انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى اللغة العربية > واحة الشعر العربي

واحة الشعر العربي هنا توضع أي قصيدة عربية منقولة عن الشعراء المتقدمين والمتأخرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 04-11-2007, 09:45 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 








فصل
في أشجارها وثمارها وظلالها







أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ثان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد بأصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان


ذكر الناظم في هذا الفصل أن أشجار الجنة نوعان منها ماله نظير في هذه الدنيا والنوع الثاني ما لا نظير له في الدنيا وبدأ بالنوع الأول وهو الذي له مثل في هذه الدنيا وقد قال تعالى ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) وقال تعالى ( ذواتا أفنان ) جمع فنن وهو الغصن وقال ( فيها فاكهة ونخل ورمان )
قال الناظم في حادي الأرواح والمخضوض الذي قد خضد شوكه أي نزع وقطع فلا شوك فيه هذا قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وقتادة وأبي الأحوص وقسامة بن زهير واحتجوا بحجتين الأولى أن الخضد في اللغة القطع خضدت الشجر قطعت شوكة فهو خضيد ومخضود والثانية ما روى ابن ابي داود عن عتبة السلمي قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها يعني الطلح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد جعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لونا آخر الملبود الذي قد اجتمع شعره بعضه إلى بعض وروى ابن المبارك عن سليم بن عامر قال أقبل أعرابي يوما فقال ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال وما هي قال السدر فإن له شوكا مؤذيا قال أليس يقول عز وجل ( في سدر مخضود ) خضد الله شوكة فجعل مكان كل شوكة ثمرة وقالت طائفة هو الموقر حملا ولم يصب الذي أنكروا هذا القول وهو صحيح وأربابه ذهبوا إلى أن الله لما خضد شوكه فأذهبه وجعل مكان كل شوكة ثمرة أوقره بالحمل الحديثان المذكوران يجمعان القولين ومن قال المخضود ما لا يعقر لا يرد اليد منه شوك ولا أذى فقد فسره بلازم المعنى وهكذا غالب المفسرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارة وفردا من أفراده تارة ومثالا من أمثلته فيحكيها الجماعون للغث والسمين أقوالا مختلفة ولا اختلاف بينها وأما الطلح فأكثر المفسرين أنسه شجر الموز وهذا قول علي وابن عباس وابي هريرة وأبي سعيد الخدري وقالت طائفة بل هو شجر عظام طوال من البوادي الكثير الشوك وله نور ورائحة طيبة وظل ظليل قال ابن قتيبة هو الذي نضد بالحمل أو بالورق فليس له ساق بارز وقال مسروق ورق الجنة نضد من أسفلها إلى أعلاها وأنهارها تجري من غير أخدود وقال الليث الطلح شجر أم غيلان من أعظم العضاة شوكا وأصلبه عودا وأجوده صمعنا قال أبو اسحاق له نور طيب الرائحة وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسامي والظاهر أن التفسير بالموز تمثيل به لحسن نضده والا فالطلح في اللغة هو الشجر العظام من البوادي والله أعلم



هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعداد قول إلهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتو به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الطعوم فذاك قول ثان



قال الله تعالى ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها )
قال الناظم قال مجاهد ما أشبههه به وقال ابن زيد يعرفونه وقال آخرون قيل هذا لشدة مشابهة بعضه بعضا في اللون والطعم وهو أعظم من المشابهة التي بينها وبين ثمار الدنيا ولشدة المشابهة قالوا هذا هو قال أبو عبيدة كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى قال الحسن وقتادة وابن جريج وجماعة خيار كله لارذل فيه وعلى هذا فالمراد بالمشابهة التوافق والتماثل وقال ابن مسعود وابن عباس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متشابها في اللون والمرئي وليس يشبه الطعم الطعم وقال مجاهد متشابها لونه مختلفا طعمه وكذلك قال الربيع ابن أنس وقال يحيى ابن أبي كثير عشب الجنة الزعفران وكثبانها المسك ويطوف عليهم الولدان بالفاكهة فيأكلونها ثم يأتون بمثلها فيقولون هذا الذي جئتمونا به آنفا فيقول لهم الخدم كلو فإن اللون واحد والطعم مختلف وقال عبد الرحمن بن زيد يعرفون اسماءه كما كانوا في الدنيا التفاح بالتفاح والرمان بالرمان وليس هو مثله في الطعم واختاره ابن جرير



أو أنه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان




قال الله تعالى ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة )
روى الطبراني عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى
قوله لم تنقطع أبدا الخ قال الله تعالى ( لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي لا تكون في وقت دون وقت ولا يمنع من ارادها




فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان
يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل إلى ميزان


وكذاك لم تمنع ولم يحتج إلى*** أن يرتقي للقنو في العيدان
القنو واحد الأقناء والعيدان جمع عيدانه وهي النخل الطوال
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان





قال الله تعالى ( قطوفها دانية )
القطوف جمع قطف وهو ما يقطف أي ثمارها دانية قريبة ممن يتناولها فيأخذها كيف شاء قال البراء بن عازب يتناول الثمرة وهو نائم
وقال تعالى ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا )
قال ابن عباس إذا هم أن يتناولها تدلت إليه حتى يتناول ما يريد وقال غيره قربت اليهم مذللة كيف شاؤوا فهم يتناولونها قياما وقعودا ومضجعين فيكون كقوله ( قطوفها دانية )
ومعنى تذليل القطف تسهيل تناوله وفي نصب دانية وجهان احدهما أنه على الحال عطفا على قوله متكئين والثاني أنه صفة الجنة

بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان
ولقد أتى خبر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان




روى الترمذي وحسنه عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب




قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الإحسان




روى ابن المبارك عن ابن عباس قال نخل الجنة جذوعها من زمرد اخضر وكربها ذهب أحمر وسعفها كسوة لأهل الجنة فيها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم .


وظلالها ممدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان

تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 04-11-2007, 09:49 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 







فصل
في سماع أهل الجنة





قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع ال***إنسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان





قوله واها قد تقدم تفسير ذلك
قال الله تعالى ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون )
قال يحيى بن ابي كثير الحبرة اللذة والسماع ولا يخالف هذا قول ابن عباس يكرمون وقول مجاهد وقتادة ينعمون فلذة الاذن بالسماع من الحبرة والنعم وروى الترمذي واستغربه عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن أصواتهم لم تسمع الخلائق بمثلها يقلن نحن الخالدت فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين باصوات حتى يسمعها الخلائق ما يرون في الجنة لذة مثلها قلنا يا ابا هريرة وما ذلك الغناء قال إن شاء الله التسبيح والتقديس والتحميد وثناء على الرب عز وجل هكذا رواه موقوفا جعفر الفرياني وروى ابو نعيم عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة شجرة جذوعها من ذهب وفروعها من زبرجد ولؤلؤ فتهب لها الريح فتصفق فما سمع السامعون بصوت شيء قط ألذ منه وروى جعفر الفرياني عن خالد بن معدان عن ابي امامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يدخل إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن وليس بمزامير الشيطان وروى الطبراني عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ازواج اهل الجنة ليغنين ازواجهن بأحسن أصوات سمعها احد قط إن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان وإن مما يغنين به نحن الخالدات فلا تمتنه نحن الآمنات فلا تخفنه نحن المقيمات فلا تظعنه تفرد به ابن أبي مريم وروى ابن وهب أنه قال رجل من قريش لابن شهاب هل في الجنة سماع فانه حبب الي السماع فقال إي والذي نفس ابن شهاب بيده ان في الجنة شجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد تحه حور ناهدات يغنين بألوان يقلن نحن الناعمات فلا نبأس ونحن الخالدات فلا نموت فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا فاجبن الجواري فلا ندري أصوات الجواري احسن ام اصوات الشجر ولهم سماع أعلى من هذا وروى ابن ابي الدنيا عن الاوزاعي قال بلغني أنه ليس من خلق الله أحسن صوتا من اسرافيل فيأمره الله تعالى فيأخذ في السماع فما يبقى ملك إلا وقطع عليه صلاته فيمكث بذلك ما شاء الله ان يمكث فيقول الله عز وجل وعزتي لو يعلم العباد قدر عظمتي ما عبدوا غيري وعن محمد ابن المنكدر قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان أسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوهم تمجيدي وتحميدي وروى ابن ابي الدنيا عن مالك بن دينار في قوله تعالى ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )
قال إذا كان يوم القيامة أمر بمنبر رفيع فيوضع في الجنة نودي يا داود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في دار الدنيا قال فيستفرغ صوت داود نعيم أهل الجنة وروى حماد ابن سلمة عن شهر بن حوشب أن الله جل ثناؤه يقول لملائكته إن عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من اجلي فأسمعوا عبادي فيأخذون بأصوات من تسبيح وتكبير لم يسمعوا بمثله قط وعن ابن عباس قال في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم فيذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فيحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا ولهم سماع أعلى من هذا يضحمل دونه كل سماع وذلك حين يسمعون كلام الرب جل جلاله وسلامه عليهم وخطابه ومحاضرته لهم ويقرأ عليهم كلامه فإذا سمعوه منه كأنهم لم يسمعوه قبل ذلك روى أبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة قال إن أهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار جل جلاله فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امريء منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والزمرد فلم تقر أعينهم بشيء ولم يسمعوا شيئا قط أعظم وأحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد .




نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله إن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الإشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا وإخلاصا مع الإحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم لما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وإنما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والنسوان والصبيان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن




شرع الناظم رحمه الله تعالى في التحذير من سماع الأغاني والألحان وللعلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة مصنفات مفردة كالامام أبي بكر الطرطوشي والقاضي أبي الطيب الطبري وللحافظ ابن رجب نزهة الأسماع في مسألة السماع وغيرهم وهو من مكائد الشيطان التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب المبطلين والجاهلين سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة هو الذي يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن وهو رقية اللواط والزنا وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقة غاية المنى كادبة الشيطان النفوس المبطلة وحسنه لها مكرا منه وغرورا وأوحى اليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت النفوس وحيه واتخذت لأجله القرآن مهجورا فلو رأيتهم عند ذاك السماع وقد خشعت منهم الأصوات وهدأت منهم الحركات وعكفت قلوبهم بكليتها عليه وانصبابها انصبابة واحدة اليه فتمايلوا له كتمايل النشوان وتكسروا في حركاتهم ورقصهم ولا تحرك المخانيث والنسوان ويحق لهم ذلك وقد خالط خمارة النفوس ففعل فيها أعظم مما يفعله حميا الكؤوس فلغير الله بل للشيطان قلوب هناك تمزق وأثواب تشقق وأموال في غير طاعة الله تنفق حتى إذا عمل السكر في عمله وبلغ الشيطان منهم أمنيته وأمله واستفزهم بصوته وحيله وأجلب عليهم بخيله ورجله وخز في صدورهم وخزا وأزهم إلى ضرب الأرض بالأقدام أزا فطورا يجعلهم كالحمير حول المدار وتارة كالذباب يترقص وسط الديار فيا رحمتا للسقوف والأرض من دك تلك الأقدام واسوأتا من أشباه الحمير والأنعام وشماته أعداء الاسلام بالذين يزعمون أنهم خواص الاسلام قال الامام ابو بكر الطرطوشي في خطبة كتابه في تحريم السماع الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ونسأل الله ان يرينا الحق حقا فنتبعه والباطل باطلا فنجتنبه وقد كان الناس فيما مضى يتستر أحدهم بالمعصية اذا واقعها ثم يستغفر الله ويتوب اليه منها ثم كثر الجهل وقل العلم ونناقص الأمر حتى صار أحدهم يأتي بالمعصية جهارا ثم ازداد الأمر إدبارا حتى بلغنا ان طائفة من اخواننا المسلمين وفقنا الله واياهم استزلهم الشيطان واستغوى عقولهم في حب الأغاني واللهو وسماع الطقطقة والتغبير واعتقدته من الدين الذي يقربهم إلى الله وجاهرت به جماعة المسلمين وشاقت سبيل المؤمنين وخالفت الفقهاء والعلماء وحملة الدين ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )
فرأيت أن أوضح الحق وأكشف من شبه اهل الباطل بالحجج التي تضمنها كتاب الله وسنة رسوله وأبدأ بذكر اقاويل العلماء الذين تدور الفتيا عليهم في أقاصي الأرض وأدانيها حتى تعلم هذه الطائفة أنها قد خالفت علماء المسلمين في بدعتها والله ولي التوفيق ثم قال أما مالك فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه قال واذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بالعيب وسئل مالك عما ترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق قال وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وابراهيم والشعبي وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك ولا نعلم خلافا أيضا بين أهل البصرة في المنع منه قال الناظم رحمه الله تعالى مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب وقوله فيه أغلظ الأقوال وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى والضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك قالوا إن السماع فسق والتلذذ به كفر هذا لفظهم ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه قالوا ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره وأما الشافعي فقال في كتاب أدب القضاء إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب اليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي اسحاق وابن الصباغ قال الشيخ ابو اسحاق في التنبيه ولا يصح يعني الاجارة على منفعة محرمة كالغناء والزمر وحمل الخمر ولم يذكر فيه خلافا وقال في المهذب ولا يجوز على المنافع المحرمة لأنه محرم فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميته والدم فقد تضمن كلامه أمورا أحدها أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة الثاني أن الاستئجار عليها باطل الثالث أن أكل المال به أكل مال باطل بمنزلة أكله عوضا عن الميتة والدم الرابع أنه لا يجوز للرجل بذل ماله للمغني ويحرم عليه ذلك فانه بذل ماله في مقابلة محرم وأن بذله في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة الخامس أن الزمر حرام فان كل الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراما فكيف بما هو اشد منه كالعود والطنبور واليراع ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقل ما فيه أنه من شعار الفساق وشاربي الخمر وقد تواتر عن الشافعي رحمه الله أنه قال خلفت ببغداد شيئا أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن فإذا كان هذا قوله في التغبير وتعليله أنه يصد عن القرآن وهو شعر مزهد في الدنيا يغني به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب نطع أو مخدة على توقيع غناه فليت شعري ما يقول في سماع التغبير عنده كتفلة في بحر قد اشتمل على كل مفسدة وكل محرم فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون وعبد جاهل وأما مذهب الامام احمد فقال عبد الله ابنه سألت أبي عن الغناء فقال الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم يذكر قول مالك إنما يفعله عندنا الفساق قال عبد الله وسمعت أبي يقول لو أن رجلا عمل بكل رخصة بقول أهل الكوفة في النبيذ وأهل مكة في المتعة لكان فاسقا قال أحمد وقال سليمان التيمي لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ونص في أيتام ورثوا جارية مغنية وأرادوا بيعها قال لا تباع إلا على أنها ساذجة قالوا إذا بيعت مغنية ساوت عشرين ألفا أو نحوها واذا بيعت ساذجة لا تساوى ألفين فقال لا تباع إلا على أنها ساذجة ولو كانت منفعة الغناء مباحة لما فوت هذا المال على الايتام


وقد أحسن الناظم رحمه الله تعالى في قوله:

تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة *** لكنه إطراق ساه لاهي
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا *** والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن *** فمتى شهدت عبادة بملاهي
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا *** تقييده بأوامر ونواهي
سمعوا له رعدا وبرقا إذ حوى *** زجرا وتخويفا بفعل مناهي
ورأوه أعظم قاطع للنفس عن *** شهواتها يا ويحها المتناهي
وأتى السماع موافقا أغراضها *** فلأجل ذا غدا عظيم الجاه
أين المساعد للهوى من قاطع *** أسبابه عند الجهول الساهي
إن لم يكن خمر الجسوم فإنه *** خمر العقول مماثل ومضاهي
فانظر إلى النشوان عند شرابه *** وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظر إلى تمزيق ذا أثوابه *** من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي
واحكم بأي الخمرتين أحق بالتحريم والتأثيم عند الله


