انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 09-11-2008, 03:55 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

المشـــــــاركة في الحكــــم
تمهيد:
إن تولى أهل التوحيد والإيمان أعباء الحكم لدولة غير مؤمنة نوع من أنواع التمكين، وقد أشار القرآن الكريم لهذا النوع من التمكين في قصة يوسف عليه السلام, قال تعالى:*اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: 55].
لقد تقدم يوسف عليه السلام بهذا الطلب إلى ملك مصر المشرك من أجل عقيدته ودعوته وتقديم الخير للناس،ولقد تحرك يوسف عليه السلام وفق الإمكانات والظروف التي مرّ بها واستفاد من الفرصة التي سنحت له.
وهذا المسلك الذي اتخذه يوسف عليه السلام يدلنا على أن طرائق نشر الإسلام، ودعوة المجتمعات إلى الإيمان له أكثر من سبيل، كما أن هذا المسلك لا يوجد فيه تناقض بين المبدأ الذي يحمل رايته، وهو أن الحكم لله والعبودية المطلقة للواحد الديان وبين توليه الوزارة، ليجعل المجتمع أقرب إلى دعوة الله، وهذا أمر لا شك فيه، لأن يوسف عليه السلام نشر دعوة التوحيد في السجن فكيف به وهو في سُدّة الحكم.
إن دخول يوسف عليه السلام في الوزارة كان سندًا للحركات الإسلامية المعاصرة التي ترى جواز المشاركة في الحكومات الجاهلية إذا كان للمشاركة مصلحة كبرى أو دفع شر مستطير، ولم يكن بإمكان المشارك أن يغير في الأوضاع تغييرًا جذريًا, وذهب إلى هذا الاجتهاد كثير من العلماء وأهل الحل والعقد في الحركات الإسلامية المعاصرة إلا أن هذه المسألة لم تخل من معارضة بعض الباحثين الذين استدلوا بأدلة تدل على عدم جواز المشاركة في الوزارة التي تحكم بشريعة غير شريعة الله, واعتبر مسألة المشاركة في الحكم من مسائل العقائد، والذي يبحث في هذه المسألة من الناحية الشرعية والممارسات التاريخية يصل إلى نتيجة أن المسألة تدخل تحت السياسة الشرعية للجماعة المسلمة الرشيدة التي تسعى لتحكيم شرع الله والتمكين لدينه؛ ولذلك سنحاول أن نناقش الموضوع مناقشة علمية هادئة بعيدة عن التوتر والتشنج، وإنما مقصدنا الوصول إلى ما يحبه الله ويرضاه.
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 09-11-2008, 03:56 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


أدلة المانعين والقائلين بالجواز في المشاركة في الحكم

أولاً: أدلة المانعين المشاركة في الحكم:
يرى أصحاب الرأي الذي يمنع دخول الإسلاميين من المشاركة في الحكم أدلة من أهمها:
1- النصوص الحاكمة على من لم يحكم بغير ما أنزل الله بالكفر والظلم والفسق:
قال تعالى: *وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" [المائدة: 44].
وقال تعالى: *وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [المائدة: 45].
وقال تعالى: *وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [المائدة: 47].
2- إن الحاكمية يجب أن تكون لله وحده:*إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ
إِيَّاهُ" [يوسف: 40].
3- نهى رب العالمين المؤمنين أن يحتكموا إلى شريعة غير شريعة الله، وجعل ذلك منافيًا للإيمان, قال تعالى:*فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [النساء: 65].
4- في المشاركة في الحكم غير الإسلامي مفاسد عظيمة، فالذين لا يحكمون شرع الله يحادون الله في أمره، وينازعونه في حكمه *إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ" [يوسف: 40]، *وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا" [الكهف: 110]، فكيف يشارك المسلم في هذا النوع من الحكم؟
5- مشاركة المسلم في هذا النوع من الحكم توقعه في تناقض كبير، فالمسلم مطالب بأن يجاهد، لإقامة حكم الله، وينكر أشد الإنكار على من حكم بغير ما أنزل الله، فكيف يكون مقيمًا للحكم بغير ما أنزل الله.
6- إن طاعة الحكام فيما يشرعونه مخالفين أمر الله تعنى اتخاذ المطيع لهم أربابًا من دون الله، كما قال تعالى: *اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا" [التوبة: 31].
7- من المفاسد التي تترتب على المشاركة أن بعض الحكام قد يتخذون من يستوزرونهم من المسلمين الصالحين زينة يحلون بها حكمهم، ويدلسون بذلك على السذج والعوام، فيقولون: لو كنا على الباطل لما قبل فلان مشاركتنا في الحكم، ويزداد الطين بلة عندما يمررون من خلال الوزير المسلم القوانين الجائرة الظالمة وبعد أن يحققوا من ورائه أهدافهم ينبذونه نبذة النواة.
8- وفي المشاركة في الحكم ركون إلى الذين ظلموا، وقد حذرنا الحق من الركون إليهم: *وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" [هود: 113].
9- وقد يكون في المشاركة في الحكم إطالة لعمر هذا النمط من الحكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله في بعض الأحيان ([1]).
ثانيًا: أدلة القائلين بالجواز:
قالوا: إن الأصل عدم جواز المشاركة ولكن هناك حالات استثنائية أباحت الشريعة فيها المشاركة، واستدلوا بأدلة من أهمها دخول يوسف عليه السلام في الوزارة:
1- إن يوسف عليه السلام تولى المنصب الذي تولاه بإذن الملك وإرادته، يدلنا
على ذلك طلب يوسف عليه السلام من الملك أن يوليه: *قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ" [يوسف: 55].
فالنص صريح في الدلالة على أن الملك هو الذي يملك التولية, والنص صريح أيضًا في أن يوسف عليه السلام قد طلب منصبًا في دولة الملك، ولم يطلب أن يعزل الملك نفسه ولم يكن ذلك الطلب لنفسه.
قال سيد قطب - رحمه الله-: (لم يكن يوسف يطلب لشخصه، وهو يرى إقبال الملك عليه، فيطلب أن يجعله على خزائن الأرض، إنما كان حصيفًا في اختيار اللحظة التي يستجاب له فيها لينهض بالواجب المرهق الثقيل ذي التبعية الضخمة في أشدّ أوقات الأزمة، وليكون مسئولاً عن إطعام شعب كامل) ([2]).
ويرى ابن تيمية - رحمه الله -: (أن هذا المجتمع الكافر لا بدّ أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل كل ما يريد، وهو ما يراه من دين الله، فإن القوم لم يستجيبوا له، لكنه فعل الممكن من العدل والإحسان، ونال بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته ما لم يكن أن يناله بدون ذلك - وهذا كله داخل في قوله تعالى: *فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [التغابن: 16]) ([3]).
لقد اعترض المانعون على المجيزين في استدلالهم بقبول يوسف عليه السلام للوزارة وقالوا: إن شرعنا لا يجيز تولى الوزارة في ظل حاكم غير مسلم، وأما تولى يوسف للوزارة فهو شرع لمن قبلنا، وشرع من قبلنا ليس بشرع لنا إذا جاء في شرعنا ما ينقضه.
ورد المجيزون على هذا الاعتراض بوجوه:
الوجه الأول: أن شرعنا وشرع يوسف عليه السلام بل شرائع الأنبياء جميعًا متفقة في تقرير حاكمية الله تبارك وتعالى.
فيوسف عليه السلام يقرر في مخاطبته للفتيين اللذين دخلا معه السجن أن الحكم لله وحده *إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" [يوسف: 40].
ويشرح الأستاذ سيد -رحمه الله- كلمة يوسف هذه بقوله: إن الحكم لا يكون إلا لله، فهو مقصور عليه سبحانه بحكم ألوهيته، إذ الحاكمية من خصائص الألوهية, من ادعى الحق فيها فقد نازع الله سبحانه أولى خصائص الألوهية ([4]).
ويوسف عليه السلام الذي يعلم هذا الحكم المقرر في جميع الأديان هو الذي يتولى منصب عزيز مصر، ويقول للملك:*اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ" [يوسف:55].
فيتولى هذا المنصب وهو يعلم أن للملك نظامًا وشريعة لا يستطيع أن يزيحها بين عشية وضحاها: *مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ" [يوسف: 76].
يقول سيد قطب في الظلال: (إن هذا النصر يحدد مدلول كلمة الدين في هذا الموضوع تحديدًا دقيقًا، إنه يعنى نظام الملك وشرعه، فإن نظام الملك وشرعه ما كان يجعل عقوبة السارق هو أخذه في جزاء سرقته) ([5]).
فإذا كان فقه يوسف للحاكمية هو نفس الفقه المقرر في شريعتنا ومع ذلك تولى الوزارة فإنا نجزم في هذا المقام بأمرين:
1- أن توليه للوزارة لم يناقض عقيدته في كون الحاكمية لله وحده.
2- وأنه لم يكن مخطئًا عندما تسلم الوزارة، لأنه نبي معصوم.
الوجه الثاني: ومما يدل على نفى هذه الشبهة وإبطالها إخبار الحق تبارك وتعالى أن استلام يوسف الوزارة كان رحمة ونعمة ولم يكن عذابًا ونقمة، *قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ` وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" [يوسف: 56،55].
فالله يقرر أن تسلم يوسف للوزارة هو من باب التمكين له في الأرض، وأنه رحمة أصابه بها وأنه أجر دنيوى عاجل، وما ينتظره من الثواب الآجل أعظم وأكبر *وَلأَجْرُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" [يوسف:57].
ويوسف عليه السلام يصرح بأن تسلمه للحكم كان من نعمة الله عليه، ولم يكن نقمة:*رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" [يوسف: 101].
الوجه الثالث: والنصوص التي ذكرت تدل على أن هذا الحكم ليس خاصًا بنبي الله يوسف، دون سواه، وذلك أن النص صيغ صياغة عامة: *نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" [يوسف: 56].
ثم من ادعى أن هذا الحكم خاص بيوسف دون سواه عليه أن يأتي بالدليل، لأن الأصل في سير الأنبياء والمرسلين يراد به التأسي والاقتداء، فكيف إذا جاءت النصوص القرآنية نافية الخصوصية مشيرة إلى العموم ([6]).
لقد تحدث المفسرون في هذه القضية:
1- نقل القرطبي - رحمه الله - عن بعض أهل العلم: (إباحة طلب الرجل الفاضل أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه، فيصلح منه ما شاء، وأمّا إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز ذلك، ونقل القرطبي عن قوم أن هذا كان ليوسف خاصة دون غيره، ولكنه رجح القول الأول) ([7]).
2- واستدل الألوسي- رحمه الله - بطلب يوسف الولاية على جواز ذلك لغيره إذا كان الطالب قادرًا على إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة, وإن كان من يد الجائر أو الكافر، بل ذهب الألوسي إلى أنه قد يجب الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلاً، وكان متعينًا لذلك ([8]).
3- وقال الشوكاني: «وقد استُدل بهذه الآية على أنه يجوز تولى الأعمال جهة السلطان الجائر بل الكافر لمن وثق من نفسه بالقيام بالحق» ([9]).
وهذا من أقوى الأدلة في جواز المشاركة في الانتخابات.



([1]) انظر: حكم المشاركة في الوزارة والمجالس النيابية ص (29، 32).

([2]) في ظلال القرآن (12/2005).

([3]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (20/56، 57).

([4]) في ظلال القرآن (12/1990).

([5])في ظلال القرآن (13/2020).

([6]) انظر: حكم المشاركة في الوزارة والمجالس النيابية، د. عمر الأشقر ص29، 32.

([7]) تفسير القرطبي (7/215).

([8]) تفسير الألوسي (13/5).

