انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-22-2015, 03:37 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي أمراض القلوب وعلاجها

 

أمراض القلوب وعلاجها

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

فهذا جهد مقل، جمعته على عجالة، وقد ضمنت فيه من المرجعين المذكورين أسفل البحث، باختصار وتصرف للفائدة ونشرها، والتسهيل على القارئ والباحث والذي يسعى لتحضير كلمات يلقيها أو مواعظ مختصرة، وهي تحمل العناوين التالية:
1- أهمية القلب والحديث عنه.
2- ما يطرأ على القلب من أمراض.
3- مواطن يُمتحن فيها القلب.
4- أسباب أمراض القلوب.
5- علاج أمراض القلوب.
6- علامات صحة القلب وسلامته.
7- علامة مرَض القلب وسقمه.

لماذا الحديث عن القلب وما أهميته؟

يكتسب الحديث عن القلب أهمية خاصة؛ لعدة أمور، أُجمِلها فيما يأتي:
أولاً: أن الله - سبحانه وتعالى - أمَر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله - سبحانه وتعالى - من غايات الرسالة المحمدية تزكيةَ الناس، وقدَّمها على تعليمهم الكتاب والحكمة لأهميتها؛ يقول الله -تعالى-: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [الجمعة: 2]؛ قال ابن القيم - رحمه الله - في قوله -تعالى-: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]: جمهورُ المفسِّرين من السلف ومَن بعدهم على أن المراد بالثياب هنا: القلبُ.

ثانيًا: أثر هذا القلب في حياة الإنسان؛ فهو الموجِّه والمخطِّط، والأعضاء والجوارح تنفِّذ.
يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: "القلب ملِك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملِك طابت جنودُه، وإذا خبث الملِكُ خبثت جنوده".

ثالثًا: ومن الأسباب الجوهرية للحديث عن هذا الموضوع غفلةُ كثيرٍ من الناس عن قلوبهم.

رابعًا: أن كثيرًا من المشكلات بين الناس - وبالأخص بين طلبة العلم - سببُها أمراض تعتري القلوب، ولا تبنى على حقائق شرعية، فهذه المشكلات تترجمُ أحوالَ قلوب أصحابها.

خامسًا: أن سلامة القلب وخلوصَه سبب لسعادة الدنيا والآخرة؛ فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سببٌ للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

سادسًا: يقول الإمام عبدالله بن أبي جمرة: "ودِدت أنه كان من الفقهاء مَن ليس له شغل إلا أن يعلِّمَ الناسَ مقاصدهم في أعمالهم؛ فما أُتي كثيرٌ ممن أُتي إلا من قِبَل تضييع ذلك.

سابعًا: ما أعطى اللهُ لهذا القلب من مكانة في الدنيا والآخرة.

ثامنًا: أن أقوال القلب - وهي تصديقاته وإقراراته - وأعماله وحركاته؛ من خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها، هي أعظمُ أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلُّفها يتخلَّف الإيمان.

تاسعًا: أن كثيرًا من الناس جعلوا جُلَّ همهم تفسيرَ مقاصد الناس، وتحميل تصرفاتهم ما لا تحتمل، وتجاهل الظاهر، وترتيب الأحكام على تنبؤ عمل القلوب، مما لا يعلَمُه إلا علامُ الغيوب.

أنواع مما يطرأ على القلب من العلل والأدواء والأمراض:
وهذه المضغة الصغيرة (القلب) أمرُها عجيب، وما شبه هذا القلب إلا بالبحر، نراه في الظاهر رؤية سطحية، لكنه في الحقيقة عالَم بحد ذاته، ففيه من أنواع الحيوانات والنباتات العجيبة ما حيَّر علماء البحار.

وهكذا القلب، فإن مَن تأمَّله حق التأمل، وجد أن أمره مثير للعجب بما يحصل له من أحوال وانفعالات، وبما يتباين فيه الناس من أحوال ومقامات وصفات، وهذا غيض من فيض في عالم هذا القلب الصغير الكبير.

