انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-22-2008, 02:57 AM
احمد الخولى احمد الخولى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي اللحظات القاتلة

 


قال محدثي.. بلهجة هادئة عذبة ..مرتبة ... دون تكلف وبكل بساطة(1):
في ليلة باردة شديدة البرد .. أرى الصحراء الواسعةالشاسعة .. تمتد كاشفة عن صدرها العريض تحتضن كل شيء .. و تضمه إلى صدرها ..
أطلقتناظريّ في ملكوت الله .. و هل أجمل من منظر السماء في الليل؟! بزرقتها الداكنةالمزينة بنجوم كأنها ..عقود در منضود أو حبات ألماس ؛ على نحر غانيةحسناء؟!
ترى تلكالنجوم البعيدة المنال .. و كأن كل نجم منها يضمر حديثا عذبا ؛ و أشجانا عذبةفيّاضة.. تلمع تلك الأنجم ؛ بعيني كاللآليء التي تكللت بها العروس في أجمل لياليالعمر!! تباهي بها كل من ينظر إليها .. تذكرت قول الشاعر(2) :

يقدح النجم بعيني شرراو لزند الشوق فيالأحشاء قدح !

جلتبطرفي في أرجاء السماء لعلي أرى قمرها ؛ فلم أره فتذكرت قول أبي تمام(..فيمرثيته):
..........
نجوم سماء خرّ من بينها البدر !

سبحان الله .. جو شاعري يأخذ بالألباب .. فيحلّق بها في عالم الروح الذيلايعرف سوى الطهر و النقاء .. و الرقة و الصفاء .. بعيدا عن هموم الأرض و مشاكلها .. و تعقيداتها !

تفرّق الرفاق .. كل يريد أن يضع جنبه على الأرض ويطبقأجفانه .. بعد عناء يوم كامل من العمل المضني ..
دخلت خيمتي .. و أبقيت على جسميما أحتاج إليه من ملابس في نومي ! كي أتقي بها برد ليل الصحراء(3) .. في عجل .. ألقيت نظرة تفقد على فراشي .. وأنا بشوق أن أُلقي بنفسي بين طياته لأتمتع بالدفء !
دخلت فيفراشي .. ( و كان على هيئة فراش جاهز للنوم صنع بطريقة تمكن الإنسان من إدخال جسمهفيه من جهة أقدامه ؛ وبه "سحَّاب" يسحب إلى العنق بعد دخول النائم في الفراش)..

عاودنيحديث النفس مرة ثانية .. فغبت عن نفسي في نفسي .. وسرحت مع الذكريات الماضية !! وتنقلت بين الأزمنة … فكرت فيما يخبئه الزمان لي !! تلك أحاديث النفس !!

أيقظنيمن شرودي ..شيء غريب ..
أحسست بهيمشي على جسدي و كأنه الماء المُنصبّ على ساقيّ!! كدت أن أتحرك .. فآثرت البقاء علىهيئتي حتى أتأكد من أوهامي !
و إذاأنا ..
أشعر بحواسي الخمس!!
و كلخلية في جسمي ! تكاد تشتعل نارا – في شدة البرد- من هول الأمر !!
أتعلمونماذا كان ؟!!
إنه ..(ثعبان )...نعم ..
ثعبانضخم .. بشحمه و لحمه ..إن كان له شحم ! ضاقت به الصحراء المترامية الأطراف .. فلميجد أهنأ مناما .. و لا أريح مضجعا ..و لا أدفأ حضنا ..إلا بين قدميّ !

فتحولتفجأة من آدمي ..مخلوق من لحم و دم .. إلى قالب من الثلج في هيئة آدمي!جمد البرد والخوف أطرافي ..
تراءى ليالموت ..أراه يلوح لي في أدنى حركة ..بل ..أظن أن كل همسة تخرج مني ..ستنقلنيمباشرة إلى الدار الآخرة .! بلا نقاش!
حاولت أن أقلب (رموشي(4) )!كي أرى أحدا منرفاقي الذين دخلوا في عالم الأحلام !

ودخلت أنا في معركة نفسية لم تعرفها الدول العظمى زمن (الحرب الباردة)!
و لاأعلم هل أخرج منها على قدميّ !! أمشي عليهما كما كنت أمشي من قبل .. أم أخرج منهامحمولا علىأعناق الرجال إلى حيث لا ..رجعة!!
حتى حركةأجفاني ..أصبحت أضرب لها ألف حساب ؛ بل كل حساب درسته في كتب الرياضيات و كل حسابلم يخطر لعلماء الرياضيات على بال ! مصيبة يعجز اللسان عن وصفها.

فجأة .. و إذ بي أسمع حس أحد الرفاق.. و كان طبيباً.. فتحاملت على نفسي .. و فتحت فمي الذيكان قبل ثوان قليلة ..ملتصقا فكه الأعلى بالأسفل .. حتى كأنني أسمع ..قعقعة أسنانيمن شدة الضغط ..
استطعتأن أهمس لصاحبي بكلمات لا أعلم كيف صغتها .. و بأي عبارة قلتها .. و بأي لسان نطقتبها :
-
أنا في أزمة عظيمة.. أغلب ظني أن معي ثعبان داخل فراشي !
هب صاحبيمذعورا .. يخرج و يدخل .. و يذهب و يأتي .. كأنه أصابه هوس..
ثم اتجهفجأة إلى زاوية في الخيمة !! فتح حقيبته ..أخرج منها " المصل الطبي" المكافح للسم ..في حالة ما إذا خانني ضيفي الثقيل الملقى بين أقدامي ! و قدم لي كمية من سمه ثمناحتضاني له تلك الليلة !

