Untitled-2
 

 
 
 
العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ > روضــةُ فـقـــهُ النِّـسـاءِ
 
 

روضــةُ فـقـــهُ النِّـسـاءِ يوضع فيه كل ما يهم المرأة من فقه الصلاة والطهارة والزواج بمراحله...إلى غير ذلك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-28-2008, 03:56 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الكلمة التاسعة في حكم نمص الحواجب
نمص الحواجب من المخالفات التي انتشرت بين النساء, بل وجدت طريقها إلى بعض المنسوبات إلى الالتزام, وما أدري سبب ذلك, فلعله الجهل أو الشبهة التي قد تتخطف قلوب الكثير منهن بسبب ثقتهن في كثير ممن يتصدر للفتوى في القنوات من المتساهلين الذين يتعمدون إسقاط كثير من الأحكام بدعوى التيسير, ولا يسر إلا في شرع الله لا في أهوائهم واختياراتهم, وقد وردت نصوص صحيحة صريحة في ذم النامصة , بل صح لعنها , ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري ومسلم وبوب له البيهقي في السنن الكبرى بقوله : ( باب ما لا يجوز للمرأة أن تتزين به) عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله فقالت المرأة لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته فقال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله عز وجل وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فقالت المرأة فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن قال اذهبي فانظري قال فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا فجاءت إليه فقالت ما رأيت شيئا فقال أما لو كان ذلك لم نجامعها ) وفي الصحيحين أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة.
قال أبو داود في السنن : (وتفسير الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء والمستوصلة المعمول بها والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترققه والمتنمصة المعمول بها). قال الحافظ في الفتح : (10/377) : (دلالة اللعن على التحريم من أقوى الدلالات بل عند بعضهم أنه من علامات الكبيرة).وقال أيضا : قال الطبري: (لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عكسه) وقال النووي (14/106) : (وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها) قال الحافظ : (قلت: وإطلاقه مقيد بإذن الزوج)(10/378).
واستدلوا لهذا بما رواه عبد الرزاق (رقم 5104)وعلي بن الجعد في مسنده (رقم 451) وهذا سياق ابن الجعد عن أبي إسحاق السبيعي قال : دخلت امرأتي على عائشة فقالت : يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي فقالت عائشة: (أميطي عنك الأذى) .ونسبه الحافظ في الفتح للطبري .وأبو إسحاق اختلط بأخرة. فقد يكون الإسناد ضعيفا.ولو صح لما كان فيه دليل . لأن المرأة استفتت عن بعض شعيرات في وجهها لا عن نتف حواجبها.فحذار أيتها الأخت الملتزمة من تلبيسات إبليس , وأخص المقبلات على الزواج منهن, وأحذرهن مما يقع لكثير منهن من الاستسلام للمزينة وطاعتها في نمص حواجبها بدعوى أنه لا يتم جمالها إلا بذلك, وقد بلغني أن بعضا من الأخوات رفضن ذلك وتحدين مزينتهن .وجزاهن الله عن سنة نبينا خيرا, واستغربت جدا حينما علمت أن بعض المزينات كانت تكثر من الصيام والنوافل, فلما سئلت عن ذلك قالت: إنني أنتف حواجب النساء فأكثر من النوافل لعل الله تعالى يتجاوز عني ولله الأمر كله.
وقد شاغب بعضهم بما نقل عن الإمام أحمد في أحكام النساء أنه سئل عن النامصة والمتنمصة (رقم:29/دار الكتب العلمية)فقال: (هي التي تنتف الشعر, فأما الحلق فلا.قيل له فما تقول في الحلق؟ قال: الحلق غير النتف, النتف تغيير فرخص في الحلق).وقال مرة في الحف (رقم 26): (ليس به بأس)
والمعروف أن الحلق نمص أيضا لحديث ابن مسعود مع العجوز . ففي بعض رواياته أنه اتهمها بحلق جبينها لما رأى وجهها يبرق فقالت له : (التي تحلق جبينها امرأتك) فأورد عليها بقوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله النامصة ...الحديث) فدل هذا على أن ابن مسعود كان يرى الحلق نمصا وإلا ما أورد الحديث في هذا المقام.
فائدة:
ذكر الحافظ في كتاب الإصابة ( 8/204) مزينة للنساء اسمها أم رعلة قال فيها : (أم رعلة بكسر أوله وسكون المهملة القشيرية لها حديث أورده المستغفري من طريق وأبو موسى من طريق آخر كلاهما من حديث ابن عباس أن امرأة يقال لها أم رعلة القشيرية وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة ذات لسان وفصاحة فقالت السلام عليك يا رسول الله وبركاته إنا ذوات الخدور ومحل أزر البعول ومربيات الأولاد ولاحظ لنا في الجيش فعلمنا شيئا يقربنا إلى الله عز وجل فقال عليكن بذكر الله أناء الليل وأطراف النهار وغض البصر وخفض الصوت الحديث وفيه قالت يا رسول الله أني امرأة مقينة أقين النساء وأزينهن لأزواجهن فهل هو حوب فأثبط عنه فقال لها يا أم رعلة قينيهن وزينيهن إذا كسدن)
وذكر ابن الأثير حديثها هذا فقال : (أوردها جعفر المستغفري. روى بإسناد ضعيف عن الأوزاعي، عن عطاء عن ابن عباس قال: وفدَت إلى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم امْرَأَة يقال لها أم رِعلة القشيرية...الحديث)




الكلمة العاشرة في حكم صباغة الشفاه والخدود والرموش

الأصل في ذلك قوله تعالى: ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (32/الأعراف)
وروى الترمذي (2787)والنسائي (5117) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه)
وروى الترمذي أيضا (2788) عن عمران بن حصين قال:قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إن خير طيب الرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه ونهى عن ميثرة الأرجوان)
قال شمس الحق آبادي في عون المعبود (6/157): (طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه كالحناء.
قال القاري في المرقاة في شرح السنة حملوا قوله (وطيب النساء) على ما أرادت أن تخرج فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت. انتهى )
قلت: والمقصود بالطيب ما يكون منه في الثوب أو البدن.
وروى الإمام أحمد (6/302) وأبو داود (311) والترمذي (139) وابن ماجه(648) وغيرهم عن أم سلمة قالت: (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف)
قال في الصحاح : (الوَرْس بوزن الفلس نبت أصفر يكون باليمن تتخذ منه الغُمرة للوجه)
وقال: (الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً، وهو أَكلف: تَغَيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كدرة تعلو الوجه، وقـيل: لون بـين السواد والـحمرة، وقـيل: هو سواد يكون فـي الوجه)
وقال في لسان العرب(7/124): (إذا قالوا: فلان أَبْـيَض الوجه وفلانة بَـيْضاءُ الوجه أَرادوا نقاءَ اللون من الكَلَفِ والسوادِ الشائن)
وروى البخاري (1993) ومسلم (1427) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال ما هذا ؟ قال إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب قال بارك الله لك أولم ولو بشاة )
قال النووي في شرح مسلم (9/216): (الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس ولم يقصده ولا تعمد التزعفر فقد ثبت في الصحيح النهى عن التزعفر للرجال وكذا نهى الرجال عن الخلوق لأنه شعار النساء وقد نهى الرجال عن التشبه بالنساء فهذا هو الصحيح في معنى الحديث وهو الذي اختاره القاضي والمحققون)
قلت: قوله: (إلا لمن أذن الله لها) يشير إلى قوله تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)
وقوله : (إذا لم يثبت له ضرر كبير) مبني على قاعدة دفع المفاسد والضرر لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) , أي لا يجوز الإضرار بنفسك ولا بغيرك. وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، عن حكم مساحيق التجميل فأجاب: (المساحيق فيها تفصيل: إن كانت يحصل بها جمال و لكن لا تضر الوجه ولا تسبب شيئا فلا بأس، أما إن كانت تسبب شيئا فيه ضرر فإنها تمنع من أجل الضرر ).
وقد ثبت ...
فائدة:
سمى ابن العربي هذا الآية آية الضمائر في كتابه أحكام القرآن (3/385), فقال: (فإنها آية الضمائر,إذ فيها خمسة وعشرون ضميرا لم يروا في القرآن لها نظير)
طريفة:
قال الماوردي في أدب الدنيا والدين: (حكي أن عبيد الله بن سليمان رأى على بعض ثيابه أثر صفرة فأخذ من مداد الدواة فطلاه به ثم قال : المداد بنا أحسن من الزعفران ، وأنشد:
إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدُوِيِّ عطر الرجال)
ـ خضاب اليد والأظافر
عن عائشة :أن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقبض يده فقالت يا رسول الله مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه فقال إني لم أدر أيد امرأة هي أو رجل قالت بل يد امرأة قال لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء.
قلت: قوله صلى الله عليه وسلم : (لغيرت أظافرك) دليل على جواز تغيير الأظافر بما لا يحرم بالنص أو بالضرر) وقد سئل
ولا يجوز تغييرها بالطلاء الخاص بها لغير الحائض لأن ذاك الطلاء يمنع وصول الماء إليها في الوضوء والغسل,بخلاف الحناء. فإن كانت حائضا جاز كما ذكر أهل العلم.
وقد أشار إلى مثل هذا أمثال الحطاب الرعيني المالكي فقال في مواهب الجليل شرح مختصر حليل (1/199): (ونزع غير الخاتم من كل حائل في يد أو غيرها ، ويندرج فيه ما يجعله الرماة وغيرهم في أصابعهم من عظم ونحوه ، وما يزين به النساء وجوههن وأصابعهن من النقط الذي له جسد وما يكثرن به شعورهن من الخيوط وما يكون في شعر المرأة من حناء أو جثيث أو غيرهما مما له تجسد أو ما يلصق بالظفر أو بالذراع أو غيرهما من عجين أو زفت أو شمع أو نحوها)
ـ مسألة في التطريف والنقش
يجوز للمرأة أن تطرف بالحناء أي أن تغير أطراف الأصابع فقط ـ وهو التطريف ـ وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن التطريف) .
قال الحافظ في الفتح (2/237): ( هو أن تختضب المرأة أطراف الأصابع, هذا الحديث لم أجده, لكن روى الطبراني في ترجمة أم ليلى امرأة أبي ليلى من حديث بن أبي ليلى قالت بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان فيما أخذ علينا أن تختضب الغمس ... وهذا لا يدل على المنع بل حديث عصمة عن عائشة المتقدم عند أحمد وغيره فيه ( لغيرت أظفارك ) يدل على الجواز)
قلت: حديث الطبراني رواه في الكبير (25/128/334) ,وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/171): (في إسناده من لم أعرفه) وما حققه الحافظ هو الفقه عينه !
روى ابن أبي شيبة في المصنف (4/49)قال:نا وكيع عن شعبة عن يزيد بن ميسرة عن أبي عطية من امرأة منهم قالت: (سمعت عمر ينهى عن النقش والتطاريف في الخضاب) وهذا إسناده ضعيف .فالمرأة مبهمة.
وروى ابن أبي شيبة (4/50) حدثنا وكيع عن زكريا قال حدثتني أمية قالت: كنت آمر العرائس بالمدينة فسألت عائشة عن الخضاب فقالت: ( لا بأس به ما لم يكن فيه نقش)
وروى ابن أبي شيبة (4/50) حدثنا عبد الأعلى عن جابر عن شيخ أن عمر (نهى عن نقش في الخضاب والتطاريف).
وروى عبد الرزاق في المصنف (4/318) عن معمر عن بديل عن أبي العلاء ابن عبد الله بن شخير قال حدثتني امرأة أنها سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب وهو يقول يا معشر النساء إذا اختضبتن فإياكن النقش والتطريف ولتخضب إحداكن يديها إلى هذا وأشار إلى موضع السوار
وروى البخاري في التاريخ الكبير (2/142) قال لي محمد بن محبوب عن عبد الواحد عن ليث عن بديل بن ميسرة عن امرأة منهم قالت: جاورت عمر بن الخطاب سنين بالمدينة (فنهانا عن النقش والتطاريف )
وقال لنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن بديل عن عمر وقال حماد بن سلمة عن بديل عن عمه وقال حماد بن سلمة عن بديل عن عطية وقال إسحاق عن جرير عن ليث عن بديل إذنه عن امرأة منهم جاورت عمر سنة بهذا
قال القرطبي (5/393) : (أجاز مالك أيضا أن تشي المرأة يديها بالحناء وروى عن عمر إنكار ذلك وقال إما أن تخضب يديها كلها وإما أن تدع وأنكر مالك هذه الرواية عن عمر)وهذا الذي ينبغي اعتقاده فلا حجة في قول أحد إلا أن يكون قول الله أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم.
ـ الكحل
كثير من أخواتنا يعتقدن أن الكحل من الزينة المحرمة إبداؤها ويبالغن في ذلك حتى يصل الأمر ببعضهن أن يتهمن المكتحلات بدعوى أنهن يتقصد فتنة الرجال بذلك جاهلات بأن الحكم في هذا لله ورسوله والأصل في هذا ما صح عن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)(النور: من الآية31): (الكحل والخاتم), بل قد صح ذلك مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن سبيعة بنت الحارث رضي الله عنها أنها كانت تحت سعد بن خولة, فتوفي عنها في حجة الوداع, وكان بدريا , فوضعت حملها قبل أن ينقضي أربعة أشهر وعشر من وفاته, فلقيها أبو السنابل بن بعكك حين تعلت من نفاسها, وقد اكتحلت واختضبت وتهيأت فقال لها : أربعي على نفسك ـ أو نحو هذا ـ لعلك تريدين النكاح؟ إنها أربعة أشهر وعشر من وفاة زوجك, قالت : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل بن بعكك, فقال : قد حللت حين وضعت
قلت : هذا لقوله تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)(الطلاق: من الآية4) والحديث صريح واضح في جواز إبداء العينين من الوجه على الأقل وفيه أيضا جواز الاكتحال بدليل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها على اكتحالها ولن يكون أحد أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام.
قال الشيخ الألباني في حاشية (الجلباب ص69) وقد كتب عبارة (اكتحلت واختضبت وتهيأت) في أصل الحديث بخط مميز: (والحديث صريح الدلالة على أن الكفين ليسا من العورة في عرف نساء الصحابة , وكذا الوجه أو العينين على الأقل وإلا لما جاز لسبيعة رضي الله عنها أن تظهر ذلك أمام أبي السنابل ولا سيما وقد كان خطبها فلم ترضه).
قلت : تأمل قول الشيخ رحمه الله: (ولا سيما وقد كان خطبها فلم ترضه). فإنه يدل على أنها لم تقصده هو بالكحل فسقطت دعوى قد يدعيها أحد فيقول :( إنه يجوز لها أن تختضب للخطاب فإن تزوجت لم يجز لها).
ـ وعن ابن أبي فديك عن يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لأكره المرأة المرهاء السلتاء. فقالت عائشة بابي أنت وأمي إني لأسمع منك الكلام فقال: أنا أعرب العرب ولا فخر أما المرأة المرهاء فالتي لا كحل في عينيها وأما المرأة السلتاء التي لا خضاب في يديها)
قال أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/419): ( يحيى بن أبي خالد مجهول وابن أبي سعيد مثله وهو حديث ضعيف)
الكلمة الحادية عشرة في حكم نزع المرأة ثيابها في غير بيتها
ـ قد قال الله تعالى (ولا تخرجوهن من بيوتهن)
ـ عن أبي المليح الهذبي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت أنتن اللاتي يدخلن نساؤكن الحمامات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرأة تضع أثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها قال أبو عيسى هذا حديث حسن
ـ وسألت شيخنا محمد بوخبزة عن هذا فذكر أن معناه (في بيت غير محرم من محارمها) فإن نزعته في بيت أخيها أو أبيها أو ابنها أو عمها فلا بأس إلا أن تحتاط من ظهور عورتها أمام أجنبي
والظاهر أنه إن كان المقصود جنس ثيابها فقد علم أن النهي لأجل العورة فإن أمن ذلك جاز لحديث فاطمة بنت قيس :
( أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة ( وفي رواية : آخر ثلاث تطليقات ) وهو غائب . . . فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له . . . فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ( وفي رواية : انتقلي إلى أم شريك - وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان - فقلت : سأفعل فقال : لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى . . . وهو من البطن الذي هي منه فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي ينادي : الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد) . ‌
ـ قال النووي في شرح مسلم (10/100) في قوله (فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك: (معناه لا تخافين من رؤية رجل إليك)
وإن كان المعنى (كل ثيابها) وهو المناسب لسبب ذكر عائشة للحديث حيث استدلت به على المنع من نزع الثياب للاغتسال مستترة في غير بيت الزوج, فيستثنى منه حيث يؤمن الفتنة في بيوت محارمها كأخيها وأبيها وابنها حيث لا يوجد غيرهم.
قال في عون المعبود (11/32/دار الكتب العلمية): (ولو في بيت أبيها وأمها قاله القاري ).
والجواب أنه يلزمهم منعها من اغتسال غير المتزوجة في بيت أبيها وأخيها.وهم لا يقولون بذلك.فعلم أن تخصيص الزوج بالذكر خرج مخرج الغالب.
الكلمة الثانية عشرة في حكم قص المرأة شعرها أو حلقه.
المرأة مطالبة بإكرام شعرها خصوصا لزوجها, فتغسله وتدهنه بما لا يضر من أنواع الدهون الطبيعية والصناعية,وتمشطه وتزينه,وتختلف أنواع المشطات و(التسريحات) من بلد لآخر ومن عصر لآخر ومن سن لآخر. ويجوز لها قصه للتزيين أو لغيره من الحاجات بإذن زوجها.
روى مسلم في صحيحه (320 ) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة فدعت بإناء قدر الصاع, فاغتسلت وبيننا وبينها ستر وأفرغت على رأسها ثلاثا قال: وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة.
قال القاضي عياض رحمه الله في إكمال المعلم (2/163و164/دار الوفاء) : (وقوله (يأخذن من رؤوسهن...دليل على جواز تحذيف النساء بشعورهن وجواز اتخاذهن الجمم, وقد كانت للنيي صلى الله عليه وسلم جمة,والوفرة أشبع من اللمة,واللمة ما ألم بالمنكبين من شعر الرأس دون ذلك, قاله الأصمعي, وقال غيره: الوفرة أقلها وهي التي لا تجاوز الأذنين, الجمة أكبر منها, واللمة ما طال من الشعر ,وقال أبو حاتم: الوفرة ما غطى الأذنين من الشعر,والمعروف أن نساء العرب كن يتخذن القرون والذوائب, ولعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعلن ذلك بعد موته لتركهن التزين واستغنائهن عن تطويل الشعور لذلك تخفيفا لمؤونة رؤوسهن))
وقد ورد ما يدل على كراهية الجمة , فعن عبد الله بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجمة للحرة والقصة للأمة
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/169): (رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير ثقات)
وعن عائشة قالت (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة دون الجمة)
أما الحلق فلا يجوز.فقد روى النسائي (5049) والترمذي (914) عن علي رضي الله عنه قال : (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها). لكنه حديث ضعيف. ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (678) ولذلك لم يشرع لها ذلك للتحلل يوم النحر. إنما أمرت بأخذ مثل قدر الأنملة من شعرها كله إذا جمعته.فقد روى أبو داود (1984) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : (ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير) والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1984)
قال ابن المنذر: ( أجمع على هذا أهل العلم وذلك لأن الحلق في حقهن مثلة)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/375) : (يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة)
وقد استحبت حفصة بنت سيرين أن لا تبالغ الشابة في الأخذ من شعرها وإن كان ذلك عند تحللها. فروى ابن أبي شيبة (3/147/مكتبة الرشد) عن هشام عن حفصة ابنة سيرين في تقصير المرأة من شعرها .قالت: ( إنه يعجبني أن لا تكثر المرأة الشابة وأما التي قد دلت فإن شاءت أخذت أكثر فإن فعلت فلا تزيد على الربع )
واختلف أهل العلم في حلق رأس الجارية الحديثة الولادة كما يفعل بالغلام الذكر.
قال ابن حجر في الفتح (9/595) : (حكى الماوردي كراهة حلق رأس الجارية وعن بعض الحنابلة يحلق)
وقال المناوي في فيض القدير (4/416): ( إطلاقه حلق الرأس يشمل الأنثى لكن حكى الماوردي كراهة حلق رأسها وعن بعض الحنابلة تحلق) ومن طريف ما يذكر عن بعض طوائف الصابئة كما في الفهرست للنديم (ص453) أنه (كان فيهم نسوة إذا هن تزوجن الأزواج يحلقن رؤوسهن) !
فائدة في فرق المرأة قصتها وشعرها.:
سئل مالك : هل يكره للمسلمة أن تفرق قصتها كما يصنعن نساء أهل الكتاب ؟فقال: لا.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى في البيان والتحصيل (18/570و571): (...عن ابن القاسم أنه كان يقول: أكره القصة للشعر للمرأة كراهية شديدة,قال: وكان فرق الرأس أحب إلى مالك.وهو يبين قوله في هذه الرواية, إذ لم يذكر فيه إلا أنه لم يكره للمرأة تفريق قصتها , فالمعنى فيها أنه لم يكره ذلك لها,وأنه اختاره لها على السدل,وقوله كما يصنعن أهل الكتاب خلاف ظاهر ما روي عن ابن عباس من أنه قال : كان أهل الكتاب يسدلون شعورهم , وكان المشركون يفرقون , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء. فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد ذلك. وقد يحتمل أن يكون حديث ابن عباس هذا في سدل أهل الكتاب شعورهم في الرجال دون النساء.فلا يكون على هذا التأويل خلاف ما وقع في هذه الرواية من أن نساء أهل الكتاب كن يفرقن قصصهن أي شعورهن وبالله التوفيق )
قلت: حديث ابن عباس رواه البخاري (3365) ومسلم (2336)
قال ابن عبد البر في التمهيد (6/73): (فيه من الفقه أن الفرق في الشعر سنة وأنه أولى من السدل لأنه آخر ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله والناصية شعر مقدم الرأس كله وسدله تركه منسدلا سائلا على هيئته والتفريق أن يقسم شعر ناصيته يمينا وشمالا فتظهر جبهته وجبينه من الجانبين والفرق سنة مسنونة وقد قيل أنها من ملة إبراهيم وسنته صلى الله عليه وسلم عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله عز وجل وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال الكلمات عشر خصال خمس منها في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس ففرق الشعر وقص الشارب والسواك والمضمضة والاستنشاق وأما التي في البدن فالختان وحلق العانة والاستنجاء ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقوله فأتمهن أي عمل بهن قال أبو عمر: يؤكد هذا قول الله عز وجل (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا الآية )وقوله تبارك وتعالى : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين))
فائدة:
روى الطبراني (7/62/6382 ) حدثنا محمد بن عبد الله بن بكر السراج العسكري ثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني ثنا عمر بن هارون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن سالم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يجعلن رؤوسهن أربع قرون فإذا اغتسلن جمعنهن على أوساط رؤوسهن [ولم ينقضنه])
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/273): (وفيه عمر بن هارون وقد ضعفه أكثر الناس ووثقه قتيبة وغيره)
قلت: قوله (ولم ينقضنه) أخذتها من مجمع الزوائد والله أعلم !
فائدة في امتشاط النساء بالخمر أو بشيء من المستحضرات التي فيه كحول بنسبة ظاهرة !
روى ابن أبي شيبة (5/98) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو اسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه بلغه أن نساء يمتشطن بالخمر فقال ألقى الله في رؤوسهن الحاصة
وروى أيضا حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي السفر عن امرأته أن عائشة سئلت عن المرأة تمتشط بالعسلة فيها الخمر فنهت عن ذلك أشد النهي.
وروى أيضا حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن حذيفة قال: تمتشط بالخمر؟ لا طيبها الله .
فتأمل في هذا: ابن عمر يدعو عليها بالحصة وعائشة تنهى عنه أشد النهي وحذيفة يدعو عليها بـ(لا طيبها الله)
وهذا كاف في الزجر والكهر.
طريفة:
ومن طريف ما يحكى في كتب الأدب والمحاضرات أنهم ذكروا أن قرشية رأى شعرها رجل فحلقته وقالت: (لا أريد شعراً اكتحل به نظر غير ذي محرم).ومثل هذه تشكر على نيتها وتعاتب على فعلها.
الكلمة الثالثة عشرة في حكم صبغ المرأة لشعرها
الأصل في ذلك الجواز, وقد ورد النهي عن استعمال السواد فقط. وعليه فلا بأس بصباغة النساء لشعورهن بغير السواد , فالنساء شقائق الرجال في الأحكام.وقد قال النووي في شرح مسلم (14/80): (مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ويحرم خضابه بالسواد على الأصح وقيل يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم هذا مذهبنا) هذا ما يظهر بادي الرأي وإلا فقد روى ابن سعد في الطبقات (8/487): أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي وعارم بن الفضل قالا حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرتنا أم شبيب قالت: سألنا عائشة عن تسويد الشعر فقالت : (لوددت أن عندي شيئا فسودت به شعري) وهذا إسناد صحيح.وظاهر الأثر يدل على أن النهي خاص بالرجال عند عائشة , فيكون شعرها كثوبها كما قال عنبسة بن سعيد : (إنما شعرك بمنزلة ثوبك فاصبغه بأي لون شئت) وإلى هذا ذهب إسحاق ابن راهويه لكن قيده بالزوجة فقال: ابن قدامة في المغني (1/92): (ورخص فيه إسحاق للمرأة تتزين به لزوجها).وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأعلم أهله ,وهي أعلم في هذه الأمور من أكابر الصحابة من الرجال.وقلبي إلى رخصة عائشة أميل, والنفس مطمئنة إلى علمها في مثل هذه الأمور والله أعلم.



