انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-31-2011, 02:33 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




Download ۩۞۩ فتاوى الشيخ علي ونيس ۩۞۩ متجدد إن شاء الله

 




بسم الله ، والحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أفضل الصلاة وأزكى التسليم . أما بعـــد
هذا طرح لبعض فتاوى ( المكتوبة ، والمفرغة ) ، لفضيلة الشيخ :
علي ونيس
حفظه الله
الموضوع متجدد إن شاء الله



أسأل الله أن ننتفع بها جميعًا ونسأل اللهَ تعالى أن يعيننا و يعينَكم وأن يُسَدِّدَكم وأن يرزقَنا وإياكم خشيتَه في السِّرِّ والعلن وأن يختمَ لنا ولكم بالصالحاتِ وبشهادةِ التوحيدِ ونسألكم ألا تنسونا مِن صالحِ دعائِكم بظهر الغيبِ.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks


التعديل الأخير تم بواسطة أم كريم ; 04-03-2012 الساعة 07:56 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-31-2011, 02:35 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السؤال:
أريد معلوماتٍ تخص هذا الموضوع: "تفسير القرآن في ضوء السياق، وعلاقته بالقيم الدينية"؟


الجواب:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فنسأل الله أن يرزقك العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يهدي قلبك، ويشرح صدرك، ويلهمك رشدك.

إن فهم النص القرآني في ضوء السياق هو مِن أهم المرتكزات، التي لا يتم الفهم التام للقرآن إلا بها، والسياق الذي نعنيه هنا: هو ذلك السياق الداخلي الذي يُعنى بالنظم اللفظي للكلمة، وموقعها من ذلك النظم، آخذًا بعين الاعتبار ما قبلها وما بعدها في الجملة، وقد تتسع دائرتُه إذا دعَتِ الحاجة، فيشمل الجمل السابقة واللاحقة؛ بل والموضوع كله، أو الكتاب جملة.


السياق بعامة يمتد نفوذه، ويؤثِّر في جوانبَ متعددةٍ في النص؛ إذ إنه يسهم في تحديد المعنى، ودفع اللبس؛ مثال ذلك: كلمة "السائل" مثلاً، يختلف المراد بها بحسب السياق، ففي قولنا: "الدواء السائل أسلمُ للأطفال"، تكون "السائل" اسم فاعل مِن "سال"، وفي قوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25]، تكون "السائل" اسم فاعل من "سأل"، وفي قولنا: "سائِلِ العلياءَ عنَّا"، يكون "سائل" فعل أمر، ويعود الفضل للسياق في ضبط هذه الدلالات للكلمة الواحدة، ودفع ما قد يُتَوَهَّمُ من لبسٍ.


وتزداد هذه المسألة وضوحًا بما روي عن التابعي مسلم بن يسار البصري - وقد روى هذا التابعيُّ عن ابن عباس وتتلمذ عليه - حين قال: "إذا حدَّثتَ عن الله، فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده".

وفي قوله – تعالى -: {وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21]، يقول طاوس بن كيسان: "إنما يراد بهذا الكافر، اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك".

المناسبة في الأصل قائمة بين الآيات؛ لأن ترتيبها توقيفي، وهذا يحمل على الاطمئنان إلى النتائج التي تسفر عنها مراعاةُ السياق في نظمٍ معجز، تكلم به الحكيم الخبير.


لقد عُني المفسرون منذ وقت مبكر بالسياق القرآني؛ لما له من أثر فاعل في الكشف عن مراد الله - تعالى - في كتابه، وكان له - السياق - حضورًا بارزًا إلى جانب القرائن الأخرى؛ كأسباب النزول، واللغة، والعموم، وربما قُدِّم على بعضها، أو تحكم بها؛ لتوقف المعنى العام عليه.


وقد جعل الإمام الشاطبي مراعاةَ السياق مظهرًا من مظاهر الاستقامة في التفسير، المفضي إلى الفهم الثاقب السليم، حيث قال: "فلا محيصَ للمتفهِّم عن ردِّ آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرق النظر في أجزائه، فلا يتوصل به إلى مراده، ولا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض". اهـ.


ولا شك أن لكل كلمة في القرآن معنًى في ضوء سياقها، قد لا يصح هذا المعنى لسياق آخر؛ لأن مراعاة سياق الكلام ومنحى القول مُعينٌ على استقامة فهم النص؛ لهذا عدَّ كثير من العلماء السياقَ أفضلَ قرينة تكشف عن حقيقة معنى اللفظ.


إن الكلمة الواحدة في القرآن لها دلالات متعددة، يعود للسياق الفضلُ في اكتسابها لهذه المعاني في ضوء الدلالة اللغوية؛ ذلك أن دلالة اللفظ في كل موضع بحسب سياقه، وما يحف به من القرائن اللفظية والحالية.


إن لكلمة "أمـر" مثلاً في القرآن الكريم ستةَ عشرَ معنى، ولكلمة "الرحمة" أربعة عشر معنى، ولكلمة "فـتن" أحد عشر معنى، أدَّت كلُّ كلمة منها معنى غير الآخر، بحسب ما يفرضه السياق.


وقد أفردنا هذا الموضوع ببحث مستقل على موقعنا، وذلك في مقالة: "السياق القرآني وأثره في الكشف عن المعاني".
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks


التعديل الأخير تم بواسطة أم كريم ; 04-03-2012 الساعة 08:06 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-31-2011, 02:36 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السؤال:

أسأل عن أقرب متن فقهي للسنة الصحيحة، بغض النظر عن المذهب، هل من يدلني عليه؟ وهل يوجد له شرح صوتي؟
وجُزيتم خيرًا.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنسأل الله أن يفقِّهكَ في دينك، وأن يعلِّمك ما ينفعك، وأن ينفعك بما علَّمك.

ولتعلم أن أهل العلم يدرسون الفقه بعدة صور:
الأولى: فقه السنة، وهو دراسة الأحكام الشرعية عن طريق استنباطها من جملة الأحاديث الواردة من قول النبي - - وفعله، وتقريره، ويمثل هذا الاتجاه الكتب المؤلَّفة في ذلك مع شروحها، ومنها:
• "بلوغ المرام"؛ لابن حجر العسقلاني، مع شرحه "سبل السلام"؛ لمحمد بن الأمير الصنعاني.

• "منتقى الأخبار"؛ لمجد الدين بن تيمية، مع شرحه "نيل الأوطار"؛ لمحمد بن علي الشوكاني.

• "عمدة الأحكام"؛ لعبدالغني المقدسي، مع شرحه "أحكام الأحكام"؛ لابن دقيق العيد، ومَن حفِظَ كتاب "عمدة الأحكام"، وفهم معناه، وطالع بعض شروحه - فقد حصل على خير كثير؛ ولكن ذلك لا يغني عن قراءة بعض المتون الفقهية التي تتبع جزئيات الفقه، ومسائله في أبواب مرتبة.

• "سنن أبي داود"؛ لسليمان بن الأشعث السجستاني، جمَعَ أبو داود فيه السنن والأحكام، فلا يستغني عنه فقيه، مع شرحه "عون المعبود"؛ للمباركفوري، أو شرحه "معالم السنن"؛ للإمام الخطابي، وهو شرح تَلَقَّته الأمة بالقبول.

• أبواب الفقه في جميع دواوين السنة؛ كـ"صحيح البخاري" مع شرحه "فتح الباري"، و"صحيح مسلم" بشرح النووي، أو شرح القرطبي له في "المفهم لما أشكل من مختصر صحيح مسلم"، وكذا "سنن الترمذي"، و"سنن النسائي"، و"سنن ابن ماجه" مع شروحها المعروفة.

وممن سار على هذا من المعاصرين فضيلةُ الشيخ/ سيد سابق - رحمه الله - في كتابه "فقه السنة"، وغيره من العلماء الذين طرقوا هذا الباب.

الثاني: فقه الكتاب، وهو دراسة الأحكام الشرعية عن طريق استنباطها من جملة آيات الأحكام الواردة في كتاب الله – تعالى - وقد صنف العلماء في ذلك قديمًا وحديثًا، ومن ذلك:
• "أحكام القرآن"؛ للإمام الشافعي.
• "أحكام القرآن"؛ لابن العربي المالكي.
• "أحكام القرآن"؛ للجصاص الحنفي.
• "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي؛ إلا أن القرطبي قد أدخل جميع الآيات الأخرى، مع تَحَرِّيه لبيان الأحكام الشرعية في آيات الأحكام.
وغير ذلك من الكتب التي تدخل تحت هذا العنوان.

الثالث: الفقه المذهبي، ويمثل هذا الاتجاهَ المذاهبُ الأربعة المتبوعة، وهي على الترتيب الزمني: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي.

وهذه المذاهب متساوية في الجملة من حيث تَحَرِّيها لاتِّباع السنة؛ إذ لا يوجد إمام إلا وهو يصرِّح بذلك، وينفي عن نفسه خلافه.

وأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رحمه الله -: وقد روى عنه أصحابه أقوالاً شتَّى، وعباراتٍ متنوعةً، كلها تؤدي إلى شيء واحد، وهو وجوب الأخذ بالدليل الصحيح:
1- "إذا صح الحديث فهو مذهبي"؛ (ابن عابدين في "الحاشية" 1/ 63).

2- "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا، ما لم يعلم من أين أخذناه"؛ (ابن عابدين في "حاشيته على البحر الرائق" 6/ 293).

وفي رواية: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفْتي بكلامي"، زاد في رواية: "فإننا بشر، نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا"، وفي أخرى: "ويحك يا يعقوب! - هو أبو يوسف - لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا وأتركه بعد غد".

3- "إذا قلتُ قولاً يخالف كتابَ الله - تعالى - وخبرَ الرسول - - فاتركوا قولي"؛ (الفلاني في "الإيقاظ" ص 50).

وثانيهم مالك بن أنس - رحمه الله -: فقد قال:
1- "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتابَ والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 32).

2- "ليس أحد بعد النبي - - إلا ويُؤخذ من قوله ويُترك؛ إلا النبي - –"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 91).

3- قال ابن وهب: سمعت مالكًا سُئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خفَّ الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟! قلت: حدثنا الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحنبلي، عن المستورد بن شداد القرشي، قال: "رأيت رسول الله - - يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه"، فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قطُّ إلا الساعة، ثم سمعته بعد ذلك يُسأل، فيَأمر بتخليل الأصابع"؛ ("مقدمة الجرح والتعديل"؛ لابن أبي حاتم، ص 31 - 32).

وثالثهم الإمام الشافعي - رحمه الله -:
والنقول عنه في ذلك أكثر، وأضيق عن الحصر، وأتباعه أكثر عملاً بها وأسعد، ومنها:
1- "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنةٌ لرسول الله - - وتعزب عنه، فمهما قلتُ من قولٍ، أو أصَّلت من أصل، فيه عن رسول الله - - خلاف ما قلتُ - فالقول ما قال رسول الله - - وهو قولي"؛ ("تاريخ دمشق"؛ لابن عساكر 15/ 1/ 3).

2- "أجمع المسلمون على أن مَن استبان له سُنة عن رسول الله - - لم يحلَّ له أن يَدَعها لقول أحد"؛ (الفلاني ص 68).

3- "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - - فقولوا بسنة رسول الله - - ودَعُوا ما قلتُ"، وفي رواية: "فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد"؛ (النووي في "المجموع" 1/ 63).

4- "إذا صح الحديث فهو مذهبي"؛ (النووي 1/ 63).

5- "أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به، أي شيء يكون: كوفيًّا، أو بصريًّا، أو شاميًّا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا"؛ (الخطيب في "الاحتجاج بالشافعي" 8/ 1).

6- "كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله - - عند أهل النقل بخلاف ما قلتُ، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي"؛ (أبو نعيم في "الحلية" 9/ 107).

7- "إذا رأيتموني أقول قولاً، وقد صح عن النبي - - خلافُه، فاعلموا أن عقلي قد ذهب"؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 10/ 1).

8- "كل ما قلت، فكان عن النبي - - خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي أولى؛ فلا تُقَلِّدوني"؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 9/ 2).