وقد أكثر العلماء الكلام على هذا السماع الشيطاني المحدث ولكن آثرنا لاختصار والله أعلم
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 04-11-2007, 09:54 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 





فصل
في انهار الجنة





أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان




روى ابن ابي الدنيا عن انس بن مالك قال إنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض لا والله إنها لسائحه على وجه الأرض إحدى حافتيها اللؤلؤ والآخر الياقوت وطينه المسك الاذفر قال معاوية بن قرة ما الأذفر قال معاوية بن قرة ما الأذفر قال الذي لا خلط له رواه ابن مروديه في تفسيره عن أنس مرفوعا هكذا وروى ابو خيثمة عن انس أنه قرأ هذه الآية ( إنا أعطيناك الكوثر )

فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت الكوثر فاذا هو نهر يجري ولم يشق شقا واذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي إلى تربته فاذا مسك أذفر واذا حصباؤه اللؤلؤ وروى سفيان الثوري عن مسروق في قوله تعالى ( وماء مسكوب ) قال أنهار تجري في غير أخدود ونخل طلعها هضيم من اصلها الى فرعها أو كلمة نحوها قوله من تحتهم تجري الخ قد تكرر في القرآن الكريم في عدة مواضع قوله تعالى ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ) وفي موضع ( تجري تحتها الأنهار ) وفي موضع ( تجري من تحتهم الأنهار ) وهذا يدل على أمور أحدها وجود الأنهار فيها حقيقة والثاني أنها جارية لا واقفة والثالث أنها تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم كما هو المعهود في أنهار الدنيا وقد ظن المفسرين أن معنى ذلك جريانها بأمرهم وتصريفهم لها كيف شاؤوا وهؤلاء أتو من ضعف الفهم فإن أنهارها وإن جرت في غير أخدود فهي تحت القصور والمنازل والغرف وتحت الأشجار وهو سبحانه لم يقل من تحت أرضها وقد أخبر عن جريان الأنهار تحت الناس في الدنيا فقال ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم) فهذا على المعهود المتعارف وكذلك ما حكاه عن قول فرعون ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) وقال تعالى ( فيهما عينان نضاختان ) أي بالماء والفواكه قاله سعيد وقال انس بالمسك والعنبر تنضخان على دور أهل الجنة كما ينضخ المطر على دور أهل الدنيا وقال البراء اللتان تجريان أفضل من النضاختين رواها ابن ابي شيبة وقال تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم ) فذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة ونفى عن كل واحد منهما الآفة التي تعرض له في الدنيا فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه وآفة اللبن أن يتغير طعمه الى الحموضة وأن يصير قارصا وآفة الخمر كراهة مذاقها المنافي للذة شربها وآفة العسل عدم تصفيته وهذا من أيات الرب تعالى أن يجري أنهارا من أجناس لم تجر العادة في الدنيا باجرائها ويجريها في غير أخدود وينفى عنها الآفات التي تمنع كمال اللذة بها كما نفى عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو ونزف المال وتصدع الرأس وهي كريهة المذاق وهي رجس من عمل الشيطان توقع العداوة والبغضاء بين الناس وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتدعو الى الزنا وربما دعت الى الوقوع على البنت وذوات المحارم وتذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة وتلحق شاربها بأنقص نوع الانسان وهم المجانين وتسلبه أحسن الاسماء والصفات وتكسوه أقبح الأسماء والصفات وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرناه وكلها منفية عن خمر الجنة .
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 04-11-2007, 09:57 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في طعام أهل الجنة





وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم*** ولحوم طير ناعم وسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم*** يا شبعة كملت لذي الايمان
لحم وخمر والنسا وفواكه*** والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم*** بأكف خدام من الولدان
وانظر الى جعل اللذاذة للعيو***ن وشهوة للنفس في القرآن
للعين فيها لذة تدعو إلى*** شهواتها بالنفس والأمران
سبب التناول وهو يوجب لذة*** أخرى سوى ما نالت العينان





قال تعالى ( إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون )
وقال تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها )
وقال تعالى ( وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لالغو فيها ولا تأثيم)
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ولا يبولون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك يلهمون التسبيح والحمد وفي المسند والنسائي بسند صحيح عن زيد بن ارقم قال جاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم تزعم أن اهل الجنة يأكلون ويشربون قال نعم والذي نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطي قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة قال فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة وليس في الجنة أذى قال يكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كريح المسك فيضمر بطنه ورواه الحاكم في صحيحه بنحوه وروى الحسن بن عرفة عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخرج من يديك مشويا وروى الحاكم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة طيرا أمثال البخاتي فقال أبو بكر إنها لناعمة يا رسول الله قال أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها وروى الحاكم عن قتادة في قوله تعالى ( ولحم طير مما يشتهون )
نحوه بلفظة أخرى وعن ابن عمرو في قوله تعالى ( ويطاف عليهم بصحاف من ذهب )
قال بسبعين صحفة كل صحفة فيها لون ليس في الأخرى وروى الدراوردي عن أنس بن مالك أنه قال في الكوثر ويرفعه فيه طيور أعنافها كأعناق الجزر فقال عمر إنها لناعمة فقال أكلها أنعم منها في رواية أبو بكر بدل عمر
وقال تعالى ( يطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبنهم لؤلؤا منثورا )
قال أبو عبيدة والفراء مخلدون لا يهرمون ولا يتغيرون وقال آخر مخلدون مقرطون مسورون في آذانهم القرطة وفي أيديهم الأساور وهذا ابن الأعرابي قال الأولون الخلد هو البقاء قال ابن عباس لا يموتون وهذا قول مجاهد ومقاتل والكلبي وجمعت طائفة بين القولين لا يعرف لهم الكبر والهرم وفي آذانهم القرطة وشبههم باللؤلؤ لما فيه من البياض وحسن الخلقة وفي كونه منثورا فائدتان احداهما أنهم غير معطلين بل مثبوثون في خدمتهم وجوائحهم والثاني أن اللؤلؤ إذا كان منثورا لا سيما على بساط من ذهب أو حرير كان أحسن لمنظره وأبهى من كونه مجموعا في مكان وفي حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس إذا بعثوا وفيه يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون المكنون المستور المصون الذي لم تبتذله الأيدي
وقول الناظم وانظر إلى جعل اللذاذة للعيون الخ أي انظر إلى اللذاذة التي تحصل بالعيون بسبب النظر إلى ألوان الذين هم كاللؤلؤ المنثور وشهوة النفس لما في الصحاف التي يطوفون بها فاجتمع لهم لذة النظر ولذة الشهوة لما في الصحاف وذلك يوجب لذة أخرى فتكمل لهم اللذة والله اعلم
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 04-11-2007, 10:00 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في شرابهم





