انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 11-12-2008, 01:12 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ(99)أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(100)وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ(101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(102)وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(103)}









وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ : اى انزلنا اليك يا محمد علامات واضحات دالات على نبوتك وتلك الايات هى ما حواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود من احكامهم التى كانت فى التوراة والتى بدلوها وغيروها فاطلع الله فى كتابه الذى انزله على محمد صلى الله عليه وسلم فكان فى ذلك من امره الايات البينات لمن انصف من نفسه








بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ: يعاهدون اليوم وينقضون غدا







وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ: اى طرح طائفة منهم كتاب الله الذى يايديهم – مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم – وراء ظهورهم اى تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه



ولهذا ارادوا كيدا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسحروه فى مشط ومشاطه وجف طلعة ذكر تحت رعوفة ببئر ذروان فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وشفاه منه






كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ: ان القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به





وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا "’ اى واتبعت اليهود الذين اوتوا الكتاب من بعد اعراضهم عن كتاب الله الذى بأيديهم ومخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترويه الشياطين وتخبر به





وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه





ذلك ان اليهود كانوا يزعمون انه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم الله وجعل قوله " هروت ومروت " بدلا من الشياطين فتقدير الكلام : يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت


وكذبهم الله وبرأ سليمان واخبرهم ان السحر عن عمل الشياطين وانها تعلم الناس ذلك ببابل وان الذين يعلمونهم ذلك رجلان : اسمهما هاروت وماروت او انهما ملكين من عند الله نزلا لابتلاء الناس واختبارهم بهذا البلاء






والسحر هذه اختصاره : ان سليمان كان اذا دخل الخلاء او اتى احد ازواجه اعطى خاتمه لزوجته جرادة فجاء الشيطان فى صورة سليمان وقال لها هاتى الخاتم فلما لبسه دانت له الشياطين والانس والجن


فاجاءها سليمان وقال لها هاتى الخاتم فقالت كذبت لست سليمان فعرف سليمان انه ابتلاء ابتلى به



فانطلقت الشياطين فكتبت كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسى سايمتن ثم اخرجوها وقرأوها على الناس وقالوا انما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب





وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ: لا يجترىء على السحر الا كافر واما الفتنة فهى المحنة والاختبار وقد استدل بعض العلماء بهذه الاية على تكفير من تعلم السحر





فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ: اى يتعلم الناس من هاروت وماروت من علم السحر انهم يفرقون به بين المرء وزوجه مع ما بينهما من الوفاق والائتلاف




وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ بِإِذْنِ اللَّهِمن شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلطهم ولا يستطيعون ضر احد الا باذن الله





وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْاى يضرهم فى دينهم وليس له نفع يوازى ضرره


" وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ولقد علمو اليهود- الذين استبدلوا السحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم – لمن فعلهم ذلم انه ماله نصيب فى الاخرة فالساحر لا خلاق له فى الاخرة




وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون اى لبئس البديل الذى استبدلو به من السحر عوضا عن الايمان ومتابعة الرسول ، لو كان لهم بما وعظوا به



وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ اى ولو انهم امنوا بالله ورسله واتقوا المحارم لكان مثوبة الله خيرا لهم مما استخاروا لانفسهم ورضوا به




:004111:
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 11-13-2008, 03:21 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(105)}


نهى الله تعالى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا فقال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وذلك ان اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدون من التنقيص فإذا أرادوا أن يقولوا: أسمع لنا يقولوا راعنا ويورون بالرعونة وكانوا إذا سلموا إنما يقولون السامٌ عليكم والسام هو الموت وبهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ وعليكم .

قوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) يبين بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من اهل الكتاب والمشركين الذين حذر الله تعالى من مشابهتهم للمؤمنين ليقطع المودة بينهم وبينهم ونبه تعالى على ما انعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى:( وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(105)).