([9]) فتح القدير (3/35).
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 09-11-2008, 03:57 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

[quote=الفاررة الي الله;117388]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الفتوحات الإسلامية

تحركت جيوش المسلمين بقيادة الصديق بعد حروب الردة لنشر الإسلام في الآفاق، فكانت حروب العراق بقيادة خالد بن الوليد، والمثنى بن حارثة, وكانت معارك الروم بقيادة أبي عبيدة بن الجراح. وبعد وفاة الصديق تولى الخلافة عمر رضي الله عنه والذي تحقق في زمن خلافته انتصار المسلمين الساحق على الروم في اليرموك وانتصارهم على الفرس في المدائن, وبذلك فتحت إمبراطورية الروم في بلاد الشام، وإمبراطورية الأكاسرة في بلاد الفرس أمام دعاة الإسلام يقدمون للأمم دين الله الذي ارتضاه لعباده.
وسار المسلمون على هدى أسلافهم في خوض المعارك الضارية ضد أعداء الإسلام، فسجل لنا التاريخ انتصار المسلمين على النصارى في معركة الزلاقة عام 479هـ بقيادة يوسف بن تاشفين قائد دولة المرابطين، وانتصارهم على النصارى في معركة حطين عام 583هـ وفتحت بعدها القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي.. وكان انتصار المسلمين على أعدائهم يحدث عندما يأخذ المسلمون بأسباب التمكين وشروطه وسننه التي لا تحابي ولا ترحم ولا تجامل، إن هذا النوع من التمكين يتجدد كلما حققت الأمة صفات جيل التمكين سواء على أفراد الأمة أم قادتها.
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 09-16-2008, 03:37 PM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

شواهد من التاريخ الحديث في المشاركة
استطاع الإسلاميون في بعض بلدان العالم الإسلامي أن يدخلوا بعض الوزارات عن طريق الانتخابات والمصالحات والأحلاف التي عقدوها مع بعض الأنظمة والأحزاب، وأثارت هذه الخطوات الجريئة مناقشات واعتراضات في داخل الحركات الإسلامية وخارجها، ولذلك نحاول أن نسلط الأضواء على بعض هذه التجارب والتي من أهمها: تجربة الأردن، واليمن، وتركيا، ولقد راعت هذه الحركة القواعد الشرعية في مبادئ المصالح والمفاسد، وحاولت جاهدة أن تلتزم بقواعد الضرورة، ومصلحة العمل الإسلامي، ومصالح المسلمين في هذه الأقطار، فإذا كانت هناك مصلحة حقيقية أو كان في اشتراكها في الحكومات سيعود بالنفع العميم على المسلمين, أو سيمنع فسادًا كبيرًا وضررًا مصيريًا يحيق بهم أو يهدد وجودهم فالاشتراك في هذه الحالة يدخل في حكم الواجب بالنسبة لها.
لقد دخلت هذه الحركات المباركة في تجارب الحكم، ضمن شروط واضحة ومصالح بينة، وضرورة تفرضها الظروف واستراتيجية مدروسة والتزام بالقواعد الشرعية عند الممارسة، فلم يكن الحكم واستلام السلطة هدفًا بذاته تتمسك به هذه الحركات على حساب المبادئ أو على حساب الشعب، أو على حساب الحركات، أو على حساب أقوات الناس، أو على حساب استقلال البلاد واسترجاع الأوطان، ولقد شاركت هذه الحركات في الحكم بالطرق الشرعية عن طريق تفويض الشعب لهم خلال الانتخابات، ولقد قامت هذه الحركات بدراسات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية.. إلخ، قبل الدخول في الحكم حتى تأكدوا أن وجودهم في مقاعد السلطة أفضل للإسلام والمسلمين من مقاعد المعارضة.
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 09-16-2008, 03:39 PM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الحركة الإسلامية في الأردن
لا يزال وضع الحركة الإسلامية في الأردن يختلف عن كثير من بلاد العالم الإسلامي، إذ كانت الأردن تتميز عن غيرها بالحريات وإعطاء العمل السياسي فرصة أكبر، ولذلك وجدت الحركة الإسلامية متنفسًا ومناخًا طبيعيًا لأعمالها السياسية والدعوية والاجتماعية والتربوية والتعليمية.
ويعتبر تاريخ تأسيس الحركة الإسلامية في الأردن عام 1946م وهي السنة التي حصل فيها الأردن على استقلاله وسعت منذ تأسيسها إلى إحياء مظاهر الحياة الإسلامية في المجتمع الأردني، وركزت جهودها على قطاع التربية والتعليم في سبيل بناء جيل إسلامي جديد، فأنشأت وأدارت مؤسسات متخصصة في التعليم والرعاية الاجتماعية والعناية الصحية في شتى أنحاء البلاد، ووقفت بجانب المؤسسات الحكومية القائمة على هذا المجالات وساهمت بشكل فعال بدعمها. وتميزت ظروف الحركة في الأردن بظهور حالة من التعايش بين الحركة والنظام، مما أتاح لها حرية نسبية من النشاط والعمل الإسلامي، وحرصت الحركة من طرفها، كما سعي النظام من جهته أيضًا، إلى الحفاظ على عناصر هذا التعايش ([1]).
أ- عناصر التعايش بين الحركة والنظام:
1- إدراك الحركة لوضع الدولة وضعف إمكاناتها واعتمادها على الدعم الاقتصادي الخارجي، ولذلك تجنبت إحراج النظام فيما لا طاقة له به، فالأردن كيان صغير نشأ في ظل تجزئة الوطن العربي ضمن مخطط أعداء الأمة الهادفة إلى إضعاف كيانها ومنعها من نهوضها من جديد.
2- إدراك الحركة أن الأردن لا تملك عناصر ومقومات الدولة الإسلامية ولذلك اطمأن النظام إلى أن أهداف الحركة لا تقوم على السعي إلى استبداله بنظام دولة إسلامية في الأردن.
3- تعتبر الحركة عنصر أمان للنظام ضد أية محاولات انقلابية عليه بسبب ما لها من قوة اجتماعية وانتشار عميق في مختلف قطاعات المجتمع الأردني، ولقد وقفت الحركة موقفًا بطوليًا في منتصف الخمسينيات ضد مظاهرات القوى اليسارية التي كانت تسعى لإسقاط النظام، واستبداله بنظام ماركسي كان يمكن أن تشاهد الأردن تلك المآسي التي شهدتها الدول التي حكمتها الأحزاب الشيوعية والتي قمعت وبطشت بمظاهر الحياة الإسلامية في بلدانها.
4- تنظر الحركة إلى النظام القائم بأنه خير للأردن من كل الأنظمة اليسارية والأحزاب التي حكمت المنطقة وبطشت بالحركات الإسلامية فيها.
5- ترفض الحركة العنف، وتشجب الإرهاب، ولا تؤمن بالتغيير القائم على الثورة؛ بل تؤمن بالتغيير الهادئ القائم على الإقناع والتدريج في الإصلاح، وهذا يعتبر موضع قبول لدى النظام.
6- المرونة في الأزمات بين الحركة والنظام، سواء كانت الحركة هي المبادرة بتصعيد المواقف أو النظام، ففي كلتا الحالتين يعكس النظام والحركة مرونة تجاه بعضهما البعض بامتصاص التوتر والانحناء قليلاً للعاصفة.
7- التوازن في منهج الحركة بين ثوابتها ومتطلباتها وبين محدودات الواقع الأردني.
8- مطالب الحركة الإسلامية هي مطالب إصلاحية تشمل كل مجالات الحياة، وتعتمد على أسس إسلامية، وهذه المطالب في أقصى حالاتها لا ترقى إلى تهديد النظام ولا تشكل طرحًا بديلاً له، ولذا فإن النظام لا يرى فيها خطورة على استمراره أو استقراره ([2]). هذه هي أهم عناصر التعايش بين الحركة الإسلامية في الأردن ونظامها، وبالتالي يكون من الطبيعى أن تكون للحركة تجربة متميزة في المشاركة في الحكم.
ب- المشاركة في الحكم:
ظهرت الحركة الإسلامية كقوة سياسية كبيرة على الساحة السياسية الأردنية في عام 1989م وذلك عندما قررت الاشتراك في الانتخابات النيابية، إثر قرار الملك حسين - ملك الأردن - استئناف الحياة الديمقراطية في الأردن، وإجراء الانتخابات في أجواء ديمقراطية حرة، متعهدًا بكفالة نزاهتها، وبالحيلولة دون تدخل الدوائر الرسمية فيها.
ولقد نجحت الحركة الإسلامية في إدارة حملتها الانتخابية، وتميزت بأسلوبها المنظم الذي لم يشهد له الأردن مثيلاً، وذلك بسبب قدراتها التنظيمية، ولكونها مثلت تطلعات المسلمين في الأردن المتعطشين إلى استئناف حياة إسلامية، وكانت الحركات الإسلامية في الأردن هي التكتل الوحيد الذي أعلن عن ترشيح قائمة تحتوي على أسماء سبعة وعشرين مرشحًا، طلبت من الأمة التصويت لهم جميعًا، وقد ضمنت برنامجها الانتخابي في كتيب وزعته في جميع أنحاء البلاد، اشتمل بالإضافة إلى البرنامج الانتخابي على أسماء المرشحين وصورهم.
فازت الحركة باثنين وعشرين مقعدًا من مقاعد مجلس النواب الأردني الثمانين، كما تمخضت النتيجة عن نجاح ما لا يقل عن عشرة مرشحين آخرين من الإسلاميين المستقلين، ونظرًا لأن مرشحي الحركة كانوا يشكلون أكبر كتلة داخل البرلمان الأردني، فقد اتصل رئيس الوزراء المكلف من قبل الملك بتشكيل الحكومة، وبعد مفاوضات جرت بين رئيس الوزراء والكتلة البرلمانية للحركة، اعتذرت الحركة عن الاشتراك في الحكومة، لأن رئيس الوزراء لم يستجب لمطالبها بتخصيص سبع حقائب وزارية للحركة تشتمل على حقيبة وزارة التعليم.
وفي تحرك سياسي آخر، دخلت الحركة في مفاوضات مع رئيس الوزراء حول منح الثقة لحكومته، حيث اشترطت الحركة أربعة عشر شرطًا مقابل منح الثقة، وكان من ضمن هذه الشروط أن تتعهد الحكومة - بكل إخلاص - بالتوجه نحو تطبيق الشريعة الإسلامية في ميادين التعليم والاقتصاد والإعلام، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحركة الإسلامية مثل هذه المبادرة في الحلبة السياسية، وبدأ الناس الذين كان يظن الكثير منهم قبل هذه التجربة ببعد احتمال أن يشترك الإسلاميون فيما يسمى بالحكومة غير الإسلامية، بالتعامل مع هذه القوة السياسية الناشئة، وفتح أمام الإسلاميين مجال عملي جديد، لم يكن من قبل متاحًا لهم، للتمرس في العمل السياسي.
وفي تطور تال، اتخذت الحركة الإسلامية بادرة سياسية أخرى، بالموافقة على الاشتراك في اللجنة الملكية لوضع الميثاق الوطني التي أعلن عنها ملك البلاد وعين أعضاءها بنفسه, والميثاق الوطني أشبه ما يكون بعقد اجتماعي تجمع عليه الأحزاب والجماعات المختلفة في الأردن، ويغطي كل الأوجه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد اتخذت الحركة الإسلامية قرارًا بالمشاركة في هذا المشروع، نظرًا لما رأته من ضرورة اللقاء والتحاور والتفاوض مع المجموعات السياسية الأخرى في البلاد، وتبادل الآراء معها حول القضايا المهمة التي يتناولها الميثاق ([3]).
لقد ظهر من قيادات الحركة مقدرة فائقة في إدارة الحوار وممارسة فن المفاوضات وشهد لهم دهاقنة السياسة بمقدرتهم السياسية الرفيعة، ولقد ناور زعماء الحركة وحققوا ما استطاعوا من أهداف لصالح التيار الإسلامي في الأردن، واستطاعت أن تمنع نفسها من الدخول في الوزارة عندما كانت مصلحة المبادئ التي يحملونها في الامتناع، وتقدمت بكل شجاعة لتسلم الحقائب الوزارية عندما رأت أن المصلحة في ذلك، وتسلمت خمس حقائب وزارية، هي وزارة التربية والتنمية الاجتماعية والعدل والصحة والشئون الإسلامية.
وبعد ستة أشهر من المشاركة، انتهت حرب الخليج، وبدأت حقبة جديدة من التطورات السياسية التي تمخضت عما يسمى بمؤتمر السلام، وكانت الحركة الإسلامية قد حذرت رئيس الوزراء من أنه إذا ما أقدمت حكومته على فتح أية قنوات للتفاوض مع إسرائيل، فإن وزراء الحركة الإسلامية سيستقيلون على الفور.
إلا أن الحكومة ما لبثت أن استقالت بكاملها، لتمهد الأرضية لاستعدادات الحقبة الجديدة، حقبة مؤتمر السلام في مدريد، وحرصت الحكومة الجديدة، التي تشكلت للقيام بهذه المهمة، على السعي منذ تشكيلها لنيل الثقة، ومع أن أعضاء الكتلة الإسلامية البرلمانية ومعهم عدد من النواب الآخرين في مجلس النواب حجبوا الثقة عنها، موضحين أنهم ما كانوا ليمنحوا الثقة لأية حكومة تضع التفاوض مع إسرائيل على جدول أعمالها، إلا أن الحكومة حصلت على الثقة، ولكن بأغلبية هشة، إذ صوت لصالحها سبعة وأربعون نائبًا فقط من أصل ثمانين، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الجديد كان ينفى طوال ذلك الوقت التزامه أو وزارته بمحادثات السلام مع اليهود، إلا أن الحكومة ما لبثت، وبعد مرور شهرين فقط على تشكيل الوزراء، أن أعلنت عن تشكيل وفدها لعملية السلام، فبادرت الكتلة الإسلامية البرلمانية بالالتقاء مع عدد من التكتلات الصغيرة في مجلس النواب، ووقَّعوا جميعًا عريضة حملت 48 توقيعًا رفعوها إلى الحكومة حجبوا بموجبها الثقة عنها، بعد أن كان بعضهم قد منحها إياها في وقت سابق، وعندما حل موعد استئناف الدورة الاعتيادية الجديدة للمجلس النيابي لم يكن أمام الحكومة خيار سوى الاستقالة، فتشكلت حكومة أخرى لم تمنحها كتلة الحركة الإسلامية ثقتها، لأن مهمتها كانت الإشراف على المشاركة الأردنية في عملية السلام ([4]).
ج- إنجازات المشاركة:
لقد اكتسبت الحركة الإسلامية في الأردن من خلال المشاركة السياسية تجارب عديدة، وخبرات متعددة، وأصبحت أكثر واقعية، واستطاعت من خلال هذه التجربة أن تطور قدرتها وتحسن أداءها، ولقد أعطت صورًا مختلفة عن تلك التي ترسخت في عقول خصومها الذين أخذوا فكرة عن الحركة الإسلامية كما لو كانت مجموعة من المتطرفين أو المتعصبين أو المتشددين، ومن أهم الإنجازات والمكاسب التي حققتها هي:
1- تشكيل تصور سليم عن الحركة، وإزالة الشكوك والمخاوف التي كانت تثيرها بعض الجهات، فقد أعرب كثير من الوطنيين والقوميين في مناسبات كثيرة عن قناعتهم بأن الحركة تتسم بالاعتدال والتحرك المسئول الواعي، وتحترم الرأي الآخر، إذ أظهرت مرونة وقدرة على التنسيق والحوار مع الأحزاب والحكومات والشخصيات السياسية، وبذلك أزيل الحاجز النفسي الذي كان يفصل بين الحركة والآخرين.
2- كان لنواب الحركة حضور قوي وفعال في اللجان المتخصصة، مثل لجنة الحريات، واللجنة المالية، واللجنة القانونية، ولجنة التحقيقات النيابية، وقد كان أداؤهم في هذه المجالات وفي غيرها يعبر عن جهد كبير دءوب، وعن موضوعية وإنصاف، وعن إحاطة بالقضايا الفنية والتخصصية، وكان هذا الأداء باستمرار موضع تقدير المؤسسات الرسمية والإعلامية.
3- المشاركة في إنجاز مجموعة من القوانين والتشريعات المهمة، وفي تعديلها، بما يلائم المصلحة العامة وحقوق المواطنين ويتفق مع الشريعة الإسلامية، ومن ذلك قانون الأحزاب، وقانون الدفاع، وقانون رد الاعتبار، والقانون الخاص بمحكمة العدل العليا، وقانون محكمة أمن الدولة، وقانون النقابات، وقانون الكسب غير المشروع، وقانون الاستيراد والتصدير، وقانون إلغاء الأحكام العرفية، وقانون الشباب وقانون الخمر.
4- طرح الرأي والموقف الإسلامي في المواقف والأحداث، ودفع الحكومة إلى الالتزام به أو احترامه وتقديره، أو سماعه على أقل تقدير.
5- التنسيق والتعاون مع الفعاليات السياسية المختلفة، حكومية وحزبية ونقابية، بما يخدم الأمة والوطن، وبما يضمن تنفيذ برامج الحركة الإسلامية وتحقيق أهدافها، ومن القضايا التي تم التنسيق بشأنها موضوع التسوية السلمية، والموقف من أزمة الخليج، وقضايا محاكمة الفساد، والدفاع عن الحريات، وقانون الأحزاب وقانون أمن الدولة
6- إحراز رئاسة المجلس ورئاسة كثير من اللجان النيابية وهو إنجاز يعبر عن تأثير نواب الحركة وقدرتهم على التنسيق والحشد.
7- الإسهام في تأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي، المشروع الذي تأمل الحركة أن يستوعب جماهيرها ومؤيديها من مختلف الفئات، ويوسع آقاق العمل الإسلامي.
8- المساهمة في رد الحقوق إلى أصحابها، وشمل ذلك إعادة المفصولين، والإفراج عن المعتقلين، وضمان حرية السفر والتنقل وحرية الرأي والتعبير، والحد من تدخل الأجهزة الأمنية في التوظيف وفي شئون النوادي والجمعيات، هذه ولئن كانت إنجازات دون المستوى المطلوب، إلا أنها بالمقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل استئناف الحياة البرلمانية، بل وبما عليه الحال في كثير من الدول العربية الأخرى، تعتبر نقلة نوعية جديدة، وإنجازًا كبيرًا.
9- تخفيف حالة الاحتقان والعداء مع الحكومة، وحماية الحركة من محاولات جرها إلى صدام مع النظام لا يعود بالفائدة إلا على أعداء الحركة وأعداء الوطن.
10- تنمية العلاقات مع المسئولين المحليين في المحافظات والألوية، من حكام إداريين ومديري دوائر، والتعاون معهم في العمل والخدمة وحل المشكلات.
11- دعم القضية الفلسطينية والسعي قدر الإمكان إلى دفع الحكومة للالتزام بما لا يضيع حقوق الفلسطينيين في أرضهم، وعلى المستوى المحلي ساعدت جهود نواب الحركة في التوصل إلى قرار في مجلس النواب يحد من معاناة أهالي غزة وحملة البطاقات المقيمين في الأردن، ومن ذلك متابعة قضية العائدين من دول الخليج لمساعدتهم وتحصيل حقوقهم.
12- دعم القضايا الإسلامية الأخرى، مثل قضايا أفغانستان، والبوسنة والهرسك، وغيرها.
13- التفاعل مع الأحداث على الساحة العربية والإسلامية من خلال إرسال البرقيات وحضور اللقاءات والمشاركة في النشاطات والاجتماعات، وقد أصدر مكتب نواب الحركة الإسلامية عشرات البيانات والبرقيات في المناسبات المختلفة، وشارك نواب الحركة باستمرار في نشاط الوفود البرلمانية إلى الأقطار العربية والإسلامية وغيرها.
14- مواجهة الفساد الإداري والمالي، ومحاسبة الوزراء والحكومة وكبار المسئولين، والرقابة على أداء الأجهزة بما يحقق المصالح والمنافع ويحمي البلد ومؤسساته من الإهمال والعبث والفساد.
15- نشر الفكر والدعوة وخدمة القضايا الإسلامية، وتسهيل هذه المهمات للقائمين عليها وحمايتهم، وتفعيل المؤسسات الإسلامية حتى أصبح الرأي الإسلامي المعبر عن الموقف الإسلامي الصحيح يطرق كل منافذ النشر والتبليغ.
16- ساهم نواب الحركة في تحقيق كثير من المشاريع والخدمات العامة ومن ذلك:
كلية الشريعة في جامعة اليرموك، بالإضافة إلى المطالبة بإنشاء المدارس والطرق والمراكز الصحية وتمديد الخدمات الكهربائية والمائية والهاتفية في مختلف المناطق والمحافظات.
17- استقبال المراجعين والمواطنين والسعي في حاجاتهم والوقوف مع المواطنين في كثير من القضايا والمشكلات التي تعسر عليهم حلها مع الدوائر الحكومية ومطالبة الحكومة بالمذكرات وبالاتصال الشخصي بمساعدة المواطنين وتنفيذ المشروعات، والحد من الغلاء وتخفيف الضرائب ([5]).
هذه بعض إنجازات الحركة.
د- مطالب الحركة من العمل السياسي:
إن الحركة الإسلامية في الأردن تدرك جيدًا الظروف التي تمر بها المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وتدرك محدودية إمكانات الأردن في ظل هذه الأوضاع والمعادلة الدولية الحالية؛ ولذلك نهجت أسلوب العمل الإصلاحي المتدرج، يقينًا منها بأن التحسن الجذري للأوضاع مرتهن بتبدل ظروف الأمر الواقع المفروض على المنطقة ككل، وليس على الأردن فقط، ووفاءً بواجب الدعوة إلى الله والإصلاح في حدود المستطاع فإن الحركة تسعى جاهدة إلى تحقيق بعض الأهداف المهمة في هذه المرحلة منها:
1- تحقيق العدل والحرية والمساواة بين المواطنين.
2- ترسيخ الممارسة الديمقراطية وضمان احترام خيار الشعب.
3- تشكيل حكومة نظيفة، ومسئولة، ومخلصة وعادلة، ومؤهلة لقيادة شئون المجتمع الأردني، وتلتزم بمقاومة الفساد والانحلال الخلقي بكل أشكاله، وبوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والاحتكام إلى مبادئ الجدارة والاستحقاق في التوظيف والتعيين.
4- محاربة الطائفية والإقليمية، والتركيز على الوحدة الوطنية، وتعزيز الجبهة الداخلية.
5- مناصرة ودعم حقوق الإنسان، ورفض القمع والظلم.
6- شجب العدوان،وتأييد حركات التحرر ضد الهيمنة الاستعمارية على الشعوب.
7- السعي إلى إقامة صيغ الوحدة بين أقطار العالم العربي والإسلامي، وإنشاء مؤسسات التضامن العربي والإسلامي في المجالات الاقتصادية، والسياسية والثقافية، وصولاً إلى صيغ التكامل بين أجزاء الأمة العربية والإسلامية.


