انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > الإعلامي وأخبار المسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-21-2009, 06:22 PM
إني مهاجر إلى ربي إني مهاجر إلى ربي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




I15 النظر النافع في القدر الواقع...

 

- النظر النافع في القدر الواقع -

الشيخ محمد صالح المنجد


http://www.al-oglaa.com/PlaySound.php?SoundID=11
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، الحمد لله الذي قدر الأقدار، الحمد لله الذي كتب عنده في اللوح المحفوظ، ما كان وما يكون إلى قيام الساعة، فأفعاله تعالى خير كلها، والخير كله في يديه، والشر ليس إليه، أفعاله صادرة عن عدله وحكمته؛ وكلها عدل، [وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا] الكهف (49)، أفعاله منزّهه عن العبث،[ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ] المؤمنون: (115)
تدور أفعاله على الحكمة والمصلحة، والإحسان والرحمة والعدل والصواب، وعلمه محيط بكل شيء، خلق الخلائق وعلم أرزاقهم وآجالهم، وحركاتهم وسكناتهم وأعمالهم، فلا يعزب عنه مثقال ذرة، كل ما يجري في العالم بمشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ، لم يكن، [وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ] البقرة (253)، يؤيّد بنصره من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، لو أراد لآمن أهل الأرض كلهم جميعاً، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) النحل: 93) وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل، وهم يسألون، خلق خلقه فجعل منهم شقياً وسعيداً، مؤمناً وكافراً، وجعل بين العسكرين مواجهةً إلى قيام الساعة، وأخبر أن عسكر أهل الكفر على قتال أهل الإيمان مواظبين، (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) البقرة: (271)، وهذا يفيد الاستمرار، وليس لأهل الحق عند أهل الباطل إلا العداوة، وجعل على رأس هؤلاء الأعداء، إبليس وأعوانه وأعظم أعوانه من البشر وأشد الناس عداوة للمؤمنين هم اليهود، كما أخبر الله عز وجل؛ قتلة الأنبياء، والذين كذبوا على الله وحرفوا الكلم عن مواضعه، ولما ذهب حيي ابن أخطب وأخوه أبو ياسر؛ بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مباشرة، لينظرا إليه، ويتعرفا عليه، رجعا آخر النهار كالين متعبين، فقال: حيي ابن أخطب، قال له أخوه أبو ياسر: أهو هو ؟ قال: نعم والله! قال: أتعرفه؟ وتثبته! قال: نعم، هو المذكور في الكتاب، - هو المذكور في صفاته عندهم-، قال فما في نفسك منه، قال عداوته والله ما بقيت.
وهكذا لن ترضى عنّا اليهود والنصارى حتى نتبع ملتهم، وهكذا إذا ظهروا علينا لا يرقبوا فينا إلاً ولا ذمّة ولا عهداً ولا ميثاقاً، هكذا هم أعداء الله عز وجل، هؤلاء حلقة من حلقات عداوة الكفار لهذه الأمة،ـ سواء كانوا من الصليبين أو من التتر أو من غيرهم، فإن تاريخ اليهود مليء بالعظائم، وهم الذين استقبلوا نبينا بالتكذيب، والعناد والكيد والتآمر مع أعدائه، من قريش والمكذبين من العرب حتى في قضية حمد دين قريش؛ الشرك، وأنه خير من دين محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك المشاركة مع المنافقين في بث الشبهات، والمشاركة معهم في الكيد كما في حادثة تحويل القبلة.
وهم السفهاء الذين قالوا (مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) البقرة: (142)، وهم الذين سحروا النبي عليه الصلاة والسلام، وهم الذين دسوا له السم، وهم الذين حاولوا قتله كما حاول بنو النضير، وهم الذين نقضوا العهود معه، وهم الذين قاموا بعد موته عليه الصلاة والسلام يكيدون المكائد، وهم الذين ألّبوا الناس على عثمان رضي الله عنه، وهم سبب البلاء في الأمة، وهم أسباب قيام الفرق الباطنية، وهم الذين ألبوا الفتنة بين الصحابة، وهم القوة الخفية لتحريك الحملات الصليبية، وهم قد ساعدوا التتر، وهم قد كانوا السبب في سقوط الخلافة العثمانية، وهم الذين انشؤوا الجمعيات السرية والماسونية ضد المسلمين، وهم الذين أقاموا سوق المذابح في فلسطين، كدير ياسين، وخارج فلسطين كصبرا وشاتيلا، وتل الزعتر، وهم الذين قاموا بإحراق المسجد الأقصى، وهم الذين يعملون الأنفاق من تحته لهدمه، وهم الذين يريدون أن يبنوا على أنقاضه هيكلهم المزعوم، وهم الذين يحاولون بشتى الطرق في القديم والحديث أن يناصبوا ديننا العداء، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.
فتاريخهم معروف وإباداتهم الجماعية وقصفهم المتواصل وتخريب المنازل اليوم وإحراق المصالح والمزارع وقتل الأطفال والنساء والحصار والتجويع... وهؤلاء الذين يدمرون المساجد ويقصفون المستشفيات، ويريدون أن يبيت الناس في العراء والبرد ويريدون لهم الجوع، ولا يوفّرون أحداً حتى طواقم الإسعاف، وحتى الأطباء. وهؤلاء الذين يريدون جثثاً متفحمة وهؤلاء الذين يريدون شظايا في الأجساد، تأتي برائحة الموت تزكم الأنوف، وهؤلاء الذين يقتلون الأشقاء والشقيقات والعائلة الكاملة، هؤلاء الذين يريدون اليوم أن ينتقموا من المسلمين بكل نوع من أنواع الانتقام، وحسدونا على أشياء كثيرة في ديننا. وواضحة العداوة الدينية، حتى الآن هدموا أربعة عشر مسجداً، والمسلسل مستمر، يزعمون أنّ في المسجد سلاحاً، ويقصفون وقت الصلاة، فلو كان فيه شيئ، فلماذا تلقى قنبلة من نصف طن على جماعة المسجد في صلاة المغرب، وهؤلاء بنفس السبب يقصفون المدارس التي لجأ إليها الناس ليقولوا لهم: ليس لكم مكان تفرون إليه، لا مسجداً ستعتصمون فيه، ولا مدرسة ستؤويكم فيها، ولا شارعاً ولا بيتاً، ولذلك العداوة معهم والقتال مستمر إلى قيام الساعة، "" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمين اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودياً خلفي تعال فاقتله"". حتى الشجر يريد الخلاص منهم.
وهذه الأقدار التي تقع اليوم من الله تعالى والتي كتب سبحانه، فيها أسرار، ينبغي للمؤمن أن ينظر فيها نظراً ينفعه؛ فأما أهل البلاء فيحتاجون إلى صبر، وأهل المواجهة يحتاجون إلى تثبيت. ومن هو بعيد عنه، يحتاج الواحد منهم أن ينظر النظر النافع في هذه الأقدار، لماذا تبتلى الأمة ؟ (أمتي هذه أمة مرحومة). ذكر في الحديث: (عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل).
http://www.al-oglaa.com/PlaySound.php?SoundID=11
إذاً هناك تطهير من الله لهذه الأمة وتكفير للخطايا ومحو للسيئات بهذه الفتن، الله عز وجل له الحكمة البالغة يعافي من يشاء ويبتلي من يشاء، وهو سبحانه وتعالى غالبٌ على أمره، له الحكمة البالغة، فمن حكمته؛ أنه قدّر أن يبتلي العباد (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) العنكبوت: (2). ومن حكمته أنه يريد أن يظهر علمه في الواقع، هو عَلِمَ في الأزل‘ مَنْ هو المؤمن ومَنْ هو المنافق، ولكن يريد أن يظهر هذا العلم في الواقع، قال تعالى (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت:( 3)
هو سبحانه وتعالى يبتلي.. لماذا ؟ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) الممتحنة: (214)، إذاً هذا الابتلاء سنة لا بد منها مثل؛ المرض ومثل الجوع فلا بد أن يقع في الأمة ابتلاء، لا بد أن يصيبها البلاء، وما دام قد أخبرنا بذلك، فعلينا أن نتلقى بالصبر والتسليم، وأن ندفع بالأسباب الشرعية، وأن نخرج من البلاء على ما يحب ربنا سبحانه وتعالى.