{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(107){
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ: وأصل النسخ هو نسخ الحكم إلى غيره أي تحويله ونقل عبارة إلى غيرها وسواء نسخ حكمها أو خطها إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة
وقوله تعالى : (أَوْ نُنسِهَا) قُرِأت على وجهين ننسأها أي نؤخرها وننسها أي كان الله عز وجل ينسي نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشاء وينسخ ما يشاء وقيل نرفعها من عندكم.

وقولهِ:( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين وقوله:( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(107){
يرشد تعالى عباده إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء فله الخلق والأمر وهو المتصرف.
ألم تعلم يا محمد أن لي ملك السموات والأرض أحكم فيهما بما أشاء وآمر فيهما وأنهى عما أشاء وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي بما أشاء إذ أشاء وهذا الخبر تكذيب لليهود الذين أنكروا نس أحكام التوراة وجحدوا نبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغيير ما غير الله من حكم التوراة فكما ان لله الملك بلا منازع فكذلك له الحكم بما يشاء.

(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ(108)) بل تريدون: والمراد أن الله ذم من سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء على وجه التعنت والاقتراح كما سألت بنوا إسرائيل موسى عليه السلام تعنتا وتكذيبا وعنادا.

وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ: أي من يشترِ الكفر بالإيمان.

( فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ(108)) : أي خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والظلام وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الانبياء إلى مخالفتهم وتكذيبهم والاقتراح عليهم بالاسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر.

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(109)وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(110)}
: يحذر الله تعالى عباده المئمنين عن سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم .
مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ: أي من قِبل أنفسم.
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ: أن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل فكفروا به حسدا وبغيا ، إذ كان من غيرهم
فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ : يأمر الله عباده المؤمنين بالصفح والعفو او الاحتمال حتى يأتى امر الله من النصر والفتح
وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" يحثهم تعالى على الاشتغال بمل ينفعهم وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة من اقام الصلاة وايتاء الزكاة حتى يمكن الله لهم النصر فى الحياة الدنيا
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 11-15-2008, 01:42 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111)بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(112)وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(113)}.


يبين تعالى اغترار اليهود والنصارى بما هم فيه حيث ادعت كل طائفة منهما : انه لن يدخل الجنة الا من كان على ملتها

تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ: تمنوها على الله بغير حق

ثم قال تعالى : قُلْ : اى يا محمد" هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ " حجتكم وبينتكم على ذلك

إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ: اى فيما تدعونه

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ: اى اخلص العمل والدين لله وحده لا شريك له وهو محسن اى اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم

للعمل المتقبل شرطين :
احدهما ان يكون خالصا لله وحده
والاخر ان يكون موافقا للشريعة

فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ : ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيا الاجور وامنهم مما يخافون من المحذور ف : ولا خوف عليهم" فيما يستقبلونه ... او فى الاخرة

وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ " : على ما مضى مما يتركونه .. او لا يحزنون للموت

وقوله تعالى : ")وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ " : يدل على تناقضهم وتباعدهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم

وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ: بلى قد كانت اوائل النصارى على شىء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا

وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ : بلى قد كانت اوائل اليهود على شىء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا

وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ: " اى وهم يعلمون ان شريعة التوراة والانجيل كل منهما قد كانت مشروعةفى وقت ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد بالفاسد

َ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: بين بهذا جهل اليهود والنصارى فيما تقابلوه من القول

و" الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ: النصارى واليهود او امم كانت قبل اليهود والنصارى او العرب قالوا ليس محمد على شىء

قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون: اى انه تعالى يجمع بينهم يوم الميعاد وبفصل بينهم بقضائه العدل


{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(114)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا: هؤلاء المشركون الذين حالوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وبين ان يدخلوا مكة حتى نحر هديه بذى طوى وهادنهم ، فإذا كان من هو كذلمك مطرودا منها مصدودا عنها فأى خراب لها اعظم من ذلك ؟

وليس المراد بعمارتها زخرفتها انما عمارتها بذكر الله فيها وإقامة شرعه فيها
أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَ خَائِفِينَ : اى : لا تمكنوا هؤلاء اذا قدرتم عليهم من دخولها الا تحت الهدنة والجزية

وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ : على ما انتهكوا من حرمة البيت وامتهنوه من نصب الاصنام والطواف به عرايا الى غير ذلك


:004111:واسالكم الدعاء
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 11-18-2008, 01:10 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115)}


وهذا – والله اعلم فيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه الذين اخرجوا من مكة وفارقوا مسجدهم ومصلاهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بمكة الى بيت المقدس والكعبة بين يديه فلما قدم المدينة وجه الى بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا ، ثم صرفه الله الى الكعبه بعد ولهذا يقول الله تعالى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ"

فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ: قبلة الله اينما توجهت شرقا او غربا .. وقيل حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها

إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ: يسع خلقه كلهم بالكفايه والجود والافضال

واما قوله: عليم : فإنه يعنى عليم بأعمالهم ما يغيب عنه منها شىء


{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ(116)بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(117)
سُبْحَانَهُ تنزه عما ادعاه اليهود والنصارى ومشركى العرب من ان لله ولد او ان الملائكة بنات الله


بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ اى : اى ليس الامر كما افتروا ، وانما له ملك السموات والارض ومن فيهن وهو خالقهم ورازقهم والجميع عبيد له وملك له فكيف يكون له ولد منهم


كل له قانتون : قيل مصلون وقيل مقرون له بالعبودية او مخلصون وقيل كل قائم يوم القيامة وقيل مطيعون


بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : اى خالقهما على غير سبق ، مبدعها ومنشأها
وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ: يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه ، وتنه اذا قدر امرا وأراد امرا وأراد كونه فإنما يقول : كن اى مرة واحده ، فيكون اى فيوجد على وفق ما اراد


وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(118)}.


هذا قول كفار العرب : لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ : اى يخاطبنا بنبوتك يا محمد

كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ : قالوا هم اليهود والنصارى

تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ: اى اشبهت قلوب مشركى العرب قلوب من تقدمهم فى الكفر والعناد

قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ : اى قد اوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها الى سؤال اخر

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ(119)

بشيرا بالجنة ونذيرا من النار

وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ : اى لا نسألك عن كفر من كفر بك


وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(120)الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121)}.


وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ : وليست اليهود – يا محمد- ولا النصارى براضيه عنك ابدا فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم واقبل على طلب رضا الله فى دعائهم الى ما بعثك الله به من الحق


قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى : اى قل يا محمد ان هدى الله الذى بعثنى به هو الهدى يعنى هو الدين المستقيم الصحيح


وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ: فيه تهديد ووعيد شديد للامة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعدما علموا من القران والسنة فإن الخطاب مع الرسول والامر لامته


الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ : قيل هم اليهود والنصارى وقيل هم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و "حَقَّ تِلاَوَتِهِ" اى يتبعونه حق اتباعه


أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: خبر عن: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ /: اى من اقام كتابه من اهل الكتب المنزلة على الانبياء المتقدمين حق اقامته، امن بما ارسلتك به يا محمد

وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ : ومن يكفر برسالة محمد يدخل النار

{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(122)وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(123)}.

وقد تقدم نظير هذه الايه فى صدر السورة وكررت هاهنا للتأكيد والحث على اتباع النبى تلامى الذى يجدون وصفه فى كتبهم


{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ(124)

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ :اى : واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين واهل الكتابين الذين ينتحلون ملة ابراهيم وليسوا عليها اذكر لهم ابتلاء ابراهيم اى اختباره له بما كلفه به من الاوامر والنواهى

بِكَلِمَاتٍ : اى بشرائع واوامر ونواه

فَأَتَمَّهُنَّ : اى قام بهن كلهن

إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا : اى جزاء على ما فعل ، كما قام بالاوامر وترك الزواجر جعله الله للناس قدوة واما يقتدى به


وقيل فى تعيين الكلمات التى اختبر الله بها ابراهيم الخليل :