([1]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، عزام التميمي، ص102.

([2]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص (103، 104).

([3]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص 105، 106.

([4]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص106، 107.

([5]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص107إلى 111، اختصرت ما قاله الأستاذ عبد الله العكايلة عن تجربة الحركة الإسلامية في الأردن.
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 09-16-2008, 03:40 PM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"انكم تعرضون علي باسمائكم وسيماكم فاحسنوا الصلاة عل-
..............................
واخرج الامام احمد بن عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن ابيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول :
"من صلى علي صلاة ،لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي ،فليقل عبد من ذلك او ليكثر".
......................................
عن الحسين بن علي عن ابيه رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي".
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 09-17-2008, 06:51 AM
أم عبد الرحمن السلفية أم عبد الرحمن السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


جزاكِ ربي خير الجزاء ونفع الله بكِ أخيتي
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 09-17-2008, 08:15 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الرحمن السلفية مشاهدة المشاركة

جزاكِ ربي خير الجزاء ونفع الله بكِ أخيتي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين




رد مع اقتباس
  #29  
قديم 09-20-2008, 04:45 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ثانيًا الحركة الإسلامية في اليمن
قد يظن البعض أن مشاركة الحركة الإسلامية اليمنية في السلطة لم تبدأ إلا بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 27أبريل 1993م، يبد أن الحقيقة هي أن الحركة بدأت تجربتها في المشاركة منذ وقت مبكر وعلى أصعدة متعددة وبأساليب متنوعة حسبما تتطلبه الظروف والمراحل
وإن كانت السنوات الأخيرة من عمر التجربة السياسية للحركة اليمنية تظهر مع قرار الحركة في المشاركة في انتخابات أبريل 1993م، ثم المشاركة في الحكومة حيث أظهرت ملامح الحركة السياسية قدرتها على خوض الصراع السياسي بمهارة فائقة وقدرة نادرة وتخطيط صحيح وإدارة رشيدة وتنظيم قوي.
لم يكن برنامج العمل السياسي للتجمع اليمنى للإصلاح إلا وليد مجهودات سبقت, وسنين من العمل والجهاد المتواصل، ظهرت رؤيته العقدية وصبغته الشرعية ومنظومته الفكرية والثقافية منذ اليوم الأول لاندلاع ثورة سبتمبر 1962م التي أطاحت بنظام الإمامية وجاءت بالنظام الجمهوري وأخذت هذه المنظومة تتطور مع الزمن حتى برزت في هيكلها الأخير للتجمع والإصلاح، ولقد ساعدت عوامل عدة في نمو الحركة السياسي والتنظيمي مع الامتداد الشعبي المتوازن, ومن أهم هذه العوامل:
1- بقاء اليمن الشمالي حرًا بعيدًا عن الاستعمار الأجنبي.
2- تأكيد النظام الجمهوري بعد قيامه على سيادة الشريعة الإسلامية وجعلها مصدر القوانين جميعًا.
3- وجود مجال رحب للعمل السياسي استفادت منه الحركة في تنمية قدراتها وتفجير طاقاتها وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها.
4- امتلاك الشعب للسلاح وبذلك حافظ على حريته؛ ولم تستطع الحكومات العلمانية أن تذله وتكبل حريته وتصادر حقوقه؛ ولذلك لم تتعرض الحركة الإسلامية بشكل جماعي ومنظم طوال فترة ما بعد الثورة إلى اليوم لأية محنة كبيرة أو إجراءات قمعية شديدة كالسجن أو النفي أو المطاردة أو غير ذلك ([1]).
5- ظهور المد الشيوعي في جنوب اليمن ووصول الحزب الماركسي إلى مقاليد الحكم في اليمن الجنوبي، مما جعل مصالح مشتركة بين الحكومات الشمالية والحركة الإسلامية مع ظهور قيادات فذة في الحركة استطاعت أن تستفيد من هذه المعادلة لمصلحة الإسلام في اليمن إلى غير ذلك من العوامل.
وكانت لجهود الجهاد التي قادها الشهيد محمد محمود الزبيري رصيد حي للحركة الإسلامية في اليمن, وتعتبر شخصيته من أبرز الشخصيات الوطنية التاريخية المعاصرة، وقد أجمعت كل القوى السياسية بعد استشهاده على إطلاق لقب «أبو الأحرار» عليه.
كان للحركة الإسلامية مشاركة سياسية قبل الوحدة، وشاركت بعدد من أعضائها في مجلس الشورى لعام 1971م وحرصت على أن تؤدي دورًا متميزًا، رغم قلة أعضائها، في مجال وضع التشريعات القانونية التي انبثقت جميعها من الشريعة الإسلامية ([2]).
واهتمت الحركة في اليمن بالجانب التعليمي والتربوي وأعطته اهتمامًا خاصًا، فساهمت في إعداد المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، وكان حظ مناهج التربية الإسلامية وافرًا، حيث حشدت الحركة العشرات من العلماء البارزين - من المذهبين الزيدي والشافعي- لوضع هذه المناهج برؤية توحيدية جامعة تتجاوز التعصب المذهبي، إذ تم الاتفاق على أن تكون مناهج الفقه والحديث نابعة من الدليل الأصوب، دون التحيز والتعصب لأحد المذهبين المذكورين, وكان من فضل الله على أهل اليمن ثم بهذا الجهد المبارك أن نشأت الأجيال منذ ذلك الحين حتى اليوم برؤية فقهية موحدة تجاوزت فيها الحساسيات والصراعات الموروثة على مدار التاريخ وتجنبت البلاد مرارة الصراع المذهبي بهذا الفعل الرشيد.
- وبنفس الرؤية التوحيدية الجامعة ساهمت الحركة الإسلامية في تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وتميز في الفترة التي ترأس فيها القاضي عبد الكريم العرشي مجلس الشعب التأسيسي من 1978م إلى 1988م بالنشاط الدءوب والعمل الجاد حتى أطلق على هذه الفترة بالعصر الذهبي في هذا المجال، وأصبح القضاء في جميع اليمن ملتزمًا برؤية شرعية موحدة. وكان لهذا المسلك على المستويين التعليمي والتشريعي أثره الفعال والكبير في ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية في اليمن.
- اهتمت الحركة بالجانب الثقافي والتوجيه للمجتمع اليمنى, واتجهت نحو العمل المؤسسي، وكان أبرز ثماره مكتب التوجيه والإرشاد، الذي صدر وفق قانون في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدى، وترأسه على التوالي كل من الشيخ عبد المجيد الزنداني والقاضي يحيي الفسيل، ونص القانون على أن يكون رئيس المكتب بدرجة وزير، ونائبه بدرجة نائب وزير، ووكيله بدرجة وكيل وزارة، وكان نشاط المكتب عظيمًا وأثره في الجانب الشعبي كبيرًا، حيث استطاع من خلال قوافل التوجيه والدعوة أن يتغلغل في وسط القبائل والقرى والمدن وطعم جهوده الجبارة بدعوة عدد من كبار مفكري العالم الإسلامي مثل الدكتور يوسف القرضاوى، والشيخ محمد الغزالي، والدكتور الترابي، والأستاذ يوسف العظم، والشيخ حسن أيوب، والدكتور الصواف، والدكتور أحمد العسال وعشرات غيرهم، نجح المكتب من خلال ذلك في أن يحدث وعيًا شعبيًا بقضايا الأمة الإسلامية، سواء كانت قضايا فكرية أو سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك.
- واهتمت الحركة بتأسيس المعاهد العلمية، التي يدرس طلابها نفس مناهج التربية والتعليم مع زيادات مقدرة في المجال الشرعي واللغة العربية، بهدف تزويد الطلاب بقدر أكبر من تلك العلوم والمعارف، وقد بدأت المعاهد العلمية منذ قيام الثورة في عام 1962م كمعاهد أهلية، ثم أصبحت منذ أوائل السبعينيات تابعة لإدارة خاصة بها ضمن وزارة التربية والتعليم، ثم تطورت لتصبح تابعة لهيئة أعلى، لكن موازناتها ظلت ضمن موازنة وزارة التربية والتعليم، وفي عام 1980م صدر قانون من مجلس الشعب التأسيسي وموقع من قبل الرئيس على عبد الله صالح بتوحيدها ضمن جهاز واحد يسمى الهيئة العامة للمعاهد العلمية، بموازنة مستقلة وبجهاز فني مستقل، على أن يرأسها مسئول بدرجة وزير، ومنذ ذلك الوقت تناوب على رئاستها ثلاث من الشخصيات الإسلامية البارزة بدءًا بالقاضي يحيى الفسيل (1980- 1985) ثم الأستاذ أحمد عبد الله الحجري (1985- 1988م) ثم المهندس أحمد الآنسي (1988- 1990), ومنذ قيام الوحدة لم يعين لها رئيس حتى الآن؛ بل تتم إدارتها من قبل وكيل الهيئة والجهاز الفني، وذلك بسبب الخلاف السياسي على وجودها واستمرارها، إذ كان يصر الحزب الاشتراكي اليمنى على دمجها ضمن وزارة التربية والتعليم بينما يرفض التجمع اليمنى للإصلاح ذلك، ويقف المؤتمر الشعبي العام موقف الحياد بين الطرفين، وقد أعطت المعاهد العلمية في الجانب التربوي والتعليمي عطاًء كبيرًا، وتركت آثارًا طيبة على جمهور المواطنين، وتوسعت المعاهد العلمية لتجاوز خمسمائة معهد على مستوى الجمهورية يرتادها ما لايقل عن ثلاثمائة ألف طالب وطالبة.
واشتملت هيئة المعاهد على إدارة عامة لمدارس تحفيظ القرآن الكريم تتبعها أكثر من مائة مدرسة ويرتادها أكثر من ثمانين ألف طالب وطالبة، ورغم موقف الحزب الاشتراكي المهزوم من المعاهد العلمية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم عندما كان في الحكم إلا أنه لم يستطع منع إقبال الناس عليها من المحافظات الجنوبية والشرقية التي كان يحكمها الحزب، ووجد الحزب نفسه مرغمًا على قبول فتح معاهد علمية ومدارس لتحفيظ القرآن الكريم في مختلف أرجاء تلك المحافظات الست.