يسقون فيها من رحيق ختمه*** بالمسك أوله كمثله الثاني
من خمرة لذت لشاربها بلا*** غول ولا داء ولا نقصان
والخمر في الدنيا فهذا وصفها*** تغتال عقل الشارب السكران
وبها من الأدواء ما هي أهله*** ويخاف من عدم لذي الوجدان
فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ***ـخمر التي في جنة الحيوان




قال تعالى ( يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )
رحيق مختوم أي الخمر ختم بالمسك وعن ابن مسعود ختامه مسك أي خلطه وليس بخاتم ختم


قال الناظم قلت يريد والله أعلم أن آخره مسك يخالطه فهو من الخاتمة ليس من الخاتم وهو قول علقمة ومسروق قال يجدون عاقبتها طعم المسك وقال مجاهد طيبه مسك كأنه يريد ما يبقى في أسفل الاناء من الدردي وقال أبو الدرداء هو أي ختامه مسك شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها رواه الحاكم

قوله من خمرة لذت لشاربها الخ نفى الله سبحانه عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو والانزاف وعدم اللذة فهذه خمس آفات من آفات خمر الدنيا تغتال العقل وتكثر اللغو على شربها بل ولا يطيب شربها ذلك إلا باللغو وتنزف في نفسها وتنزف المال وتصدع الرأس وهي كريهة المذاق وقد تقدم بعض آفاتها في فصل أنهار الجنة والله أعلم



وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ***ـكافور ذاك شراب ذي الإحسان
هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ***أبرار شربهم شرب ثان
يدعى بتسنيم سنام شرابهم*** شرب المقرب خيرة الرحمن
صفى المقرب سعيه فصفا له*** ذاك الشراب فتلك تصفيتان
لكن أصحاب اليمين فأهل مز***ج بالمباح وليس بالعصيان
مزج الشراب لهم كما مزجوا*** هم الأعمال ذاك المزج بالميزان
هذا وذو التخليط مزجى أمره*** والحكم فيه لربه الديان



قال تعالى ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا )
قال بعض السلف معهم قضبان الذهب حيثما مالوا مالت معهم قيل الباء بمعنى من أي يشرب منها وقيل يروى بها وهذا أصح وألطف وقيل الباء الظرفية والعين اسم للمكان
وقال تعالى (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا )
فأخبر سبحانه عن العين التي يشرب بها المقربون صرفا ان شراب الابرار يمزج منها لأن اولئك اخلصوا الاعمال كلها لله تعالى فأخلص شرابهم وهؤلاء فمزج شرابهم ونظير هذا قوله ( يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون )
فأخبر سبحانه عن مزاج شرابهم بشيئين بالكافور وبالزنجبيل فما في الكافور من البرد وطيب الرائحة ما يحدث لهم باجتماع الشرايين ومجيء أحدهما على الآخر حالة أخرى أكمل وأطيب وألذ من كل منهما بانفراده وتعدل كيفية كل منهما بكيفية الآخر وما ألطف ذكر الكافور في أول السورة والزنجبيل في آخرها فان شرابهم مزج أولا بالكافور والزنجبيل بعده فيعدله والظاهر أن الكأس الثانية غير الأولى وأنها نوعان لذيذان من الشراب أحدهما مزج بالكافور والثاني بالزنجبيل وأيضا فانه سبحانه أخبر عن مزج شرابهم بالكافور وبرده في مقابلة ما وصفهم به من حرارة الخوف والايثار والصبر والوفاء بجميع الواجبات التي نبه على وفائهم بأضعافها وهو ما أوجبوه على أنفسهم بالنذر على الوفاء بجميع الواجبات التي نبه على وفائهم بأضعافها وهو ما أوجبوه على أنفسهم بالنذر على الوفاء باعلاها وهو ما أوجبه الله عليهم ولهذا قال ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا )
فان في الصبر الخشونة وحبس النفس عن شهواتها ما اقتضى ان يكون في إجزائهم من سعة الجنة ونعومة الحرير ما يقابل ذلك الحبس والخشونة وجمع لهم بين النضرة والسرور وهذا جمال بواطنهم كما جملوا في الدنيا ظواهرهم بشرائع الاسلام وبواطنهم بحقائق الايمان أفاده الناظم رحمه الله تعالى
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 04-11-2007, 10:02 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في مصرف طعامهم وشرابهم وهضمه