9- "كل حديث عن النبي - - فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني"؛ (ابن أبي حاتم 93، 94).

ولذلك قال الإمام الذهبي في "زغل العلم": "الفقهاء الشافعية أكيس الناس، وأعلم من غيرهم بالدين؛ فأسُّ مذهبهم مبني على اتباع الأحاديث المتصلة، وإمامُهم من رؤوس أصحاب الحديث، ومناقبه جمَّة، فإن حصلت - يا فلان - مذهبَه؛ لتدين الله به، وتدفع عن نفسك الجهل، فأنت بخير، وإن كانت همتك كهمَّة إخوانك من الفقهاء البطالين، الذين قصدهم المناصب والمدارس، والدنيا والرفاهية، والثياب الفاخرة، فما ذا بركة العلم، ولا هذه نية خالصة؛ بل ذا بيع للعلم بحسن عبارة، وتعجُّل للأجر، وتحمُّل للوزر، وغفلة عن الله".

ورابعهم الإمام أحمد، فهو من أكثر الأئمة جمعًا للسنة، وتمسكًا بها؛ ولذلك قال:
1- "لا تُقَلِّدني، ولا تُقَلِّد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخُذ من حيث أخذوا"؛ (ابن القيم في "إعلام الموقعين" 2/ 302).

وفي رواية: "لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي - - وأصحابه فخُذ به، ثم التابعين بعدُ الرجل فيه مخيَّر".

وقال مرة: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - - وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخير"؛ (أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" ص 276، 277).

2- "رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة، كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 149).

3- "من ردَّ حديث رسول الله - - فهو على شفا هلكة"؛ (ابن الجوزي في "المناقب" ص 182).

وإننا ندلُّك في النهاية على أشهر المتون العلمية، وأكثرها تداولاً، وأحظِّها اهتمامًا من العلماء بالشرح والتدريس، والتحقيق والتلخيص، وهو متن "زاد المستقنع"؛ لموسى بن أحمد بن موسى بن سالم الحجاوى المقدسي، ولهذا الكتاب عدة شروح وحواشٍ، منها:

• "الروض المربع شرح زاد المستقنع"؛ لمنصور بن يونس بن صلاح البُهُوتي.

• "حاشية ابن القاسم على الروض المربع"، وهي حاشية جامعة لكثير من أقوال الفقهاء، واختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مع ذكر بعض أدلة المذهب.

• "السلسبيل في معرفة الدليل"؛ للبليهي، وفيه أكثر أدلة متن "زاد المستقنع".

• "الشرح الممتع"؛ للشيخ ابن العثيمين - رحمه الله - وقد حرر فيه المذهب، وذكر الراجح دليلاً، مع المناقشة والاستدلال.

وشَرَح "زاد المستقنع" غيرُ واحد من أهل العلم المعاصرين، ويمكن الوصول إلى شروحهم الصوتية والمكتوبة عبر الشبكة العنكبوتية.

لكل هذا؛ رجَّحنا هذا المتن؛ ففيه إحاطة بالمذهب، واهتداء للدليل، وهو أولى بالبدء من كتب فقه السنة؛ لاشتماله - كبقية كتب المذاهب - على نظم الأحكام بصورة مسلسلة سهلة، يضبط بها الطالب مسائل أبواب الفقه إجمالاً.

قال السيوطي في "ألفية الحديث":
وَكَتْبُهُ وَضَبْطُهُ حَيْثُ اسْتَعَدّْ وَإِنْ يُقَدَّمْ قَبْلَهُ الفِقْهُ أَسَدّْ

أي: كتابة وضبط الحديث النبوي يكون بعد تعلم الفقه، وهذا لا يعني الجهل بالحديث، ولكن يكون جلُّ اهتمامه بضبط مسائل الفقه إجمالاً، وقد استفاضت نصوص الأئمة في ذلك، ومنها:

ما في "أبجد العلوم" (3/ 89) قال: قال ابن حجي عن أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي: ما اجتمعتُ به قط إلا استفدت منه، وقد لازمته ست سنين، وذكره الذهبي في معجمه المختص فقال: الإمام المحدث، المفتي البارع، ووصفه بحفظ المتون. اهـ.

وفي "جامع المقدمات العلمية لمهم المصنفات والكتب الشرعية" (1/ 52): والفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها. اهـ.

وفي "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" (2/ 462) قال: السيد العلامة، المجتهد الفهامة، المقتصد شمس الدين ابن الإمام المهدى لدين الله، أحمد بن يحيى بن المرتضى الحسني اليمني، تربى في حجر والده نحو عشر سنين، وحفظ المتون. اهـ.

وفي "الضوء اللامع" (1/ 268) قال: فالتنوخي في معرفة القراءات وعلو سنده فيها، والعراقي في معرفة علوم الحديث ومتعلقاته، والهيثمي في حفظ المتون. اهـ.

وفي "تذكرة الحفاظ وذيوله" (1/ 225) قال: ويرى بعضهم أن كلاًّ من الثلاثة كان فردًا في فنِّه، مع المشاركة في غيره، فالسخاوي تفرَّد بمعرفة علل الحديث، والديمي بأسماء الرجال، والسيوطي بحفظ المتون. اهـ.

علمًا بأن طالب العلم لا يكتفي بهذا المتن؛ بل يداوم الاطلاع على كتب أهل العلم التي تشتمل على الفوائد العلمية، ولا يكتفي بعلم الفقه وحده؛ بل لا بد من علم الحديث؛ فقد قصدنا فقط ترتيب المراحل، ففي "معالم السنن" (1/ 3) للحافظ أبي سليمان الخطابي: "انقسم الناس إلى فرقتين: أصحاب حديث وأثر، وأهل فقه ونظر، وكل واحدة منهما لا تتميز عن أختها في الحاجة، ولا تستغني عنها في درك ما تنحوه من البغية والإرادة؛ لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي له كالفرع، وكل بناء لم يوضع على قعدة وأساس، فهو منهار، وكل أساس خلا من بناء و عمارة، فهو قفر وخراب" اهـ.

وقال التابعي الثقة إبراهيم النخعي - رحمه الله -: "لا يستقيم رأي إلا برواية، ولا رواية إلا برأي"؛ (رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 225).

وقال الإمام أحمد - رحمه الله -: "إذا كان عند الرجل الكتب المصنفة، فيها قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واختلاف الصحابة والتابعين، فلا يجوز أن يعمل بما شاء ويتخير، فيقضي به ويعمل به، حتى يسأل أهل العلم ما يؤخذ به، فيكون يعمل على أمر صحيح"؛ ("إعلام الموقعين"؛ لابن القيم 1/ 44).

وعليك أن تسير في طلب العلم بحسب المراحل التي بيَّنها أهلُه، فلا تُقَدِّم علمًا أخَّروه، ولا تؤخِّر علمًا قدَّموه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل علم تبدأ فيه بالصغار ثم ترقى بعدها إلى الكبار.

أسال الله أن أكون قد وُفِّقت في بيان ما تريد، والله - تعالى - من وراء القصد، وفقك الله لما يحب ويرضى.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-31-2011, 02:37 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السؤال:

أسأل عن أقرب متن فقهي للسنة الصحيحة، بغض النظر عن المذهب، هل من يدلني عليه؟ وهل يوجد له شرح صوتي؟
وجُزيتم خيرًا.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنسأل الله أن يفقِّهكَ في دينك، وأن يعلِّمك ما ينفعك، وأن ينفعك بما علَّمك.

ولتعلم أن أهل العلم يدرسون الفقه بعدة صور:
الأولى: فقه السنة، وهو دراسة الأحكام الشرعية عن طريق استنباطها من جملة الأحاديث الواردة من قول النبي - - وفعله، وتقريره، ويمثل هذا الاتجاه الكتب المؤلَّفة في ذلك مع شروحها، ومنها:
• "بلوغ المرام"؛ لابن حجر العسقلاني، مع شرحه "سبل السلام"؛ لمحمد بن الأمير الصنعاني.

• "منتقى الأخبار"؛ لمجد الدين بن تيمية، مع شرحه "نيل الأوطار"؛ لمحمد بن علي الشوكاني.

• "عمدة الأحكام"؛ لعبدالغني المقدسي، مع شرحه "أحكام الأحكام"؛ لابن دقيق العيد، ومَن حفِظَ كتاب "عمدة الأحكام"، وفهم معناه، وطالع بعض شروحه - فقد حصل على خير كثير؛ ولكن ذلك لا يغني عن قراءة بعض المتون الفقهية التي تتبع جزئيات الفقه، ومسائله في أبواب مرتبة.

• "سنن أبي داود"؛ لسليمان بن الأشعث السجستاني، جمَعَ أبو داود فيه السنن والأحكام، فلا يستغني عنه فقيه، مع شرحه "عون المعبود"؛ للمباركفوري، أو شرحه "معالم السنن"؛ للإمام الخطابي، وهو شرح تَلَقَّته الأمة بالقبول.

• أبواب الفقه في جميع دواوين السنة؛ كـ"صحيح البخاري" مع شرحه "فتح الباري"، و"صحيح مسلم" بشرح النووي، أو شرح القرطبي له في "المفهم لما أشكل من مختصر صحيح مسلم"، وكذا "سنن الترمذي"، و"سنن النسائي"، و"سنن ابن ماجه" مع شروحها المعروفة.

وممن سار على هذا من المعاصرين فضيلةُ الشيخ/ سيد سابق - رحمه الله - في كتابه "فقه السنة"، وغيره من العلماء الذين طرقوا هذا الباب.

الثاني: فقه الكتاب، وهو دراسة الأحكام الشرعية عن طريق استنباطها من جملة آيات الأحكام الواردة في كتاب الله – تعالى - وقد صنف العلماء في ذلك قديمًا وحديثًا، ومن ذلك:
• "أحكام القرآن"؛ للإمام الشافعي.
• "أحكام القرآن"؛ لابن العربي المالكي.
• "أحكام القرآن"؛ للجصاص الحنفي.
• "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي؛ إلا أن القرطبي قد أدخل جميع الآيات الأخرى، مع تَحَرِّيه لبيان الأحكام الشرعية في آيات الأحكام.
وغير ذلك من الكتب التي تدخل تحت هذا العنوان.

الثالث: الفقه المذهبي، ويمثل هذا الاتجاهَ المذاهبُ الأربعة المتبوعة، وهي على الترتيب الزمني: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي.

وهذه المذاهب متساوية في الجملة من حيث تَحَرِّيها لاتِّباع السنة؛ إذ لا يوجد إمام إلا وهو يصرِّح بذلك، وينفي عن نفسه خلافه.

وأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رحمه الله -: وقد روى عنه أصحابه أقوالاً شتَّى، وعباراتٍ متنوعةً، كلها تؤدي إلى شيء واحد، وهو وجوب الأخذ بالدليل الصحيح:
1- "إذا صح الحديث فهو مذهبي"؛ (ابن عابدين في "الحاشية" 1/ 63).

2- "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا، ما لم يعلم من أين أخذناه"؛ (ابن عابدين في "حاشيته على البحر الرائق" 6/ 293).

وفي رواية: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفْتي بكلامي"، زاد في رواية: "فإننا بشر، نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا"، وفي أخرى: "ويحك يا يعقوب! - هو أبو يوسف - لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا وأتركه بعد غد".

3- "إذا قلتُ قولاً يخالف كتابَ الله - تعالى - وخبرَ الرسول - - فاتركوا قولي"؛ (الفلاني في "الإيقاظ" ص 50).

وثانيهم مالك بن أنس - رحمه الله -: فقد قال:
1- "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتابَ والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 32).

2- "ليس أحد بعد النبي - - إلا ويُؤخذ من قوله ويُترك؛ إلا النبي - –"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 91).

3- قال ابن وهب: سمعت مالكًا سُئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خفَّ الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟! قلت: حدثنا الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحنبلي، عن المستورد بن شداد القرشي، قال: "رأيت رسول الله - - يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه"، فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قطُّ إلا الساعة، ثم سمعته بعد ذلك يُسأل، فيَأمر بتخليل الأصابع"؛ ("مقدمة الجرح والتعديل"؛ لابن أبي حاتم، ص 31 - 32).