ولو كان أحد من الأمة سيعافى من البلاء لعُوفي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكنه شُجّ وسحر وسم وضرب وخنق عليه الصلاة والسلام، وطرد وأوذي وشتم وأتهم صلى الله عليه وسلم.
إذاً هذا الابتلاء الذي حصل له في نفسه، وحصل له في أصحابه – ( في عام واحد يقتل سبعون في أحد وسبعون في بئر معونة، بينهما أشهر ، تتوالى عليه مصيبة بمائة وأربعبين من أصحابه، وهذا الابتلاء سنة ماضية، وقد أصاب من قبلهم (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) آل عمران: (140)، وكذلك مس الأعداء، (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) آل عمران: (140)، إذاً مداولة الأيام بين الناس حكمة من الله عز وجل ولو أن المؤمنين دائماً ينصروا لأصيبوا بالعُجُب والغرور، ولكن الله سبحانه وتعالى يداول القوة والسيطرة والغلبة بينهم وبين عدوهم، (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) آل عمران: (140)،؛ تارة لهم وتارة عليهم، الحرب سجال، وتكون العاقبة في النهاية للمؤمنين، ولو كان للباطل صولات وجولات، فإن الغلبة في النهاية لأهل الحق، قال ابن القيم رحمه الله: (أن ما يصيب المؤمن في هذه الدار من إدالة عدوه عليه وغلبته له وأذاه له في بعض الأحيان: أمر لازم لابد منه وهو كالحر الشديد والبرد الشديد والأمراض والهموم والغموم. فهذا أمر لازم للطبيعة والنشأة الإنسانية في هذه الدار)، حتى يصير هناك فرق بين الدنيا والجنة، قال حتى الأطفال. حتى الطفل يوعك ويبكي ويتألم ويعاني ويكابد. قال: (فلو تجرد الخير في هذا العالم عن الشر، والنفع عن الضر، واللذة عن الألم لكان ذلك عالما غير هذا ونشأة أخرى غير هذه النشأة ).. لكانت تلك إذاً هي الجنة.
ثم إنه عز وجل يبلوالناس ليظهر معدن أهل الإيمان (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا) الممتحنة: (140)، الشدة والرخاء تكشفان!، ويتميز المؤمن من المنافق. وقد قال الحسن رحمه الله:، (قد والله رأيناهم يتقاربون في العافية فإذا نزل البلاء تفاوتوا ). وهكذا رأينا تمييز الخبيث من الطيب في هذه الأحداث، لو شاء الله - أيها الأخوة والأخوات - لأخذ اليهود بلحظة، ولزلزل الأرض من تحتهم، وأسقط عليهم عذاباً من السماء، ولو شاء لأخذهم بالصيحة، ولو شاء لأهلكهم بالطوفان، ولو شاء لأرسل عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر فقتلعتهم، لو شاء لأهلكهم في لحظة، قال تعالى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) محمد)4)، فلا بد أن يحصل الابتلاء - هذه سنّة الله - لا مهرب منها، ولا بد أن تقع.
وهؤلاء الذين قتلهم اليهود؟! قال عز وجل (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) محمد:)4)،. من العزاء الذي يقال اليوم لإخواننا في غزة: إن ما عند الله خيراًً لأولادكم مما عندكم، وأن رحمة الله أوسع لقتلاكم من دنياكم، وأن النعيم الذي يكون فيه هؤلاء القتلى إذا صبروا عند الله أحسن من الدنيا.
ماذا يوجد عندكم؟! حصار! وتجويع! وبرد! وقصف!..ورعب!... فالقتلى هؤلاء الذين يذهبون إلى الله؛ من أطفالكم وشيوخكم ونسائكم. - إذا ماتوا على الإيمان- فما عند الله بعد الموت خير لهم مما عندكم في غزة من الحصار والقصف، فليس الخوف على من مات!، الخوف على من بقي!.
بعض الناس لا ينام إذا رأى صور الأطفال والجرحى والقتلى، - والآن الكاميرات لا ترحم تخرج كل الصور، وفي بعضها انتهاك لحرمة الأموات وكشف العورات، وحتى النساء المكلومات تأخذها الكاميرا على حين غرّة. وهذا عصر الإعلام والقنوات. الذي يفتقر إلى الضوابط الشرعية حتى في تصوير الأحداث. ولعلنا سنأتي على شيء من هذا، في عبر هذه الأحداث.
ويقول بعضهم أنه ما ننام الليل، قال تعالى (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) الممتحنة: (140). كيف ستحصل الشهادة ؟ الشهادة مرتبة عظيمة عالية بعد مرتبة النبوة والصديقية والله سبحانه وتعالى يريد أن يتخذ شهداء، وهذا الاتخاذ شرف عظيم، ومنزلة كبيره،. قال (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) الممتحنة: (140). ، وكيف سيتخذ إذا لم يكن هناك تسلط من العدو وقصف وقتل؟!
والشهيد من قتل في المواجهة مع العدو في المعركة، والذي يقتل دون دمه فهو شهيد، ودون دينه فهو شهيد، ودون أهله فهو شهيد، ودون ماله فهو شهيد، والذي يموت في الهدم شهيد، وقد مات كثيرون تحت الأنقاض. وبعض الجثث التي تحت الأنقاض، قصفت مرتين.! لأن أعداء الله أخوان القردة والخنازير ما كفاهم أن يقصفوا بعض الأماكن مرة واحدة. فقصفوها مرتين وأكثر، وقالوا استنفذنا الأهداف. أيش نقصف، فغزة مساحة صغيره على هذا الطيران! فاستمر القصف ثم ماذا يقصفون ؟ فأعادوا قصف الأهداف!.
فالدماء التي تسيل زكية عند الله. والذي يموت في لقاء العدو في المعركة مقبلاً غير مدبر، ينال مرتبة الشهداء، قال ابن القيم رحمه الله: فإن الشهادة درجة عالية عنده، ومنزلة رفيعة لا تنال إلا بالقتل في سبيله، فلولا إدالة العدو لم تحصل درجة الشهادة التي هي من أحب الأشياء إليه، وأنفعها إلى العبد.
وهكذا شهداء هذه الأمة كثير والحمد لله. قال سبحانه: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا) آل عمران:(141)، تخليص من الذنوب والشوائب والمعايب. ابتلاء المؤمن كالدواء له، يستخرج بهذا الابتلاء من أنواع الأدواء التي لو بقيت في النفس أهلكتها وأنقصت ثوابها أنزلت درجتها، فيستخرج بالابتلاء والامتحان أنواع الأدواء. ويتم الأجر وتعلو المنزلة، قال تعالى: (وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) آل عمران:141) حتى يستحقوا المحق والإهلاك، حتى يستحقوا الإذلال في الدنيا من الله، حتى يستحقوا الأخذ الأليم الشديد، فلا بد أن يوصلوا إلى الدرجة البغي، والطغيان، والمبالغة في إيذاء أوليائه، ومحاربة أهل دينه وهدم بيوته، والتسلط على أوليائه، فعند ذلك تأتي لحظة الإهلاك ويأذن الله بهزيمتهم، ويأذن الله بقصم ظهورهم وكسر شوكتهم.