يتبع إن شاء الله

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-28-2008, 11:45 AM
ابو سالم ابو سالم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاك الله خيرا

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-28-2008, 02:00 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

و إياك أخي الفاضل
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-29-2008, 08:37 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الكلمة الحادية عشرة في حكم نزع المرأة ثيابها في غير بيتها

ـ قد قال الله تعالى (ولا تخرجوهن من بيوتهن)
ـ عن أبي المليح الهذبي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت أنتن اللاتي يدخلن نساؤكن الحمامات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرأة تضع أثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها قال أبو عيسى هذا حديث حسن
ـ وسألت شيخنا محمد بوخبزة عن هذا فذكر أن معناه (في بيت غير محرم من محارمها) فإن نزعته في بيت أخيها أو أبيها أو ابنها أو عمها فلا بأس إلا أن تحتاط من ظهور عورتها أمام أجنبي.وقال شمس الحق آباذي في
والظاهر أنه إن كان المقصود جنس ثيابها فقد علم أن النهي لأجل العورة فإن أمن ذلك جاز لحديث فاطمة بنت قيس :
( أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة ( وفي رواية : آخر ثلاث تطليقات ) وهو غائب . . . فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له . . . فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ( وفي رواية : انتقلي إلى أم شريك - وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان - فقلت : سأفعل فقال : لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى . . . وهو من البطن الذي هي منه فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي ينادي : الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد) . ‌
ـ قال النووي في شرح مسلم (10/100) في قوله (فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك: (معناه لا تخافين من رؤية رجل إليك)
وإن كان المعنى (كل ثيابها) وهو المناسب لسبب ذكر عائشة للحديث حيث استدلت به على المنع من نزع الثياب للاغتسال مستترة في غير بيت الزوج, فيستثنى منه حيث تؤمن الفتنة في بيوت محارمها كأخيها وأبيها وابنها حيث لا يوجد غيرهم.
فإن منعها مانع من ذلك فالجواب أنه يلزمهم منعها من اغتسال غير المتزوجة في بيت أبيها وأخيها.وهم لا يقولون بذلك.فعلم أن تخصيص الزوج بالذكر خرج مخرج الغالب.
الكلمة الثانية عشرة في حكم قص المرأة شعرها أو حلقه.
المرأة مطالبة بإكرام شعرها خصوصا لزوجها, فتغسله وتدهنه بما لا يضر من أنواع الدهون الطبيعية والصناعية,وتمشطه وتزينه,وتختلف أنواع المشطات و(التسريحات) من بلد لآخر ومن عصر لآخر ومن سن لآخر. ويجوز لها قصه للتزيين أو لغيره من الحاجات بإذن زوجها.
روى مسلم في صحيحه (320 ) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة فدعت بإناء قدر الصاع, فاغتسلت وبيننا وبينها ستر وأفرغت على رأسها ثلاثا قال: وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة.)
قال القاضي عياض رحمه الله في إكمال المعلم (2/163و164/دار الوفاء) : (وقوله (يأخذن من رؤوسهن...دليل على جواز تحذيف النساء بشعورهن وجواز اتخاذهن الجمم, وقد كانت للنيي صلى الله عليه وسلم جمة,والوفرة أشبع من اللمة,واللمة ما ألم بالمنكبين من شعر الرأس دون ذلك, قاله الأصمعي, وقال غيره: الوفرة أقلها وهي التي لا تجاوز الأذنين, الجمة أكبر منها, واللمة ما طال من الشعر ,وقال أبو حاتم: الوفرة ما غطى الأذنين من الشعر,والمعروف أن نساء العرب كن يتخذن القرون والذوائب, ولعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعلن ذلك بعد موته لتركهن التزين واستغنائهن عن تطويل الشعور لذلك تخفيفا لمؤونة رؤوسهن))
وقد ورد ما يدل على كراهية الجمة , فعن عبد الله بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجمة للحرة والقصة للأمة .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/169): (رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير ثقات)
وعن عائشة قالت (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة دون الجمة)
أما الحلق فلا يجوز.فقد روى النسائي (5049) والترمذي (914) عن علي رضي الله عنه قال : (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها). لكنه حديث ضعيف. ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (678) ولذلك لم يشرع لها ذلك للتحلل يوم النحر. إنما أمرت بأخذ مثل قدر الأنملة من شعرها كله إذا جمعته.فقد روى أبو داود (1984) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : (ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير) والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1984)
قال ابن المنذر: ( أجمع على هذا أهل العلم وذلك لأن الحلق في حقهن مثلة)
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/375) : (يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة)
وقد استحبت حفصة بنت سيرين أن لا تبالغ الشابة في الأخذ من شعرها وإن كان ذلك عند تحللها. فروى ابن أبي شيبة (3/147/مكتبة الرشد) عن هشام عن حفصة ابنة سيرين في تقصير المرأة من شعرها .قالت: ( إنه يعجبني أن لا تكثر المرأة الشابة وأما التي قد دلت فإن شاءت أخذت أكثر فإن فعلت فلا تزيد على الربع )
واختلف أهل العلم في حلق رأس الجارية الحديثة الولادة كما يفعل بالغلام الذكر.
وقال ابن حجر في الفتح (9/595) : (حكى الماوردي كراهة حلق رأس الجارية وعن بعض الحنابلة يحلق)
وقال المناوي في فيض القدير (4/416): ( إطلاقه حلق الرأس يشمل الأنثى لكن حكى الماوردي كراهة حلق رأسها وعن بعض الحنابلة تحلق) ومن طريف ما يذكر عن بعض طوائف الصابئة كما في الفهرست للنديم (ص453) أنه (كان فيهم نسوة إذا هن تزوجن الأزواج يحلقن رؤوسهن) !
فائدة في فرق المرأة قصتها وشعرها.:
سئل مالك : هل يكره للمسلمة أن تفرق قصتها كما يصنعن نساء أهل الكتاب ؟فقال: لا.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى في البيان والتحصيل (18/570و571): (...عن ابن القاسم أنه كان يقول: أكره القصة للشعر للمرأة كراهية شديدة,قال: وكان فرق الرأس أحب إلى مالك.وهو يبين قوله في هذه الرواية, إذ لم يذكر فيه إلا أنه لم يكره للمرأة تفريق قصتها , فالمعنى فيها أنه لم يكره ذلك لها,وأنه اختاره لها على السدل,وقوله كما يصنعن أهل الكتاب خلاف ظاهر ما روي عن ابن عباس من أنه قال : كان أهل الكتاب يسدلون شعورهم , وكان المشركون يفرقون , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء. فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد ذلك. وقد يحتمل أن يكون حديث ابن عباس هذا في سدل أهل الكتاب شعورهم في الرجال دون النساء.فلا يكون على هذا التأويل خلاف ما وقع في هذه الرواية من أن نساء أهل الكتاب كن يفرقن قصصهن أي شعورهن وبالله التوفيق )
قلت: حديث ابن عباس رواه البخاري (3365) ومسلم (2336)
وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/73): (فيه من الفقه أن الفرق في الشعر سنة وأنه أولى من السدل لأنه آخر ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله والناصية شعر مقدم الرأس كله وسدله تركه منسدلا سائلا على هيئته والتفريق أن يقسم شعر ناصيته يمينا وشمالا فتظهر جبهته وجبينه من الجانبين والفرق سنة مسنونة وقد قيل أنها من ملة إبراهيم وسنته صلى الله عليه وسلم عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله عز وجل وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال الكلمات عشر خصال خمس منها في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس ففرق الشعر وقص الشارب والسواك والمضمضة والاستنشاق وأما التي في البدن فالختان وحلق العانة والاستنجاء ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقوله فأتمهن أي عمل بهن قال أبو عمر: يؤكد هذا قول الله عز وجل (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا الآية )وقوله تبارك وتعالى : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين))
فائدة:
روى الطبراني (7/62/6382 ) حدثنا محمد بن عبد الله بن بكر السراج العسكري ثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني ثنا عمر بن هارون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن سالم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يجعلن رؤوسهن أربع قرون فإذا اغتسلن جمعنهن على أوساط رؤوسهن [ولم ينقضنه])
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/273): (وفيه عمر بن هارون وقد ضعفه أكثر الناس ووثقه قتيبة وغيره)
قلت: قوله (ولم ينقضنه) أخذتها من مجمع الزوائد والله أعلم !
فائدة في امتشاط النساء بالخمر أو بشيء من المستحضرات التي فيها كحول بنسبة ظاهرة !
روى ابن أبي شيبة (5/98) قال حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه بلغه أن نساء يمتشطن بالخمر فقال ألقى الله في رؤوسهن الحاصة
وروى أيضا قال حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي السفر عن امرأته أن عائشة سئلت عن المرأة تمتشط بالعسلة فيها الخمر فنهت عن ذلك أشد النهي.