هذا وتصريف المآكل منهم*** عرق يفيض لهم من الأبدان
كروائح المسك الذي ما فيه خلـ***ـط غيره من سائر الألوان
فتعود هاتيك البطون ضوامرا*** تبغي الطعام على مدى الأزمان
لا غائط فيها ولا بول ولا*** مخط ولا بصق من الانسان
ولهم جشاء ريحه مسك يكو***ن به تمام الهضم بالإحسان
هذا وهذا صح عنه فواحد*** في مسلم ولأحمد الأثران




قوله هذا صح عنه فواحد في مسلم الخ تقدم الحديث الذي رواه مسلم في ذلك من حديث جابر وتقدم الحديث الذي رواه الامام أحمد والنسائي من حديث زيد بن أرقم قال جاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث قوله هذا وهذا أصح عنه الخ أي أن تصريف مآكل أهل الجنة قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث جابر أن ذلك جشاء ورشح كرشح المسك وفي حديث زيد بن أرقم أن ذلك يكون رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك قوله ولأحمد الأثران أي أن حديث جابر وحديث زيد بن أرقم قد رواهما الامام أحمد وأما مسلم فلم يرو الا حديث جابر ومع ذلك فهما صحيحان والله أعلم
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 04-11-2007, 10:07 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في لباس أهل الجنة





وهم الملوك على الأسرة فوق ها***تيك الرؤوس مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضر ومن*** استبرق نوعان معروفان
ما ذاك من دود بنى من فوقه*** تلك البيوت وعاد ذو طيران
كلا ولا نسجت على المنوال نسـ***ـج ثيابنا بالقطن والكتان
لكنها حلل تشق ثمارها*** عنها رأيت شقائق النعمان
بيض وخضر ثم صفر ثم حمـ***ـر كالرباط بأحسن الألوان
لا تقرب الدنس المقرب للبلى*** ما للبلى فيهن من سلطان
ونصيف احداهن وهو خمارها*** ليست له الدنيا من الأثمان
سبعون من حلل عليها لا تعو***ق الطرف عن مخ ورا الساقان
لكن يراه من ورا ذا كله*** مثل الشراب لدى زجاج أوان





قال الله تعالى ( إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين)
وقال ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع أجر من أحسن عملا اولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الانهار يحلون فيها من اساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك )
قال جماعة من المفسرين السندس من مارق الديباج والاستبرق ما غلظ منه وقال آخرون المراد به الصفيق وقال الزجاج هما نوعان من الحرير وأحسن الألوان الأخضر والبني لملابس الحرير فجمع لهم بين حسن منظر اللباس والتذاذ العين به وبين نعومته والتذاذ الجسم به وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يدخل الجنة ينعم فلا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الناظم في حادي الارواح والظاهر أن الثياب المعينة لا يلحقها البلى ويحتمل أن المراد الجنس بل لا تزال عليه الثياب الجدد كما أنها لا ينقطع أكلها في جنسه بل كل مأكول يخلفه مأكول آخر والله أعلم وروى أحمد عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيد سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها ولقاب قوس أحدكم خير من الدنيا ومثلها معها ونصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها قلت وما النصيف قال الخمار وروى ابن وهب عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل في الجنة ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحول ثم نأتيه امرأة فتضرب على منكبيه فيظهر وجهه في خدها أصفى من المرآة وان ادنى لؤلؤة عليها لتضىء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام ويسألها من أنت فتقول انا المزيد وانه ليكون عليها سبعون حلة ثوبا ادناها مثل النعمان من طوبى فينقدها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك وان عليها التيجان وان ادنى لؤلؤة عليها لتضىء ما بين المشرق والمغرب
وروى أحمد عن ابن عمرو مرفوعا وفيه فقام آخر أي أعرابي فقال أخبرني عن ثياب أهل الجنة أتخلق خلقا أو تنسج نسجا فضحك بعض القوم فقال صلى الله عليه وسلم تضحكون من جاهل يسأل عالما فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال أين السائل قال ها هو ذا يا رسول الله قال تشقق عنها ثمار الجنة ثلاث مرار وروى البيهقي عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار ويحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه وجعله رفيق السفرة البررة واذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا فقال يا رب كل عامل يعمل في الدنيا يأخذ بعمله من الدنيا الا فلانا كان يقوم بي آناء اليل والنهار ويحل حلالي ويحرم حرامي يقول رب فأعطه فيتوجه الله تاج الملك ثم يكسوه من حلل الكرامة ثم يقول هل رضيت فيقول يا رب أرغب في أفضل من هذا فيعطيه الله الملك بيمينه والخلد بشماله ثم يقول هل رضيت فيقول نعم يا رب وروى ابن وهب عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى ( يحلون فيها من اساور من ذهب )
فقال ان عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤة فيها لتضىء ما بين المشرق والمغرب قوله المنوال قال في القاموس والنول الوادي السائل وحبل السفينة وخشبه الحائك كالمنوال والمنوال جمع أنوال


انتهى كلامه
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 04-11-2007, 10:09 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في فرشهم وما يتبعها




والفرش من استبرق قد بطنت*** ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكى*** هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان عن الأرائك ما ترى***حبين في الخلوات ينتجيان
هذا وكم زريبة ونمارق*** ووسائد صفت بلا حسبان