إذاً يمحق الكافرين بعد استعلائهم وظهور بغيهم لا في حادثة أو حادثتين أو حرب أو حربين. ( طَغَوْا فِي الْبِلَادِ( ) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ) الفجر: (11-12)، ولما أكثروا (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ) الفجر: 13) لكن المهم أن (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) الفجر:( 14). لا يهمل وإنما يمهل، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) آل عمران: (142).
إذاً لا بد أن يكون هناك جهاد، واستفراغ الوسع للتصدي للعدو، وإعداد العدة والصدق في اللقاء. - وهذه كيف تظهر ؟ لا بد من مصادمة، وكيف سيظهر الصبر، والصدق عند اللقاء ؟!. وبما أن النعيم الذي هناك لا يدرك بالنعيم الذي هنا فلا بد أنه يكون هنا شدة ولا بد أن يكون هنا محنة. لأن سلعة الله غالية لا تنال بشيء رخيص، تدخل على جسر من التعب ويعبر إليها عليه.
ثم إن الله سبحانه وتعالى يريد من عباده أن يتعبدوه بأنواع التعبدات؛ الصبر واليقين والدعاء والتضرع الاستكانة الرضى بالقضاء، هذا لا يتم إلا بشيئ تستخرج به هذه العبادات، فكيف يستخرج الإلحاح ودعوة المضطر؟ لا بد أن يحدث اضطرار حتى تأتي دعوة المضطر، وفي هذه الحالة تحت القصف تأتي دعوة المضطر، وراء أسوار الحصار تأتي دعوة المضطر. الله يستخرج دعوة المضطر بتجويعه وحصره وقصفه وجرحه فتخرج دعوات المضطرين، ودعوات الاضطرار هذه عظيمة جداً ولها الأثر الكبير عند الله، استخراج العبوديات؛ من سؤاله النصر، وقنوات ناس في المساجد والصلوات. متى يتضرعون ؟! إذا كانوا في رخاء؟! إذا كانوا في شبع؟! إذا كانوا في راحة؟! إذا كانوا في سعة؟! إذا كانوا في أنواع من التلذذ؟! إذا كانوا منعمين ؟! لا هذا لا يتم إلا تحت كثرة العدو وتآمره في الداخل والخارج، والحصر، والتجويع والقصف والقتل، والجرح وأنواع البلاء. فإذا ضاقت الأحوال وبلغت القلوب الحناجر تضرعوا إلى ربهم وأنابوا إليه. فانكسرت القلوب وذلت الألسن فتأتي الاستجابة. ثم تكفير الذنوب. (ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنة في نفسه و ولده و ماله حتى يلقى الله و ما عليه خطيئة)، هذا لا يكون إلا بابتلاء ويقدر الله للإنسان درجة في الجنة لا يبلغها بعمله، فيبتليه حتى يرتقي إليها، وإذا قبض الله روح ولد العبد، يقول للملائكة (قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك و استرجع)،
والآن هناك أشياء عجيبة واحد يقتل له خمسة معاً، وواحد يقتل له ثلاثة معاً، ووحده يقتل لها ثلاثة عشر نفساً معاً، الآن قتل بالجملة، ثم قد تتابع هذا المسلسل، - مسلسل المصائب - فيقتل له اليوم وغداً وبعد غد، ويتتابع البلاء، (ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)، طيب هذا البيت المبني للعبد في الجنة المسمى ببيت الحمد كيف سيدخله ؟ أن يبتليه بفقد حبيبه من ابنه أو زوجته أو أبيه ونحو ذلك فيصبر ويحمد ويسترجع ويستسلم فيبني له البيت ويدخله إياه بعد موته، فموت الأولاد فلذ الأكباد ومصابه من أعظم المصاب، وفراقهم يقرع القلوب والأوصال والأعصاب، يا له من صدع يشعب، يوهي القوي ويقوي الوهى، ويوهن العظم ويعظم الوهن، مر المذاق صعب لا يكاد يطاق، يضيق عنه النطاق، شديد على الإطلاق، لا جرم أنّ الله تعالى حث فيه على الصبر الجميل ووعد عليه بالأجر الجزيل، وبنى له في الجنة ذاك البناء الجليل. إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب، ولا حد ولا مقدار ثم (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) البقرة:( 216)، فقد يكون في هذا من أنواع التقوية للنفوس والأعداد وحملها على التصبر شيئ لا يمكن تحصيله بدون الابتلاء وهذا من علامات حب الله للعبد، (إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، يبتلى الرجل على حسب دينه)، ثم لما انشغل الناس بالسياحات والأسفار والألعاب والأفلام والمسلسلات والقنوات وأنواع الملذات والشهوات، فما بقي هناك مجال عند الكثيرين للتفكير في الآخرة، فيردهم الله إلى حقيقة الدنيا بهذا الابتلاء.
ويشاء الله أن تنقل القنوات والأخبار والموجات والصحف كل هذا ليشترك الجميع في رؤية المصيبة والإطلاع عليها بل إن بعض من في الخارج يرى توالي المصائب وتنوعها أكثر من الذين في الداخل. لأن بعض الذين في غزة ليس عندهم أجهزة تعمل؛ لأنه ليس عندهم كهرباء. وإذا حدث قصف مات الذي مات وجرح الذي جرح، فيرون ما في محيطهم فقط، والذين يتابعون الإعلام والقنوات، أو الكاميرات التي تنقل من داخل المستشفيات وتأتي للعالم بأخبار القتل الحاصل في البلد كلها، لأن فالجثث تنقل هنا، والجرحى هنا، والمصابون هناك.، إذاً فبعض من هو في الخارج يعرف من الأخبار - ومن توالي المصائب وتعددها وتنوعها- أكثر من الذين في الداخل.
هذه الحرب القائمة الآن - أيها الإخوة- من اليهود على المسلمين في فلسطين، فيها مستجدات من عدة جوانب:
1- : وجدت في عصر الإعلام والنقلة من حَدَثُ إلى يَحْدثُ. كانت وسائل الإعلام في القديم تقول: حدث كذا وكذا، والآن وسائل الإعلام تقول: يحدث كذا وكذا!
الآن تُغير الطائرات!... ترون انفجار ضخم في المكان الفلاني! الآن سحابة دخان في المكان الفلاني! الآن كذا! الآن عربات الإسعاف تنقل المصابين والقتلى إلى المستشفيات!، الآن الآن...
فالناس نتيجة تطور الإعلامي التقني هذا يتابعون الحدث وهم يعيشونه، وفي الزمان كان يأتينا الخبر بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة فنقول المصيبة حدثت ودفن الذي دفن وانتهى. وعرفنا أنه صارت المصيبة الفلانية.
أما الآن فأننا نعيش الحدث وهو يحدث، وهذا وقعه على النفس غير سابقه، فأنت تعيش الآن معهم. ولذلك البعض أحياناً - من جراء آلام المصيبة التي شاهدها- لا ينام الليل. فلقد بات كثير من الإخوة والأخوات في ليلة الاجتياح البري يدعون إلى الله في الثلث الأخير من الليل لإخوانهم المرابطين على الثغور؛ وفي أفواه السكك والطرقات التي يمكن أن يدخل منها اليهود.
إذاً نحن نعيش المعركة وهي تحدث الآن، ونتابع أخبارها أولاً بأول ونعرف بعض تفاصيلها أكثر مما يعرفه بعض من يوجد في قلبها.
2- : ومن المستجدات والعلامات الفارقة أنّ هذه أول حرب لأهل الإسلام - أهل السنة- مع اليهود. من جهة أنه لم يكن فيها جيش نظامي، ولم تدخل فيها دول حتى الآن، وليست قضية حرب عباد القبور والأضرحة والمشركين. حرب المسلمين مع اليهود هذه، لأول مرة تخاض منذ زمن بعيد. ولها ميزات وعلامات وأوضاع خاصة.