وروى ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن حذيفة قال: تمتشط بالخمر؟ لا طيبها الله .
فتأمل في هذا: ابن عمر يدعو عليها بالحصة وعائشة تنهى عنه أشد النهي وحذيفة يدعو عليها بـ(لا طيبها الله)
وهذا كاف في الزجر والكهر.
طريفة ...وفائدة في إظهار المرأة شعرها لغير محرم.
كان الأولى ذكرهما في الأبواب الأولى لكن الله قدر أن تكونا هنا...!
من طريف ما يحكى في كتب الأدب والمحاضرات أنهم ذكروا أن قرشية رأى شعرها رجل فحلقته وقالت: (لا أريد شعراً اكتحل به نظر غير ذي محرم).ومثل هذه تشكر على نيتها وتعاتب على فعلها.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/251) (أن عمر رضي الله عنه أمر بضرب نائحة فضربت حتى بدا شعرها فقيل له يا أمير المؤمنين إنه قد بدا شعرها فقال لا حرمة لها إنما تأمر بالجزع وقد نهى الله عنه وتنهى عن الصبر وقد أمر الله به وتفتن الحي وتؤذي الميت وتبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها إنها لا تبكي علي ميتكم وإنما تبكي على أخذ دراهمكم) فلاحظي أختاه أن إظهار الشعر لا يكون إلا ممن لا حرمة لهن!
الكلمة الثالثة عشرة في حكم صبغ المرأة لشعرها
الأصل في ذلك الجواز, وقد ورد النهي عن استعمال السواد فقط. وعليه فلا بأس بصباغة النساء لشعورهن بغير السواد , فالنساء شقائق الرجال في الأحكام.وقد قال النووي في شرح مسلم (14/80): (مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ويحرم خضابه بالسواد على الأصح وقيل يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم هذا مذهبنا) هذا ما يظهر بادي الرأي وإلا فقد روى ابن سعد في الطبقات (8/487): أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي وعارم بن الفضل قالا حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرتنا أم شبيب قالت: سألنا عائشة عن تسويد الشعر فقالت : (لوددت أن عندي شيئا فسودت به شعري) وهذا إسناد صحيح.ورواه ابن حبان في الثقات (6/279) قال : حدثنا القطان بالرقة ثنا موسى بن مروان ثنا يوسف بن الغر عن المسيب بن سليمان عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت :سألت عائشة عن تسويد الشعر فقالت: قد كان عندي شيء سودت به شعرى ) ويوسف بن الغرق متكلم فيه.
وظاهر الأثر يدل على أن النهي خاص بالرجال عند عائشة , فيكون شعرها كثوبها ,وإلى هذا ذهب إسحاق ابن راهويه لكن قيده بالزوجة فقال: ابن قدامة في المغني (1/92): (ورخص فيه إسحاق للمرأة تتزين به لزوجها).وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأعلم أهله,وهي أعلم في هذه الأمور من أكابر الصحابة من الرجال.وقلبي إلى رخصة عائشة أميل, والنفس مطمئنة إلى علمها في مثل هذه الأمور والله أعلم.
الكلمة الرابعة عشرة في حكم إطالة الأظافر
ـ لا يخفى على العارفات بالله ثم بدينها أن إطالة الأظافر صارت عادة من عادات النساء الممدوحة زورا في الأوساط النسائية , يعتقدن ذلك من تمام الزينة والجمال .ويتكلفن العناية بها ورعايتها.تقليدا لزانيات الغرب وفاجرات الشرق, وهن مخالفات في ذلك للفطرة والشرع والعقل.
فقد روى مسلم (261): عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء..) قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. زاد قتيبة قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء
وروى مسلم (258) عن أنس بن مالك قال :قال أنس : ( وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة)
إنما يجوز ترك اليسير منها لما رواه مسلم (245) عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره) ومقتضى هذا أنه يجوز إبقاء شيء يسير منها ليدخل تحته الماء.!والله أعلم. ‌
ونقل في طبقات الحنابلة (1/171)عن الإمام أحمد أنه قال : (بلغني عن الأوزاعي أنه قال: للمرأة خمسة عشر وللرجل عشرون) ولا أعرف له مستندا والحديث حجة على الجميع.
الكلمة الخامسة عشرة في عورة المرأة المسلمة أمام النساء المسلمات.
عورة المرأة مع المرأة كعورتها مع محارمها...هذا ما أعتقده...وفيه اختلاف بين الأكابر.
قال ابن الحاج في المدخل (2/167و168): (اختلف في حالها مع النساء مثلها من المسلمات, فقيل كالرجل مع المرأة الأجنبية وقيل كالرجل مع الرجل )
وقال الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته (1/595): (وأما عورة المرأة أمام أقاربها المحارم أو النساء المسلمات, فهي ما بين السرة والركبة عند الحنفية والشافعية, وقال المالكية : جميع بدنها ما عدا الوجه والأطراف وهي الرأس والعنق واليدان والرجلان, وقال الحنابلة : جميع بدنها ما عدا الوجه والرقبة والرأس واليدين والقدم والساق)
وقال الشيخ الألباني في الرد المفحم (ص74و75): (من العجائب التي يحار المسلم الذي أنجاه الله من الجمود على المذهب كيف يقولون بأن عورة المرأة من المرأة ما بين السرة والركبة ؟ فإن هذا مع كونه مما لا أصل له في الكتاب والسنة بل هو خلاف قوله تعالى في آية النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن . . . ) إلى قوله تعالى : ( أو نسائهن ) فإن المراد مواضع الزينة وهي : القرط والدملج والخلخال والقلادة وهذا باتفاق علماء التفسير وهو المروي عن ابن مسعود... فهذا النص القرآني صريح في أن المرأة لا يجوز لها أن تبدي أمام المسلمة أكثر من هذه المواضع)
ثم أشار رحمه الله تعالى إلى (كثرة المفاسد التي تترتب من تكشف النساء أمام النساء المسلمات بل وأمام الذميات أيضا) بل والكافرات!
وقد سبقه الحافظ أبو الحسن ابن القطان فقال في (النظر في أحكام النظر/ ص 97و98): ( تبدي المرأة للمرأة ما تبديه لذوي محارمها وهي ممنوعة مما زاد عليه, أما امتناع ما زاد في ما تقرر عادة من ولوع بعضهن ببعض على ما نبين إن شاء الله في باب النظر...وأما جواز إبداء الوجه والكفين والقدمين فمن الآية, إذ هو مشترك لجميع من ذكر فيها يجوز منها إبداؤه, وذلك الشعر والعنق لمن أمرهن معلوم استقراره في كل زمان ومكان على تزين بعضهن بعضا ومشط بعضهن بعضا وقد أسلمت عائشة رضي الله عنها أمرها إلى النساء فمشطنها وصنعنها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ...وقالت أم عطية : مشطن رأسها ثلاثة قرون تعني بنت النبي صلى الله عليه وسلم حين ماتت وأشباه هذا كثيرة.ولفظ الآية مطلق في النهي عن إبداء الزينة لأحد من الخلق,استثنى منها ما ظهر وما يشترك فيه المذكورون وزيادة الشعر والعنق مما علم عادة من أحوالهن في كل زمان , ومعلوم أن نهيهن عن إبداء الزينة إنما هو لئلا يجوز إبداؤهن إياها للاستحسان الجالب للهوى الموقع في الفتنة, وذلك موجود في ما بينهن,فاعلمه والله الموفق).
قلت: عض على هذا بالنواجد, بل ابلعه إن استطعت.فإنه ترياق التخبط في هذا الباب والله الشاف لا شفاء إلا شفاؤه شفاء لا يغادر سقما !
وقد روى الحاكم في المستدرك (4/199) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.ورده الذهبي في التلخيص بقوله : (الرافعي ضعفوه).وضعفه الحافظ ابن

حجر, والحديث ضعفه أيضا الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 3923)


الكلمة الخامسة عشرة في عورة المرأة المسلمة أمام النساء المسلمات.
عورة المرأة مع المرأة كعورتها مع محارمها...هذا ما أعتقده...وفيه اختلاف بين الأكابر.
قال ابن الحاج في المدخل (2/167و168): (اختلف في حالها مع النساء مثلها من المسلمات, فقيل كالرجل مع المرأة الأجنبية وقيل كالرجل مع الرجل )
وقال الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته (1/595): (وأما عورة المرأة أمام أقاربها المحارم أو النساء المسلمات, فهي ما بين السرة والركبة عند الحنفية والشافعية, وقال المالكية : جميع بدنها ما عدا الوجه والأطراف وهي الرأس والعنق واليدان والرجلان, وقال الحنابلة : جميع بدنها ما عدا الوجه والرقبة والرأس واليدين والقدم والساق)
وقال الشيخ الألباني في الرد المفحم (ص74و75): (من العجائب التي يحار المسلم الذي أنجاه الله من الجمود على المذهب كيف يقولون بأن عورة المرأة من المرأة ما بين السرة والركبة ؟ فإن هذا مع كونه مما لا أصل له في الكتاب والسنة بل هو خلاف قوله تعالى في آية النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن . . . ) إلى قوله تعالى : ( أو نسائهن ) فإن المراد مواضع الزينة وهي : القرط والدملج والخلخال والقلادة وهذا باتفاق علماء التفسير وهو المروي عن ابن مسعود... فهذا النص القرآني صريح في أن المرأة لا يجوز لها أن تبدي أمام المسلمة أكثر من هذه المواضع)
ثم أشار رحمه الله تعالى إلى (كثرة المفاسد التي تترتب من تكشف النساء أمام النساء المسلمات بل وأمام الذميات أيضا) بل والكافرات!
وقد سبقه الحافظ أبو الحسن ابن القطان فقال في (النظر في أحكام النظر/ ص 97و98): ( تبدي المرأة للمرأة ما تبديه لذوي محارمها وهي ممنوعة مما زاد عليه, أما امتناع ما زاد في ما تقرر عادة من ولوع بعضهن ببعض على ما نبين إن شاء الله في باب النظر...وأما جواز إبداء الوجه والكفين والقدمين فمن الآية, إذ هو مشترك لجميع من ذكر فيها يجوز منها إبداؤه, وذلك الشعر والعنق لمن أمرهن معلوم استقراره في كل زمان ومكان على تزين بعضهن بعضا ومشط بعضهن بعضا وقد أسلمت عائشة رضي الله عنها أمرها إلى النساء فمشطنها وصنعنها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ...وقالت أم عطية : مشطن رأسها ثلاثة قرون تعني بنت النبي صلى الله عليه وسلم حين ماتت وأشباه هذا كثيرة.ولفظ الآية مطلق في النهي عن إبداء الزينة لأحد من الخلق,استثنى منها ما ظهر وما يشترك فيه المذكورون وزيادة الشعر والعنق مما علم عادة من أحوالهن في كل زمان , ومعلوم أن نهيهن عن إبداء الزينة إنما هو لئلا يجوز إبداؤهن إياها للاستحسان الجالب للهوى الموقع في الفتنة, وذلك موجود في ما بينهن,فاعلمه والله الموفق).
قلت: عض على هذا بالنواجد, بل ابلعه إن استطعت.فإنه ترياق التخبط في هذا الباب والله الشاف لا شفاء إلا شفاؤه شفاء لا يغادر سقما !
وقد روى الحاكم في المستدرك (4/199) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.ورده الذهبي في التلخيص بقوله : (الرافعي ضعفوه).وضعفه الحافظ ابن حجر, والحديث ضعفه أيضا الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 3923)

يتبع إن شاء الله

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-02-2008, 07:20 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الكلمة السابعة عشرة في لبس الحلي من غير الذهب والفضة كالبلاتين والحديد وغيرهما

