انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2007, 08:57 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي شرح كتاب الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز

 

الحمد لله مولانا، والصلاة والسلام على مصطفانا، وبعد:
فهذا شرح مختصر ميسر بإذن الله تعالى لكتاب (الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز) لفضيلة الشيخ عبد العظيم بدوي حفظه الله تعالى، قصدتُّ به تبسيط وتسهيل الكتاب، أسأل الله تعالى التوفيق والسداد وأسأله عز وجل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم..



"تعريف الطهارة"


قال الشيخ:
(الطهارة: لغة: النظافة والنزاهة من الأحداث).
يربط العلماء دائمًا بين المعنى اللغوي والشرعي وذلك أن اللغة التي جاء بها الشرع لغة عربية، وأيضًا لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فإذا ما تبين للإنسان ماهية الشيء سهل عليه تصوره.
والطهارة لغة كما قال الشيخ: النظافة، يقال طهرتُ الثوب، أي نظفته.
(واصطلاحًا: رفع الحدث أو إزالة النجس).
قوله (رفع الحدث) أي: زواله وانتفاؤه، والحدث يُعرف بأنه: وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة.
والحدث حدثان:
1- حدث أكبر، ويُرفع بالغسل، وقد يُعْدَلُ عن الغسل إلى التيمم إذا فُقد الماء أو تعذر استعماله.
2- حدث أصغر، يُرفع بالوضوء، ويعدل عنه أيضًا إلى التيمم بفقدان الماء أو تعذر استعماله.
فإذا رفع المؤمن عن نفسه أيًا من الحدثين سُمي متطهرًا وسمي فعله هذا طهارة.
قوله (أو إزالة النجس) أي: أن الإنسان إذا ما طهر بدنه أو ثيابه أو البقعة التي يريد أن يصلي فيها، سمي هذا الفعل طهارة في الشرع، وسيأتي الكلام عن معنى النجس بشيء من التفصيل في باب النجاسات.
إذن الإنسان الذي توضأ بعد تبوله مثلا: سمي فعله هذا طهارة، وكذلك الذي اغتسل بعد أن كان جنبًا، وكذلك من طهر ثيابه أو بدنه أو البقعة التي يريد أن يصلي فيها من شيء نجس: سمي فعله طهارة في الشرع.
فائدة: قد تطلق الطهارة في الشرع على طهارة القلب من الشرك والحقد والحسد وغير ذلك من أمراض القلوب، كما في قوله تعالى {إنما المشركون نجس} [التوبة: 28] فقد أُريد بهذه النجاسة نجاسة الباطن بالشرك وغيره، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن لا ينجس) وهو في الصحيح.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2007, 08:58 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

باب المياه


"المياه"


باب المياه:
بدأ الشيخ حفظه الله كتاب الطهارة بباب المياه ذلك أن الماء آلة التطهر الأصلية، فإذا فُقد أو تعذر استعماله كان التراب هو البديلَ عنه، وقد ذكر الشيخ في هذا الباب ثلاث مسائل.
المسألة الأولى:
(كلُّ ماءٍ نزلَ من السماءِ أو خرجَ من الأرضِ فهو طَهورٌ)
طَهورٌ، أي: طاهر مطهر، ثم شرع الشيخ يستدل على طهـورية ماء السماء فقال: (لقول الله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا})
وقال مستدلا على طهـورية ماء البحر والبئر:
(ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر (هو الطهور ماءه الحل ميتته))
(ولقوله صلى الله عليه وسلم في البئر (إن الماء طهور لا ينجسه شيءٌ))
إذن الأصل في المياه النازلة من السماء أو الخارجة من الأرض الطهـورية، وهذه هي المسألة الأولى في باب المياه.
المسألة الثانية:
(وهو باقٍ على طهوريته وإن خالطه شيءٌ طاهر ما لم يخرج عن إطلاقه)
معنى هذا الكلام: أن الماء الذي نزل من السماء أو خرج من الأرض لا يزال طهورًا، وإن خالطه شيءٌ طاهرٌ: كالمِسك مثلا، ما لم يخرج عن إطلاقه: أي ما لم يزل اسمه ماء، فإن خالطه شيءٌ طاهرٌ ولكن اسمه تغير باسم هذا المخالط لم يكن حينئذ ماء أصلا.
وأما إذا تغير بعضُ أوصاف الماء فقط فلا يضر، لأنه يصدق عليه أنه ماء.
ودليل هذا الكلام ما ذكره الشيخ:
(لقوله صلى الله عليه وسلم للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته (اغْسِلْنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئا من كافور))
ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن بوضع السِّدر -ورق شجر النبق وكان يستخدم في التنظيف كالصابون الآن- مع الماء، ولا شك أن السدر سيغير الماء، ولكنه لا يخرجه عن إطلاقه.
المسألة الثالثة:
قال الشيخ: (ولا يحكم بنجاسة الماء وإن وقعت فيه نجاسة إلا إذا تغير بها)
عندنا ماء وقع فيه شيء من البول فلا يخلو من حالتين:
الأولى: يتغـير الماء بهذا البول، فحينئذ يكـون الماء نجسًا ولا يجوز استعماله.
الثانية: لا يتغير الماء بهذا البول، فيبقى الماء على ما هو عليه مـن الطهورية.
فائدة: ما هو حد تغير الماء بالنجاسة؟
الجواب: يعد تغير الماء بتغير أحد أوصافه الثلاثة (لونه، طعمه، ريحه) فإذا تغير أحد هذه الأوصاف بشيء نجس حُكم بنجاسة الماء، وقد ورد في رواية أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه) رواها ابن ماجه، وهي رواية ضعيفة، ولكن الفقهاء رحمهم الله أجمعوا على صحة هذا المعنى.
قال الشيخ موضحًا الدليل على أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة لا يعد نجسًا إلا إذا تغير بها: (لحديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله، أنتوضـأ مـن بئر بُضاعة؟ وهي بئر يلقى فيها الحِيَضُ ولحومُ الكلابِ والنتنُ، فقال صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء))
الحِيَضُ: الخرق التي يستعملها النساء في نظافة مكان الحيض، ولا شك أنها متنجسة وكذلك لحوم الكلاب والنتن.
إذن أفاد هذا الحديث أن الماء الطهور إذا وقعت فيه نجاسة ليس بنجس ما لم تغير أحد أوصافه الثلاثة، فإن غيرتِ النجاسة أحد أوصافه حكمنا على هذا الماء بالنجاسة، والدليل على أن الماء إذا تغير بالنجاسة صار نجسًا إجماع الفقهاء رحمهم الله، والإجماع أحد الأدلة المعتبرة، ولأنه إذا تغير بالنجاسة صار نجسًا ولا يحل مباشرة النجاسات، وقد ورد في كتاب ربنا تبارك وتعالى الإشارة إلا أن كل نجس محرم في قوله تعالى بعض أن ذكر لحم الخنزير {فإنه رجس} [الأنعام: 145] أي: نجس.
وبهذا انتهى باب المياه، وقد أجاد الشيخ حفظه الله في عرضه على أكمل وأوجز وجه فجزاه الله خيرًا.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-11-2007, 08:59 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