وثالثهم الإمام الشافعي - رحمه الله -:
والنقول عنه في ذلك أكثر، وأضيق عن الحصر، وأتباعه أكثر عملاً بها وأسعد، ومنها:
1- "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنةٌ لرسول الله - - وتعزب عنه، فمهما قلتُ من قولٍ، أو أصَّلت من أصل، فيه عن رسول الله - - خلاف ما قلتُ - فالقول ما قال رسول الله - - وهو قولي"؛ ("تاريخ دمشق"؛ لابن عساكر 15/ 1/ 3).

2- "أجمع المسلمون على أن مَن استبان له سُنة عن رسول الله - - لم يحلَّ له أن يَدَعها لقول أحد"؛ (الفلاني ص 68).

3- "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - - فقولوا بسنة رسول الله - - ودَعُوا ما قلتُ"، وفي رواية: "فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد"؛ (النووي في "المجموع" 1/ 63).

4- "إذا صح الحديث فهو مذهبي"؛ (النووي 1/ 63).

5- "أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به، أي شيء يكون: كوفيًّا، أو بصريًّا، أو شاميًّا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا"؛ (الخطيب في "الاحتجاج بالشافعي" 8/ 1).

6- "كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله - - عند أهل النقل بخلاف ما قلتُ، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي"؛ (أبو نعيم في "الحلية" 9/ 107).

7- "إذا رأيتموني أقول قولاً، وقد صح عن النبي - - خلافُه، فاعلموا أن عقلي قد ذهب"؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 10/ 1).

8- "كل ما قلت، فكان عن النبي - - خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي أولى؛ فلا تُقَلِّدوني"؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 9/ 2).

9- "كل حديث عن النبي - - فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني"؛ (ابن أبي حاتم 93، 94).

ولذلك قال الإمام الذهبي في "زغل العلم": "الفقهاء الشافعية أكيس الناس، وأعلم من غيرهم بالدين؛ فأسُّ مذهبهم مبني على اتباع الأحاديث المتصلة، وإمامُهم من رؤوس أصحاب الحديث، ومناقبه جمَّة، فإن حصلت - يا فلان - مذهبَه؛ لتدين الله به، وتدفع عن نفسك الجهل، فأنت بخير، وإن كانت همتك كهمَّة إخوانك من الفقهاء البطالين، الذين قصدهم المناصب والمدارس، والدنيا والرفاهية، والثياب الفاخرة، فما ذا بركة العلم، ولا هذه نية خالصة؛ بل ذا بيع للعلم بحسن عبارة، وتعجُّل للأجر، وتحمُّل للوزر، وغفلة عن الله".

ورابعهم الإمام أحمد، فهو من أكثر الأئمة جمعًا للسنة، وتمسكًا بها؛ ولذلك قال:
1- "لا تُقَلِّدني، ولا تُقَلِّد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخُذ من حيث أخذوا"؛ (ابن القيم في "إعلام الموقعين" 2/ 302).

وفي رواية: "لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي - - وأصحابه فخُذ به، ثم التابعين بعدُ الرجل فيه مخيَّر".

وقال مرة: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - - وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخير"؛ (أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" ص 276، 277).

2- "رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة، كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار"؛ (ابن عبدالبر في "الجامع" 2/ 149).

3- "من ردَّ حديث رسول الله - - فهو على شفا هلكة"؛ (ابن الجوزي في "المناقب" ص 182).

وإننا ندلُّك في النهاية على أشهر المتون العلمية، وأكثرها تداولاً، وأحظِّها اهتمامًا من العلماء بالشرح والتدريس، والتحقيق والتلخيص، وهو متن "زاد المستقنع"؛ لموسى بن أحمد بن موسى بن سالم الحجاوى المقدسي، ولهذا الكتاب عدة شروح وحواشٍ، منها:

• "الروض المربع شرح زاد المستقنع"؛ لمنصور بن يونس بن صلاح البُهُوتي.

• "حاشية ابن القاسم على الروض المربع"، وهي حاشية جامعة لكثير من أقوال الفقهاء، واختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مع ذكر بعض أدلة المذهب.

• "السلسبيل في معرفة الدليل"؛ للبليهي، وفيه أكثر أدلة متن "زاد المستقنع".

• "الشرح الممتع"؛ للشيخ ابن العثيمين - رحمه الله - وقد حرر فيه المذهب، وذكر الراجح دليلاً، مع المناقشة والاستدلال.

وشَرَح "زاد المستقنع" غيرُ واحد من أهل العلم المعاصرين، ويمكن الوصول إلى شروحهم الصوتية والمكتوبة عبر الشبكة العنكبوتية.

لكل هذا؛ رجَّحنا هذا المتن؛ ففيه إحاطة بالمذهب، واهتداء للدليل، وهو أولى بالبدء من كتب فقه السنة؛ لاشتماله - كبقية كتب المذاهب - على نظم الأحكام بصورة مسلسلة سهلة، يضبط بها الطالب مسائل أبواب الفقه إجمالاً.

قال السيوطي في "ألفية الحديث":
وَكَتْبُهُ وَضَبْطُهُ حَيْثُ اسْتَعَدّْ وَإِنْ يُقَدَّمْ قَبْلَهُ الفِقْهُ أَسَدّْ

أي: كتابة وضبط الحديث النبوي يكون بعد تعلم الفقه، وهذا لا يعني الجهل بالحديث، ولكن يكون جلُّ اهتمامه بضبط مسائل الفقه إجمالاً، وقد استفاضت نصوص الأئمة في ذلك، ومنها:

ما في "أبجد العلوم" (3/ 89) قال: قال ابن حجي عن أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي: ما اجتمعتُ به قط إلا استفدت منه، وقد لازمته ست سنين، وذكره الذهبي في معجمه المختص فقال: الإمام المحدث، المفتي البارع، ووصفه بحفظ المتون. اهـ.

وفي "جامع المقدمات العلمية لمهم المصنفات والكتب الشرعية" (1/ 52): والفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها. اهـ.

وفي "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" (2/ 462) قال: السيد العلامة، المجتهد الفهامة، المقتصد شمس الدين ابن الإمام المهدى لدين الله، أحمد بن يحيى بن المرتضى الحسني اليمني، تربى في حجر والده نحو عشر سنين، وحفظ المتون. اهـ.

وفي "الضوء اللامع" (1/ 268) قال: فالتنوخي في معرفة القراءات وعلو سنده فيها، والعراقي في معرفة علوم الحديث ومتعلقاته، والهيثمي في حفظ المتون. اهـ.

وفي "تذكرة الحفاظ وذيوله" (1/ 225) قال: ويرى بعضهم أن كلاًّ من الثلاثة كان فردًا في فنِّه، مع المشاركة في غيره، فالسخاوي تفرَّد بمعرفة علل الحديث، والديمي بأسماء الرجال، والسيوطي بحفظ المتون. اهـ.

علمًا بأن طالب العلم لا يكتفي بهذا المتن؛ بل يداوم الاطلاع على كتب أهل العلم التي تشتمل على الفوائد العلمية، ولا يكتفي بعلم الفقه وحده؛ بل لا بد من علم الحديث؛ فقد قصدنا فقط ترتيب المراحل، ففي "معالم السنن" (1/ 3) للحافظ أبي سليمان الخطابي: "انقسم الناس إلى فرقتين: أصحاب حديث وأثر، وأهل فقه ونظر، وكل واحدة منهما لا تتميز عن أختها في الحاجة، ولا تستغني عنها في درك ما تنحوه من البغية والإرادة؛ لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي له كالفرع، وكل بناء لم يوضع على قعدة وأساس، فهو منهار، وكل أساس خلا من بناء و عمارة، فهو قفر وخراب" اهـ.

وقال التابعي الثقة إبراهيم النخعي - رحمه الله -: "لا يستقيم رأي إلا برواية، ولا رواية إلا برأي"؛ (رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 225).

وقال الإمام أحمد - رحمه الله -: "إذا كان عند الرجل الكتب المصنفة، فيها قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واختلاف الصحابة والتابعين، فلا يجوز أن يعمل بما شاء ويتخير، فيقضي به ويعمل به، حتى يسأل أهل العلم ما يؤخذ به، فيكون يعمل على أمر صحيح"؛ ("إعلام الموقعين"؛ لابن القيم 1/ 44).

وعليك أن تسير في طلب العلم بحسب المراحل التي بيَّنها أهلُه، فلا تُقَدِّم علمًا أخَّروه، ولا تؤخِّر علمًا قدَّموه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل علم تبدأ فيه بالصغار ثم ترقى بعدها إلى الكبار.

أسال الله أن أكون قد وُفِّقت في بيان ما تريد، والله - تعالى - من وراء القصد، وفقك الله لما يحب ويرضى.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-31-2011, 02:39 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

لمَ يوجَّه الخطاب الشرعي؟

السؤال:

ما المقصود بحُرمة العَيْن عند الأحناف؟ وكيف يُستنبَط هذا الحُكمُ من الأدلة؟ وما كُتب الأصول التي يمكن الرجوع إليها في هذه الجزئية؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنسأل الله لكَ العون على ما تبذل في سبيل طلب العلم: اللهم علِّمه ما ينفعه، وانفعه بما علَّمته، وزِدْهُ علمًا.

تُطْلق العَيْن في اللغة، ويُراد بها عدةُ معانٍ، وذلك بحسب السياق الذي تَرِد فيه، ومنها: حاسة البصر والرؤية، والجاسوس الذي يُبْعث ليَتجسَّس الخبرَ، ويسمى ذا العَيْنَين، وعَيْنُ الماء، والعَيْنُ التي يخرج منها الماء، واليَنْبُوع الذي يَنْبُع من الأرض ويجري، والذَّهَبُ عامَّةً، والدينار، والمالُ العَتيدُ الحاضر الناضُّ، والنَّقْدُ، وخيار الشيء، وحقيقة الشيء، يقال: جاء بالأَمر من عَيْن صافِيةٍ؛ أَي من فَصِّه وحقيقته، وجاء بالحق بعَيْنه؛ أَي: خالصًا واضحًا.

والعين: ذات الشيء، ونفسه، وشخصه، وأصله، والجمع أعيان، وفي الحديث: ((أَوَّهْ عَيْنُ الربا))؛ أي: ذاتُه ونفسه، ويقال: هو هو عينًا، وهو هو بعينه، وهذه أعيان دراهمك، ودراهمك بأعيانها، ولا يقال فيها: أعين ولا عيون، ويقال: لا أَقبَل إلا درهمي بعينه، وقال الراغب: قال بعضهم العين إذا استُعمل في ذات الشيء، فيقال: كل مال عين، كاستعمال الرقبة في المماليك.

وهذا المعنى الأخير هو المقصود في سؤال السائل، والفقهاء من الحنفية وغيرهم يُطلِقون على ذوات الأشياء وماهيتها: العينَ.

ويقابل العينَ بهذا المعنى عند العلماء (العَرَضُ): وهو يطلق على الخارج عن ذات الشيء، المحمول على الشيء؛ لاتِّحاده معه في الخارج، وعلى هذا فالناطقُ عَرضٌ بالنسبة إلى الحيوان؛ لخروجه عن حقيقته، وصحَّة حمله عليه؛ لوحدتهما في الخارج في مورد الإنسان، والمنافع عَرَضٌ بالنسبة للأعيان التي تستوفى منها، وهكذا.

ويُطلِق المَناطِقةُ على ذات الشيء وعينه (الجَوْهَرَ): وهو الذي إذا وُجد في الخارج وجد لا في موضوع؛ كالكتاب يوجد في الخارج مستقلاًّ؛ أي قائمًا بنفسه، فوجوده غير وجود الحرارة للماء، أو البياض للورقة؛ فالحرارة موجودة بغيرها، بينما الكتاب موجود بنفسه.

