انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-17-2015, 10:13 AM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي احكام العادات

 

تبسيط علوم السلف
احكام العادات
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الموافقات
فى
اصُول الأحكام
للحافظ أبى اسحاق ابراهيم بن موسى اللخمىّ الغرناطىّ
الشهير بالشاطبىّ
المتوفى سنة790
العادات بالنسبة إلى وقوعها فى الحياة نوعان :
أحدهماالعادات العامة التى لا تختلف باختلاف البلاد والسنين كالأكل والشرب والفرح والحزن والنوم واليقظة وتناول الطيبات والمستلذات واجتناب المؤلمات والخبائث وما أشبه ذلك.
والثانىالعادات التى تختلف بإختلاف باختلاف البلاد والسنين كالملابس والمساكن ووسائل المواصلات والبطء والسرعة فى الأمور والتعبير عما فى النفس من حزن وأفراح وما كان نحو ذلك.
فأما الأول فالأحكام المرتبطة به لا تتغير فيكون ما جرى منها فى الزمان الحاضر مثل ماكان فى الزمان الماضى والمستقبل مطلقاً فجميع الأوامر والنواهى المرتبطة بالأكل والشرب وجميع ما لايرتيط بالزمان والمكان نأخذ بها على ظاهرها بلا إشكال.
وأما الثانى فلا يصح أن نأخذ الأحكام المرتبطة بها على ظاهرها بإطلاق حتى يقوم دليل على ذلك فيكون الحكم على ما مضى بذلك الدليل لا بمجرى العادة وكذلك فى المستقبل؛ فتغطية الرأس بالنسبة للرجال كانت عادة أهل المشرق وعدم التغطية كانت عادة أهل المغرب ولم يكن هناك أمر ولا نهى بذلك؛ فكشف الرأس فى المشرق يقدح فى العدالة وليس كذلك بالنسبة لأهل المغرب وكذلك ألوان الثياب وحلق شعر الرأس أو تطويلة وعادة الناس فى تناول الطعام وطريقة تقديمه وكذلك الجلوس فى الطرقات أو النوادى أو القهاوى فالحكم على ذلك يختلف من عصر لعصر ومن بلد لأخرى, وذلكما لم يأت نصٌّ فيوقف عنده بلا جدال.
فصـــــــل
الأصل فى التكاليف بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الإلتفات إلى العلل والمعانى:
فأما فى التعبديات فَعِلَّتُها المطلوبة مجرد الإنقياد من غير زيادة ولا نقصان وَلِذَلِكَ لَمَّا سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ قَضَاءِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ، قَالَتْ لِلسَّائِلَةِ: "أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ " إِنْكَارًا عَلَيْهَا أَنْ يُسْئَلَ عَنْ مِثْلِ هَذَا؛ إِذْ لَمْ يُوضَعْ التَّعَبُّدُ أَنْ تَفْهَمَ عِلَّتَهُ الْخَاصَّةَ، ثُمَّ قَالَتْ: "كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ" [مسلم :كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة] [وقولها رضي الله عنها: "أحرورية أنت؟ " أي: أنت تنتسبين إلى الحروريين، وهم جماعة خالفوا علياً رضي الله عنه من الخوارج، يبالغون في العبادات، ينتسبون إلى حروراء، قرية بالكوفة على ميلين منها].
وأما العاديات وكثير من العبادات أيضا فإن قلنا لها معنى مفهوم وهو ضبط وجوه المصالح بالرجوع إلى أصل شرعي فالضبط أقرب إلى الإنقياد ما وجد إليه سبيل؛ فجعلت الشريعة للحدود مقادير معلومة, وأسباباً معلومة, لا تُتَعَدَّى كالثمانين جلدة فى القذف, وكذلك الأشهر والقروء فى العِدَد, والنصاب والحول فى الزكوات وما لا ينضبط رد إلى أمانات المكلفينوهو المعبر عنه بالسرائر كالطهارة للصلاة والصوم والحيض والطهر وسائر ما لا يمكن رجوعه إلى أصل معين ظاهر وهذا لا بد فيه من اعتبار التعبد لأوجه:
أحدها أن الأمر أو النهى لازم للمكلف من حيث هو مكلف عرف المعنى الذى لأجله شرع الحكم أو لم يعرفه فالعبد إذا أمره سيده لزمه امتثال أمره باتفاق العقلاء.