باب النجاسات


"النجاسات"


قال الشيخ حفظه الله تعالى: (باب النجاسات:
النجاسات جمع نجاسة ، وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه ويغسلون الثياب إذا أصابهم كالعَذِرَة والبول)
أفادنا حفظه الله أن كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه -يتجنبونه- ويغسلون الثياب إذا أصابهم أنه نجس.
وهـذا الكلام ليس على إطلاقـه، بمعنى أن التعريف لابـد وأن يجمع بين أمرين:
الأول: أن يكون جامعًا، أي: يدخل تحته جميع أفراده.
الثاني: أن يكون مانعًا، أي: لا يدخل فيه ما ليس منه.
ونحن ننظر: هل هذا التعريف جامع مانع؟
الجواب: أما من ناحية كونه جامعًا فنعم؛ إذ لا شك أن كل ما حكم الشرع بنجاسته يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه ويغسلون الثياب إذا أصابهم.
وأما من ناحية كونه مانعًا فلا؛ إذ سيدخل في حد النجاسة ما ليس منها، فالنخامة مثلا يستقذرها أهل الطبائع السليمة؛ وهي ليست بنجسة، وكذلك دم الإنسان وليس بنجس على ما اختاره الشيخ.
والتعريف الصحيح أن يقال: النجس: اسم لعين مستقذرة شرعًا.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله في تعريفها: وإن شئتَ فقل: كل عين يجب التطهر منها. اهـ [الشرح الممتع] وهذا التعريف تعريف بحكمها.
وإنما نبهنا على هذا حتى لا يؤخذ بالتعريف على إطلاقه فنحكم بنجاسة ما أجمع على طهارته.
ثم قـال الشيخ حفظه الله تعالى: (والأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، فمن ادعى نجاسة عين ما فعليه بالدليل فإن نهض به فذلك، وإن عجز عنه أو جاء بما لا تقوم به الحجة فالواجب علينا الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة، لأن الحكم بالنجاسة حكم تكليفي تعم به البلوى فلا يحل إلا بعد قيام الحجة).
قوله (والأصل في الأشياء الإباحة والطهارة) هذه قاعدة صحيحة وعظيمة دل عليه نصوص من الكتاب والسنة منها على سبيل المثال قوله تعالى {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة: 29] فامتن الله تعالى علينا بما خلق لنا في الأرض، ومن المعلوم أن الله لا يمتن علينا بما حرمه علينا أي منعنا منه.
قوله (فمن ادعى نجاسة عين ما فعليه بالدليل) لأننا اتفقنا من قبل أن الأصل في الأشياء الطهارة، فالقول بنجاسة عين ما يفتقر إلى دليل وإلا فلا يقبل.
قـوله (فإن نهض به فذلك) أي: فإن قام الدليل بالمدلول حكمنا بنجاسة الشيء.
قوله (وإن عجز عنه) أي: لم يأتِ بدليل أصلا.
قوله (أو جاء بما لا تقوم به الحجة) كأن يأتي بدليل ضعيف أو جاء بدليل صحيح ولكن ليس فيه دلالة على نجاسة الشيء.
قوله (فالواجب علينا الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة) أي: إذا لم يأت بدليل أو جاء بدليل ضعيف أو جاء بدليل لا تقوم به الحجة، فالواجب علينا الوقوف على الأصل وهو: الحكم بالطهارة.
قوله (لأن الحكم بالنجاسة حكم تكليفي تعم به البلوى، فلا يحل إلا بعد قيام الحجة)
أي أن الحكم على الشيء بالنجاسة يجلب على لناس المشقة، فلا يحل إلا بالدليل الصحيح الصريح.
وقوله (فلا يحل) ذلك أن الله عز وجل يقول: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} [النحل: 116].
وخلاصة هذا الكلام كله أن "الأصل في الأشياء الطهارة، فلا يعدل عن هذا إلا بدليل تقوم به الحجة، وهو الدليل الصحيح الصريح"
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-11-2007, 08:59 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