- وفي المجال السياسي دخلت الحركة الإسلامية في لجنة الحوار الوطني التي شكلها على عبد الله صالح في عام 1980م والتي تكونت من خمسين شخصية يمنية، مثلت فيها معظم القوى السياسية بما في ذلك الحركة الإسلامية، واستمرت اللجنة لمدة عامين تقريبًا تدير حوارًا وطنيًا وشعبيًا موسعًا لوضع صيغة لمشروع ميثاق وطني يتم إقرارها من خلال مؤتمر شعبي عام بحيث يكون هذا الميثاق هو الدليل النظري والفكري للشعب اليمنى وقيادته، وخلال عامين من المداولة والتباحث، توصلت لجنة الحوار الوطني إلى صيغة لمشروع ميثاق غلب الطابع الإسلامي عليه، ثم عرضت هذه الصيغة شعبيًا من خلال استبيان أبدى فيه مئات الآلاف الذين شاركوا فيه رأيهم في الصيغة المقترحة، وطالبوا ببعض التعديلات التي صبت معظمها في الاتجاه الذي دفعت صوبه الحركة الإسلامية، فأعيدت الصياغة بموجب نتائج الاستبيان الشعبي، ثم قدمت إلى المؤتمر الشعبي العام الذي انعقد في 24أغسطس (آب) 1982م وأقر الصيغة النهائية للميثاق الوطني, وأقر المؤتمر كذلك استمرار المؤتمر الشعبي العام كصيغة للعمل السياسي وإطار يجمع القوى الوطنية ويشرف على تطبيق الميثاق الوطني عمليًا، وانتخب المؤتمر الرئيس على عبد الله صالح أمينًا عامًا له، كما انتخب لجنة دائمة (مركزية) من خمسين عضوًا، كان نصفهم تقريبًا من الإسلاميين، وقد انتخبت اللجنة الدائمة د.أحمد الأصبحى (إسلامي)
أمينًا لسرها وعبد السلام العنسي (إسلامي) وعبد الحميد الحدي (قومي) مساعدين لأمين السر.
وساهم الإسلاميون فيما بعد على المستويين التنظيمي والفكري في ترسيخ قواعد المؤتمر الشعبي العام، الذي كان أول صيغة سياسية تعترف بالقوى السياسية عمليًا دون الإعلان عن وجودها بشكل رسمي ([3]).
هذه بعض الملامح الرئيسية في مشاركة الحركة الإسلامية في العمل السياسي على مستوى الدولة قبل تجربة الوحدة.
ب- تجربة ما بعد الوحدة:
إن تجربة الحركة الإسلامية فيما بعد الوحدة تختلف اختلافًا كبيرًا عن تجربة ما قبل الوحدة، وهو اختلاف يكمن سره في الانتقال من العمل السري إلى العمل العلني، وفي تحول النظام الحاكم في اليمن نحو الديمقراطية والتعددية.
لقد كان إنشاء التجمع اليمنى للإصلاح نقلة نوعية كبيرة لم يقتصر أثرها على الحركة الإسلامية وحدها؛ بل امتد ليشمل الساحة اليمنية بأسرها، فبروز حزب جديد يمتلك قاعدة شعبية عريضة مؤثرة وفاعلة جعل الخريطة السياسية اليمنية تنتقل إلى مرحلة من التوازن, ووجد الكثيرون ممن لا يرغبون في الانضمام إلى الحزبين الكبيرين (المؤتمر والاشتراكي) مجالاً لممارسة العمل السياسي ضمن الحزب الجديد، وكان الإصلاح هو حزب المعارضة الرئيس والمؤثر خلال سنوات الفترة الانتقالية من 22مايو 1990إلى 27أبريل 1993م.
وبرز دور الإصلاح وتأثيره في المعارضة أثناء فترة الاستفتاء على مشروع دستور دولة الوحدة التي استمرت ثلاثة أشهر، من فبراير إلى مايو 1991م، حيث كان الإصلاح يرى وجوب إجراء بعض التعديلات على الدستور قبل الاستفتاء عليه بسبب كثرة التناقضات التي اشتمل عليها، ناهيك عن الغموض الذي اكتنف الكثير من مواده، حيث كان هذا الدستور قد وضع من قبل لجنة مشتركة من شطري اليمن في الفترة ما بين مارس 1979م إلى ديسمبر 1981م، أي حينما كان المعسكر الشيوعي في أوج قوته، مما أدى إلى أن يتجه النظامان حينها إلى صيغ توفيقية وتلفيقية لتجاوز خلافاتهما، وهكذا أصبحت هوية النظام السياسي غامضة، فلا يوجد مثلاً نص صريح على التعددية، وكذلك الأمر بالنسبة لهوية الاقتصاد فلا هو إسلامي ولا هو اشتراكي ولا هو رأسمالي، ولم ينص الدستور على الفصل بين السلطات، ولا على التداول السلمي للسلطة.
انتقد الإسلاميون الدستور بسبب الثغرات الكثيرة ولم يرضوا اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع؛ بل طالبوا بأن يكون المصدر الوحيد للتشريع، لذلك قرر الإصلاح أن يقود معارضة شعبية واسعة للدستور، وقد اصطف وراءه ما يزيد على عشرين حزبًا من مختلف الاتجاهات الإسلامية والقومية والليبرالية. وبدأت حملة المعارضة بالمحاضرات والندوات والملصقات والمهرجانات الجماهيرية، فيما اتفق أكثر من أربعمائة من كبار علماء الشريعة في اليمن على توقيع وثيقة تطالب السلطة بتعديل الدستور قبل الاستفتاء عليه، وفي ذات الوقت بدأ الإصلاح بجمع توقيعات المواطنين المطالبين بتعديل الدستور، حتى تجاوزت هذه التوقيعات مليونا ونصف المليون توقيع من مختلف مناطق البلاد.
بلغت الحملة ذروتها بالمسيرة المليونية التي قادها الإصلاح داخل العاصمة، وشارك فيها مواطنون من مختلف أنحاء البلاد اتجهوا إلى مقر رئاسة الجمهورية مطالبين بالتعديل، فأصدر مجلس الرئاسة الحاكم بيانًا سياسيًا ضمنه أهم مطالب الإصلاح، ومنها:
1- الالتزام بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع وبطلان أي قانون يخالفها.
2-إعادة الحقوق والأملاك التي أممها النظام الشيوعي في عدن إلى أصحابها.
3- الالتزام بالنظام الديمقراطي القائم على أساس التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة.
4- الالتزام بتعديل الدستور إثر أول انعقاد لمجلس النواب المنتخب بعد نهاية الفترة الانتقالية، فرحب الإصلاح وأحزاب المعارضة المتحالفة معه بالبيان، وطالبوا بجعله جزءًا من الدستور والاستفتاء عليه حتى يكتسب قوة دستورية وقانونية، ولما لم تستجب السلطة لهذا المطلب أصدر علماء الشريعة فتوى بوجوب مقاطعة الاستفتاء على الدستور، وهذا ما تم فعلاً فبدا الاستفتاء هزيلاً بضعف الإقبال الشعبي عليه يومي 16، 17مايو 1991م.
ومن خلال موقعه في المعارضة ساهم الإصلاح بفاعلية في صياغة أهم القوانين التي صدرت في الفترة الانتقالية، مثل قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وقانون الصحافة، وقانون تنظيم حمل السلاح، وقانون الإدارة المحلية، والقوانين الاقتصادية، وقانون الانتخابات ([4]).
رأي التجمع اليمنى للإصلاح أن استمرار الأوضاع كما هي عليه، حيث يحتكر الحزبان الحاكمان (المؤتمر والاشتراكي) حق إدارة شئون البلاد والعباد، سيدفع البلاد نحو الانهيار الشامل، ولذلك فإن دخول الإصلاح كشريك في السلطة من شأنه أن يحقق نوعًا من التوازن السياسي في البلاد، كما أن مشاركة الإصلاح تعطي تجربة فريدة في العالم العربي والإسلامي تتمثل في تشكيل ائتلاف حكومي يضم اليمين المحافظ المتمثل في المؤتمر الشعبي العام، واليسار المعتدل المتمثل في الحزب الاشتراكي، والوسط الإسلامي المتمثل في التجمع اليمنى للإصلاح، كما أن مشاركة الإصلاح في السلطة ستخفف من حدة النزعات المتطرفة التي بدأت في الظهور، وخاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كان يحكمها الاشتراكيون قبل الوحدة كرد فعل على تطرفهم.
ومن الفوائد المرجوة من مشاركة الإصلاح في الحكم، إتاحة الفرصة أمام العديد من كوادر الإصلاح للتأهل والتدريب على ممارسة الحكم، وصناعة القرار، والإحاطة بآليات إدارة السلطة وأسرارها وخفاياها.
وكذلك إتاحة الفرصة أمام الإصلاح ليقدم نموذجًا جيدًا يتسم بدقة الإنجاز وطهارة اليد وسلامة الضمير وعلمية التخطيط ومحاربة الفساد الشامل في كل مرافق الدولة.
وبعد خوض الانتخابات استطاع الإصلاح أن يحتل المرتبة الثانية بعد أن تحصل على 63مقعدًا, والاشتراكي 56مقعدًا, والمؤتمر 127مقعدًا، والمستقلون 47مقعدًا، والبعثيون 7مقاعد، والوحدوي الناصري مقعد واحد، والناصري الديمقراطي مقعد واحد، والتصحيح الناصري مقعد واحد، وحزب الحق مقعدين، وبحصول الإصلاح على المرتبة الثانية تأكدت مشاركته في السلطة، حيث دعا الرئيس على عبد الله صالح ونائبه على سالم البيض إلى اجتماع مشترك مع الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، زعيم الإصلاح، اتفق فيه الزعماء الثلاثة على تشكيل ائتلاف حاكم بحيث تتوزع الرئاسات الثلاث على الأحزاب الثلاثة، فتكون رئاسة الدولة للمؤتمر، ورئاسة البرلمان للإصلاح، ورئاسة الحكومة للاشتراكي.
بدأت المفاوضات حول تشكيل الحكومة الجديدة، ووزعت الحقائب بحيث حصل المؤتمر على أربع عشرة حقيبة تنازل عن واحدة منها للمستقلين، وحصل الاشتراكي على تسع حقائب منها حقيبة رئيس الوزراء وحقيبة نائب رئيس الوزراء وسبع حقائب وزارية, بينما حصل الإصلاح على ست حقائب من بينها حقيبة لنائب رئيس الوزراء تولاها الأمين العام للتجمع الأستاذ عبد الوهاب الآنسى، وخمس حقائب وزارية هي الإدارية المحلية وتولاها الأستاذ محمد حسن دماج، والتموين والتجارة وتولاها د. عبد الرحمن بافضل، والصحة العامة وتولاها الدكتور نجيب غانم، والأوقاف والإرشاد وتولاها الدكتور غالب القرشي، والشئون القانونية وشئون مجلس النواب وتولاها الأستاذ عبد السلام خالد.
ولم تمضى شهور قليلة على تجربة الإصلاح في المشاركة حتى دخلت البلاد في أزمة سياسية انتهت بالحرب بين القوات النظامية والقوات الموالية للحزب اليمنى الاشتراكي الذي أعلن من طرف واحد انفصال الجنوب عن الشمال، وبعد شهرين من المعارك الدامية (قتل فيها حوالي سبعة آلاف شخص) تمكنت القوات النظامية من دخول آخر معاقل الانفصاليين بعد سقوط مدينتي المكلا وعدن وفرار زعماء الاشتراكي إلى خارج البلاد.
لقد كان دور الإصلاح في المحافظة على وحدة اليمن عظيمًا، والتف الشعب اليمنى المناصر للوحدة والمنابذ للفرقة حول الحكومة الشرعية والحزبين الكبيرين الإصلاح والمجتمع, واستطاعوا بفضل الله ثم جهودهم أن يمحوا الحزب الشيوعي الاشتراكي من الوجود بعد أن عاث في الأرض فسادًا.
واستمر الحزبان المتحالفان في الحكم، وتركت مشاركة الإصلاح في السلطة أثرًا إيجابيًا على المستوى الشعبي، وأوجدت أملاً لدى المواطنين في إمكانية التغيير إلى الأفضل، فسمعة الإصلاح ظلت نقية طوال الفترة الماضية قبل الوحدة وبعدها، فالناس أدركوا من خلال تجارب فترة ما قبل الوحدة أن أكثر الوزراء والحكام الإداريين (المحافظين) نجاحًا وإخلاصًا في عملهم هم أولئك الذين ينتمون إلى الحركة الإسلامية تنظيمًا أو فكرًا أو سلوكًا، ولم ينس اليمنيون إنجازات الإسلاميين على صعيد التعليم والحركة التعاونية وفي مجالات التشريع والثقافة والإرشاد, وبعد انتخابات عام 1997م أصبح الإصلاح في المعارضة وضرب أروع الأمثلة في المعارضة السلمية النزيهة البعيدة عن المزايدة والكذب والتزوير والخداع ([5]).
إن تجربة الإصلاح في العمل السياسي تعتبر من أنضج التجارب المعاصرة في
العالم الإسلامي.