3- وكذلك الذي نراه من وقع الخبر أو الحرب على الناس اختلف عن الحروب الأخرى التي سبقت، فالآن تفاعل الناس أكثر، وتفاعل المسلمين أكثر، بل يوجد تفاعل حتى من غير المسلمين في العالم، لأنه يبقى هناك شيء من سلامة الفطرة عند بعض هؤلاء. أي نفس في العالم مجبولة على كره الظلم. فلما يرى العالم الأطفال يقتلون، ولما يرون المدنين يقصفون، وبيوت تهدم، مدارس ومساجد ودور عبادة، يرونه ظلماً على مرأى ومسمع من العالم.
4- الواقع اليوم يختلف لذلك جاءتنا مستجدات لم تكن موجودة، وحصلت أوضاع لم تكن موجودة، وهذا التغير قد يؤذن بتغيرات أخرى قادمة. أزمة عالمية، ومواجهة ضخمة مع اليهود – كهذه - ولأول مرة من قبل المسلمين - أهل السنة - وبهذه الطريقة وبهذا التفاعل. قد ينشء أوضاعاً أخرى قادمة..
ولذلك فإن الله عز وجل من سنته أنه لا يديم الأوضاع كما هي، بل هو عز وجل يغير، يرفع قوماً ويضع آخرين، ويمرض ويشفي، يحيي ويميت، يهدي ويضل - سبحانه وتعالى-، يعز ويذل, يفقر ويغني، كل يوم هو في شأن، لا تدوم الدنيا على حالة واحدة.
5- يشتكي كثير من الدعاة وكثير من المصلحين أن الجيل -الآن- في تخدير، ألهتهم الرياضة والأغاني, والأفلام، والعلاقات المحرمة الشهوانية، والشبهات، والأسفار إلى بلاد الكفار، لوثت أدمغتهم ونفوسهم، وأن الجيل فيه وفيه. ولذلك غسلة تأتي، هزة تحدث، نفضه تقع، صدمة تنزل، حدث ضخم، هذا كله كفيل بهز النفوس. لذلك تهتز نفوس لدرجة أن القضية صار لها تأثير حتى في أوساط ليست من أوساط المساجد والمنابر والدعوة والدين والعلم. فيقال مثلاً: إلغاء احتفالات رأس السنة الميلادية المزمع إقامتها في مكان كذا، إلغاء حفلة افتتاح كذا، إلغاء مهرجان الأغنية... لماذا؟! لأن العاصي يستحي.
و أحياناً قد لا تكون المسألة معصية، كالذين كانوا يريدون إقامة عرس وفرح، وفاجأهم موت قريب فأجلوا العرس.
لكن البعض يخجل من نفسه أو يستحي، كيف يقيم حفلة ماجنة وأناس يقصفون ويقتلون، والبعض الأخر لا يستحي، بل ويكمل مجونه وكأن شيئا لم يكن.
6- توضيح طبائع وحقائق ومعادن الناس، في هذه الأحداث، لا شك أنه من المقاصد الإلهية العظيمة. الأمة اليوم بحاجة إلى حراك، هناك بعض الناس نائمون ولا يستيقظون إلا بالمناشدات والضغوط، والمآسي، والحروب، والقصف، والمناظر المؤلمة، وأصوات الدعاء، واله،م والغم الذي يصيبهم نتيجة رؤية حال أخوانهم، بعض النفوس لا تستيقظ إلا بمناظر القتل والجراح والتدمير والتخريب والمجاعة، فأناس لا حصل عندهم استيقاظ إلا من هذا النوع.
أما أهل العافية يتذكرون العافية التي هم فيها، يقول أحدهم الحمد لله أنا أنام آمن وعندي طعامي وعندي شرابي وعندي أولادي يلعبون أمامي، وعند ذلك يرى نفسه في عافية، ويرى الصحة، ويرى النعمة التي ما كان يراها من قبل بهذه الكيفية وهذه الدرجة.
7- اليهود هم اليهود، بعض الناس يقول: لا، يهود اليوم غير يهود الأمس، لا تحمل يهود اليوم تبعات يهود الأمس، لاتضع يهود موسى ويهود محمد صلى الله عليه وسلم في عهده في مرتبة يهود اليوم، يهود اليوم يختلفون! أين يختلفون؟ أشد الناس عداوة للذين آمنوا.. هي هي. الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، هم هم... حاخامات اليوم يكذبون على الله، ويحرفون الكلم عن مواضعه، الله قال عن اليهود: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا) المائدة: (64)، وهم يسعون في الأرض فسادا. وقد والله رأيناهم يسعون في الأرض فساداً. الذين يسارعون في الإثم والعدوان هم هم.. وهم من قبل يسارعون في الإثم والعدوان والآن يسارعون في الإثم والعدوان، (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) آل عمران:21)؛ نزار ريّان ورفاقه، وأي إنسان يأمر بالقسط من الناس. قال الله: (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ). إذاً هم هم (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) البقرة:100). (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا) المائدة:64). وهذا الدليل على أن لا حرب يشنها اليهود إلا وتنطفئ
ولابد. ما تستمر. ثم هم لا يتحملون الحروب المستمرة، ولا يتحملون الحروب الطويلة.
ولا يتناهون عن منكر فعلوه:
ولذلك لما عاقبهم الله عز وجل ما عاقبهم عقاباً محدداً بفترة زمنية معينة، لا... الله عاقب اليهود عقوبات إلى قيام الساعة قال: (لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ) البقرة:88)، (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) المائدة:13)، (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) البقرة:61)، (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) المائدة:64)، هذه هي الأمة الغضبية هذه الأمة التي قال الله عنها: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الأعراف:167). إذاًَ هذه هي نفسها، قال ابن القيم رحمه الله: (الأمة الغضبية هم اليهود أهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة الأنبياء وأكلة السحت (وهو الربى)، والرشى ( الرشاوي ) أخبث الأمم طوية، وأرداهم سجية، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة عادتهم البغضاء وديدنهم العداوة والشحناء بيت السحر والكذب والحيل لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا لمن وافقهم حق ولا شفقة ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة).
حتى عرب ثمانية وأربعين يقول اليهود _ الآن _ عنهم نريد فلسطين خالصة لنا، وحتى يهود ثمانية أربعين لا بد أن نخرجهم من بيننا، صرحوا بهذا. قال ابن القيم: (ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة بل أخبثهم أعقلهم وأحذقهم أغشهم وسليم الناصية _(قال ابن القيم)_ وحاشاه أن يوجد بينهم ليس بيهودي على الحقيقة أضيق الخلق صدورا وأظلمهم بيوتا وأنتنهم أفنية وأوحشهم سجية تحيتهم لعنة ولقاؤهم طيره شعارهم الغضب ودثارهم المقت).
وهذه الحقائق عن اليهود واضحة حتى في تصريحاتهم. يقول مناحم بيجين: الفلسطينيون مجرد صراصير يجب سحقها. قال الله تعالى: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) آل عمران:118). فانظر إلى تصريحاتهم اليوم، أولمرت وليفني وباراك وليتنياهو وغيرهم. وهذا الكره عظيم ومتأصل فيهم. وهو ما جعل حتى غير المسلمين يكرهونهم.