تابع الكلام عن النجاسات
قال الشيخ حفظه الله تعالى: (ومما قام الدليل على نجاسته)
أي: والذي قام الدليل عليه من هذه الأشياء.
(2،1- بول الآدمي وغائطه)
البول والغائط معروفان، وقوله (الآدمي) احترازًا من بول وغائط غير الآدمي فليس هذا محل الكلام عليهما فتنبه.
(أما الغائط فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وطيء أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور))
والأذى: كل ما تأذيتَ به من النجاسة والقذر والحجر والشوك وغير ذلك، والمراد به في الحديث ... النجاسة كما هو واضح.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا وطيء أحدكم بنعله الأذى) ما المقصود بالأذى؟ الغائط، وهو نجس لأنه قال بعد ذلك (فإن التراب له طهور) ومعلوم أن غير النجس لا يقال عنه: (فإن التراب له طهور)؛ لأنه طاهر.
إذن الشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (فإن التراب له طهور) فدل ذلك على أن الغائط قبل طهارة التراب له كان نجسًا، وهو المطلوب.
(وأما البول فلحديث أنس رضي الله عنه: أن أعرابيًا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوه ولا تَزْْْرمُوه) قال: فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه)
قوله صلى الله عليه وسلم (دعوه) أي : اتركوه حتى ينتهي من بوله، وذلك أن الصحابة لو قاموا إليه لكان الأعرابي بين خيارين اثنين، الجري منهم وهو يبول فيؤذي نفسه وسائـر المسجـد بالبـول ولربَّما أذى بعض من في المسجد، أو يمسـك عليه بوله ويُؤذى بذلك.
فقال لهم المبعوث رحمة للعالمين: (دعوه ولا تزرموه) وفي رواية أخرى قال بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)
قوله صلى الله عليه وسلم (لا تزرموه) بمعنى: لا تقطعوا عليه بوله.
قول أنس رضي الله عنه (فلما فرغ) أي الأعرابي من بوله، (دعا) النبي صلى الله عليه وسلم (بدلو من ماء) أي: إناء فيه ماء (فصبه عليه) وانتهت المشكلة وأسلم الرجل وكان يقول بعد ذلك: اللهم اغفر لي ولمحمد صلى الله عليه وسلم ولا تغفر لأحد غيرنا! فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لقد حجرتَ واسعًا).
وجه الدلالة من الحديث على نجاسة البول أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بدلوٍ فيه ماء فصبه على بول الأعرابي، فدل ذلك على نجاسة البول؛ إذ لو كان طاهرًا لكان فعله صلى الله عليه وسلم هدرًا للماء بغير فائدة.
فائدة: الغائط والبول نجسان باتفاق أهل العلم.
ومما يدل على نجاسة البول والغائط كذلك الأحاديث الآمرة بالاستنجاء والإستجمار منهما.
قال الشيخ :
(4،3- المذي والودي:
أما المذي: فهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون للرجل والمرأة)
الشيء الثالث من النجاسات المذي، وهو كما نقل الشيخ تعريفه (ماء أبيض رقيق لزج)
ثم ذكر الشيخ وقت نزوله فقال: (يخرج عند شهوة) أي: عند موطن تُثار فيه الشهوة، كأن يرى أو يسمع أو يفكر في ما يثيره.
ثم ذكر الشيخ كيفية خروجه فقال: (لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور) أي لا يشعر صاحبه بلذة وهو يَنزل (ولا دفق) أيولا ينزل بتدافـع وسرعة (ولا يعقبه فتور) أي لا يحدث بعد نزوله تعب وإرهاق.
وقوله (لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور) كل هذا خلافًا للمني الذي ينزل بلذة وسرعة ويعقبه تعب وفتور.
قال: (وهو نجس، لهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الذكر منه.
عن علي رضي الله عنه قال: كنتُ رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلـم لمكان ابنته، فأمرتُ المقداد بن الأسود فسأله فقال: (يغسل ذكره ويتوضأ))
إذن لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الذكر من المذي دل ذلك على أن المذي نجسٌ، وسيأتينا كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنضح الثوب بالماء إذا أصابه المذي.
قال الشيخ: (وأما الودي: فهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول)
إذن الفرق بين المذي والودي أن المذي رقيق والودي ثخين، وأن المذي يخرج عند شهوة والودي يخرج بعد البول.
(وهو نجس.
عن ابن عباس قال: ( المني والودي والمذي، أما المني فهو الذي منه الغسل وأما الودي والمذي فقال: اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة)
والشاهد قوله (اغسل ذكرك أو مذاكيرك) فدل ذلك على نجاسته.
فائدة: لا خلاف بين أهل العلم على نجاسة المذي وأما الودي فقد نُقل عن البعض خلافٌ في طهارته ولكنه خلاف ضعيف، والراجح نجاسته.



