انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-12-2008, 09:26 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




Islam تفسير سورة التكاثر لأبن عثيمين

 

تفسير سورة التكاثر
للشيخ ابن عثيمين_رحمه الله_



{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏‏.‏
البسملة تقدم الكلام عليها‏.‏ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ‏}‏ هذه الجملة جملة خبرية يخبر الله عز وجل بها العباد مخاطبًا لهم يقول‏:‏ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ‏}‏ ومعنى ‏{‏أَلْهَاكُمُ‏}‏ أي شغلكم حتى لهوتم عن ما هو أهم من ذكر الله تعالى والقيام بطاعته، والخطاب هنا لجميع الأمة إلا أنه يخصص بمن شغلتهم أمور الاخرة عن أمور الدنيا وهم قليل، وإنما نقول هم قليل لأنه ثبت في الصحيحين أن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة‏:‏ ‏(‏يا آدم، فيقول‏:‏ لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول‏:‏ أخرج من ذريتك بعثًا إلى النار، قال‏:‏ وما بعث النار‏؟‏ قال‏:‏ من كل ألفٍ تسع مئة وتسعة وتسعين‏)‏، واحد في الجنة والباقي في النار، وهذا عدد هائل‏!‏ إذا لم يكن من بني آدم إلا واحدًا من الألف من أهل الجنة والباقون من أهل النار، إذًا فالخطاب بالعموم في مثل هذه الآية جار على أصله، لأن الواحد من الألف ليس بشيء بالنسبة إليه، وأما قوله‏:‏ ‏{‏التَّكَاثُرُ‏}‏ فهو يشمل التكاثر بالمال، والتكاثر بالقبيلة، والتكاثر بالجاه، والتكاثر بالعلم، وبكل ما يمكن أن يقع فيه التفاخر، ويدل لذلك قول صاحب الجنة لصاحبه‏:‏ ‏{‏أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 34‏]‏‏.‏ فالإنسان قد يتكاثر بماله فيطلب أن يكون أكثر من الاخر مالًا وأوسع تجارة، وقد يتكاثر الإنسان بقبيلته، يقول نحن أكثر منهم عددًا، كما قال الشاعر‏:‏ ولست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثرأكثر منهم حصى؛ لأنهم كانوا فيما سبق يعدون الأشياء بالحصى‏.‏ فمثلًا‏:‏ إذا كان هؤلاء حصاهم عشرة آلاف، والاخرون حصاهم ثمانية آلاف صار الأول أكثر وأعز، فيقول الشاعر‏:‏ لست بالأكثر منهم حصى وإنما العزةُ للكاثر كذلك يتكاثر الإنسان بالعلم، فتجده يكاثر على غيره بالعلم لكن إن كان بالعلم الشرعي فهو خير، وإن كان بالعلم غير الشرعي فهو إما مباح وإما محرم‏.‏ وهذا هو الغالب على بني آدم التكاثر‏.‏ فيتكاثرون في هذه الأمور عما خلقوا له من عبادة الله عز وجل‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ‏}‏ يعني إلى أن زرتم المقابر، يعني إلى أن مُتم، فالإنسان مجبول على التكاثر إلى أن يموت، بل كلما ازداد به الكِبر ازداد به الأمل، فهو يشيب في السن ويشب في الأمل، حتى إن الرجل له تسعون سنة مثلًا تجد عنده من الامال وطول الأمل ما ليس عند الشاب الذي له خمس عشرة سنة‏.‏ هذا هو معنى الآية الكريمة‏.‏ أي‏:‏ أنكم تلهوتم بالتكاثر عن الاخرة إلى أن متم‏.‏ وقيل‏:‏ إن معنى ‏{‏حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ‏}‏ حتى أصبحتم تتكاثرون بالأموات كما تتكاثرون بالأحياء، فيأتي الإنسان فيقول‏:‏ أنا قبيلتي أكثر من قبيلتك وإذا شئت فاذهب إلى القبور عد القبور منا، وعد القبور منكم فأينا أكثر‏؟‏ لكن هذا قول ضعيف بعيد من سياق الآية‏.‏ والمعنى الأول هو الصحيح أنكم تتكاثرون إلى أن تموتوا‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ‏}‏ استدل به عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - على أن الزائر لابد أن يرجع إلى وطنه، وأن القبور ليست بدار إقامة، وكذلك يذكر عن بعض الأعراب أنه سمع قارىء يقرأ‏:‏ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ‏}‏ فقال‏:‏ ‏"‏والله ما الزائر بمقيم والله لنبعثن‏"‏، لأن الزائر كما هو معروف يزور ويرجع، فقال‏:‏ والله لنبعثن‏.‏ وهذا هو الحق‏.‏ وبهذا نعرف أن ما يذكره بعض الناس الان في الجرائد وغيرها‏.‏ يقول عن الرجل إذا مات‏:‏ ‏"‏إنه انتقل إلى مثواه الأخير‏"‏، إن هذا كلام باطل وكذب؛ لأن القبور ليس هي المثوى الخير، بل لو أن الإنسان اعتقد مدلول هذا اللفظ لصار كافرًا بالبعث، والكفر بالبعث ردة عن الإسلام، لكن كثيًرا من الناس يأخذون الكلمات ولا يدرون ما معناها، ولعل هذه موروثة عن الملحدين الذين لا يقرون بالبعث بعد الموت، لهذا يجب تجنب هذه العبارة، فلا يقال عن القبر إنه المثوى الأخير؛ لأن المثوى الأخير إما الجنة، وإما النار في يوم القيامة‏.‏ ثم قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ‏}‏ قيل‏:‏ إن ‏{‏كَلاَّ‏}‏ بمعنى الردع يعني‏:‏ ارتدعوا عن هذا التكاثر، وقيل‏:‏ إنها بمعنى حقًّا، ومعنى ‏{‏سَوْفَ تَعْلَمُونَ‏}‏ أي‏:‏ سوف تعلمون عاقبة أمركم إذا رجعتم إلى الاخرة، وأن هذا التكاثر لا ينفعكم‏.‏ وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما رواه مسلم ‏(‏يقول ابن آدم‏:‏ مالي ومالي - يعني‏:‏ يفتخر به - وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت‏)‏ والباقي تاركه لغيرك وهذا هو الحق، أموالنا التي بين أيدينا‏.