انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-28-2015, 05:59 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي الذين يشفعون يوم القيامة

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

شفاعة الأنبياء الآخرين غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:


ومن إكرام الله تعالى لأنبيائه وأصفيائه قبول شفاعتهم فيمن يشفعون له ممن سبقت لهم الرحمة، فيتقدمون بطلب شفاعتهم إلى ربهم في إخراج أقوام من النار دخولها بذنوبهم ليخرجوا منها.
وقد ثبتت هذه الشفاعة بما جاء في الصحيحين من حديث طويل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة, وشفع النبيون, وشفع المؤمنون. ولم يبق إلا أرحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً)) (1) .
وليس معنى هذا أن الله يخرجهم من النار وهم كفار؛ بل المعنى أنهم لم يعملوا خيراً سوى الشهادتين ولولاهما لما خرجوا؛ شأنهم شأن غيرهم من الكفار.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار. قال: فينجي الله تعالى برحمته من يشاء, قال: ثم يؤذن للملائكة, والنبيين, والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون)) وزاد عفان مرة فقال أيضاً: ((ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان)) (2) .
وقد بوب الهيثمي في كتابه (موارد الظمآن)، لإثبات شفاعة الأنبياء والملائكة بقوله: (باب في شفاعة الملائكة والنبيين) ثم أورد الحديث الآتي:
عن صالح بن أبي طريف قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية: رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ [ الحجر: 2]؟ فقال: نعم، سمعته يقول: ((يخرج الله أناساً من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم)). قال: ((لما أدخلهم الله النار مع المشركين، قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياؤه، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة, فتشفع لهم الملائكة والنبيون، حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة، فنخرج من النار. فذلك قول الله: رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ قال: فيسمون الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا أذهب عنا هذا الاسم, فيغتسلون في نهر في الجنة فيذهب ذلك منهم)) (3) .
وقد أورده أيضاً الآجري (4) ، ويذكر الرازي أن أكثر المفسرين على هذا القول (5) .
وروى مجاهد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: ((ما يزال الله يرحم المؤمنين، ويخرجهم من النار، ويدخلهم الجنة بشفاعة الأنبياء والملائكة، حتى إنه تعالى في آخر الأمر يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنة، قال: فهنالك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين)) (6) .
وهذا المعنى هو الذي يوافق مذهب السلف لا المعتزلة، ولهذا فإن القاضي فيما ذكره عن الرازي يقول: (إن هذه الروايات مبنية على أنه تعالى يخرج أصحاب الكبائر من النار، وعلى أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقبولة في إسقاط العقاب، وهذان الأصلان عنده مردودان).
قال الرازي: (فعند هذا حمل هذا الخبر على وجه يطابق قوله ويوافق مذهبه؛ وهو أنه تعالى يؤخر إدخال طائفة من المؤمنين الجنة بحيث يغلب على ظن الكفرة أنه تعالى لا يدخلهم الجنة، ثم إنه تعالى يدخلهم الجنة فيزداد غمُّ الكفرة وحسرتهم، وهناك يودون لو كانوا مسلمين) (7) .
وهذا تكلف من القاضي ظاهر سببه عدم الإيمان بوقوع الشفاعة في أهل النار.
ومن أين له الدليل على أن الله يؤخرهم وقتاً لأجل غمِّ الكفرة ثم يسمح لهم بدخول الجنة؟!
وقد ذكر الإمام ابن كثير وغيره من المفسرين عند شرح هذه الآية: رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ[ الحجر: 2] كثيراً من النصوص التي تدل على أن الله يخرج من النار أقواماً بفضل رحمته وشفاعة الشافعين لهم (8) ، من الأنبياء وغيرهم. (9)