أيقظصاحبي الطبيب .. بقية الرفاق .. استمعت ـ و أنا شبه مسمَّرـ ! إلى كل منهم و هويحاول جاهدا أن يقدم اقتراحا ..يخرجني به من هذه الورطة العظيمة التي نزلت علي نزولالصاعقة !!

تطوعأحدهم .. و فتح فمه بعد تفكير عميق .. و أخرج منه جوهرة هائلة ..!قال:
-
دَعونانهجم على الثعبان هجمة قوية ونمسكه مسكة لا يستطيع الفكاك منها ..!!

..
أما أنا فبعد أن سمعت ذلك الإقتراح العظيم ..فقد تخيلت أكفاني تُنسج أمامي ! وتصورت نفسي و كأني بين يدي المغسل ..و وفود المعزّين تتوافد على منـزلنا لتقديمالعزاء لأهلي !!
فما كرهتشيئا في حياتي كُرهي لذلك الرجل و اقتراحه الذي قدمه .. و لكن ماذا أفعل .. فالعينبصيرة و اليد قصيرة ..!!

أنظرإلى رفاقي الذين جمدهم رعب الموقف .. بعد أن جمد البرد أعضاءهم ..و جمدني أنا داخلفراشي ما أشعر به بين ضلوعي من خوف مهلك !
أحسست ـفعلاـ أن قلبي يخفق خفقانا شديدا ؛ يخيل إليّ أنه سيقفز من بين ضلوعي ..
و تمنيتلو قدرت على أن أضع يدي عليه فأمسكه قبل أن يقفز من قواعده و يخترق حاجز الصدر..
لحظةسكينة مرت بي .. حملت إليّ كل أمل في الحياة .. تلك التي سمعت كلماتها من أحدالرفاق .. و قد ألهمه الله أن يقولها :
-
ما رأيكم أن أقوم بفتح ( السحَّاب) ! قليلا .. قليلا .. حتى نستطيع إما إخراج الثعبان أو صاحبنا ..!
رحّب الجميعبالفكرة ..

وبدأت لحظة التنفيذ .. و دخلت أنا مرة أخرى في طور جديد ..
أشد منذي قبل !! أنظر إلى الواقفين على رأسي .. نظرة الوداع ..
أحدهمبيده حذاءه العسكري الضخم (بسطار)!! تحسبا لأي حركة من النائم بين رجليّ كي يفضخبها رأسه ..
و الآخر .. يحمل بيده إبرة (المصل الطبي)! التي لو ضرب بها فيلاً هندياً أو إفريقياً .. لأسلم روحه إلى بارئها!
و واحد .. يقوم بأشق مهمة .. عملت من أجلي في التاريخ ..أخذ يفتح بكل هدوء ..سحاب الفراش..
شيئافشيئا .. قليلا قليلا ..حتى أحسست أنه قد فتحه كله ..
أما أنا ..ففي تلك اللحظة
لم أشعر بنفسي إلا و أنا خارج الخيمة !بسرعة البرق .. انطلقتكالقذيفة .. تاركا أصحابي حول فراشي يقومون بالاعتداء الأثيم ..على ذلك الضيفالثقيل الذي أطار لا أقول النوم من عيني فقط بل فوَّر الدم في عروقي وعروق أصحابي !
سمعت صيحة مدوية ! أطلقها أحدهم ..
علمتبعدها أنه قد نزل بثقل قدمه وبذلك الحذاء العسكري الغليظ ( البسطار ) و هشم به رأسالثعبان .. حتى نقله مباشرة إلى عالم الأموات !
تذكرت ..! أنني محتاج إلى أكبر كمية من الهواء كي أملأ بها صدري ورئتيّ اللتين أصبحتاخاليتين من الهواء تماما في تلك اللحظات المريرة!
جاء أصحابي إليّ .. يتلمسونجسمي .. بين مصدق و مكذب بنجاتي .. لا تسمع إلا عبارات الثناء و التمجيد لربالعالمين ..!

قيل ليأن ذلك الثعبان من أقوى أنواع الثعابين ..له قرنان ..في رأسه كأنهما ( فوهتا ) مدفعألماني من عهد (هتلر) أيام (النازية) ..!
و أن سمهأقوى أنواع السموم .
عُدت إلى منظر السماء ..مرة أخرى .. لا لكي أتغزل في النجوماللامعة هذه المرة ؛ و أتخيلها كعقد جوهر على حسناء فاتنة !
بل لكيأتذكر عظمة الخالق العظيم الذي أحياني بعدما أماتني .. وعرفت لأول مرة قيمة الحياة ..

هلتعلمون .. كم كانت مدة تلك اللحظات القاتلة التي عشتها في ذلك الحدث الرهيب؟!!
إنها لاتتجاوز (15) دقيقة ؛ ربع ساعة فقط...
أقسمبالله لكأنها سنوات طويلة .!


أنهى محدثي حديثه الشيق.. ونظرت إلىالجالسين و إلى نفسي معهم فإذا رقابنا مشرأبة .. و أبصارنا شاخصة .. و أرياقناجفَّت من حلوقنا .. و بلغت القلوب الحناجر ! كل منا يتخيل نفسه في ذلك الموقف ..

كم هي غالية هذه الحياة .. و كم هي نعمة عظيمة لا تعدلها إلا نعمة الإيمان والعيش في ظلال القرآن.

أسأل الله الإخلاص فى هذا العمل وأن ينفع به الاسلام والمسلمين.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-22-2008, 04:55 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

اللهم المستعان
جزاكم الله خيرا على القصة
جعلها الله في ميزرن حسناتكم
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:36 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.