- ابتلاه الله بالمناسك
- ابتلاه بالطهاره : خمس فى الرأس وخمس فى الجسد فى الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفى الجسد تقليم الاظفار وحلق العانة والختان ونتف الابط وغسل اثر الغائط والبول بالماء
- ابتلاه بالكواكب والشمس والقمر
- ابتلاه بالهجره من بلاده
- ابتلاه بالنار قبل الهجره
- وابتلاه الله بذبح ابنه



قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ: لما جعل الله ابراهيم اماما ، سأل الله ان تكون الائمة من بعده من ذريته فأجيب الى ذلك انه سيكون من ذريته ظالمون وانه لا ينالهم عهد الله





رد مع اقتباس
  #45  
قديم 11-23-2008, 01:03 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




Tamayoz



وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(125)


مضمون ما فسر به الائمة هذه الاية : ان اللهتعالى يذكر شرف البيت وما جعله موصوفا به شرعا وقدرا من كونه مثابة للناس اى جعله محلا تشتاق اليه الارواح وتحن اليه ولا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام


وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى : المقام هو الحجر الذى كان ابراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة وفى هذا امر بأن يصلى المسلمون عنده لا ان يقوموا بمسحه


وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ : امرهما الله ان يطهراه من الاذى والنجس

أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ : قال من الاوثان وقيل : أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ : اى بلا اله الا الله من الشرك

وقوله لِلطَّائِفِينَ : فالطواف بالبيت معروف وَالْعَاكِفِينَ: المقيمين فيه وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ : اذا كان مصليا فهو من الركع السجود



وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)


قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ : اى امنا من الخوف لا يرعب اهله وقد فعل الله ذلك شرعا وقدرا ذلك قول ابراهيم يسأل ربه ويحجر الدعاء على المؤمنين دون الناس فأنزل الله وَمَنْ كَفَرَ ايضا ارزقهم كما ارزق المؤمنين


ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ : اى : ثم ألجئه بعد متاعه فى الدنيا وبسطنا عليه من ظلها الى عذاب النار وبئس المصير ... اى ان الله ينظرهم ويمهلهم ثم يأخذهم اخذ عزيز مقتدر



وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ


فالقواعد هى السارية والاساس يقول تعالى وتذكر يا محمد لقومك بناء ابراهيم واسماعيل عليهما السلام – البيت ورفعهما القواعد وهما يقولا رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: يعنيان بذلك واجعلنا مستسلمين لامرك خاضعين لطاعتك لا نشرك معك فى الطاعة احدا سواك ولا فى العبادة غيرك



رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)}.


يقول تعالى اخبارا عن تمام دعوة ابراهيم عليه السلام لاهل الحرم : ان يبعث الله فيهم رسولا منهم اى : من ذرية ابراهيم وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدرالله السابق فى تعيين محمد-صلى الله عليه وسلم- رسولا فى الاميين اليهم والى سائر الاعجمين من الانس والجن


وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ : القرأن


الْحِكْمَةَ : السنة وقيل الفهم فى الدين وقيل يعلمهم الخير فيفعلوه والشر فيتقوه


إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ : اى العزيز الذى لا يعجزه شىء وهو قادر على كل شىء الحكيم فى افعاله واقواله فيضع الاشياء فى محالها لعلمه وحكمته وعدله



{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(130)إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132)


وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ : اى : ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق الى الضلال جيث خالف طريق من اصطفى فى الدنيا للهدايه والرشاد من حداثة سنه الى ان اتخذه الله خليلا وهو فى الاخره من الصالحين السعداء فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طرق الضلاله والغى فأى سفه اعظم من هذا ام اى ظلم اكبر من هذا كله ؟


إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ : اى امره الله تعالى بالاخلاص والاستسلام والانقياد فأجاب الى ذلك شرعا وقدرا


وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ : اى وصى بهذه المله- وهى الاسلام لله- اى حافظوا عليها ووصوا ابناءهم بها من بعدهم


يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ : اى احسنوا فى حال الحياة والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه فإن المرء يموت غالبا على ما كان عليه
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 11-24-2008, 01:37 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133)تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)}


يقول تعالى محتجا على المشركين من العرب ابناء اسماعيل عليه السلام وعلى الكفار من بنى اسرائيل – وهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام – بأن يعقوب لما حضرته الوفاة وصى بنيه بعبادة الله وحده لا شريك له فقال لهم مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ" وهذا من باب التغليب لان اسماعيل عمه : والعرب تسمى العم ابا


إِلَهًا وَاحِدًا : اى نوحده بالالوهيه ولا نشرك به شيئا


وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: اى مطيعون خاضعون


تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ : اى مضت لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ : اى ان السلف الماضيين من اباءكم من الانبياء و الصالحين لا ينفعكم انتسابكم اليهم اذا لم تفعلوا خيرا يعود نفعه عليكم فإن لهم اعمالهم التى فعلوها ولكم اعمالكم



{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135)


قُلْ بَلْ مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا : اى لا نريد ما دعوتمونا اليه من اليهودية والنصرانيه بل نتبع مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا: اى مستقيما


والحنيف : الذى يستقبل البيت بصلاته ويرى ان حجه عليه ان استطاع اليه سبيلا

قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(136)


ارشد الله تعالى عباده المؤمنين الى الايمان بما انزل اليهم بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مفصلا وما انزل على الانبياء المتقدمين مجملا ونص على اعيان من الرسل واجمل ذكر بقية الانبياء وان لا يفرقوا بين احد منهم بل يؤمنوا بهم كلهم ( والاسباط هم شعوب بنى اسرائيل )



فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)}صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ(138)
يقول تعالى: فَإِنْ آمَنُوا ، يعنى الكفار من اهل الكتاب وغيرهم بمثل ما امنتم به – يا ايها المؤمنون – من الايمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم فَقَدِ اهْتَدَوا اى : فقد اصابوا الحق وارشدوا اليه وَإِنْ تَوَلَّوْا : اى عن الحق الى الباطل بعد قيام الحجة عليهم فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ اى فسينصرك عليهم ويظفرك بهم وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)}



صِبْغَةَ اللَّهِ اى دين الله اما على الاغراء كقوله : "فطرت الله "اى الزموا ذلك عليكموه وقال بعضهم: بدلا من قوله : ملة ابراهيم




قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ(139)أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(140)تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(141)}.
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ اى قل يا محمد للكافرين تناظروننا فى توحيد الله والاخلاص له وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ المتصرف فينا وفيكم المستحق لاخلاص الالهيه له وحده لا شريك له


وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ : اى نحن براء منكم كما انتم براء منا ونحن له مخلصون اى فى العبادة والتوجه


أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى: ثم انكر تعالى عليهم فى دعواهم : ان ابراهيم ومن ذكر بعده من الانبياء والاسباط كانوا على ملتهم إما اليهودية وإما النصرانية فقال : قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ : يعنى بل الله اعلم ، وقد اخبر انهم لم يكونوا هودا ولا نصارا


وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ : كانوا يقرءون فى كتاب الله الذى اتاهم ان الدين الاسلام وان محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله وان ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط كانوا براء من اليهودية والنصرانية فشهدوا الله بذلك واقروا على انفسهم لله فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك


وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ : تهديد ووعيد اى ان علمه محيط بعملكم وسيجزيكم عليه


تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ : اى قد مضت


لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ : اى لهم اعمالهم ولكم اعمالكم


وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ : وليس يغنى عنكم انتسابكم اليهم من غير متابعة منكم لهم ولا تغتروا بمجرد النسب اليهم حتى تكونوا منقادين مثلهم لاوامر الله واتباع رسله الذين بعثوا مبشرين ومنذرين فإنه من كفر بنبى واحد فقد كفر بسلئر الرسل ولا سيما بسيد الانبياء وخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر انبياء الله اجمعين