ويقابل الجوهرَ عندهم العرضُ أيضًا، بنفس المعنى الذي ذَكَرناه، وقد دَرَج كثيرٌ من الفقهاء والأصوليين على استخدام هذه الألفاظ؛ للدلالة على ما ذكرنا.

قال عبدالعزيز البخاري في "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" (3/ 238): "وبين العين والمنافع تفاوتٌ في نفس الوجود؛ لأن العين جوهر يبقى ويقوم به العرض, والمنفعة عَرَض لا يبقى ويقوم بالجوهر، وبين ما يبقى ويقوم به غيره، وبين ما لا يبقى ويقوم بغيره - تفاوتٌ فاحش، فلا يمكن إثبات المعادلة بينهما معنًى، كما لا يمكن صورةً".اهـ.

وقال الغزالي في "المستصفى" (ص: 23): "وهذه الألفاظ - يعني الأحكام التكليفية الخمسة - لا شك أنها لا تُطلق على جوهر؛ بل على عَرَض, ولا على كل عَرَض؛ بل من جملتها على الأفعال فقط، ومن الأفعال على أفعال المكلَّفين، لا على أفعال البهائم".اهـ.

وقد اختلف الأصوليون في تعلُّق الأحكام بالأعيان، على ثلاثة أقوال:
الأول: ذهب الحنفية في المعتمَد - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - إلى أن الأحكام تتعلق بالأعيان، وأن الأعيان منشأ الحرمة، وذلك بطريق الحقيقة لا المجاز، كالتحريم والتحليل المضافَيْنِ إلى الفعل، فيوصف المحل أولاً بالحرمة، ثم تَثبُت حرمةُ الفعل بناءً عليه، فيثبت التحريم عامًّا، وهو ما ذهب إليه فخر الإسلام البزدوي، وصدر الشريعة، وغيرُهما، ونسب ابن عابدين هذا القولَ للمذهب، حيث قال في "رد المحتار": "قلتُ: وفيه أن إسناد الحرمة إلى العين حقيقةٌ عندنا، كما تقرَّر في كتب الأصول، على معنى إخراج العين عن محلِّيَّة الفعل، لينتفي الفعل بالأَوْلى".اهـ.

وقال السَّرَخْسِي - رحمه الله - في "أصوله": "وقالوا: امتنعَ ثبوتُ حكم العموم في هذه الصورة معنًى؛ لدلالة محل الكلام، وهو أن الحِلَّ والحرمة لا تكون وصفًا للمَحلِّ، وإنما تكون وصفًا لأفعالنا في المحل حقيقة، فإنما يصير المحل موصوفًا به مجازًا، وهذا غلط فاحش، فإن الحرمة بهذه النصوص ثابتة للأعيان الموصوفة بها حقيقة؛ لأن إضافة الحرمة إلى العين تنصيصٌ على لزومه، وتحقُّقه فيه، فلو جعلنا الحرمةَ صفةً للفعل لم تكن العين حرامًا، ألاَ ترى أن شربَ عصير الغير، وأكلَ مال الغير، فعلٌ حرام، ولم يكن ذلك دليلاً على حرمة العين، ولزوم هذا الوصف للعين، ولكن عمل هذه النصوص في إخراج هذه المَحالِّ من أن تكون قابلةً للفعل الحلال، وإثبات صفة الحرمة لازمة لأعيانها، فيكون ذلك بمنزلة النسخ، الذي هو رفع حكم، وإثبات حكم آخر مكانه، فبهذا الطريق تقوم العين مقامَ الفعل في إثبات صفة الحُرمة والحِلِّ له حقيقة، وهذا إذا تأملتَ في غاية التحقيق".اهـ.

وقال ابن تيمية في "العمدة": "التحريم والتحليل في مثل هذا إنما يُضاف إلى الأعيان، وإذا كان المراد أفعال المكلَّفين؛ كقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، و{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]، و{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]، و{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وهذا كثير في القرآن والحديث".اهـ.

ففي الحرام لعينه: المحلُّ أصلٌ، والفعل تَبَعٌ؛ بمعنى أن المحل أُخرج أولاً من قَبول الفعل ومُنع، ثم صار الفعل ممنوعًا ومُخرَجًا عن الاعتبار، فحسن نسبة الحرمة، وإضافتها إلى المحل دلالة على أنه غير صالح للفعل شرعًا، حتى كأنه الحرام نفسه، ولا يكون ذلك من إطلاق المحل وإرادة الفعل الحال فيه، بأن يُراد بالميتة أكلُها؛ لما في ذلك من فوات الدلالة على خروج المحل عن صلاحية الفعل.

ويقابل المحرَّمَ لعينه المحرمُ لغيره، والفرق بينهما: أن المحرَّم لعينه (لذاته) تكون العين فيه ليست محلاًّ للفعل؛ كالميتة والخنزير وسائر النجاسات، والمحرَّم لغيره هو ما كان مباحًا في الأصل؛ كالخبز، لكن يَحرُم أكلُه على غير مالكه، والمحل قابل للأكل في الجملة، بأن يأكله مالكه، بخلاف الأول، فإذا أضيفتْ الحرمة فيه إلى المحل، يكون على حذف المضاف، أو على إطلاق المحل على الحالِّ.

ويُطلِق بعضُ الفقهاء على الأول: محرَّمًا بالأصل، وعلى الثاني: محرمًا بالوصف، ففي المحرم لغيره إذا قيل: هذا الخبز حرام، يكون مجازًا، بإطلاق اسم المحل على الحالِّ؛ أي أكله حرام، وإذا قيل: الميتة حرام، فمعناه أنها منشأ الحرمة، لا أنه ذكر المحلَّ وقصد به الحالَّ.

هذا تقرير الرأي الأول عند الحنفية ومَن وافقهم.

الثاني: ذهب بعض الحنفية إلى أن تعلُّق الأحكام بالأعيان على سبيل المجاز لا الحقيقة، ونسب هذا القولَ ابنُ أمير الحاج إلى الأكثر من الحنفية، قال في "التقرير والتحبير" (1/164): "ثم هنا بحث آخر، وهو أن هذا الاستعمال حقيقي أو مجازي، فإن كان ذاك الفعل حرامًا لغيره، وهو ما لا يكون منشأ حرمته عين ذلك المحل؛ كحرمة أكل مال الغير، فإنها ليست لنفس المال؛ بل لكونه مِلك الغير، فالأكل منه محرَّم، والمحل قابل له حلالاً، بأن يأكله مالكُه، أو يُؤكِله غيرَه، فهو استعمال مجازي، إما مِن إطلاق اسم المحل على الحال، أو من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وإن كان ذاك الفعل حرامًا لعينه، وهو ما يكون منشأ حرمته عين ذلك المحل؛ كحرمة أكل الميتة، وشرب الخمر، فالأكثر أنه مجاز أيضًا كالأول، وقال شيخنا المصنف - رحمه الله تعالى -: وينبغي كونه على قولهم مجازًا عقليًّا؛ إذ لم يتجوز في لفظ "حُرِّمت"، ولا في لفظ "الخمر".اهـ.

وهذا ما ذهب إليه الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة؛ لأن التكليف لا يتعلق بالأعيان، وإنما يتعلق بالأفعال؛ فالأعيان ليست محلاًّ للتكليف، بخلاف الأفعال، فيكون قوله - تعالى -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] من باب الحذف؛ بقرينة دلالة العقل: أن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان، والمعنى: حُرِّم عليكم نكاحُ أمهاتكم.

قال ابن رشيق المالكي في "لباب المحصول في علم الأصول" (1/248): "ذات المأمور لا يتعلق بها الخطاب، وإنما يتعلق الطلب بالفعل".اهـ.

وقد سبق نقلُ مثلِ هذا عن الغزالي - رحمه الله - كما في "المستصفى".

وقال الزركشي في "البحر المحيط": "تنبيه: [تعلق الأحكام] عُلِم من تعريف الحكم بالتعلُّق بفعل المكلَّف أن الأحكام لا تتعلق بالأعيان، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في باب المُجمَل أن نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، أنه من باب الحذف؛ بقرينة دلالة العقل أن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان، ولكن هذا ليس متفقًا عليه، فقد ذهب جَمْعٌ من الحنفية إلى أن الحكم يتعلق بالعين كما يتعلق بالفعل، ومعنى حرمة العينِ خروجُها من أن تكون محلاًّ للفعل شرعًا، كما أن حرمة الفعل خروجٌ من الأعيان شرعًا".اهـ.

وقال ابن النجار في "شرح الكوكب المنير": "التحريم إنما يتعلق بفعل المكلف، فإذا أضيف إلى عين من الأعيان، يُقدَّر الفعلُ المقصود منه، ففي المأكولات: يقدر الأكل، وفي المشروبات: الشرب، وفي الملبوسات: اللبس، وفي الموطوءات: الوطء، فإذا أُطلِق أحدُ هذه الألفاظ سَبَقَ المعنى المراد إلى الفهم من غير توقُّف".اهـ.

الثالث: ذهب بعض الحنفية أيضًا - كما نقله التفتازاني في "التلويح" عن صاحب "الأسرار" وقال: "هو الأقرب" - إلى أن الحل والحرمة معًا، إذا كان لمعنًى في العين أُضيف إليها؛ لأنها نسبة، كما يقال: جرى الميزاب، فيقال: حرمت الميتة; لأن تحريمها لمعنًى فيها, ولا يُقال: حرمت شاة الغير; لأن حرمتها لاحترام المالك لا لمعنى فيها.

أما إذا كان الحل والحرمة ليسا لمعنًى في العين لم يُضف إليها، وإنما يُضاف إلى الفعل.

فتحصَّل في هذه المسألة ثلاثة أقوال، وقد ذكرها التَّفْتازاني برمَّتها في "التلويح على التوضيح"، كما نصَّ عليها غيرُه مفرقةً في مواضع.

والراجح - والله تعالى أعلم - هو قول الجمهور، الذين ذهبوا إلى امتناع تعلُّق الأحكام بالأعيان؛ لأن الأعيان ليست محلاًّ للتكليف، بخلاف الأفعال؛ ولأن الذين ذهبوا إلى أن الأحكام تتعلَّق بالأعيان، انتهى قولُهم إلى أن الممنوع هو الفعل، فاتَّفق الفريقان على أن العين لا تفعل واجبًا، ولا تترك محرمًا، وإنما يصدر الفعل والترك من المكلَّف، ولا يتحقق الامتثال للأمر إلا بذلك، وأن مجرد وجود العين المحرَّمة لا يفيد حكمًا شرعيًّا، فلا يستفاد الحكم الشرعي لها إلا بعد تكليف القادر على الامتثال من المكلفين.

كما أن تعريف الحكم الشرعي عند جمهور الأصوليين هو: خطاب الشارع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين، اقتضاءً أو تخييرًا أو وضعًا.

ويمكنك الرجوع - لاستيفاء هذه المسألة بحثًا - إلى المراجع التالية:
• "كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي"، لعلاء الدين عبدالعزيز بن أحمد البخاري (730هـ - 1330م).
• "التلويح على التوضيح"، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (792هـ).
• "المستصفى في علم الأصول"، لحجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الشافعي (505 - 1111م).
• "حاشية العطار على شرح المحلِّي على جمع الجوامع"؛ لحسن بن محمد بن محمود العطار.
• "البحر المحيط"، لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبدالله الشافعي الزركشي (745هـ - 794هـ).
• "شرح الكوكب المنير"، لمحمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفتوحي، المعروف بابن النجار الحنبلي (972هـ - 1564 م).
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-31-2011, 02:42 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هل يُحَكَّم العُرف؟

السؤال:

الشيخ/ علي ونيس، والله ما سمعتُ باسمك قط، ولا رأيتُ لك صورةً في صحيفة، أو موقعًا على الشبكة العنكبوتية، إلاَّ من خلال هذا الموقع المبارك، ولكن أقول: سبحان مَن قَذَف حبَّك في قلبي! وأشهد الله أنِّي أحبك فيه.

