هذا المبدأ عقودا طويلة كانوا فيها منبوذين تعرفهم في لحن قولهم ونشاز أشكالهم...أذيالا لأنظمة يمقتها الناس ويمقتون من لف لفيفها. ثم إذا بهذه المبادئ العلمانية تندس إلى بيوت المسلمين بعباءة "إسلامية" وتضفى عليها مسحة إسلامية بمصطلحات هجينة تخلط بين النصوص الشرعية وسيادة الشعب.

4) من آثار مفهوم سيادة الشعب طمس عقيدة الولاء والبراء والتسويةُ بين المسلم والكافر على أساس المواطنة حتى فيما فرق الشرع فيه، بل والتسوية بينهما تسوية قيمية ذاتية. فالمسلم العالم التقي والنصراني والشيوعي الملحد والشاذ جنسيا، هؤلاء كلهم أفراد من الشعب، ولكل منهم نصيب من السيادة الموزعة حسب الكثرة العددية، أي أن لكل منهم نصيبا من الربوبية! فقد بينا في الحلقة الماضية أن السيادة التي يتكلمون عنها من خصائص الربوبية. فما عاد مقبولا ذوقا أن يقال عن هذا "الـرب الصغير" كافر، أو ضال، أو فاسق. فقد يُحَصل هو وزمرته يوما الأغلبية، وبالتالي الشرعية الشعبية، فيصبح كفرُه وضلاله قانونا يكافأ الملتزم به ويعاقب مخالفه! والمسألة رقمية نسبية، فلا حقَّ مطلقَ ولا ضلالَ مطلق!


5) من آثاره أنك ترى من ينتسب إلى الإسلام ومع ذلك يدافع عن قوانين تُطبق في دول غربية، كتلك التي تمنع الحجاب في المدارس والجامعات، على اعتبار أن هذه القوانين صيغت بالأغلبية وحصلت على الشرعية الشعبية! فمن ينادي بسيادة الشعب فليس له أن يحصر هذه السيادة في الشعوب المسلمة، إذ لو كان المبرر لسيادتها إسلامُها فهذا يعيدنا إلى تسييد الإسلام ذاته، وإن كان المبرر الكثرةَ فكثرة أي بلد هي التي تضفي الشرعية على أي حكم مهما كان!

6) من آثار سيادة الشعب إبطال شرائع الإسلام كجهاد الطلب. فلا أدري ما المبرر للفتوحات الإسلامية وجهاد الطلب إن كان فيه خروج على إرادة وسيادة الشعوب الرافضة للإسلام وأداء الجزية؟! وكيف يمكن التوفيق بين ((ويكون الدين كله لله)) واحترام سيادة هذه الشعوب وإرادتها وديمقراطيتها؟! ثم إنه بعد وفاة النبي وردة أناس وامتناع آخرين عن الزكاة لم يكن أبو بكر الصديق رضي الله عنه يملك الشرعية الشعبية. فلو أجريت انتخابات ديمقراطية "نزيهة" لفاز مسيلمة الكذاب الذي كان يحظى بتأييد مئة ألف من بني حنيفة! فمحاربة أبي بكر لمانعي الزكاة والمرتدين كانت –في دين سيادة الشعب- انقلابا على الشرعية الشعبية وردة عن الحرية والديمقراطية وديكتاتورية دينية وفرضا لـ"مفهومه الخاص للإسلام"! وكان الأولى به –حسب دين سيادة الشعب- أن ينشر "مفهومه للإسلام" بطريقة سلمية ويحتكم هو وشرائح المجتمع كافة إلى صناديق الاقتراع ويقبلوا بالنتيجة مهما كانت! أما في دين الله، فتطبيق الشريعة هو العقد الملزم للطرفين. فإن خرج الحاكم عن الشريعة خلعه الشعب، وإن خرج جزء من الشعب عن الشريعة حاربهم الحاكم حتى يعودوا. هذه بعض لوازم سيادة الشعب. لكن أود ختاما أن ألفت النظر إلى أن مشكلتنا الحقيقية ليست مع الشعوب الإسلامية، ولا أريد أن يظهر من كلامنا وكأن الشعب ادعى السيادة فحاولنا انتزاعها منه. بل مشكلتنا في هذا الموضوع مع من مارسوا العمل السياسي باسم الإسلام وأدخلوا إليه بممارساتهم الخطيرة مفاهيم غريبة شوشت ما كان من المسلمات الفطرية لدى الشعوب. ثم هم بعد ذلك لم يحترموا ولا حتى سيادة الشعب التي نادوا بها، بل قاموا بعد وصولهم الحكم بما يحرمه الله ويرفضه الشعب! فلا شريعة أقاموا، ولا شعبا سودوا، ولا تركوا عقائد الناس على نقائها الفطري، بل نفذوا ما يريده النصارى والفساق والعلمانيون والدول الغربية. هذا ما سنبينه في الحلقة القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 12-01-2012, 01:55 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