([1]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص 152.

([2]) المصدر نفسه، ص 155.

([3]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص 158، 159.

([4]) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص 161، 162.

([5]) انظر: البحث الذي أعده نصر طه مصطفى في مشاركة الإسلاميين في السلطة ص (141- 170).
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 09-23-2008, 07:53 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ثالثًا الحركة الإسلامية في تركيا
تأتي قوة الحركة الإسلامية في تركيا، في كون الأحزاب السياسية في تركيا تعتمد اعتمادًا كبيرًا في الانتخابات على الجماعات الإسلامية إلى درجة نرى أن أحزابًا كبيرة، برامجها كانت علمانية، ولكن مواقفها اختلفت عن هذه البرامج.
من هذه الأحزاب على سبيل المثال حزب الشعب الجمهوري، الحزب الذي أسسه مصطفى كمال في عام 1922م حيث أرسى هذا الحزب معالم العلمانية في تركيا حتى وفاة مؤسس الحزب في عام 1938م، وقد قام هذا الحزب بسلسلة من الإجراءات القانونية فرضت بالقوة على المسلمين في تركيا, كان الغرض منها جعل الدستور علمانيًا، وفُرضت المبادئ الستة التي نادى بها مصطفى كمال على الشعب التركي, وجعلت من مبادئ الدستور التركي. وهذه المبادئ الستة منها أن تركيا دولة جمهورية وعلمانية، وشعبية، ودولية، وإصلاحية.
إلا أن حزب الشعب الجمهوري، بدأ يغير في اتجاهاته العلمانية منذ الانتقال إلى ظاهرة التعدد الحزبي، ريثما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث وافق الحزب على إنشاء كليات الإلهيات، ومعهد العلوم الإسلامية في أنقرة.
واعتمد الحزب الديمقراطي على الجماعات الإسلامية في انتخابات 14أيار 1950م، وكان سببًا رئيسًا في فوزه على حزب الشعب الجمهوري، وفضلاً عن ذلك، اعتمدت أحزاب أخرى على الجماعات السالفة الذكر، مثل حزب العدالة في المدة الواقعة بين 1961- 1980م.
وأما حزب الطريق المستقيم، والذي يعد امتدادًا لحزب العدالة، فإنه استمد قوته في الثمانينيات من الرأي العام الإسلامي.
وركب حزب العمل القومي بزعامة ألب أرسلان توركش الموجة الإسلامية وغير مفهومه عن العلمانية، وبدأ بالتقرب من الرأي العام الإسلامي, وكان شعار هذا الحزب في انتخابات عام 1987م: «دليلنا القرآن، وهدفنا الطوران» ([1]).
إلا أن العمل الإسلامي المنظم بدأ يظهر جليًا مع ظهور حزب السلامة الوطني.
كانت الحركة الإسلامية في تركيا قبل ظهور حزب السلامة الوطني تتكون من:
- المتصوفة المناوئة للحركة الكمالية، وهؤلاء حافظوا على التراث الإسلامي بمفهومهم الخاص بهم، وواصلوا تحفيظ القرآن سرًا، وكان هدف هذه الحركة هو الحفاظ على العبادات الإسلامية في نفوس الرأي العام التركي، وفي هذا المجال قاموا بتكوين جمعيات للإنفاق على طلاب مدارس الأئمة والخطباء للإكثار منهم، وتعويض النقص الذي نتج عن اختفاء الدعاة الإسلاميين عندما اصطدم بهم الحزب الكمالي.
حركة الإمام المصلح الكبير سعيد النورسى والتي تعرف بحركة النور, والتي تركزت جهودها على الدعوة إلى الإيمان بالله واليوم الآخر ومحاربة المادية الملحدة والاهتمام بتربية الأجيال وابتعد الكثير من أتباعها عن السياسة ([2]).
عندما تحصلت تركيا على نوع من الحريات تقدم الإسلاميون المؤمنون بضرورة خوض المعترك السياسي بتأسيس حزب النظام الوطني في كانون الثاني عام 1970م، حيث قام على تأسيسه يونس عارف، وقد جاء دعم هذا الحزب بصورة رئيسة من التجار الصغار والحرفيين والرجال المتدينين في الأناضول. توسع الحزب في مدة قصيرة جدًا, وبدأ يشكل تهديدًا خطيرًا للأحزاب العلمانية، وقد جاء في بيان التأسيس ما يلي: (أما اليوم: فإن أمتنا العظيمة التي هي امتداد لأولئك الفاتحين الذين قهروا الجيوش الصليبية قبل آلف سنة، والذين فتحوا إستانبول قبل 500سنة- أولئك الذين قرعوا أبواب فينا قبل 400سنة، وخاضوا حرب الاستقلال قبل خمسين سنة، هذه الأمة العريقة
تحاول اليوم أن تنهض من كبوتها وتجدد عهدها وقوتها مع حزبها الأصيل «حزب
النظام الوطني».
إن حزب النظام الوطني سيعيد لأمتنا مجدها التليد، الأمة التي تملك رصيدًا هائلاً من الأخلاق والفضائل يضاف إلى رصيدها التاريخي، وإلى رصيدها الذي يمثل الحاضر المتمثل في الشباب الواعي المؤمن بقضيته وقضية وطنه) ([3]).
وقدم حزب النظام برنامج عمله في منظومة من الأفكار يمكن إيجازها في الآتي:
1- جميع المؤسسات الهامة في تركيا في أيد غريبة غير وطنية، والأمر الطبيعي والواجب القومي يقضي بأن تعود هذه المؤسسات إلى أصحابها.
2- عاش الناس أربعين سنة والقوى الخارجية المؤثرة تحاول إبعادهم عن محورهم الحقيقي إلى محور غريب، فوقع الناس في ضيق وعنت شديدين، ولا بد من إرجاع الناس إلى طبيعتهم ومحورهم الأصيل (فطرة الله) حتى يستقيم أمرهم ويتخلصوا من عقدهم.
3- إن التسميات المعاصرة مثل اليمين واليسار والوسط هي من اختراع الماسونية والصهيونية، وكلها مؤسسات تابعة لغرض واحد وهو أن تنحرف تركيا عن خطها الحضاري الذي عمره ألف سنة، وأنه لا بد من التخلص من هذه الأسماء الغريبة والعودة إلى الخط الأصيل الذي يصل الماضي التليد بالغد المشرق.
4- إن حزب النظام الوطني لا يشبه الأحزاب الأخرى، فجميع الأحزاب تقوم على أساس التسلط وشهوة الحكم، ونحن نقوم على أساس جديد يبتغي مرضاة الله والعمل في سبيل الوطن.
5- إن نظام التعليم في تركيا فاسد وضعته شرذمة من الحاقدين من الصليبيين واليهود بشكل لا يناسب الأمة، فهو يسقط من حسابه كل قيمة معنوية أو أخلاقية أو دينية غايته فصل تركيا عن ماضيها الإسلامي وسلخها عن دينها وقيمتها، وبهذه الطريقة فقط يستطيعون أن يقتلوا الجيل ويدمروا البلاد، لقد مرت خمسون سنة ونحن نسمع أن تركيا جزء من أوروبا، وأن النهضة لا بد أن تقوم على أنقاض الدين كما حصل في الغرب، متناسين أن الإسلام يختلف عن الكنيسة ودولة القسس.
6- في الوقت الذي تمنع الدولة فيه توزيع الكتب على المعاهد الإسلامية العالية وتحاول إغلاق معاهد الأئمة والخطابة ومدارس تعليم القرآن، تنفق الملايين على المسارح والممثلين وثمنًا للمشروبات التي توزع في السفارات، وفي الوقت الذي تعترض الدولة على الطالبات اللواتي يلبسن الحجاب على رءوسهن، تدرس كتب اللاهوت في
كل مكان دونما رقابة أو ضجة, وهذا يعنى أن حزب النظام الوطني أكد العودة إلى الإسلام الحقيقي ([4]).
إن اليهود والعلمانيين في تركيا لم يتحملوا هذا الصوت الفتى الذي يتدفق بالحيوية والنشاط, ويحركه في قضاياه الإيمان العميق بالإسلام وبضرورة رجوع الشعب التركي إليه، لذلك تحرك الجيش التركي في آذار 1971م بسبب نشاط حزب العمال وأحال قضية حزب النظام الوطني إلى المحكمة الدستورية التي أصدرت قرارًا جائرًا بحل الحزب في 21مارس 1971م ([5]).
وقد جاء في قرار محكمة أمن الدولة العليا ما يلي:
1- إن المبادئ التي قام عليها الحزب وتصرفاته تخالف الدستور التركي.
2- العمل على إلغاء العلمانية في البلاد، وإقامة حكومة إسلامية.
3- قلب جميع الأسس الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية التي تقوم عليها البلاد.
4- العمل ضد مبادئ أتاتورك.
5- القيام ببعض التظاهرات الدينية.
وجاء في حكم المحكمة أيضًا أنه لا يحق لأي من شخصيات الحزب أن تعمل من خلال أي حزب سياسي آخر، ولا أن يؤسسوا أي حزب جديد، ولا أن يرشحوا أنفسهم لأي انتخابات قادمة ولو بشكل مستقلين لمدة خمس سنوات. وهذا يعنى أن المدة بين نشوء الحزب وإغلاقه كانت ستة عشر شهرًا فقط ([6]).
وفي تلك الأحداث الساخنة والمشادة العنيفة بين الإسلام والعلمانية في تركيا ظهر المجاهد الكبير نجم الدين أربكان يخوض المعارك الكلامية مع العلمانيين؛ ففي 2آب 1972م وقبل تأسيس حزب السلامة الوطني تحدث أربكان في المجلس الوطني فقال: «في رأينا أن التوضيح المهم الأكثر ملاءمة لجعل الدستور دستورًا ديمقراطيًا، لا بد أن تكون هناك مواد دستورية مناسبة قبل تحديد الحركات وحقوق الفكر والمعتقد، وهكذا من الممكن إيجاد مناخ للتطبيقات الحالية والتي تتعارض مع المبادئ الأساسية للدستور، وفي مثل هذه الحالة، على المرء أن يتكلم عن وجود فكر الحرية والمعتقد، وأن دولتنا لتسعى وتنمو، ومن ثم لتأخذ مكانتها بين الأقطار الحضارية في العالم» ([7]).
كان أربكان يرى أن النظام الديمقراطي لا يعد ديمقراطيًا بدون الحقوق وحرية الفكر والمعتقد، وكان يقصد من وراء ذلك الحرية التامة لاستخدام نشر الأفكار الإسلامية، وقد فسرت كل من صحيفتي «جمهوريت» و «ملليت» العلمانيتين تصريحات وأقوال أربكان بأنها ذريعة لاستخدام الدين لأغراض سياسية ([8]).
لقد هاجم أربكان العلمانية واستفاد من الثغرات الموجودة في الدستور التركي, ورد على الحملة الإعلامية العلمانية الموجهة ضد أطروحاته فقال: (إن مصطلحات القومية والديمقراطية والعلمانية والاجتماعية، والتي تقوم عليها شخصية الدولة، واستنادًا إلى المادة الثانية من الدستور، إن هذا من الممكن توضيحه بأن هذه المادة لا تسمح باستخدام وتفسير المعارضة في الممارسة، وفي هذا المجال وبصورة خاصة مصطلح القومية بحاجة إلى توضيح، وهذا يعنى أنها بحاجة إلى تحديدها بطريقة تقوم على احترام جميع القيم الروحية لقوميتنا من حيث التاريخ والتقاليد) ([9]).
وأضاف أربكان قائلاً: «الدين هو معتقد أساسي ونظام فكري للأفراد، وهذا يعنى الاعتراف بحق الحرية والوجود والاعتراف بحقوق المعتقد للفرد، إن تحريم الشخص من هذه الأسس هو ضد الروح والمبادئ الأساسية للدستور وخاصة الفقرة (1) من المادة 19والمادة 20من الدستور» ([10]).
2- حزب السلامة الوطني:
بعد هدوء جو العنف والقلق السياسي في السياسة الداخلية التركية من جراء الأحكام العرفية قام أربكان بلم شعث حزب النظام الوطني وأسس حزبًا جديدًا أطلق عليه حزب السلامة الوطني، استطاع حزب السلامة الوطني خلال مدة قصيرة لا تتجاوز ثمانية أشهر من تنظيم قواعد في 67محافظة، وأعلن أربكان بأن نجاح حزبه خلال هذه المادة يعود إلى تعاطف الرأي العام المحلي مع الحزب الذي ينادى بأهمية الأخلاق الدينية والمواقف المعنوية، وعلى هذا الأساس فقد أكد حزب السلامة في برنامجه على ما يأتي: (قيام تجمع يعتمد الفضيلة والأخلاق ويعطى القيمة المعنوية للإنسان مثلما نصت عليه المادتان العاشرة والرابعة عشرة من الدستور والتي تؤكدان على القيمة المعنوية للإنسان على أساس من الأخلاق والفضيلة) ([11]).