السؤال: هل يُحكَّم العُرف في الشرع؟ ولتفصيلٍ أكثر أقول: هل الأصل هو العُرف أو الشرع؟

ألا ترون أن في الاحتكام للعرف نوعًا مِن تجميد الأعراف والثبات عليها؟ بل حتَّى إن الأعراف أُعْطيتْ صِبْغة إسلامية؛ بل حتَّى إن الأذهان - وللأسف - تتعامَل مع مُخَالَفة هذه الأعراف بسلبيَّة، ولتوضيح ما أقصد، لكَ أن تسأل أحدًا مِن بلد تحرم فيه قيادة السيارة للمرأة، ما توقُّعاتك للوضْع الاجتماعي، لو قادت المرأة السيارة؟

فالأغلبيَّة الغالبة ستقول لك: فساد، سيكثر الشر، ومن هذا القبيل.

شخصيًّا أَتَمَنَّى ألاَّ يَقُدْنَ السيارة، حتى يحسن مستوى الظن لدى الشعب تجاه هذا الموضوع.

باختصار، قل لي ما تظن تجاه أمرٍ معين، أَقُلْ لك ما هي النتائج المتوقعة، والنَّظْرة سلبية تجاه هذا الموضوع.

كثيرة هي الأعراف التي ثبتنا عليها، وأُعْطِيت صبغة إسلامية، فالسؤال: إلى أيِّ حدٍّ يُمكِن الاعتماد على العُرف كحُكْمٍ بين الناس؟ وهل للحاكم أوِ العالِم أن يُحرِّم أمرًا تحريمًا نهائيًّا، وليس مؤقَّتًا، ويتعامل معه على أنه أحد الثوابت التي يجب ألا يُحاد عنها، خصوصًا في أمر مباح كقيادة المرأة؟

أعلم أني تشعبت كثيرًا في سؤالي هذا، و لكن كلِّي ثقة أنك بالحكمة التي عهدتها عليك بأنك ستجمع شتات هذه الأفكار، وتصوغ لي الإجابة التي ترويني.

هذا السؤال طرحته؛ لأن لي نيَّة - إن شاء الله - لطرح موضوع في أحد المنتديات بخصوص هذا الشأن، و لأني لا أُريد أن أَكتب ما لم أفهمه أو يتضح لي؛ لأن هناك مُشكلة في فكرتين أراهما تتفشيان عند كثير من الناس:

- الفكرة الأولى: التحريم المطلق لكل ما هو مُعتاد عليه، حتى وإن كان حلالاً؛ بل اعتُبر من ضمن الثوابت للأسف!

- الفكرة الثانية: ضرب بالعادات والتقاليد عُرْض الحائط، والنظر إلى الأشياء على أنها مباحة، دون النظر إلى الآثار الاجتماعية المترتبة على مثل هذا الشيء.
رعاك الرحمن.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
فجزاك الله خيرًا على هذا الثناء الذي لا أستحق شيئًا منه، وبارك الله فيك، وزادك حرصًا على الخير، وأحبَّك الله الذي أحببتنا له، وجمعنا بك يوم القيامة مع المتحابين فيه.

سؤالك - أخي الحبيب - يبلغ درجة كبيرة من الأهمية؛ إذ العرف غير ثابت بمرور الزمان وتعاقب الدهور والأيام، وقد تعلَّقت به كثير من الأحكام وجودًا وعدمًا، وحتى يتبين لك الأمر في كل ما سألتَ عنه؛ سأذكر لك ملخصَ قاعدة العرف، وبها يتضح لك المقام:

العُرْف – لغةً -: كلُّ ما تعرفه النَّفْس منَ الخير وتطمئن إليه، وهو ضِدُّ النُّكر، والعُرف والمعروف: الجود[1].

والعُرْف – اصطلاحًا -: ما استَقَرَّتِ النفوس عليه بشهادة العقول، وتَلَقَّتْه الطبائع بالقَبول[2].


والمعتبر هنا هو التعريف الاصطلاحي، فكل ما اعتاده الناس وألِفُوه، حتى صار جزءًا من حياتهم لا يمكنهم الاستغناء عنه، بحيث يتبادر إلى الفهم عند الإطلاق، فهو العرف الذي يجب اعتماده والتعويل عليه.

وقد دل على اعتبار العرف عدةُ أدلة، منها ما روته أمُّنا عائشةُ - رضي الله عنها -: "أن هند بنت عتبة، قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلاَّ ما أخذتُ منه وهو لا يعلم"، فقال: ((خُذِي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف))[3].


قال ابن تيميَّة: "والصَّحيح الذي يدلُّ عليه أكثرُ نصوصِ أحمد، وعليه أكثرُ السلَفِ: أنَّ ما يوجبه العقد لكلِّ واحد منَ الزَّوجينِ على الآخر، كالنَّفَقَة والاستمتاع، والمثبت للمرأة، وكالاستمتاع للزوج - ليس بمُقَدَّر؛ بلِ المرجع في ذلك إلى العُرْف؛ كما دَلَّ عليه الكتاب في مثل قوله – تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وفي مثل قوله - - لهند: ((خُذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف))، فإذا تنازَعَ الزوجانِ فيه، فرَضَ الحاكمُ ذلك باجتهادِه، كما فرضتِ الصحابةُ مقدار الوَطْء للزوج بمرَّات متعدِّدة، ومن قدَّر من أصحاب أحمد الوطء المستَحَق، فهو كتقدير الشافعي النَّفقة؛ إذ كلاهما مما تحتاجُه المرأة، ويوجبه العقد، وتقدير ذلك ضعيفٌ عند عامة الفقهاء، بعيدٌ عن معاني الكتاب والسُّنَّة والاعتبار، والشافعي - رضي الله عنه - إنما قَدَّره طردًا للقاعدة التي ذَكَرْناها عنه مِن نَفْيِه للجَهَالة في جميع العقود؛ قياسًا على المنْع من بيع الغَرَر، فجَعَل النفقة المستحقة بِعَقْد النكاح مقدرة طردًا كذلك"[4] اهـ.


قال أبو بكر بن العربي: "إنَّ الإنفاق ليس له تقديرٌ شرعي، وإنما أحالَهُ الله - تعالى - على العادَةِ، وهي دليل أصوليٌّ، بَنَى الله - تعالى - عليه الأحكامَ، وربط به الحلال والحرام"[5]اهـ.


وقال ابن قُدَامة: "والصحيح: ردُّ الحقوق المطْلَقة في الشرع إلى العُرف فيما بين الناس في نفقاتِهم، في حقِّ المُوسِرِ والمُعْسِر والمتوَسِّط، كما رددناهُمْ في الكِسْوَةِ إلى ذلك"[6]. اهـ.

وقد درج الفقهاءُ قاطبةً على بناء كثيرٍ منَ الأحكام على العُرف، فضلاً عن ذِكرهم ذلك على سبيل القاعدة المُطَّرِدة.

قال ابن عابدين: "النَّصُّ معلول بالعُرْف، فيكون هو المعتبَر في أيِّ زمان كان"[7] اهـ.

وعن مالك: أنَّه خَصَّص قوله – تعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] بالعرف، قائلاً: "إنَّ المرأة الشريفة لا ترضع؛ بناءً على العرف، وهو يوجب الرضاع على غيرها"[8].


وقال الرَّافعي: "الشافعي يتبع مقتضى اللغة تارةً، وذلك عند ظُهُورها وشمولها، وهو الأصل، وتارةً يتبع العُرف إذا استمَرَّ واطرد، وقال ابن عبدالسلام: قاعدة الأَيْمان: البناء على العرف إذا لم يضطرب، فإن اضطرب فالرُّجُوع إلى اللغة"[9].


والإمام أحمد يرى أنَّ الجائحة تحدَّد بالعُرف؛ إذ ليس لها قدرٌ معلومٌ في الشرع، قال ابنُ قدامة: "الفصل الثالث: أنَّ ظاهر المذهب أنه لا فَرْق بين قليل الجائحة وكثيرها؛ إلاَّ أن ما جرتِ العادة بتلف مثله - كالشيء اليَسِير الذي لا ينضبط - فلا يُلتَفتُ إليه، قال أحمد: إنِّي لا أقول في عشر ثمرات ولا عشرين ثمرة، ولا أدري ما الثُّلث؛ ولكن إذا كانتْ جائحة تُعْرَف؛ الثُّلث، أو الربع، أو الخمس - تُوضَع"[10] اهـ.


ولهذه القاعدة أهمية بالغة، فهي من أعظم الدلائل على السَّعَة والمُرُونة في الشريعة الإسلامية، وقد عَقَد لها الإمامُ ابن القيِّم فصلاً بقوله: "فصل في تغيُّر الفتوى بحسب الأمكِنة والأزمنة والأحوال والنيَّات والعوائد"، ثم قال: "هذا فصل عظيمُ النفع جدًّا، وقع بسبب الجهل به غَلَطٌ عظيمٌ على الشريعة، أوجب منَ الحَرَج، والمشَقَّة، وتكليف ما لا سبيل إليه - ما يُعْلَم أنَّ الشريعة الباهِرَة التي في أعلى رُتَب المصالح لا تأتي به؛ فإنَّ الشريعةَ مبناها وأساسُها على الحِكَم ومصالح العِباد في المعاش والمعاد، وهي عدْلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالحُ كلُّها، وحكمة كلها، فكلُّ مسألة خرجتْ عنِ العدل إلى الجَوْر، وعنِ الرحمة إلى ضِدِّها، وعنِ المصلحة إلى المفْسَدة، وعنِ الحكمة إلى العَبَث، فليستْ منَ الشريعة، وإنْ أُدخِلَتْ فيها بالتأويل، فالشريعةُ عَدْل الله بين عبادِه، ورحمته بين خلْقِه، وظِلُّه في أرْضِه، وحِكْمتُه الدَّالَّة عليه وعلى صِدق رسوله - "[11].

وليس كل عرف يعمُّ في الناس يجب العمل بمقتضاه؛ بل وضع العلماء للعمل بالعرف شروطًا، منها:
الأول: ألاَّ يكونَ في العرف تعطيلٌ لنصٍّ ثابت، أو لأصلٍ قطعي في الشريعة[12].


الثاني: أن يكونَ العُرف قائمًا وقت التَّصرُّف، ولا يُعتبر العُرف المتأخر في التَّصرُّفات السابقة، فإذا طرأ عرف جديدٌ بعد اعتبار العُرف السائد عند صدور الفعل أو القول، فلا يعتبر هذا العرف[13].
قال السيوطي: العُرف الذي تُحمَل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخِّر"[14]. اهـ.


الثالث: ألاَّ يُعارَضَ العُرف بتصريح بخلافه، فلو استأجر شخصٌ أجيرًا للعمل منَ الظُّهر إلى العصر فقط، ليس له أن يلزمه بالعمل منَ الصباح إلى المساء؛ بحجَّة أنَّ عُرف البلدة هكذا؛ لأنَّ نص الاتِّفاق على خلاف العرف، فلا اعتبار بالعُرف.


الرابع: أن يكونَ العرفُ مطَّردًا غالبًا؛ أي: استمر العمل به من غير تخلُّف في الحوادث، ومعنى غلبته: أن يكونَ شائعًا بين أهله في أكثر الحوادث.
قال السيوطي: "إنما تعتبر العادةُ إذا اطَّردتْ، فإنِ اضطربتْ، فلا، وإنْ تعارضتِ الظنون في اعتبارها، فخلاف"[15].


وللعرف أقسام كثيرة باعتبارات متعددة، فمنه العرف الصحيح، والعرف الفاسد:
أما الصحيح، فهو ما تعارفه الناس، وليس فيه مخالَفة لنصٍّ شرعي، ولا تفويت لمصلحة، ولا جلب لمفسدة، كتعارُفِهم تقديمَ الهدايا منَ الخطيب لخطيبته، وعدم اعتبارها من المهر.

وأما الفاسد، ما خالف بعض أدِلَّة الشرع، أو بعض قواعده، كتعارُفِهم على بعض العقود الرِّبَوِية، ومنكرات الأفراح، ونحو ذلك[16].

هذا أحد أقسام العرف بهذا الاعتبار، ومن أقسامه أيضًا: العام والخاص، والقولي والعملي، والثابت والمتبدِّل.