‏ إما أن نأكلها فتفنى، وإما أن نلبسها فتبلى، وإما أن نتصدق بها فنمضيها وتكون أمامنا يوم القيامة‏.‏ وإما أن نتركها لغيرنا لا يمكن أن يخرج المال الذي بأيدينا عن هذه القسمة الرباعية‏.‏ ‏{‏كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ‏}‏ أي‏:‏ سوف تعلمون عاقبة أمركم بالتكاثر الذي ألهاكم عن الاخرة ‏{‏ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ‏}‏ وهذه الجملة تأكيد للردع مرة ثانية، ثم قال‏:‏ ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ‏}‏ يعني‏:‏ حقًّا لو تعلمون علم اليقين لعرفتم أنكم في ضلال، ولكنكم لا تعلمون علم اليقين، لأنكم غافلون لاهون في هذه الدنيا،ولو علمتم علم اليقين لعرفتم أنكم في ضلال وفي خطأ عظيم‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ‏}‏ ‏{‏لَتَرَوُنَّ‏}‏ هذه الجملة مستقلة ليست جواب ‏"‏لو‏"‏ ولهذا يجب على القارئ أن يقف عند قوله‏:‏ ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ‏}‏ ونحن نسمع كثيرًا من الأئمة يصلون فيقولون ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏}‏ وهذا الوصل إما غفلة منهم ونسيان، وإما أنهم لم يتأملوا الآية حق التأمل، وإلا لو تأملوها حق التأمل لوجدوا أن الوصل يفسد المعنى لأنه إذا قال ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏}‏ صار رؤية الجحيم مشروطة بعلمهم، وهذا ليس بصحيح، لذلك يجب التنبه والتنبيه لهذا من سمع أحد يقرأ ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏}‏ ينبه ويقول له‏:‏ يا أخي هذا الوصل يوهم فساد المعنى، فلا تصل وقف، أولًا‏:‏ لأنها رأس آية، والمشروع أن يقف الإنسان عند رأس كل آية، وثانيًا‏:‏ أن الوصل يفسد المعنى ‏{‏كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏}‏ إذًا ‏{‏لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏}‏ جملة مستأنفة لا صلة لها بما قبلها، وهي جملة قسمية، فيما قسم مقدر والتقدير‏:‏ والله لترون الجحيم، ولهذا يقول المعربون في إعرابها‏:‏ إن اللام موطئة للقسم، وجملة ‏{‏ تَرَوُنَّ‏}‏ هي جواب القسم، والقسم محذوف والتقدير ‏"‏والله لترون الجحيم‏"‏ و‏{‏الْجَحِيمَ‏}‏ اسم من أسماء النار ‏{‏ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ‏}‏ تأكيد لرؤيتها، ومتى ترى‏؟‏ تُرى يوم القيامة، يؤتى بها تُجر بسبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف ملك، فما ظنك بهذه النار - والعياذ بالله - إنها نار كبيرة عظيمة لأن فيها سبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف ملك، والملائكة عظام شداد فهي نار عظيمة - أعاذنا الله منها‏.‏ ‏{‏ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏ يعني‏:‏ ثم في ذلك الوقت في ذلك الموقف العظيم تسألن عن النعيم، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله‏:‏ ‏{‏لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏ هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر‏؟‏ والصواب‏:‏ أن المراد المؤمن والكافر كل يسأل عن النعيم، لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يسأل سؤال تذكير، والدليل على أنه عام ما جرى في قصة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأبي بكر وعمر، فعن أبي هريرة قال‏:‏ ‏(‏خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال‏:‏ ‏"‏ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة‏؟‏‏"‏ قالا‏:‏ الجوع، يا رسول الله‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏وأنا، والذي نفسي بيده‏!‏ لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا‏"‏ فقاموا معه، فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت‏:‏ مرحبًا‏!‏ وأهلًا‏!‏ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ‏:‏ ‏"‏أين فلان‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - وصاحبه، ثم قال‏:‏ الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني، قال‏:‏ فانطلق فجاءهم بعذق فيه بُسر وتمر ورطب، فقال‏:‏ كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ‏:‏ ‏"‏إياك‏!‏ والحلوب‏"‏ فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - لأبي بكر وعمر‏:‏ ‏"‏والذي نفسي بيده‏!‏ لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم‏"‏‏)‏‏.‏ وفي رواية أخرى‏:‏ ‏(‏هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد‏)‏‏.‏وهذا دليل على أن الذي يُسأل المؤمن والكافر‏.‏ ولكن يختلف السؤال، سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عز وجل عليه حتى يفرح، ويعلم أن الذي أنعم عليه في الدنيا ينعم عليه في الاخرة، بمعنى أنه إذا تكرم بنعمته عليه في الدنيا تكرم عليه بنعمته في الاخرة، أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنديم‏.‏ نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا عونًا على طاعته، إنه على كل شيء قدير‏.‏
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:59 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.