انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-19-2008, 12:36 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي السنن الموسمية (( متجدد))

 



الحلقة (1) حكم التهنئة بمناسبة العام الجديد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد كثر في نهاية السنة وبداية السنة الجديدة رسائل تتداول في الجوال وفي النت بالتهنئة بمناسبة العام الجديد، وطلب الإكثار من العبادة والاستغفار أو بالصيام في آخر أيام السنة أو أول أيام السنة الجديدة، ومحاسبة النفس، أو بإحياء أول ليلة السنة الجديدة بأذكار أو عبادات خاصة، ومن الناس من يستقبل العام الجديد بمعاصي ومنكرات مثل السهرات الراقصة وغيرها، ولذا كثر السؤال عن ذلك؟
فإجابة على ذلك نقول:
فقد جاء في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد" رواه البخاري.
فدل هذا الحديث الشريف على كل مالم يرد به الشرع على سبيل التعبد ولا شك
أن هذه الأمور التي ترد في نهاية العام أو بداية العام الجديد، منه و التهنئة و الحث على عبادة خاصة أو المحاسبة، لم ترد في الشرع أما استقبال العام الجديد بالمعاصي و المنكرات فالأمر أشد.
وعلى ذلك فالتهنئة بمناسبة العام الجديد، إذا قصد بذلك التعبد فلا يجوز لأنه لا أصل له، ويخشى أن يكون فيه تشبه بأهل الكتاب مما يجعله عيداً، ولذا قرر بعض العلماء أنه بدعة أيضاً، أما إذا كان من أمور العادات فليس ببدعة ما لم يرد به تعبداً، والأولى تجنبه.
وأما تخصيص نهاية العام أو بدايته بعبادة فهو: بدعة في الدين، ويسميها أهل العلم: (بدعة إضافية)؛ لأن العمل إذا كان أصله مشروعاً وكان مطلقاً؛ كالصوم أو الاستغفار أو الدعاء، ثم قيد بسبب أو عدد أو كيفية أو مكان أو زمان؛ كنهاية العام الهجري، أصبح هذا الوصف الزائد بدعة مضافة إلى عمل مشروع، وإضافة هذه الأوصاف إلى العبادة المطلقة غير معقول المعنى على التفصيل، فأصبح مضاهياً للطريقة الشرعية التعبدية وهذا وجه الابتداع فيها.
وما يرد في الرسائل بمناسبة نهاية العام بأن (صحف هذا العام تطوى ولا تفتح إلا يوم القيامة، فاختم عامك بالتوبة والاستغفار والصيام، وتحلل من الآخرين) وما أشبه ذلك. فهذا غير صحيح؛ فإن باب التوبة مفتوح للمسلم ما لم يحضره الموت أو تطلع الشمس من مغربها كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة.
كما أن المطلوب من المسلم أن يحاسب نفسه وأقواله وأفعاله كل يوم بل في كل حين، وليس في نهاية العام وقتاً يشرع فيه محاسبة الإنسان نفسه ثم ينسى الله تعالى ويغفل عن الطاعات ويشتغل بالشهوات.
والواجب هو الحرص على التزام الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة الصالح، والحذر من الابتداع والتوسع فيما لم يرد به دليل، ولو كان خيراً لسبقنا الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح رحمهم الله إليه مع قيام الداعي لمثله في زمنهم، فعدم فعلهم يدل على عدم مشروعيته.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،
المصدر : شبكة السنة النبويه وعلومها
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-19-2008, 12:39 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