أجِلُّوا الشريعة عن هذا الدور!

السلام عليكم ورحمة الله.

إخوتي الكرام، المتابع لتعليقاتنا على أخطاء المنخرطين في العمل الـ"إسلامي" السياسي يلاحظ أننا توقفنا عن نشر أي شيء يتعلق بالساحة المصرية مؤخرا. وقد كان هذا عن عمدٍ لما استجد من احتقان بين الرئيس المصري ومعارضي قراراته. فلم نرد لنقدنا أن يبدو وكأنه مناصرة لخصوم الأحزاب "الإسلامية"، خاصة وأن كثيرين يفكرون بعقلية (إن لم تكن مع الأهلي فأنت مع الزمالك!)

بالنسبة لنا فالشريعة ليست موضوع الخصومة بين الطرفين، وبالتالي فمنهجنا لا يسمح لنا بالتدخل لنصرة طرف على طرف، ما دام أن الشريعة خارج الحسبة أصلا، ونحن ندور معها حيث دارت، وإن كنا يقينا لا نتمنى أن يتغول أي طرف يعادي الدين صراحة. لكن تمنينا لأمر قدرا شيء ومناصرته شيء آخر.


لكن ما دفعني بعد صمت إلى الحديث هو الدعوات التي تصاعدت مؤخرا إلى نصرة قرارات الرئيس من باب نصرة الشريعة!!! واستخدام الشريعة زر استحضار للجماهير لحشد أكبر عدد ممكن، كأنها شيخ أعمى تستحيا رفاته بعدما تم قبره ويقاد إلى الميدان ليجتمع الناس حوله رجاء بركته، حتى إذا ما انتهى دوره أرجع إلى قبره من جديد!

فأجِلُّوا الشريعة عن هذا الدور أرجوكم!
لقد طوفتم من قبل ببعض المشايخ على المحافظات ليقول: "أقولها وبكل صراحة: إن اختيارنا للدكتور مرسي يعني اختيار الشريعة. وكان مؤيدو مرسي يسمعون هذه الكلمة ولا ينكرونها. حتى إذا أصبح رئيسا وبدأنا نتساءل عن الشريعة التي اختيرت باختياره! رد علينا مؤيدوه: (الإخوان لم يعدوا بتطبيق الشريعة بل هم يريدون الإصلاح ما استطاعوا)

فإذا تم استخدام الشريعة بهذا الشكل مرة تلو الأخرى فأخشى ما نخشاه انطباق قصة الراعي والذئب، بحيث إن خرجت دعوة قوية نقية صادقة لإحياء الشريعة مج الناس شعاراتها وقالوا: هذا إفك قديم!