وللحديث بقية عن سائر النجاسات في الحلقة القادمة..

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-11-2007, 09:00 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

تابع باب النجاسات
( 5- رَوْث ما لا يؤكل لحمه)
أي: فضليات الحيوانات التي لا تؤكل.
أمثلة لذلك: الكلب لا يؤكل فروثه نجس، الحمار لا يؤكل فروثه نجس.
أمثلة مخالفة: روث الجمل ليس بنجس لأن الجمل حلال الأكل، روث البقر كذلك ليس بنجس لأن البقر يؤكل لحمه.
إذن النجس من روث الحيوانات هو ما لا يؤكل لحمه.
ثم ذكر الشيخ الدليل على ذلك فقال: (عن عبد الله -ابن مسعود- قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرَّز، فقال: (ائتني بثلاثة أحجار) فوجدتُ له حجرين وروثة حمار، فأمسك الحجرين وطرح الروثة، وقال: (هي رجس))
قول ابن مسعود رضي الله عنه (أراد النبي أن يتبرَّز) أي: يقضي حاجته.
ووجه الاستدلال بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم طرح روثة الحمار، وقال (هي رجس) أي: نجس.
فهذا يدل على نجاسة روث ما لا يؤكل لحمه.
فائدة: فإذا قال قائل: هذا الحديث فيه دلالة على نجاسة روث ما لا يؤكل لحمه، فأين الدليل على طهارة روث ما يؤكل لحمه؟ أو قل: أين الدليل على التفريق بين ما يؤكل وما لا يؤكل؟
الجواب: أن الأصل عندنا طهارة الأشياء كما مرَّ، فلماذا نلحق مأكول اللحم بغيره وليس هناك دليل؟!
ومع ذلك فقد ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين -وهم قوم قدموا على النبي فأصابهم مرض من المدينة- أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها.
فدل ذلك على طهارة أبوال الإبل -وهي مأكولة اللحم- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمرهم أن يشربوا النجاسات.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال: (صلوا فيها فإنها بركة) ومرابض الغنم كما لا يخفى لا تسلم من بول وروث سكانها.
(6- دمُ الحيض)
ويلحق به دم النفاس.
(عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيبُ ثوبَها من دم الحيض كيف تصنع؟ فقال: (تحتّه ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه))
لمَّا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحتِّه، ثم قرصه أي: أخذه بأطراف الأصابع، ثم نضحه أي: غسله، عُلم أنه نجس.
فائدة: لا أعلم في نجاسة دم الحيض والنفاس خلافًا، بل نقل الاتفاق على نجاستها.
(7- لعاب الكلب)
أي: ريقه، أما سائر أعضاء الكلب فنجاسته محل خلاف، والشيخ حفظه الله رجَّح عدم نجاسة سائره.
قال الشيخ مستدلا على نجاسة لعاب الكلب: (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب))
قوله صلى الله عليه وسلم (طهور إناء أحدكم) أي: طهارته، وقوله (إذا ولغ) أي: شرب، وقوله (أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) دليل أيضًا على نجاسة لعابه.
(8- الميتة:
وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية)
وكيف تكون الذكاة الشرعية ؟
الجواب: أن يذبحها مسلم أو كتابي ذاكرًا اسم الله عليها.
(لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) والإهاب: جلد الميتة)
قوله صلى الله عليه وسلم (إذا دُبِغَ) أي: إذا نظّف، قوله (الإهاب) أي: جلد الميتة، أما غير جلد الميتة فلا يسمى إهابًا، قوله (فقد طهر) هو الشاهد من الحديث وهو أنه قبل أن يُنظف كان نجسًا.
ومعنى الحديث إجمالا: إذا نظف جلد الميتة فقد زالت عنه النجاسة.
فائدة: لا خلاف على نجاسة الميتة.
قال الشيخ: (ويستثنى من ذلك)
أي: من نجاسة الميتة.
(1- ميتة السمك والجراد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحلتْ لنا ميْتـتان ودمان: أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطِحال))
دل الحديث على أن ميتة السمك والجراد طاهرتان وذلك أن الله تعالى أحلهما لنا، وكل حلال فهو طاهر.
(2- ميتة ما لا دم له سائل، كالذباب والنمل والنحل ونحو ذلك)
أي: كل شيء ليس له دم يسيل فهو طاهر، كالذباب والنمل والنحل كما ذكر الشيخ، فإذا صلى الرجل وهو حامل لنحلة ميتة مثلا فصلاته صحيحة وذلك لأنها ليس لها دم يسيل، والدليل:
(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء))
إذن لو كانت ميتة الذباب نجسة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغمسه في الإناء، وقد استنبط العلماء أن العلة في ذلك كون الذباب ليس له دم سائل فعدوا رحمهم الله العلة لغير الذباب.
(3- عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها، كل ذلك طاهر، وقوفًا على الأصل وهو الطهارة، ولما رواه البخاري تعليقًا قال:
وقال الزهري في عظام الموتى -نحو الفيل وغيره-: أدركتُ ناسًا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدِّهِنون فيها، لا يرون به بأسًا.
وقال حماد: لا بأس بريش الميتة)
معنى هذا الكلام أن عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وقرنها ليس بنجس، وذلك لأن الأصل عندنا كما مر هو طهارة الأشياء، وهذه الأشياء لا دليل على نجاستها، بل قد ورد عن السلف كما نقل الشيخ ما يدل على طهارتها.
وبهذا يكون انتهى الشيخ من ذكر الأعيان النجسة، وهنا عدة فوائد:



نتبعها الحلقة القادمة

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-11-2007, 09:00 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

وبهذا يكون انتهى الشيخ حفظه الله من ذكر الأعيان النجسة، وهنا عدة فوائد:
الفائدة الأولى: ذكر الشيخ حفظه الله ثمانية أعيان من النجاسات، وهناك بعض الأعيان الأخرى أكثرها مختلف فيها فمن ذلك:
- لحم الخنزير، قال في [صحيح فقه السنة]: وهو نجس باتفاق أهل العلم لصريح قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: 145] اهــ (ا / 73).
- سؤر السباع والدواب التي لا يؤكل لحمها، والسؤر: ما بقي في الإناء بعد الشرب، ويدل على نجاسته قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الماء يكون بفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب، فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) [رواه الخمسة وصححه الألباني] فدل ذلك على أن هذا السؤر خبث أي: نجس.
- الخمر، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى نجاستها بل الأئمة الأربعة واختيار شيخ الإسلام رحمهم الله أنها نجسة، وذهب كثير من المعاصرين إلى طهارتها وهو ما اختاره الشيخ وهو الأقرب والله أعلم.
- دم الإنسان وكذلك دم مأكول اللحم من الحيوانات، وقال بنجاسته كثير من أهل العلم بل ونقل البعض الإجماع على نجاسته، فيما ذهب آخرون إلى طهارته لعدم الدليل وضعف الإجماع ومخالفته لبعض النصوص الدالة على الطهارة.
- المنيّ، ذهب بعض أهل العلم إلى نجاسته، والراجح طهارته لعدم الدليل ولبعض الآثار الدالة على طهارته.
- لحم ما لا يؤكل لحمه من الحيوان، ورد أحاديث في شأنها توهم بالنجاسة وأحاديث أخرى توحي بالطهارة.
- قيء الآدمي، قال البعض بنجاسته ولا دليل على ذلك، والراجح طهارته استصحابًا للأصل.
- رطوبة فرج المرأة، أي: ما يخرج من فرجها من إفرازات، والراجح طهارتها، ولكن يفرق بينها وبين المذي الذي هو نجس.
- هناك أشياء أخرى ذكرها بعض الفقهاء في النجاسات، وليس هناك دليل على نجاستها.

الفائدة الثانية: وهي تتلخص في سؤال: لماذا يذكر الفقهاء رحمهم الله الأعيان النجسة ويطنبون في تفصيل ذلك؟
الجواب:
أولا: لتجنبها أثناء الصلاة، سواء في البدن أو الثوب أو المصلَّى.
ثانيًا: لتجنب بيعها وشراءها إذ كل نجس محرم وكل محرم لا يجوز بيعه وشراؤه.
ثالثًا: أن ديننا دين نظافة وطهارة فلا ينبغي للمسلم أبدًا أن يباشر النجاسة بحال من الأحوال إلا لحاجة.

الفائدة الثالثة: هل يعفى عن شيء من النجاسات؟
الجواب: نعم، وضابط ذلك ما تحصل به المشقة كتعذر الاحتراز من الشيء النجس، وفي الحديث ما يدل على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم في الهرة: (إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات) [رواه أصحاب السنن وصححه الألباني].
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم معللا عدم نجاستها (إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات) فجعل صلى الله عليه وسلم العلة في طهارتها صعوبة التحرز منها من كثرة الطواف، وبهذا استدل شيخ الإسلام رحمه الله.

الفائدة الرابعة: ليس بين الحكم بنجاسة الشيء وبين الحكم بنقض الوضوء ارتباط، بمعنى أن من نواقض الوضوء ما ليس بنجس كلحم الإبل مثلا وكذا خروج المنيّ، وكون الشيء نجسًا لا علاقة بكونه ناقضًا للوضوء فمن حمل ميتة مثلا لا ينقض وضوؤه بذلك، وهكذا من مس أي شيء نجس لا ينتقض وضوؤه به.
وإنما ذكرتُ هذا حتى أردّ توهُم كثير من الناس أن مس النجاسات ناقض للوضوء.



رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-11-2007, 09:01 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

"كيفية تطير النجاسات"