صيام شهر محرم


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) أخرجه مسلم (1)
1.الحديث دليل على فضل صيام شهر الله المحرم، وأن يلي فضل شهر رمضان في الأفضلية، وفضل الصيام فيه جاء من فضل أوقاته وتعظيم الأجر فيه، لأن الصيام من أفضل الأعمال عند الله تعالى.
2.شهر الله الحرام هو الشهر الذي تبدأ به السنة الهجرية، كما تم الاتفاق على ذلك في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهو أحد الأشهر الحرم التي ذكر الله في كتابه فقال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)(2) وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (... السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متوالية: ذو القعدة وذو الحجة و المحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) متفق عليه(3).
وقوله تعالى: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أيّ: في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، قال قتادة: (إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووزراً من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يُعَظِّمُ من أمره ما يشاء)(4).
3.أضاف الله تعالى هذا الشهر إليه تشريفاً وتعظيماً لأن الله تبارك وتعالى لا يضيف من الأشياء إليه إلا خواصّها؛ كبيت الله، ورسول الله، ونحو ذلك.
وسُمّي محرمّاً تأكيداً لتحريمه، لأن العرب كانت تتقلب فيه؛ فتُحلّه عاماً وتُحرمّه عاماً، قال ابن رجب: و قد سمى النبي صلى الله عليه و سلم المحرم شهر الله، و إضافته إلى الله تدل على شرفه و فضله فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته كما نسب محمدا و إبراهيم و إسحاق و يعقوب و غيرهم من الأنبياء إلى عبوديته و نسب إليه بيته و ناقته. و لما كان هذا الشهر مختصا بإضافته إلى الله تعالى كان الصيام من بين الأعمال مضافا إلى الله تعالى فإنه له من بين الأعمال ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إليه المختص به و هو الصيام. وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عز وجل أنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز و جل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه و
يحرمون مكانه صفرا فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك و تغييره(5).
4.جعل الله هذه الشهور الهلالية مواقيت للناس، لأنها علامات محسوسة يعرف كل أحد بدايتها ونهايتها، ومما يؤسف عليه أن كثيراً من المسلمين تركوا التاريخ الهجري، وأخذوا بتاريخ النصارى الميلادي، المبني على أشهر وهمية غير مبنية على مشروع ولا معقول ولا محسوس. وهذا دليل الضعف والانهزامية والتبعية لغير المسلمين، ومن مفاسده: ربط المسلمين وناشئتهم بتاريخ النصارى، وإبعادهم عن تاريخهم الهجري الذي ارتبط برسولهم -صلى الله عليه وسلم- وبشعائر دينهم وعبادتهم. فالله المستعان.
5.دل الحديث على أن أفضل ما يتطوع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم، والظاهر أن هذا محمول على أنه أفضل شهر يُتطوّع بصيامه بعد رمضان، أما التطوع بصيام بعض الأيام منه فقد يكون بعض الأيام أفضلَ من أيامه؛ كيوم عرفة وستة أيام من شوال، قاله ابن رجب في لطائف المعارف احتمال، ثم قال:(و يشهد لهذا ما خرجه الترمذي من حديث علي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: (يا رسول الله أخبرني بشهر أصومه بعد شهر رمضان ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله و فيه يوم تاب الله فيه على قوم و يتوب على آخرين ) وفي إسناده مقال(6)، و لكن يقال: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم شهر شعبان و لم ينقل أنه كان يصوم المحرم إنما كان يصوم عاشوراء. و قوله في آخر سنة: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع)، يدل على أنه كان لا يصوم التاسع قبل ذلك و قد أجاب الناس عن هذا السؤال بأجوبة فيها ضعف.
والذي ظهر لي والله أعلم أن التطوع بالصيام نوعان:
أحدهما: التطوع المطلق بالصوم فهذا أفضله المحرم كما أن أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام الليل.
والثاني: ما صيامه تبع لصيام رمضان قبله و بعده فهذا ليس من التطوع المطلق بل صيامه تبع لصيام رمضان و هو ملتحق بصيام رمضان. و لهذا قيل: إن صيام ستة أيام من شهر شوال يلتحق بصيام رمضان و يكتب بذلك لمن صامها مع رمضان صيام الدهر فرضا.
وقد روي أن أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحرم فأمره النبي صلى الله عليه و سلم بصيام شوال فترك الأشهر الحرم و صام شوالا(7). فهذا النوع من الصيام ملتحق برمضان وصيامه أفضل التطوع مطلقا فأما التطوع المطلق فأفضله صيام الأشهر الحرم و قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر رجلا أن يصوم الحرم(8).
و أفضل صيام الأشهر الحرم شهر الله المحرم ويشهد لهذا أنه صلى الله عليه و سلم قال في هذا الحديث: (وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل) ومراده: بعد المكتوبة ولواحقها من سننها الرواتب فإن الرواتب قبل الفرائض وبعدها أفضل من قيام الليل عند جمهور العلماء؛ لالتحاقها بالفرائض. وإنما خالف في ذلك بعض الشافعية فكذلك الصيام قبل رمضان و بعده ملتحق برمضان وصيامه أفضل من صيام الأشهر الحرم و أفضل التطوع المطلق بالصيام صيام المحرم)(9)