لا أريد الخوض هنا في نقاش مع من لم يتابعنا من عشرة أشهر ليعلم دوافعنا لما نقول، ولا أتكلم عن النوايا الباطنة، بل أقول لمن يقرنون نصرة الرئيس بنصرة الشريعة: الرئيس نفسه لم يدَّعِ ذلك! فلا تقوّلوا الرجل ما لم يقله! لم يعد هو نفسه علنا بتطبيق الشريعة إلا حين يهتف لها المؤيدون فيقول أنها سيطبقها، لكنه عرف الشريعة في نظره: مبادئ الشريعة من حرية ومساواة وكرامة، وهي المبادئ التي اتفقت عليها النصرانية واليهودية المحرفتان والبوذية والكنفوشية والهندوسية، بل والرأسمالية والاشتراكية! وليست الشريعة التي تهمين على الدستور هيمنة كاملة ولا الشريعة التي تمنع من محاربة "الإرهاب" وتبادل السفراء مع الكيان الصهيوني ولا الشريعة التي تحرم قروض صندوق النقد...إنها الشريعة التي تتبنى نصوصا توراتية في المناهج من باب التسامح والتعايش وتقول "من بدل دينه فاحترموه" كما في المناهج التي صيغت في العهد "الإسلامي" الجديد.

فإن قال قائل أن الرئيس يبطن في أعماق قلبه نية صادقة لتطبيق الشريعة وأنه ما نهج السياسات التي انتقدناها حتى الآن إلا ليصل إلى مرحلة تمكنه من تطبيقها، حتى إذا ما تمكن فإنه سيغير الدستور الأسود الذي يقره حزبه الآن بما فيه من مصادمات لأصول الشريعة، وسيمتنع عن سداد ديون صندوق النقد الذي استدانه، وسيحرق الكتب الملوثة بنصوص توراتية والتي وزعت أول ما وزعت في عهده، وسيخلف وعده الذي قطعه بتدريب القوات الصومالية المحاربة للشباب المجاهدين...كان ردنا حينئذ الحديث الذي يحاجوننا به: ((إني لم أُومرْ أن أنقِّبَ عن قلوبِ الناسِ ولا أشقَّ بطونَهم!))

فيا من تخلطون نصرة الرئيس بنصرة الشريعة: أيدوا من شئتم وعارضوا من شئتم، لكن لا تقحموا الشريعة في هذا المخاض وأجلُّوها عنه ولا تخلطوا الأوراق رجاء! فالمعركة الآن ليست معركة الشريعة بأي شكل من الأشكال. كونوا صرحاء مع الناس وقولوا أنكم تؤيدون الرئيس خوفا من أن يؤول الأمر إلى معادي الشريعة الصرحاء، أو لأن دولة ديمقراطية "عادلة" بمسحة "إسلامية" كافية في نظركم لأن تطبيق الشريعة غير ممكن في الوقت الراهن...قولوها بصراحة وليوافقكم بعد ذلك من وافقكم وليخالفكم من خالفكم. لكن...لا تقحموا الشريعة في هذه المعركة.

ختاما: لا أقول هذا لأني من الأهلي أو من الزمالك، وإنما...نصرةً للشريعة
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 02-28-2013, 10:42 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

قال الله ولكن!
((29))
السلام عليكم ورحمة الله.
إخوتي الكرام نستمر بعون الله في سلسلة (نصرةً للشريعة).

في حلقة مفاسد أسلمة الديمقراطية ذكرنا مفاسد نتجت عن الانخراط في العمل السياسي المتحلل من الضوابط الشرعية. ثم في حلقات تلتها وضحنا أحد الآثار العقدية السلبية وهو شيوع مفهوم السيادة المطلقة للشعب، سيادته حتى على الشريعة.

اليوم نتكلم عن أثر فكري سلبي آخر، ظاهرة خطيرة تحتاج وقفة وتأملا وإصلاحا، ألا وهي تعود الناس على عدم احترام النص الشرعي، ومعارضتِه بالشبهات "العقلية".

