عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الفرق السلفية
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته... أما بعد عندي سؤال يتعلق بالفرق السلفية و هو أننا اليوم نرى ثلاث جماعات كلها تقول بأنها سلفية و هي ترمي بعضها بعضاً. فهذه تقول هذا قطبي و هذا سروري و هذا حزبي, و هذه تقول إن هؤلاء يسبون العلماء و يرمونهم و أنهم خونة و أنهم أسقطوا فريضة الجهاد, و أخرى ثالثة بين الإثنين يرفضون سب العلماء و الدعاة. المشكلة يا شيخنا الفاضل أن كل منهم تستدل بأدلة شرعية من آيات قرآنية و أحاديث شريفة و أقوال السلف. و كل منها تقول أن ما يفعلونه هو الصواب, فتسمع هذا يقول لا يجوز الكلام في العلماء و أن لحمهم مسموم, و هذا يقول إن الكلام في أهل البدع و الحزبيين خير من الصلاة و الذكر و الصيام, و هذا يقول أنه بكلامه عن بعض العلماء يحارب الخونة و يفضحهم. ما رأيكم بهذه الفتنة و ما النصيحة في هذه الحالة. جزاكم الله خيراً و بارك فيكم __________ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً أولاً : هذه فتنة طهّر الله منها ألسنتنا ، فلا ينبغي الخوض فيها ، ولا قضاء الأوقات فيها ، وفي تحديد المصيب والمخطئ ، لأن الاشتغال بها يُذهب بركة العلم ، ويُقسّي القلب . ثانياً : أعراض العلماء مسمومة ، وقد يكون العالِم معذوراً عند الله ، فإنه إذا اجتهد فأصاب فَلَه أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فَلَه أجر واحد . ثالثاً : طريقة ومنهج السلف بيان الخطأ دون التشنيع على قائله ، لأنه إذا كان حياً رُجي له الرجوع إلى الحق إذا كان مُخطئاً . كما أن طريقتهم أن العالِم لا يُتْبَع في زلّته ، ولا يُتابَع عليها . إلا إذا كثُـر خطؤه ، وتتابَع زلَلُـه ، فإنه يُبيّن الخطأ ، وهذه طريقة القرآن والسنة ، وطريقة سلف الأمة . قال الإمام الشاطبي : زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ، ولا الأخذ بها تقليدا له ، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ، ولذلك عُدّتْ زَلّـة ، وإلا فلو كانت معتدا بها لم يجعل لها هذه الرتبة ، ولا نُسِبَ إلى صاحبها الزلل فيها ، كما أنه لا ينبغي أن يُنسَب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يُشَنّع عليه بها ، ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتاً ، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدِّين . فإن المتأمل لكتاب الله يجد بيان الأخطاء والتحذير من الأقوال دون ذِكر قائليها في الأعمّ الأغلب . تأمل سورة التوبة تجد أنه تكرر فيها : (وَمِنْهُمْ) في غير ما آية . وفي الحديث النبوي تكرر أيضا : ما بال أقوام . وهذا هو منهج السلف . قال سعيد بن المسيب : ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب لا بُـدّ ، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه ؛ من كان فضله أكثر من نقصه وُهِب نقصه لفضله . وقال الإمام الشافعي : لا نعلم أحدا أُعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا ، ولا عصى الله فلم يَخلط بطاعة ، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدّل ، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرّح . اهـ . هذا كلام جميل من إمام جليل ، فَعُضّ عليه بالنواجذ . وقال الإمام وكيع : أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم . رواه الدارقطني ، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبد الرحمن بن مهدي . وكان الإمام أحمد رحمه الله يَعلم أشياء من البِدع عن بعض شيوخه ، ولم يَحمله ذلك على الطعن فيهم ، بل لم يتكلّم فيه إلا مُجرّد إشارة خفية حينما سُئل عن بعضهم . ومنهم : الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي ، وهو إمام من أئمة المسلمين ، وهو شيخ الإمام أحمد . قال فيه الإمام أحمد : ما رأيت أحدا أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع . قال الذهبي : كان أحمد يُعظم وكيعا ويُفخّمه . وقال ابن عمار : ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع ، وكان جهبذا . وهو إمام جبل من جبال العِلم . قال صالح بن أحمد : قلت لأبي : أيما أثبت عندك وكيع أو يزيد ؟ فقال : ما منهما بحمد الله إلا ثَبْت ، وما رأيت أوعى للعلم من وكيع ، ولا أشبه من أهل النسك منه ، ولم يختلط بالسلطان . وقد كان وكيع يشرب النبيذ ولما سُئل عن النبيذ : هو عندي أحل من ماء الفرات ! وهل كان الإمام أحمد يعلم هذا عن وكيع ؟ الجواب : نعم . وكان في وكيع تشيّع . ولذلك لما قيل للإمام أحمد رحمه الله : إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بقول مَنْ نأخذ ؟ فقال : نوافق عبد الرحمن أكثر و، خاصة في سفيان كان معنيا بحديثه ، وعبد الرحمن يَسلم منه السّلف ، ويجتنب شرب المسكر ، وكان لا يرى أن يزرع في أرض الفرات . قال الذهبي في سيرة وكيع : مرّ قول أحمد إن عبد الرحمن يَسْلَم منه السلف ، والظاهر أن وكيعاً فيه تشيع يسير لا يضرّ - إن شاء الله - فإنه كوفي في الجملة ! وقد صنف كتاب فضائل الصحابة سمعناه قَدَّم فيه باب مناقب عليّ على مناقب عثمان رضي الله عنهما . اهـ . ولما ذُكِر خلف البزار عند الإمام أحمد ، فقيل : يا أبا عبد الله إنه يشرب [ يعني النبيذ ] فقال : قد انتهى إلينا علم هذا عنه ، ولكن هو والله عندنا الثقة الأمين شَرِب أو لم يَشرب . ولما تكلّم الإمام وكيع بكلام فُهم منه غير ما أراد ، همّوا بقتلِه ، فهل تركه أئمة أهل السنة بحجة أنه ( لا يَسْلَم منه السلف ) ؟ لم يكن ذلك ، بل وقفوا معه ونصروه وذبّـوا عن عِرضه قال الإمام الذهبي : فلما حدث وكيع بهذا [ يعني الحديث ] بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلب وكيع ، ونصبوا خشبة لصلبه ، فجاء سفيان بن عيينة فقال لهم : الله الله ! هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه ، وهذا حديث معروف . قال سفيان : ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع . ثم قال الإمام الذهبي بعد ذلك : وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين ، وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة . اهـ . فرحم الله سلف هذه الأمـة ما أرحمهم بالخلق ، وما أشد إنصافهم لغيرهم . قال أبو حاتم الرازي : ذَكَرت لأحمد بن حنبل مَنْ شَرِب النبيذ من مُحَدِّثي الكوفة ، وسَمَّيتُ له عدداً منهم ، فقال : هذه زلاّت لهم ، ولا تسقط بزلاتهم عدالتهم . ومِن من شيوخ الإمام أحمد – كذلك – عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، ورحل إليه الإمام أحمد في اليمن ، وأخذ عنه وروى عنه أحاديث ، وعبد الرزاق فيه تشيّع أيضا . وفي تاريخ بغداد وتاريخ دمشق عن أبي زكريا غلام أحمد بن أبي خيثمة قال : كنت جالسا في مجلس الجامع بالرصافة مما يلي سويقة نصر عند بيت الزيت ، وكان أبو خيثمة يصلي صلاته هناك ، وكان يركع بين الظهر والعصر وأبو زكريا يحيى بن معين قد صلى الظهر وطرح نفسه بإزائه ، فجاءه رسول أحمد بن حنبل فأوجز صلاته وجلس فقال له : أخوك أبو عبد الله أحمد بن حنبل يقرأ عليك السلام ويقول لك هو ذا تكثر الحديث عن عبيد الله العبسي ، وأنا وأنت سمعناه يتناول معاوية بن أبي سفيان ، وقد تركت الحديث عنه . قال : فرفع يحيى بن معين رأسه وقال للرسول : اقرأ على أبي عبد الله السلام ، وقل له: يحيى بن معين يقرأ عليك السلام وقال لك : أنا وأنت سمعنا عبد الرزاق يتناول عثمان بن عفان ، فاترك الحديث عنه ، فإن عثمان أفضل من معاوية ! والإمام قتادة بن دعامة السدوسي قال عنه الإمام الذهبي : حافظ العصر قدوة المفسِّرين والمحدِّثين قال ابن شوذب : ما كان قتادة يرضى حتى يصيح به صياحا - يعني القدر - قال ابن أبي عروبة والدستوائي قال قتادة : كل شيء بقدر إلا المعاصي . ولا يُفهم من هذه النقول الإزراء بأئمة الإسلام ، بل هم أئمة لهم حسناتهم وعظيم أثرهم في الأمة ، ولولا أن أئمة الإسلام رضوا هذا وأوردوه في كتبهم لما أوردته ولا أشرت إليه . ولكني أردت بيان حال السلف مع أهل البدع التي لم تُخرجهم من الإسلام فالتّشيّع في أوله كان مصحوبا بالوقوع في السلف ، وفرق بين التشيّع وبين الرفض والغلو فيه . ونقول في حق هؤلاء الأئمة كما قال إمام أهل السنة : " هذه زلاّت لهم ولا تسقط بزلاتهم عدالتهم " ماذا لو كان أمثال وكيع أو عبد الرزاق أو قتادة في زماننا ؟ لا أظن إلا أنهم سيُرمون بالحجارة !!! فرحم الله علماء الأمة كانوا أهل عدل وإنصاف حتى مع المخالِف . رابعاً : أن من يُطلِق لسانه يَفري في أعراض عباد الله ، يُزكِّي نفسه ، لأن من يتكلّم في الناس يَرى نفسه – في الغالب – أفضل منهم . كما أن المتكلِّم في الغالب يُبرز السيئات ويُخفي الحسنات أو يَطويها . أخيراً : قال ابن القيم رحمه الله : ومَنْ له علم بالشرع والواقع يَعلم قطعا أن الرجل الجليل الـذي لـه في الإسلام قَدَم صالح وآثار حسنة ، وهو مِنْ الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفـوة والزلّة ، هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده ، فلا يجـوز أن يُتبع فيهـا ، ولا يـجوز أن تُـهدر مكانتـه وإمـامته ومنـزلته من قلوب المسلمين . اهـ . وقال الذهبي في ترجمة إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : ولابن خزيمة عظمة في النفوس وجلالة في القلوب ؛ لعلمه ودينه واتباعه السنة ، وكتابه في التوحيد مجلد كبير ، وقد تأول في ذلك حديث الصورة . ثم قال رحمه الله : فليعذر من تأول بعض الصفات ، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفُّوا وفوّضوا علم ذلك إلى الله ورسوله ، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخِّيه لاتِّباع الحق أهدرناه وبدّعناه لَقلّ من يَسلم من الأئمة معنا . رحم الله الجميع بمنه وكرمه . اهـ . وأورد الإمام الذهبي في ترجمة قَوَام السُّـنّـة إسماعيل التيمي قوله : أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة ، ولا يُطعن عليه بذلك ، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب . ثم نقل عن أبي موسى المديني قوله : أشار بهذا إلى أنه قلّ إمام إلا وَلَهُ زلة ، فإذا تُرك لأجل زلته تُرك كثير من الأئمة ، وهذا لا ينبغي أن يُفعل . اهـ . وقال في ترجمة محمد بن نصر المروزي - : ولو أنا كلما أخطـأ إمـام في اجتهاده في آحاد المسائل خطئاً مغفـوراً لـه ، قُمنا عليه وبدَّعْنَاه وهجرناه ، لما سَلِمَ معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ، ولا من هو أكبر منهما ، والله هو هادي الخلق إلى الحق ، وهو أرحم الراحمين ، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة . اهـ . وقال رحمه الله : ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يُقدح فيه بما يوهن حديثه ، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ ، ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يُعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم ، فَزِن الأشياء بالعدل والورع . اهـ . والله المستعان . المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد
التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 08-19-2011 الساعة 05:27 PM |
#2
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
السلفية, الفرق |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|