(كيفية تطهير النجاسة)
لما انتهى الشيخ حفظه الله من ذكر الأعيان النجسة ألحق كلامه بما يناسب المقام فقال: (كيفية تطهير النجاسة) ومقصود الشيخ هو: كيفية تطهير الأعيان الطاهرة إذا طرأتْ عليها شيءٌ من النجاسات فتنجستْ به، وإلا فإن الأعيان النجسة أصلا لا تطهر إلا إذا استحالت، بأن يُحْرَقَ الخنزير مثلا فيكون ترابًا فحينئذ يحكم بطهارة التراب لكون الخنزير تحول تماما.
قال الشيخ حفظه الله: (اعلم أن الشارع الذي عرفنا كون هذه العين نجسة أو متنجسة عرفنا أيضًا كيفية تطهيرها، والواجب علينا اتباع قوله وامتثال أمره، فما ورد فيه الغسل حتى لا يبقى منه لون ولا ريح ولا طعم كان ذلك تطهيره، وما ورد فيه الصب أو الرش أو الحتّ أو المسح على أرض طاهرة كان ذلك هو تطهيره، واعلم أن الماء هو الأصل في تطهير النجاسات، لوصف الشارع له بقوله (خلق الله الماء طهورًا) فلا يعدل إلى غيره إلا إذا ثبت ذلك عن الشارع، وإلا فلا، لأنه عدول عن المعلوم كونه طهورًا إلى ما لا يعلم كونه طهورًا، وذلك خروج عما تقتضيه المسالك الشرعية.
هذا الكلام فيه أكثر من قاعدة في باب تطهير النجاسات، ونحن نشرع أولا في شرحه ثم نحاول تلخيص ما استُنبط منه ليسهل فهمه وحفظه.
قوله (اعلم أن الشارع) المقصود بالشارع الله تبارك وتعالى، وقول الشيخ ( الشارع) من باب الإخبار، وتشريع الله تعالى لعباده يُتلقى من كتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم باتفاق المسلمين قاطبة.
قوله (اعلم أن الشارع الذي عرفنا كون هذه العين نجسة أو متنجسة) العين النجسة هي التي في أصلها نجسة وهي التي تنجس العين الطاهرة، وقد سبق أنها لا تطهر إلا إذا استحالت وضربنا على ذلك مثالا، والعين المتنجسة هي التي طرأ عليها النجاسة وهي التي محل الكلام عليها الآن.
قوله (عرفنا أيضًا كيفية تطهيرها) هذا مما لا شك فيه شرعًا وعقلا.
- أما شرعًا، فللأدلة التي سيذكرها الشيخ الآن في كيفية تطهير الأعيان المتنجسة.
- وأما عقلا، فلأنه من المحال أن يطلب الله منا التطهر من النجاسات ومع ذلك لا يعرفنا كيفية ذلك.
قوله (والواجب علينا اتباع قوله وامتثال أمره) لأنه المصدر الذي نتلقى منه الأحكام.
قوله (فما ورد فيه الغَسل حتى لا يبقى منه لون ولا ريح ولا طعم كان ذلك تطهيره) كالغائط مثلا.
قوله (وما ورد فيه الصبّ) كتطهير الأرض كما سيأتي.
قوله (أو الرش) كتطهير بول الصبي الذي لم يطعم وسيأتي.
قوله (أو الحتّ) ورد كوسيلة من وسائل تنظيف الثوب من دم الحيض كما سيأتي.
قوله (أو المسح على الأرض) كالنعل يصيبه الأذى وسيأتي.
قوله (أو مجرد المشي في أرض طاهرة) كتطهير ذيل ثوب المرأة من القذر وسيأتي.
قوله (كان ذلك تطهيره) عائد على جميع ما ذكره من الصفات الواردة في تطهير النجاسات.
قوله (واعلم أن الماء هو الأصل في تطهير النجاسات، لوصف الشارع له بقوله" خلق الله الماء طهورًا") بمعنى أن الله تعالى وصف الماء بالطهورية كما في قوله {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا} وذلك يقـتضي حصول التطهـر به.
إذن الشيخ حفظه الله استنبط أن الأصل في تطهير النجاسات الماء بأن الله تعالى وصفه بكونه طهورًا.
قوله (فلا يعدل إلى غيره إلا إذا ثبت ذلك عن الشارع) ومما ثبت عن الشارع في هذا على سبيل المثال الاستجمار مع وجود الماء.
قوله (وإلا فلا) أي إذا لم يثبت عن الشارع فلا نعدل عن الماء.
قوله (لأنه عدول عن المعلوم كونه طهورًا إلى ما لم يعلم كونه طهورًا، وذلك خروج عما تقتضيه المسالك الشرعية) أي أننا إذا تركنا الماء الذي وصفه الشارع بكونه طهورًا وذهبنا نطهر النجاسة بما لم نعلم كونه طهورًا فقد خرجنا عما تقتضيه الأدلة الشرعية.
وخلاصة ما ذكره الشيخ حفظه الله في تطهير النجاسات ثلاث قواعد.
الأولى: أن الشرع الذي عرفنا نجاسة الشيء عرفنا كيفية تطهيره.
الثانية: أن الواجب علينا الوقوف في تطهير الأشياء المتنجسة على ما ورد به النص.
الثالثة: أن الأصل في تطهير النجاسات الماء، فلا يعدل عنه إلا بدليل.
فائدة: قال جماعة من أهل العلم: إن النجاسة عين خبيثة متى زالت زال حكمها، وعللوا ذلك بأنها ليست حدثًا يقتصر فيه على ما ورد في الشرع، وكون الشرع أرشد إلى الماء فلأنه أسرع في التطهير وأيسر على المكلف، ومع ذلك فإنه لم يأت أمر من الشارع باستعمال الماء في التطهير خاصة، بل قد ورد في أحاديث كثيرة العدول عن الماء إلى غيره، وهذا يدل على جواز العدول عن الماء، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله غير حديث من هذه الأحاديث، وما ذهب إليه هذا الفريق هو الصحيح الموافق للأدلة والله أعلم.
ولكننا مع هذا نراعي أن الأفضلية في اتباع الوارد عن نبينا صلى الله عليه وسلم في تطهير الأشياء النجسة.