شهر الحرام مبارك ميمـون والصوم فيه مضاعف مسنون

وثواب صائمـه لوجه إلهـه في الخلـد عند مليكه مخزون



6.ظاهر الحديث فضل صيام شهر المحرم كاملاً، وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كلّه، لقول عائشة - رضي الله عنها -: (... ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان) أخرجه مسلم(10).
7.قال ابن رجب: لما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلق، و كان
صيامها كلها مندوبا إليه كما أمر به النبي صلى الله عليه و سلم، و كان بعضها ختام السنة الهلالية و بعضها مفتاحا لها فمن صام شهر ذي الحجة سوى الأيام المحرم صيامها منه و صام المحرم فقد ختم السنة بالطاعة و افتتحها بالطاعة فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة؛ فإن من كان أول عمله طاعة و آخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين و في حديث مرفوع: (ما من حافظين يرفعان إلى الله صحيفة فيرى في أولها و في آخرها خيرا إلا قال الله لملائكته أشهدكم أني غفرت لعبدي ما بين طرفيها) خرجه الطبراني و غيره وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي(11) و في حديث آخر مرفوع: (ابن آدم اذكرني من أول النهار ساعة و من آخر النهار ساعة أغفر لك مابين ذلك إلا الكبائر أو تتوب منها)(12) وقال ابن المبارك: من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكر، يشير إلى أن الأعمال بالخواتيم فإذا كان البداءة و الختام ذكرا فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملا للجميع و يتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية(13).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



(1) صحيح مسلم (1163).
(2) سورة التوبة (36).
(3) صحيح البخاري (4662) وصحيح مسلم (1679).
(4) تفسير ابن كثير 4/ 89 ـ90
(5) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب ص 38 ـ 39، طبعة مؤسسة الريان.
(6) جامع الترمذي 3/117 (741)،وقال: حسن غريب، ورواه أحمد في المسند 1/154وغيره. ومداره على عبد الرحمن بن إسحق الواسطي أبي شيبة عن النعمان بن سعد عن علي. والواسطي ضعيف، والنعمان فيه جهالة.
(7) سنن ابن ماجه 1/555 (1744) والراوي عن أسامة هو محمد بن إبراهيم التيمي. قال الحافظ ابن حجر في التهذيب: أرسل عن أسامة. وقال الحافظ ابن رجب في موضع آخر من لطائف المعارف ص131: و في إسناده انقطاع. وفي موضع ثالث ص143 قال: و في إسناده إرسال و قد روي من وجه آخر يعضده.
(8) سنن أبي داود 2/322ـ323(2428)، والنسائي في الكبرى 2/139ـ140، وابن ماجه1/554(1741)، وأحمد 5/28 وغيرهم من طريق أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها مرفوع، وقيل: أبي مجيبة الباهلي. والأرجح أنها امرأة وفيها جهالة، وهذا علة الحديث.انظر الميزان 3/440.
(9) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب ص 36 ـ 37.
(10) صحيح مسلم (1156).
(11) جامع الترمذي 3/ 310 (981) وفي إسناده ضعف لأن فيه تمام بن نجيح وهو ضعيف. ولم أقف عليه عند الطبراني.
(12) في حلية الأولياء 8/ 213 نحو هذا الأثر، وقال الأصبهاني:غريب.
(13) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب ص 38.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-21-2008, 12:34 AM
أم مُعاذ أم مُعاذ غير متواجد حالياً
لا تنسوني من الدعاء أن يرْزُقْنِي الله الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى وَحُسْنَ الخَاتِمَة
 