روى البخاري : (التمس ولو خاتما من حديد)
قال الحافظ في الفتح (10/323): (استدل به على جواز لبس خاتم الحديد ولا حجة فيه لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته)
ـ وروى أبو داود (4223) والنسائي (5195) والترمذي (1785) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه : (أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه فقال له مالي أجد منك ريح الأصنام فطرحه ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال مالي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه فقال يا رسول الله من أي شيء أتخذه قال اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا) وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود
وروى الإمام أحمد (2/163) و(2/179) والبخاري في الأدب المفرد (1021) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على بعض أصحابه خاتما من ذهب فأعرض عنه فألقاه واتخذ خاتما من حديد فقال : هذا شر هذا حلية أهل النار فألقاه فاتخذ خاتما من ورق فسكت عنه وصححه الألباني في آداب الزفاف (ص217) فقال في مبحث طويل أحب أن أنقله كله لما فيه من التحقيق العلمي الجيد : (حديث صحيح رواه أحمد . والبخاري في الأدب المفرد بسند حسن . والحديث صحيح ، فإن له في المسند طريقا أخرى عن ابن عمرو ، وفيه ضعف وله شواهد .
والخلاصة أنه يجوز لبس الحلي من غير الذهب والفضة والحديد للمرأة كالبلاتين وغيره من المعادن والمواد الجديدة غير الضارة.
الكلمة الثامنة عشرة في نظر المرأة إلى الرجل
ـ قال الشيخ الألباني في الرد المفحم (ص116و117) : ومن ذلك تأويلهم لحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها - كما تقدم بيان ذلك ( ص 46 - 47 ) - فإنه يدل على جواز نظرها إلى الضيفان الأجانب ونظرهم إليها أي : إلى وجهها . ولذلك جعلها القرطبي في تفسيره مخصصا لعموم قوله تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) ( النور : 31 )وبه وبحديث عائشة استدل كبار علماء الحنابلة من المقادسة وغيرهم - كما تقدم ( ص 66 ) - على إباحة نظر المرأة إلى غير عورة الرجل وقد يكون هذا من المتفق عليه بشرط انتفاء الشهوة فقد رأيت الحافظ ابن القطان يقول في كتابه ( ق 64 / 1 ): ( لا خلاف أعلمه في جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل ما كان إذا لم تقصد اللذة ولم تخف الفتنة كنظر الرجل إلى وجه الغلمان والمردان إذا لم يقصد ولا خوف . . . كذلك أيضا لا خلاف في جواز إبداء الرجال شعورهم وأذرعهم وسوقهم بحضرة الرجال وبحضرة النساء)
إذا عرفت هذا فأنا أقول دون أي تردد : إن هؤلاء المتشددين على النساء مع مخالفتهم للنصوص الشرعية وأقوال الأئمة فإنهم لا يفكرون فيما يخرج من أفواههم أو على الأقل لا ينتبهون إلى أبعاد أقوالهم وإلا كيف يتصورون أن تغض المرأة بصرها عن الخطيب يوم الجمعة مثلا وهو يخطب أو عن المفتي وهي تستفتيه ؟ بل كيف يمكن لهذا المفتي وأمثاله من الباعة أن لا ينظروا إلى وجهها ويديها وهم يتعاملون معها " ؟ فالحق أقول : إن هؤلاء المتشددين يقولون ما لا يعقلون ويعملون بخلاف ما يقولون فأخشى أن يعمهم قول رب العالمين : ( يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) [ الصف : 2 ] .
قال القرطبي في حديث فاطمة: (وقال بعضهم: وفيه حجة أن نظر المرأة إلى الرجل وكونها معه إذا لم تنفرد به جائز, أن ما ينكشف من الرجال للنساء في تصرفهم لا حرج فيه غير العورات, بخلاف النساء معهم , فقد تقدم هذا في الكلام على العورات)
الكلمة التاسعة عشرة في حكم الخلوة بالأجنبي
صح في الحديث (ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى . . . وهو من البطن الذي هي منه فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك فانتقلت إليه) فائدة أخرى وهو جواز قعود المرأة مع الرجل إن كان معه ذوات محرم منه فإن ابن أم مكتوم كان متزوجا. وبه يترجح أن يكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) ـ وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس ـ ذو محرم منها أو ذات محرم منه ,قال النووي في شرح مسلم(9/109): (هذا الاحتمال الثاني هو الجاري على قواعد الفقهاء فإنه لا فرق بين أن يكون معها محرم لها كابنها وأخيها وأمها وأختها أو يكون محرما له كأخته وبنته وعمته وخالته فيجوز القعود معها في هذه الأحوال)
وقال السيوطي في الديباج (3/389): (قوله (ذو) قد يعين الاحتمال الأول لأنه نص في الذكر, ومحرم الرجل شرطوا أن يكون أنثى, وإنما يقال فيها: ذات محرم. إلا أن يقال إنه مجاز وتغليب)
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (4/450): (كما تقدم من أمن غلبة الشهوة والفتنة عليها لحضور ذي المحرم لغيرته عليها وذبه عنها.)
قلت: سواء كان سبب تحقيق هذا المقصد غيرة المحرم أو غيرها ,فالأمر سيان ,والقصد منع الشيطان من الإغواء ودليل ذلك.حديث : (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)
الكلمة العشرون في حكم مؤاكلة الأجنبي في مائدة واحدة مع المحرم
ـ قال يحيى كما في الموطأ (2/934) : (سئل مالك, هل تأكل المرأة مع ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك : ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله أو مع أخيها على مثل ذلك ويكره للمرأة أن تخلو مع الرجل ليس بينه وبينها حرمة)
ـ وقال شيخ الإسلام في الفتاوى المصرية (ص32/دار الكتب العلمية): (وأكل النساء الأجانب مع الرجال لا يفعل إلا لحاجة من ضيق المكان أو قلة الطعام)
قلت: قد روى البخاري في الأدب المفرد (1053) وغيره من طريق موسى بن أبي كثير عن مجاهد عن عائشة قالت:(كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيسا فمر عمر فدعاه فأكل فأصابت يده أصبعي فقال: حس لو أطاع فيكن ما رأتكن عين فنزل) والحديث قال فيه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (6/421) : (إسناده جيد) فالحديث ظاهر في جواز مؤاكلتها للأجنبي مع وجود المحرم مع أمن الفتنة.
وفي أحكام النساء للإمام أحمد (ص46) عن ابن شوذب ذكره عن مطر : لقد كان النساء يجلسن مع الرجال في المجالس ,أما الآن فإن الأصبع من أصابع المرأة فتنة).قال محققه الأستاذ عبد القادر عطا: (كان هذا في منتصف القرن الثالث الهجري فما الحال في القرن الرابع عشر؟!) وصدق.
ـ ومن عجائب القصص في ذلك أن ابن الجوزي ذكر في أخبار النساء أن عمر بن سعيد العبدي خرج يريد سفراً له، فأخذته السّماء في بعض الطّريق فنظر، فإذا هو بقصرٍ عظيمٍ، فعدل إليه، وقرع بابه، فخرج إليه عبد الله بن يزيد فعرفه، فسلّم عليه وأنزله، وهيّأ له طعاماً ثمّ دعا بشرابٍ من خمرٍ عتيقٍ. فبينما هما يشربان إذ تطلّعت المرأة فرأت ابن سعيدٍ وكان غلاماً شابّاً، وسكر زوجها سكراً شديداً فخرجت المرأة إلى عمر بن سعيد فحدّثته وآنسته ودعته إلى نفسها فأبى، وقال: ما كنت بالذي أفعل برجلٍ أتاني منزله. ولم يزل يدافعها حتّى أفاق عبد الله بن يزيد من سكره، فأنشأ عمر يقول:
ربّ بيضاء خصرها يتثنّى قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف ولكن كنت ندمان زوجها فاستحيت
فعلم عبد الله بن يزيد ما أراد، فلمّا انصرف عمر بن سعيد عمد عبد الله إلى المرأة فجعل في عنقها حبلاً وعلّقها به إلى السّقف، فاضطربت حتّى ماتت. وعلم أنّ النّساء لا حفظ لهنّ، وآلى على نفسه أنّه لا يتزوّج امرأةً أبداً. وترك قصره وعاد إلى منزله.


الكلمة الحادية والعشرون في حكم مصافحة المرأة للرجل الأجنبي
قد ألفت في هذا الموضوع مسائل وقصدي في هذه الكلمة الرد على بعض ما أثاره المخالفون من شبه والله الموفق.
قال بعضهم: نفي عائشة هو مبلغ علمها ولا يلزم من عدم علمها عدم وجود المصافحة منه للنساء.والجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن نفسه فقال: (إني لا أصافح النساء) وهذا خبر منه لا يمكن تكذيبه وهو أعلم بنفسه من غيره.
فائدة
قال العسكري في الأوائل: أخبرنا أبو القاسم بن سيران رحمه الله قال: أخبرنا الجوهري، عن أبي زيد، عن عمر بن سعيد الدمشقي عن أبيه أن علياً عليه السلام قال لمعاوية في بعض منازعاتهما: يا ابن اللخناء، فقال معاوية: دع أبا الحسن ذكر أمي، فما هي بأخس نسائكم، وقد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم فصافحها، وما رأيته صافح امرأة غيرها، فعلى مقتضى هذا الخبر، تكون هند أول من صافحها رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء.)
ـ وروى الطبري في الجامع (28/78):حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال كانت محنة النساء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال قل لهن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة رحمة الله عليه متنكرة في النساء فقالت إني إن أتكلم يعرفني وإن عرفني قتلني وإنما تنكرت فرقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت النسوة اللاتي مع هند وأبين أن يتكلمن قالت هند وهي متنكرة وكيف يقبل من النساء شيئا لم يقبله من الرجال فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعمر قل لهن ولا يسرقن قالت هند والله إني لأصيب من أبى سفيان قلح وما أدري أيحلهن لي أم لا قال أبو سفيان ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها فدعاها فأتته فأخذت بيده فعاذت به فقال : أنت هند .فقالت: عفا الله عما سلف فصرف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم...).
قال ابن كثير في تفسيره (4/355): (هذا أثر غريب وفي بعضه نكارة ,والله أعلم. فإن أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفهما بل أظهر الصفاء والود لهما وكذلك كان الأمر من جانبه عليه السلام لهما)
ورد بعضهم الاستدلال بحديث (إني لا أصافح النساء) على المنع من مس الأجنبية بأنه ليس على المسلمين التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تركه للمصافحة لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم :(إني لا أصافح النساء ) ليس فيه إلا الامتناع عن الفعل ، والتأسي لا يكون إلا بأفعاله وهو لم يفعل شيئاً في هذه الحادثة سوى الامتناع عن الفعل.
والجواب أن الترك نوعان , ترك وجودي وهو ما كان الترك فيه مقصودا , وترك عدمي وهو ما لم يكن الترك فيه مقصودا كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى, والترك المقصود له حكم الفعل وهو مذهب الشافعي وغيره ومن المعلوم أن ترك الفعل مع توافر دواعيه لا يكون إلا لمانع , كالحال هنا, فالداعي للمصافحة قائم وهو تأكيد البيعة, ومع ذلك لم يصافح , فدل على وجود مانع أوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف عادته المستمرة في البيعة , خصوصا وأن للمصافحة فضلا في مغفرة الذنوب, وهذا المانع هو عدم المشروعية.
وقالوا أيضا: ( إن قوله صلى الله عليه وسلم :( إني لا أصافح النساء ) يدل دلالة واضحة من دلالة النص وألفاظه أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعني والمختص بالخطاب ، حيث يقول (إني) وهو حرف لا يعني النفي ولا يعني النهي عن المصافحة في هذا النص ، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عن نفسه في هذه الحادثة أنه لا يصافح النساء ، أي أنه يمتنع عن ذلك ).
والجواب : أن امتناعه عن المصافحة وهو رسول الله وأتقى الناس دال على أن الامتناع في حق غيره أولى.ونفيه عن نفسه أبلغ في نهي غيره. فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا يجد في نفسه من الرغبة إلى النساء كما نجد بل أكثر, وهذا مما يمدح به الرجال الكمل غير أن الله تعالى يعصمه كما في حديث جابر عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال: ( إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه) ومع ذلك لم يصافح مع آكدية المصافحة في البيعة للتأكيد.
وزعموا أن قوله عليه الصلاة والسلام :( إني لا أصافح النساء ) لا يعتبر نهياً مطلقاً لأنه قاله في خصوص البيعة
والجواب أنه ترك المصافحة في البيعة مع توافر الدواعي لها لأنها توكيد للبيعة فتركه لها في غيرها أولى.
ـ وسئل الإمام أحمد ـ كما في الآداب الشرعية لابن مفلح /ص451/مؤسسة الرسالة ناشرون)عن الرجل يصافح المرأة ؟قال: لا . وشدد فيه جدا.قيل له: فيصافحها بثوب؟قال : لا)
قال ابن مفلح : (والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين, وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر)
وتجويز تقي الدين الهلالي له وكلام لابن حزم في عدم الفرق بين ما يمس بحائل أو بغير حائل ومسألة مس الذكر بحائل وبيان الفرق بين المسألتين.
ـ ومن أدلة المنع حديث (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) وفي رواية عند البيهقي في الشعب (4/374) : (من أن تمسه امرأة ليست له بمحرم ) وهي ترد قول من زعم أن معنى (يمس) (يزني) والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:226) وضعفه الأستاذ الجديع وما أصاب في ذلك.وهو صحيح بحمد الله تعالى
ـ قال الشيخ الألباني في حديث المخيط: (وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له ، ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك ، و قد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر و فيهم بعض أهل العلم ، و لو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهم ، لهان الخطب بعض الشيء ، و لكنهم يستحلون ذلك ، بشتى الطرق و التأويلات ، و قد بلغنا أن شخصية كبيرة جدا في الأزهر قد رآه بعضهم يصافح النساء ، فإلى الله المشتكى من غربة,الإسلام .بل إن بعض الأحزاب الإسلامية ، قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة ,و فرضت على كل حزبي تبنيه ، واحتجت لذلك بما لا يصلح ، معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث ، والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة ، و سيأتي ذكرها )
ـ وقال القرضاوي في (فتاوى معاصرة للمرأة والأسرة المسلمة\ص14) : (غير الزوج والمحرم لا يجوز له أن يمس امرأة مسلمة ولا جسدها, ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك, وفي الحديث : لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط ... الحديث.)
ومما استدل به على المنع من مس الرجل شيئا من جسد حديث (ليس للنساء وسط الطريق ) قال ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه (12/416): (قوله (ليس للنساء وسط الطريق) لفظه أخبار مرادها الزجر عن شيء مضمر فيه وهو مماسة النساء الرجال في المشي إذا وسط الطريق الغالب على الرجال سلوكه والواجب على النساء أن يتخللن الجوانب حذر ما يتوقع من مماستهم إياهن)
وفي لفظ عند الطبراني في الأوسط (3018): (ليس للنساء سراة الطريق) وشيخه لا يعرف.
ومما استدل به على ذلك ما رواه أبو داود (2049) والنسائي (3229و3464وو3465) عن ابن عباس أن رجلا ـ [في رواية:أعرابيا] ـ قيل أنه أبو واقد كما قال النويري في نهاية الأرب ـ قال : يا رسول الله إن تحتي امرأة لا ترد يد لامس قال طلقها[في رواية:غربها إن شئت] قال إني لا أصبر عنها [في رواية :أخاف أن تتبعها نفسي]قال: فأمسكها)
ضعف هذا الحديث بعضهم , والجواب أن له طريقين أحدهما مرسلة والأخرى مسندة وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (رقم 1788)
واختلف الناس في معنى قوله (لا ترد يد لامس):
*فقيل: هو تعريض بالزنا ـ بل قيل : هو تصريح ـ , وأجيب بأنه لو كان الأمر كذلك ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على إمساكها تعيش معه تزني متى طلبها لذلك أحد.فإنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على دياثة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة ديوث , قيل من الديوث يا رسول الله؟ قال الذي يقر الخبث في أهله). والنبي صلى الله عليه وسلم حريص علينا, بالمؤمنين رؤوف رحيم, بعث ليزحزحوا عن النار ويدخلوا الجنة.
ولكان الأعرابي قاذفا, ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلده إن لم يأت بأربعة شهداء.
*وقيل: معناه أنها لا ترد سائلا صدقة.وأجيب بأنه لو كان أراد ذلك لقال: (لا ترد يد ملتمس).ولا يعقل أن يكون حل هذه المشكلة ـ إن صح أنها كانت مبذرة ـ الطلاق. بل هناك من الحلول ما هو أقرب وأيسر وألطف.
قال ابن كثير في التفسير (3/269/دار الكتب العلمية): (قال ابن قتيبة: إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا وحكاه النسائي في سننه عن بعضهم, فقال: وقيل: سخية تعطي .و رد هذا بأنه لو كان المراد لقال: لا ترد يد ملتمس. وقيل: المراد أن سجيتها لا ترد يد لامس, لا أن المراد أن هذا واقع منها, وأنها تفعل الفاحشة. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثا وقد تقدم الوعيد على ذلك ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها لأن محبته لها محققة ووقوع الفاحشة منها متوهم فلا يصار إلى الضرر العاجل لتوهم الأجل والله سبحانه وتعالى أعلم)
*وقيل: لا ترد يد من يريد لمسها.وهذا هو الظاهر, وهو الذي اختاره ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين(4/425/مكتبة ابن تيمية) فقال : (عورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزويج البغايا ، واختلفت مسالك المحرمين لذلك فيه ؛ فقالت طائفة : المراد باللامس ملتمس الصدقة ، لا ملتمس الفاحشة ، وقالت طائفة : بل هذا في الدوام غير مؤثر ، وإنما المانع ورود العقد على زانية ؛ فهذا هو الحرام ، وقالت طائفة : بل هذا من التزام أخف المفسدتين لدفع أعلاهما ؛ فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبر عنها فيواقعها حراما ؛ فأمره حينئذ بإمساكها ؛ إذ مواقعتها بعد عقد النكاح أقل فسادا من مواقعتها بالسفاح ، وقالت طائفة : بل الحديث ضعيف لا يثبت ، وقالت طائفة : ليس في الحديث ما يدل على أنها زانية ، وإنما فيه أنها لا تمتنع ممن لمسها أو وضع يده عليها أو نحو ذلك ؛ فهي تعطي الليان لذلك ، ولا يلزم أن تعطيه الفاحشة الكبرى ، ولكن هذا لا يؤمن معه إجابتها لداعي الفاحشة ، فأمره بفراقها تركا لما يريبه إلى ما لا يريبه ، فلما أخبره بأن نفسه تتبعها وأنه لا صبر له عنها رأى مصلحة إمساكها أرجح من مفارقتها لما يكره من عدم انقباضها عمن يلمسها ، فأمره بإمساكها ، وهذا لعله أرجح المسالك ، والله أعلم .)
ـ وروى مسلم (2657 ) ـ وقال ابن حبان مبوبا له: (ذكر إطلاق اسم الزنى على اليد إذا لمست ما لا يحل لها) ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كتب على بن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ). قال الإمام النووي في شرحه (16/206): (معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام ومنهم من يكون زناه الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب فكل هذه أنواع من الزنا المجازي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه معناه أنه قد يحقق الزنا بالفرج وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج وان قارب ذلك والله اعلم)
ومما يدل على أن الصحابة كانوا يرون مس المرأة الأجنبية شيئا منافيا للشرع ما رواه البخاري في الأدب المفرد (1053) وغيره من طريق موسى بن أبي كثير عن مجاهد عن عائشة قالت: (كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيسا فمر عمر فدعاه فأكل فأصابت يده أصبعي فقال: حس لو أطاع فيكن ما رأتكن عين فنزل) والحديث قال فيه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (6/421) : (إسناده جيد) .فتأمل قوله : (حس) لمجرد مس أصبعه أصبعها.
ـ ومما يدل على أن لمس الأجنبية أو غمزها باليد قصدا زنا ما رواه البخاري ( 6438 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟ قال: لا يا رسول الله. قال: أنكتها؟ لا يكني قال: فعند ذلك أمر برجمه.
ـ وفي رواية عند أحمد (1/238) وابن أبي شيبة (5/520) : (لعلك قبلت أو لمست أو باشرت)
ـ قال الحافظ : (المراد: ( لعلك وقع منك هذه المقدمات فتجوزت بإطلاق لفظ الزنا عليها) ، ففيه إشارة إلى الحديث الآخر المخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة ( العين تزني وزناها النظر ) وفي بعض طرقه عندهما أو عند أحدهما ذكر اللسان واليد والرجل والأذن)