:004111:أسالكم الدعاء
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 11-30-2008, 12:17 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




Tamayoz


{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(143)}

قيل المراد بالسفهاء هنا : مشركوا العرب وقيل احبار اليهود وقيل المنافقون والاية عامة فى هؤلاء كلهم والله اعلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس فكان بمكة يصلى بين الركنين وهو مستقبل صخرة بيت المقدس فلما هاجر الى المدينة تعذر الجمع بينهما فأمره الله بالتوجه الى بيت المقدس

واستمر الامر هكذا بضعة عشر شهرا وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء والابتهال ان يوجه الى الكعبة التى هى قبلة ابراهيم عليه السلام فُأًًُجيب الى ذلك فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس واعلمهم ذلك وكان اول صلاة صلاها اليها هى صلاة العصر

ولما وقع هذا حصل لبعض الناس من اهل النفاق الكفرة من اليهود ارتياب وزيغ عن الحق وقالوا : " مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا"

فالحكم والتصرف كله لله فنحن عبيده وفى تصرفه وخدامه حيثما وجهنا توجهنا : " قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

وقوله تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" يقول تعالى إنما حولناكم الى قبلة ابراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الامم ، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الامم لان الجميع معترفون لكم بالفضل والوسط هاهنا : الخيار والاجود كما يقال : قريش اوسط العرب نسبا ودارا اى خيرها

وقوله تعالى : " وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ " يقول تعالى انما شرعنا لك يا محمد التوجه اولا الى بيت المقدس ثم صرفناك عنه الى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه

وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً : اى هذه الفعلة وهو صرف التوجه عن بيت المقدس الى الكعبة
إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ : اى ان هذا الامر عظيما فى النفوس الا على الذين هدى الله قلوبهم وايقنوا بتصديق الرسول

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ : اى صلاتكم الى بيت المقدس قبل ذلك ، ما كان يضيع ثوابها عند الله
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(144)

عن البراء ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا وكان يعجبه قبلته قبل البيت وانه صلى صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان يصلى معه فمر على اهل المسجد وهم راكعون فقال : اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل مكة فداروا كما هم قِبِل البيت


وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ: امر تعالى استقبال الكعبة منجميع جهات الارض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا
ولا يستثنى من هذا الا النافلة فى حالة السفر فإنه يصليها حيثما توجه قلبه وقالبه نحو الكعبة

وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ : اى واليهود الذين انكروا استقبالكم الكعبة وانصرافكم عن بيت المقدس يعلمون ان الله تعالى سيوجهك اليها بما فى كتبهم عن انبيائهم من النعت والصفة لرسول الله وامته ولهذا تهددهم تعالى بقوله : وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ



وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ(145)

يخبر تعالى عم كفر اليهود وعنادهم ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه لو اقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به

وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ: اخبار عن شدة متابعة رسول الله لما امره الله تعالى به
وانه لا يتبع اهواءهم فى جميع احواله ولا كونه متوجها الى بيت المقدس لكونها قبلة اليهود وانما ذلك عن امر الله ثم حذر تعالى عن مخالفة الحق الذى يعلمه العالم الى الهوى فإن العالم الحجة عليه اقوم من غيره ولهذا قالمخاطبا للرسول والمراد به الامة : " وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ"


الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(146)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ(147)}

يخبر تعالى ان علماء اهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم له الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرف احدهم ولده..... ثم اخبر تعالى انهم مع هذا التحقق والاتقان العلمى " لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ" اى ليكتمون الناس ما فى كتبهم من صفة النبى صلة الله عليه وسلم وَهُمْ يَعْلَمُونَ

ثم ثبت نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين واخبرهم بأن ما جاء به الرسول هو الحق الذى لا مرية فيه ولا شك فقال : " الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ"
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148)

لليهودى وجهة هو موليها وللنصرانى وجهة هو موليها وهداكم انتم ايتها الامة الى القبلة التى هى القبلة

أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ : اى هو قادر على جمعكم من الارض وان تفرقت اجسادكم وابدانكم