عندما نناقش سلوكا معينا ونبين حرمته بالقرآن والسنة، فإن ردود المبررين المدافعين عادة ما تكون ردودا عقلية بحتة مجردة من الدليل. نقول لهم: قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم. وهم يقولون: هذا الطريق غير موصل، اختلفت الأحوال، يلزم من قولك أن نترك الساحة للعلمانيين، إن نفعل ما تقول تنتكس الدعوة ويزج بالمسلمين في السجون، يترتب على قولك تضليل كثير من الناس، طرحكم تسطيح للمسألة، الوضع أعقد من هذا، إن فعلنا ما تقولون تكالب علينا أعداؤنا وفقدنا مكتسباتنا وحينئذ لا عزاء للأغبياء.

بل ويتكلم البعض بعبارات مثل: التنظير سهل لكن عند الدخول في المعترك يختلف الأمر، كلامكم هذا مثاليات حالمة يصعب تطبيقها عند مواجهة الضغوط.

يقولون هذه العبارات بنفَس الإنسان المجرب صاحب الرؤية الشمولية والنظرة الحكيمة الذي عركته الحياة مخاطبا شابا غِرا متحمسا. مع أن هذه العبارات ما هي إلا رفض مبطن لنصوص الكتاب والسنة واتهام لها بالقصور وعدم الكفاية...مدارها جميعا على عبارة من قال قبلهم: (إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا).


نحن عندما نخاطبهم بقال الله وقال رسوله نحسب أننا حسمنا الأمر وقطعنا السؤال لأننا نخاطب مسلمين، فإذا بنا نفاجأ بأن هذه اللغة لا تعني الكثير بالنسبة لهم ولا تقنعهم، بل يردون بقولهم يلزم ويترتب ولكن والواقع والظروف. وأحيانا يخلطون كلامهم بعبارات مجملة لتلطيف حدة ردهم لكلام الله ورسوله، كقولهم: (وقد تنازل النبي في صلح الحديبية)، (الإسلام لا يمكن أن يدعو إلى ما تقول)، (ما تقوله هو فهمك أنت للآيات)، (أنتم تتشبثون بنص واحد ولا تنظرون إلى الموضوع بشموليته).



طيب نسألهم: هاتوا لنا الفهم الصحيح، هاتوا لنا النصوص الأخرى...لا جواب...إنما هي إطلاقات هلامية واتباع للهوى. فنحن عندما نقول الشبهات العقلية إنما نستخدم اصطلاحا تعارف عليه الناس، وإلا فهي هوى متبع، أما العقل فهو يقود إلى اتباع النقل وللإذعان لحكم الله تعالى.



فنقول هنا إخواني، هذه الطريقة فيها رد لحكم الله ورسوله. فالإسلام مبني على التسليم والخضوع التام لأحكام الله تعالى، ثقة ويقينا وإيمانا بأنه ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)). الإسلام مبني على أنك تفعل الشيء مخالفا لهواك وعقلك ثقة ويقينا بعلم الله وحكمته ورحمته.

الرد على النصوص الشرعية بالشبه العقلية هو عدم احترام لها، وعدم توقير لها...إذ ليس التوقير بتقبيل القرآن وتعليق آياته زينة في البيوت. قال الله تعالى: ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا على الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا)). إذن فمن ادعى الإيمان فليس له إلا هذا الرد.



إخواني نهى الله عز وجل المؤمنين عن أن يفعلوا فعلا أو يقضوا أمرا قبل إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)). فكيف بمن جاءه أمر الله ورسوله فرد عليه بشبهاته العقلية؟!


نهى الله عز وجل عن مجرد رفع الصوت في حضرة النبي فقال تعالى:
((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)). كاد الخيران أبو بكر وعمر أن يهلكا وتحبط أعمالهما لأن أصواتهما ارتفعت وهما يختلفان على اختيار أمير لبني تميم. لم يتكلم النبي ولم يردا عليه أمره بل رفعا صوتهما في حضرته فقط، كما في البخاري. فجاءهما التنبيه: ((أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)).