طريفة:
ـ قال الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء : (روي أن حكيماً زوج ثلاث بنين، فلما كان رأس الحول سأل الأول عن امرأته فقال: هي امرأة من خير النساء إلا أنها خرقاء لا تعمل شيئاً فقال: أنزلها في بني فلان فإن نساءهن صناع لتتعلم، وسأل الثاني فقال: إنها لا تدفع يد لامس؛فقال: أنزلها في بني فلان فإن نساءهن عفيفات، وسأل الثالث فقال: سيئة الخلق فقال: طلقها فهذا شيء لا حيلة فيه).
ـ وروى بحشل في تاريخ واسط(1/97) نا زكريا قال ثنا هشيم عن سيار بن سليم عن الحسن البصري أن عائشة بنت عرار العدوية أتته فقال: ( لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن مصافحة النساء لصافحناك) وسيار هذا لم أعرفه.
وقد روى ابن عدي في الكامل (4/179)ثنا إبراهيم بن عيسى بن أبي الحضرون ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا عبد الله بن جعفر عن العلاء عن عبد الرحمن قال سمعت أنس بن مالك يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء) وعبد الله هذا متروك الحديث.
ورواه أيضا (6/255) حدثنا حامد ثنا محمد بن كثير ثنا كثير بن عبد الله قال سمعت أنس بن مالك قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء) ومحمد بن كثير بن مروان الفهري متروك.
طريفة أخرى
قال ابن قتيبة في عيون الأخبار (4/104/دار الكتب العلمية): (قيل لرجل في امرأته وكانت لا ترّد يد لامسٍ: علام تحبسها مع ما تعرف منها؟ فقال: إنها جميلة فلا تفرك وأمّ عيال فلا تترك)
ـ وأما حديث البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا ) فقال الحافظ : (يستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن))
ـ وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة بعد تخريجه لحديث (إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة/رقم :529) : (عند ابن خزيمة و ابن حبان و البزار و الطبري و ابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة ، قال : فمد يده من خارج البيت و مددنا أيدينا من داخل البيت ، ثم قال : اللهم أشهد . و كذا الحديث الذي بعده حيث قالت فيه ( قبضت منا امرأة يدها )، فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن . و يمكن الجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة و إن لم تقع مصافحة . و عن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول ، أو كانت المبايعة تقع بحائل ، فقد روى أبو داود في المراسيل عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده و قال : (لا أصافح النساء .... ) . ثم ذكر بقية الأحاديث بمعناه و كلها مراسيل لا تقوم الحجة بها . و ما ذكره من الجواب عن حديثي أم عطية هو العمدة على أن حديثها من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن ليس بالقوي لأن إسماعيل هذا ليس بالمشهور و إنما يستشهد به كما بينته في حجاب المرأة المسلمة ( ص 26 طبع المكتب الإسلامي ) . و جملة القول أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صافح امرأة قط حتى و لا في المبايعة فضلا عن المصافحة عند الملاقاة ، فاحتجاج البعض لجوازها بحديث أم عطية الذي ذكرته مع أن المصافحة لم تذكر فيه و إعراضه عن الأحاديث الصريحة في تنزهه صلى الله عليه وسلم عن المصافحة لأمر لا يصدر من مؤمن مخلص ، لاسيما و هناك الوعيد الشديد فيمن يمس امرأة لا تحل له كما تقدم في الحديث ( 229 ) . و يشهد لحديث أميمة بنت رقيقة الحديث الآتي . و بعد كتابة ما تقدم رأيت إسحاق بن منصور المروزي قال في مسائل أحمد و إسحاق ( 211 / 1 ) :( قلت ( يعني لأحمد ) : تكره مصافحة النساء قال : أكرهه . قال إسحاق : كما قال ، عجوز كانت أو غير عجوز إنما بايعهن النبي صلى الله عليه وسلم على يده الثوب ) . ثم رأيت في المستدرك ( 2 / 486 ) من طريق إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن ابن عجلان عن أبيه عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ( أن أبا حذيفة بن عتبة رضي الله عنه أتى بها و بهند بنت عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه ، فقالت : أخذ علينا ، فشرط علينا ، قالت : قلت له : يا ابن عم هل علمت في قومك من هذه العاهات أو الهنات شيئا ؟ قال أبو حذيفة : إيها فبايعنه ، فإن بهذا يبايع ، و هكذا يشترط . فقالت : هند : لا أبايعك على السرقة إني أسرق من مال زوجي فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده و كفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان ، فتحلل لها منه ، فقال أبو سفيان : أما الرطب فنعم و أما اليابس فلا و لا نعمة ! قالت : فبايعناه ثم قالت فاطمة : ما كانت قبة أبغض إلي من قبتك و لا أحب أن يبيحها الله و ما فيها و و الله ما من قبة أحب إلي أن يعمرها الله يبارك و فيها من قبتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . و أيضا و الله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده و والده ) . قال الحاكم : (صحيح الإسناد) . و وافقه الذهبي .
قلت : و إسناده حسن وفي محمد بن عجلان و إسماعيل بن أبي أويس كلام لا يضر إن شاء الله تعالى . و هذا الحديث يؤيد أن المبايعة كانت تقع بينه صلى الله عليه وسلم و بين النساء بمد الأيدي كما تقدم عن الحافظ لا بالمصافحة ، إذ لو وقعت لذكرها الراوي كما هو ظاهر .
وجوز بعضهم مصافحة العجوز عند أمن الشهوة كما جاز لها أن تضع خمارها. واحتج الحنفية في المبسوط والبحر الرائق وفتح القدير وتبيين الحقائق بحديث (من مس كف امرأة ليس منها بسبيل وضع على كفه جمرة يوم القيامة) و بأن أبا بكر كان يصافح العجائز وبأن عبد الله بن الزبير استأجر عجوزا لتمرضه وكانت تغمز رجليه وتفلي رأسه .وليس لها أصل كما في الدراية.2/225 واستغربها الزيلعي في نصب الراية.
طريفة
ـ روى الدارقطني في الأفراد ـ كما قال الحافظ في اللسان (3/149) ـ وابن الجوزي في الموضوعات (باب الحذر من النساء الأجانب/2/255) من رواية شعيب بن مبشر عن معقل بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فجلست إليه فكلمته في حاجتها وقامت فأراد رجل أن يجلس مكانها فنهاه أن يقعد فيه حتى يبرد مكانها) وشعيب متكلم فيه. قال فيه ابن حبان: (يتفرد عن الثقاة بما ليس من حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به.)
ـ وفي فيض القدير: (كان ابن عمر رضي الله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد) ولم أجد له إسنادا والله أعلم!
ـ تنبيه
قد يستدل أحد على جواز مس يد الأجنبية بما رواه أحمد في مسنده (4/69) عن عبد الله بن محمد عن امرأة منهم قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا آكل بشمالي, وكنت امرأة عسراء فضرب يدي, فسقطت اللقمة,فقال: لا تأكلي بشمالك...)والحديث حسنه الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة (ص71) وليس فيه شيء يدل على ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضربها غالبا بعصاه كما يفعل دائما فقد روى أحمد والنسائي عن ثوبان قال: جاءت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ من ذهب أي خواتيم كبار فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها بعصية معه يقول لها: (أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار)
واحتج بعضهم للجواز بقوله: ( ما جاز النظر إليه جاز مسه ) ويد المرأة يجوز النظر إليها بغير شهوة فيجوز مسها بغير شهوة
والجواب أن هذا تلازم فاسد, وقياس للأعلى على الأدنى, وهو قياس ضعيف عند جمهور الأصوليين ,فلا أحد يقول : (يجوز النظر إلى النار إذن يجوز مسها) , ولا أحد يقول : (يجوز النظر إلى النجاسة إذن يجوز مسها) والصحيح من حيث التلازم أن يقال : (ما حرم النظر إليه حرم مسه) ولا عكس, و(ما أبيه مسه أبيح النظر إليه) ولا عكس.
واحتج المجيزون بما رواه الترمذي :( أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ يوماً بجماعة نسوة فأومأ بيده بالتسليم ) وما رواه أبو داود عن أسماء بنت يزيد :( مرّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا ) وفي رواية :( فألوى بيده بالتسليم ) وقالوا أيضاً :( فسلم عليهن بيده ) يفيد أن التسليم باليد والتسليم يعني المصافحة ولا يعني بالإيماء أو الإشارة لأن فيه تشبهاً باليهود والنصارى وقد نهى عن ذلك بقوله :( لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود إشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالكف ) فما دام كذلك فلا يخرج الأمر عن كونه صلى الله عليه وسلم يسلم بيده مصافحة
والجواب أن الحديث ضعيف, وعلى فرض صحته فقد رواه أحمد (6/457) والترمذي(2697) مبوبا له بقوله : (باب ما جاء في التسليم على النساء) وفيه قال عبد الله بن المبارك : وأشار عبد الحميد ـ أي بن بهرام) ـ بيده.وعند البخاري في الأدب المفرد (1047) : (قال بيده إليهن بالسلام)
ولا تعارض بين نهيه وفعله فإنه يجوز الإشارة عند السلام لمن كان يتعذر سماعه للتسليم.أو الجمع بين الإشارة والتسليم باللفظ , وجزم النووي في الأذكار (198/دار الكتب العلمية): بأن حديث أسماء (محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة ويدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث وقال في روايته (فسلم علينا) ). و قال ابن حجر في الفتح (11/14): (النهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسا وشرعا وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام)
قلت: ورواية أبي داود عنده في سننه برقم (5204) وقد ورد في جواز رد السلام بالإشارة في الصلاة حديث رواه أبو داود (925) عن صهيب قال: (مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه, فرد إشارة.)
واحتجوا أيضا بما روي عنه صلى الله عليه وسلم :( لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا ومعه عمر أسفل منه فجعل يشترط على النساء البيعة وعمر يصافحهن ).وقالوا : فيه دليل على أن عمر صافحهن.
والجواب أن الحديث لا أصل له.فيكون استدلالهم لا أصل له أيضا.
ـ طريفة :
من عجيب ما قرأته ما ذكره الأستاذ وحيد عبد السلام بالي في كتابه (الصارم البتار )
أنه كان عالج امرأة من المس وذكر أن الجني الذي كان بها خاطب زوجها مرة في بيتهما وأخبره أنه سيخرج من زوجته بشرط أن يصافحها فأذن له. فلما أخبر الزوج الأستاذ وحيد أنكر استنكر عليه ذلك وأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصافح المرأة أجنبيا عنها !
ومن طريف الاستدلال قول أبي العباس الطبري في جزء فيه فوائد حديث أبي عمير (ص21): (وفي قوله (ما مسست شيئا قط ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم) ما يدل على مصافحته وإذا ثبتت المصافحة دل على تسليم الزائر إذا دخل, ودل على أن يصافح الرجل دون المرأة لأنه لم يقل فما مسسنا وإنما قال ما مسست وكذلك كانت سنته صلى الله عليه وسلم في التسليم على النساء ومبايعته إنما كان يصافح الرجال دونهن)

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-17-2008, 01:43 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي




الكلمة الثانية والعشرون في صفة مشيها في الطريق.



ـ روى البيهقي في الشعب (4/371) وابن عدي في الكامل (3/87) عن ابن عمر قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بين المرأتين) وفيه داود بن أبي صالح وبه يعرف.
ـ وروى أبو داود (5272) عن أبي أسيد الأنصاري سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)
ـ روى أبو داود 462 عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركنا هذا الباب للنساء قال نافع فلم يدخل منه بن عمر حتى مات وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود.
وأما ما رواه أبو داود أيضا 464 عن نافع أن عمر بن الخطاب : (كان ينهى أن يدخل من باب النساء) فضعيف.
ومعروف قول الزهري في تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات بعد السلام لأجل أن يخرج النساء أولا .
قلت: فلا يزاحمن الرجال في الطرقات.
ـ وروى الشافعي في الأم (2/172) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/81) عن سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه أنها كانت ثم عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين رضي الله عنها فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها ثم يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا فقالت لها عائشة رضي الله عنها لا أجرك الله لا أجرك الله تدافعين الرجال ألا كبرت ومررت
ويُنظر : الأم للشافعي ج2/172 ، وإسناده حسن كما قال محقق أخبار مكة للفاكهي(1/122) .


الكلمة الرابعة والعشرون في حكم لبس السواد عند الإحداد والحزن




انتشرت عادة لبس السواد عند النساء المسلمات قديما ـ ولا زالت ـ عند الإحداد على الزوج أو التعبير عن الحزن لموت قريب, وهي طريقة أهل الكتاب من النصارى واليهود.وهي من البدع المحدثة.قال الأستاذ عمرو عبد المنعم سليم في كتابه (الدروس المهمة لنساء الأمة/ص317) ذاكرا شروط لباس المرأة:(أن لا يوافق لباس أهل البدع, كالتزام السواد في مواسم معينة, أو تحنيك الرأس بالخمار تجعله على عظمة الفك الأسفل من الوجه)
قلت: ويقصد به ما يفعله الشيعة في إيران ولبنان. وقد انتشرت عادة لباسهن في أوساط كير من الفتيات للأسف.
طريفة
روى الدينوري في المجالسة (رقم 733) حدثنا أحمد نا أبو القاسم بن الجبلي قال: قال زيد الحميري : قلت لثوبان الراهب : أخبرني عن لبس الرهبان هذا السواد , ما المعنى فيه.قال : لأنه أشبه شيء بلباس أهل المصائب.قال: فقلت: وكلكم معشر الرهبان قد أصيب بمصيبة؟فقال: يرحمك الله! وأي مصيبة أعظم من مصائب الذنوب على أهلها)
الكلمة الخامسة والعشرون في خدمة المرأة للرجال الأجانب
قال الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص176و177و178/المكتبة الإسلامية): (ولا بأس من أن تقوم على خدمة المدعوين العروس نفسها إذا كانت متسترة وأمنت الفتنة ، لحديث سهل بن سعد قال : لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فما صنع لهم طعاما ، ولا قدمه إليهم ، إلا امرأته أم أسيد ، بلت ( وفي رواية : أنقعت ) تمرات في تور من حجارة من الليل ، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته ، تتحفه بذلك ، فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس .) والحديث رواه البخاري (4887/باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس).وغيره.
قال الحافظ في الفتح (5/251) : (في الحديث جواز رحمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محل ذلك ثم أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك)
قال الشيخ الألباني في الآداب أيضا (ص179/المكتبة الإسلامية): (ودعوى أن هذه الحادثة كانت قبل نزول الحجاب مما لا دليل عليها)


الكلمة السادسة والعشرون في حكم لبس الذهب والحرير للنساء
روى أبو داود (4057) وغيره عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي.زاد ابن ماجه (3595) (حل لإناثهم)
وروى الترمذي (1720) وغيره عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (حُرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم) وصححه الشيخ الألباني في الإرواء (رقم 277)
وهذه الإباحة مشروطة بعدم الإسراف في لبسها وأداء حق الله تعالى في زكاتها.فالصحيح أن في حلي المرأة الملبوس وغير الملبوس زكاة .
الكلمة السابعة والعشرون في لبس من غير إسراف ولا مخيلة ولا زينة
ـ روى النسائي (2559) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة) وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي وصحيح الترغيب والترهيب(2145). وفي المخيلة وجهان . بفتح الميم وكسر الخاء الموحدة الفوقية . والوجه الثاني بسكونها وفتح الياء المثناة.
وما يدخل في هذا الباب أن تجتنب المرأة الزينة في لباسها كالتطريز واختلاف الألوان في الثوب الواحد قصدا , فهذا هو التبرج المنهي عنه .فالتبرج معناه إظهار الزينة
ـ قال الإمام الذهبي في الكبائر (ص131): (ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب, واللؤلؤ من تحت النقاب, وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت, ولبسها الصباغات والأزر والحرير والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت, وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة وهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم: اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء وقال صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء. فنسأل الله أن يقينا فتنتهن وأن يصلحهن وإيانا بمنه وكرمه.)
ـ وقال العلامة أبو الثناء الآلوسي في روح المعاني (6/56): (ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق قيابهن ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية ما يبهر العيون ، وأرى أن تمكن أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانبي من قلة الغيرة وقد عمت البلوى بذلك)