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(150)

هذا امر ثالث من الله تعالى باستقبال المسجد الحرام من جميع اقطار الارض

لِئَلاَ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ : اى اهل الكتاب فإنهم يعلمون من صفة هذه الامة التوجه الى الكعبة فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين فى التوجه الى بيت المقدس

فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي: اى لا تخشوا شُبه الظلمة المتعنتين وافردوا الخشية لى

وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ : اى : لاتم نعمتى عليكم فيما شرعت لكم من استقبال الكعبة لتكمل لكم الشريعة من جميع وجوهها

وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ : اى : الى ما ضلت عنه الامم هديناكم اليه وخصصناكم به ولهذا كانت هذه الامة اشرف الامم وافضلها

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151)فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ(152)}

يذكر تعالى عباده المؤمنين ما انعم به عليهم من بعثة الرسوب صلى الله عليه وسلم اليهم يتلو عليهم ايات الله مبينات وَيُزَكِّيكُمْ اى يطهرهم من رذائل الاخلاق وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وهو القرأن

وَالْحِكْمَةَ وهى السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون

ولهذا ندب الله سبحانه وتعالى المؤمنين الى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلته بذكره وشكره فقال : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ"
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153)وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ(154)

لما فرغ تعالى من بيان الامر بالشكر شرع فى بيان الصبر والاستعانة بالصبر والصلاة فإن العبد لإما ان يكون فى نعمة فيشكر عليها او فى نقمة فيصبر عليها

والصبر صبران : فصبر على ترك المحارم والمأثم وصبر على فعل الطاعات والقربات واما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب

وقوله : " وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ" يخبر تعالى ان الشهداء فى برزخهم احياء يرزقون

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(156)أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(157)}

اخبرنا تعالى انه يبتلى عباده اى يختبرهم ويمتحنهم
بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ: اى بقليل من ذلك

وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ اى ذهاب بعضها

وَالأَنفُسِ كموت الاصحاب والاقارب والاحباب

وَالثَّمَرَاتِ : اى لا ُتغل الحدائق والمزارع كعادتها

وهذ مما يختبر عباده فمن صبر اثابه ومن قنط احل به عقابه ولهذا قال وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
ثم بين تعالى من الصابرون الذين شكرهم فقال : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " اى تسلوا بقولهم هذا عما اصابهم وعلموا انهم ملك لله يتصرف فى عبيده بما يشاء فأحدث لهم ذلك اعترافهم بانهم عبيده وانهم اليه راجعون فى الدار الاخرة لهذا اخبر تعالى عما اعطاهم على ذلك فقال : " أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ : اى ثناءً من الله عليهم وامنة من العذاب


وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ فهؤلاء اعطوا الثواب وهو الامن وايدوا ايضا عليه




:astagfor: :004111: :011:
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 12-11-2008, 04:49 AM
محبة الرسول الكريم محبة الرسول الكريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


جزاكِ الله خيراً أُخيتي

مجهود مبارك أثابكِ الله عليه يوم لاينفع مالٌ ولا بنون

ولي عندكِ طلب

ممكن تغيري توقيعك

وجزاكِ الله خيراً
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 12-13-2008, 03:51 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الرسول الكريم مشاهدة المشاركة

جزاكِ الله خيراً أُخيتي

مجهود مبارك أثابكِ الله عليه يوم لاينفع مالٌ ولا بنون

ولي عندكِ طلب

ممكن تغيري توقيعك

وجزاكِ الله خيراً

جزاكِ الله خيرا محبة الرسول وحاضر انا غيرت التوقيع
وكل عام وانتِ وجميع المسلمين بخير
هيا بنا نتابع ان شاء الله