وللحديث عن كيفية تطهير الأعيان المتنجسة بقية

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-11-2007, 09:01 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

قال الشيخ: (إذا علمت هذا فإليك ما جاء به الشرع في تطهير الأعيان النجسة أو المتنجسة)
وضحنا من قبل الفرق بين العين النجسة والمتنجسة.
(1- تطهير جلد الميتة بالدباغ)
الدباغ: ورق يستعمل في نظافة الجلد، وليس معنى هذا اقتصاره على التطهير، بل كل ما نُظف به الجلد جاز.
(عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما إهاب دُبغ فقد طهر))
دبغ: أي نُظِّفَ.
(2- تطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب))
مرَّ معنى الحديث من قبل، والشاهد منه هنا كيفية التطهير؛ وهي أن يغسل الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب.
(3- تطهير الثوب إذا أصابه دم حيض:
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع؟ فقال: (تحتّه ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه))
المرأة تريد أن تصلي بثوبها الذي أصابه دم الحيض، كأن تكون ليس عندها غيره، فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى حتِّه وقرصه ونضحه، وقد مرّ شرح هذا مسبقًا.
(وإن بقي بعد ذلك أثره فلا بأس)
أي: فإن فعلت المرأة ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الحتّ والقرص والنَّضح ومع ذلك بقي أثر الدم فلا بأس ولا حرج عليها ولتصلي فيه.
يقول الشيخ:
(عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله، ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه؟ قال: (فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم وصلي فيه) قالـت: يا رسـول الله: إن لم يخـرج أثره؟ قال: (يكفيك الماء ولا يضرك أثره))
(4- تطهير ذيل ثوب المرأة:
عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر؟ فقالت أم سلمة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يطهره ما بعده))
امرأة مشت في مكان ما فأصاب ذيل ثوبها شيء نجس، يقول صلى الله عليه وسلم: (يطهره ما بعده) أي أنها بعد مرورها على هذا النجس ستمر على الطاهر فيطهر ثوبها.
(5- تطهير الثوب من بول الصبي الرضيع:
عن أبي السمح خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام))
قول الشيخ (من بول الصبي) احترازًا من بول الجارية فإنه يغسل كما في الحديث.
وقوله (الرضيع) احترازًا من غير الرضيع فإنه يغسل كبول الجارية ولا يكتفى فيه بالرش والنَّضح كما قال صلى الله عليه وسلـم فيما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم من حديث علي رضي الله عنه مرفوعًا: (بول الغلام الرضيع ينضح، وبول الجارية يغسل) فاشترط النبي صلى الله عليه وسلم كونه رضيعًا.
إذن يشترط في تطهير البول بالرش شرطين:
- أن يكون من غلام، لا من جارية (بنت).
- أن يكون هذا الغلام رضيعًا.
ومعنى الرش: تنفيض الماء، وأما النَّضح فهو: صب الماء، ولا تعارض بينهما كـما يقول الحافظ لأن الابتداء كان بالرش وانتهى إلى النَّضح.
إذن الأحوال عندنا ثلاثة:
1-أن يكون بول جارية سواء كانت ترضع أم تأكل الطعام فهذا يجب الغسل منه.
2-أن يكون بول غلام يأكل الطعام فالواجب في هذا أيضًا الغسل.
3-أن يكون بول غلام يرضع فهذا الذي يكتفى فيه الرش والصب دون الغسل.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-11-2007, 09:02 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

(6- تطير الثوب من المذي)
مرّ معنا من قبل أن المذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، وهو نجس يوجب غسل الذكر، والكلام هنا عن كيفية التطهر منه إذا أصاب الثوب.
(عن سهيل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما يجزيك من ذلك الوضوء) فقلت: يا رسول الله: كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: (يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه))
إذن يكفي في تطهير الثوب إذا أصابه المذي أن يُنضح بكف من ماء، والنَّضح هو صب الماء كما مرّ.
مسألة: ما هو الفرق بين النَّضح والغسل؟
الجواب: النَّضح هو صب الماء على الشيء النجس من غير فرك أو عصر، أما الغسل فيكون بفرك وعصر.
(7- تطهير أسفل النعل:
عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى خبثًا فليمسه بالأرض ثم ليصل فيهما))
هذا إذا كان سيصلي في نعليه، أما إذا كان سيخلعه فلا إشكال.
وتطهير النعل من الشيء النجس يشبه تطهير ذيل الثوب إذا أصابه نجاسة، وليعلم أن مس النعل بالأرض يعطي النعل وكذا الذيل حكم الطهارة ولو بقي شيء من أثر النجاسة وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله (ثم ليصل فيهما)
(8- تطهير الأرض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه، وهريقوا على بوله سجلا من ماء -أو ذنوبًا من ماء- فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)
هذا الحديث يوضح أن طهارة الأرض تكون بصبِّ الماء الكثير عليها.
قال الشيخ:
(وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك استعجالا لطهارة الأرض، فلو تركت حتى جفت وذهب أثر النجاسة طهرت لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كانت الكلاب تبول في المسجد وتقبل وتدبر زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئًا")
إذن تطهر الأرض بشيئين:
1- صب الماء الكثير عليها.
2- تركها حتى تجف النجاسة ويذهب أثرها.