ولتغير الأحكام بتغير العرف مجالات لا يتعداها، فما كان متبدِّلاً في العادة من حُسْنٍ إلى قُبح، وبالعكس، مثل: كشف الرأس للرجل، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع، فهو لِذَوِي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقيَّة، وغير قبيح في البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادِحًا في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادحٍ.

وما كان ثابتًا أبدًا كسائر الأمور الشرعيَّة، كما قالوا في سلْب العبد أهليَّةَ الشهادة، وفي الأمر بإزالة النجاسات، وطهارة التأهُّب للمناجاة، وستر العورات، والنَّهْي عنِ الطواف بالبيت على العري، وما أشبه ذلك منَ العوائد الجارية في الناس، إمَّا حسنة عند الشارع، وإما قبيحة، فإنها من جملة الأمور الداخلة تحت أحكام الشرع، فلا تبديل لها، وإنِ اختلفتْ آراء المكلَّفينَ فيها.

ولتعلم أن الأصل في الأحكام هو الشرع، والعرفُ طارئ عليه، فيتغير الحكم عند تغير العرف لا باعتبار اختلاف الحكم في حقيقته؛ ولكن باعتبار اختلاف العادات والأعراف.

قال الشاطبي - رحمه الله -: واعلَم أنَّ ما جرى ذِكرُه هنا مِن اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد، فليس في الحقيقة باختلاف في أصل الخطاب؛ لأن الشَّرع موضوع على أنه دائم أبدي، لو فُرض بقاء الدُّنيا من غير نهاية، والتكليف كذلك لم يحتج في الشرع إلى مزيدٍ، وإنما معنى الاختلاف: أنَّ العوائد إذا اختلفتْ، رجعت كلُّ عادة إلى أصلٍ شرعي، يحكم به عليها، كما في البلوغ مثلاً، فإن الخطابَ التكليفيَّ مرتفع عنِ الصبي ما كان قبل البلوغ، فإذا بلغ وَقَع عليه التكليف، فسُقُوط التكليف قبل البلوغ، ثم ثبوته بعده، ليس باختلاف في الخطاب، وإنما وقع الاختلافُ في العوائد والشواهد"[17].


أما عن المثال الذي ضربتَه بالنسبة لقيادة المرأة السيارة، فالأصل أنه جائز، ومَنَع العلماء منه في هذا الزمان؛ لعلَّتين:
الأولى: أنه خلاف ما جرى عليه العرف.
الثانية: العمل بقاعدة سد الذرائع إلى الفساد؛ وذلك لما وجدوه من مفاسدَ كثيرةٍ تترتب على هذا الأمر.

فيوجد هذا الحكم حيث وُجدتْ علَّتُه، ويُفقَد حيث فقدتْ، وهذا يختلف باختلاف الأعراف والزمان والمكان.

وإذا بني حكم على عرف، ثم تغيَّر هذا العرف، فإن الحكم يتغير تبعًا لتغيره إلى ما يتناسب مع العرف الجديد، فكما عملنا بالعرف الأول عند وجوده، كذلك نعمل بالعرف الثاني عند وجوده، فليس أحدهما بأولى من الآخر.

وقد سبق ونقلنا عن ابن عابدين قوله: "النَّصُّ معلول بالعُرْف، فيكون هو المعتبَرَ في أيِّ زمان كان"[18]. اهـ.


وهذا يعني أن للعرف تصرفًا في النص، لكن بالضوابط والقيود التي ذكرناها آنفًا،، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "لسان العرب" (عرف)، و"المصباح المنير" (عرف).

[2] "التعريفات" (1/ 193).

[3] رواه البخاري برقم (5049)، باب: "إذا لم ينفقِ الرجل، فلِلمرأة أن تأخذَ بغير عِلْمه ما يكفيها وولدها من معروف".

[4] "الفتاوى الكبرى" (4/ 104).

[5] "أحكام القرآن"؛ لابن العربي (4/ 1830).

[6] "المغني" (7/ 567).

[7] "حاشية ابن عابدين" (4/ 112).

[8] "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 161).

[9] "الأشباه والنظائر" (ص67).

[10] "المغني" (6/ 179).

[11] "إعلام الموقعين" (3/ 11).

[12] انظر: "المنثور في القواعد" (2/ 356).

[13] انظر: "الأشباه والنظائر"؛ لابن نجيم (ص 101).

[14] "الأشباه والنظائر" (1/ 96).

[15] "الأشباه والنظائر" (ص 56).

[16] انظر: "الموافقات" (2/ 283).

[17] "الموافَقَات في أُصُول الأحكام" (2/ 197، 198، 199)، بتصرُّف يسير.

[18] "حاشية ابن عابدين" (4/ 112).
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-31-2011, 02:43 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هل يُحَكَّم العُرف؟

السؤال:

الشيخ/ علي ونيس، والله ما سمعتُ باسمك قط، ولا رأيتُ لك صورةً في صحيفة، أو موقعًا على الشبكة العنكبوتية، إلاَّ من خلال هذا الموقع المبارك، ولكن أقول: سبحان مَن قَذَف حبَّك في قلبي! وأشهد الله أنِّي أحبك فيه.

السؤال: هل يُحكَّم العُرف في الشرع؟ ولتفصيلٍ أكثر أقول: هل الأصل هو العُرف أو الشرع؟

ألا ترون أن في الاحتكام للعرف نوعًا مِن تجميد الأعراف والثبات عليها؟ بل حتَّى إن الأعراف أُعْطيتْ صِبْغة إسلامية؛ بل حتَّى إن الأذهان - وللأسف - تتعامَل مع مُخَالَفة هذه الأعراف بسلبيَّة، ولتوضيح ما أقصد، لكَ أن تسأل أحدًا مِن بلد تحرم فيه قيادة السيارة للمرأة، ما توقُّعاتك للوضْع الاجتماعي، لو قادت المرأة السيارة؟

فالأغلبيَّة الغالبة ستقول لك: فساد، سيكثر الشر، ومن هذا القبيل.

شخصيًّا أَتَمَنَّى ألاَّ يَقُدْنَ السيارة، حتى يحسن مستوى الظن لدى الشعب تجاه هذا الموضوع.

باختصار، قل لي ما تظن تجاه أمرٍ معين، أَقُلْ لك ما هي النتائج المتوقعة، والنَّظْرة سلبية تجاه هذا الموضوع.

كثيرة هي الأعراف التي ثبتنا عليها، وأُعْطِيت صبغة إسلامية، فالسؤال: إلى أيِّ حدٍّ يُمكِن الاعتماد على العُرف كحُكْمٍ بين الناس؟ وهل للحاكم أوِ العالِم أن يُحرِّم أمرًا تحريمًا نهائيًّا، وليس مؤقَّتًا، ويتعامل معه على أنه أحد الثوابت التي يجب ألا يُحاد عنها، خصوصًا في أمر مباح كقيادة المرأة؟

أعلم أني تشعبت كثيرًا في سؤالي هذا، و لكن كلِّي ثقة أنك بالحكمة التي عهدتها عليك بأنك ستجمع شتات هذه الأفكار، وتصوغ لي الإجابة التي ترويني.

هذا السؤال طرحته؛ لأن لي نيَّة - إن شاء الله - لطرح موضوع في أحد المنتديات بخصوص هذا الشأن، و لأني لا أُريد أن أَكتب ما لم أفهمه أو يتضح لي؛ لأن هناك مُشكلة في فكرتين أراهما تتفشيان عند كثير من الناس:

- الفكرة الأولى: التحريم المطلق لكل ما هو مُعتاد عليه، حتى وإن كان حلالاً؛ بل اعتُبر من ضمن الثوابت للأسف!

- الفكرة الثانية: ضرب بالعادات والتقاليد عُرْض الحائط، والنظر إلى الأشياء على أنها مباحة، دون النظر إلى الآثار الاجتماعية المترتبة على مثل هذا الشيء.
رعاك الرحمن.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
فجزاك الله خيرًا على هذا الثناء الذي لا أستحق شيئًا منه، وبارك الله فيك، وزادك حرصًا على الخير، وأحبَّك الله الذي أحببتنا له، وجمعنا بك يوم القيامة مع المتحابين فيه.

سؤالك - أخي الحبيب - يبلغ درجة كبيرة من الأهمية؛ إذ العرف غير ثابت بمرور الزمان وتعاقب الدهور والأيام، وقد تعلَّقت به كثير من الأحكام وجودًا وعدمًا، وحتى يتبين لك الأمر في كل ما سألتَ عنه؛ سأذكر لك ملخصَ قاعدة العرف، وبها يتضح لك المقام:

العُرْف – لغةً -: كلُّ ما تعرفه النَّفْس منَ الخير وتطمئن إليه، وهو ضِدُّ النُّكر، والعُرف والمعروف: الجود[1].

والعُرْف – اصطلاحًا -: ما استَقَرَّتِ النفوس عليه بشهادة العقول، وتَلَقَّتْه الطبائع بالقَبول[2].


والمعتبر هنا هو التعريف الاصطلاحي، فكل ما اعتاده الناس وألِفُوه، حتى صار جزءًا من حياتهم لا يمكنهم الاستغناء عنه، بحيث يتبادر إلى الفهم عند الإطلاق، فهو العرف الذي يجب اعتماده والتعويل عليه.

وقد دل على اعتبار العرف عدةُ أدلة، منها ما روته أمُّنا عائشةُ - رضي الله عنها -: "أن هند بنت عتبة، قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلاَّ ما أخذتُ منه وهو لا يعلم"، فقال: ((خُذِي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف))[3].


قال ابن تيميَّة: "والصَّحيح الذي يدلُّ عليه أكثرُ نصوصِ أحمد، وعليه أكثرُ السلَفِ: أنَّ ما يوجبه العقد لكلِّ واحد منَ الزَّوجينِ على الآخر، كالنَّفَقَة والاستمتاع، والمثبت للمرأة، وكالاستمتاع للزوج - ليس بمُقَدَّر؛ بلِ المرجع في ذلك إلى العُرْف؛ كما دَلَّ عليه الكتاب في مثل قوله – تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وفي مثل قوله - - لهند: ((خُذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف))، فإذا تنازَعَ الزوجانِ فيه، فرَضَ الحاكمُ ذلك باجتهادِه، كما فرضتِ الصحابةُ مقدار الوَطْء للزوج بمرَّات متعدِّدة، ومن قدَّر من أصحاب أحمد الوطء المستَحَق، فهو كتقدير الشافعي النَّفقة؛ إذ كلاهما مما تحتاجُه المرأة، ويوجبه العقد، وتقدير ذلك ضعيفٌ عند عامة الفقهاء، بعيدٌ عن معاني الكتاب والسُّنَّة والاعتبار، والشافعي - رضي الله عنه - إنما قَدَّره طردًا للقاعدة التي ذَكَرْناها عنه مِن نَفْيِه للجَهَالة في جميع العقود؛ قياسًا على المنْع من بيع الغَرَر، فجَعَل النفقة المستحقة بِعَقْد النكاح مقدرة طردًا كذلك"[4] اهـ.


قال أبو بكر بن العربي: "إنَّ الإنفاق ليس له تقديرٌ شرعي، وإنما أحالَهُ الله - تعالى - على العادَةِ، وهي دليل أصوليٌّ، بَنَى الله - تعالى - عليه الأحكامَ، وربط به الحلال والحرام"[5]اهـ.


وقال ابن قُدَامة: "والصحيح: ردُّ الحقوق المطْلَقة في الشرع إلى العُرف فيما بين الناس في نفقاتِهم، في حقِّ المُوسِرِ والمُعْسِر والمتوَسِّط، كما رددناهُمْ في الكِسْوَةِ إلى ذلك"[6]. اهـ.

وقد درج الفقهاءُ قاطبةً على بناء كثيرٍ منَ الأحكام على العُرف، فضلاً عن ذِكرهم ذلك على سبيل القاعدة المُطَّرِدة.

قال ابن عابدين: "النَّصُّ معلول بالعُرْف، فيكون هو المعتبَر في أيِّ زمان كان"[7] اهـ.