وهذه إشارات قرآنية لبعض ما يطرأ على القلب من علل وأدواء، فمن ذلك: الغفلة، العمى، الزيغ، التقلب، الاشمئزاز، الإقفال، القسوة، اللهو، الرياء، النفاق، الحسد.. وهلم جرًّا.

سبحان الله! كل هذا على القلب؟ نعم، وأعظم من ذلك بكثير.

والنتيجة: أن يتعرض هذا القلب للطَّبع والختم والموت بعد نزول هذه الأمراض، وعدم مدافعة الإنسان لها، فيكون قلبه أسود.

أنواع من أحوال القلب السليم وأوصافه:
وكما أن القلبَ يتعرض للأمراض والعلل، فإن هذا القلبَ يحصُلُ له من الأحوال الإيمانية، والمقامات التعبدية من الصفات المحمودة، مثل: اللِّين، والإخبات، والخشوع، والإخلاص، والحب لله، والتقوى، والثبات، والخوف، والرجاء، والإنابة، وغيرها كثير.

والنتيجة: السلامة؛ ﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 89]، والحياة، والإيمان، وصفة قلب صاحبه أبيض.

مواطن امتحان القلوب:
ومواطن امتحان القلوب كثيرة، وحسبنا أن نشير إشارات سريعة إلى جملة منها، وإنما أشرنا إلى هذه المجالات؛ لأن كثيرًا من الناس يتصوَّر أن القلب إنما يمتحن بالشهوات والمعاصي، ولكننا سوف نرى أن هذا من المواطن التي يمتحن فيها القلبُ، والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35].

فمن المواطن التي يمتحن فيها القلب:
1- العبادة وكيفية المحافظة عليها، وأداؤها بالشكل المطلوب، وعدم التهاون فيها.

2- العلم والحرص على التعلم، وخاصة ما لا يسع المسلمَ جهلُه في مختلف العلوم والفنون الإسلامية الضرورية.

3- الدعوة والعمل والتطبيق لما تعلم، وتبليغه للناس؛ ((بلِّغوا عني ولو آية)).

4- الخلاف والجدل، والالتزام بآداب الخلاف والمناظرة والجدال، والبحث عن الفائدة والحق، بعيدًا عن التعصب، والجدلِ العقيم الذي لا فائدة منه.

5- الشهوات؛ وذلك بالابتعاد عنها والفرار منها؛ لأنها تُميت القلوبَ، وتسحبها إلى المعصية والرذيلة، وتقودُ القلب إلى الموت.

6- الشبهات والفتن؛ وذلك أيضًا بالفرار منها، والتحذير منها، وكشف ملابساتها، والسؤال والبحث عن الجواب لأبسط شبهة أو سؤال يطرأ.

7- الرياسة والمناصب، وكل ذلك مما يمتحن به القلب، وصاحبه عندما يعطى منصبًا أو رئاسة كيف يعمل بها وكيف يتحمل الأمانة.

8- النسب والحسب والجاه؛ فالكل يفتخر ويتعالى على الآخرين بحسَبِه ونسبه وماله؛ فهو محل امتحان، كيف يصنَع القلبُ ويتعامل.

هناك أسباب كثيرة لأمراض القلوب وفسادها، من أهمِّها:
1- الجهل؛ فهو يقود إلى الأمراض القلبية والفكرية، ويهوي بصاحبه وهو لا يعلم.
2- الفتن، وهي تدكُّ القلوب، وتُعرَض عليها، فمن نجَا منها فقد فاز.
3- الشهوات والمعاصي.
4- الشبهات.
5- الغفلة عن ذكر الله.
6- الهوى.
7- الرفقة السيئة.
8- أكل الحرام؛ كالربا والرِّشوة وغيرهما.
9- إطلاق البصر فيما حرم الله.
10- الغِيبةُ والنميمة.
11- الانشغال بالدنيا وجعلها جلَّ همِّه وقصده.