أهم أعمال حزب السلامة:
عندما شعر حزب السلامة بقوته، وصار جزءًا من الحياة السياسية في تركيا شرع منظرو الحزب بشن حملة إعلامية منظمة على أسس العلمانية في تركيا, وبينوا للناس أن الإطار السياسي لتركيا الجديدة يناقض المبادئ السياسية للإسلام، ويقضي الإسلام بتوحيد السلطات السياسية والدينية تحت سيطرة الدين، وفي هذا المعنى، فإن العلمانية، والنظام العلماني ضد الإسلام، الشريعة والدين, وخاصة تطبيقاتها في تركيا فإنها صممت لضمان الزندقة ([12]), ويردف قائلاً: «إن الخونة والكذابين هم وحدهم الذين يقولون بأن الدين والسياسة شيئان منفصلان، لأن المسلمين لا يفصلون شئون الدنيا عن شئون السماء، لقد أصبح واضحًا بأن التشريع ليس من حق الإنسان، أما إذا وضع القوانين أو ادعى بأنه يفعل ذلك، فإن علمه هذا يعد خطيئة. إن خالق القوانين الإسلامية هو نفسه خالق الإنسان، لقد خلق الله الإنسان وفق هذه القوانين، إن القوانين الإنسانية لا تتناسب وطبيعة الإنسان، إن الإسلام نظام يصلح لكل الأزمان, إنه يمثل كلاً من الدين والدولة، إن القرآن لم ينزل ليقرأ في القبور أو يغلق عليه في أماكن العبادة، لقد أنزل
القرآن (ليحكم) ([13]).
إن المجاهد الكبير أربكان شق طريقه بصعوبة في محاربته للعلمانية بالحجة والبرهان، ولقد عبر عن آرائه بصراحة خلال مباحثاته مع ضياء الحق، مؤكدًا أن دخول الإسلام في كل جوانب الحياة هو الشرط الوحيد لقيام دولة إسلامية، وفي هذا المجال قال أربكان: «قبل كل شيء يجب أن تكون الدولة إسلامية، إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الدين الإسلامي في خطر»([14]).
إن حزب السلامة الوطني لم يحاول أن يتخذ موقف الهجوم المباشر على الديمقراطية في انتخابات عام 1973، إلا أنهم عبروا عن مشاعرهم الحقيقية عن ذلك في عام 1980م، حيث بدأوا ينتقدون الديمقراطية مؤكدين أنها تتعارض مع مبادئ الإسلام ([15]).
وفي هذا المجال أكد حزب السلامة أن «الديمقراطية مؤامرة غربية لقيادة الجهلة بموجب الأساليب الغربية والمسيحية، إنه انتصار للمسيحية ضد الإسلام، لذلك يجب تطبيق القوانين الإلهية إذ لا يمكن للإنسان تشريع قوانين يمكن تطبيقها» ([16]) .
وبالإمكان تلخيص وجهة نظر حزب السلامة الوطني عن الرأسمالية والاشتراكية، في مقالة لنجيب فاضل جاء فيها:
«نحن نقسم طريق الخلاص إلى مجموعتين: الأولى هي طريقة الإسلام في الخلاص، والثانية يمكن تصنيفها كنظم وراثية والتي لا توصل إلى الخلاص، إن المجموعة الثانية لا تعتمد على التعاليم الإلهية وتناقض نفسها باعتمادها على قوانين من صنع الإنسان مثل الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية، لقد تم التأكيد أيضًا على أن الله قد أمرنا أن نحكم طبقًا لتعليم القرآن الكريم، وليس حسب آرائنا الخاصة، إذا حكَّم الناس حسب نظام التصويت، فإنهم لن يكونوا بحاجة إلى كلام الله, في المجتمعات التي تحل فيها كل القضايا وفقًا لنظام التصويت، لا ينتشر الإسلام» ([17]) .
أما فيما يتعلق بموقف الحزب من الولايات المتحدة، فقد عارض الحزب الوجود الأمريكي في الأراضي التركية، كما عارض استخدام الولايات المتحدة الأراضي التركية، في استخدامها ضد دول منطقة الشرق الأوسط، ونتيجة لهذا فقد انتقد الحزب حكومة ديمريل في أواخر عام 1979م بسبب زيادة النشاط العسكري الأمريكي في تركيا، حيث قدم استجوابًا إلى مجلس النواب التركي مطالبًا فيه محاسبة حكومة ديمريل بسبب هذا النشاط الأمريكي، وقد دلل هذا على قيام طائرتين بالهبوط في مطار مالقا وهما تحملان 180عسكريًا أمريكيًا مع أحدث المعدات الحربية، مؤكدًا أن هذا يشكل تهديدًا لأمن المنطقة.
وفي الحقيقة استطاع الحزب أن يشكل رأيًا عامًا مناهضًا للغرب والولايات المتحدة، عن طريق المشكلة القبرصية والتي قام فيها أربكان بدور رئيس في إقناع القيادات العسكرية بإنزال قواتها في الجزيرة، فقد تولى القيادة مدة غياب أجويد في زيارة لدول أوروبا الشمالية.
ولقد عمل الحزب بقيادة أربكان على إفشال جميع الخطط والمشاريع اليونانية في بحر إيجة، وفي هذا المجال يقول أربكان: (سنتحرك وفق أسس العدل والحق لأوفق الأسس التي تحددها الأقطار الأوروبية الكبيرة) ([18]).
وفيما يتعلق بالسوق الأوروبية يقول أربكان: «إن تركيا يجب أن لا تكون في السوق الأوروبية المشتركة للدول الغربية، وإنما في السوق المشتركة للدول الشرقية، إن تركيا متخلفة بالنسبة للغربيين، ولكنها متقدمة بالنسبة للشرقيين، إذا دخلت تركيا السوق المشتركة في الأوضاع السائدة اليوم، فإنها مستعمرة» ([19]).
لقد كان لحزب السلامة تأثير كبير في الشارع التركي وعمل إعادة الهوية الإسلامية ونازل بحجج الإسلام وبراهينه الأنظمة الاشتراكية والرأسمالية, وكان زعيمه نجم الدين أربكان يتحدث بعزة الإسلام ويوضح للشعب التركي خطورة الانحراف عن منهج الله ويوجه صواريخه إلى أعداء الإسلام، وفي هذا المجال، يقوَّم لنا نجم الدين أربكان النظامين الاشتراكي والرأسمالي, وفيما يتعلق بالأول يقول أربكان: « إنه فكر يهدد الحريات، ويضر بالكيان القومي، ويركز على مصادر أجنبية» ([20])، أما فيما يتعلق بالثاني، يقول أربكان: «الفكر الرأسمالي هو فكر يقوم على الربا، ومصدره أجنبي أيضًا، أما حزب السلامة فيمضى في طريقة رافعًا راية الأخلاق والأصالة، إن النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي لا يقتصران على ميدان الاقتصاد، وإنما يمتد تأثيرهما إلى الميدانين الاجتماعي والمعنوي، ورغم اختلاف النظامين في الظاهر، فكلاهما مادي، وكلاهما يعمل على النهوض بالجانب المادي في مقابل انحطاط الأخلاق والمعنويات، وكلاهما يزداد ارتفاعًا ماديًا مع هبوط الثقافة والأخلاق» ([21]).
إن غاية حزب السلامة هو الوصول إلى فهم «تركيا الكبرى» وحرص على التمسك بالماضي العثماني المجيد وبيَّن للناس أهمية الالتزام بالإسلام واتبع سياسة تؤدي في مداها البعيد إلى القضاء على مبادئ أتاتورك العلماني، وهو في نفس الوقت يدعو إلى عدم التعاون مع العناصر غير الإسلامية في تركيا، وهو في نفس الوقت يعارض الشيوعية بعنف، ويؤكد على أن أفضل طريق لانتشار المبادئ الإسلامية هو توفير الحياة الحرة للمواطن التركي.
ودعا أربكان إلى ضرورة تطوير علاقات تركيا مع العالم الإسلامي في المجالات كافة، حيث قال: (وأن لا تظل هذه العلاقات صورية، وإنما يجب أن تكون علاقات فعلية متطورة، حيث إن في العالم ما يقرب من خمسين دولة إسلامية يبلغ سكانها مليارًا، وهذه الدول الإسلامية سوق طبيعية قوية لإنتاجنا) ([22]).
وعلى هذا الأساس، فقد انتقد أربكان كلاً من الصهيونية والماسونية ([23]) حيث قال في هذا المجال: «إن الصهيونية والماسونية حاولا عزل تركيا عن العالم الإسلامي، ومؤامراتهم مستمرة، ذلك أن المعركة بين الإسلام في تركيا والصهيونية قد اتخذت أشكالاً عدة وهي حرب طويلة المدى، ومستمرة منذ خمسة قرون، منذ فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية وعمل على فتح رومية، ولكن هذا الصراع في المائة سنة الأخيرة، أخذ شكل مخطط أعد له سلفًا، فاستطاعت بعض القوى عام 1839م أن تؤثر في جسم الدولة الفكري، وتدخل القوانين الوضعية البعيدة عن الإسلام بوساطة المنظمات اليهودية الماسونية، وقسم العمل اليهودي في تركيا إلى ثلاث مراحل مدتها ثلاثون سنة، وهي عبارة عن تنفيذ فكرة ليتويود وهرتزل بإسقاط الدولة الإسلامية في تركيا، أما المرحلة الثانية، فقد استمرت عشرين سنة، وكانت لإبعاد تركيا عن الإسلام، ثم نشأ حزب الاتحاد والترقي، وكانت له علاقة باليهود والماسونية، ومن ثم استطاع إسقاط السلطان عبد الحميد، وبدأ في إبعاد تركيا عن النمط الإسلامي وتغريبها بطرق عديدة أهمها العلمانية التي كانت تعنى في تركيا بالتحديد اضطهاد المسلمين» ([24]).
وقد خاض حزب السلامة الوطني الانتخابات العامة لعام 1973م حيث حصل على 9 و 11% من الأصوات، أي بواقع 24.1 مليونًا من أصوات الناخبين ونتيجة لذلك فقد مثل نفسه في المجلس الوطني التركي بواقع 45مقعدًا ([25]).
وقد أعلن أربكان عشية انتخابات 1973م: «أننا سنعيد عهد الرسول e، كما أعلن أربكان بعد الانتخابات أن شعار حزبه هو (المفتاح), وهذا ما سيؤهل للحزب فتح الطريق المغلقة أمامه، ويكون مفتاح كل الحكومات الائتلافية» ([26]).
ونتيجة لذلك فقد تكونت أول حكومة ائتلافية، ضمت حزب الشعب الجمهوري، وحزب السلامة الوطني، وذلك في 25كانون الثاني 1974م، حيث ضمت الوزارة ثمانية عشر وزيرًا من أعضاء حزب الشعب الجمهوري، وسبعة أعضاء من حزب السلامة.
ويفضل الله تعالى ثم جهود حزب السلامة الوطني بقيادة أربكان، مثلث تركيا ولأول مرة في آذار 1974م في مؤتمر القمة الإسلامي، وقد اختير وزير الداخلية التركي وهو من حزب السلامة الوطني في هذا المؤتمر.
إن نشاط حزب السلامة الوطني خلال السبعينيات أدى إلى خرق المظاهر العلمانية في تركيا، حيث انتشرت بعض المظاهر الإسلامية في تركيا وخاصة في شهر رمضان، كما تم التوسع في المدارس الإسلامية، حيث سمح لها بتدريب الأئمة والوعاظ، وأصبحت هذه المدارس تعلم حوالي 10% من الطلابفي المدارس الثانوية بمن فيهم 50.000 من العنصر النسائي في تركيا، وفي الحقيقة وصل التصويت الإسلامي بين 10%-15%، وقد اعتبر العلمانيون هذه النسبة بمثابة خطر على المدنية التركية ([27]).
وبتأثير من حزب السلامة الوطني، وطلاب النور في تركيا خرجت إلى حيز الوجود سلسلة «ألف كتاب» التي دعمتها وزارة التربية، وتناولت هذه السلسلة الثقافة التركية بمعيار إسلامي, وأخذ حزب السلامة يعمق المفاهيم الإسلامية في المجلس الوطني التركي الكبير وهاجمت الصحف الإسلامية في تركيا كمال أتاتورك وأطلقت عليه اسم «الدجال». وضغط حزب السلامة الوطني على رئاسة الشئون الدينية حتى أصدرت بيانًا في حزيران 1973م أكدت فيه على دعوة المرأة التركية إلى الحجاب.