والثانى أنا إذا فهمنا من الأمر و النهى حكمة مستقلة فى شرع الحكم فلا يلزم من ذلك أن لا يكون هناك حكمة أخرى ومصلحة ثانية وثالثة وأكثر من ذلك وغايتنا أنا فهمنا مصلحة دنيوية ولم نعلم حصر المصلحة فى ذلك وإذا لم يحصل لنا بذلك علم ولا ظن لم يصح لنا القطع بذلك إذ هو قطع على غيب بلا دليل وذلك غير جائز فقد بقي لنا إمكان حكمة أخرى شرع لها الحكم فصرنا من تلك الجهة واقفين مع التعبد وعليه فلا يصح الإلحاق والتفريع حتى نتحقق أن لا علة سوى ما ظهر؛ ولا سبيل إلى ذلك فلا سبيل إلى القياس ولا القضاء بأن ذلك الحكم مشروع لتلك العلة ومعنى التعبد الوقوف عند ما شرعه الله سبحانه لنا من غير زيادة ولا نقصان.
فلا مجال للعقل في التحسين و التقبيح بناء على قاعدة نفي التحسين والتقبيح؛ فإذا كانت الشريعة قد شرعت الحكم لمصلحة ما فهى الواضعة لها مصلحة وإلا فكان يمكن عقلاً أن لا تكون كذلك إذ الأشياء كلها بالنسبة إلى وضعها الأول متساوية لا قضاء للعقل فيها بحسن ولا قبح فإن كون المصلحة مصلحة هو من قبل الشريعة فالمصالح من حيث هي مصالح قد آل النظر فيها إلى أنها تعبديات وما انبنى على التعبدي لا يكون إلا تعبدياً.
ومن هنا يقول العلماء إن من التكاليف:
· ما هو حق لله خاصة وهو راجع إلى التعبد.
· وما هو حق للعبد.
ويقولون في هذا الثاني إن فيه حقاً لله كما في قاتل العمد إذا عفي عنه ضرب مائة وسجن عاماً؛ وفي القاتل غيلة [وقَتَلَهُ غِيلَةً: خَدَعَهُ فذَهَبَ به إلى مَوْضِعٍ فَقَتَلَه.القاموس المحيط] إنه لا عفو فيه؛ وفي الحدود إذا بلغت السلطان فيما سوى القصاص كالقذف والسرقة لا عفو فيه وإن عفا من له الحق؛ ولايقبل من بائع الجارية إسقاط المواضعة ولا من مسقط العدة عن مطلق المرأة وإن كانت براءة رحمها حقا له, وما أشبه ذلك من المسائل الدالة على اعتبار التعبد وإن عقل المعنى الذي لأجله شرع الحكم فقد صار إذاً كل تكليف حقاً لله؛فإن ما هو لله فهو لله وما كان للعبد فراجع إلى الله من جهة حق الله فيه ومن جهة كون حق العبد من حقوق اللهإذ كان لله أن لا يجعل للعبد حقاً أصلاً
فصـــــــل
كل حكم شرعي ليس بخالٍ عن حق الله تعالى وهو جهة التعبدفإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً؛ وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق.
فإن جاء ما ظاهره أنه حق للعبد مجرداً فليس كذلك بإطلاق بل جاء على تغليب حق العبد في الأحكام الدنيوية.
كما أن كل حكم شرعي ففيه حق للعباد إما عاجلاً وإما آجلاً وفي الحديث حق العباد على الله إذا عبدوه ولم يشركوا به شيئا ألا يعذبهم فعَنْ مُعَاذٍ قَالَ: "أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ ثَلَاثًا هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ قُلْتُ لَا قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً فَقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ" [البخاري:كِتَاب الِاسْتِئْذَانِ؛بَاب مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ]. وعادتهم في تفسير حق الله أنه ما فهم من الشرع أنه لا خيرة فيه للمكلف كان له معنى معقول أو غير معقول وحق العبد ما كان راجعاً إلى مصالحه في الدنيا.
فإن كان من المصالح الأخروية فهو من جملة ما يطلق عليه أنه حق لله.
ومعنى التعبد عندهم أنه مالا يعقل معناه على الخصوص. وأصل العبادات راجعة إلى حق الله.
وأصل العادات راجعة إلى حقوق العباد.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:59 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.