من أمراض القلوب:
1- النفاق.
2- الرياء.
3- مرض الشبهة والشك والريبة.
4- سوء الظن.
5- الحسد والغَيرة.
6- الكِبْر والإعجاب بالنفس، واحتقار الآخرين، والاستهزاء بهم.
7- الحقد والغل.
8- اليأس.
9- الهوى ومحبة غير الله.
10- الخشية والخوف من غير الله.
11- الوسواس.
12- قسوة القلوب.
13- التحزب لغير الحق.

علاج أمراض القلوب:
أولاً: إن أساس صحة القلب وسلامته في إيمانه بالله، ويتفرع عنه ما يأتي:
• كمال محبة الله: بأن يكون حبه لله، وفي الله، وأن يكون بُغضه ومعاداته لله، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن من أعظم وسائل علاج القلب: أن يمتلئ قلبُ الإنسان بحب الله؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، وأما وسائل محبة الله فكثيرة، منها:
قراءة القرآن، وتدبُّره، وفَهم معانيه، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ودوام ذكر الله على كل حال، وإيثار محابِّه على هوى نفسك ومحابِّها، ومطالعة القلب لأسماء الله وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وانكسار القلب بين يدي الله - عز وجل - وغيرها من الوسائل.

ثانيًا: الإخلاص:
يقول - عز وجل -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

أخلِصوا لله - عز وجل - في أعمالكم، وستجدون راحة في صدوركم؛ ولذلك يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5].

ثالثًا: حسن المتابعة:
بأن يكون عمله واعتقاده وَفْقَ ما أمر الله ورسوله؛ يقول الله -تعالى-:﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، ويقول - عز وجل -: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

ومما يُعِين على تحقيق هذه الأصول ليسلم القلب، وينجو مما يعرِض له من ابتلاء وامتحان ما يأتي:
1- ذكر الله:
فإنه يجلو صدأ القلوب، ويذهب ما ران عليها من آثامٍ ومعاصٍ، ويزيد من قُرب الإنسان لربه، لا سيما إذا كان مستشعرًا للذكر، مصاحبًا له في كل أحواله وحركاته وهيئاته.

يقول أحد السلف: والله لو طهُرَتْ قلوبُنا ما مللنا من قراءة القرآن.

2- المراقبة والمحاسبة:
وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله -: أنها من أهمِّ العوامل لعلاج القلب واستقامته.

يقول ابن القيم: وهلاك النفس من إهمال محاسبتها، ومن موافقتِها واتِّباع هواها؛ ولذلك ورد في الأثر: "الكيِّسُ من دان نفسَه، وعمِل لِما بعد الموت، والعاجزُ من أتبَع نفسَه هواها، وتمنَّى على الله الأمانيَّ".

3- وسائل أخرى:
فمنها العلم، تحقيق التقوى، قيام الليل، كثرة الدعاء خاصة في الثلث الأخير من الليل، فإن سهام الليلِ لا تُخطئ، فليُكثِرِ الإنسانُ فيه من التضرع إلى الله، وسؤاله الصفح والمغفرة والستر والتجاوز.

ومنها: إطابة المطعَمِ والملبَسِ، وكثرة الصدقة: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103].

ومن أعظمها: غض البصر؛ قال - سبحانه -: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ [النور: 30]، وهنا وبعد أن ذكرنا علاج أمراض القلوب، نذكر كلامًا نفيسًا لابن القيم.

علامات صحة القلب وسلامته، وعلامات موته وشقاوته.

علامات صحة القلب وسلامته:
قال ابن القيم - رحمه الله - في علامات صحة القلب ونجاته:
1- أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يتوبَ إلى الله ويُنيب.

2- أنه لا يفتُرُ عن ذِكر ربه، ولا يسأَمُ من عبادته.