وحينما سافر أربكان إلى السعودية عام 1974م- وكان وقتئذ نائبًا لرئيس الوزراء - بدأ زيارته للكعبة، وفي الرسالة التي كتبها للملك، ذكر ما يلي: «إن معرفة الشعب والحجاج للمشاريع التي ستقام في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية بالقروض التي ستمنحونها لتركيا تعد من الأمور الهامة، إن دعمكم لموقفي في تركيا سيفتح لتركيا مرحلة جديدة في العالم الإسلامي، ومساعدتكم لنا في هذا المجال سوف تدعم هذه المرحلة» ([28]).
واستطاع أربكان أن يمرر قانونًا في البرلمان يسمح بموجبه للأتراك السفر برًا إلى الحج، وكان ذلك ممنوعًا ([29]).
لقد كانت خطوات حزب السلامة الوطني جريئة في المجتمع التركي, ولذلك لم يتحمل الجيش التركي خادم العلمانية في تركيا هذه الأعمال الحميدة, ولذلك تدخل الجيش بانقلابه الذي قضى على التعددية والحرية السياسية في 12أيلول 1980م، وقد سبق هذا الانقلاب مظاهرات كبيرة في مدينة قونيا يوم 6 أيلول، ونادى المتظاهرون بتأسيس دولة إسلامية، وقام أنصار حزب السلامة بالاستهزاء بكل ما يؤمن به أتاتورك والمؤسسة العسكرية، وقد هتف هؤلاء الذين جاءوا من جميع أنحاء البلاد بالشعارات الدينية، وطالبوا باستخدام الشريعة الإسلامية في التعامل السياسي الداخلي، ومنعوا عزف النشيد الوطني([30]).
واحتج المتظاهرون على ضم القدس، ونادوا بقطع العلاقات مع إسرائيل، ودعوة إسرائيل المناداة بالقدس حرة، كما دعا أربكان في هذه المظاهرة إلى بدء الصراع لأنها العقلية الغربية الزائفة والتي تحكم تركيا، وقد كتب المتظاهرون الشعارات باللغة العربية، وقام هؤلاء بحرق العلم الصهيوني والأمريكي والسوفيتي, ونادى المتظاهرون بشعار «الموت لليهود» ولا سيما أن مدينة قونيا تضم أعدادًا من طائفة اليهود والتي يبلغ عددها 20.000 يهودي ونادى المتظاهرون أيضًا: «جاء دور القانون الديني وانتهت الهمجية، الشريعة أو الموت، إن الدولة الملحدة يجب أن تدمر، وإن القرآن هو دستورنا، نريد دولة إسلامية بدون الحدود والطبقات» ([31]).
كانت شعبية حزب السلامة الوطني ترتقي، لأنه التزم القضايا الإسلامية علنًا خصوصًا في العامين 1979م، 1980م واضطر الحزب الجمهوري وحزب العدالة بإرضاء حزب السلامة الوطني، وقدما تنازلات للاتجاه الإسلامي، طمعًا في المساعدات الاقتصادية من الأقطار الإسلامية والحاجة الملحة إلى بترولها.
لم يستح قادة الجيش التركي بعد انقلابهم العسكري أن يقولوا بأن سبب تدخلهم من أجل وقف المد الإسلامي.
اتخذ الانقلابيون قرارًا بحظر جميع الأحزاب السياسية وحجز قادتها وتقديمهم للمحاكمة، وكان من الطبيعي أن يحاكم حزب السلامة الوطني وأن توجه التهم لزعيمه أربكان وزملائه المجاهدين. وكانت كل التهم تدور حول حرص حزب السلامة على إعادة دولة الإسلام لتركيا والتخلص من الأفكار العلمانية والمبادئ الكمالية، إن الغطرسة التركية العلمانية أعلنت بكل وقاحة على لسان الجنرال إيفرن رئيس أركان الجيش التركي بأن لها من القوة بحيث تستطيع أن تقطع لسان كل من يتهجم على أتاتورك([32]).
لقد استطاع حزب السلامة الوطني أن يدخل بعض التغييرات في السلوك السياسي الداخلي التركي، من بين ذلك: تحقيق الأذان في الجوامع وباللغة العربية، وفرض قراءة القرآن الكريم في محطات الإذاعة والتليفزيون، وكان ذلك محرمًا منذ مجيء المفسد الكبير مصطفى كمال إلى الحكم.
لقد أصبح أربكان مع حزبه المجاهد معلمًا من معالم الحركة الإسلامية المعاصرة في تركيا، ولقد أثرت حركة السلامة في الأوساط الإسلامية والطرق الصوفية والزوايا التقليدية, ووجدت من التيار الإسلامي التقليدي من يناصرها ويقف بجانبها ويدعمها, وحكمت المحكمة العسكرية الظالمة في عام 1983على المجاهد أربكان لمدة أربعة أعوام وعلى 22عضوًا من أعضاء حزب السلامة الوطني بالسجن لمدد تصل إلى ثلاثة أعوام ونصف ([33]).
وقام الجيش التركي بتسريح كل من اشتم منه رائحة إسلامية وأعلن إيفرن في حملته التي استهدفت الإسلاميين داخل القوات المسلحة بأن هؤلاء المسلمين «كان هدفهم الوصول إلى المراتب العليا في القوات المسلحة، ماذا سيحدث لو أنهم أمسكوا بزمام الجيش؟»([34])، وأضاف قائلاً: «قد يحولون البلاد إلى أي نوع من الأنظمة التي يريدون،
هل هذا نشاط ديني أم خيانة؟» ([35]).
وبدأت القيادة العسكرية في تركيا تبحث عن حل لمشاكلها السياسية وإرضاء الضغوط الأوروبية التي اتهمت تركيا بخرق حقوق الإنسان ويجب عليها إعادة الديمقراطية من جديد، فشكلت لجانًا جديدة لصنع دستور للبلاد بحيث يعطى الرئيس التركي الحق في فرض حالة الطوارئ، وحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات جديدة، وبذلك يكون باستطاعة العلمانيين قطع محاولات الإسلاميين المستمرة للقضاء على الدستور العلماني، وعدلت القوانين بحيث تكون للقيادة العسكرية حق الاحتفاظ ببعض السيطرة على الحياة السياسية في تركيا.
وبعد إعلان الدستور الجديد في عام 1982تكونت أحزاب سياسية إسلامية, وظهر حزب الرفاة وهو امتداد طبيعي لفكر السلامة الوطني وبدأت العناصر الإسلامية تتوافد على هذا الحزب الجديد والذي تعرض لمعارضة الجيش والضغط عليه لمنعه من دخول انتخابات عام 1983م، إلا أنه خاض الانتخابات وحصل على نسبة 5% من الأصوات([36]).
إضافة إلى ذلك، اشترك حزب الرفاة في انتخابات تشرين أول 1987م، حيث حصل على 7.06% من الأصوات ([37]).
وبدأت الجماعات الإسلامية تتمحور حول حزب الرفاة, وشرع حزب الرفاة في قيادة الحركة الإسلامية في كل المدن التركية، وحتى المحافظات الكبرى والقرى المتباعدة الأطراف، وانتعشت الحركة الإسلامية مع تسلم أوزال السلطة وهو المتعاطف مع الإسلام في تركيا خاصة أن أعدادًا كبيرة من قيادة جزبه - حزب الوطن الأم- من الوجوه الإسلامية المعروفة في تركيا, ودخلت كوادر قيادية هامة من حزب السلامة المنحل إلى حزب الوطن الأم الذي نجح في انتخابات 1983م بأغلبية كبيرة، وشجعت حكومة أوزال نشاط المساجد والمدارس الدينية, واهتم وزير الدولة المشرف على الشئون الدينية (كاظم أكصوى) بدورات تعليم القرآن الكريم والتي كانت في بداية الثمانينيات 200دورة رسمية ووصلت إلى 3000 دورة في عام 1987م, ونشطت الطرق الدينية، وقام كاظم أكصوى بجعل بعض المؤسسات الدينية والبنوك مثل بنك الأوقاف من أهم المراكز التي تغذي الحركة الإسلامية في تركيا ([38]).
واستمر حزب الرفاة في جهاده السلمي والتوغل المتزن في أعماق الشعب المسلم التركي الذي لا تزال أعمال حزب السلامة في ذاكرته ووجدانه والتي أعادت للمجتمع التركي وجوده وحضوره الإسلامي, واستطاع حزب الرفاة الذي هو امتداد لحزب السلامة في مارس 1994م أن يتحصل على أهم وأكبر البلديات في تركيا، وعلى فوزه بانتخابات ديسمبر 1995م كأكبر حزب في البلاد، تسلم على إثرها السلطة في ائتلاف حكومي مع حزب الطريق القويم في يونيو 1996م ([39]), وأصبح المجاهد الكبير نجم الدين أربكان رئيس الوزراء وقام بإصلاحات اقتصادية رائعة وارتفعت الرواتب في فترة وجيزة، وتقدم مندفعًا كالسهم نحو الدعوة لإقامة سوق إسلامية مشتركة ورفض دخول تركيا السوق الأوروبية المشتركة، فكانت دعوة إلى قيام أمم إسلامية متحدة، ومجلس إسلامي مشترك، وضرب ممثلو حزب الرفاة في البلديات وعلى مستوى الدولة أروع الأمثلة في النزاهة والعفة وطهارة البلد والقدرة على التخطيط, واهتمت مؤسسات الحزب بتقديم وتحسين أداء الخدمات للمواطنين وتعاطف الشعب التركي مع حزب الرفاة حتى كثير من المومسات أعطين الخدمات أصواتهن لحزب الرفاة الذي عمل
على إيجاد فرص للعمل الشريف بعد ترك بيوت الدعارة والفساد والرجوع إلى الله بالتوبة والمغفرة.
ولقد عالج ممثل الرفاة والذي تولى بلدية استانبول مشاكل العاصمة بكل جدارة, وتضاعفت ميزانية البلدية بعد أن كانت دائمًا تشتكي من العجز المالي بسبب الاختلاس.
لم يرض اليهود والعلمانيون عن هذه المكاسب العظيمة التي حققتها الحركة الإسلامية في تركيا, فدفعوا قادة الجيش لممارسة ضغوطهم على الأحزاب حتى قضوا على التحالف بين حزب الطريق القويم وحزب الرفاة, وتقدم حزب علماني متطرف مدعوم بقوة العسكر ورجال الاقتصاد العلمانيين وقدموا حزب الرفاة إلى المحكمة الدستورية التي حكمت بحل حزب الرفاة ومصادرة أملاكه 1997م ولا يزال الإسلاميون في تركيا يديرون صراعهم مع اليهود والعلمانيين وأعداء الإسلام بكل جدارة وشجاعة وذكاء. وإني على يقين راسخ لا يتزعزع أن الحركة الإسلامية في تركيا ستصل إلى الحكم وتطبق شرع الله بإذن الله، لأن كل المؤشرات والسنن تقول بذلك.
وأختم التجربة الإسلامية في تركيا بهذا الحوار للأستاذ والمجاهد الكبير الذي نخر أعمدة العلمانية في تركيا البروفسور نجم الدين أربكان، سأله صحفي مسلم مشهور بقوله: إن المشاركة في العملية الانتخابية أمر لا يجوز من الناحية الشرعية وهي مساهمة في تقوية النظام الجاهلي الذي يعتمد مثل هذه الأساليب.. فرد أربكان: وماذا نفعل إذن..؟ هل كان بإمكاننا أن نحقق المكاسب الكبرى على صعيد الحريات الشخصية والعامة.. ونؤسس هذه المئات من المدارس الإسلامية, ونرفع أصواتنا في البرلمان لتعديل المواد الدستورية التي تحد من الحريات الدينية, ونعيد للناس ثقتهم بأنفسهم وبدينهم, ونحاصر الشر بأنواعه حتى يكاد ينحسر عن بلادنا, بغير هذه الوسائل التي ترفع من مستوى أداء الجميع أفرادًا وجماعات, وتدفع الجميع لتحمل مسئولياتهم في إعادة البناء..؟ ([40])
إن تجربة الحركات الإسلامية في السودان والأردن واليمن وتركيا من التجارب الرائدة المليئة بالدروس والعبر, ولم تفرط هذه الحركات في ثوابت الدين؛ بل التزمت بها ولم تداهن أو تجامل في أمر الشريعة؛ بل ضغطت على حكومتها وعدلت دساتيرها كما حدث في تركيا, وإن هذه الأعمال الجليلة التي قامت بها الحركات الإسلامية في بلدانها ومع حكوماتها لنوع من أنواع التمكين لهذا الدين.