شفاعة الملائكة


ومن الشفعاء كذلك الملائكة عليهم السلام، ولا خلاف في ذلك بين الفرق الإسلامية, فقد ثبتت شفاعتهم بالأدلة الصحيحة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثبت أنهم يشفعون إذا أذن الله لهم ورضي.............
أما الأدلة على إثبات شفاعتهم من القرآن الكريم فهي:
1- قوله عز وجل مبيناً درجتهم في الشفاعة: وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى [ النجم: 26].
2- وقوله تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [ الأنبياء: 28].
وفي هذه الآيات يثبت الله سبحانه وتعالى أن الملائكة يشفعون في المذنبين، وأن شفاعتهم تقبل بعد إذنه ورضاه في يوم القيامة.
وقد حصل خلاف في ثبوت شفاعة الملائكة لأهل الكبائر، أيشفعون لهم أم لا؟ بعد اتفاق الجميع على ثبوت شفاعتهم في الجملة.
1- فذهب الكعبي من المعتزلة إلى عدم ثبوت شفاعة الملائكة في أهل الكبائر.
2- وذهب أهل القول الحق إلى أنها تقع.
وخلافهم يدور حول معنى قول الله تعالى مخبراً عن دعاء الملائكة للمؤمنين بالجنة: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ غافر: 7 -8].
حيث أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن دعائهم واستشفاعهم للمؤمنين ولأولاد المؤمنين وزوجاتهم أن يدخلهم الله جنات عدن، وهذا الدعاء لهم بظهر الغيب، استشفاع منهم إلى الله تعالى، في أن يرحم المؤمنين ويغفر لهم ما صدر منهم من الذنوب.
قال ابن كثير عن معنى قول الله تعالى عن وصف الملائكة: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا[ غافر: 7]: (أي من أهل الأرض ممن آمن بالغيب، فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب، ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام، كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب، كما ثبت في صحيح مسلم: ((من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل)) (1) (2) ، وهذا من تمام محبتهم الخير للبشر, وعطفهم عليهم, ورغبتهم في ثوابهم.
أما اعتراض الكعبي الذي استنبطه من هذه الآية بزعمه؛ ليرد به على من يقول من أهل السنة بحصول الشفاعة في المذنبين بحجة أن الشفاعة – كما هو رأي المعتزلة – لا تكون إلا في وقوع زيادة الثواب للمؤمنين لا في إسقاط العقاب عن المذنبين – قال: وذلك لأن الملائكة قالوا: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ. قال: (وليس المراد: فاغفر للذين تابوا من الكفر. سواء أكان مصراً على الفسق أم لم يكن كذلك؛ لأن من هذا حاله لا يوصف بكونه متبعاً سبيل ربه ولا يطلق ذلك فيه).
ثم ذكر اعتراضاً آخر فقال: وأيضاً إن الملائكة يقولون: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم، وهذا لا يليق بالفاسقين، لأن خصومنا – يعني القائلين بالشفاعة في المذنبين – لا يقطعون على أن الله تعالى وعدهم الجنة وإنما يجوز ذلك، فثبت – كما يقول -: (إن شفاعة الملائكة لا تتناول إلا أهل الطاعة) (3) .
هذا ما يتعلق باعتراضه واحتجاجه بهذه الآية على نفي شفاعة الملائكة للمذنبين.
وقد أجاب الرازي عن تلك الشبهة فقال: (إن هذه الآية تدل على حصول الشفاعة من الملائكة للمذنبين)، ثم ذكر الوجوه التي تدل على هذا بقوله:
الأول: قوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، والاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة لا تذكر إلا في إسقاط العقاب، أما طلب النفع الزائد فإنه لا يسمى استغفاراً.
الثاني: قوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وهذا يدل على أنهم يستغفرون لكل أهل الإيمان، فإذا دللنا على أن صاحب الكبيرة مؤمن، وجب دخوله تحت هذه الشفاعة.
الثالث: قوله تعالى: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ، طلب المغفرة للذين تابوا، ولا يجوز أن يكون المراد إسقاط عقوبة الكبيرة بعد التوبة، لأن ذلك واجب على الله عند الخصم، وما كان فعله واجباً كان طلبه بالدعاء قبيحاً، ولا يجوز أيضاً أن يكون المراد إسقاط عقوبة الصغائر، لأن ذلك واجب فلا يحسن طلبه بالدعاء، ولا يجوز أن المراد طلب زيادة منفعة على الثواب، لأن ذلك لا يسمى مغفرة، فثبت أنه لا يمكن حمل قوله: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ إلا على إسقاط عقاب الكبيرة قبل التوبة، وإذا ثبت هذا في حق الملائكة فكذلك في حق الأنبياء لانعقاد الإجماع على أنه لا فرق.
ثم قال الرازي متابعاً رده على الكعبي: (أما الذي يتمسك به الكعبي وهو أنهم طلبوا المغفرة للذين تابوا، فنقول: يجب أن يكون المراد منه، الذين تابوا عن الكفر واتبعوا سبيل الإيمان.
وقوله: إن التائب عن الكفر المصر على الفسق لا يسمى تائباً، ولا متبعاً سبيل الله.
قلنا: لا نسلم قوله؛ بل يقال: إنه تائب عن الكفر، وتابع سبيل الله في الدين والشريعة، وإذا ثبت أنه تائب عن الكفر ثبت أنه تائب؛ ألا ترى أنه يكفي في صدق وصفه بكونه ضارباً وضاحكاً، صدور الضرب والضحك عنه مرة واحدة، ولا يتوقف ذلك على صدور كل أنواع الضرب والضحك عنه؟ فكذا هاهنا) (4) .
وإذا ثبتت شفاعة الملائكة للذين آمنوا وثبت كذلك اهتمامهم بالدعاء لهم، فيحسن أن يعرف السر في هذا الاهتمام والاستشفاع إلى الله في طلب العفو والمغفرة للبشر.
وقد أجاب الرازي عن السر في هذا الاهتمام فيما ينقله عن أهل التحقيق بقوله: (إن هذه الشفاعة الصادرة عن الملائكة في حق البشر تجري مجرى اعتذار عن ذلة سبقت؛ وذلك لأنهم قالوا في أول تخليق البشر: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء [ البقرة: 30]، فلما سبق منهم هذا الكلام تداركوا في آخر الأمر بأن قالوا: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [ غافر: 7]. وهذا كالتنبيه على أن من آذى غيره، فالأولى أن يجبر ذلك الإيذاء بإيصال نفع عليه) (5) .
هذا فيما يتعلق بالاستدلال من القرآن الكريم على ثبوت شفاعة الملائكة.
أما فيما يتعلق بورود ذلك في السنة، فقد قدمنا في بحث شفاعة الأنبياء بعض الأحاديث التي تثبت شفاعة الأنبياء والملائكة في مساق واحد، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (6) ، وكذا حديث أبي بكرة الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده (7) ، وكذا حديث صالح بن أبي طريف عن أبي سعيد الخدري (8) . (9)