3- أنه إذا فاته وِرْدُه وجد لفواته ألَمًا أشدَّ من فوات ماله، وهنا وقفة! رحم الله ابن القيم، فما عساه أن يقول فيمن ليس له وردٌ، بل ما عساه أن يقول فيمن إذا فاتته الصلاة المفروضة لا يجد ألَمًا وحسرة، وكأنه لم يسمَعْ حديثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من فاتته صلاةُ العصر فكأنما وُتِر أهلَه ومالَه))؛ (أي: كأنما فقَد أهلَه ومالَه وهلَكوا).

4- أنه يجد لذة في العبادة أكثر من لذة الطعام والشراب، [فهل يجد أحدُنا لذة في العبادة؟! أو يجد اللذة إذا خرَج منها؟!].

5- أنه إذا دخَل في الصلاة ذهَب غمُّه وهمه في الدنيا، ونحن لا تجتمعُ الأمور والأعمال علينا إلا في الصلاة، حتى قال لي أحد الإخوة: إنه رأى رجلًا بعد أن دخل في الصلاة أخرج فاتورة للحساب، وأخذ يراجع الحسابات، وهو في الصلاة، إلى قصص كثيرة تبين ذهاب الخشوع، والخضوع بين يدي الله - عز وجل - في الصلاة.

فأين لذة الصلاة عند هؤلاء؟ وأين الصلاةُ التي كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول فيها: ((أرِحْنا بالصلاة يا بلال))، ويقول: ((وجُعِلت قرةُ عيني في الصلاة))، فإن لسان حال كثير من المصلين: "أرحنا من الصلاة"، وتجد أحدهم لو أطال الإمام القراءة، سرد عليه محفوظاته في الأحاديث التي تأمُرُ برعاية حال المأمومين، بينما لو أخلَّ الإمام بأدائها وواجباتها لم يجد من ينبِّهُه، إلا من رحم الله، والله المستعان.

6- أن يكون همه لله، وفي ذات الله، وهذا مقام رفيع.

7- أن يكون أشحَّ بوقته أن يذهب ضائعًا أشد من شح البخيل بماله.

8- أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أكثر من اهتمامه بالعمل ذاته، [وهذه نقطة مهمة جدًّا. فيجب أن يكون اهتمام الإنسان بتصحيح العمل كبيرًا؛ في تصحيح القصد، وتحقيق المتابعة، وتحقيق العبودية في العمل؛ فإن هذا هو الغايةُ من العمل.

فهذه علامات لسلامة القلب وصحته، وإليك - أخي القارئ - علامات شقاوته وعلّته.

علامات مرض القلب وشقاوته:
حيث ذكر ابن القيم من علامات مرضه جملة، منها:
1- أنه لا تؤلمه جراحاتُ القبائح.
فهل نتألم نحن لجراحات قلوبِنا، وما نقترفه من معاصٍ وآثامٍ في الليل والنهار؟

وهل نندم ونعزم على التوبة كلما أذنبنا؟

وهل آلمنا ما نراه في مجتمعنا من معاصٍ ومنكَرات؟

وهل عمِلْنا على تغييرها ما استطعنا، وهذا أمر - لا شك - عظيمٌ؛ فإن القلب الذي لا يعرف معروفًا، ولا يُنكِر منكَرًا في نفسه ولا في مجتمعه، قلبٌ يحتاج صاحبه إلى تدارُكِ نفسه قبل فوات الأوان.

2- أنه يجد لذة في المعصية، وراحة بعد عملها، [وإنما حال المؤمن إذا عصى اللهَ أن يندم ويستغفرَ ويتحسر على ما فات، ويسارع في التوبة إلى الله].

وهناك من الناس - للأسف - من ينطبق عليه كلامُ ابن القيم؛ فبعض مشاهدي الأفلام نجده يجد لذة في مشاهدتها، ولا تكاد تُفارِقُه تلك اللذة لمدة طويلة.