...........................
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 12-13-2008, 03:53 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(158)
اُنزلت :
- لان الانصار قبل ان يسلموا كانوا يُهلون لمناة الطاغية التى كانوا يعبدونها وكان من اهل لها يتحرج ان يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله انا كنت نتحرج ان نطوف بالصفا والمروة فى الجاهلية فأنزل الله :
"إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا"
وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا : اى زاد فى طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنة وتاسعة ونحو ذلكوقيل يطوف بينهما فى حجة تطوع وقيل المراد تطوع خيرا فى سائر العبادات
فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ : اى يثيب على القليل بالكثير عليم بقدر الجزاء فلا يبخس احد ثوابه




إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ(159)إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(160)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(161)خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ(162)}.
هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى لعباده فى كتبه التى انزلها على رسله
أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ : قيل دواب الارض والبهائم وقيل كل دابة والجن والانس وقيل تلعنهم الملائكة والمؤمنون وكاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس اجمعون
ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب اليه فقال : إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا " اى رجعوا واصلحوا اعمالهم وبينوا للناس ما كانوا يكتمونه
وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم : وفى هذ دلالة على ان الداعية الى كفر او بدعة اذا تاب الى الله تاب الله عليه
ثم اخبر تعالى عمن كفر به واستمر به الحال الى مماته بأن " عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(161)خَالِدِينَ فِيهَا" اى فى اللعنة التابعة لهم الى يوم القيامة ثم المصاحبة لهم فى نار جهنم التى " لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ " اى لا ينقص عما هم فيه وَلا هُمْ يُنظَرُونَ اى لا يُغير عنهم ساعة واحدة بل هو متواصل دائم

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ(163)
يخبر تعالى عن تفرده بالالهية وانه لا شريك له ولا عديل له بل هو الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذى لا اله الا هو الرحمن الرحيم ثم ذكر الدليل على تفرده بالالهيه بخلق السموات والارض وما فيهما وما بين ذلك مما ذرأ وبرأ من المخلوقات الدالة على وحدانيته

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(164)
يقول تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ: تلك فى ارتفاعها واتساعها وكواكبها السيارة والثوابت ودوران فلكها وهذه الارض فى كثافتها وانخفاضها وكواكبها وجبالها وبحارها وقفارها واختلاف الليل والنهار : هذا يجىء ثم يذهب ويخلفه الاخر ويعقبهوتارة يطول هذا ويقصر هذا
وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ : اى فى تسخير البحر بحمل السفن من جانب الى جانب لمعايش الناس
وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ: اى على اختلاف اشكالها والوانها ومنافعها وصغرها وكبرها وهو يعلم ذلك كله ولا يخفى عليه شىء من ذلك
وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ : اى فتارة تأتى بالرحمة وتارة تأتى بالعذاب وتارة تأتى مبشرة بين يدى السحاب وتارة تُسوقه وتارة تجمعه وتارة تفرقه وتاره تصرفه .......
وقوله تعالى : وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ : اى سائر بين السماء والارض مسخر الى ما يشاء الله من الاراضلا والاماكن كما يصرفه تعالى
لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ : اى فى هذه الاشياء دلالات بينة على وحدانية الله تعالى

{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ(165)إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ(166)وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ(167)}.
يذكر تعالى حال المشركين به فى الدنيا وما لهم فى الدار الاخرة حيث جعلوا له اندادا اى امثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ : ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم له لا يشركون به شيئا بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ويلجئون اليه فى كل امورهم
ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لانفسهم بذلك فقال : وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا" اى لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ ان القوة لله جميعا
ثم اخبر عن كفرهم بأوثانهم وتبرىء المتبوعين من التابعين فقال : إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا" تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون انهم يعبدونهم فى الدار الدنيا
وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ : اى عاينوا عذاب الله وتقطعت بهم الحيل واسباب الخلاص ولم يجدوا عن النار معدلا ولا مصرفا وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ : المودة ، وقيل تقطعت المودة
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا: اى لو ان لنا عودة الى الدار الدنيا حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم فلا نلتفت اليهم بل نوحد الله وحده بالعبادة وهم كاذبون فى هذا بل لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون
كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ :اى تذهب وتضمحل ولهذا قال تعالى " وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:32 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.