فائدة:
وفي حديث ابن عمر السابق هذا دليل على ما رجحناه من قبل أن النجاسة عين خبيثة متى زالت زال حكمها.
فإن قيل: لماذا ذكر الشيخ عبد العظيم حفظه الله وأطال في كيفية تطهير النجاسات مع أنها إذا زالت بأي شيء زال حكمها؟
فالجواب: أن الشيخ حفظه الله يرى القول الآخر وهو: وجوب إزالة كل نجاسةِ عين متنجسة بما ورد في مثلها وإلا فالرجوع إلا الماء.
فإن قلتَ: فعلى ما رجحتم لا داعي لمعرفة كيفية تطهير النجاسات الواردة في الأحاديث السابقة إذ إنكم تشترطون ذهاب النجاسة وحسب ولو بأي شيء؟
فالجواب: لا ،بل هناك داعي مهم جدًا وهو: معرفة الأعيان المتنجسة التي خفف الشارع في كيفية تطهيرها كتطهير الثوب من المذي وبول الغلام الرضيع فإنه يكتفى فيهما بالنَّضح دون الغَسل وكذا إصابة النجاسة لذيل الثوب وإصابتها النعل يكفي فيهما مس الأرض دون إزالتها، وغير ذلك كما مرّ معك.
وإنما خفف الشارع الحكيم في تطهير هذه النجاسات رحمة بنا ورفعًا للمشقة والحرج المنفي في شريعتنا الغراء فاللهم لك الحمد.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-11-2007, 09:02 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

"سنن الفطرة"






قال الشيخ حفظه الله تعالى: (سنن الفطرة)


سنن الفطرة هي: سنن الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم جميعًا التي فطرهم الله عليها.


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "ويتعلق بهذه الخصال (التي هي سنن الفطرة) مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع.


منها تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلا، والاحتياط للطهارتين، والإحسان إلى المخالط والمقارن بكف ما يتأذى به من رائحة كريهة، ومخالفة شعار الكفار من المجوس واليهود والنصارى وعبّاد الأوثان، وامتثال أمر الشارع، والمحافـظة على ما أشار إليه قولـه تعالى {وصوركم فأحسن صوركم} لما في هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل قد حسنت صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها، أو حافظوا على ما يستمر به حسنها وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة وعلى التآلف المطلوب، لأن الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى لانبساط النفس إليه، فيقبل قوله، ويحمد رأيه، والعكس بالعكس". اهــ [الفتح 10/ 479].


(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط, وتقليم الأظفار)


وعن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء) -يعني الاستنجاء- قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة)


قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (خمس) لم يرد بها صلى الله عليه وسلم حصر الخصال والسنن في خمس، وإنما أراد التنبيه على أهميتها، أو ذكرها دون ما سواها من الخصال مراعاة للحال أو غير ذلك، وسيأتي معنا حديث عائشة رضي الله عنها وفيه (عشر من الفطرة).


قال الحافظ رحمه الله تعالى: "مجموع الخصال التي وردت في هذه الأحاديث خمس عشرة خصلة" اهــ [الفتح 10/ 477].


وذكر الحافظ رحمه الله عدة روايات زيادة عما يأتي في حديث عائشة من الخصال وهي: الاستنثار، وهو: دفع الماء من الأنف بعد الاستنشاق، والمضمضة، والانتضاح، أي: نضح الفرج بالماء بعد الوضوء، والفرق، أي: فرق الشعر.


وقال الحافظ رحمه الله أيضًا: "وأما الخصال الواردة في المعنى لكن لم يرد التصريح فيها بلفظ الفطرة فكثيرة". اهــ [الفتح 10 /478]


قوله صلى الله عليه وسلم (الاستحداد) قال الشيخ في الهامش: "هو حلق العانة، سمي استحدادًا لاستعمال الحديدة وهي الموسى، ويكون بالحلق والقص والنتف وغير ذلك".


والمراد بالعانة: "الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة". قاله النووي رحمه الله تعالى.


قوله صلى الله عليه وسلم (الختان) سيأتي الكلام عليه بتفصيل.


قوله صلى الله عليه وسلم (ونتف الإبط) قال الحافظ رحمه الله تعالى: "والمستحب بالبداءة فيه باليمنى، ويتأدى أصل السنة بالحلق ولا سيما من يؤلمه النتف". اهــ [الفتح 10/ 486].


قوله صلى الله عليه وسلم (وتقليم الأظفار) التقليم: التقطيع، وورد في حديث ابن عمر وعائشة (قص الأظفار).


قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (استنشاق الماء) الاستنشاق: جذب الماء بنفس من الأنف.


قوله صلى الله عليه وسلم (غسل البراجم) قال الشيخ في الهامش: "البراجم جمع برجمة، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها".



فائدة: قال القاضي أبو بكر بن العربي: "عندي أن الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة، فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين فكيف من جملة المسلمين". اهـ من [فتح الباري]، وأعجب هذا القول الشيخ الألباني رحمه الله كما في [آداب الزفاف]، وقال: "ومن تعقبه لم يصبه التوفيق". اهـ


ويؤيد القول بالوجوب حديث أنس رضي الله عنه قال: "وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة" [صحيح مسلم]، وظاهره أنه لا يجوز الترك أكثر من أربعين ليلة؛ كما قال الألباني رحمه الله وقال: هو قول بعض المحققين كالشوكاني وغيره. اهـ [آداب الزفاف].


وللحديث عن سنن الفطرة تكملة
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:22 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.