شفاعة الشهداء


ومن الشفعاء الذين أكرمهم الله تعالى بقبول شفاعتهم: الشهداء........
أما الأدلة على ثبوت شفاعة الشهداء:
فمنها ما جاء في حديث الوليد بن رباح الذماري عن نمران بن عتبة الذماري قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته)) (1) .
وقد بوب الإمام أبو داود على هذا الحديث بقوله: (باب في الشهيد يشفع)، ثم أشار إلى السند بأن الصواب في اسم الوليد بن رباح أنه (رباح بن الوليد).
وعن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة, ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه)) (2) .
وعن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء)) (3) .
وذكر الآجري حديثاً عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((للشهيد عند الله تسع خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه)) (4) . ومثله ما جاء عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم (5) .
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: ((ثم يقال: ادعوا الصديقين، فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة، والنبي ليس معه أحد، ثم يقال: ادعوا الشهداء، فيشفعون لمن أرادوا)) وقال: ((فإذا فعلت الشهداء ذلك، قال: يقول الله عز وجل: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئاً)) الحديث (6) .
وعن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار)). قال: ((فينجي الله تعالى برحمته من يشاء)). قال: ((ثم يؤذن للملائكة, والنبيين, والشهداء أن يشفعوا, فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون)) - وزاد عفان مرة فقال أيضاً: ((ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان)) (7) . (8)

شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض


وثبت كذلك أن الصالحين من المؤمنين يشفعون في إخوانهم الذين في النار وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فدخلوا النار تطهيراً لهم.
ومن الأدلة على ذلك:
ما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ((قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحواً؟ قلنا: لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما. ثم قال: ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم. ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا منادياً ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما انتظرنا ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم. قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف, وكالبرق, وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم, وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحباً، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق - قد تبين لكم- من المؤمنين يومئذ للجبار- وإذا رأوا أنهم قد نجوا- في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا. قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرؤوا: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا. فيشفع النبيون, والملائكة, والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقواماً قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، وإلى جانب الشجرة؛ فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه)) (1) .
وقد اشتمل هذا الحديث على مسائل منها: إثبات رؤية الله تعالى، وإثبات الصراط, وصفته, وكيفية مرور الناس عليه، وكذلك إثبات شفاعة الملائكة والأنبياء.
وبعض تلك المسائل قد سبق ذكرها وبعضها سيأتي، والقصد من إيراد هذا الحديث هنا هو إثبات شفاعة الصالحين من المؤمنين، وإلحاحهم في طلب الشفاعة إلى الله تعالى لإخراج إخوانهم من أهل الكبائر من النار.
وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري للحديث: ((فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق - قد تبين لكم- من المؤمنين يومئذ للجبار)).
وقعت هذه الجملة في صحيح مسلم من رواية أبي سعيد هكذا: ((حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار)).
وقد اختلف العلماء في ضبط كلمة (استقصاء)، ذكر النووي أن بعضهم يرويها (استيضاء)، وبعضهم (استضاء)، وبعضهم (استيفاء)، وبعضهم (استقصاء).
والمعنى ما أنتم بأشد مناشدة في استقصاء الحق في الدنيا من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم.
وهذا جواب القاضي عياض فيما ينقله عنه النووي، وخطأ القاضي عياض الروايات الأخرى، وقال بأن معنى تلك الرواية (استقصاء) بها يتم الكلام ويتوجه.
ورد عليه النووي بأنه: (ليس الأمر على ما قاله, بل جميع الروايات التي ذكرناها صحيحة لكل منها معنى حسن).
ثم قال: (وقد جاء في رواية يحيى بن بكير عن الليث: فما أنتم بأشد مناشدة في الحق – قد تبين لكم – من المؤمنين يومئذ للجبار – تعالى وتقدس – إذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم، وهذه الرواية التي ذكرها الليث توضح المعنى.
فمعنى الرواية الأولى والثانية: أنكم إذا عرض لكم في الدنيا أمر مهم، والتبس الحال فيه، وسألتم الله تعالى بيانه, وناشدتموه في استيضائه, وبالغتم فيها؛ لا تكون مناشدة أحدكم مناشدة بأشد من مناشدة المؤمنين لله تعالى في الشفاعة لإخوانهم.
وأما الرواية الثالثة والرابعة فمعناهما أيضاً: ما منكم من أحد يناشد الله تعالى في الدنيا في استيفاء حقه, أو استقصائه وتحصيله من خصمه والمتعدي عليه؛ بأشد من مناشدة المؤمنين الله تعالى في الشفاعة لإخوانهم يوم القيامة) (2) .
وقوله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: ((اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه)).
هذا الخطاب للمؤمنين الذين طلبوا الشفاعة إلى الله تعالى.
وفي رواية أبي هريرة عند البخاري أن الخطاب للملائكة لقوله: ((أمر الملائكة أن يخرجوهم)) (3) .
وفي حديث أنس عنده: أن الذي يخرجهم هو الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله: ((ثم اشفع، فيحد لي حداً، ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة)) (4) .
ولا منافاة بين تلك الروايات، بل يجمع بينهما بأن الله حينما شفع المؤمنين والرسل، يأمر تعالى الملائكة بمباشرة إخراج أولئك من النار ممن أمرتهم الرسل بإخراجه منها (5) .
وعن الصنابحي عن عبادة بن الصامت أنه قال: ((دخلت عليه وهو في الموت فبكيت، فقال: مهلاً، لم تبكي؟ فوالله لئن شهدت لأشهدن لك، ولئن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لأنفعنك. ثم قال: والله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه إلا حديثاً واحداً وسوف أحدثكموه اليوم وقد أحيط بنفسي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار)) (6) .
وأخرج الإمام أحمد من مسند أبي بكر الصديق في إثبات شفاعة الصالحين والمؤمنين قوله صلى الله عليه وسلم: ((ثم يقال: ادعوا الأنبياء، فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الصديقين، فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون)) (7) .
وكذا حديث أبي بكرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحمل الناس على الصراط، فينجي الله من شاء برحمته ثم يؤذن للملائكة, والنبيين, والشهداء, والصديقين فيشفعون)) الحديث (8) .
كما ثبت أيضاً حصول شفاعة المؤمنين لإخوانهم قبل يوم القيامة، وذلك في الدنيا، وهي استشفاعهم إلى الله تعالى في الصلاة على من مات منهم بالرحمة والغفران والتجاوز، فقد أخرج الإمام مسلم رحمه الله عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه)) (9) .
وأخرج كذلك عن عبد الله بن عباس ((أنه مات ابن له بقديد أو بعسفان فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له الناس، قال: فخرجت، فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته، فقال: تقول: هم أربعون؟ قال: نعم، قال: فأخرجوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم فيه)) (10) .
وتمام الحديث عن ابن ماجه: ((ما من أربعين من مؤمن يشفعون لمؤمن إلا شفعهم الله فيه)) (11) .
وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له)) (12) .