وكذلك نجد من متابعي المباريات من يجد لذة في مشاهدتها وحضورها، ولا تُفارِقُه النشوة لفترة - خاصة إذا فاز فريقه - فهل نعي بعد ذلك خطورة هذا الأمر؟

3- أنه يقدم الأدنى على الأعلى، ويهتم بالتوافِهِ على حساب معالي الأمور، [فماذا نقول عن بعض المسلمين ممن أصبح لا يهتمُّ بحال إخوانه وشؤون أمته، بينما يعرف من التوافِهِ أكثرَ مما يعرف عن أمورِ دينه، وأخبار علماء الإسلام وأئمته؟!].

وكم يتأسف الإنسان على أموال كثير من شبابنا ممن أغرم بحب الرياضة والفن، ويهتم لها ويحزن ويغتمُّ، أكثر مما يهتم لقضايا إخوانه، في أفغانستان، فلسطين، الفلبين، أريتريا... إلخ، فهل هذا قلبه سليم؟ بل نقول لهذا: أدرِكْ قلبك؛ فهو على شفا هلَكةٍ.

4- أنه يكره الحقَّ، ويضيق صدرُه به، وهذا بداية طريق النفاق، بل غايته.

5- أنه يجد وحشة من الصالحين، ويأنس بالعصاة والمذنبين، [فتجد مِن الناس مَن لا يُطيق الجلوس مع الصالحين، ولا يأنَس بهم، بل يستهزئ بهم ومجالسهم، ولا ينشرح صدرُه إلا في مجالسة أهل السوء وأرباب المنكَرات، ولا شك أن هذا دليلٌ على ما في قلب صاحبه من فساد ومرض].

6- قَبولُه الشبهة، وتأثُّره بها، وحبُّه للجدل، وعزوفه عن قراءة القرآن.

7- الخوف من غير الله؛ ولذلك يقول الإمام أحمد: لو صححت قلبك لم تخَفْ أحدًا، [وهذا العز بن عبدالسلام يتقدم أمام أحد الملوك الطغاة، ويتكلم عليه بكلامٍ شديد، فلما مضى قال له الناس: أما خِفْتَ يا إمام، فقال: تصورت عظمةَ الله، فأصبح عندي كالهرِّ، والآن نرى من الناس مَن يخاف من المسؤول والضابط، وغيرهما، أكثر من خوفِه من الله، وهذا لا شك دخَن في قلب صاحبه، والعاقل خصيمُ نفسِه].

8- وجود العشق في قلبه، قال شيخ الإسلام: وما يُبتلى بالعشق أحدٌ إلا لنقص توحيدِه وإيمانه، وإلا فالقلبُ المنيب فيه صارفانِ يصرفانِه عن العشق، إنابتُه إلى الله ومحبتُه له، وخوفُه من الله.
1- أنه لا يعرف معروفًا ولا ينكِرُ منكَرًا، ولا يتأثر بموعظة.

تم ترتيب وجمعُ ما سبق بنقلٍ وتصرف وحذف وإضافة من المراجع المذكورة، وبالله التوفيق، على أمل أن أرجع وأكتب في الموضوع بتوسع، وتقسيمه إلى أبحاث للفائدة.

والحمد لله رب العالمين

المراجع:
• ابن القيم، رسالة القلوب.
• ناصر العمر، امتحان القلوب.

موقع الألوكة


أمراض القلوب و علاجها


الخطبة الأولى :