الكلمة الثامنة والعشرون في ذكر محارم المرأة

قال تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)
في الآية أن من المحارم : الزوج وأبوه وابنه من غيرها والأب والابن والأخ وابنه وابن الأخت
وقال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )
في الآية أن من المحارم الابن والأب والأخ وابن الأخ وابن الأخت والعم والخال الابن من الرضاعة والأخ من الرضاعة وزوج البنت وزوج الأم إن كان دخل بها وكانت المرأة تربت في حجره وأب الزوج.
وروى البخاري (4941) ومسلم (1445) عن عائشة قالت : جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إن عمي من الرضاعة استأذن علي فأبيت أن آذن له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فليلج عليك عمك) قلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل. قال :(إنه عمك فليلج عليك)
وفي رواية عند مسلم (1444) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) فيلحق بالمحارم من ذكر بالرضاعة. فغير هؤلاء لا يجوز لها أن تبدي لهن زينتها ولا تصافحهم ولا تخلو بهم ولا تلين القول لهم.
الكلمة التاسعة والعشرون في استحباب لبس القلادة في العنق للنساء خصوصا في الصلاة

ـ روى البخاري(329) ومسلم (367) عن عائشة ( أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير : جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة)
ـ وروى الإمام أحمد (2/101): (ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال لأدفعنها إلى أحب أهلي إلي فقالت النساء: ذهبت بها ابنة أبي قحافة, فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب فعلقها في عنقها) ورواه أبو يعلى (7/445) عن إبراهيم بن حجاج السامي عن حماد.
ـ وروى الطبراني في الأوسط ( 5929 ) حدثنا محمد بن محمد التمار قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا قيس بن الربيع قال ثنا عمرو مولى عنبسة عن رائطة بنت عبد الله بن محمد بن علي قالت حدثني أبي عن أبيهعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا علي مر نساءك لا يصلين عطلا ولو أن يتقلدن سيرا)قال الهيثمي في المجمع (2/52): (رواه الطبراني في الأوسط من طريق رابطة بنت عبد الله بن محمد بن علي ولم :أجد من ذكرها) قال أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/140): (عمرو هذا هو عمرو بن خالد الواسطي وهو متروك الحديث )
ـ وروى أحمد (6/380): (ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق قال حدثني سليمان بن سحيم عن أمية بنت أبي الصلت عن امرأة من بني غفار وقد سماها لي قالت : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر رضخ لنا من الفيء وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وجعلها بيده في عنقي فوالله لا تفارقني أبدا قال وكانت في عنقها حتى ماتت ثم أوصت أن تدفن معها)
ـ ورواها ابن سعد في الطبقات (8/293): (أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن أم علي بنت أبي الحكم عن أمية بنت قيس أبي الصلت الغفارية قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار ...)
ـ وروى عبد الرزاق في المصنف (4/319 ) عن معمر عن أيوب عن ابن سرين (أنه كره أن تصلي المرأة وليس في عنقها قلادة) وفي رواية عنده (3/132) (قلت: لم ؟ قال لأن لا تَشَبَّهَ بالرجال )
ـ وروى البيهقي في الكبرى ( 2/235 ) أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أنبأ أبو الحسن الكارزي أنبأ علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد أن الفزاري حدثه عن عبد الله بن يسار عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أنها كرهت أن تصلي المرأة عطلا ولو أن تعلق في عنقها خيطا ) ـ وروي مرفوعا من حديثها كما عند القرطبي (5/393) (أنه قال لها رضي الله عنها:إنه لا ينبغي أن تكوني بغير قلادة إما بخيط وإما بسير ) ولم أجده.
قال أبو عبيد قوله: ( عطلا ) يعني التي لا حلي لها.
ـ وروى عبد الرزاق في المصنف (3/132) عن ابن التيمي عن أبيه عن رجل يقال له إبراهيم قال كتبت أم الفضل ابنة غيلان وهي ابنة يزيد بن المهلب إلى أنس بن مالك هل تصلي المرأة وليس في عنقها قلادة؟ قال: فكتب إليها: ( لا تصلي المرأة إلا وفي عنقها قلادة قال وإن لم تجد إلا سيرا)
ـ وهو اختيار القرطبي في الجامع ( 5/393 )
ـ وقال أبو القاسم الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (2/236) في ترجمة أحمد بن محمد بن زيد سمع أبا عبد الله محمد بن علي بن عمر المعسلي : (روى عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال حدثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي ثنا عبد الرحمن بن شريك حدثني عزوة بن عبد الله بن بشير قال: دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب فرأيت في عنقها خرزة ورأيت في يدها مسكتين غليظتين وهي عجوز كبيرة فقلت لها ما هذا فقالت إنه تكره للمرأة أن تتشبه بالرجال)
ـ ومن غريب الأثر ما رواه الطبراني في الصغير ( 8585) قال: حدثنا معاذ قال نا علي بن عثمان اللحقي قال حدثتنا صخرة بنت كعب بن حطان بن ذريح بن عبد الله الرقاشي عن جدتها أم عوانة قالت: قالت عائشة: ( من السنة أن تتخذ إحداكن في يديها أو رجليها أو عنقها أو أذنيها شيئا إذا وضعت على سرير غسلها).
قال الهيثمي في المجمع (3/22): (رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لا يعرف)
قصة قلادة ابن عقيل الحنبلي:
ـ قال الذهبي في السير (19/449و450):قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي حكى ابن عقيل عن نفسه قال حججت فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر فإذا شيخ أعمى ينشده ويبذل لملتقطه مئة دينار, فرددته عليه فقال: خذ الدنانير فامتنعت وخرجت إلى الشام, وزرت القدس وقصدت بغداد فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع فقدموني فصليت بهم فأطعموني وكان أول رمضان فقالوا إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر ففعلت فقالوا لإمامنا بنت فزوجت بها فأقمت معها سنة وأولدتها ولدا ذكرا فمرضت في نفاسها فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر فقلت لها لهذا قصة وحكيت لها فبكت وقالت أنت هو والله لقد كان أبي يبكي ويقول اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي وقد استجاب الله منه ثم ماتت فأخذت العقد والميراث وعدت إلى بغداد)
ـ فائدة في قوله تعالى :(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )
قال الجاحظ في البيان والتبين (ضرب الله عز وجل مثلا لعي الإنسان ورداءة البيان حين شبه أهله بالنساء والولدان ولذلك قال النمر بن تولب:
وكل خليل عليه الرعا ث والحبلات ضعيف ملق
الرعاث : القرطة. والحُبُلات كل ما تزينت به المرأة من حسن الحلي والواحدة حبْلة)
قلت: هذا الغالب عليهن وليس هذا في حق كل امرأة فقد كان منهن مثل عائشة رضي الله عنها ومثيلاتها.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-01-2008, 02:57 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي




الكلمة الثلاثون في لبس الخواتيم

ـ اعلم أنه اختلف أهل العلم في مشروعية لبس الرجل للخاتم .قال الحافظ ابن رجب في كتابه (أحكام الخواتيم/المجلد الثاني /الرسالة الثامنة والعشرون/ص651) : (وهذا ينبغي اختصاصه بالرجل, فإن النساء لا يكره لهن لبس الخاتم للزينة بلا ريب لأنه من جملة الحلي)
ـ وروى البخاري 546 ومسلم 604 عن ثابت أنهم سألوا أنسا عن خاتم رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال :أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل أو كاد
يذهب شطر الليل ثم جاء فقال إن الناس قد صلوا وناموا وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم
الصلاة قال أنس: كأني أنظر إلى وبيص خاتمه من فضة زاد مسلم : ورفع إصبعه اليسرى
بالخنصر
ـ روى مسلم ( 2078 ) عن علي قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في
إصبعي هذه أو هذه قال فأومأ إلى الوسطى أو التي تليها
ـ قال أبو العباس القرطبي في المفهم 5/414 :ولو تختم في البنصر لم يكن ممنوعا , وإنما
الذي نهي عنه في حديث علي رضي الله عنه ـ الوسطى والتي تليها من جهة الإبهام وهي التي
تسمى المسبحة أو السبابة
ـ قال المناوي في فيض القدير 2/570: (إنما ينبغي للرجل لبسه فيهما لا في غيرهما من بقية الأصابع لأنه من شعائر الحمقاء والنساء )
ـ ( إنما الخاتم لهذه وهذه يعني الخنصر والبنصر ) أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .قال العراقي إسناده ضعيف
سببه: عنه قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقلب خاتمي في السبابة والوسطى
فقال إنما الخاتم فذكره .
طريفة
ـ قال الصفدي في تصحيح التصحيف وتحرير التحريف:(كان محمد بن نفيس غيورا فأُخبر أن جارية له كتبتْ على خاتمها (مَنْ ثبَتَ نبَتَ حُبُّه)، فدعاها ووقفها علي ذلك، فقالت: لا والله، أصلحك الله، ما هو ما قيل لك وإنما هو مكتوب (مَنْ يتب يُثَبْ جنة)) اهـ.
ـ ويجوز للنساء لبس أكثر من خاتم في أصابعها لما رواه أحمد والنسائي ثوبان قال: جاءت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ من ذهب أي خواتيم كبار فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها بعصية معه يقول لها: (أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار)
وبجوز لها أن تلبس أكثر من خاتم واحد في يديها.
ـ قال النووي في شرح مسلم 14/71: (أجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في
الخنصر ، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في الأصابع كلها.
طريفة


ذكر أحمد فارس الشدياق المسيحي المصلوب في كتابه (الساق على الساق فيما هو الفارياق )
تابوتا يسمى تابوت تاحة. وقال: (تاحة هي تاحة بنت ذي الشُفْر قال إبن هشام : حفر السيل عن قبر باليمن فيه امرأة في عنقها سبع مخانق من در وفي يديها ورحيلها من الأسورة والخلاليل والدماليج سبعة سبعة وفي كل أصبع خاتم فيه جوهرة مثمنة وعند رأسها تابوت مملوء مالاً ولوح فيه وعند رأسها تابوت مملوء مالاً ولوح فيه مكتوب باسمك اللهم إله حمير أنا تاحة بنت ذي شفر
بعثت مئرنا إلى يوسف فأبطأ علينا فبعثت بمد من ورق لتأتيني بمد من طحن فلم تجده
فبعثت بمد من ذهب فلمتجده فبعثت بمد من بحري فلم تجده فأمرت به طحن فلم أنتفع به
فانتقلت فمن سمع بي فليرحمني وأية امرأة لبست حلياً من حلي فلا ماتت إلا ميتتي).
ـ وروى النسائي وغيره عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يدها قلبين ملويين من ذهب, فقال : ألقيهما عنك, واجعلي قلبين من فضة, وصفريهما بزعفران.
ـ وعند أحمد من حديث أسماء :(... وتتخذ لها جمانتين من فضة فتدرجه بين أناملها بشيء من
زعفران فإذا هو كالذهب يبرق).
ويجوز لها لبسها في أصابع قدميها إن شاءت, قال الحافظ في الفتح 10/330: (الفتخ بفتح الفاء ومثناة فوق بعدها خاء معجمة جمع فتخة وهي الخواتيم التي تلبسها النساء في أصابع الرجلين قاله بن السكيت)
وقال شيخ شيخنا الشنقيطي في أضواء البيان (5/518): (والفتخة تلبسها النساء في أصابع أيديهنّ وربما جعلتها المرأة في أصابع رجليها ومن ذلك قول الراجزة وهي الدهناء بنت مسحل زوجة العجاج :
واللَّه لا تخدعني بضم ولا بتقبيل ولا بشمّ
إلا بزعزاع يسلي همّي تسقط منه فتخي في كمّي
طريفة
ـ قال الزمخشري في ربيع الأبرار: (كان للمأمون جويرية من أحسن الناس، وأسبقهم إلى كل نادرة فحظيت عنده، فحسدها الجواري وقلن لا حسب لها، فنقشت على خاتمها حسبي حسني، فازداد بها المأمون عجباً، فسمتها الجواري، فماتت)
ـ وقد ذكر السراج القاري جعفر بن أحمد البغدادي أبو محمد في مصارع العشاق فصلا في
( نقش الشعر على الخواتم)وذكر من ذلك أخبارا عن النساء أيضا.


ـ الكلمة الأولى بعد الثلاثين في حكم سباحة المرأة
الأصل في هذا الجواز إذا أمنت المرأة نظر الأجانب لها. فيجوز لها السباحة في المسابح المخصصة لهن بحيث تلبس شيئا لا يصف عورتها للنساء. فتلبس الثياب الغلاظ كي لا تلتصق ببدنها عند الخروج من الماء.وإن شاءت السباحة في البحر المالح فانظر إلى هذا اللباس الطريف الذي عرضته بعض الشركات الكويتية. نشر إعلانه في الصفحة الثانية من مجلة (المجتمع الكويتية عدد 1402)

وعرضت في تركيا أصناف من ألبسة البحر للنساء الملتزمات زعموا وهي ألبسة فاضحة تصرخ تبرجا ..! وهذا حلقة من حلقات التحلل من الشريعة باسمها .
غريبة
من عادات الزواج في غينيا الجديدة أن تسبح المرأة في بركة ماء وهي عارية تماما فإذا قدم إليها أحد الحاضرين قطعة ثياب تكون قد أعجبته وارتضاها زوجة له وعندما تتناول القطعة تصبح على الفور زوجته! .

الكلمة الثانية والثلاثون في حكم استعمال الدهون المبيضة والملينة على الوجه
يسميه الفقهاء التقشير , وقد روى أحمد في مسنده (6/250) ثنا عبد الصمد قال حدثتني أم نهار بنت رفاع قالت حدثتني آمنة بنت عبد الله أنها شهدت عائشة فقالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمتوشمة والواصلة والمتصلة)
قال الهيثمي في المجمع (5/169) : (رواه أحمد وفيه من لم أعرفه من النساء)
وقال ابن الذهبي في سير أعلام النبلاء (16/565): (هذا حديث غريب فرد والمقشورة التي تقشر وجهها بالغمرة)
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/123): (نراه أراد هذه الغُمرة التي تعالج بها النساء وجوههن حتى ينسحق أعلى الجلد و يبدو ما تحته من البشرة)
وقال المناوي في فيض القدير (5/270): (القاشرة بقاف وشين معجمة تعالج وجهها أو وجه غيرها بالحمرة ليصفو لونها والمقشورة التي يفعل بها ذلك كأنها تقشر أعلى الجلد قال الزمخشري: القشر أن يعالج وجهها بالحمرة حتى ينسحق أعلى الجلد ويصفو اللون)
والصحيح جواز استعمال ما لا يضر من ذلك .وانظر الكلمة العاشرة.
الكلمة الثالثة والثلاثون في طهارة ثياب المرأة
ـ روى مالك (باب ما لا يجب الوضوء منه) وأحمد (6/290) و أبو داود (383) والترمذي (143) وابن ماجه (531)عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يطهره ما بعده) والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود.
ـ وروى أحمد (6/435) وأبو داود (384 )عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت :يا رسول الله إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا, قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ قالت: قلت: بلى. قال: ( فهذه بهذه)وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود
ـ وروى الإمام أحمد (2/364) وأبو داود (365) عن أبي هريرة : أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنه ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع قال إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه فقالت فإن لم يخرج الدم قال: ( يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره ) والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود.

