أنا .. و عبد العزيز .. و جند فرعون مصر

[البتار]

 

أنا .. و عبد العزيز .. و جند فرعون مصر


بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة المسلمون الكرام .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


وصلت لمكان عملي بكلية الصيدلة جامعة القاهرة .. اليوم لدي لجنة امتحان لطلاب الفرقة الرابعة حيث يؤدون اليوم امتحان مادة السموم .. وصلت فعلمت من رئيس الكنترول أنني سوف أتولى المراقبة على لجنة خاصة في عيادة الكلية .. تساءلت في نفسي من يكون هذا الطالب الذي يؤدي الامتحان في لجنة خاصة و قد عهدنا أنها دائما لجنة وساطات؟ ..


ليس علي أن أتعجل .. أخذت أوراق الامتحان و ذهبت إلى العيادة .. انتظرت .. لكن أحدا لم يحضر .. ربما يكون قد حدث شئ لهذا الطالب؟ .. مر أكثر من نصف الساعة و لم يحضر الطالب .. هممت أن آخذ الأوراق و أعود بها مرة ثانية من حيث أتيت ..

فجأة سمعت صوت سيارة كبيرة أصوات تتعالى و تقترب من مكان العيادة .. و يدخل من باب العيادة أحد ضباط الشرطة و معه ضابط الأمن بالكلية و بعض مساعدي الشرطة و اثنين من الجنود .. أحدهم رأيت في إحدى يديه ما يسمى في مصر بالكلبشات .. الكلبشات تجمع يد الجندي و يد أخرى .. نظرت فرأيت شابا ضعيف الجسم مهندم الهيئة .. يرتدي جلبابا أبيض ناصع البياض .. وسيم الملامح .. ذو لحية .. تبدو عليه طمأنينة المسلم و بشاشة المؤمن .. أشار الضابط إلى الجندي أن يفك قيد الأسير الشاب .. يجلس الشاب المسلم على كرسي أمام مكتب صغير ليبدأ الامتحان ..


يجلس الضابط على مكتب قريب من مكان الطالب .. ليفتح إحدى الجرائد القومية و يطالعها .. اقتربت من الشاب المسلم قائلا .. "السلام عليكم و رحمة الله و بركاته"
.. فيرد علي بحياء المؤمن "عليكم السلام و رحمة الله و بركاته" .. أعطيته ورقة الأسئلة وورقة الإجابة .. ثم أعطيته ورقة ليوقع فيها حضوره للامتحان .. كتب اسمه "عبد العزيز" ..
ثم قال معذرة على التأخير فلقد تأخر إذن الخروج من المعتقل و لذلك حضرت متأخراً .. فقلت له لا عليك أخي الفاضل ..

أخذت جانباً وجلست على أحد الكراسي بالقرب من عبد العزيز .. لم أدر بنفسي إلا و أنا أبتعد بتفكيري عن هذا المكان لأغوص في أعماق كتاب الله العزيز و وجدت أمامي آية كريمة
" وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" .. تلك الآية التي نزلت في أصحاب الاخدود .. وكأنها سنة تتكرر أمامنا في كل حين ..


فلماذا هذا الشاب المسلم في السجن؟ ..


هل لأنه يصلي؟ ..


هل لأنه يأمر بمعروف و ينهى عن منكر؟ ..


هل لأنه غار على شريعة الله المغيبة عن أرض الله؟ ..


هل لأنه لما رأى محلات الخمور تنتشر و أصبح عددها لا يحصى ولا يعد على أرض مصر
فأرسل رسالة إلى فرعون مصر يحذره فيها من محادة الله و رسوله؟ ..


هل لأنه فكر في الذهاب إلى أرض فيها جهاد؟ ..


ما بال جند فرعون هؤلاء لا يستأسدون إلا على المسلم؟ ..

لم نرهم يستأسدون على المفسدين سارقي قوت الشعب و لا على العلمانيين و لا على الصليبيين ..
فقط على المسلمين المستضعفين .. "اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا و قلة حيلتنا" ..

بدأت الدموع تتساقط من عيني و أنا لا أدري .. فجأة سمعت عبد العزيز ينادي علي و يقول هناك جزئية في سؤال لم أفهمها و أريد منك أن توضحها لي .. نهضت من مكاني لأقترب من عبد العزيز و قد كانت الدموع قد بدأت تتكاثر و تتساقط من عيني .. ساءلت نفسي أليس من الواجب علي كمسلم أن أنصر هذا الشاب الذي تبدو عليه إحدى علامات الإيمان ألا و هو الحياء و نضارة الوجه المسلم ..
ماذا سأقول لله غداً و أنا واقف بين يديه إن سألني أنني رأيت مظلوماً و خذلته؟ ..

اقتربت من عبد العزيز و أنا أنتحب .. نعم و الله أنتحب .. فقد بدت أمامي أهوال الساعة و كأنني أقف للعرض أمام العلي الكبير ليسألني عن عبد العزيز و إخوانه .. تكلمت و صوتي لا يكاد يخرج من صدري "اعذرني يا أخي و الله لكم كنت اتمنى أن انصرك و حتى لو كنت مكانك" .. فإذا بهذا الشاب المؤمن يبتسم ابتسامة حيية ثم يرد علي و كأنني أنا المفجوع ..
"إنني سأحزن إن رأيتك هكذا علي باكيا ثانية .. و الله إني لفي راحة و طمأنينة .. لا أشعر بأني في سجن .. و لقد اقترب موعد خروجي بإذن الله"

لا أخفي عليكم أنني ساعتها شعرت بأنني أنا المعتقل .. معتقل في حب الدنيا و كراهية السجن و الخوف من الطاغوت .. معتقل لخوفي من قول الحق و لسكوتي على الباطل .. فعبد العزيز بإذن الله ينال حسنات على اعتقاله و أنا لا أزداد إلا سيئات في معتقلي .. و لا يستوي الحق و الباطل .. أبداً

((بقلم الأخ الحبيب الغالي عمر صبري))

[أبو عمر الأزهري]

هل لأنه يصلي؟ ..

هل لأنه يأمر بمعروف و ينهى عن منكر؟ ..

هل لأنه غار على شريعة الله المغيبة عن أرض الله؟ ..

الله المستعان وإليه المشتكى .

[أم هارون السلفية]

إلى الله المشتكى