فكيف بمن يقال له: قال الله ورسوله فيقول: ولكن أرى أنه، والواقع، والتبعات؟! ألا يخشى من يردون بهذه العبارات أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون؟!

ليست مشكلتنا مع هؤلاء أنهم يردون على الكتاب والسنة بالكتاب والسنة. فلو أنهم قالوا: لعل هذه الآية عامة وهناك آية تخصصها، أو لعلها مطلقة وهناك آية تقيدها، أو لعلها منسوخة، أو لعل الحديث غير صحيح، أو لعلها أو لعلكم لم تفهموا الآية أو الحديث والفهم الصحيح كذا، أو لعلكم لم تحسنوا تحقيق المناط فأنزلتم الدليل على غير محله.

لو كانت الردود من هذا الجنس لهان المصاب ولأمكن التحاور والوصول إلى نتيجة. لكنهم يقولون: العمل السياسي يتطلب والمرحلة تقتضي.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
(وفي قوله تعالى: {يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ}، بيان أنه لا يجوز أن يعارض كتاب الله بغير كتاب الله، لا بفعل أحد ولا أمره، لا دولة ولا سياسة، فإنه حال الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم). إذن هذه مجادلة في آيات الله تستوجب مقت الله يا عبد الله فاحذر.
قال الله تعالى: ((الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا)). كل من شم رائحة الإيمان يمقت مثل هذا الرد على كلام الله.

قال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): (فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع، فإن هذا مما يدخل في النهي، ويثبط عن الجد في متابعة الأمر).

وهؤلاء يقولون: إذا استجبنا لما تقولون فسيقع كذا وسنفقد كذا.

وقد اشتد نكير صحابة النبي صلى الله عليه وسلم على من يقال له: قال رسول الله فيقول (ولكن)، روى البخاري ومسلم أن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء خير كله). فقال بشير بن كعب: (إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارا لله، ومنه ضعف) فغضب عمران حتى احمرّت عيناه وقال : (ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتُعارض فيه).

وروى ابن ماجة أن عبادة بن الصامت ذكر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم، فقال رجل: (ما أرى بهذا بأسًا، يدًا بيد). فقال عبادة: أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: لا أرى به بأسًا! والله لا يظلُّني وإياك سقف أبدًا (صححه الألباني).


ولاحظوا إخواني أن هذه الردود التي أنكرها الصحابة كانت فلتة تفلت من فم المتكلم لا يُظن إلا أنه تاب عنها، ولم تكن تمثل منهجا مستمرا مستقرا يردون به على النصوص.

ونختم بكلام نفيس لابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين) إذ قال:
هل كان في الصحابة من إذا سمع نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه بقياسه أو ذوقه أو وجده أو عقله أو سياسته؟ وهل كان قط أحدٌ منهم يقدم على نصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلاً أو قياسًا أو ذوقًا أو سياسة أو تقليد مقلِّد؟ فلقد أكرم الله أعينهم وصانها أن تنظر إلى وجه من هذا حاله أو يكون في زمانهم.

ولقد حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على من قدَّم حُكمه على نصِّ الرسول بالسيف، وقال: هذا حُكمي فيه..

فيا لله! كيف لو رأى ما رأينا؟ وشاهد ما بُلينا به من تقديم رأي كلِّ فلان وفلان على قول المعصوم صلى الله عليه وسلم، ومعاداة من اطَّرح آراءهم وقدَّم عليها قول المعصوم؟
فالله المستعان .. وهو الموعد .. وإليه المرجع) انتهى كلامه رحمه الله.

نسأل الله أن يهدي الضالين من المسلمين ويشرح بهذا الكلام صدور من يسمع ويتقبل منا أعمالنا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04-14-2013, 12:21 AM
منال منال1 منال منال1 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

جزاك الله خيرا

التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 04-14-2013 الساعة 01:01 AM سبب آخر: ممنوع الاعلانات بارك الله فيكِ
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:59 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.