قال الله تعالى ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق )
قال تعالى ( وفرش مرفوعة )
فوصف الفرش بكونها مبطنة بالاستبرق وهذا يدل على أمرين احدهما أن طهارتها أعلى وأحسن من بطانتها لأنها للأرض وظهائرها للجمال والزينة والمباشرة قال سفيان الثوري عن عبد الله في قوله ( بطائنها من إستبرق )
قال هذه البطائن قد خبرتم عنها فكيف بالظهائر الثاني أنها فرش عالية لها سمك وحشو بين البطانة والظهارة وقد روي في سمكها وارتفاعها آثار إن كانت محفوظة فالمراد ارتفاع محلها كما روى الترمذي عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
في قوله تعالى ( وفرش مرفوعة )
قال ارتفاعها كما بين السماء والارض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام واستغربه الترمذي وقيل معناه ان الارتفاع المذكور للدرجات والفرش عليها وروى ابن وهب عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الفراشين كما بين السماء والأرض وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ وروى الطبراني عن كعب قال مسيرة أربعين سنة وعن ابي امامة عند الطبراني قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرش المرفوعة قال لو طرح فراش في أعلاها لوقع الى قرارها مائة خريف وفي رفع هذا الحديث نظر فقد روى ابن ابي الدنيا عنه قال لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها اربعين خريفا وأما البسط والزرابي
فقد قال تعالى ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان )
وقال تعالى ( فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة )
عن سعيد بن جبير قال الرفرف رباض الجنة والعبقري عتاق الزاربي وقال الحسن هي البسط وبه قال أهل المدينة وأما النمارق فقال الواحدي هي الوسائد واحدها نمرقة بضم النون وكسرها قال مقاتل هي الوسائد مصفوفة على الطنافس وزرابي يعني البسط والطنافس واحدها زريبة في قول جميع أهل اللغة والتفسير مبثوثة مبسوطة منشورة قوله فوق الأسرة يتكي الخ الاسرة جمع سرير متكئين قال في القاموس توكأ عليه تحامل واعتمد وانما جعل له متكأ
وقوله صلى الله عليه وسلم أما أنا فلا آكل متكأ أي جالسا المنكمش المتربع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل بل كان جلوسه للأكل مستوفزا مقعيا غير تربع ولا متمكن وليس المراد الميل على شق كما يظنه عوام الطلبة وذكر الاتكاء لأنه حال الصحيح الفارغ القلب المتنعم البدن بخلاف المريض المهموم

وقوله تعالى ( متكئين على فرش... الآية )
منصوب على الحال من فاعل قوله ( ولمن خاف مقام ربه )
وانما جمع حملا على معنى من وقيل منصوب على المدح وقيل عاملها محذوف والتقدير يتنعمون متكئين أي مضطجعين أو متربعين
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 04-11-2007, 10:13 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في حلى أهل الجنة




والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد*** وكذاك أسورة من العقيان
ما ذاك يختص الاناث وانما*** هو للاناث كذاك للذكران
التاركين لباسه في هذه الد***نيا لأجل لباسه بجنان
أو ما سمعت بأن حليتهم الى*** حيث انتهاء وضوئهم بوزان
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد*** فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا*** ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز***نـدين لا الساقان والعضدان




قال الله تعالى ( إن الذين امنوا وعملوا الصالحات إن لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب )
الأية يحتمل أن يكون أساور من لؤلؤ وان تكون مركبة منهما معا والله أعلم وروى ابن ابي الدنيا عن وهب قال ان الله عز وجل منذ يوم خلق يصوغ علي أهل الجنة وعن الحسن الحلي في الجنة على الرجال أحسن منه على النساء وروى أحمد ابن منيع عن سعد ابن ابي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلا من اهل الجنة
اطلع فبدا سواره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم وروى ابن وهب عن ابي امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم وذكر حلي اهل الجنة فقال مسورون بالذهب والفضة مكللون بالدر عليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة وعليهم تاج كتاج الملوك شباب جرد مكحلون وفي الصحيحين والسياق لمسلم عن ابي حازم قال كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة وكان يمد يده حتى يبلغ إبطه فقلت يا أبا هريرة هذا الوضوء فقال يا بني فروخ أنتم هاهنا لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء



وكذاك أهل الفقه مختلفون في*** هذا وفيه عندهم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا*** للمرفقين كذلك الكعبان
هذا الذي قد حدد الرحمن في الـ***ـقرآن لا تعدل عن القرآن
واحفظ حدود الرب لا تتعدها*** وكذاك لا تجنح إلى النقصان
وانظر إلى فعل الرسول تجده قد***أبدى المراد وجاء بالتبيان
ومن استطاع يطيل غرته فمو***قوف على الراوي هو الفوقاني
فأبو هريرة قال ذا من كيسه*** فغدا يميزه أولو العرفان
ونعيم الراوي له قد شك في*** رفع الحديث كذا روى الشيباني
وإطالة الغرات ليس ببمكن*** أبدا وذا في غاية التبيان