8- ومن نتائج هذه الحرب التي يشنها اليهود اليوم كراهية أمم الأرض لهم: أناس في بريطانيا، وفي فرنسا، وفي النمسا، وفي ألمانيا، وفي ليتوانيا، وفي اسبانيا، وفي البرتغال. والقضية ليست بنت اليوم، فالنصارى – أصلاً- يكرهونهم، لأنهم يعتقدون أنهم قتلوا المسيح. ويقول رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية "روجيه كيركرمان": "كان من المفترض أن يكون عددنا اليوم خمسمائة مليون؛ ولكننا اليوم ثلاثة عشر مليونا". عدد اليهود في العالم كله ثلاثة عشر مليوناً لا غير. لأنهم مكروهين منبوذين، فكانوا في بعض البلدان يؤخذون من البلد بعد ما تفوح رائحتهم، و يرى الناس الضيق من المعاملات الربوية والانهيارات التي يسببها لهم اليهود. وربما يوم ما نكتشف أيضاً أن وراء الأزمة المالية عبث وتلاعب يهودي ضخم. حتى قيل أن بعض البنوك التي انهارت قبل انهيارها بمدية يسيرة سُحبت أربعة تريليون رصيد لدولة اليهود. لذلك كانوا يؤخذون من داخل البلد ويلقون خارج الحدود، يلقون منبوذين خارج الحدود.
ولذلك كانت قصتهم مع هتلر - وهو واحد من الذين سلطهم الله على اليهود فقتل منهم من قتل- قال: (أبقيت بعضهم ليعلم العالم لما كنت أتخلص منهم).
احترام اليهود لدينهم:
وهؤلاء اليهود لا يحترمون حتى دينهم، (وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) النساء:154) (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) البقرة:65). على صيد الحيتان، والآن اعتدوا في السبت.
ولما حاصر النبي عليه الصلاة السلام - وحتى تعرف أن يهود اليوم أسوا من يهود الأمس أيضاً- يهود بني قريظة خمسة وعشرين ليلة وجهدهم الحصار قال لهم زعيمهم كعب بن أسد: "إن الليلة ليلة السبت وعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا" ( أي ننزل ليلة السبت على المسلمين دفعة واحدة مرة واحدة ) قال: "لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرّة ". لأن المسلمين سيظنون أننا في يوم السبت في إجازة وعطلة ما يجوز أن نعمل فيها. -وعندهم العمل في السبت ممنوع. لا قتال ولا غير قتال-.
فماذا قال بنو قريظة لزعيمهم؟:
"نفسد سبتنا علينا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت" (يعني الذين مسخهم الله القردة والخنازير اعتدوا في السبت فمسخوا فصار عند بقية اليهود اتعاظ لأن هؤلاء قومهم قد مسخوا ) "فأصابهم ما لم يخفى عليك من المسخ")
لكن يهود اليوم عملوا المجزرة يوم السبت واستمروا في المجازر للسبت الذي بعده والسبت الذي بعده قادم! فأيهما أسوا يهود اليوم أو يهود الأمس؟!.
الأحداث هذه تجلي أيها الأخوة طبيعة الشخصية اليهودية، وعندما يرى المرؤ التطابق بين الواقع والقرآن يزيد عنده الإيمان، يقول الله: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ) الحشر:14) المستوطنات، (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) سواء كانت هذه الجدران التي نصبوها، أو هذه الدبابات المحصنة، أو هذه المركافا والعربات. أما القتال وجهاً لوجه فلا يقدرون عليه، إذا كان أمامهم من يقاتل لا يقدرون عليه، (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ) الفتح22)، فلو كانت هناك مواجهة فلابد أن يفر اليهودي، وقد نقلت العدسات صورة يهودي عسكري يفر من حجر طفل كان يعدو وراءه.
خوف اليهود وهلعهم:
قضية الهلع الموجود عند اليهود أظهرتها جيداً هذه المواسير المملؤة بالبارود التي يطلقها الفلسطينيون، الصواريخ، وماذا تعمل بالنسبة لأسلحة اليهود ؟ شيئ يسير جداً! ومع ذلك تقول الأخبار ( أخبار اليهود ) فرار عشرات آلاف من عسقلان بعد هذه الصواريخ التي أطلقها بعض مسلمي فلسطين.
إذاً الهلع والرعب الذي دب فيهم. بل ويقولون أنّ الإصابات نتيجة قصف الصواريخ. والقناة العاشرة اليهودية قالت: بلغت الإصابات في اليهود ستمائة إصابة، نتيجة القصف من بينهم قتلى، وجرحى جراح بعضهم خطيرة ونقلت صورهم وهم ينقلون بالكراسي إلى المستشفيات والارتجاف حاصل فيهم، كذلك صورة وزير التجارة اليهودي؛ - رئيس حزب شاس - عندما كان يتكلم في تصريح إعلامي، فجاءت مقذوفة قريب منه، فسارع بقطع تصريحه والاختباء كالفأر المذعور عند إطار سيارة،هذه طبيعتهم.
بينما في تعليق الفلسطينيين على يصيبهم حيث يقوم الواحد منهم وتكلم تجد عندهم عزة وقوة وصبر على الرغم من الذي يلقى فوق رؤوسهم. وما يجدون من دوي الانفجارات الهائلة التي من الممكن تصيبهم بالصمم أو أن يموتوا بالضغط، والقنابل الارتجاجيه والقنابل العنقودية وقنابل الشظايا وكل الأنواع المحرمة ـ ومع أنه يكفي جثة الطفل مسمار واحد فقط، يخترقها من جهة القلب، فيكفيه واحد فقط،
فإذاً قضية الرعب والهلع الموجود عند اليهود أساسية، ما يلقى عليهم من هذه الأشياء له أثر كبير فيهم، وفي ااستطلاع للرأي العام أجري في مغتصبة سديروت، تبين منه أن 66 % من سكانها يرغبون في المغادرة فوراً، نتيجة صواريخ المقاومة التي تقذف من غزة.
ليش ؟ قال الله تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) البقرة:96)، فلم يجتمعوا من أرجاء الأرض ليأتوا إلى فلسطين فيموتوا، وهم يقولون هذا: نحنا ما تركنا روسيا وأوروبا الشرقية وو.. إلى آخره، لنأتي لنموت في فلسطين من هذه الأشياء التي تقذف علينا، ولذلك صارت الهجرة عكسية، وصار التغير الديموغرافي والتكاثر الفلسطيني على حساب النقصان البشري في المجتمع اليهود.
جبناء:
الإقبال على شراء واستعمال المهدئات النفسية في المنطقة الممتدة من أشدود شمالاً حتى بئر السبع جنوباً في تزايد ملحوظ، وهذا الوضع الذي حصل يبين أنهم قوم جبناء.
أفاكون مشتتون، قلوبهم شتّى:
الخلاف الذي بينهم الآن في مجلس الحرب المصغر، لما اختلف أولمرت وليفني مع باراك، هذا يقول ندخل وهذا يقول لا ندخل، يبين أنه يوجد بينهم اختلافات، ومن افكهم أن اختلافهم هذا على أيش ؟ على كسب الانتخابات، فهذا يحسبها من جهة أنه إذا دخل وحدثت خسائر بشرية كبيرة في الجيش اليهودي سيخسر هو الانتخابات لأنه سيتهم بالفشل الذريع في عملية الاقتحام، ولذلك يقول: يكفي فقد لقناهم درساً.
وذاك يقول: لا ما نجحت العملية ولو رجعنا الآن فهذا يعني أن الحملة فشلت وأنهم سيقوون، وأنهم وأنهم.
ويقولون في حساباتهم أن هؤلاء الفلسطينيين عملوا كل هذا الأمر، في سنة وثمانية أشهر، عندما سيطروا على القطاع، فكيف لو خليناهم؟! لذا فهم الآن بين أمرين، أحلاهم مر بالنسبة لهم، إذا تركوا الفلسطينيين في هذه البقعة فمعنى ذلك أنهم سيقوون وستكون هذه البقعة نقطة تحرير فلسطين القادمة, فإذا صارت فيها من هذه الأستعدادات، على قصر المدة وقلة الإمكانات والحصار، فكيف لو تركناهم، ولذلك بأسهم بينهم الآن شديد، قال الله تعالى: (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) الحشر: 14)
ولابد نعرف -أيها الأخوة- ونوقن ونؤمن أن اليهود الآن وعلى ما هم عليه من على القوة بينهم اختلافات، وبينهم عداوات، وبينهم فرقة، لأن الله قال (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا) في الظاهر وفي الإعلام، (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) في الحقيقة. ولذلك الجرائد اليهودية نفسها تكتب عن كلمة مهمة جداً (تخبط القيادة الإسرائيلية )، كلمة تخبط هذه مهمة جداً؛ توضح خلافات في الرأي موجودة.