افتراضي

اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد .
التوقيع

توفيت امنا هجرة الي الله السلفية
اللهم اغفر لامتك هالة بنت يحيى اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها وادخلها الجنة واعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-21-2008, 12:49 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم مغفرة مشاهدة المشاركة
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم

إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم

إنك حميد مجيد .
اللهم آمين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-11-2008, 03:00 PM
حسن البياتي حسن البياتي غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-08-2008, 12:59 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

الطود العظيم في نجاة موسى الكليم وهلاك فرعون اللئيم
(ملخص ما ذكر الإمام ابن كثير في تاريخه مع جملة من الدروس والعبر)
لما تمادى قبط مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم متابعة لملكهم الطاغية فرعون ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول وهم مع ذلك لا يرعوون ولا ينتهون ولا ينزعون ولا يرجعون.
لقد تمادى فرعون في سطوته وجبروته وكفره وطغيانه يفتن قومه عن الدين الحق قال الله تعالى مخبرا عن فرعون وكفى بالله شهيداً (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ) أي جبار عنيد مستعل بغير الحق (وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ) أي في جميع أموره وشئونه وأحواله.
ولم بلغ به الأمر مبلغه حتى اعتبر نفسه إلاهاً معبوداً، وهنا لما يبلغ الكفر مبلغه والطغيان منتهاه ويظن الرسل يأتيهم نصر الله، ولقد كانت أول معالم ذلك النصر اجتماع موسى عليه السلام بأتباعه يوصيهم ويثبتهم ويرشدهم، ويربطهم بفاطر الأرض والسماء (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) ويأتي الجواب مطمئنا ً لموسى عليه السلام ممن تربوا في هذه المدرسة النبوية فقالوا (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أمرهم بالتوكل على الله والاستعانة به والالتجاء إليه فأتمروا بذلك فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا.
ويأتي الثاني من معالم النصر بشرى الله لهم (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ)
فقد أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى وأخيه هارون عليهما السلام أن يتخذوا لقومهما بيوتاً متميزة فيما بينهم عن بيوت القبط ليكونوا على أهبة في الرحيل إذا أمروا به ليعرف بعضهم بيوت بعض، وفي هذا العمل تأكيد على مبدأ فعل الأسباب وأنه ينبغي أن يقرن بالتوكل على الله تعالى.
ثم إن الله قد أمرهم (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قيل مساجد وقيل معناه كثرة الصلاة فيها قاله مجاهد وغيره ومعناه على هذا الاستعانة على ما هم فيه من الضر والشدة والضيق بكثرة الصلاة كما قال تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع للصلاة فالصلاة لها من الآثار الدنيوية والأخروية الشيء الكثير.
وتتالى الأيام وموسى عليه السلام ومن معه يكسوهم الصبر ويحليهم الإيمان بالله والتوكل عليه ويزينهم الصلة بالله والاستعانة بالصلاة، وهناك في الطرف الآخر فرعون ومن معه في غيهم يعمهون وعن الحق معرضين يعاندون ويتمردون.
وتقرب لحظات النصر، (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) إنه دعاء من قلب صادق متوكل على الله، دعاء لنصرة الحق ودحر الباطل إنها دعوة عظيمة دعا بها كليم الله موسى على عدو الله فرعون غضباً لله عليه لتكبره عن اتباع الحق وصده عن سبيل الله ومعاندته وعتوه وتمرده واستمراره على الباطل ومكابرته الحق الواضح الجلي الحسي والمعنوي والبرهان القطعي وتأتي الإجابة من القريب المجيب سبحانه وتعالى (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) [والتثنية هنا كما قرر أهل العلم لإن هارون عليه السلام كان يؤمُن على دعاء أخيه فأصبح المؤمُن بمنزلة الداعي].
(فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ويأتي الإذن من الله لموسى عليه السلام ليسير ومن اتبعه إلى الشام خارجين من مصر، فلما علم بذهابهم فرعون حنق عليهم كل الحنق واشتد غضبه عليهم وشرع في استحثاث جيشه وجمع جنوه ليلحقوا بموسى عليه السلام ومن معه، وأجمل بالقرآن الكريم وهو يصور لنا هذه الأحداث في منظر بديع وتصوير أخاذ قال الله ومن أصدق من الله قيلاً : (مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ).