([1]) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. أحمد النعيمى ص 184- 187.

([2]) انظر: المعالم الرئيسية للأسس التاريخية والفكرية لحزب السلامة، عبد الحميد حرب ص 435، ندوة اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر، البحرين 22- 25/2/1985م.

([3]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، ص 126.

([4]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، ص 127.

([5]) المصدر نفسه، ص127.

([6]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، محمد مصطفى، ص (185- 186).

([7]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د.النعيمى، ص128.

([8]) المصدر نفسه، ص128.

([9])المصدر السابق نفسه، ص128.

([10]) المعالم الرئيسية للأسس التاريخية لحزب السلامة الوطني، ص 435.

([11]) انظر: الحركة الإسلامية الحديثة، د. النعيمي ، ص 130.

([12]) المصدر نفسه، ص131.

([13])انظر: الحركة الإسلامية الحديثة, د. النعيمي ص 132.

([14]) المصدر نفسه، ص 132.

([15]) المصدر نفسه، ص135.

([16]) المصدر نفسه، ص 135.

([17]) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي، ص 135.

([18]) الأحزاب السياسية في تركيا، حسين فاضل كاظم، ص 192.

([19]) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي ص 137.

([20]) يقظة الإسلام في تركيا أنور الجندي، ص 29- 30.

([21]), (3) المصدر نفسه، 30.

([22])

([23]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي، ص 141.

([24]) الصحوة الإسلامية منطلق الأصالة وإعادة بناء الأمة على طريق الله، الجندي ، ص 117.

([25]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د.النعيمي، ص 142.

([26]) المصدر نفسه، ص143.

([27]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي، ص 145.

([28]) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، محمد مصطفى، ص 207.

([29]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي, ص147.

([30]), (3) المصدر نفسه، ص151.

([31]) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي، ص 151.

([32])الحركات الإسلامية الحديثة، د. النعيمي ص 150.

([33]) المصدر نفسه، ص 156.

([34]) المصدر نفسه، ص 165.

([35])انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، ص165.

([36]), (3)المصدر نفسه، ص 179.

([37]) انظر: الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، 179.

([38])انظر: الحركات الإسلامية الحديثة ، ص179.

([39]) انظر: تحديات سياسية تواجه الحركة الإسلامية، مصطفى الطحان، ص 118.

([40])انظر: تحديات سياسية تواجه الحركة الإسلامية, ص 87.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:36 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.