قال الناظم في حادي الارواح وقد ساق حديث أبي هريرة المتقدم وقد احتج بهذا من يرى استحباب غسل العضد وإطالته والصحيح أنه لا يستحب وهو قول أهل المدينة وعن احمد روايتان والحديث لا يدل على الاطالة فان الحلية انما تكون زينا في الساعد والمعصم لا في العضد والكتف وأما قوله فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك غير واحد من الحفاظ وفي مسند الامام احمد في هذا الحديث قال نعيم فلا أدري قوله فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل من تمام كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة من عنده وكان شيخنا رحمه الله يقول هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فان الغرة لا تكون في اليد لا تكون الا في الوجه وإطالتها غير ممكنة إذ تدخل في الرأس ولا يسمى ذلك غرة
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 04-11-2007, 10:21 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




فصل
في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن




يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** حفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان




يعني الى الجنة التي أسكنها آدم وحواء عليهما السلام كما أشار الى ذلك الناظم في الميمية بقوله

وحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

و أشار الناظم بهذه الاستعارات

رفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما مشرفا***ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحد عن ظاهر القرآن
ولربما دلت إشارته على الثـ***ـاني فتلك إشارة لمعان



قوله من قاصرات الطرف الخ قال الله تعالى
( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان )
( كأنهن الياقوت والمرجان )
وصفهن سبحانه بقصر الطرف في ثلاث مواضع أحدها هذا
والثاني قوله في الصافات ( وعندهم قاصرات الطرف عين )
والثالث قوله في سورة ص ( وعندهم قاصرات الطرف أتراب )
والمفسرون كلهم على أن المعنى قصر طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم وهذا معنى قول الناظم قصرت عليه طرفها من حسنه الخ وقيل قصر طرف أزواجهن عليهم فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن وهذا صحيح من جهة المعنى دون اللفظ قال مجاهد والله ما هن متبرجات ولا متطلعات وهذا معنى قول الناظم أو أنها قصرت عليه طرفه الخ قوله والأول المعهود من وضع الخطاب أي أن القول الأول وهو أن المعنى قصرت عليه طرفها من حسنه هو ظاهر القرآن


هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما إذا صنفان


قال تعالى ( حور مقصورات في الخيام )
أي محبوسات في الخيام قاله مقاتل وقال أبو عبيدة خدرن في الخيام وقال الفراء محبوسات على أزواجهن لا يطمحن إلى من سواهم قال الناظم قلت هذا معنى قاصرات الطرف وهؤلاء مقصورات أي هن في الخيام . قال الناظم :


يا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن إحسان
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الإنسان
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الإحسان
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان
إن قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من إحسان
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان
أفكارها في المكر والكيد الذي*** قد حار فيه فكرة الإنسان
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان



شرع الناظم رحمه الله تعالى في ذكر عيوب نساء الدنيا فقال لا تسبينك صورة من تحتها الخ أي إن صورتها وان حسنت فتحتها مالا يحصى من القبائح قوله تنقاد للأنذال والأرذال الخ قال في القاموس النذل والنذيل الخسيس من الناس المحتقر في جميع أحواله جمع أنذال ونذول ونذلاء ونذال وقد نذل ككرم نذالة ونذولة قال والرذل والرذال والرذيل والارذل الدون الخسيس أو الردىء من كل شيء جمع أرذال ورذول ورذلاء ورذال وأرذلون وقد رذل ككرم وعلم رذالة ورذولة بالضم انتهى قوله هم اكفاؤها الخ أي أنها لنذالتها ورذالتها تنقاد للانذال والأرذال قوله طبعت على ترك الحفاظ الخ أي أنها طبعت على عدم الوفاء بحق الزوج قوله إن قصر الساعي عليها ساعة الخ يدل على ذلك الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فاني اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء فقامت امرأة جزلة فقالت ولم ذلك يا رسول الله قال انكن تكفرن العشير وتكثرن اللعن قوله أو رام تقويما لها استعصت الخ يشير الى ما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا فان المرأة خلقت من ضلع وان اعوج ما في الضلع أعلاه فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء متفق عليه وفي رواية في الصحيحين المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وان استمعت بها استمتعت بها وفيها عوج وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها .

قال الناظم:

أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان


الأخدان جمع خدن قال في القاموس الخدن بالكسر وكأمير الصاحب ومن يخادنك في أمر ظاهر وباطن والاخذان الاحباب يزنون بهن في السر قال الحسن المسافحة هي ان كل من دعاها تبعته وذات خدن أي تختص بواحد لا تزني الا معه والعرب تحرم الاولى وتجوز الثانية .


والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر إلى ذا الآن
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والإيمان
والله لم تخرج إلى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف تـفيق بعد زمان



قوله خود الخود الحسنة الخلق الشابة الناعمة قوله والحافظات للغيب أي حافظات للفروج في غيبة الازواج وقيل حافظات لسرهم وقيل حافظات للغيب بحفظ الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير النساء امرأة ان نظرت اليها سرتك وان أمرتها أطاعتك واذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها ثم تلا ( الرجال قوامون على النساء )
قوله فانظر مصارع من يليك ومن خلا الخ أي انظر مصارع العشاق واقرأ ما صنفه العلماء في ذلك ك مصارع العشاق للشيخ أبي محمد جعفر السراج ترى ما جرى على عشاق الصور قوله والله لو أن القلوب سليمة الخ لو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره فاذا كان ما بعدها مثبتا كان منفيا نحو لو جاءني أكرمته واذا كان منفيا كان مثبتا نحو لو لم يسيء لم أعاقبه هكذا ذكر النحاة فمعنى البيت على هذا إن القلوب ليست بسليمة لأن ما بعد لو مثبت والله أعلم .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:39 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.