ولذلك يلوم بعضهم بعضاً - بعد مدة - عندما يحدث انسحاب أويحدث حدث، يلوم بعضهم بعضاً ويسب بعضهم بعضاً، وينتقد بعضهم بعضاً، وكل واحد يحمّل المسؤولية الآخر. ويدعون إلى عقد لجان للتحقيق، واستقالة وإقالة واستدعاء بعضهم. وهذه هي حقيقتهم.
هذه المسألة تحتاج منا إلى صبر، فهل نحنا مستعدون أن نصبر ؟ لقد أثبتت الأحداث أنهم لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا، وأن موالاة الكفار لا تأتينا إلا بالخسارة وأنه لا يمكن لهؤلاء أن يهدءوا حتى يردوننا عن ديننا.
ومما كشفته الأحداث بقية الممالئين لليهود، كيف سقطت حججهم. أين الشعارات البراقة؟! أين حقوق الإنسان؟! أين الشرعية الدولية؟! أين مجلس الخوف بقراراته الهزيلة؟! أين النظام العالمي الجديد والقديم والمتوسط والحديث والمحدّث وآخر طبعة؟! أين الديمقراطية؟! أين وأين؟
كشفت هذه القضية أشياء مهمة حتى للكفار أنفسهم، بيان رسمي فيه نعي قطة بنتي الرئيس القطة السوداء التي رحلت عن عمر يناهز الثمانية عشر عاماً بعد إقامتها وأن العائلة تشعر بحزن عميق لرحيل انديا، وهذا الآن يصدر وقت القتل، الذي يقول فيه اليهود اقتلوا، وهأنتم تحاربون الإرهاب، ولا بأس عليكم، ولا تساءلوا اليهود بقصف المدرسة، كأن هناك طرف آخر قصفها, ومن كوكب آخر جاء القصف. وهكذا انكشفت قضية الديمقراطيات والحلول الغربية، ويقال اليوم:
قد حَصحَصَ الحقُّ لا سِلمٌ ولا كَلِــمٌ مـع اليهود وقد أبـدت عواديهــا
قد حصحص الحق لا قولٌ ولا عمـلٌ ولا مواثيقَ صدقٍ عندَ داعيهــــا
أين الـسلام الذي نـادت محالفكـم؟ أين الشعاراتُ يا من باتَ يطرِيهــا؟
تآمــرٌ ليـس تخـفانا غوائـلُــهُ وفتنــةٌ نتوارى من أفاعيــــها
في صمت وموافقة ومواطئة ظهر اليهود ويهود العرب ومن والاهم من العالم ويبقى معادن أهل الإسلام، (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) آل عمران:166،167) هؤلاء الذين قالوا لإخوانهم لو أطاعونا ما قتلوا. قال الحسن رحمه الله: (الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل فيهم البلاء صاروا إلى حقائقهم فصار المؤمن على إيمانه وصار المنافق على نفاقه ). فمن أعظم الدروس كشف المنافقين المندسين بيننا، وظهور المؤمنين الذين يظاهرون الله ورسوله وأهل الإيمان، وظهر المنافقون الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر. اجمع التصريحات، والمقالات، وحلل السطور، سترى فضحاً من الله عجيباً، (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) آل عمران:179).
لا بد من التمييز، فظهر هؤلاء الذين يدعون الليبرالية، وهم أهل النفاق، ويتبجحون بمبادئ الإنسانية، فأين مبادئهم الآن، وتراهم الآن يقعون في المسلمين ويتهمونهم، يلومون الضحية ويبررون جرائم الجزار، هؤلاء اليوم يقولون: إن اليهود يقاتلون الإرهاب، هؤلاء يسمون المقاومة حماقة، هؤلاء يستهزئون بصواريخ أهل الإسلام ويسمونها كرتونية، هؤلاء يبررون لليهود جرائمهم البشعة، وهؤلاء يقولون دعوا اليهود يفنون الإرهابيين عن بكرة أبيهم، وهؤلاء الذين يخذلون عن الإنفاق، ويقول بعضهم إذا تبرعنا فسنلقى المزيد من الشتائم. هؤلاء الآن يظهرون ويحصحص أمرهم. يقول أحدهم لما سئل لماذا تقول أنت الهجوم الإسرائيلي بدل من الاعتداء الإسرائيلي، يقول لازم الخبر يكون محايد!
وعندما تحدث أحداث أخرى في العالم يقول اعتداءات كذا، واعتداءات كذا، ولما يأتي على ذكر من قتل من المسلمين يقول فيمن تراق دماؤهم: هؤلاء قتلى وصرعى. ليش ما ترجوا لهم الشهادة عند الله، نسأل الله لهم الشهادة، يقول: أنا لا أمنح الناس الشهادة هذا حق ربّاني، ولما يأتي على فنانة ماتت يقول الشهيدة الفلانة.
خرج بعض المنافقين المندسين من المسلمين يقولون نحنا نقف على الحياد. وقد قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة:119). فما قال كونوا على حياد !. وتجد أيضاً أن بعدهم خصوصاً من المشتغلين بأنواع البث المصور والمسموع والمرئي والمكتوب، بأيش انشغاله؟!، بغابات الأمازون والأفلام والمباريات، ولا كأن هناك مذابح في غزة، ولا كأن هناك جرائم، أيضاً
تهويل قوة اليهود وتهوين عزائم المسلمين، ويصورون ما عند أهل الإسلام العاباً نارية. هؤلاء مرجفون.
وأظهرت الأحداث أيضاً المتاجرين بدماء المسلمين، من طلاب الشهرة والمكاسب الدنيوية والهالات الإعلامية وتصفية الحسابات، المتلبسون بالبدع والشرك من المنتسبين إلى هذه الأمة وأهل القبلة، يجعجعون بنصرة القضية الفلسطينية ولا يطلقون رصاصة واحدة فكشف الله حقيقتهم. ومن المهم أن يعرف المسلمون حقيقة هؤلاء. ثم نجد تكالب الأعداء، وتآمر الأعداء، ولذلك فإن هؤلاء يبقوا أعداء جميعاً.
لقد تكشفت الأحداث عن معادن جميلة ونفيسة جداً عند المسلمين، من طلاب ومحبي الجنة والشهادة في سبيل الله، ونصرة المسلمين، والصدقة والدعاء الحار من القلب، وكذلك ظهر مفهوم الجسد الواحد ولو جاز لنا أن نشكر اليهود على شيء، لشكرناهم أن عملهم هذا قد ساعد في توحيد المسلمين، فهذا التوحيد بين المسلمين المفقود، لأن بينهم تقاطع وبينهم من العوائق ما بينهم. فمن طنجة إلى جاكرتا وحتى الأقليات في الخارج يآزرون المسلمين في فسلطين.
هذا الاجتماع على نصرة الدين لا مثله يوجد عند اليهود، اليهود كلهم في العالم ثلاثة عشر مليوناً، ولو تناصروا فيما بينهم، ما بلغوا ولا سكان عاصمة عربية كبيرة، ولذلك من المرعب جداً لليهود أن يروا تناصر المسلمين فيما بينهم، فمن أسباب الاختلاف في الرأي عندهم؛ أنه يقولون: كلما طالت الحرب؛ وطال تأليب الناس علينا في العالم، فماذا سنفعل؟ كيف سنحل المشكلة ؟
وعند بعضهم وقاحة ومراهنات يقول: المسلمون سينسون، مثلما نسوا التي قبلها: تل الزعتر ودير ياسين، وصبرا وشاتيلا وغيرها. سينسون هذه. مثل بيت حانون! وسبق أن عملنا مجازر!!