أمة الإسلام !
إن الله تعالى خلق الإنسان فسواه و عدله في أحسن تقويم و حمّله أمانة أبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن منها ( و حملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً ) كما أخبر تعالى .
و بتحمل الإنسان هذه الأمانة لزمه أن يتقي الله فيها و أن يحرص على أدائها و أن يجند في سبيل ذلك ما استطاع قلبَه و عَقله و جوارحه .
و أهم ذلك كله قلبه الذي بين جنبيه ، الذي يناط بصلاحه صلاح الجسد كله ، فقد روى الشيخان عن النعمان بن يشير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال رسول الله : (( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب )) .
و القلب وعاء التقوى الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه و سلم ثلاثاً و هو يقول : (( التقوى ههنا )) ، فدل ذلك مجتمعاً على أن الجوارح ترجمان القلب فإن استقام استقامت و إن حاد حادت .
و إنما سمي القلب باسمه هذا لكثرة تقلبه ، و قد قيل :
و ما سُمّي الإنسان إلا لنسيه و لا القلــب إلا أنّـه يتقــــلّـب
و قد ذكر القرآن الكريم ثلاثة أنواع من قلوب العباد :
‌ أوّلها : القلب السليم: الذي سلمه الله من أمراض الشبهات و الشهوات و انتدبنا لنلقاه به فننال النجاة يوم نلقاه فقال تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم [الشعراء: 89].
و وصف به خليله إبراهيم أبا الأنبياء عليهم السلام فقال عنه : إذ جاء ربه بقلب سليم .
و القلب الثاني هو : ‌القلب الميت ، قلب الكافر الذي أشرب الكفر حتى ران عليه فمنع وصول الحق إليه، قال تعالى: و قولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليل اً و وصف تعالى قلب الكافر بالقسوة فقال : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة .
أما القلب الثالث فهو القلب السقيم المثقل بمرض الشهوات أو الشبهات أو بهما معاً ، كما في قوله تعالى: ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض .
و قوله سبحانه : وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون .
أمّا في السنّة النبوية المشرفة فالقلوب نوعان ، و الحكم على القلب إنّما يكون بحسب موقفه من الفتن التي يتعرّض لها أو تعرض له .
عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله : ((تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين قلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض)) [رواه مسلم].
و عن أبي هريرة أن رسول الله : ((إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتةٌ سوداء في قلبه فإن تاب و رجع واستعتب ( أي ندم ) صُقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي قال تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) [رواه الترمذي والنسائي] .
من يهُن يسهل الهوان عليه ما لجَــرحٍ بـميّــتٍ إيـــلامُ
عباد الله :
قلوب العباد - إذن - على أنواع : منها السليم و منها السقيم ، فالسليم منها ما سلّمه الله من الفتن ، و السقيم ما أشربها و وقع في الذنوب .
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله :
رأيت الذنوب تميت القلوب و قد يورث الذل إدمانها
و ترك الذنوب حياة القلوب و خير لنفسك عصيانها
فإذا سلّمنا بحقيقة مرض القلوب و أنّها واقع لا خيال ، و حقيقة لا وهم تعيّن علينا أن نبحث عن الدواء لأن الله تعالى ( لم ينزل داءاً إلا أنزل له دواءً عرفه من عرفه و جهله من جهله ) .
و لا سبيل إلى معرفة الدواء ما لم نقف على حقيقة الأدواء التي تصيب القلوب و هي كثيرة فتّاكة من أخطرها اتباع الشهوات و الشبهات :
إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى كيف النجاة و كلّهم أعدائـــــــــي ؟
فمن استسلم لشيء من ذلك و أسلم له القياد فقد اتبع هواه و أعرض عن مولاه ، قال تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً ) [ الفرقان : 43] ، قال بعض السلف : هو الذي كلما هوي ( أي أحب ) شيئاً ركبه ( أي ارتكبه ) .
و من الرزايا الملمّة بالقلوب داء الإعراض عن كتاب الله تعالى ، و الانصراف عن شريعته ، و هذا سبب من أسباب قسوة القلوب التي ابتلي بها من أعرض عن الذكر و اتخذه وراءه ظهريّاً .
فإذا عرفنا الداء العضال الذي يصيب القلوب فلا بد من البحث عن الدواء و دفعه بقدر المستطاع ، و تطهير القلوب من درن المعاصي و آصار الذنوب فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أوائل ما أوحى به إليه بطهارة القلب وتزكيته من أدرانه فقال تعالى: يا أيها المدثر قم فأنذر و ربك فكبر و ثيابك فطهر .
وجمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم كما يقول ابن القيم رحمه الله على أن المراد بالثياب هنا القلب، والمراد بالطهارة إصلاح الأعمال والاخلاق كما قال ابن القيّم في ( إغاثة اللهفان ) .
و مما يطهر القلوب و ينقيها من الذنوب أمور من أبرزها :
الرجوع إلى كتاب الله القائل : و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين [الإسراء:82] ، قبل أن تحيق الندامة بمن أعرض عنه ، و يكون خصيمه رسول الله ذات يوم و قال الرسول يا ربّ إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً
و من أدوية القلوب أيضاً الانصراف إلى ذكر الله تعالى أو الإكثار منه ، إذ إن القلوب القاسية لا يلينها مثل الذكر و لا يهذبها مثل الطاعة و الانقياد لله تعالى ، و هو القائل : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ، و القائل في وصف عباده الصالحين : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله [الرعد:28] .
فمن اطمأنّ قلبه بذكر الله و عُمر بمحبته ذاق حلاوة الطاعة و لذة الصدق مع الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .
و من أسباب سلامة القلوب أيضاًً ما حصره ابن القيم في ( الداء و الدواء ) بالسعي إلى إحراز السلامة من خمسة أشياء : ومن شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر ، وغفلة تناقض الذكر ، وهوى يناقض التجريد والإخلاص .
اللهم إنا نسألك سلامة الجوهر و صلاح المظهر و السلامة و العافية من كل داء و بلاء .