قال علماء التفسير : لما ركب فرعون في جنوده طالباً بني إسرائيل كان في جيش كثيف عرمرم حتى قيل كان في خيوله مائة ألف فحل أدهم وكانت عدة جنوده تزيد على ألف ألف وستمائة ألف فالله أعلم.
والمقصود أن فرعون لحقهم بالجنود فادركهم عند شروق الشمس وتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس، وعاين كل من الفريقين صاحبه وتحققه ورآه ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر فليس لهم طريق ولا محيد الا سلوكه وخوضه وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم وهي شاهقة منيفة وفرعون قد غالقهم وواجههم وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وهم منه في غاية الخوف والذعر لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه مما قد شاهدوه وعاينوه فقال لهم الرسول الصادق المصدوق (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) (كَلاَّ).. يالها من كلمة قوية مدوية، ثبات وثقة بوعد الله وموعوده، حتى في أحلك الظروف ولك أن تتخيل الموقف أكثر، موسى عليه السلام ومن معه محاصرون البحر أمامهم والعدو الحاقد خلفهم، والوقت يمضي والعدو يقرب من مناله.
فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد الأمر واقترب فرعون وجنوده في جدهم وحدهم وحديدهم وغضبهم هناك تنزل الوحي على موسى عليه السلام (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) نعم لقد تحول البحر إلى يابس حوله من يقول للشيء كن فيكون.
فلما آل أمر البحر إلى هذه الحال بإذن الرب العظيم الشديد المحال أمر موسى عليه السلام أن يجوزه ببني إسرائيل فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحير الناظرين ويهدي قلوب المؤمنين فلما جاوزوه وجاوزه وخرج آخرهم منه وانفصلوا عنه كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ووفودهم عليه فأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه ولا سبيل عليه فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحر على هذه الحال (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً) أي ساكناً على هيئته لا تغيره عن هذه الصفة، فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى وعاين ما عاين هاله هذا المنظر العظيم وتحقق ما كان يتحققه قبل ذلك من أن هذا من فعل رب العرش الكريم فأحجم ولم يتقدم وندم في نفسه على خروجه في طلبهم والحالة هذه حيث لا ينفعه الندم لكنه أظهر لجنوده تجلداً وعاملهم معاملة العدا وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة على أن قال لمن استخفهم فأطاعوه وعلى باطله تابعوه : أنظروا كيف انحسر البحر لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي الخارجين عن طاعتي وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويرجو أن ينجو وهيهات ويقدم تارة ويحجم فلما رأته الجنود قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين فحصلوا في البحر أجمعين حتى هم أولهم بالخروج منه عند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فارتد عليهم البحر كما كان فلم ينج منهم إنسان قال الله تعالى (وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
إن في إنجاء الله لأولياءه فلم يغرق منهم أحد وإغراقه لأعداءه فلم يخلص منهم أحد آية عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة وصدق رسوله عليه السلام فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة والمناهج المستقيمة
ولما رأى فرعون الحقيقة وأدركه الغرق (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وهيهات (أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ) ويأتي الحكم من الله (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً).

وانتهت أحداث ذلك اليوم العظيم – كما سماه رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه) رواه البخاري.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-26-2008, 06:11 PM
أم عبد الرحمن السلفية أم عبد الرحمن السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:54 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.