شفاعة القرآن الكريم


وكذلك فإن من مظاهر رحمة الله تعالى وكرمه على عباده أن جعل القرآن الكريم أيضاً من الشفعاء المقبول شفاعتهم، وليس ذلك فقط بل أيضاً يطلب المزيد من الإكرام لصاحبه.
وكيف لا يكون كذلك وهو كلام الله – تعالى وتقدس- وهو حبله المتين وصراطه المستقيم، أنزله على أفضل خلقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وجعل تلاوته ثواباً في الدنيا، لكل حرف حسنة وشفاعة في يوم القيامة، ولما كان القرآن الكريم كذلك فلابد لنا من إيضاح بعض النقاط الآتية:
1- بيان الفضل العظيم الذي ورد في القرآن عموماً.
2- وبيان ما جاء في أفضلية بعض سور القرآن وكلها فاضلة.
3- وبيان ما ورد من نصوص كذلك تحث على قراءة القرآن والمواظبة على ذلك.
فقد قال صلى الله عليه وسلم – محرضاً على قراءة القرآن -: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، طعمها طيب, وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها. ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر. ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر ولا ريح لها)) (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار)) (2) .
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن فضل بعض الآيات والسور، مثل سورة البقرة (3) , والكهف (4) , والفتح, وقل هو الله أحد (5) , والمعوذتين (6) ، وآية الكرسي (7) ، وغير ذلك مما لا نطيل بالاستدلال عليه.
فينبغي على كل مسلم أن يكثر من قراءة القرآن بتدبر وعناية، وأن يحتسب ذلك عند الله تعالى، ليأخذ جزاءه في يوم القيامة، وأن يحذر أن يتصف بأنه من الذين اتخذوه مهجوراً، و فيما يلي نعرض بعض النصوص التي يتعلق بها غرض البحث.
فمما ورد في شفاعة القرآن عموماً ما جاء عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعملوا بالقرآن, وأحلوا حلاله, وحرموا حرامه, واقتدوا به, ولا تكفروا بشيء منه, وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي, كيما يخبرونكم, وآمنوا بالتوراة, والإنجيل, والزبور, وما أوتي النبيون من ربهم, وليسعكم القرآن وما فيه من البيان, فإنه شافع مشفع, وماحل مصدق, ألا ولكل آية منه نور يوم القيامة, وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول, وأعطيت طه وطواسين وحواميم من ألواح موسى, وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش)) (8) .
وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)) (9) .
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة, يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان)) (10) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب أرض عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة)) (11) . (12)

درر
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:42 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.