وعن مالك: أنَّه خَصَّص قوله – تعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] بالعرف، قائلاً: "إنَّ المرأة الشريفة لا ترضع؛ بناءً على العرف، وهو يوجب الرضاع على غيرها"[8].


وقال الرَّافعي: "الشافعي يتبع مقتضى اللغة تارةً، وذلك عند ظُهُورها وشمولها، وهو الأصل، وتارةً يتبع العُرف إذا استمَرَّ واطرد، وقال ابن عبدالسلام: قاعدة الأَيْمان: البناء على العرف إذا لم يضطرب، فإن اضطرب فالرُّجُوع إلى اللغة"[9].


والإمام أحمد يرى أنَّ الجائحة تحدَّد بالعُرف؛ إذ ليس لها قدرٌ معلومٌ في الشرع، قال ابنُ قدامة: "الفصل الثالث: أنَّ ظاهر المذهب أنه لا فَرْق بين قليل الجائحة وكثيرها؛ إلاَّ أن ما جرتِ العادة بتلف مثله - كالشيء اليَسِير الذي لا ينضبط - فلا يُلتَفتُ إليه، قال أحمد: إنِّي لا أقول في عشر ثمرات ولا عشرين ثمرة، ولا أدري ما الثُّلث؛ ولكن إذا كانتْ جائحة تُعْرَف؛ الثُّلث، أو الربع، أو الخمس - تُوضَع"[10] اهـ.


ولهذه القاعدة أهمية بالغة، فهي من أعظم الدلائل على السَّعَة والمُرُونة في الشريعة الإسلامية، وقد عَقَد لها الإمامُ ابن القيِّم فصلاً بقوله: "فصل في تغيُّر الفتوى بحسب الأمكِنة والأزمنة والأحوال والنيَّات والعوائد"، ثم قال: "هذا فصل عظيمُ النفع جدًّا، وقع بسبب الجهل به غَلَطٌ عظيمٌ على الشريعة، أوجب منَ الحَرَج، والمشَقَّة، وتكليف ما لا سبيل إليه - ما يُعْلَم أنَّ الشريعة الباهِرَة التي في أعلى رُتَب المصالح لا تأتي به؛ فإنَّ الشريعةَ مبناها وأساسُها على الحِكَم ومصالح العِباد في المعاش والمعاد، وهي عدْلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالحُ كلُّها، وحكمة كلها، فكلُّ مسألة خرجتْ عنِ العدل إلى الجَوْر، وعنِ الرحمة إلى ضِدِّها، وعنِ المصلحة إلى المفْسَدة، وعنِ الحكمة إلى العَبَث، فليستْ منَ الشريعة، وإنْ أُدخِلَتْ فيها بالتأويل، فالشريعةُ عَدْل الله بين عبادِه، ورحمته بين خلْقِه، وظِلُّه في أرْضِه، وحِكْمتُه الدَّالَّة عليه وعلى صِدق رسوله - "[11].

وليس كل عرف يعمُّ في الناس يجب العمل بمقتضاه؛ بل وضع العلماء للعمل بالعرف شروطًا، منها:
الأول: ألاَّ يكونَ في العرف تعطيلٌ لنصٍّ ثابت، أو لأصلٍ قطعي في الشريعة[12].


الثاني: أن يكونَ العُرف قائمًا وقت التَّصرُّف، ولا يُعتبر العُرف المتأخر في التَّصرُّفات السابقة، فإذا طرأ عرف جديدٌ بعد اعتبار العُرف السائد عند صدور الفعل أو القول، فلا يعتبر هذا العرف[13].
قال السيوطي: العُرف الذي تُحمَل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخِّر"[14]. اهـ.


الثالث: ألاَّ يُعارَضَ العُرف بتصريح بخلافه، فلو استأجر شخصٌ أجيرًا للعمل منَ الظُّهر إلى العصر فقط، ليس له أن يلزمه بالعمل منَ الصباح إلى المساء؛ بحجَّة أنَّ عُرف البلدة هكذا؛ لأنَّ نص الاتِّفاق على خلاف العرف، فلا اعتبار بالعُرف.


الرابع: أن يكونَ العرفُ مطَّردًا غالبًا؛ أي: استمر العمل به من غير تخلُّف في الحوادث، ومعنى غلبته: أن يكونَ شائعًا بين أهله في أكثر الحوادث.
قال السيوطي: "إنما تعتبر العادةُ إذا اطَّردتْ، فإنِ اضطربتْ، فلا، وإنْ تعارضتِ الظنون في اعتبارها، فخلاف"[15].


وللعرف أقسام كثيرة باعتبارات متعددة، فمنه العرف الصحيح، والعرف الفاسد:
أما الصحيح، فهو ما تعارفه الناس، وليس فيه مخالَفة لنصٍّ شرعي، ولا تفويت لمصلحة، ولا جلب لمفسدة، كتعارُفِهم تقديمَ الهدايا منَ الخطيب لخطيبته، وعدم اعتبارها من المهر.

وأما الفاسد، ما خالف بعض أدِلَّة الشرع، أو بعض قواعده، كتعارُفِهم على بعض العقود الرِّبَوِية، ومنكرات الأفراح، ونحو ذلك[16].

هذا أحد أقسام العرف بهذا الاعتبار، ومن أقسامه أيضًا: العام والخاص، والقولي والعملي، والثابت والمتبدِّل.

ولتغير الأحكام بتغير العرف مجالات لا يتعداها، فما كان متبدِّلاً في العادة من حُسْنٍ إلى قُبح، وبالعكس، مثل: كشف الرأس للرجل، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع، فهو لِذَوِي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقيَّة، وغير قبيح في البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادِحًا في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادحٍ.

وما كان ثابتًا أبدًا كسائر الأمور الشرعيَّة، كما قالوا في سلْب العبد أهليَّةَ الشهادة، وفي الأمر بإزالة النجاسات، وطهارة التأهُّب للمناجاة، وستر العورات، والنَّهْي عنِ الطواف بالبيت على العري، وما أشبه ذلك منَ العوائد الجارية في الناس، إمَّا حسنة عند الشارع، وإما قبيحة، فإنها من جملة الأمور الداخلة تحت أحكام الشرع، فلا تبديل لها، وإنِ اختلفتْ آراء المكلَّفينَ فيها.

ولتعلم أن الأصل في الأحكام هو الشرع، والعرفُ طارئ عليه، فيتغير الحكم عند تغير العرف لا باعتبار اختلاف الحكم في حقيقته؛ ولكن باعتبار اختلاف العادات والأعراف.

قال الشاطبي - رحمه الله -: واعلَم أنَّ ما جرى ذِكرُه هنا مِن اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد، فليس في الحقيقة باختلاف في أصل الخطاب؛ لأن الشَّرع موضوع على أنه دائم أبدي، لو فُرض بقاء الدُّنيا من غير نهاية، والتكليف كذلك لم يحتج في الشرع إلى مزيدٍ، وإنما معنى الاختلاف: أنَّ العوائد إذا اختلفتْ، رجعت كلُّ عادة إلى أصلٍ شرعي، يحكم به عليها، كما في البلوغ مثلاً، فإن الخطابَ التكليفيَّ مرتفع عنِ الصبي ما كان قبل البلوغ، فإذا بلغ وَقَع عليه التكليف، فسُقُوط التكليف قبل البلوغ، ثم ثبوته بعده، ليس باختلاف في الخطاب، وإنما وقع الاختلافُ في العوائد والشواهد"[17].


أما عن المثال الذي ضربتَه بالنسبة لقيادة المرأة السيارة، فالأصل أنه جائز، ومَنَع العلماء منه في هذا الزمان؛ لعلَّتين:
الأولى: أنه خلاف ما جرى عليه العرف.
الثانية: العمل بقاعدة سد الذرائع إلى الفساد؛ وذلك لما وجدوه من مفاسدَ كثيرةٍ تترتب على هذا الأمر.

فيوجد هذا الحكم حيث وُجدتْ علَّتُه، ويُفقَد حيث فقدتْ، وهذا يختلف باختلاف الأعراف والزمان والمكان.

وإذا بني حكم على عرف، ثم تغيَّر هذا العرف، فإن الحكم يتغير تبعًا لتغيره إلى ما يتناسب مع العرف الجديد، فكما عملنا بالعرف الأول عند وجوده، كذلك نعمل بالعرف الثاني عند وجوده، فليس أحدهما بأولى من الآخر.

وقد سبق ونقلنا عن ابن عابدين قوله: "النَّصُّ معلول بالعُرْف، فيكون هو المعتبَرَ في أيِّ زمان كان"[18]. اهـ.


وهذا يعني أن للعرف تصرفًا في النص، لكن بالضوابط والقيود التي ذكرناها آنفًا،، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "لسان العرب" (عرف)، و"المصباح المنير" (عرف).

[2] "التعريفات" (1/ 193).

[3] رواه البخاري برقم (5049)، باب: "إذا لم ينفقِ الرجل، فلِلمرأة أن تأخذَ بغير عِلْمه ما يكفيها وولدها من معروف".

[4] "الفتاوى الكبرى" (4/ 104).

[5] "أحكام القرآن"؛ لابن العربي (4/ 1830).

[6] "المغني" (7/ 567).

[7] "حاشية ابن عابدين" (4/ 112).

[8] "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 161).

[9] "الأشباه والنظائر" (ص67).

[10] "المغني" (6/ 179).

[11] "إعلام الموقعين" (3/ 11).

[12] انظر: "المنثور في القواعد" (2/ 356).

[13] انظر: "الأشباه والنظائر"؛ لابن نجيم (ص 101).

[14] "الأشباه والنظائر" (1/ 96).

[15] "الأشباه والنظائر" (ص 56).

[16] انظر: "الموافقات" (2/ 283).

[17] "الموافَقَات في أُصُول الأحكام" (2/ 197، 198، 199)، بتصرُّف يسير.

[18] "حاشية ابن عابدين" (4/ 112).
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-03-2012, 07:48 PM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السؤال:

السلام عليْكُم، ورحْمة الله، وبركاته.

أمَّا بعدُ، فمنذُ فترةٍ عرَض أحدُ الشَّباب - ممَّن كان يَربطُني به علاقةٌ جيِّدة - الخِطبة على ابنةِ عمٍّ لي، وأنا يعِزُّ عليَّ عمي، وكذلك البنت التي أعتبِرُها مثلَ أُختي، وكنت أستاذَها لفترةٍ طويلة، ولأنَّني أعرِف الشَّخص جيِّدًا وبعْض الصِّفات التي لا تعجِبُني، ووضْع بيتِهم وأمِّه وأخواتِه، قلتُ لعمِّي ما أعرِفُه عنْه - وبكلِّ جرأة - ولَم أتردَّد، وظننْتُ أنَّ هذه الكلِمة لابدَّ من قولها، واعتبرتُها دَينًا في رقبتي؛ لأني أعرف عنه الكثيرَ، مثل عقلِه المتحجِّر، وكذِبه الدَّائم وكبره وإلى آخِره، فلا أعرِف هل لحِق بي إثْم؟
فلم أقُل إلاَّ ما وجدتُه فيهِ، وقناعتِي فيه، مع العِلم أنَّ عمِّي لم يتَّخذ القرار، أي: لم يعطِه حتَّى الآن، والأغلب أن لا يُعطيه، والسَّلام عليكم، ورحْمة الله، وبركاته.


الجواب:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه، وبعد:

نسألُ الله أن يَجزيَك على ما نويْتَ خيرًا، وأن يَجعلَه خالصًا لوجهِه الكريم.
ولتعلَمْ: أنَّ الأصْل هو ستْر عيوب المسلِم، والاحتِراز عن ذِكْرها للنَّاس، وعدم نشْرِها بلا فائدة، بل هو غِيبة مُحرَّمة، وكبيرةٌ من الكبائر؛ ففي حديث عبدالله بن عُمر - رضِي الله عنهما -: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((.... ومَن ستَر مسلِمًا سترَهُ الله يومَ القِيامة))؛ رواه البخاريُّ وغيره.