ـ وروى أبو داود (357) عن معاذة قالت سألت عائشة رضي الله عنها عن الحائض يصيب ثوبها الدم قالت: تغسله فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة. قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعا لا أغسل لي ثوبا.
ـ وروى أحمد (6/355) وأبو داود (363) والنسائي (292) عن أم قيس بنت محصن تقول: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب قال: (حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر )
ـ قال الشيخ الألباني بعد تخريجه للحديث في السلسلة الصحيحة (رقم300): (مما يدل على أن غير الماء لا يجزىء في دم الحيض قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني : ( يكفيك الماء ) فإن مفهومه أن غير الماء لا يكفي . فتأمل ).
ثم قال: ( يجب غسل دم الحيض و لو قل ، لعموم الأمر ، وهل يجب استعمال شيء من المواد لقطع أثر النجاسة كالسدر و الصابون و نحوهما ؟ فذهب الحنفية و غيرهم إلى عدم الوجوب مستدلين بعدم ورود الحاد في الحديثين الأولين ، وذهب الشافعي والعترة كما في نيل الأوطار ( 1 / 35 - 36 ) إلى الوجوب و استدلوا بالأمر بالسدر في الحديث الثالث و هو من المواد ، وجنح إلى هذا الصنعاني فقال في سبل السلام ( 1 / 55 ) ردا على الشارح المغربي في قوله (والقول الأول أظهر ) :( وقد يقال : قد ورد الأمر بالغسل لدم الحيض بالماء والسدر ، والسدر من الحواد, والحديث الوارد به في غاية الصحة كما عرفت ، فيقيد به ما أطلق في غيره (كالحديثين السابقين ) ويخص الحاد بدم الحيض ، ولا يقاس عليه غيره من النجاسات ، وذلك لعدم تحقق شروط القياس ، ويحمل حديث (و لا يضرك أثره)" ، وقول عائشة : ( فلم يذهب) أي بعد الحاد ). قلت : وهذا هو الأقرب إلى ظاهر الحديث ، ومن الغريب أن ابن حزم لم يتعرض له في المحلى بذكر ، فكأنه لم يبلغه . )
وقال : (دم الحيض نجس للأمر بغسله،وعليه الإجماع كما ذكره الشوكاني ( 1 / 35 ) عن النووي) اهـ كلام الشيخ.
ـ وروى الدارمي (1017) عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت ثم سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثوبها إذا طهرت من محيضها كيف تصنع به قال: (إن رأيت فيه دما فحكيه ثم أقرصيه بماء ثم انضحي في سائره فصلي فيه)
ـ قال الشيخ الألباني في تخريجه للحديث رقم (299) من السلسلة الصحيحة :(في هذه الرواية زيادة ( ثم انضحي في سائره ) ، و هي زيادة هامة لأنها تبين أن قوله في رواية هشام ( ثم لتنضحه) ليس المراد نضح مكان الدم ، بل الثوب كله . و يشهد لها حديث عائشة قالت : (كانت إحدانا تحيض ثم تقرص الدم من ثوبها عند طهرها فتغسله و تنضح على سائره ، ثم تصلي فيه )
قلت: رواه البخاري (302) وغيره.ومن الغريب قول ابن حجر في الفتح (1/410): (وأما قول عائشة وتنضح على سائره فإنما فعلت ذلك دفعا للوسوسة) فإنه قد بان أنه أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهن.
ـ وروى أبو داود (313) عن امرأة من غفار أن النبي صلى الله عليه وسلم ردفها على حقيبته فحاضت قالت فنزلت فإذا بها دم مني فقال: ما لك؟ لعلك نفست ؟ قالت: نعم قال فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم )
ـ قال ابن قدامة في المغني (1/49): (قال الخطاب: فيه من الفقه جواز استعمال الملح وهو مطعوم في غسل الثوب وتنقيته من الدم )
قلت: الحديث ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود !.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 07-04-2008, 10:43 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



الكلمة الرابعة والثلاثون في حكم إظهار خواتم الذهب على اليد أمام الأجانب
ـ روى الإمام أحمد (5/398) وأبو داود (4237) والنسائي (رقم 5137/باب الكراهية للنساء في إظهار الحلي والذهب) من طرق عن منصور عن ربعي بن حراش عن امرأته عن أخت حذيفة قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين أما أنه ما منكن من امرأة تلبس ذهبا تظهره إلا عذبت به يوم القيامة) وأخت حذيفة بن اليمان سماها الحفظ في التقريب فاطمة وذكر في الإصابة أن اسمها خولة والله أعلم.وامرأة ربعي لا يعرف اسمها, فالإسناد ضعيف.قال ابن عبد البر في التمهيد (16/105): (والعلماء على دفع هذا الخبر لأن امرأة ربعي مجهولة لا تعرف بعدالة وقد تأوله بعض من يرى الزكاة في الحلي من أجل منع الزكاة منه إن منعت ولو كان ذلك لذكر وهو تأويل بعيد). ورواه ابن سعد في الطبقات (8/326)وزاد : (قال منصور فذكرت ذلك لمجاهد فقال: قد أدركتهن وإن إحداهن لتتخذ لكمها زرا تواري خاتمها)
ـ قال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة (ص90): (وليس استشهادي في هذه الرواية بالحديث المرفوع وإن كان صريحا في ذلك لأن في إسناده المرأة التي لم تسم وإنما هو بقول مجاهد: (تواري خاتمها) فهو نص صريح فيما ذكرت والحمد لله على توفيقه, ثم رأيت قول مجاهد بسند آخر صحيح عنه في مسند أبي يعلى (6989))
قلت : رواه أبو يعلى قال : حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال :(كانت المرأة من النساء الأولى تتخذ لكم درعها أزرارا تجعله في إصبعها تغطي به الخاتم)
قلت: يعارض هذا ما رواه الإمام أحمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابنة هبيرة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها خواتيم من ذهب يقال لها الفتخ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع يدها بعصية معه يقول لها: ( أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار) والحديث صححه الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص231/المكتبة الإسلامية)
والفتخ الخواتيم الكبار.وإنكار النبي صلى الله عليه وسلم متردد بين أن يكون بسبب المغالات وبين أن يكون لأجل أنها محلقة على مذهب الشيخ الألباني.إما أن يكون لأجل إظهار الحلي مطلقا
ـ قال الإمام الطبري (18/48) في تفسير قوله تعالى (إلا ما ظهر منها): (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عنى بذلك الوجه والكفين يدخل في ذلك - إذا كان كذلك - الكحل والخاتم والسوار والخضاب)
ـ روى ابن أبي حاتم في التفسير (15224) قرئ على يونس بن عبد الأعلى, أنبأ ابن وهب, أخبرني ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب, في قول الله:( ولا يبدين زينتهن ) , قال ابن شهاب:( قال لا يبدو لهؤلاء الذين سمى الله من لا يحل له إلا الأسورة, والأخمرة, والأقرطة من غير حسر, وأما عامة الناس فلا يبدو منها إلا الخواتم.)
ـ وروى ابن أبي حاتم في التفسير ( 15225), ويحيى بن معين (جزء يحيى بن معين /رقم8) ثنا ابن نمير, عن الأعمش, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس:( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) , قال: (وجهها وكفاها, والخاتم)
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله الصحيح إلا أن الأعمش مدلس وقد عنعن والشيخ الألباني يسلك روايته بالعنعنة على طريقة الذهبي رحمه الله تعالى.وقد صحح الأثر ابن حزم في المحلى.
ـ قال ابن أبي حاتم: ( وروي عن ابن عمر, وعطاء بن أبي رباح, وسعيد بن جبير, وإبراهيم النخعي, والضحاك, وعكرمة, وأبي صالح, وزياد بن أبي مريم نحو ذلك)
قلت: وهو قول قتادة ومجاهد.وروي من كلام ابن عباس والمسور بن مخرمة ولا يصح إليهما طريق. وأما قول مجاهد فمحمول على أنهن كن يفعلن ذلك ورعا وإلا فقد صح عنه تجويز إظهار الخاتم والله أعلم.
ـ وروى مسلم ( 885)عن جابر بن عبد الله قال : (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن)
وفي الحديث أنهن نزعن الخواتيم من أصابعهن والظاهر أن أيديهن كانت مكشوفة..
وأما الأقراط والأسورة وغيرها فلا يجوز تبعا للمحل الذي يحلى بها . ففي حديث أبي هريرة عندما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة لبسها لسوارين من ذهب أنها قالت له: (يا رسول الله إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده). وصَلِفَتِ المرأة إذا لم تحظ عند زوجها وأبغضها فهي صَلِفَةٌ,وهو بين في أن إظهار مثل هذه الزينة مما يثير الرجل نحو المتزينة فتحظى عنده.


الكلمة السادسة والثلاثون في أن من السنة أن تلبس المرأة أحسن ثيابها في مرض موتها

ـ روى أبو داود (3114) عن أبي سعيد الخدري أنه لما حضره الموت . دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) صححه الحاكم في المستدرك والشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1671)
ـ وقال العيني في شرح أبي داود (6/32/مكتبة الرشد): (إنما قال عليه السلام هذا القول ترغيبا لمن حضره الموت أن يلبس أحسن ثيابه وأنظفها في ذلك الوقت, لأنه وقت قدومه على الرب الكريم, ووقت اتصاله بجواره, فينبغي أن يكون في ذلك الوقت على هيئة حسنة نظيفة, والحديث يدل على أن الميت يبعث في ثيابه, وأما عريه وحفاه فذاك عند الحشر , والحشر غير البعث , والله أعلم, والحديث لم يخرجه غير أبي داود من الأئمة الستة)
وقد عورض ظاهر الحديث بقوله صلى (يحشر الناس حفاة عراة). قال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن (1/262و263) وذكر مثله ابن القيم في حاشية السنن (8/266): (أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره...وقال بعضهم : البعث غير الحشر, فقد يجوز أن يكون البعث مع الثياب والحشر مع العري والحفا والله أعلم)
ـ و قال ابن عبد البر (19/14و15): (قد يحتمل أن يكون أبو سعيد سمع الحديث في الشهيد فتأوله على العموم ويكون الميت المذكور في حديثه هو الشهيد الذي أمر أن يزمل بثيابه ويدفن فيها ولا يغسل عنه دمه ولا يغير شيء من حاله بدليل حديث ابن عباس وغيره عن النبي أنه قال: ( إنكم محشورون يوم القيامة حفاة عراة غرلا) ثم قرأ : (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم فلهذا الحديث وشبهه تأولنا في حديث أبي سعيد ما ذكرنا والله أعلم وقد كان بعضهم يتأول في حديث أبي سعيد أنه يبعث على العمل الذي يختم له به وظاهره ذلك والله أعلم)
ـ وقال القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى والآخرة (ص193و194/مكتبة الصفا): (قلت : ومما يدل على قول الجماعة مما يواقف حديث عائشة وابن عباس قوله الحق : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وقوله : كما بدأكم تعودون ولأن الملابس في الدنيا أموال ولا مال في الآخرة زالت الأملاك بالموت و بقيت الأموال في الدنيا و كل نفس يومئذ ، فإنما يقيها المكاره ما وجب لها بحسن عملها أو رحمة مبتدأة من الله عليها.فأما الملابس فلا غنى فيها يومئذ إلا ما كان من لباس الجنة على ما تقدم في الباب قبل ..)
ـ وقال الحافظ في الفتح (11/382و383): (ويجمع بينهما بأن بعضهم يحشر عاريا وبعضهم كاسيا أو يحشرون كلهم عراة ثم يكسى الأنبياء فأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو يخرجون من القبور بالثياب التي ماتوا فيها ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة ثم يكون أول من يكسى إبراهيم.
وحمل بعضهم حديث أبي سعيد على الشهداء لأنهم الذين أمر أن يزملوا في ثيابهم ويدفنوا فيها فيحتمل أن يكون أبو سعيد سمعه في الشهيد فحمله على العموم.
قال: وحمله بعض أهل العلم على العمل وإطلاق الثياب على العمل وقع في مثل قوله تعالى (ولباس التقوى ذلك خير) وقوله تعالى (وثيابك فطهر) على أحد الأقوال وهو قول قتادة قال : معناه (وعملك فأخلصه) ويؤكد ذلك حديث جابر رفعه (يبعث كل عبد على ما مات عليه) أخرجه مسلم. وحديث فضالة بن عبيد (من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة) الحديث أخرجه أحمد, ورجح القرطبي الحمل على ظاهر الخبر, ويتأيد بقوله تعالى:( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) وقوله تعالى (كما بدأكم تعودون) والى ذلك الإشارة في حديث الباب بذكر قوله تعالى (كما بدأنا أول خلق نعيده) عقب قوله (حفاة عراة) قال: فيحمل ما دل عليه حديث أبي سعيد على الشهداء لأنهم يدفنون بثيابهم فيبعثون فيها تمييزا لهم عن غيرهم وقد نقله ابن عبد البر عن أكثر العلماء ومن حيث النظر أن الملابس في الدنيا أموال ولا مال في الآخرة مما كان في الدنيا ولأن الذي بقي النفس مما تكره في الآخرة ثواب بحسن عملها أو رحمة مبتدأة من الله وأما ملابس الدنيا فلا تغني عنها شيئا)
ـ وقال المناوي في فيض القدير: (قال التوربشتي وقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد روينا عن أفضل الصحب أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه وقال إنما هما للمهل والتراب ثم إنهم ليس لهم أن يحملوا صلى الله عليه وسلم يبعث في ثيابه على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى اه بالإجماع القاضي فقال العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الرازي إذ لا يبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يبعد إعادة عظامه النخرة.)
والظاهر حمله على ظاهره فليس ثمت ما يمنع ذلك شرعا ولا عقلا والله تعالى يفعل ما يشاء.وأبو سعيد هو راوي الحديث وهو أدرى بما روى من غيره. فلا يقال كما قال التورشتي كما في فيض القدير للمناوي أنه (كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد رأى بعضهم الجمع بين الحديثين فقال : فالبعث بثياب والحشر بدونها قال ولم يصنع هذا القائل شيئا فإنه ظن أنه نصر السنة وقد ضيع أكثر مما حفظ فإنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد ).وأما أنه سمعه في الشهيد فحمله على العموم فاحتمال كما قال الحافظ وأبو سعيد أعلم .وأما أنه لا ينفع الثوب بعد الموت فنعم ولا يبعث به لينتفع به إنما هو مراد الله وكفى.ويدل على جواز ذلك شرعا ما رواه النسائي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما واغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة محرما). قال الشيخ الألباني : صحيح. وأصله في الصحيحين بلفظ (ملبيا) وفي رواية عند مسلم: (ملبدا).فما ذكره العيني هو ما أعتقده والله تعالى أعلم.
الكلمة السابعة والثلاثون في ذكر صفة كفن المرأة
ـ إذا ماتت المرأة فإنها تطيب بعد غسلها ثلاثا أو أكثر وترا ويظفر رأسها ثلاثة أثلاث, قرنيها وناصيتها, وتلقى الثلاثة خلفها.
ـ فقد روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن وأحمد وابن الجارود ـ وهذا تنسيق من الشيخ الألباني للروايات والألفاظ كما في كتاب الجنائز (ص65) عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته زينب,فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو [سبعا] أو أكثر من ذلك, إن رأيتن ذلك, بماء وسدر [قالت: قلت: وترا ؟ قال : نعم]. واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور, فإذا فرقتن فآذنني, فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه فقال: أشعرنها إياه,]تعني إزاره],[قالت: ومشطناها ثلاثة قرون], (وفي رواية: نقضنه ثم غسلنه), [فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث , قرنيها وناصيتها وألقيناها خلفها, [قالت:وقال لنا : ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها])
ـ وتكفن في ثوب أو ثوبين أو ثلاثة أثواب لا يزاد عليها كما هو مذهب الجمهور لما رواه الستة عن عائشة( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية...)
ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الجنائز (ص85): (والمرأة في ذلك كالرجل, إذ لا دليل على التفريق, وأما حديث ليلى بنت القائف الثقفية في تكفين ابنته صلى الله عليه وسلم (يقصد أم كلثوم) في خمسة أثواب فلا يصح إسناده, ونحوه ما زاده بعضهم في قصة غسل ابنة النبي صلى الله عليه وسلم المتقدمة (ص48) بلفظ : (فكفناها في خمسة أثواب) فإنها شاذة أو منكرة كما حققته في الضعيفة (5844))
ـ ويستحب أن تكون بيضاء لما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني في كتاب الجنائز (ص82) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (البسوا من ثيابكم البياض , فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم)
ـ وقد روى أبو داود عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا توفي أحدكم فوجد شيئا, فليكفن في ثوب حِبَرَة) والحبرة البرد المخطط. قال الشيخ الألباني في الجنائز(83): (وهذا سند صحيح عندي, وهو كذلك عند المزي, وأما الحافظ فقال في التلخيص (5/131): (وإسناده حسن). وله طريق أخرى عند أحمد (3/319) بلفظ: (من وجد سعة فليكفن في ثوب حبرة))
ثم قال (ص83و84) : (اعلم أنه لا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الأول في البياض لإمكان التوفيق بينهما بوجه من وجوه الجمع الكثيرة المعلومة عند العلماء. ويخطر في بالي الآن منها وجهان:
الأول أن تكون الحبرة بيضاء مخططة ويكون الغالب عليها البياض, فحينئذ يشملها الحديث الأول باعتبار أن العبرة في كل شيء بالغالب عليه, وهذا إذا كان الكفن ثوبا واحدا, وأما إذا كان أكثر فالجمع أيسر وهو الوجه الآتي.
الثاني: أن يُجعل كفنٌ واحد حبرةً,وما بقي أبيضَ, وبذلك يُعمل بالحديثين معا...)
قلت: هناك وجه ثالث ينتج عن الوجهين السابقين وهو أن يكون أحد الأثواب الثلاثة أبيض حبرة والباقيان أبيضين خالصين.
ـ وقد روى مسلم ( 943) عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) قال الشيخ الألباني في كتاب الجنائز : ( قال العلماء : ( المراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره وتوسطه وليس المراد به السرف فيه والمغالاة ونفاسته ) .
وفي بعض الروايات (فإنهم يبعثون في أكفانهم ويتزاورون في أكفانهم) وصححها الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم1425) فيسن أن يحسن كفن المرأة فيختار لها الأنظف والأستر والأجمل من غير سرف ولا مخيلة.
ـ طريفة
قال الحافظ ابن رجب في أهول القبور (ص 74/دار الكتب العلمية) : (قال أبو الحسن بن البراء : حدثنا العباس بن أبي عيسى قال: كانت امرأة تقية سرية توفيت, فرأت ابنة لها في المنام كأنه أمها أتتها, فقالت: يا بنية كفنتموني بكفن ضيق فأنا بين صواحبي أستحي منهن,وفلانة تأتينا في يوم كذا وكذا ولي في موضع ذكرته أربة دنانير, فاشتروا لي كفنا, وابعثوا لي معها, قالت الابنة: ولم أكن أعلم أن لها في الموضع الذي ذكرت بأسا, قالت: فلما كان بعد اعتلت.قالت : فجاؤوني فقالوا لي: ما تقولين؟ فقصصت عليهم القصة,فقالت:: فذكرت الحديث الذي روي عن عائشة أنهم يتزاورون في أكفانهم, وقلت لهم: اذهبوا إلى رجلين من أهل الحديث بزازين,يقال لأحدهما : ابن النيسابوري والآخر أبو توبة ,فليشتريا لها كفنا.قال: فذهبت البنت إلى الموضع الذي ذكرت,ووضعت الكفن معها في كفنها, فلما كان بعد ذلك رأت المرأة البنت في المنام قالت: يا بنية قد أتنا فلانة ووصل إلي الكفن , ما أحسنه وأوسعه ,أما إنه جزاك الله خيرا.)
ـ موعظة
قال ابن القيم في كتاب الروح (ص35/دار المعرفة): (لما ماتت رابعة رأتها امرأة من أصحابها وعليها حلة استبرق وخمار من سندس وكانت كفنت في جبة وخمار من صوف فقالت لها: ما فعلت الجبة التي كفنتك فيها وخمار الصوف قالت: والله أنه نزع عني وأبدلت به هذا الذي ترين على وطويت أكفاني وختم عليها ورفعت في عليين ليكمل لي ثوابها يوم القيامة قالت: فقلت لها: لهذا كنت تعملين أيام الدنيا. فقالت: وما هذا عندما رأيت من كرامة الله لأوليائه فقلت لها: فما فعلت عبدة بنت أبي كلاب. فقلت: هيهات هيهات سبقتنا والله إلى الدرجات العلى. قالت: قلت: وبم وقد كنت عند الناس أعبد منها؟ فقالت: أنها لم تكن تبالي على أي حال أصبحت من الدنيا أو أمست)
وقال (ص37): (قال يزيد بن نعامة هلكت جارية في طاعون الجارف فلقيها أبوها بعد موتها فقال لها يا بنية أخبريني عن الآخرة قالت يا أبت قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة عملي أحب إلى من الدنيا وما فيها. وقال كثير بن مرة رأيت في منامي كأني دخلت درجة علياء في الجنة فجعلت أطوف بها وأتعجب منها فإذا أنا بنساء من نساء المسجد في ناحية منها فذهبت حتى سلمت عليهن ثم قلت بما بلغتن هذه الدرجة قلن بسجدات وتكبيرات)
ـ فائدة
قال النووي في شرح مسلم (7/13) في مسألة حمل النساء للجنازة : (لا يحملها إلا الرجال وان كانت الميتة امرأة لأنهم أقوى لذلك والنساء ضعيفات وربما انكشف من الحامل بعض بدنه)
قلت: فإن لم يكن من يحملها غيرهن جاز بل وجب.
وروى أبو نعيم في الحلية أن فاطمة رضي الله عنها بنت النبي  أنكرت ما يفعل بأموات النساء حين يخرجن إلى قبورهن بأكفان تصف أجسامهن فقالت :( إني استقبحت ما يصنع بالنساء ،أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها) فإن كان هذا بالأموات فكيف بالأحياء!
وروى ابن سعد (6/169) وابن أبي شيبة (3/16) وعبد الرزاق (3/498)والبيهقي (4/54) وصحح إسناده أن عبد الله بن يزيد حضر جنازة الحارث الأعور فرآهم وضعوا عليها ثوبا فكشطه وقال : (إنما يصنع هذا بالنساء) وفي رواية (فإنما هو رجل) وفي رواية عند ابن سعد: (هكذا السنة) وهذا اختيار الحنابلة والشوكاني في السيل الجرار.
وروي مثل هذا عن علي ولا يصح.
قال ابن قدامة في المغني (2/189) : (مسألة: قال: ( والمرأة يخمر قبرها بثوب) لا نعلم في استحباب هذا بين أهل العلم خلافا ... ولأن المرأة عورة ولا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون فإن كان الميت رجلا كره ستر قبره لما ذكرنا ...ولأن كشفه أمكن وأبعد من التشبه بالنساء مع ما فيه من اتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)
* دفن المرأة في تابوت أو نعش
قال الإمام القرطبي في تفسيره (10/381): (الدفن في التابوت جائز لا سيما في الأرض الرخوة وروي أن دانيال صلوات الله عليه كان في تابوت من حجر وأن يوسف عليه السلام أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد وبقي كذلك إلى زمان موسى صلوات الله عليهم أجمعين فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق عليه السلام)
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (1/98): يقال إن نوحا عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت فدفنهما ببيت المقدس حكى ذلك ابن جرير)!