لكن هذه المجزرة يبقى - كما قلنا أيها الأخوة- فيها دلالات خاصة، فهي تنقل على مرأى ومسمع، ويتفاعل معها من المسلمين ما لم يتفاعلوا في مذابح أخرى، وتأتي على حين ظروف معينة عالمية، وعلى مستوى بلاد المسلمين، لذلك يكون لها وقع خاص في النفوس. لتظهر أن الخير في المسلمين كثير وأن هنالك إباء وإصراراً وصموداً وتحدياً، وواضحاً جداً في المقابلات مع المسلمين في غزة لو أخذت تصريحات هؤلاء وكلماتهم لوجدت فيها من القوة والإصرار والتحدي لليهود العجب، ولذلك اليهود لما دخلوا المواقع المفتوحة، ترددوا كثيراً في دخول المناطق المأهولة، والمدن، والشوارع، ترددوا كثيراً، ماذا سيفعلون ؟ كم من الإصابات ستحصل ؟ ما هي النتيجة ؟ هل سيستطيعون الاستمرار ؟ لو احتلوا؟
أليس قد قالوا: لعنة غزة تطاردنا وانسحبوا من غزة لأنهم لم يتحملوا ما حصل لهم في غزة سابقاً؟ فالآن الوضع أشد لأن المسلمين استعدوا لهم في غزة أكثر من المرة الماضية، ففي المرة الماضية كانت ثورة حجارة، الآن الحجارة صارت أشياء أخرى، ما هي النتيجة عليهم، بغض النظر عن ما ستحمله الأيام القادمة من الأحداث أو المفاجآت، هل سيدخلون أو لا يدخلون؟ وإذا دخلوا إلى أي شيء ستتطور الأمور؟
لكننا نقول لما كانوا في الغزو الأول واضطروا إلى الانسحاب كان أهون عليهم، أما الآن فالوضع أشد، ولو احتلوها فهل سيتحملون البقاء فيها، وماذا سيحدث لهم مع وجود الطبيعة الإسلامية القوية الصامدة المجاهدة التي تصر على التضحية.
لقد ظهر بجلاء أن قضية فلسطين قضية إسلامية عالمية، وأن الناس في تركيا والمغرب واندونيسيا كلهم متفاعلون، إلا أهل النفاق ومن شايعهم الذين يقولون هؤلاء المسلمون هم سبب الورطة، وهذا لو كان فعلاً عند بعض المسلمين تقصير في التخطيط والتنفيذ إلى آخره؟! فهل هذا هو وقت لومهم والعدو فوقهم ؟ لكن هذا فعل المنافقين!
والذي يحصل اليوم من قيام المسلمين بالاتحاد والمشاعر التي يؤجر عليها المسلم؛ يألم المسلم لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس، ولذلك شعورنا هذا نؤجر عليه، كذلك من الضروري أن يكون هناك تفاؤل، وأن مع العسر يسرا، وأن الله يحدث بعد العسر ميسرة، وعلى الرغم مما يقولون الناس: الضحايا زادوا عن 600 إلى 700 إلى 1000. والجرحى بلغوا إلى 4000 و 5000، ونصف القتلى من الأطفال والنساء، هذه الشدة يا أخوان لابد أن يأتي وراءها فرج، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا( ) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) الشرح:5،6) ولذلك اشتد الحصار على النبي صلى الله عليه وسلم في الأحزاب من كان مع قريش؟ زعماء العرب.
ففكرة الحصار قد صارت في مكة في شعب أبي طالب، وصارت في المدينة في الخندق، فليس حصار غزة أول حصار في التاريخ الإسلامي، فقد كان حصار المسلمين في شعب أبي طالب، وتجويعهم حتى سمع الكفار صراخ أطفال ونساء المسلمين في الشعب. حتى استيقظت فطرة بعض المشركين وذهبوا لإتلاف الصحيفة، فحصارت قريش المسلمين ولم يرقوا لهم حتى لو يموتون من الجوع! ومع ذلك لما اشتد الحصار جاء الفرج.
وكذلك الحملات الصليبية الآن أكثر من عشر حملات، ومع ذلك كل ما اشتد القتل جاء الفرج (إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ( ) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا) الأحزاب:10-11). والعجيب أن البشارة بسواري كسرى وفتح فارس والروم والشام والعراق واليمن، حصلت في قمة الحصار.
وعندنا من الله وعد، وقال الله لليهود: (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) الإسراء:8). وقد عادوا إلى الإفساد فنحن ننتظر الآن أن يعود الله عليهم بالتسليط (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا). وإذا كان الله تعالى قد سلط عليهم من قبل الكفار كبختنصر، والمسلمين كالنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، فأخرجوهم من بني قريظة وبني النضير، وخيبر وبني قنيقاع، وأخرجوهم من جزيرة العرب كلها. فسلط الله على اليهود الكفار والمسلمين، فمثلما سلط الله عليهم بختنصر سلط الله عليهم هتلر، ومثلما سلط عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيسلط أيضاً عليهم من المسلمين من يذيقهم سوء العذاب. وهذا سيحصل قطعاً.
ثم وظيفة المسلم أن يحس أن المؤمن للمؤمن كالبنيان (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) الأنفال:72)، وأن القضية الآن، لا بد من القيام بما يمكن القيام به سواء في جميع القطاعات والنصرة الإعلامية، وحتى ما يحدث من معارك على الشبكة الإنترنت، وحتى ما يكون أيضاً من الضغوط على أعداء الله خارجياً في كل الأماكن، وهذا مما له أثر كبيرعليهم، ولا نظن أن اليهود غير آبهين للاحتجاجات عليهم في أنحاء العالم، وكذلك هم بدون تأييد عالمي لا يستطيعون العمل، وإذا كان بعض الناس في العالم سخط عليهم حتى مع الكفار، هذه المسألة يحسبون لها حسابات ولا شك.
وقضية الدعاء، الدعاء هذا أعظم سلاح.
أَتَهزَأُ بِالدُعاءِ وَتَزدَريهِ وَما تَدري بِما صَنَعَ الدُّعاءُ
وماذا حصل لطالوت لما واجه جالوت ؟ (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة:250)، وماذا فعل موسى مع بني إسرائيل لما واجه فرعون، دعا عليهم، (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ) يونس88).
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم عليك بقريش. "اجعلها عليهم سنين كسني يوسف". لما صف قتيبة بن مسلم المسلمين في مقابل أعدائه وراعه عدد الكفار، فسأل عن محمد بن واسع، قالوا هو في الميمنة جامع على قوسه يشير بأصبعه إلى السماء يدعو. قال تلك الأصبع أحب إلي من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير. أولياء الله دعائهم مستجاب!
"هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم، فسرها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم"، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء.
وهذا الدعم المعنوي الذي يلقاه المسلمين اليوم في غزة. - يلقون دعماً معنوياً من أخوانهم المسلمين من أنحاء العالم-، يرون ذلك، مناصرة إعلامية، واتصالات هؤلاء الذين يتصلون على أرقام المسلمين عشوائياً حتى في غزة، وقع هذا عليهم كبير.
على أن المناصرة الإعلامية يجب أن يكون فيها مراعاة للضوابط الشرعية خصوصاً لما تكلمنا عن موضوع الكاميرات التي تغطي الأحداث، فمن الضوابط: يجب على مصوري القنوات الفضائية الذين يجاهدون بكمراتهم أولاً:
عدم نشر صور النساء، خصوصا ً أنها تخرج الآن في قصف وخرجت من بيتها دون حجاب. فتصويرها حرام.