وروى الإمام أحمدُ في مسنده، عن ثوبانَ - رضي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا تؤْذوا عبادَ الله ولا تعيِّروهم، ولا تطلُبوا عوراتِهم؛ فإنَّه مَن طلب عورةَ أخيه المسلِم، طلب الله عورته، حتى يفضحَه في بيته)).


وروى الإمامُ أحمد في مُسندِه، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الجامع الصغير": أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((مَن ستر أخاهُ المسلمَ في الدُّنيا، سترهُ الله يوْمَ القِيامة)).


لكن قد يَرِدُ على هذا الحكم العامِّ من الأحوال ما يَجعله مباحًا أو واجبًا، ولا يعدُّ ذلك من الغِيبة المحرَّمة، ومن ذلك إبداء العيوب المؤثِّرة للخاطب أو المخطوبة؛ لأنَّ ذلك من النُّصح في الدِّين، الذي أمر به الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلَّم - فعن تَميمٍ الدَّاري: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليْه وسلَّم - قال: ((الدين النَّصيحة))، قُلْنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابِه، ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتِهم))؛ رواهُ مسلمٌ وغيرُه.


وقد فعل النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا عندما قال لفاطمةَ بنت قيس، حينَ شاورتْه - عليه الصَّلاة والسَّلام - لمَّا خطبها معاويةُ بن أبي سفيان وأبو جهْم، قال: ((أمَّا معاويةُ، فرجُلٌ صعلوكٌ لا مالَ له، وأمَّا أبو جهْم، فلا يضَع العصا عن عاتِقِه))؛ متَّفق عليه.


كما أنَّ رعاية المصالح داعيةٌ إلى ذلك، ومعلوم أنَّ: جلْب المصالح ودرْءَ المفاسد أعظمُ مقصِدٍ من مقاصد الدين.


قال العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": "الغِيبة مفسدةٌ محرَّمة، لكنَّها جائزةٌ إذا تضمَّنت مصلحةً واجبة التحصيل، أو جائزةَ التحصيل". اهـ.


وقال زكريَّا الأنصاري في "شرحه للبهجة الوردية"، وهو من كتب الشافعية: "(وجاز) بل وجب (الذكر للقباح)؛ أي: ذكر القبح الكائن (من خاطبٍ) أو نحوه، للمستشير فيه بالصِّدْق ليحذرَ؛ بذلاً للنصيحة، وليس ذلك من الغيبة المحرَّمة، نعم، إنِ اندفع بمجرَّد قولِه: لا تفعل هذا، أو لا تصلُحُ لك مصاهرتُه، أو لا خيرَ لك فيه أو نحوه - لم يَجُز ذِكْرُ عيوبه، قاله النوويُّ في "أذكاره"، وقياسُه: أنَّه إذا اندفع بذكر البعْض لا يذكر الجميع.


(تنبيهان): أحدُهما: تقييدي وجوبَ ذلك بالاستِشارة، تبعًا "للمنهاج"، وأصله جرْيٌ على الغالب، وإلا فالظَّاهر ما اقتضاه كلامُ ابنِ الصَّلاح وجوبه ابتداءً، وهو قياس وجوبِه على من يعلم بالمبيع عيبًا، وما فرَّق به بعضهم من أنَّ الأعراض أشدُّ حرمةً من الأموال، ردَّه الأذرعي بأنَّ النَّصيحة هنا آكَد وأوجب". انتهى كلامُه مختصرًا.


وقال العلاَّمة ابن قاسم العباديُّ في "حاشيته" على الشرح المذكور: "قوله: (للمستشير) ليس بقيْد؛ بل يَجب ذِكْر ذلك وإن لم يُسْتَشَر، كما يَجب على مَن علم بالمبيع عيبًا أن يُخبر به مَن يُريد شراءَه مطلقًا". اهـ.


وقال الإمامُ ابنُ حجرٍ الهيتَمي في "الزَّواجر عن اقتِراف الكبائر": "الأصْل في الغِيبة الحُرْمة، وقد تَجِبُ أو تُباح لغرضٍ صحيحٍ شرْعي، لا يُتَوَصَّل إليْه إلاَّ بِها"، ثُمَّ ذكر الأبواب التي تَجوز فيها الغيبة، ومنها قوله: "الرابع: تَحذير المسلمين من الشرِّ ونصيحتُهم: كجرْح الرواة والشُّهود، والمصنِّفين، والمتصدِّين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهليَّة، أو مع نحو فسْقٍ أو بدعة، وهم دعاة إليْها ولو سرًّا؛ فيجوز إجماعًا بل يَجب، وكأنْ يشير - وإن لم يُسْتَشَرْ - على مُريد تزوُّج أو مخالطة لغيره في أمر ديني أو دنيوي، وقد علِم في ذلك الغير قبيحًا منفِّرًا: كفسْقٍ، أو بدعةٍ، أو طمعٍ، أو غيرِ ذلك، كفقْرٍ في الزَّوج". اهـ.


وبناءً على ذلك؛ فإنَّه لا حرجَ عليْك في تنبيهِ عمِّك على العيوب التي علِمْتَها وتيقَّنت منها، ولا زال الخاطِبُ عليْها، بشرْطِ أن تكون هذه العيوب ممَّا يؤثِّر في الحياة الزوجيَّة، أمَّا إذا كانت تلك العيوب التي وصلتَ إليْها إنَّما هي مجرَّد ظنٍّ وتَخمين، دون دليلٍ عليْها، أو كانت لا تؤثِّر في الحياة الزوجيَّة، أو كانت به لكنَّه تاب منها وأقلَع عنْها - فلا يَجوز لك التحدُّث بِها؛ لأنَّ ذلك من الغِيبة المحرَّمة، وفيه مُخالفة صريحة للأحاديث التي صرَّحت بوجوب ستْر المسلمين، والحِفاظ على سُمْعتِهم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-03-2012, 09:13 PM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هل يجوز للمسلم أن يهنىء غير المسلم بأعياده الدينية ؟ وهل يجوز أن يقول للكافر يا أخي ؟
الجواب
أولًا : بالنسبة للكافر أو لغير الكافر فممكن أن تقول يا أخي ولا بأس ولكنها الأخوة العامة ، الإنسانية الآدمية لا بأس بهذا ( إلى عاد أخاهم هودًا ) كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه ، فأطلق الله عليهم أخًا بالرغم أنهم من الكفار ، ولكن من بلدتهم من عشيرتهم من جنسهم إلى آخر ذلك من الصلات التي جعلها الله سبحانه وتعالى من الخلق .
وأما تهنئتهم في المناسبات الدينية فهذا لا يجوز ، نعم هناك بعض العبارات في التهنئة ولكن ليست في التهنئة في الأعياد ، ولكن تهنئة في الزواج أو على سيارة أو بيت جديد أو مولود ، نحو هذه الأمور ذكروا أنه لا بأس بها من باب تأليف القلوب ومن باب الدعوة إلى الإسلام ، ومن باب رد المعروف بالمعروف لأنه يهنئك في مناسباتك الخاصة كالزواج وغير ذلك .
أما في المناسبات الدينية فلو أنهم هنئونا فلا يجوز أن نهنئهم .

فتاوى الشيخ علي ونيس
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-07-2012, 01:09 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هل السيئات يذهبن الحسنات؟"

السؤال:

من المعلوم نصًّا في القُرآن الكريم: أنَّ الحسنات يُذهبن السيئات، ولكِنْ ماذا عن السيِّئات؟ هل يذهبن الحسنات؟الجواب
:

الحمد لله، والصلاة والسَّلام على رسول الله،وبعد:
فالكفْر والشِّرك والردَّة تُذْهِب جميع الحسنات؛ قال الله تعالى: {وَلَوْأَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]، وقال اللهسبحانه -: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَالْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].

أمَّا الكبائر - غير الشرك والكفْر والردَّة - فإنَّها لا تُحْبِط جميع الحسنات، ولا تمنع قبولَها، ولكن قد تُحبط بعض الحسناتبقدْرها عند وزن الأعمال، فإن رجحت حسناتُه على سيِّئاته، كان من أهْل الثواب، وإنْرجحت سيِّئاته على حسناتِه، كان من أهل العقاب؛ كما في الحديث الذي رواه البخاريُّفي "الأدب المفرد" عن عبدالله بن عمرو، عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خلَّتان لا يُحصيهِما رجل مسلم إلا دخل الجنَّة، وهما يسير، ومَن يعمل بهماقليل)) قيل: وما هما يا رسول الله؟ قال: ((يُكبِّر أحدُكم في دُبُر كلِّ صلاةٍعشْرًا، ويحمَد عشْرًا، ويسبِّح عشْرًا، فذلك خمسون ومائة على اللِّسان، وألفٌوخمسمائة في الميزان))، فرأيت النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعدُّهنَّبيده، ((وإذا أوى إلى فراشِه، سبَّحه وحمده وكبَّره، فتلك مائة على اللسان وألفٌ فيالميزان، فأيُّكم يعمل في اليوم والليلة ألفَيْن وخمسمائة سيِّئة؟))، قيل: يا رسولالله، كيف لا يحصيهما، قال: ((يأتي أحدَكُم الشَّيطانُ في صلاته، فيذكِّره حاجة كذاوكذا، فلا يذكره))؛ قال الألباني: صحيح.

فدلَّ هذا الحديث على أنَّ الحسناتوالسيِّئات تُوزن وتَجري المقاصَّة بينهما.

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل مسلم يعمل عملاً يستوجِب أن يُبْنَى له قصر في الجنَّة، ويُغرسله غِراس باسمه، ثم يعمل ذنوبًا يستوجب بها النَّار، فإذا دخل النَّار، فكيف يكوناسمه أنَّه في الجنَّة وهو في النَّار؟فأجاب: "وإن تاب عن ذنوبه توبةنصوحًا، فإنَّ الله يغفر له ولا يَحرمه ما كان وعَده؛ بل يعطيه ذلك، وإن لم يتُب،وُزِنَتْ حسناتُه وسيئاته، فإن رجحتْ حسناته على سيِّئاته، كان من أهل الثَّواب،وإن رجحت سيِّئاته على حسناته، كان من أهل العذاب، وما أعدَّ له من الثواب، يُحْبَطحينئذ بالسيئات التي زادت على حسناتِه، كما أنَّه إذا عمل سيئات استحقَّ بها النار،ثم عمل بعدها حسنات تذهب السيئات، والله أعلم".

ويجب أن يُعلم: أنَّ الإصرارعلى المعاصي - ولاسيَّما الكبائر - سببٌ لسوء الخاتمة.

روى أحمد في مسنده عنأبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ المؤمن إذا أذنبَ، كانت نكتةٌ سوداء في قلبِه، فإن تاب ونزَع واستغفر، صُقِلقلبه، وإن زاد زادت حتَّى يعلو قلبَه ذاك الرَّين، الذي ذكر الله - عزَّ وجلَّ - فيالقرآن؛ {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]؛ قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.

وقال بعض السلف: المعاصي بريدالكفْر، كما أنَّ الحمَّى بريد الموت.

وفي مسند أحْمد أيضًا عن عبدالله بنعمرو بن العاص - رضي الله عنْهما - عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّهقال وهو على المنبر: ((ارْحموا تُرْحموا، واغفروا يَغْفِر الله لكم، ويْل لأقماعالقول، ويْل للمصرِّين الذين يصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون))؛ قال الشيخ شعيبالأرناؤوط: إسناده حسن.

قال المناوي في فيض القدير: "أي شدَّة هلكة لِمن لايعي أوامر الشَّرع ولم يتأدَّب بآدابه، والأقْماع - بفتح الهمزة -: جمع قِمع - بكسرالقاف، وفتح الميم وتسكَّن -: الإناء الذي يُجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع، شبَّهاستماع الذين يستمعون القول ولا يعُونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئاممَّا يفرغ فيها، فكأنَّه يمرُّ عليْها مُجتازًا كما يمرُّ الشَّراب في القِمع،كذلك قال الزمخشري: من المجاز ويل لأقْماع القول، وهم الذين يستمعون ولا يعون". اهـ.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
., الشيخ, على, فتاوى, فضيلة, ونيس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:59 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.