الخطبة الثانية :

عباد الله !
إن مما يجلب الخير للفرد و المجتمع أن ننقي سرائرنا مما علق بها من أحقاد و ما عشعش فيها من أغلال تجاه بعضنا البعض ، و أن نتعامل مع المخالف وفق الضوابط الشرعيّّة .
فليتق الله أقوام زلت أقدامهم فوقعوا في أعراض إخوانهم و أوقعوا بين آخرين سواء بألسنتهم أو أيديهم أو وشايتهم إلى من يبادر بالجرح و الطعن في من خالف فيما يسوغ فيه الخلاف .
و من ذلك ما طلع به أحد المقيمين في هذه البلاد مؤخراً بتسخير بريده الإلكتروني لمثل هذه الأمور و الترويج لكتابات تتهم الجميع بما لا ينجو منه أحد ، و كأنّه يقول : ( أنا الحق و الحق معي ) .
و نذكر من ابتلي بشيء من ذلك بما أخرجه الامام أحمد وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوءه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك .. فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الأولى .. فلما قام تبعه عبد الله عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، فقال: إنى لاحيت ( أي خاصمت ) أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا ، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت ؟ قال : نعم قال أنس : وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا ُ، غير أنه إذا تعار ، أي تنبه من نومه، وتقلب على فراشه ذكر الله حتى يقوم لصلاة الفجر ، قال عبد الله : غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا ً.
فلما مضت الليالي الثلاث ، وكدت أن أحتقر عمله قلت : يا عبد الله : إنى لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم ، ولكن سمعت رسول الله عليه وسلم يقول ثلاث مرار : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة . وطلعت أنت الثلاث مرار ، فأردت أن آوى إليك لآنظر ما عملك فأقتدى به ، فلم أرك تعمل كثير عمل ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال الرجل: ما هو إلا ما رأيت ، قال عبد الله : لما وليت دعاني فقال : ما هو إلا مارأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه ، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي والله التي لا نطيق )) .
فاتقوا الله عباد الله في إخوانكم و كفوا عن اللمز و التشهير ببعضكم فإن الغيبة هي الحالقة تحلق الدين و العياذ بالله كما في الحديث .
ألا و صلّوا و سلّّموا على نبيكم و الأمين و على آله و صحبه أجمعين .
صيد الفوائد
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:17 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.