ثانيا: عدم تصوير العورات لأنه أحياناً في المستشفى يكشف عن الفخذين ويكشف على جزء من العورة سواء كان من المخففة أو المغلظة. هذا تصوير حرام.
ثالثاً: لا يجوز نشر الانتهاكات والاغتصابات.
رابعاً: من حرمة المسلم عدم نشر أشلاءه، لأن يجب أن تغطي، والعين يجب أن تغمض والوجه يجب أن يستر، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بتغطية الميت، فمصعب بن عمير وهو شهيد ما وجدوا شيئاً يغطونه به كاملاً إلا بردة، أن غطي بها رأسه بدت رجلاه، وأن غطي بها رجلاه بدا رأسه، فأمرهم بتغطية الرأس وأن يجعلوا على رجليه شيئاً من الإدخر، إذاً ماذا يفعل بالشهداء ؟ يغطون تغطية.
خامساً: قضية اطلاع الذي نفسه ضعيفة على الصور عن عروة قال: أخبرني أبي الزبير رضي الله عنه أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت تشرف على القتلى فكرهّ النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال"المرأة المرأة". يعني أدرك المرأة قبل أن ترى الجثث. قال الزبير رضي الله عنه، فتوسمت أنها أمي صفية فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى) وأمرها الرسول بالعودة. [الحدث رواه أحمد وصححه الألباني].
إذاً الذي لا يطيق رؤية هذه الصور لا ينظر إليها وخصوصاً النساء، لأن الصور أو الأشلاء لا شك أنها تسبب جروحاً عنيفة في النفس وتطير النوم، وأناس لا ينامون، وثمت أناس كفوا عن رؤية الأخبار، لأن كثيراً من الناس قطعاً لا يطيق النظر إلى الصور، ولذلك هذه الصورة لا يمكّن من النظر إليها من لا يقوى على النظر إليها.
سادساً: يتجنب تعليق الصور الثابتة. لأن صورة الكاميرات المتحركة التي أجازها بعض العلماء المعاصرين التي تنقل الأحداث فيها توعية للناس وفيها استنهاض الهمم وفيها تحريك العالم وإقناع العالم حتى الكفار بالمآسي، تعرض الصور على من يحرك ضد اليهود، ففيها فوائد، هذه الصورة الإعلامية.
أيها الأخوة يجب أن لا تفت في عضدنا هذه الفظائع، وهذه الصور، الجرحى، والحروق التي في الأجساد، وصور الشظايا، و أخراج حالات من المستشفيات؛ لأن المستشفيات ما عادت تتحمل فيأتون بالحالات الحرجة ويخرجون الحالات الأخرى تحت العلاج، قصف المسعفين، وطواقم الإسعاف، وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، والنساء يلدن في البيوت، والمستشفى مليء، وسائل توليد بدائية، استخدام قمح المواشي بطاريات السيارات نفذت لأنها استعملت في الإضاءة، لأن البنزين الذي يشغل السيارة ويشحن البطارية نفذ الكثير منه، وقطع الكهرباء أثناء العمليات الجراحية حاصل، وإجراء العمليات دون تخدير، عدم وجود ضمادات لتربيط الجرحى فيشقون الستائر التي على النوافذ لأجل تضميد الجرحى، هذا كله والأوصاف المؤلمة الأخرى ونقل المشاهد يجب أن لا يفت في عضدنا.
إذا كان دم الشهيد يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك، وإذا كانت الأشلاء سيعيدها الله ويصلحها، ويبعثها الله من جديد؛ - فهند لما لاكت كبد حمزة عم النبي عليه الصلاة والسلام، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لو لا أن تجد صفية في نفسها لدعى الله أن يحشره من بطون الطيور والسباع بعد تأكل كل جزء منه. فلولا صفية أن تجد في نفسها لتركه بدون دفن حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع، فليست المشكلة إذا تقطع الجسد أشلاء.
ولست أبالي حين أقتل مسلم على أي شق كان الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلواً ممزع
فلو صارت أشلاء، فالله عز وجل على جمعهم إذا يشاء قدير (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) التغابن:9) فالأشلاء هذه كلها ستعود مرة أخرى، والمهم أن نوقن بأن الكفار مهما قوي كيدهم فإنه ضعيف، (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء:76). ولذلك فهو يُضعِف ويَضْعُف كيد أوليائه، قال: (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) الأنفال:18). فيجعل مكرهم محيط بهم.
ما واجبنا الآن؟:
الآن واجبنا هو التوبة من المعاصي والعودة إلى الله، وأن نعلم أن ما أصابنا من تسليط أعدائنا علينا ما كان إلا بذنوب. وأن الله يعالج الأمة بتسليط أعدائها عليها –أحياناً- لتعود إليه، وأن تأخر النصر له أسباب:
الأمة ما نضجت بعد. ما غيرت ما بنفسها. يبطئ النصر لأن الرصيد غير كاف من الدين حتى يقوى. يبطئ النصر لأنه هناك اعتماداً على غير الله. فيجب أن يكون الاعتماد على الله. يبطئ النصر لتزداد الصلة بالله. يبطئ النصر لأن إعداد العدة فيه تقصير. يبطئ النصر أيضاً لأن الله سبحانه وتعالى يريد استخراج العبوديات من أوليائه، (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) آل عمران:139)، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) آل عمران:123)، فالقضية ما هي الآن قلة عدد ولا عتاد، ولو جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم، إذا كان الله معهم لا يضرهم من خذلهم، والله عز وجل يصطفي شهداء، والمرؤ يتعجب عندما يسمع عن بعض من قتلهم اليهود ماذا كان حالهم! وهذا نزار ريان رحمه الله رجل صاحب حديث ودروس السنة، والسنة واضحة في لحيته وسمته وهيئته، - وأنت إذا رأيت صاحب سنة تحبه في الله، وتتمنى أن يقتدي به الآخرون - هذا الرجل في دراسته للسنة في الصحاح وشرحه لمقدمة مسلم، وعكوفه على شرح صحيح مسلم، وعلى غيره، وله أبحاث كثيرة، حتى في القضايا المعاصرة كالاستنساخ. وهو درس في الجامعة الإسلامية، ومن شيوخه الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، قال عنه الشيخ: ولقد وجدت لمصابه وقعاً عظيماً في نفسي لا سيما مع قرب العهد بالحديث معه، يقول الشيخ: فما أقرب الآخرة من الدنيا، يعني أمس أكلمه بالهاتف اليوم يأتي خبر قتله فما أقرب الآخرة بالدنيا، قال الشيخ: نسأل الله أن يحيينا حياة طيبة وأن يثبنا على دينه وأن يكشف البلاء عن أهل غزة، وعن سائر المظلومين والمستضعفين من المسلمين.
نسأل الله أن يعز دينه وأن يرفع كلمته، وأن يخذل اليهود وأن يجعل الدائرة عليهم، وأن يحبط كيد المنافقين، وأن يجمع كلمة المسلمين على التقوى، ويرزقهم التمسك بالعروة الوثقى ونسأله أن يجعلنا ممن نصر بهم دينه، اللهم اجعلنا ممن تأذنت أن تبعثهم على اليهود يسومونهم سوء العذاب، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الأعراف:167)، فنسأل الله أن يجعل عذابهم على أيدينا، ونسأل الله سبحانه أن يلحقنا بالصالحين، وأن يدخلنا الجنة مع الأبرار وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رسالتي إلى أهل غزة : في هذا الرابط
http://www.al-oglaa.com/PlaySound.php?SoundID=11
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:35 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.