الكلمة الثامنة والثلاثون في صفة لباس المرأة وزينتها في الجنة
ـ قال الله تعالى (إنا أنشأناهن إنشاء عربا أترابا لأصحاب اليمين)
ـ وقال تعالى : (خيرات حسان)
ـ روى مسلم (2833) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا)
ـ وروى الطبراني في الكبير (23/368/870) عن أم سلمة أنها قالت : (...يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال: بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة قلت يا رسول الله وبم ذاك قال بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله عز وجل ألبس الله عز وجل وجوههن النور وأجسادهن الحرير وعثمان الألوان خضر الثياب بنو الحلي مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب يقلن إلا نحن الخالدات فلا نموت أبدا إلا ونحن الناعمات فلا نبؤس أبدا ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا إلا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا طوبى لمن كنا له وكان لنا...)
ـ قال الهيثمي في المجمع (7/119): (وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي في الكامل).
ـ قال القرطبي في الجامع (16/154): (اختلف أيما أفضل في الجنة نساء الآدميات أم الحور فذكر ابن المبارك قال وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم عن حبان بن أبي حبلة قال: إن نساء الآدميات من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا, وروي مرفوعا( إن الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف) وقيل إن الحور العين أفضل لقوله عليه السلام في دعائه : (وأبدله زوجا خيرا من زوجه) والله أعلم)
ـ وروى ابن المبارك في الزهد (1866) ومن طريقه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (273 ) أنا رشدين بن سعد ، عن ابن أنعم ، عن حبان بن أبي جبلة ، قال : (إن نساء أهل الدنيا من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا) ورشدين وابن أنعم ضعيفان.
ـ قال القرطبي في الجامع (16/112): (قيل أن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة قاله الحسن البصري والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا وإنما هن مخلوقات في الجنة لأن الله تعالى قال (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان))
ـ وقال ابن القيم في حادي الأرواح (ص232/المكتبة العصرية) في قوله تعالى (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان): (هم مختلفون في هؤلاء فبعضهم يقول هن اللواتي أنشئن في الجنة من حورها وبعضهم يقول يعني نساء الدنيا أنشئن خلقا آخر أبكارا كما وصفن قال الشعبي نساء من نساء الدنيا لم يمسسن منذ أنشئن خلقا وقال مقاتل لأنهن خلقن في الجنة وقال عطاء عن ابن عباس هن الآدميات اللاتي متن أبكارا وقال الكلبي لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه انس ولا جان قلت ظاهر القران أن هؤلاء النسوة لسن من نساء الدنيا وإنما هن من الحور حور العين و أما نساء الدنيا فقد طمثهن الإنس ونساء الجن قد طمثهن الجن والآية تدل على ذلك)
ـ وروى البخاري(6199) وبوب له الهيثمي في المجمع (10/417) بقوله (باب ما جاء في نساء أهل الجنة من الحور العين وغيرهن) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها يعني الخمار خير من الدنيا وما فيها)
ـ قال المناوي في فيض القدير (5/277): (أي نظرت إليها وأشرقت عليها لملأت ما بينهما ريحا ولأضاءت ما بينهما من نور بهائها)
ـ وروى مسلم (2834) عن أيوب عن محمد قال إما تفاخروا وإما تذاكروا الرجال في الجنة أكثر أم النساء فقال أبو هريرة أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ثم إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ملكا تليها على أضوء كوكب دري في السماء لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب)
ـ قال القاضي عياض في إكمال المعلم (8/366): (وهذا كله في الآدميات وإلا فقد جاء أن للواحد من أهل الجنة من الحوريات العدد الكثير)
ـ قال ابن كثير في البداية والنهاية : (المراد من هذا أن هاتين من بنات آدم ومعها من الحوريات ما شاء الله عز وجل ) وذهب بعضهم إلى أنهن من جنس نساء الجنة من غير تعيين وأن الثنتين أقل ما لأحدهما ويزداد عددهن بحسب دين صاحبهن كما هو مذهب أبي العباس القرطبي في المفهم (7/181)
ـ وروى الترمذي في الشمائل (رقم 205) وغيره عن الحسن قال : أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال :( يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز ) . قال : فولت تبكي . فقال : ( أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول : (إنا أنشأناهن إنشاء . فجعلناهن أبكارا . عربا أترابا )
وله شاهد من حديث عائشة عند الطبراني في الأوسط ( 5545 ) ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (رقم416 )قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أحمد بن طارق الوابشي قال حدثنا مسعدة بن اليسع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتته عجوز من الأنصار فقالت يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال نبي الله إن الجنة لا يدخلها عجوز فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع إلى عائشة فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك كذلك أن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا)
ـ قال الهيثمي في المجمع (10/419): (فيه مسعدة بن اليسع وهو ضعيف)
ـ ورواه البيهقي في البعث والنشور (ص216/مركز الخدمات والأبحاث الثقافية) قال : أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا الأسفاطي يعني العباس بن الفضل ، ثنا نحوه الحماني ، ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة ، وعندها عجوز فقال : من هذه ؟ قالت : إحدى خالاتي ...)الحديث.وفيه الليث وهو ضعيف, وزعم بعضهم أن مجاهد لم يسمع من عائشة ,وقد أثبت سماعه منها علي بن المديني والحافظ ابن حجر والدليل على ذلك ما رواه البخاري (4007/دار ابن كثير) عن مجاهد قال: (دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة قال: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعا , ثم سمعنا استنان عائشة, قال عروة: يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر فقالت: ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو شاهده, وما اعتمر في رجب قط) والله أعلم
والحديث حسنه الشيخ الألباني في غاية المرام (رقم375/ص172) وانظر تخريجه للحديث في السلسلة الصحيحة (رقم:2987) وقد قال هناك: (ويشهد لمعنى حديث الترجمة عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين ، بني ثلاث و ثلاثين) . حسنه الترمذي ، و هو صحيح بمجموع طرقه و شواهده ، و قد بينت ذلك في التعليق الرغيب ( 4/ 245 ) و تقدم بعضها برقم (2512 ).( تنبيه ) : كنت خرجت الحديث في بعض مؤلفاتي مثل غاية المرام ( ص 215 - 216) محسنا إياه ، و الآن فقد ازداد قوة بهذا الحديث الصحيح ، مع ما جاء في تفسير ( إنا أنشأناهن إنشاء ))
قلت: في السلسلة الصحيحة للشيخ: (أحمد بن طارق الواشي لم أعرفه وهذه النسبة لم يذكرها السمعاني وابن الأثير) وهو خطأ مطبعي والصحيح أنه الوابشي وهو أحمد بن طارق أبو الحسن كما في بعض أسانيد ابن بشران في أماليه, وقد ذكره الشيخ في بعض المواضع من الضعيفة بنسبته الصحيحة وقال فيه نفس ما قال هنا, والنسبة معروفة ذكرها السمعاني فقال: (حرف الواو باب الواو والألف الوابشي: بفتح الواو والباء الموحدة المكسورة وفي آخرها الشين المعجمة.هذه النسبة إلى وابش بن زيد بن عدوان بن عمرو بن قيس) لكنه مع ذلك لا يعرف.ولا أعرف أحدا يروي عنه غير محمد بن عثمان بن أبي شيبة فهو مجهول العين والله أعلم.والظاهر أن الشيخ لم يحسن إلا الحديث دون قصة العجوز.
ـ قال ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح (ص236) في قوله تعالى (إن أنشأناهن إنشاء) : (ظاهره اختصاصهن بهذا الإنشاء و تأمل تأكيده بالمصدر والحديث لا يدل على اختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف بل يدل على مشاركتهن للحور العين في هذه الصفات المذكورة فلا يتوهم انفراد الحور العين عنهن بما ذكر من الصفات بل هي أحق به منهن فالإنشاء واقع على الصنفين والله أعلم)
قلت: وعلى هذا فكل ما ذكر في الحور العين ولباسهن وزينتهن فإن الآدميات في الجنة موصوفات به من باب أولى وأحق ولله الحمد والمنة.بل قد ورد عن بعض السلف ما يدل أن فضليات نساء الدنيا يصرن من الحور العين يوم القيامة , فقد روى البخاري في الأدب المفرد(504) حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبى وائل عن أبى نحيلة : قيل له ادع الله قال اللهم انقص من المرض ولا تنقص من الأجر فقيل له: ادع, ادع فقال اللهم اجعلني من المقربين واجعل أمي من الحور العين) والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد.
ـ وروى ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (166 ) حدثنا العباس بن عبد الله أبو محمد أنا أبو المغيرة ثنا عبدة عن أبيها خالد بن معدان قال : ( إن المرأة من نساء أهل الجنة تلبس ثنتين وسبعين حلة لها اثنان وسبعون لونا, إن أدنى لونها لون شقائق النعمان تجمعها بين أصبعيك تقرأ في صدر زوجها أنت حبي, ويقرأ في صدرها أنت حبي وأنا صاحبك )
وروى أيضا (277) حدثني حمزة بن العباس ثنا عبد الله بن عثمان أنا ابن المبارك أنا معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال : (إن الرجل من أهل الجنة يرى وجهه في وجه صاحبته وترى وجهها في ساعده، ويرى وجهه في نحرها وترى وجهها في نحره، ويرى وجهه في معصمها وترى وجهها في ساعده، ويرى وجهه في ساقها وترى وجهها في ساقه، وتلبس حلة تلون في ساعة سبعين لونا) .وقال: حدثني عمار بن نصر ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة ، نحوه
ـ وقال القرطبي رحمه الله تعالى في التذكرة (ص445): ذكر ابن وهب عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: (والله الذي لا إله إلا هو لو أن امرأة من الحور العين أطلعت سوارها من العرش لأطفأ نور سوارها نور الشمس والقمر,فكيف المسورة (أي التي تلبس السوار) وأن ما خلق الله شيئا تلبسه إلا عليه مثل ما عليها من ثياب وحلي)
قلت: روى هذا الخبر عبد الملك بن حبيب في صفة الفردوس(رقم 216) حدثني أسد بن موسى عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز قال ...وذكر الخبر إلى قوله : (فكيف بالمسورة)



إلى هنا انتهى شيخنا طارق الحمودي في رسالته القيمة النافعة,فجازاه الله خيرا على مجهوده و أسأل الله أن يبارك في علم الشيخ و أي يغفر له ذنوبه و يبدل سيئاته حسنات.

لا تنسونا بالدعاء



رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04-22-2009, 02:08 PM
أم مُعاذ أم مُعاذ غير متواجد حالياً
لا تنسوني من الدعاء أن يرْزُقْنِي الله الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى وَحُسْنَ الخَاتِمَة
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا

التوقيع

توفيت امنا هجرة الي الله السلفية
اللهم اغفر لامتك هالة بنت يحيى اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها وادخلها الجنة واعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator


الساعة الآن 07:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.